جريمة الناسخ والمنسوخ،. [7] ⚠️ تقصي بدايات الاجرام،.
ــــــــــــــــــــ محاور هذا الجزء،.
ــ جذور المشكلة،. ومتى بدأت؟!،.
ــ النسخ في الجيل الأول الطيب،. جيل النّبي ﷺ،.
ــ النسخ عند الصحابة،.
ــ النسخ في حادثة بئر معونة،.
ــ رواية صحيحة لابن عباس، نَسَخ آية،.
ــ قول عمر "وأبيٌّ أقرؤنا" واستدلاله بآية النسخ،.
ــ القول المنسوب لعمر "آية الرجم في كتاب الله"،.
ــ الرد على شبهة تنصيف الرجم في ٱلۡقُرآن،.
ــ إشكالية توقيت نزول سورة النور،.
الدين لا يبنى إلا على اليقين الثَّابت، بالبينة والبرهان القاطع،. ولا يصح للمسلم أن يعبد ربه بالظنون وبما تطرق إليه الشك والريبة،. قال ٱلله،. ﴿قُلۡ إِنِّي *((عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّي))* وَكَذَّبۡتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلهِ یَقُصُّ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡفَاصِلِینَ﴾ [الأنعام 57]،.
قال الله،. ﴿...وَلَكِن لِّیَقۡضِيَ ٱللهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰا *((لِّیَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَیِّنَةࣲ وَیَحۡیَىٰ مَنۡ حَيّ عَنۢ بَیِّنَةࣲ))* وَإِنَّ ٱللهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ﴾ [الأنفال 42]،.
ــ وقال،. ﴿مَثَلُ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِیرِ وَٱلسَّمِیعِ هَلۡ یَسۡتَوِیَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [هود 24]،.
ــ وقال،. ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ ((بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّهِ)) كَمَن زُیِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُم﴾ [محمد 14]،.
ــ وقال نوح لقومه،. ﴿وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ یَا قَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكُم مَّقَامِي وَتَذۡكِیرِي بِآیَاتِ ٱللهِ فَعَلَى ٱللهِ تَوَكَّلۡتُ *((فَأَجۡمِعُوۤا۟ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَاۤءَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَیۡكُمۡ غُمَّةࣰ))* ثُمَّ ٱقۡضُوۤا۟ إِلَيّ وَلَا تُنظِرُونِ﴾ [يونس 71]،.
ــ وهو نفسه القائل،. ﴿قَالَ یَاقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ *((عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّي))* وَءَاتَانِي رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِهِ فَعُمِّیَتۡ عَلَیۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَارِهُونَ﴾ [هود 28]،.
ــ وقال،. ﴿أَفَمَن كَانَ ((عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّهِ)) وَیَتۡلُوهُ شَاهِدࣱ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰۤ إِمَامࣰا وَرَحۡمَةً أُو۟لَئكَ یُؤۡمِنُونَ بِهِ وَمَن یَكۡفُرۡ بِهِ مِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ فَٱلنَّارُ مَوۡعِدُهُ ((فَلَا تَكُ فِي مِرۡیَةࣲ مِّنۡهُ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ)) وَلَكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یُؤۡمِنُونَ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللهِ كَذِبًا أُو۟لَئكَ یُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَیَقُولُ ٱلۡأَشۡهَادُ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللهِ عَلَى ٱلظَّالِمِینَ ٱلَّذِینَ یَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا وَهُم بِٱلۡآخِرَةِ هُمۡ كَافِرُونَ﴾ [هود 17 - 19]،.
ــ وقال الله عن النّبي ﷺ وما هو عليه،. ﴿فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ ((إِنَّكَ عَلَى ٱلۡحَقِّ ٱلۡمُبِینِ))﴾ [النمل 79]،.
ــ وقال الله عن اليهود،. ﴿وَمِنۡهُمۡ أُمِّیُّونَ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَابَ ((إِلَّاۤ أَمَانِي وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَابَ بِأَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ یَقُولُونَ هَذَا مِنۡ عِندِ ٱللهِ)) لِیَشۡتَرُوا۟ بِهِ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا فَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا یَكۡسِبُونَ﴾ [البقرة 78 - 79]،. وقد شرحنا الآية بالتفصيل في الجزء [4]،.
فالدين بينة ويقين،. بشقيه، ((ٱلۡقُرآن، والحديث الصحيح))،. وكلاهما قطعي الثبوت،. وليس الحديث ظني الثبوت [ولو قالها بعض السفهاء، بعد أن قسموا الأحاديث لمتواترٍ وآحاد، فرموا الآحاد بالظن]،. ولا أدري كيف يعبد هؤلاء ربهم بالظنون والخرص!،.
الدين لا يُبنى على الظن،. قال اْلله،. ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس 36]،.
ــ وقال نَبِيّ اْلله ﷺ،. ﴿إياكم والظنَّ؛ فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديث..﴾ رواه البخاري - 6724.
ولم يجعل الظن والكذب ديناً إلا هؤلاء الذين حكموا على الأحاديث أنها [ظنية الثبوت]! اعتداءً وظلماً،،. وبقولهم هذا طعنوا في شطر الدين،. إنما الأحاديث قطعية الثبوت،. وعليك بالتيقن في أسانيد الأحاديث ولا تمرر الأحاديث المشكوك فيها وتصححها،. لأنك ستعبد الله بناءً عليها،.
والتساهل في تصحيح الحديث يورث التضارب بين ٱلۡقُرآن والحديث [الضعيف الذي تم تصحيحه]،. ولأجل ذلك تشدد العلماء الأوائل في قبول الرواية، وضعفوا وتركوا وجرَّحوا كثيراً ممن أسند أحاديثه إلى النّبي ﷺ،. بغية تصفية الصحيح من الضعيف،. لأن هذا الأمر "دين" ويجب أن يكون عليه بينة وبرهان، ولكن للأسف، قليلٌ من يُقِيم لهذهِ الكلمة وزناً،.
ـ ﻗﺎﻝ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺣﻤﺪﻭﻥ، ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻘﺒﺔ، ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ [وهو شيخ البخاري]، ﻳﻘﻮﻝ: "ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻤﺤﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﺎﻥ ﻛﺬاﺑﺎً"، ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻤﺤﺎً؟، ﻗﺎﻝ: "((ﺇﺫا ﺷﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﺮﻛﻪ))". «تهذيب التهذيب» (11/286).
- كذلك ﻋﻔﺎﻥ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺒﺎﻫﻠﻲ ﺃﺑﻮ ﻋﺜﻤﺎﻥ اﻟﺼﻔﺎﺭ اﻟﺒﺼﺮﻱ، وهو ﺛﻘﺔ شيخ أحمد والبخاري،. ـ ﻗﺎﻝ عنه اﺑﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﻲ: "((ﻛﺎﻥ ﺇﺫا ﺷﻚ ﻓﻲ ﺣﺮﻑ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﺮﻛﻪ))"،.
- وعن ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ، ﺃﺑﻮ ﺯﻛﺮﻳﺎ اﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱ، اﻟﺤﻨﻈﻠﻲ، ﻗﺎﻝ عنه أحمد بن حنبل "ﻣﺎ ﺃﺧﺮﺟﺖ ﺧﺮﺳﺎﻥ ﺑﻌﺪ اﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻣﺜﻞ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ، ﻗﺎﻝ: ((ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﻳﺤﻴﻰ الشكاك، ﻳﻌﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﻣﺎ يشك ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ))" «اﻟﻌﻠﻞ 5861»،.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺎﺭ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺣﺮﻳﺚ: ﻗﻠﺖ ﻟﻠﺸﻘﻴﻘﻲ: "ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻤﺰﺓ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﺼﻼﺓ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ، ﻭﻟﻜﻦ ﻧﻬﻖ ﺣﻤﺎﺭ ﻳﻮﻣﺎ، ﻓﺎﺷﺘﺒﻪ ﻋﻠﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻓﻼ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻱ ﺣﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﻓﺘﺮﻛﺖ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﻠﻪ" «تهذيب الكمال 20/373»،.
وهذا ما كان عليه أهل الحديث سابقاً، هذا التشديد كله في الكلام المنسوب كذباً للنّبي ﷺ،.
فكيف لو كان الكذب على الله وٱلۡقُرآن؟!،. وكيف لو كانت الرواية تفضي للطعن المباشر في آيات الكتاب المبين؟!،. حينها سنتشدد أكثر وأكثر،. ونرد أي رواية شابَّها ذرة شك أو ريبة،. ومن الخطأ أن نأتي للرواية الضعيفة ونصححها بقواعد بائسة [كقاعدة تقوية الضعيف بالضعيف، ليرتقي للحسن والصحيح]،. أو لأن المتن رائع أو حلو أو يوافق الشهوة أو يطابق الواقع،. أو لأي سبب كان،. فلا ينبغي تصحيح الضعيف لخطورة نسبة القول للنّبي ﷺ وهو لم يقله، ولم يتلفظ به، وإلا لصار الكذب ديناً يُدان لله به في الأرض،. قال نَبِيّ اْلله ﷺ ﴿مَنْ حَدَّثَ عَنِّى بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ﴾ مسلم - 1.
ــ وقال،. ﴿لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجِ النَّار﴾ البخاري - 106 / مسلم - 2.
ــ وقال،. ﴿مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ﴾ مسلم - 3.
ــ وقال،. ﴿إنَّ كذبًا عليَّ ليسَ كَكذبٍ على أحدٍ. فمن كذَبَ عليَّ متعمِّدًا فليتبوَّأ مقعدَه منَ النَّار﴾ مسلم - 4.
ــ وقال،. ﴿كفى بالمرءِ كذبًا أن يُحَدِّثَ بكلِّ ما سمِع﴾ مسلم - 5.
ــ وقال،. ﴿إنَّ مِن أعظمِ الفِرى أن يَدَّعيَ الرَّجلَ إلى غيرِ أبيه، أو يُرِيَ عينَه ما لم تَرَه، أو يقولَ على رسولِ اللهِ ما لم يقُلْ﴾ البخاري - 3509.
ــ وقال،. ﴿مَن يقُلْ عليَّ ما لم أقُلْ فلْيتبوَّأْ مَقعَدَه منَ النارِ﴾ البخاري - 109.
والسبب الآخر هو ما ظهر لدينا من تناقضات كثيرة بسبب تصحيح الضعيف،. ومن هذه التناقضات ما رُوي في الناسخ والمنسوخ،. فهو أكبر تناقض وطعنٍ في الكتاب العزيز،. ﴿...وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِیزࣱ لَّا یَأۡتِیهِ ٱلۡبَاطِلُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِ تَنزِیلࣱ مِّنۡ حَكِیمٍ حَمِیدࣲ﴾ [فصلت 41 - 42]،. يقول الله عنه أنه فصلٌ وحق، وتقول الروايات الضعيفة أن فيه آيات ذاهبة [منسوخة]،.
ــــــــــ جذور المشكلة،. ومتى بدأت؟!،.
وجود كلمة الناسخ والمنسوخ بالمعنى المتداول [الماسح والممسوح] في كتب المتأخرين "أمرٌ لا يُقدّم ولا يُؤخّر"، ولا قيمة له ولا وزن،. لماذا؟!،. لأن المتأخرون إنما هم تبعٌ لمن كان قبلهم من المتقدمين،. فالعبرة إنما تكون بالمتقدمين،. لأنهم هم الأساس، ومنهم نعرف أصل المسألة وأساسها،.
المتأخرون والمعاصرون ومن يسمون أنفسهم بالأصوليين [ولم يردّوا علمهم لأصله]،. علمهم محض تقليد وتسليم للمنقول عن أشياخهم،. وهذا الأمر (الناسخ والمنسوخ) بدأ منذ العصر الأول،. فهذا ابن الجوزي الذي مات قبل 850 سنة تقريباً [توفي سنة 597 ﮬ.]، يحكي ما وجده في عهده، ولك أن تتخيل كمية الخَبَث الذي تراكم عبر السنين قبل مولده [سنة 510 ﮬ.] حتى بلغ ابن الجوزي فقال فيهم ما ستسمع، قد قال ما قاله في ذاك الزمان الغابر،. ثم قس على ذلك ما بلغنا نحن اليوم،. لتدرك أن علم الناسخ والمنسوخ لم يكن إلا أكواماً من الخبَث فوق أكوامٍ من الباطل، سببها أفهامٌ فاسدة، صدَّرها مجموعة من الأغبياء والمجرمين،.
يقول ابن الجوزي [597 ﮬ.]،. في مقدمة كتابه (نواسخ ٱلۡقُرآن)،. "أما بعد: فإن نفع العلم بدرايته لا بوراثته وبمعرفة أغواره لا بروايته *((وأصل الفساد الداخل على عموم العلماء تقليد سابقيهم، وتسليم الأمر إلى معظِّميهم، من غير بحث عما صنفوه ولا طلب للدليل عما ألفوه))* وإني رأيت كثيراً من المتقدمين على كتاب الله *((بآرائهم الفاسدة))* وقد دسوا في تصانيفهم للتفسير *((أحاديث باطلة، وتبعهم على ذلك مقلّدوهم، فشاع ذلك وانتشر))* فرأيت العناية بتهذيب علم التفسير عن الأغاليط من اللازم" إﮬ. [نواسخ ٱلۡقُرآن لابن الجوزي ص 73]،.
فتصوّر هذا الفساد في ذاك الزمن، فكيف بزماننا نحن؟!،.
ثم قال ابن الجوزي في نفس كتابه،. "..... ثم إني رأيت الذين وقع منهم التفسير صحيحاً، *((ما هو أفظع، فآلمني))،* وهو الكلام في الناسخ والمنسوخ، فإنهم قد أقدموا على هذا العلم فتكلموا فيه وصنفوه *((وقالوا بنسخ ما ليس منسوخ))* ومن نظر في كتاب الناسخ والمنسوخ للسدي *((رأي التخليط والعجائب))،* ومن قرأ كتاب هبة الله المفسر¹، *((رأى العظائم، وقد تداوله الناس لاختصاره))"* [نواسخ ٱلۡقُرآن لابن الجوزي ص 76]،.
أرأيت ما قاله ابن الجوزي؟!،.. فلا تظن بأن الذي وصلك اليوم من علم الناسخ والمنسوخ كان مبنياً على براهين وبينات [لا يملك ردها المؤمن!!]،. إنما هو محض افتراء وكذب ودجل من كثير من السابقين، توارثته الأجيال، ونفخوا في هذا العلم حتى بلغ هذا المبلغ المقيت النتن عند المتأخرين،.
ولنكمل البحث في كتب السابقين لنرى مدى حسرتهم مما وجدوه حينئذ،. ولنبكي نحن على ما آلت إليه "علوم الشريعة" بعد تشويه، ولنرى كيف استطاع الشيطان تغيير ملامحه،. وكيف استخدم مطاياه من المجرمين في هذا المشروع العظيم [الناسخ والمنسوخ]،.
ــــ ¹ هبة الله الذي كان يتكلم عنه ابن الجوزي، هو أبو القاسم هبة الله بن سلامة المقري، المتوفي سنة [410 ﮬ.]،. مات قبل ابن الجوزي بقرابة الــ 200 سنة،. لننظر ما قاله هبة الله نفسه في مقدمة كتابه عن المفسرين الذين قبله،. لتتيقن أن هذا العلم الخبيث المسمى بـ[ـالناسخ والمنسوخ]،. ليس إلا نفخة قديمة من الشيطان،.
قال *"((لما رأيت المفسرين قد تهالكوا هذا العلم، ولم يأتوا منه وجه الحفظ، وخلطوا بعضه ببعض، ألفت هذا الكتاب))"* [الناسخ والمنسوخ في ٱلۡقُرآن لهبة الله بن سلامة ص 8]،.
وللعلم، حين يتكلم هبة الله عن زمانه هذا،. اعلم أن الناس قبله قد تكلموا في هذا الأمر الخبيث وتوسّعوا فيه، وصنفوا التفاسير وكتبها النساخ [الذين ينسخون الكتب] وتداولوها، ونشروها عبر عشرات ومئات السنين قبل ولادة هبة الله،. حتى وصلت لهبة الله فقال ما قال،. فكيف تتصور الأمر الآن في عهدنا هذا بعد 1400 سنة؟!،.
كمية التخبط في ذاك الزمن كان عظيماً كبيراً كثيراً، ولم يصد موجة التخبط شيء، ولم يوقف مده أحد،. فتراكم حتى اشتد وقوي في زماننا وتمكن،. فصار الذي ينكر الناسخ والمنسوخ اليوم يعتبر ضالا مخالفاً، وعند بعضهم : كافراً، كونه خالف إجماعهم *(الذي يقر أن في ٱلۡقُرآن اختلافاً، علاجه النسخ وإلغاء بعض آياته)*،.
ـــ وقال ابن الجوزية بعد أن ذكر جماعةً من المفسرين، حصروا السور التي تضمنت الناسخ والمنسوخ، قال "واضحٌ بأن التحقيق في الناسخ والمنسوخ يظهر أن هذا الحصر تخريفٌ من الذين حصروه" [نواسخ ٱلۡقُرآن لابن الجوزي 123]،.
وكل هذه الاتهامات المتبادلة بين العلماء الذين كتبوا في الناسخ والمنسوخ قديماً، تدل على (اتساع الشق على الراقع)، بل هم كذلك لم يستطيعوا ترقيع هذا الشق العميق، والمستنقع الضحل الذي أحدثه أسلافهم في علوم ٱلۡقُرآن،. فالقارئ لمثل هذه الأقوال يفترض بهؤلاء العلماء الذين لاحظوا كثرة التخبط أن يُنهوا هذه المسألة بكلام فصلٍ قاطعٍ يوقف الجدل فيه،. ولكن هذا لم يحصل،. وبقي الأمر متناقلاً بينهم حتى بلغنا أسوء وأحط وأخبث عما كان،.
أما عن أسباب هذا التخريف والتحريف الذي نخر في الأمة سابقاً وما زال،. فهي أسبابٌ عديدة،. نذكر بعضها بإيجاز، ونحاول في هذا المقام ألا ننحُ نحوهم، ونرد الأمر لأصله، لننصر الله وكتابه،.
الناسخ والمنسوخ،.. هذا العلم الزائف الذي لم يستطع تعلمه أحد كبار علماء التابعين، محمد بن سيرين [الذي ولد سنة 32 بعد هجرة النّبي ﷺ،. أي بعد 22 سنة فقط من وفاة النّبي ﷺ،. وتوفي 110 ﮬ.]،.
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ [هو أحمد بن حنبل ✅]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ [ثقة ثبت ✅]، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺳﻠﻴﻢ ﺑﻦ ﺃﺧﻀﺮ [ثقة ضابط ✅]، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻮﻥ [ثقة ثبت عالم ✅]، ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ [أي ابن سيرين، تلك المكارم ✅]، ﻗﺎﻝ: "((ﺟَﻬِﺪْﺕُ ﺃَﻥْ ﺃَﻋْﻠَﻢ اﻟﻨَﺎﺳِﺦُ والمَنْسُوﺥ، ﻓَﻠَﻢ ﺃﻋْﻠَﻤْﻪُ))" «اﻟﻌﻠﻞ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮﺟﺎﻝ 4293»،.
فإن كان محمد بن سيرين، وهو أحد كبار وعظماء التابعين، بل من كبار علماء الحديث، وبعد جهدٍ جهيد منه، لم يستطع تعلّم الناسخ والمنسوخ،. هذا وهو الذي أدرك وعاصر وصاحب كثيراً من الصحابة،. فقد تعلم العلم على يد زيد بن ثابت رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. وعمران بن حصين رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. وأنس بن مالك، وأبي هريرة، عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر،. رَضِي الله عَنهم،. [[وهل تجد أحسن من هؤلاء شيوخاً وعلماء -أيها السلفي- لتستفتيهم في النسخ؟!]]،.. ولكن سُبْحَانَ اللّٰه،. هؤلاء الصحابة العظماء ((لم يعلّموه علم الناسخ والمنسوخ))،. رغم أنه اجتهد في تحصيل علمه،.. ولكن بلا فائدة،. فكيف بالسلفي الأزهري اليوم الذي شيخه أمثال رشدي وعلي جمعة وابن عثيمين وميزو والفوزان [رتبتهم من السيء إلى الأسوء]!،.
أتدري لماذا لم يعلمه ابن سيرين؟!،. لأنه لم يكن [الناسخ والمنسوخ] حينئذ شيئاً مذكوراً،. ولم يكن علماً أساساً، ولم يتداوله الصحابة كما يتداوله السلفية اليوم، إنما ظهر هذا الاسم [الناسخ والمنسوخ] حينها دون أي معنى،. ولا يُعلم على وجه اليقين، مَن الذي اخترعه وأذاع فيهم هذا المصطلح المُحدث الغريب على الكتاب والحديث،. ولهذا أزعم بأن علم الناسخ والمنسوخ شيءٌ مما ألقاه إبليس نفسه [أبو مسوط]،. ألقاها بين الناس، وتركهم يموجون في بعض، يسمعون هذا المصطلح [الناسخ والمنسوخ]، ولا يدرون ماهو،. ثم قام لها أحدهم ودون وجمع آراؤه وأفهامه وأفهام شيوخه، وأسس لهذا الاسم علماً وعرّفه ووضع شروطه وثبته في الناس،. فمرره أتباعه على أنه علم شرعي أصيل! وهو ليس بشيء،.
ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﻛﺜﻢ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ (ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ المعظَمين عند السلفية)،. [تـوفي سنة 242 ﮬ.] "ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻢ ﻫﻮ ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻧﺎﺳﺦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣﻨﺴﻮﺧﻪ، ﻷﻥ اﻷﺧﺬ ﺑﻨﺎﺳﺨﻪ ﻭاﺟﺐ ﻓﺮﺿﺎ ﻭاﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻭاﺟﺐ ﻻﺯﻡ ﺩﻳﺎﻧﺔ، ﻭاﻟﻤﻨﺴﻮﺥ ﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻭﻻ ﻳﻨﺘﻬﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻟﻮاﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻋﺎﻟﻢ، ﻋﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩ اﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮا ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺒﻪ اﻟﻠﻪ، ﺃﻭ ﻳﻀﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﺮﺿﺎ ﺃﻭﺟﺒﻪ اﻟﻠﻪ" [ﺟﺎﻣﻊ ﺑﻴﺎﻥ اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺒﺮ 2/ 35]،.
قوله هذا عجيب،. والأعجب كيف حمله السلفيون على وجوب معرفة الناسخ والمنسوخ، بينما الذين هم أَهدَىٰ منه وأقرب للنّبي ﷺ،. لم يعلموا شيئاً عن الناسخ والمنسوخ بعد جهد ومحاولة لتعلمه،.
ــــــــــ أسباب ظهور جريمة الناسخ والمنسوخ،.
نظرت مطولاً لمعظم الذين صنفوا في [الناسخ والمنسوخ]،. لعلي أجد لهذا العلم أصلاً،. فلم أجد، ولكني وجدت تخبطاً وتخريفاً فوق التخبط والتخريف الذي سلفهم،. أي،. حتى (ابن الجوزي) وقبله (هبة الله)،.. وقبله (الزهري) وقبله (قتادة) في كتابيهما المنسوبة إليهم زوراً، وبعدهم السيوطي وأمثاله،. كلهم يتهمون من سلفهم ويردون باطلهم، ثم هم أنفسهم يأتون بمحدثاتٍ جديدة، وطعوناتٍ في ٱلۡقُرآن غير التي كانت عند سلفهم، فلا هم أصلحوا الأمر، ولا هم نفوا المحو والطمس عن الآيات، وكلهم كانوا على هذا النهج!،.
أكثر سبب وجدته في منهجهم هذا، *((هو فهمهم السيّء المغالط للآيات، واتهامم ٱلۡقُرآن بالتناقض والاختلاف والتعارض والمغايرة والتبديل))،.*
وثاني سبب،. *((هو إهمالهم النظر في الأسانيد، والتساهل في قبول كل ما ورد في الكتب، وحملها [بميوعة وتساهل] على الصحة، دون تمحيص وتحقيق في السند، فصادَف ذلك توافقاً بين مفهوهم السيّء للآيات، وبين تلك الروايات الضعيفة التي تساهلوا في تمريرها،. فوجدوا فيها تقويةً وترسيخاً لإثبات التناقض في الدين))*،.
أما سوء الفهم، فسببه الأول هو اجتثاث الآيات عن سياقها، وإهمال ربطها ببقية آيات ٱلۡقُرآن المشابهة لها، حتى يفهموها على وجه الحق واليقين،. وهذا الاستقطاع من أشد مسببات الحيد عن الصراط القويم،.
ــ وأما السبب الثاني، فلو قعد لها رجلٌ واحد من العلماء متجرداً من التقليد والمذهبية، غير عابئ لما سيُرمى به من تُهمٍ،. لعرف أن جميعها معلولة مهترئة (بموازين أهل الحديث)، ولا ترقى لتحذف سنة ثابتة، فضلاً أن تحذف آية،.
ونرجع لقولنا الأول، أن قول وعلم المتأخرين في الناسخ والمنسوخ ليس له قيمة، ولا عبرة فيه، وليس له وزن،. [وأعني بالمتأخرين، ابتداءً من التابعين ومن تبعهم]،. فهم بحاجة للدليل لتثبيت ادعائهم وإلا ستبقى ادعاءاتهم ومزاعمهم ظنوناً لا قيمة لها، ظنوناً تحتاج لدعامة وبراهين يتكؤون عليها،. وكونهم مقلدين فيها لمن سبقهم، فنتركهم ونذهب للأصل الذي [يفترض] أنه خرج منهم القول بــ (الناسخ والمنسوخ)،. ونبدأ بالبحث في جيل النّبي عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم وما قاله،. ثم نتقدم لجيل الصحابة، ونفتش فيه بحثاً وتقصياً ومراجعة وتحقيقاً، هل رفعه الصحابي للنّبي ﷺ الحجة أو أوقفه على نفسه، فهو ليس بحجة، لأن الله لم يبعثه ليشرع في الدين، ولا ليشطب أو ينسخ من نفسه،. إنما الوحيد الذي يحق له رفع أوامر الله هو الله نفسه،. بٱلۡقُرآن نفسه أو عبر نبيه ﷺ،.
ــــــــــ الجيل الأول، الجيل الطيب المبارك،. جيل النّبي ﷺ،.
ثلاثٌ وعشرون عاماً، يتنزل عليه ٱلۡقُرآن،. ويعلّمه الناس، ويعمل به،. ويوحى إليه غير ٱلۡقُرآن [من الحديث]،. فيعلم الناس دينهم،. في العظائم والصغائر، علمهم كل شيء ينبغي عليهم معرفته،. علمهم الإحسان للجار وأكثر فيه،. علمهم كيف يغتسلون، علمهم كيف يتطهرون [علّمهم حتى الخراءة]،. أدخل الدين حتى في تفاصيل شؤونهم الخاصة،. ولكن لم يتكلم أبداً مطلقاً قط عن الناسخ والمنسوخ،. ولم يفسّر لهم آية النسخ، ولم يحدد آية منسوخة،. رغم أن مناسيخ الشيوخ طالت القتال والصيام وأصول الملة كالشرك وعطلت حدود الله،. فأين كان نبيهم عن هذا كله؟!،. لماذا أهملوه وتجاهلوه؟!،. لماذا تجنبوه؟!،. لماذا قدموا آراءهم في ٱلۡقُرآن والحديث دون الرجوع إلى النبي ﷺ؟!،. أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون؟!،.
لم يتلفظ النبي عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم بلفظة (الناسخ والمنسوخ) مطلقاً في حياته كلها¹،. ولم يشر لها حتى إشارةً يسيرة بسندٍ صحيح، ولم يقل مرةً بأن هذه الآية نُسخت بتلك، أو أن ذاك الحديث نُسخ بهذا،. وأن الناسخات كذا وكذا، وأن المنوسخات هن كذا وكذا،. قط،. [لا بسندٍ صحيح ولا ضعيف]،.
وليس عند العلماء حديثٌ واحدٌ صحيح، ولا ضعيف عن النّبي ﷺ،. يقول فيه هذه اللفظة أو حتى لفظة (نسخ) مفردة هكذا،. إنما أقدم ما يُستدل به في قضية النسخ تنسب للصحابة وليس للنّبي ﷺ قط،. وهذه طامة كبرى ومصابٌ جلل،. لماذا؟!،.
لأن الدين إنما يؤخذ من الوحي حصراً،.. أي من القرآن ومن كلام النّبي ﷺ حصراً،. وكل من تكلم بعد النّبي ﷺ، كان عليه أن يأتي ببرهانه عن النّبي ﷺ،. ولا يكتفي بإلقاء الكلام ونسبته لنفسه، إنما عليه أن يرفعه للنّبي ﷺ،. فهو الحجة الأخيرة بين الناس وبين ربهم،. قال اْلله،. ﴿((رُسُلًا)) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ((لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ))..﴾ [النساء 165]،. فالحجة انقطعت بعد الرَّسوْل ﷺ،.
وقال اْلله،. ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ((وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ)) قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [اﻷعراف 3]،.
ــ وقال،. ﴿..وَٱللهُ یَحۡكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكۡمِهِ..﴾ [الرعد 41]،.
ــ وقال،. ﴿..وَلَا یُشۡرِكُ فِي حُكۡمِهِ أَحَدࣰا﴾ [الكهف 26]،.
ــ وقال،. ﴿أَمْ لَهُمْ ((شُرَكَاءُ شَرَعُوا)) لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ..﴾ [الشورى 21]،.
فلا عبرة لمن قال قولاً، ولم ينسبه للنّبي ﷺ،. وهذا ما يسميه علماء الحديث (حديثٌ موقوف)، ولا حجة في الموقوف، والحديث الموقوف أحد أقسام الحديث الضعيف،. أما ما قيل من أسباب النزول وعدّها من ضمن الحديث المرفوع، فليست على إطلاقها، ولكن لم يرفع الصحابة شيئاً من النواسخ مطلقاً،. وهذا ما سنبينه إِنْ شٰاْءَ اللّٰه بالبينات،. وليس بالهوى والظنون،.
أما مسألة الناسخ والمنسوخ برمتها،. بكل علومها وشروطها وتعريفاتها، وتحديد الآيات الناسخة والآيات المنسوخة، ليست من الوحي البتة ولم يكن لها ذكرٌ قبل اكتمال الدين،. ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ [المائدة 3]،. بل هي من رؤوس الناس الذين وُلدوا بعد نزول هذه الآية [وهذا قد أثبتناه في الجزء الأول والثاني]،. وهذا الذي حمَلَنا لصده ورده وقطع دابره،.
ــ ¹أخرج ابن عدي في [الضعفاء في الرجال 1873] ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ [صدوق، لا يحتج به ❌]، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺴﻴﺐ ﺑﻦ ﻭاﺿﺢ [ضعيف ❌]، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻤﺴﻴﺐ ﺑﻦ ﺷﺮﻳﻚ [وضّاعٌ متروك ❌]، ﻋﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻘﻈﺎﻥ [ليس بثقة ❌]، ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺒﻲ، ﻋﻦ ﻣﺴﺮﻭﻕ [رَأَى عليا ولم يسمع منه ❌]، ﻋﻦ ﻋﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻧﺴﺨﺖ اﻟﺰﻛﺎﺓ ﻛﻞ ﺻﺪﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻧﺴﺦ ﻏﺴﻞ اﻟﺠﻨﺎﺑﺔ ﻛﻞ ﻏﺴﻞ ﻭﻧﺴﺦ ﺻﻮﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻛﻞ ﺻﻴﺎﻡ ﻭﻧﺴﺦ اﻷﺿﺤﻰ ﻛﻞ ﺫﺑﺢ" [موضوع ❌]،.
اﻟﻤﺴﻴﺐ ﺑﻦ ﺷﺮﻳﻚ، ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ اﻟﺸﻘﺮﻯ اﻟﻜﻮﻓﻲ،.
قال البخاري: ﻣﺘﺮﻭﻙ اﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻭﻗﺎﻝ مرة: ﺳﻜﺘﻮا عنه.
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺴﻠﻢ: ﻣﺘﺮﻭﻙ.
وﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ: ﻟﻴﺲ بشيء.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ: ﺗﺮﻙ اﻟﻨﺎﺱ ﺣﺪﻳﺜﻪ.
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﺿﻌﻴﻒ. [ميزان الاعتدال 4/114]،.
قال البخاري عن مسروق،. "ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ: ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺛﻨﺘﻴﻦ ﻭﺳﺘﻴﻦ. ﺭﺃﻯ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ، ﻭﻋﻤﺮ، ﻭﻋﻠﻴﺎ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ" [التاريخ الكبير 8/35]،.
ليس لأحد من العلماء أن يبطل آيةً أنزلها الله بعلمه،. ﴿لَّكِنِ ٱللهُ یَشۡهَدُ بِمَاۤ أَنزَلَ إِلَیۡكَ *((أَنزَلَهُ بِعِلۡمِهِ))* وَٱلۡمَلَئكَةُ یَشۡهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللهِ شَهِیدًا﴾ [النساء 166]،. بل ليس لهم أن يبطلوا عملا من أعمال النّبي ﷺ،. ولا نافلة منها،. فمثلاً، العلماء كلهم، ابتداءً من الصحابة إلى آخر عالم قبل يوم القيامة،. لو قام جميعهم في صعيد واحد، لم يستطيعوا أن يبطلوا ركعتي ما قبل الفجر،. لأن النّبي ﷺ فعلها،. فكيف يستطيع بعضهم أن يرفع حكماً أنزله الله بعلمه في الكتاب؟!،.
من الذي وضع هذا الحديث على النّبي ﷺ؟!،.
كلمة النسخ في ٱلۡقُرآن تعني الإثبات في جميع مواردها كما بيناها سابقاً بالتفصيل وبالبراهين،. ولا مرية أن هذا هو معناه عند النّبي ﷺ كذلك،. ولكن الناس في العهود المتأخرة هم الذين استحدثوا لهذه الكلمة معاني متعددة وجعلوا إحداها تعني الإزالة والشطب،. وانتشر فيهم هذا المعنى الباطل، فبالتالي، كل إنسان أحس بالتعارض بين آيتين أساء فهمهما، فأراد إبطال إحداها،. استخدم لها كلمة النسخة ليمرر فهمه، ومن الرواة الضعفاء من نسبها للنّبي ﷺ،. ومنهم من نسبها للصحابة وهم منها براء،.
ــــــــــ جيل الصحابة رَضِي الله عَنهم،.
مع العلم أن الصحابي [من نفسه] لا يمكنه شطب آية من ٱلۡقُرآن،. بل لا يستطيع أن يبطل ويحذف سنة من سنن النّبي ﷺ،. إنما عليه أن يرفع قوله للنّبي ﷺ ليثبت الحذف والشطب،. ويبين فيه أنه من الله،. أما إن اكتفى بقوله هو دون أن يحيله على النّبي الحجة ﷺ فليس بحجة ولا دين ولا تشريع،. إنما يكون التشريع من الله وحده،.
ولا توجد رواية "صحيحة" عن الصحابة، ورد في متنها لفظة النسخ بمعنى المسح إلا رواية [حادثة بئر معونة، والتوارث بين المهاجرين والأنصار وسنأتي عليهما إِنْ شٰاْءَ اللّٰه]،. أما بقية الروايات (التي فيها لفظة النسخ) فكلها ضعيفة سنداً، نردها ببرهان، وليس لمجرد أنها خالفت ما نشتهي،. والذي صح سنده عن الصحابة، سنذكره هنا ونحقق فيه بتجرد من الهوى والتبعية،.
أكثر ما تجد في الروايات المنسوبة عن الصحابة، تجدها في كتب التفسير الذي استحدثها مفتر ليضل الناس بها ويصرفهم عن ٱلۡقُرآن،. ومعظمها كانت منسوبة لابن عباس،. وكلها كذب عليه وافتراء [كلها بلا استثناء واحد]،. وابن عباس بريء منها جميعاً، وقد قال الشافعي "لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث" [كتاب الحديث في علوم ٱلۡقُرآن والحديث 141]،.
بينما تجد في كتب التفسير مئات الآلاف من الروايات المنسوبة زورا لابن عباس،. وكلها كانت انطلاقاً من حديث ضعيف يُرفع للنّبي ﷺ أنه قال فيه،. [اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل]،. وهذا ضعيف السند،. والصحيح هو ما رواه البخاري بلفظ،. ﴿اللهم فقهه في الدين﴾،. وفي رواية أخرى صحيحة،. ﴿اللهم فقهه﴾،. من غير زيادة [وعلمه التأويل]،. وقد تكلمنا فيه مفصلاً في مقال [معنى التأويل، ومعنى المحكم والمتشابه، وهل في ٱلۡقُرآن آيات ظنية الدلالة]،.
ـــــــــــــ الروايات "الصحيحة"، التي كان في متنها لفظة (نسخ)،. وكانت بالمعنى المتداول عند الأصوليين [بمعنى الإزالة والحذف]،.
ــــــــــــــــ النسخ في حادثة بئر معونة،.
ﻋﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ:
"ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﺣﺮاﻣﺎ، ﺧﺎﻟﻪ، ﺃﺧﺎ ﺃﻡ ﺳﻠﻴﻢ، ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺭﺟﻼ، ﻓﻘﺘﻠﻮا ﻳﻮﻡ ﺑﺌﺮ ﻣﻌﻮﻧﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺋﻴﺲ اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ اﻟﻄﻔﻴﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺃﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: اﺧﺘﺮ ﻣﻨﻲ ﺛﻼﺙ ﺧﺼﺎﻝ: ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻬﻞ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻲ ﺃﻫﻞ اﻟﻮﺑﺮ، ﺃﻭ ﺃﻛﻮﻥ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻙ، ﺃﻭ ﺃﻏﺰﻭﻙ ﺑﻐﻄﻔﺎﻥ، ﺃﻟﻒ ﺃﺷﻘﺮ، ﻭﺃﻟﻒ ﺷﻘﺮاء، ﻗﺎﻝ: ﻓﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻓﻼﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻏﺪﺓ ﻛﻐﺪﺓ اﻟﺒﻌﻴﺮ، ﻓﻲ ﺑﻴﺖ اﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻓﻼﻥ، اﺋﺘﻮﻧﻲ ﺑﻔﺮﺳﻲ، ﻓﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﻓﺮﻛﺒﻪ، ﻓﻤﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﺣﺮاﻡ، ﺃﺧﻮ ﺃﻡ ﺳﻠﻴﻢ، ﻭﺭﺟﻼﻥ ﻣﻌﻪ، ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ، ﻭﺭﺟﻞ ﺃﻋﺮﺝ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﻛﻮﻧﻮا ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﺁﺗﻴﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﺁﻣﻨﻮﻧﻲ، ﻭﺇﻻ ﻛﻨﺘﻢ ﻗﺮﻳﺒﺎ، ﻓﺈﻥ ﻗﺘﻠﻮﻧﻲ ﺃﻋﻠﻤﺘﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻜﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ ﺣﺮاﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺗﺆﻣﻨﻮﻧﻲ ﺃﺑﻠﻐﻜﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺇﻟﻴﻜﻢ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻧﻌﻢ، ﻓﺠﻌﻞ ﻳﺤﺪﺛﻬﻢ، ﻭﺃﻭﻣﺆﻭا ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ، ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ، ﻓﻄﻌﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻔﺬﻩ ﺑﺎﻟﺮﻣﺢ، ﻗﺎﻝ: اﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ، ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ اﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﻗﺘﻠﻮﻫﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﻏﻴﺮ اﻷﻋﺮﺝ، ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺃﺱ ﺟﺒﻞ، ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: *((ﻓﺄﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﻳُﻘﺮﺃ فنسخ: ﺃﻥ ﺑﻠﻐﻮا ﻗﻮﻣﻨﺎ، ﺃﻧﺎ ﻟﻘﻴﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ، ﻓﺮﺿﻲ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﺎﻧﺎ))،* ﻗﺎﻝ: ﻓﺪﻋﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺻﺒﺎﺣﺎ، ﻋﻠﻰ ﺭﻋﻞ، ﻭﺫﻛﻮاﻥ، ﻭﺑﻨﻲ ﻟﺤﻴﺎﻥ، ﻭﻋﺼﻴﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺼﻮا اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ".
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻌﺚ ﺧﺎﻟﻪ ﺣﺮاﻣﺎ، ﺃﺧﺎ ﺃﻡ ﺳﻠﻴﻢ، ﻓﻲ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻋﺎﻣﺮ، ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺪﻣﻮا ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺧﺎﻟﻲ: ﺃﺗﻘﺪﻣﻜﻢ، ﻓﺈﻥ ﺃﻣﻨﻮﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﺑﻠﻐﻬﻢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﺇﻻ ﻛﻨﺘﻢ ﻣﻨﻲ ﻗﺮﻳﺒﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﻘﺪﻡ، ﻓﺄﻣﻨﻮﻩ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺤﺪﺛﻬﻢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺇﺫ ﺃﻭﻣﺆﻭا ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ، ﻓﻄﻌﻨﻪ ﻓﺄﻧﻔﺬﻩ، ﻓﻘﺎﻝ: اﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ، ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ اﻟﻜﻌﺒﺔ، ﺛﻢ ﻣﺎﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻘﺘﻠﻮﻫﻢ، ﺇﻻ ﺭﺟﻼ ﺃﻋﺮﺝ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺻﻌﺪ اﻟﺠﺒﻞ.
ﻗﺎﻝ ﻫﻤﺎﻡ: ﻓﺄﺭاﻩ ﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻣﻊ اﻷﻋﺮﺝ ﺁﺧﺮ ﻣﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﻞ.
ﻗﺎﻝ: ﻭﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﻧﺲ؛ *((ﺃﻥ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﺃﺗﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻟﻘﻮا ﺭﺑﻬﻢ، ﻓﺮﺿﻲ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﺃﺭﺿﺎﻫﻢ. ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ: ﺃﻥ ﺑﻠﻐﻮا ﻗﻮﻣﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻟﻘﻴﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﻓﺮﺿﻲ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﺎﻧﺎ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﻧُﺴﺦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ))،* ﻓﺪﻋﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺻﺒﺎﺣﺎ، ﻋﻠﻰ ﺭﻋﻞ، ﻭﺫﻛﻮاﻥ، ﻭﺑﻨﻲ ﻟﺤﻴﺎﻥ، ﻭﻋﺼﻴﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺼﻮا اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﻭ ﻋﺼﻮا اﻟﺮﺣﻤﻦ".
ﻭاﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻓﻲ "اﻟﺠﻬﺎﺩ"، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ، ﻓﻲ "ﺩﻻﺋﻞ اﻟﻨﺒﻮﺓ".
ﻋﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ:
"ﺩﻋﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺑﺌﺮ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺻﺒﺎﺣﺎ، ﻳﺪﻋﻮ ﻋﻠﻰ ﺭﻋﻞ ﻭﺫﻛﻮاﻥ ﻭﻟﺤﻴﺎﻥ ﻭﻋﺼﻴﺔ ﻋﺼﺖ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: *((ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا ﺑﺒﺌﺮ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻗﺮﺁﻧﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﻧُﺴﺦ ﺑﻌﺪ: ﺃﻥ ﺑﻠﻐﻮا ﻗﻮﻣﻨﺎ، ﺃﻥ ﻗﺪ ﻟﻘﻴﻨﺎ ﺭﺑﻨﺎ، ﻓﺮﺿﻲ ﻋﻨﺎ ﻭﺭﺿﻴﻨﺎ ﻋﻨﻪ))"*.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ.
وهذه الرواية الصحيحة [رواية بئر معونة وفيها : بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا، ورضينا عنه]،. فقد ورد فيها لفظة (فكانت مما نقرأ ثم نسخ)،. (ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا ﺑﺒﺌﺮ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻗﺮﺁﻧﺎ ﻗﺮﺃﻧﺎﻩ ﺣﺘﻰ ﻧُﺴﺦ ﺑﻌﺪ)،. مما يُفهم منها أنها تعني الإزالة والمحو،. ولكن هذا الفهم خاطئ، فهذه اللفظة جائت تأثراً بما تداوله الناس من معنى النسخ،. فلفظة النسخ هنا تُحمَل على أنها قيلت من أحد الرواة [وليست من أنسٍ نفسه]،. إنما من حملة الحديث بعده، الذين رووا هذا الحديث بمعناه العام فأدخلوا هذه اللفظة ظنا منهم أنها تعني المسح والرفع،. وهذه الجملة لا تعني البتة أنها كانت آيات من القرآن،. ولا يحل الاستدلال بها لعلم الناسخ والمنسوخ، وذلك لعدة أسباب،.
ــ (الأول) أن النسخ [عند النساخ والذين وضعوا للنسخ تعريفاً وشروطا]،. قالوا بأنه لا يجوز في الخبر، وهذا خبر،. فلا يمكن لكلام الله الصادق أن يتغير ويتبدل، وهذه أول الشروط التي وضعها كل من تكلم في الناسخ والمنسوخ،. حيث جوّزوا النسخ في الأحكام فقط دون الأخبار والقصص التي هي [حقائق]، بل جعلوا القول بالنسخ في الأخبار والقصص بأنه قولٌ يؤول للكفر، لأنها لا تجوز في حق الله أبداً،. كالقصص التي قصها الله وأخبار الأمم الماضية وما جرى منها من عذاب وهلاك، وما قاله عن يوم القيامة،. فلا يصلح البتة أن يقال بأن الله (أرسل نوحاً لقومه) ثم نسخ قوله هذا (ولم يرسله)،. فيكون الخبر الأول في محل الكذب، أو أنه بعث موسى لفرعون ثم نسخ القصة لم يرسل موسى،. وفي هذا الحديث يخبر الله أنه لقي القوم ورضي عنهم،. فكيف يكون قد تراجع عن خبر حقٍ وصدق؟!،. وهو خبر يقين؟!،.
ــ (الثاني)،. أن كل مشتقات لفظة "النسخ" في ٱلۡقُرآن كانت على التثبيت، وليس على الإزالة،. [كما تبين لنا أن كل تصاريف النسخ كانت على التثبيت،. وليست على الإزالة البتة]،. ولا يوجد أي برهان على الاطلاق أن لفظة النسخ تحمل معنيين ضدين،. وما وُجد في المعاجم لا مستند له،. إنما كان بسبب تأثرهم بالمعنى الشائع حولهم، ولتثبيت هذا المعنى [الإزالة] ضربوا له مثلاً فقالوا، نسخت الريح الأثر، ونسخت الشمس الظل،. أي أزالته، والأمثال هذه ليست ببراهين على مدلول النسخ،. كما أن استخدام الناس لمعنى مختلف لأي كلمة، لا يعد برهاناً على تغيّر معناها وتحولها لمعنىً جديد، فاستعمال الناس لمصطلح ما لغير معناه الأصلي، لا يجوّز أن للكلمة الواحدة عدة معان،. فيبقى القول الفصل في معنى أي كلمة مرده للۡقُرآن كلام الله فقط، فهو يقص الحق وهو خير الفاصلين،. قال اْلله،. ﴿قُلۡ إِنِّي عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبۡتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِ *((إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلهِ یَقُصُّ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡفَاصِلِینَ))﴾* [الأنعام 57]،. والله أثبت في ٱلۡقُرآن أن لفظة النسخ بكل تصاريفها ومشتقاتها كانت في معنى واحد متناسق ومنسجم مع بعضه، أوله يصدّق آخره، ولم تشذ لفظة واحدة عن أختها،. فلا يُسلم لمن قال أن النسخ يأتي بمعنى الإزالة، ولا حجة لهم إلا ما وجدوا عليه آبائهم،. وكما قال اْلله،. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا ((بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)) أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [البقرة 170]،.
ــ وقوله،. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا ((حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا))! أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة 104]،.
ــ وقوله،. ﴿وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا ((إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ))﴾ [الزخرف 23]،.
ــ (الثالث)،. إن كان هذا الكلام منسوخاً، فأين هي الآية الناسخة لها؟!،. أم صار يجوز الآن النسخ بلا ناسخ؟!،. منسوخة هكذا فحسب؟!،. [بعض الناس كابن حزم "المجهول وليس الظاهري" سماها نسخٌ بلا بدل!!]،. وهذا لا يصلح البتة، لأنه من شروط وأركان القول بالنسخ أن يعجز "الشيوخ العجزة المعاجزين" من الجمع بين الدليلين،. فتوجب إظهار الدليلين المتعارضين قبل الذهاب للنسخ،. وطالما غاب دليلٌ منهما فلا نسخ هنا [لأن النسخ يوجب البديل]،. أما تصنيف الآية أنها مما نسخ رسمها، فهذا لا يعفيه،. هذا استهبال ولعب عيال،. دليلهم الذي اعتمدوا عليه للحذف يوجب عليهم البديل [نأت بخير منها أو مثلها]،. وكذلك دليلهم الآخر [وإذا بدلنا آية مكان آية]،. فوجود الآية البديلة أمر ملزم لقبول قول أي كذاب يقول "هذه منسوخة"،. وفي حديث بئر معونة،. تعذر وجود الناسخة، بالتالي، ليس هناك نسخ، إنما هو سوء فهم، وضحالة فكر، وعجز عن التدبر، وتقصير في التحقيق والسبر،.
ــ (الرابع)،. أضف لذلك،. أن الحديث حتى يستبين، عليك بجمع كل الأدلة في بابه وموضوعه ليتبين لك الخلل والزلل،. ولو جمعت كل المتون الصحيحة لحديث أنس، ستجد أن كلمة (النسخ) خطأ واضح من أحد الرواة،. وأن الكلام الذي قيل أنه نُسخ، ليس إلا قولٌ قاله النّبي ﷺ بوحيٍ من الله،. ولم يكن يوماً من ٱلۡقُرآن،. وإليك البرهان،.
ــ ﻋﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ اﻟﺒﻨﺎﻧﻲ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺟﺎء ﺃﻧﺎﺱ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻘﺎﻟﻮا: اﺑﻌﺚ ﻣﻌﻨﺎ ﺭﺟﺎﻻ، ﻳﻌﻠﻤﻮﻧﺎ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭاﻟﺴﻨﺔ، ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: اﻟﻘﺮاء، ﻓﻴﻬﻢ ﺧﺎﻟﻲ ﺣﺮاﻡ، ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻳﺘﺪاﺭﺳﻮﻥ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ، ﻭﻛﺎﻧﻮا ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﺠﻴﺌﻮﻥ ﺑﺎﻟﻤﺎء ﻓﻴﻀﻌﻮﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻳﺤﺘﻄﺒﻮﻥ، ﻓﻴﺒﻴﻌﻮﻧﻪ ﻭﻳﺸﺘﺮﻭﻥ ﺑﻪ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﻷﻫﻞ اﻟﺼﻔﺔ ﻭاﻟﻔﻘﺮاء، ﻓﺒﻌﺜﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﺘﻔﺮﻗﻮا ﻟﻬﻢ، ﻓﻘﺘﻠﻮﻫﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻐﻮا اﻟﻤﻜﺎﻥ، *((ﻓﻘﺎﻟﻮا: اﻟﻠﻬﻢ ﺃﺑﻠﻎ ﻋﻨﺎ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻟﻘﻴﻨﺎﻙ، ﻓﺮﺿﻴﻨﺎ ﻋﻨﻚ ﻭﺭﺿﻴﺖ ﻋﻨﺎ))* ﻗﺎﻝ: ﻓﺄﺗﻰ ﺭﺟﻞ ﺣﺮاﻣﺎ ﺧﺎﻝ ﺃﻧﺲ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ، ﻓﻄﻌﻨﻪ ﺑﺮﻣﺤﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻔﺬﻩ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻓﺰﺕ ﻭﺭﺏ اﻟﻜﻌﺒﺔ، *((ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ: ﺇﻥ ﺇﺧﻮاﻧﻜﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮا، ﻗﺎﻟﻮا ﻟﺮﺑﻬﻢ: ﺑﻠﻎ ﻋﻨﺎ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻗﺪ ﻟﻘﻴﻨﺎﻙ، ﻓﺮﺿﻴﻨﺎ ﻋﻨﻚ، ﻭﺭﺿﻴﺖ ﻋﻨﺎ))﴾* ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻷﺣﻤﺪ (14062) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻔﺎﻥ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺛﺎﺑﺖ، ﺑﻪ.
وهذه الرواية تزيل الشك تماماً، أن الكلام الآنف [بلغوا عنا نبينا،....] لم يكن أساساً من ٱلۡقُرآن حتى يُنسخ ويُرفع ويُلغى ويُشطب،. بل كان وحياً من الله للنبي ﷺ أخبره عنهم، بعد أن دعوا الله أن يبلغ قومهم، ففعل،. والقول ثابت وباقٍ، لم يحذف ولا شيء،. ولكن أحد الرواة [في الحديث الآخر] ظن بأنها كانت آية،. فقال أنها نُسخت، ولبَّسها أنس بن مالك رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. وهو من هذا القول براء،.
ــ (الخامس)،. ألفاظ الأحاديث ليست كألفاظ ٱلۡقُرآن،. فالأحاديث تُروى بالمعنى، ولا يُراعى فيها الدقة في نقل كل لفظة،. وهذا معلوم ومثبت بالأدلة الكثيرة الوفيرة،. وللاطلاع على أدلة هذا [أن الأحاديث تروى بالمعنى]،. نحيل القارئ إلى مقالنا الذي عنوانه [الأحاديث تروى بالمعنى] ولن نضع أدلتها هنا تجنباً للإطالة،. فالأدلة كثيرة جداً فيها،.
ــــ الخلاصة،.. رواية بئر معونة [التي فيها لفظة النسخ]،. تُحمَل على أنها من الروايات التي تناقلها الرواة بالمعنى،. ولم يصيبوا [الرواة] فيها المعنى الصحيح لكلمة (النسخ) كما هو في ٱلۡقُرآن،. ولا يَبعُد أن يكون هذا عنهم [أي الرواة الذين حملوا الرواية عن الصحابة]، لأنه في عهدهم انتشر وشاع معنى النسخ أنه الإزالة،. بعكس ما كان في عهد أنس بن مالك رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. فأنسٌ لم يقلها،. إنما الرواة بعده،. ومعلومٌ لكل عاقل، أن الأحاديث تُروى بالمعنى، ولا يُراعى فيها الدقة والتطابق التام للفظة المسموعة [من فم النّبي ﷺ، فكيف ونحن نتكلم عما خرج من فم أنس وليس النّبي ﷺ نفسه!!]،. و"لفظ الحديث" لم يُنقل بدقة كما نُقل ٱلۡقُرآن نقلاً دقيقاً في الحركة والتشكيل تلقياً وتلقيناً ووقفاً،. إنما نقل بمعناه،.
ــ وإن ورد في المتن أنها ((نُسخت))، فهم لا يقصدون المصطلح الذي سار عليه الأصوليون أبداً، إنما عنوا بها أنها مما أوحاه الله للنّبي ﷺ،. ولم يضعها في ٱلۡقُرآن،. فهي كبقية الأحاديث الصحيحة كالتي يخبرنا فيها النّبي ﷺ أن الله بلغه بها من غير ٱلۡقُرآن،. مما يسميها الناس "أحاديث قدسية"، ولا يزعم أحدٌ أن هذه الأحاديث القدسية كان أصلها من القرآن ثم أُخرِجت منه،. فهي بمنزلة المنسوخ والذاهب من الآيات،.
وبمقارنة هذا المتن بالمتون الأخرى الصحيحة في ذات الشأن، تستطيع إدراك أن هذه (الجملة) لم تكن من ٱلۡقُرآن حينها، ليقال عنها بعد ذلك أنها (نسخت)،. أو (رفع رسمها وبقي حكمها)،. إنما قالها النّبي ﷺ [مما نسميه بالأحاديث] وهي ليست من ٱلۡقُرآن في شيء،. إنما من هذه الروايات،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ،. ﴿لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ *((وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ))}؛* خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا، فَهَتَفَ "يَا صَبَاحَاهْ". فَقَالُوا : مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ "أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ؟ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ". قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، مَا جَمَعْتَنَا إِلَّا لِهَذَا؟. ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ،. {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ *((وَقَدْ تَبَّ))}،.* هَكَذَا قَرَأَهَا الْأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ﴾
ــ ﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ: "ﻗﺎﻝ: ﻭﻫﻦ ﻓﻲ ﻗﺮاءﺓ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ"، ﻳﻌﻨﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ: *"ﻭﺭﻫﻄﻚ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ"،.*
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. واللفظ للبخاري 4971.
وردت آية في الحديث، وفي الآية زيادة ليست من ٱلۡقُرآن، ولا هي حتى من ضمن القراءات الأخرى،. ورغم ذلك، لم يقل أحدٌ من الصحابة ((أنها نسخت أو أُخرجت من ٱلۡقُرآن))،. لأنها ليست من أصل ٱلۡقُرآن ولكنها من كلام النّبي ﷺ دون ٱلۡقُرآن،. وقد يتوهم البعض ويظن أنها من ٱلۡقُرآن [ثم لا يجدها في ٱلۡقُرآن الآن]،. فيتسرع في حكمه ويقول : هذه كانت في ٱلۡقُرآن ثم رفعت (فهي منسوخة)!،. ومن هنا يبدأ الزلل،.
وتوجد أمثال أخرى لهذه الرواية، مما زيد فيها في لفظ الآيات، ولكنها ليست من ٱلۡقُرآن،. فتكون هذه كلها من كلام النّبي ﷺ، حديثاً وليس قرآناً،. ولا ينبغي إدخاله في المصحف،. ولا ينبغي نعته بالنسخ تبعاً،. فمثلاً،.
ــ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻛﻨﺖ ﺃﺳﻤﻊ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ *((ﻓﻼ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﺷﻲء ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻡ ﺷﻲء ﻳﻘﻮﻟﻪ))* ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ،. ﴿ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻻﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭاﺩﻳﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ، ﻻﺑﺘﻐﻰ ﻟﻬﻤﺎ ﺛﺎﻟﺜﺎ، ﻭﻻ ﻳﻤﻸ ﺟﻮﻑ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺇﻻ التراب، ﻭﻳﺘﻮﺏ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺎﺏ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺭﺑﺎﺡ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻳﻘﻮﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ،. ﴿ﻟﻮ ﺃﻥ ﻻﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻭاﺩﻳﺎ ﻣﺎﻻ، ﻷﺣﺐ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺜﻠﻪ، ﻭﻻ ﻳﻤﻸ ﻧﻔﺲ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺇﻻ التراب، ﻭاﻟﻠﻪ ﻳﺘﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﺎﺏ" ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: *((ﻓﻼ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺃﻡ ﻻ؟))*" ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻗﺎﻝ: ﻛﻨﺖ ﺃﻗﺮﺉ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ، ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﻤﻨﻰ، ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺣﺠﺔ ﺣﺠﻬﺎ......... [قال فيها]،. ﺛﻢ ﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﺮﺃ فيما ﻧﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ: ((ﺃﻥ ﻻ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﻔﺮ ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ، ﺃﻭ ﺇﻥ ﻛﻔﺮا ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ))،..... الحديث﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.
هذا الكلام ليس من ٱلۡقُرآن بلا شك، بدليل أن ٱلۡقُرآن مباركٌ محفوظ، وقد بلغنا وليس فيه هذا القول،. بالتالي،. الشك الذي انتاب أنسا وابن عباس رَضِيَ اللّٰه عَنْهُما بين ٱلۡقُرآن وبين كلام الرَّسوْل ﷺ!!،.. عُلم بالقرآن يقيناً أنه كان من كلام الرَّسوْل ﷺ،. ولم يكن من ٱلۡقُرآن، وإن جُزم به كما ورد في حديث بئر معونة،. أو حتى حديث عمر عن آية الرجم وغيرها [وسنأتي على تفصيلها إِنْ شٰاْءَ اللّٰه]،.
وأي زعمٍ بأنها كانت آيات حقيقية تُتلى في الصلوات، فهو زعم يُفضي لزاماً للقول بتحريف ٱلۡقُرآن وضياع بعض آياته،.
وعلى كثر ما ورد في كتب العلماء بشأن الناسخ والمنسوخ،. لا تجد رواية واحدة صحيحة عن الصحابة، أنهم استخدموها فيما يستخدمه الناس بعدهم من معنى الحذف والإبطال والإزالة،.
ــــــ رواية أخرى صحيحة السند "عن ابن عباس"،. فيها لفظة (نسخت)،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ؛
«{ﻭﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻮاﻟﻲ} ﻗﺎﻝ: ﻭﺭﺛﺔ، {ﻭاﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻗﺪﺕ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ} ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺮﺙ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﺩﻭﻥ ﺫﻭﻱ رحمة، للأُﺧُﻮّﺓ اﻟﺘﻲ ﺁﺧﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ: {ﻭﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻮاﻟﻲ} نُسخت (1)، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: {ﻭاﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﻗﺪﺕ ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ} ﺇﻻ اﻟﻨﺼﺮ، ﻭاﻟﺮﻓﺎﺩﺓ، ﻭاﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ اﻟﻤﻴﺮاﺙ، ﻭﻳﻮﺻﻰ ﻟﻪ» اللفظ للبخاي (2) .
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ أبي داوود (3) : «ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ؛ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭاﻟﺬﻳﻦ (ﻋﺎﻗﺪﺕ) ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﻓﺂﺗﻮﻫﻢ ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ} ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺣﻴﻦ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﺭﺙ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﺩﻭﻥ ﺫﻭﻱ رحمة، ﻟﻷﺧﻮﺓ اﻟﺘﻲ ﺁﺧﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ: {ﻭﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻮاﻟﻲ ﻣﻤﺎ ﺗﺮﻙ} ﻗﺎﻝ: نسختها: {ﻭاﻟﺬﻳﻦ (ﻋﺎﻗﺪﺕ) ﺃﻳﻤﺎﻧﻜﻢ ﻓﺂﺗﻮﻫﻢ ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ} ﻣﻦ اﻟﻨﺼﺮﺓ، ﻭاﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻭاﻟﺮﻓﺎﺩﺓ، ﻭﻳﻮﺻﻲ ﻟﻪ، ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ اﻟﻤﻴﺮاﺙ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.
(1) ﺿﺒﻄﺖ ﻓﻲ ﻓﺮﻉ النسخة اﻟﻴﻮﻧﻴﻨﻴﺔ ﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ (2292): «نُسخت» ﻭﻭﺿﻌﺖ ﻓﻮﻗﻬﺎ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺼﺤﺔ: (ﺻﺢ)، ﻭﻓﻲ اﻟﻤﻮﺿﻊ (4580): «نَسخت»، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻭﺟﻪ.
(2) اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (2292) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺼﻠﺖ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﻋﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ، ﻋﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻣﺼﺮﻑ، ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﺑﻪ.
(3) اﻟﻠﻔﻆ ﻷﺑﻲ ﺩاﻭﺩ (2922) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ, ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﺎﻣﺔ, ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ, ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻣﺼﺮﻑ, ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ, ﺑﻪ.
ــــــ التصويب،.
ــــ أولاً،. لاحظ مجدداً أن الرواية لم يرفعها الصحابي إلى النّبي ﷺ،. إنما قال من نفسه هذه نسخت تلك،. ولم يقل : نسخها الله، أو نسخها النّبي ﷺ،. وهذه أول مصيبة،. فالصحابي ليس بإمكانه شطب وحذف وإبطال شيء من ٱلۡقُرآن،. ولو اجتمع عليها الناس كلهم،. ٱلۡقُرآن لا يحذفه شيء،. إلا أن يقول الله بنفسه أنه ألغاها،. وهذا مفقودٌ عَدَم،.
ولا تعتبر الرواية في حكم المرفوع إلا في جزئية قوله (ﻛﺎﻥ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺣﻴﻦ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﺭﺙ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﺩﻭﻥ ﺫﻭﻱ رحمة، ﻟﻷﺧﻮﺓ اﻟﺘﻲ ﺁﺧﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻴﻨﻬﻢ)،. أما الحكم بالنسخ فلم يرفعه ولم ينميه للنّبي ﷺ،. فلا حجة فيها،. وقد قال ٱلله،. ﴿((رُسُلًا)) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ ((حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ))..﴾ [النساء 165]،.
ــــ ثانياً،. لننظر للآيتين [الناسخ والمنسوخ]،. لنرى أين وجه الخلاف والتعارض بينهما،. لأن النسخ يقتضي منه الخلاف، فإن لم نجد بينهما خلافاً فلا نسخ فيهما،.
الآية الناسخة،. قال ٱلله،. ﴿وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَالِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ/عَاقَدَتۡ أَیۡمَانُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِیبَهُمۡ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ شَهِیدًا﴾ [النساء 33]،.
الآية المنسوخة،. قال ٱلله،. ﴿وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَالِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ/عَاقَدَتۡ أَیۡمَانُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِیبَهُمۡ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ شَهِیدًا﴾ [النساء 33]،.
نعم،. الناسخ والمنسوخ هي في ذات الآية نفسها،. ولك أن تتعجب من هذا،. فكيف لآية أن تنسخ نفسها؟!،. وكيف تحول الكلام من [ما ننسخ من آية]،. إلى [ما ننسخ من شطر آية]،. وكيف صار وتحول الكلام من [نأت بخير منها]،. إلى [نجعلها تنسخ نفسها]،.؟!،. وكل هذه المخالفات تكلمنا عنها بالتفصيل في الجزء الأول والثاني [إفساد الفساد، وتحرير التعريف]،. وهذا يثبت أن النسخ لم يقع في هذه الآية، بل لا يحل هذا،. إنما الذي نُسخ هو فهمه وتفسيره للآية،. وليست الآية ذاتها،.
ــــ ثالثاً،. هل القولان متعارضان أساساً؟!،. ليقال أن بينهما نسخ؟!،. ففي الرواية،. قال ابن عباس أن المنسوخ هو الميراث [بين المهاجرين والأنصار]،. ولكن الآية لا تتكلم عن الميراث أساساً،. إنما تأمر بأن نؤتيهم نصيبهم [وإن لم يُحدد مقدار هذا النصيب]،. ولكنه فرضٌ فرضه الله،. فقد قال ٱلله في بداية السورة نفسها،. ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِیبࣱ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَالِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَاۤءِ نَصِیبࣱ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَالِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ ((مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَ نَصِیبࣰا مَّفۡرُوضࣰا))﴾ [النساء 7]،.
كما أن لأولي القربى واليتامى والمساكين نصيبٌ إذا حضروا القسمة،. [وإن كان مقدار النصيب غير معلوم]،. قال ٱلله بعدها مباشرةً،. ﴿وَإِذَا حَضَرَ ٱلۡقِسۡمَةَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَامَىٰ وَٱلۡمَسَاكِینُ فَٱرۡزُقُوهُم مِّنۡهُ وَقُولُوا۟ لَهُمۡ قَوۡلࣰا مَّعۡرُوفࣰا﴾ [النساء 8]،.
وهذه الآية، زعم الناس في عهد الصحابة أنها منسوخة كذلك،. فقال ابن عباس،. (إن ناسا يزعمون بأنها نسخت، ولا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس فيها) أخرجه البخاري،. وسنده معلول ❌،.
الغريب والعجيب في الرواية هذه التي أخرجها،. أن الذي يزعم النسخ هم [[الناس]]،. وهكذا فعلاً، الناس دائماً هم الذين يقررون ويزعمون أن هذه نسخت، وتلك نسخت،. ولا شيء في ذلك كله من الله،. سُبْحَانَ اللّٰه،.
ــــ رابعاً،. الفهم الصحيح للآية يحل كثيراً من المشاكل،. فالآية لها سياق ولحاق، ولن تُفهم الآية حتى تُقرأ في سياقها،. خاصةً أول كلمة فيها [ولكلٍ جعلنا] فمن هم هؤلاء الذين يتكلم الله عنهم؟!،.
قال ٱلله قبلها،. ﴿وَلَا تَتَمَنَّوۡا۟ مَا فَضَّلَ ٱللهُ بِهِ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ *((لِّلرِّجَالِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُوا۟ وَلِلنِّسَاۤءِ نَصِیبࣱ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَ))* وَسۡـَٔلُوا۟ ٱللهَ مِن فَضۡلِهِ إِنَّ ٱللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِیمࣰا﴾ [النساء 32]،. فالله هنا يتكلم عن الرجال والنساء،.
وكذلك بعد آية الموالي،. تكلم عن الرجال والنساء،. قال ٱلله،. *﴿((ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ))* بِمَا فَضَّلَ ٱللهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَالِهِمۡ فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتࣱ لِّلۡغَیۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللهُ وَٱلَّاتي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُوا۟ عَلَیۡهِنَّ سَبِیلًا إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلِیࣰّا كَبِیرࣰا﴾ [النساء 34]،.
الآية السابقة عن الرجال والنساء، والآية التالية عن الرجال والنساء،. فحين قال،. ﴿وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَلِيَ...﴾ [النساء 33]،. أي لكل من النساء والرجال جعل الله موالي مما ترك الوالدين والأقربون ومما عقدت أيماننا [الحلفاء]،. فآتوهم نصيبهم، أي فآتوا الرجال والنساء نصيبهم،. الآية ليس فيها مهاجرين وأنصار، وليس فيها تآخي ولا فيها ميراث البتة،. إنما الآية عن الموالي،. إن تركهم الوالدان والأقربون أو الذين عاقدت أيماننا،. فعلينا أن نؤتيهم نصيبهم من الموالي،. فلا ناسخ ولا منسوخ فيها،.
أما ما يُنسب لابن عباس، وسلمة بن الاكوع وغيرهم في الآيات المنسوخة،.. فكل هذه الروايات مكذوبة عليهم،. وتحقيق أسانيدها لن يكون هنا، بل في موضعه في كل باب إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،. سنذكر روايات ابن عباس في الصيام في باب آية الصيام ونخرجها بالتفصيل، والتي في القيام في باب آية القيام، والتي في القبلة، في باب آية القبلة،. وسيتبين لكل مبصر كمية الكذب والزور التي نسبت لابن عباس في كتب التفسير والناسخ والمنسوخ وغيرها،.
ــــــــــــ رواية ثابتة، واستدلالٌ صحيح من عمر، وفهمٌ سقيم من العيال،.
ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻗﺎﻝ "ﻋﻠﻲٌ ﺃﻗﻀﺎﻧﺎ، ﻭﺃبيٌ ﺃﻗﺮﺅﻧﺎ، ﻭﺇﻧﺎ ﻟﻨﺪﻉ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﺃبيٍ، ﻭﺃبيٌ ﻳﻘﻮﻝ : ﺃﺧﺬﺕ ﻣﻦ ﻓﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﻼ ﺃﺩﻋﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ {ﻣﺎ ننسخ ﻣﻦ ﺁﻳﺔ ﺃﻭ ﻧﻨﺴﻬﺎ}" ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ.
استدلال أمير المؤمنين هنا لم يكن لأجل نسخ الآيات، إنما إشارة منه إلى نسيان الآيات، وهذا ما تستشفّه من كلامه عن أبَي، وكأنه يقول عن نفسه بأنه نسي آيات، وأبيٌ يذكرها،. ولا غرابة في ذلك لأن النّبي ﷺ حثنا على أخذ ٱلۡقُرآن من أربعة، منهم أبي بن كعب رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،.
ــ ﻋﻦ ﻣﺴﺮﻭﻕ، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮﻭا اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻋﻨﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺫاﻙ ﺭﺟﻞ ﻻ ﺃﺯاﻝ ﺃﺣﺒﻪ، ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ: "اﺳﺘﻘﺮﺋﻮا ٱلۡقُرآن ﻣﻦ أربعة: ﻣﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻭﺳﺎﻟﻢ ﻣﻮﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﺣﺬﻳﻔﺔ، ﻭﺃﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ، ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ".
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ. ✅،.
ــ وﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﻧﺴﺎ ﻳﻘﻮﻝ: "ﺟﻤﻊ ٱلۡقُرآن ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ أربعة، ﻛﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ: ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ، ﻭﺃﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ، ﻭﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ" ﻗﺎﻝ ﻗﺘﺎﺩﺓ: ﻗﻠﺖ ﻷﻧﺲ: ﻣﻦ ﺃﺑﻮ ﺯﻳﺪ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺣﺪ ﻋﻤﻮﻣﺘﻲ".
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
فعمر يقصد جمعُ أبيٍ للۡقُرآن (وحفظه في صدره)،. ولا يتكلم عن نسخ الآيات ورفع أحكامها،. والآية نفسها التي استدل بها فيها لفظتي النسخ والنسيان معا،. فـ(ـلو) حُمل استدلال عمر على النسخ، لكان بالمعنى الذي عرفناه لكلمة النسخ في ٱلۡقُرآن، (أي التثبيت وليس الإزالة)،. والحادثة فيها ما يدل على التثبيت، وهو حفظ أبيٍ وقراءته وجمعه للۡقُرآن،. فالكلام ليس عن رفع أحكام من ٱلۡقُرآن،. إنما عن نسيان بعض آياته، هكذا فهمها أمير المؤمنين عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. وفهمه لا يدل على مسح شيءٍ من ٱلۡقُرآن،. فضلاً أن فهمه ليس بحجة على الأمة،. وقد قال ٱلله،،. ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [اﻷعراف 3]،.
ــــــــــ حديث عمر أن الرجم كان في كتاب الله،.
قد وردت رواية واحدة بسند صحيح عن عمر بن الخطاب، أن الرجم فرض في كتاب الله، وأن الرَّسـوْل ﷺ رجم، ورجموا بعده، ولم يثبت عنه أنه قال أنها كانت آية كيت وكيت،. وليس فيها ما يثبت أصلاً أن النّبي ﷺ فعلها بعد نزول سورة النور ليقال أنها ناسخة [وسنأتي على تخريجها بعد الكلام عن حديث عمر الصحيح]،.
ــــــ إشكالية قول عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،..
في الرواية الصحيحة عن عمر، قال فيها أن الرجم (في كتاب الله)،. ولكن القرآن ليس فيه رجم،. فكيف قال عمر ذلك؟!،.
ــــــــــــ حديث عمر بن الخطاب بطوله،. واللفظ للبخاري،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻗﺎﻝ: ﻛﻨﺖ ﺃﻗﺮﺉ ﺭﺟﺎﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ، ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﻤﻨﻰ، ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺣﺠﺔ ﺣﺠﻬﺎ، ﺇﺫ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻮ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﺃﺗﻰ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻟﻴﻮﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻫﻞ ﻟﻚ ﻓﻲ ﻓﻼﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻟﻮ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻋﻤﺮ ﻟﻘﺪ ﺑﺎﻳﻌﺖ ﻓﻼﻧﺎ، ﻓﻮاﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻌﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺇﻻ ﻓﻠﺘﺔ ﻓﺘﻤﺖ، ﻓﻐﻀﺐ ﻋﻤﺮ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، ﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﻌﺸﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻤﺤﺬﺭﻫﻢ ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻐﺼﺒﻮﻫﻢ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ، ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ: ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻻ ﺗﻔﻌﻞ، ﻓﺈﻥ اﻟﻤﻮﺳﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﺭﻋﺎﻉ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﻏﻮﻏﺎءﻫﻢ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻐﻠﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺑﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﻘﻮﻡ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ، ﻓﺘﻘﻮﻝ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻳﻄﻴﺮﻫﺎ ﻋﻨﻚ ﻛﻞ ﻣﻄﻴﺮ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﻮﻫﺎ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻀﻌﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ، ﻓﺄﻣﻬﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺪﻡ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺩاﺭ اﻟﻬﺠﺮﺓ ﻭاﻟﺴﻨﺔ، ﻓﺘﺨﻠﺺ ﺑﺄﻫﻞ اﻟﻔﻘﻪ، ﻭﺃﺷﺮاﻑ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺘﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻣﺘﻤﻜﻨﺎ، فيعي ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻘﺎﻟﺘﻚ، ﻭﻳﻀﻌﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺿﻌﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﺃﻣﺎ ﻭاﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، ﻷﻗﻮﻣﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻭﻝ ﻣﻘﺎﻡ ﺃﻗﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻓﻘﺪﻣﻨﺎ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﺐ ﺫﻱ اﻟﺤﺠﺔ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻋﺠﻠﻨﺎ اﻟﺮﻭاﺡ ﺣﻴﻦ ﺯاﻏﺖ اﻟﺸﻤﺲ ﺣﺘﻰ ﺃﺟﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ نفيل ﺟﺎﻟﺴﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﻛﻦ اﻟﻤﻨﺒﺮ، ﻓﺠﻠﺴﺖ ﺣﻮﻟﻪ، ﺗﻤﺲ ﺭﻛﺒﺘﻲ ﺭﻛﺒﺘﻪ، ﻓﻠﻢ ﺃﻧﺸﺐ ﺃﻥ ﺧﺮﺝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻣﻘﺒﻼ، ﻗﻠﺖ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ نفيل: ﻟﻴﻘﻮﻟﻦ اﻟﻌﺸﻴﺔ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﻢ ﻳﻘﻠﻬﺎ ﻣﻨﺬ اﺳﺘﺨﻠﻒ، ﻓﺄﻧﻜﺮ ﻋﻠﻲ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﺴﻴﺖ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻗﺒﻠﻪ، ﻓﺠﻠﺲ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺒﺮ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻜﺖ اﻟﻤﺆﺫﻧﻮﻥ، ﻗﺎﻡ ﻓﺄﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻫﻠﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﺈﻧﻲ ﻗﺎﺋﻞ ﻟﻜﻢ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻗﺪ ﻗﺪﺭ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻟﻬﺎ، ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻟﻌﻠﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺃﺟﻠﻲ، ﻓﻤﻦ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻭﻭﻋﺎﻫﺎ، ﻓﻠﻴﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺚ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﻪ ﺭاﺣﻠﺘﻪ، ﻭﻣﻦ ﺧﺸﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﻘﻠﻬﺎ، ﻓﻼ ﺃﺣﻞ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﺬﺏ ﻋﻠﻲ؛ *((ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺚ ﻣﺤﻤﺪا ﷺ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ الكتاب، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﻘﺮﺃﻧﺎﻫﺎ ﻭﻋﻘﻠﻨﺎﻫﺎ ﻭﻭﻋﻴﻨﺎﻫﺎ، ﺭﺟﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﺭﺟﻤﻨﺎ ﺑﻌﺪﻩ». ﻓﺄﺧﺸﻰ ﺇﻥ ﻃﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺯﻣﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﻭاﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﻧﺠﺪ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، فيضلوا ﺑﺘﺮﻙ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺃﻧﺰﻟﻬﺎ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﺮﺟﻢ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺣﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺯﻧﻰ، ﺇﺫا ﺃﺣﺼﻦ، ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭاﻟﻨﺴﺎء، ﺇﺫا ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺒﻴﻨﺔ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ اﻟﺤﺒﻞ، ﺃﻭ اﻻﻋﺘﺮاﻑ))*،.
ﺛﻢ ﺇﻧﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﺮﺃ فيما ﻧﻘﺮﺃ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ: ﺃﻥ ﻻ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻛﻔﺮ ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ، ﺃﻭ ﺇﻥ ﻛﻔﺮا ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺮﻏﺒﻮا ﻋﻦ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ،.
ﺃﻻ ﺛﻢ ﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ: «ﻻ ﺗﻄﺮﻭﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﺃﻃﺮﻱ ﻋﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻭﻗﻮﻟﻮا: ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ».
ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﺑﻠﻐﻨﻲ، ﺃﻥ ﻗﺎﺋﻼ ﻣﻨﻜﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻭاﻟﻠﻪ، ﻟﻮ ﻣﺎﺕ ﻋﻤﺮ ﺑﺎﻳﻌﺖ ﻓﻼﻧﺎ، ﻓﻼ ﻳﻐﺘﺮﻥ اﻣﺮﺅ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻌﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻠﺘﺔ ﻭﺗﻤﺖ، ﺃﻻ ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺬﻟﻚ، ﻭﻟﻜﻦ اﻟﻠﻪ ﻭﻗﻰ ﺷﺮﻫﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ ﺗﻘﻄﻊ اﻷﻋﻨﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﻣﻦ ﺑﺎﻳﻊ ﺭﺟﻼ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﻼ ﻳﺒﺎﻳﻊ ﻫﻮ ﻭﻻ اﻟﺬﻱ ﺑﺎﻳﻌﻪ، ﺗﻐﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻼ، ﻭﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﺒﺮﻧﺎ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﻓﻰ اﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﷺ ﺇﻻ ﺃﻥ اﻷﻧﺼﺎﺭ ﺧﺎﻟﻔﻮﻧﺎ، ﻭاﺟﺘﻤﻌﻮا ﺑﺄﺳﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﻘﻴﻔﺔ ﺑﻨﻲ ﺳﺎﻋﺪﺓ، ﻭﺧﺎﻟﻒ ﻋﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﻭاﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻬﻤﺎ، ﻭاﺟﺘﻤﻊ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﻓﻘﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ: ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ، اﻧﻄﻠﻖ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪﻫﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﺩﻧﻮﻧﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻘﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻼﻥ ﺻﺎﻟﺤﺎﻥ، ﻓﺬﻛﺮا ﻣﺎ ﺗﻤﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﻮﻡ، ﻓﻘﺎﻻ: ﺃﻳﻦ ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ؟ ﻓﻘﻠﻨﺎ: ﻧﺮﻳﺪ ﺇﺧﻮاﻧﻨﺎ ﻫﺆﻻء ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻻ: ﻻ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻘﺮﺑﻮﻫﻢ، اﻗﻀﻮا ﺃﻣﺮﻛﻢ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻭاﻟﻠﻪ ﻟﻨﺄﺗﻴﻨﻬﻢ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻴﻨﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﻘﻴﻔﺔ ﺑﻨﻲ ﺳﺎﻋﺪﺓ، ﻓﺈﺫا ﺭﺟﻞ ﻣﺰﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﻇﻬﺮاﻧﻴﻬﻢ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻫﺬا ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﺎ ﻟﻪ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻳﻮﻋﻚ، ﻓﻠﻤﺎ ﺟﻠﺴﻨﺎ ﻗﻠﻴﻼ ﺗﺸﻬﺪ ﺧﻄﻴﺒﻬﻢ، ﻓﺄﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻫﻠﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﻨﺤﻦ ﺃﻧﺼﺎﺭ اﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺘﻴﺒﺔ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﺭﻫﻂ، ﻭﻗﺪ ﺩﻓﺖ ﺩاﻓﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻜﻢ، ﻓﺈﺫا ﻫﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺰﻟﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﻠﻨﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﺤﻀﻨﻮﻧﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻜﺖ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺗﻜﻠﻢ، ﻭﻛﻨﺖ ﺯﻭﺭﺕ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺃﻋﺠﺒﺘﻨﻲ، ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻗﺪﻣﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺩاﺭﻱ ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺗﻜﻠﻢ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ: ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻠﻚ، ﻓﻜﺮﻫﺖ ﺃﻥ ﺃﻏﻀﺒﻪ، ﻓﺘﻜﻠﻢ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ، ﻓﻜﺎﻥ ﻫﻮ ﺃﺣﻠﻢ ﻣﻨﻲ ﻭﺃﻭﻗﺮ، ﻭاﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻋﺠﺒﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﺰﻭﻳﺮﻱ، ﺇﻻ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺑﺪﻳﻬﺘﻪ ﻣﺜﻠﻬﺎ، ﺃﻭ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺳﻜﺖ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ فيكم ﻣﻦ ﺧﻴﺮ، ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻟﻪ ﺃﻫﻞ، ﻭﻟﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺇﻻ ﻟﻬﺬا اﻟﺤﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ، ﻫﻢ ﺃﻭﺳﻂ اﻟﻌﺮﺏ ﻧﺴﺒﺎ ﻭﺩاﺭا، ﻭﻗﺪ ﺭﺿﻴﺖ ﻟﻜﻢ ﺃﺣﺪ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮﺟﻠﻴﻦ، ﻓﺒﺎﻳﻌﻮا ﺃﻳﻬﻤﺎ ﺷﺌﺘﻢ، ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻱ ﻭﺑﻴﺪ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ، ﻭﻫﻮ ﺟﺎﻟﺲ ﺑﻴﻨﻨﺎ، ﻓﻠﻢ ﺃﻛﺮﻩ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻛﺎﻥ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﻗﺪﻡ ﻓﺘﻀﺮﺏ ﻋﻨﻘﻲ ﻻ ﻳﻘﺮﺑﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺇﺛﻢ، ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺗﺄﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ فيهم ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ، اللهم ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺴﻮﻝ ﺇﻟﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻮﺕ ﺷﻴﺌﺎ ﻻ ﺃﺟﺪﻩ اﻵﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ: ﺃﻧﺎ ﺟﺬﻳﻠﻬﺎ اﻟﻤﺤﻜﻚ، ﻭﻋﺬﻳﻘﻬﺎ اﻟﻤﺮﺟﺐ، ﻣﻨﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﻭﻣﻨﻜﻢ ﺃﻣﻴﺮ، ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﻗﺮﻳﺶ، ﻓﻜﺜﺮ اﻟﻠﻐﻂ، ﻭاﺭﺗﻔﻌﺖ اﻷﺻﻮاﺕ ﺣﺘﻰ ﻓﺮﻗﺖ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻓﻘﻠﺖ: اﺑﺴﻂ ﻳﺪﻙ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺑﻜﺮ، ﻓﺒﺴﻂ ﻳﺪﻩ، ﻓﺒﺎﻳﻌﺘﻪ، ﻭﺑﺎﻳﻌﻪ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ، ﺛﻢ ﺑﺎﻳﻌﺘﻪ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻭﻧﺰﻭﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﻣﻨﻬﻢ: ﻗﺘﻠﺘﻢ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻗﺘﻞ اﻟﻠﻪ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ.
ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﻭﺇﻧﺎ ﻭاﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻀﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ، ﺧﺸﻴﻨﺎ ﺇﻥ ﻓﺎﺭﻗﻨﺎ اﻟﻘﻮﻡ ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮا ﺭﺟﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪﻧﺎ، ﻓﺈﻣﺎ ﺑﺎﻳﻌﻨﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺮﺿﻰ، ﻭﺇﻣﺎ ﻧﺨﺎﻟﻔﻬﻢ، فيكون ﻓﺴﺎﺩ، ﻓﻤﻦ ﺑﺎﻳﻊ ﺭﺟﻼ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﻮﺭﺓ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﻼ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﻫﻮ ﻭﻻ اﻟﺬﻱ ﺑﺎﻳﻌﻪ، ﺗﻐﺮﺓ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻼ﴾،.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (6830) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﺑﻪ. ✅،.
__________
ــــــــــــ ملاحظة مهمة،. *((الرجم دينٌ وحقٌ، وحكمهُ صحيح كما هو معلوم،. وقد رجم رسُول اللّٰه ﷺ،. ووصلتنا أخبار الرجم بأحاديث صحيحة لا مرية فيها، فنؤمن بها يقيناً ديناً لازماً، وكلامنا هنا ليس عن حكم الرجم، إنما على القول المنسوب إلى عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ، ((أن الرجم كان آية في الكتاب))،. فنتحقق من هذه النقطة فقط، هل هو فعلاً كان في كتاب الله أم لا؟!،. ولا نناقش مسألة الرجم نفسها، فهي ثابتة بغير هذه الرواية))،.*
قال عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. أن الآية في كتاب الله،. ولكن كلام الله أحق من كلام عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. ولو أقسم عليها بأغلظ الأيمان،. القُــرآن حق، وهو فوق قول عمر،. وعمر صحابيٌ جليل،. لا يُنتقص منه رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ وأرضَاه، وليس لأحدٍ أن ينتقص منه، ومكانته معلومة عند النّبي ﷺ ولو أردنا سرد مناقب عمر لطال بنا المقام،. ولكن رغم هذا كله،. الحق أحق أن يُتَّبع،.. فليس في القُرآن الذي بلغنا آية للرجم، البتة،. وهذه لا يماري فيها إلا جاهل مكابر معاند،. ٱلۡقُرآن ليس فيه آية الرجم،. وقد بلغ النّبي ﷺ بما أوحاه الله كاملاً ولم يكتم ولم ينقص منه شيئاً،.
فهنا يكون الخطأ من عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ إن كان قالها فعلاً،. وهذا قلناه لأن الرجم يقيناً ليس في ٱلۡقُرآن، وكلنا يشهد بذلك،. فلا نستطيع تثبيت قول عمر الذي نتيجته التشكيك في القُــرآن نفسه،. بل يُرَد عليه بأن الآية لا وجود لها في القرآن، ولو قالها صحابي جليل كعمر،. وعمر ليس بمعصوم رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،.. وقوله هذا لم يرفعه للنبي الحجة،. فقوله ليس بحجة،. قال ٱلله،. ﴿((رُسُلًا)) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ ((حُجَّةٌ بَعْدَ الــرُّسُلِ))..﴾ [النساء 165]،. فلا حجة بعد الرسل،. ولا مجاملة في هذا ولا محاباة ((خاصةً حين يُوضَع القرآن في موضع اتهام ونقص))،..
فالزعم هذا لو صُدِّق وثُبّت ورُفع واعتُبر حجة قاطعة،. فهو يفضي بالقول مباشرةً أن القُــرآن الآن ناقص، وفيه آيات قد سقطت منه، فقد حُذفت منه آيات الرجم،. وهذا تشكيك وتهوين لكل آيات القرآن التي تثبت حفظه وبركته [أي ثباته] واستقراره، ونُشكك في صدق القُــرآن، ولن يبقى لنا شيءٌ بعده،. لهذا نتشدد في هذا الموقف ولو خالف حبنا لعمر، فالقضية تمس مصداقية القرآن،. فلن نتردد بالقول أن عمر إن كان فعلاً قالها، أن هذا خطأ منه،. رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ ورحمه وغفر له،.
الرَّسوْل ﷺ بلغ وأدى ونصح، ولم يقصر في البلاغ،. كذلك كل الرسل،. قالَ اْلله في سورة المائدة،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ ((بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُ وَٱللهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ)) إِنَّ ٱللهَ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [المائدة 67]،.
وقال كذلك في نفس السورة [سورة المائدة التي أمر فيها النّبي ﷺ أن يبلغ]،.. قالها في نهاية حياة النّبي ﷺ،. ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ [المائدة 3]،.
فهذه شهادة من الله أن الرَّسوْل ﷺ بلّغ ما أمره الله به،.
وقالت عائشة أُمّ المُؤْمنِين،. «ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻛﺎﺗﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ، ﻣﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻟﻜﺘﻢ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ،. {ﻭﺇﺫ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻠﺬﻱ ﺃﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺃﻧﻌﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻣﺴﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﺯﻭﺟﻚ ﻭاﺗﻖ اﻟﻠﻪ ﻭﺗﺨﻔﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﺎ اﻟﻠﻪ ﻣﺒﺪﻳﻪ ﻭﺗﺨﺸﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ﺗﺨﺸﺎﻩ}»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
وقالت كذلك،. *﴿((ﻭﻣﻦ ﺯﻋﻢ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻛﺘﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺪ ﺃﻋﻈﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ اﻟﻔﺮﻳﺔ))* ،..﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.
فالرسول ﷺ بلّغ الدين كله، وأدى ونصح،. ولم يقصّر في شيء من الدين،. ولم يوصي بشيء إلا بكتاب الله،.
ــــ في حديث الحج،. [حديث مطول، سأستقطع منه الشاهد]،.
قام الرَّسوْل ﷺ يخطب فقال،. ﴿.... وقد ((تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله))، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ *((قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات))*....﴾
أخرجه مالك، والحميدي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي، والنسائي، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والبيهقي. ✅،.
فالنبي ﷺ بلغ ٱلۡقُرآن كله، وتركه كاملاً كما أراد الله،. ووصى بالتمسك به،. وهذا الذي تركه هو الذي بين الدفتين،.
ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﺭﻓﻴﻊ، ﻗﺎﻝ: ﺩﺧﻠﺖ ﺃﻧﺎ ﻭﺷﺪاﺩ ﺑﻦ ﻣﻌﻘﻞ، ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: «ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻠﻮﺣﻴﻦ». ﻭﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ (اللفظ لأحمد) .
ـ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ (البخاري) : «ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﺭﻓﻴﻊ، ﻗﺎﻝ: ﺩﺧﻠﺖ ﺃﻧﺎ ﻭﺷﺪاﺩ ﺑﻦ ﻣﻌﻘﻞ، ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺷﺪاﺩ ﺑﻦ ﻣﻌﻘﻞ: ﺃﺗﺮﻙ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻣﻦ ﺷﻲء؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻓﺘﻴﻦ». ﻗﺎﻝ: ﻭﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ اﻟﺤﻨﻔﻴﺔ، ﻓﺴﺄﻟﻨﺎﻩ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺪﻓﺘﻴﻦ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ. ✅،.
فقد ذهب النّبي ﷺ،. ((وترك خلفه)) كتابا ليس فيه آية الرجم مطلقاً،.
ــــــــ فيكون السؤال الآن،. لماذا قالها عمر؟!،. والسند إليه صحيح!!،.
الجواب على هذا فيه عدة وجوه، والله أعلم بالحق واليقين فيهن،. نستعرضها كلها،. ولا نقطع ولا نجزم إلا بأن هذا القول خطأ،. سواءٌ قاله عمر أو قاله غيره، وأن ٱلۡقُرآن حقٌ لا نقصان فيه،.
ــ (1) إما أن يكون تصحيفاً أو من كلام أحد الرواة، قالها أحدهم بما فهمه هو من نفسه [فمعلومٌ أن روايات الحديث تُنقَل بالمعنى والمفهوم، وهي ليست كٱلۡقُرآن يُتلقى تلقيناً وباللفظ الدقيق وقد بينا هذا آنفاً بالبراهين في مقال منفصل]،. فيكون الكلام ليس من عمر نفسه، إنما من أحد الرواة، قالها بفهمه [وهو مخطئ] فألصق القول في فم عمر، وهو بريء من هذا القول،.
ــ (2) قد يكون عمر قال (كتبه الله)،. ولم يقل (في كتاب الله)،. ولكن الرواة اختلط عليهم، وجل من لا يسهو ولا ينسى،.
ــ (3) وقد يكون قال كلمة قريبة منها يعني بها أن الله أمرنا بهذا،. ففهمها البعض أنه يقصد أنها مكتوبة في ٱلۡقُرآن،. فقال،. (في كتاب الله)،. فمثله مثل حديث بئر معونة الآنف [وقد تبين أنه خطأ من الرواة وأنها لم تكن آيات في الحقيقة]،.
ــ (4) قد يكون اعتمد على أحاديث النّبي ﷺ في الرجم، وليس على آيات،. ولكنه قال بالخطأ : كانت في كتاب الله،. ويحتمل أن يكون عمر ظن فعلاً أنها من كتاب الله، ولم يعلم وقتها أنها من فم النّبي ﷺ وليست قرآناً، فهي من قول النّبي ﷺ، ومن فعل النّبي ﷺ، وليست من كتاب الله،. ولهذه قرائن وشواهد كثيرة، حصلت في عدة مواقف من الصحابة،. (ذكرنا بعضها آنفاً)،.
ــ (5) وإما أن يكون قال ما معناه، أن النّبي ﷺ عمل بما أمره الله وكتبه عليه، كما كتب عليه تبيان تفصيل عِدة الطلاق، وقد فصله النّبي ﷺ [وهو ليس في القُرآن]،. وهكذا الرجم، كتبه الله علينا ولم يورده في القرآن لحكمة أرادها الله، ولكن النّبي ﷺ رجم وأمر بالرجم في أحاديث صحيحة [وهي لا تعارض القُرآن بشيء إلا عند منكري الحديث]،. فعرفنا أن الرجم دينٌ وحقٌ،. فلا نحتاج ((كتثبيتٍ زائد)) أن ننسبها للۡقُرآن زوراً،. ثم ندعي أنها أُزيلَت أو مُسحَت،. وسنأتي على قول النُساخ في آية الفاحشة، حين قالوا أنها منسوخة بحديث [تالفٍ هالك ❌] وسنفصل فيها مسهباً بإذن اللّٰه، كلٌ في بابه إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
فكل تلك إحتمالات قائمة، نضعها للناس، قد تكون الإجابة في إحداها أو لأكثر من سبب،. وقد يكون لسبب آخر عزب عنا، فالله أعلم بالسبب الحقيقي [فكل ما لدينا ظنون]،. ولكن اليقين أن آية الرجم ليست في ٱلۡقُرآن،. ونقطة،.
ــــــ خلاصة الأمر، نقول *((إنما كان الرجم موجوداً وقد رجم رسُول اللّٰه ﷺ،. ووصَلنا ذلك بأحاديث صحيحة،.))* ولا نختلف في هذه،. إنما الاختلاف في كونها آية من ٱلۡقُرآن ثم أزيلت منه والنبي ﷺ قد مات،. والذي أجزم به شخصياً، أن عمر لم يقل هذا القول البتة،. فهذا القول لا يمكن أن يصدر من مثل عمر أبداً،. وذلك لعدة أسباب،.
1 ــ عمر كان شخصية استثنائية،. ليس كبقية الصحابة رَضِي الله عَنهم جميعاً،. عمر كانت تهابه الجن،. فقد ثبت عن النّبي ﷺ، أنه قال عنه حالفاً بالله،. أن الشيطان يتجنب الطريق الذي يسلكه عمر،.
ــ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﻗﺎﻝ:
«اﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﻧﺴﺎء ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﻳﻜﻠﻤﻨﻪ ﻭﻳﺴﺘﻜﺜﺮﻧﻪ، ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺃﺻﻮاﺗﻬﻦ، ﻓﻠﻤﺎ اﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻤﺮ، ﻗﻤﻦ ﻳﺒﺘﺪﺭﻥ اﻟﺤﺠﺎﺏ، ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻀﺤﻚ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﺃﺿﺤﻚ اﻟﻠﻪ ﺳﻨﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻋﺠﺒﺖ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻻﺋﻲ ﻛﻦ ﻋﻨﺪﻱ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻌﻦ ﺻﻮﺗﻚ، اﺑﺘﺪﺭﻥ اﻟﺤﺠﺎﺏ، ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ: ﻓﺄﻧﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﻖ ﺃﻥ ﻳﻬﺒﻦ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﻱ ﻋﺪﻭاﺕ ﺃﻧﻔﺴﻬﻦ، ﺃﺗﻬﺒﻨﻨﻲ، ﻭﻻ ﺗﻬﺒﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ؟ ﻗﻠﻦ: ﻧﻌﻢ، ﺃﻧﺖ ﺃﻓﻆ ﻭﺃﻏﻠﻆ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: *((ﻭاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ، ﻣﺎ ﻟﻘﻴﻚ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﻂ ﺳﺎﻟﻜﺎ ﻓﺠﺎ، ﺇﻻ ﺳﻠﻚ ﻓﺠﺎ ﻏﻴﺮ ﻓﺠﻚ))»*
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3294) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ ﺃﺧﺒﺮﻩ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ:
«ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﻢ ﻣﺤﺪﺛﻮﻥ، ﻭﺇﻧﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻣﺘﻲ ﻫﺬﻩ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3469) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺳﻬﻞ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺃﺑﺎ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ، ﺭﺃﻳﺖ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﻋﻠﻲ، ﻭﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﻤﺺ، ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻎ اﻟﺜﺪﻱ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﺮ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻗﻤﻴﺺ ﻳﺠﺮﻩ، ﻗﺎﻟﻮا: ﻣﺎ ﺃﻭﻟﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: اﻟﺪﻳﻦ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (7008) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺳﻬﻞ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ، ﺃﺗﻴﺖ ﺑﻘﺪﺡ ﻟﺒﻦ، ﻓﺸﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻲ ﻷﺭﻯ اﻟﺮﻱ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﻃﺮاﻓﻲ، ﻓﺄﻋﻄﻴﺖ ﻓﻀﻠﻲ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ: ﻓﻤﺎ ﺃﻭﻟﺖ ﺫﻟﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ اﻟﻌﻠﻢ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (7007) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﺳﻤﻊ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ: «ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ، ﺭﺃﻳﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻴﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﻟﻮ، ﻓﻨﺰﻋﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﺃﺧﺬﻫﺎ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﺤﺎﻓﺔ، ﻓﻨﺰﻉ ﺑﻬﺎ ﺫﻧﻮﺑﺎ، ﺃﻭ ﺫﻧﻮﺑﻴﻦ، ﻭﻓﻲ ﻧﺰﻋﻪ ﺿﻌﻒ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ ﺿﻌﻔﻪ، ﺛﻢ اﺳﺘﺤﺎﻟﺖ ﻏﺮﺑﺎ، ﻓﺄﺧﺬﻫﺎ اﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﻠﻢ ﺃﺭ ﻋﺒﻘﺮﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﺰﻉ ﻧﺰﻉ ﻋﻤﺮ، ﺣﺘﻰ ﺿﺮﺏ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﻄﻦ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3664) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪاﻥ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﻳﻮﻧﺲ، ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ اﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ اﻷﺣﻤﺴﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ:
«ﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﺃﻋﺰﺓ ﻣﻨﺬ ﺃﺳﻠﻢ ﻋﻤﺮ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3684) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺜﻨﻰ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ، ﻋﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻗﻴﺲ، ﺑﻪ. ✅،.
كل هذه المناقب لعمر، عمر المهدي، العزيز، القوي، العالم، صاحب الدين،. الذي تهابه الشياطين، يقول مثل هذا ولا ينسبه للنّبي ﷺ؟!،. وهو الذي كاد يجلد ظهر أبي موسى الأشعري حين أخبره حديثاً عن النّبي ﷺ فطلب من يشهد له،.
ــ ﻋﻦ ﺑﺴﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ، ﻗﺎﻝ:
«ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻠﻖ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﺠﺎءﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﻛﺄﻧﻪ ﻣﺬﻋﻮﺭ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻋﻤﺮ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺃﻥ ﺁﺗﻴﻪ ﻓﺄﺗﻴﺘﻪ، ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻧﺖ ﺛﻼﺛﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻲ، ﻓﺮﺟﻌﺖ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻣﻦ اﺳﺘﺄﺫﻥ ﺛﻼﺛﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻪ ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﺘﺠﻴﺌﻦ ﺑﺒﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻝ ﻭﺇﻻ ﺃﻭﺟﻌﺘﻚ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ: ﻓﺄﺗﺎﻧﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﺬﻋﻮﺭا، ﺃﻭ ﻗﺎﻝ ﻓﺰﻋﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺳﺘﺸﻬﺪﻛﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻲ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ: ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻌﻚ ﺇﻻ ﺃﺻﻐﺮ اﻟﻘﻮﻡ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ: ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺻﻐﺮﻫﻢ، ﻓﻘﻤﺖ ﻣﻌﻪ، ﻭﺷﻬﺪﺕ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ اﺳﺘﺄﺫﻥ ﺛﻼﺛﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﺆﺫﻥ ﻟﻪ ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻷﺣﻤﺪ (11186) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﺼﻴﻔﺔ, ﻋﻦ ﺑﺴﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﺑﻪ. ✅،.
عمر يطلب البينة على حديث الاستئذان، ثم يقول هو عن ٱلۡقُـرآن بلا بينة؟!،. وهو صاحب العلم والدين كما شهد له النّبي ﷺ؟!،. هذا مستبعد جداً جداً، فالرواية (بهذا الشكل الذي وصلنا) هي من تصرف الرواة، جعلوها على لسان عمر، وليست من عمر نفسه،.
- والذي يشهد بأنه تصرفٌ من أحد الرواة [هو الزهري تحديداً]،. ﺭﻭاية [الحميدي 25] لنفس الحديث كذلك،. قال فيه عن عمر،. «ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺚ ﻣﺤﻤﺪا ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﺮﺟﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﺭﺟﻤﻨﺎ ﺑﻌﺪﻩ» *((ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ بن عيينة: ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ ﺑﻄﻮﻟﻪ، ﻓﺤﻔﻈﺖ ﻣﻨﻪ ﺃﺷﻴﺎء، ﻭﻫﺬا ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﺃﺣﻔﻆ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻮﻣﺌﺬ))* ⚠️،. وأخرج البخاري هذا الطريق برقم [3445]، حدثنا الحميدي عن سفيان بن عيينة عن الزهري به،. ✅،.
فهذه قرينة قوية،. تشهد بأن الزهري تصرف فيها وأدخل فيها ما ليس منها،.
ومن الشواهد كذلك اختلاف متون الرواية،. ففي رواية [النسائي 7113]،. قال،. (ﻭﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ، ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺯاﺩ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﻟﻜﺘﺒﺘﻪ ﺑﺨﻄﻲ ﺣﺘﻰ ﺃﻟﺤﻘﻪ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ)،. وفي رواية [أحمد 352]،. قال،. (ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮا: ﺃﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ، ﻷﺛﺒﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﺰلت)،. وهذا يظهر أن عمر كان يخشى الناس،. ولأجل ذلك امتنع من كتابتها!! وهذه عجيبة، حيث أن عمر تخشاه الشياطين، ثم هو يخشى الناس؟!،.
زد على ذلك،. أنها لو كانت آية فعلاً من ٱلۡقُرآن، فهل يستطيع أي إنسان بعد النّبي ﷺ، أن يختار وضعها أو محوها من ٱلۡقُرآن؟!،. فالرواية توحي بأن عمر اختار عدم كتابتها،. ولكن أمر ٱلۡقُرآن لا يعود لاختيارات الناس،. فإن كانت فعلاً آية، لوجب على أبوبكر وعمر وضعها في ٱلۡقُرآن، لا أن يقال : لولا الناس لوضعتها بخط يدي!!،.
قال ٱلله،. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنࣲ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللهُ وَرَسُولُهُ أَمۡرًا أَن یَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِیَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ...﴾ [الأحزاب 36]،. وهذا ينافي القول المنسوب لعمر،. وعمر أساساً، كان وقافاً عند كتاب الله،.
فكل هذه الشواهد تدل بمالا يترك مجالاً للشك، أن الكلام منسوب لعمر، وأنه تصرّف من الرواة،. وعمر بريء منه تماماً،.
ــــــــــــــ الرد على شبهة (كيفية تنصيف الرجم)!،.
قال ٱلله،. ﴿وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَاتِ ٱلۡمُؤۡمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَانُكُم مِّن فَتَیَاتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَاتِ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَانِكُم بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲ، فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَاتٍ غَیۡرَ مُسَافِحَاتࣲ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخۡدَانࣲ فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَاحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَاتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَٱللهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [النساء 25]،.
تقول الشبهة،. لو كان رجم المحصن حقاً،. فكيف يمكن تنصيف الرجم للفتاة الجارية؟!،. ألم يقل الله عنهن،. ﴿فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَاحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَاتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ﴾؟!،.
❊ الرد : الآية تكلمت عن عذاب المحصنات،. والعذاب ليس الرجم بلا شك،. بل العذاب هو ما دون الموت (بالرجم)،. فالآية لا تتكلم عن الرجم مطلقاً،.
الآية فيها لفظة،. ﴿ٱلۡمُحۡصَنَاتِ﴾ مرتان،. مرة في أولها، ومرة في آخرها،. أصحاب الشبهة جعلوا للأولى معنىً يختلف عن الأخرى بغير وجه حق، وبغير أي شاهد [قالوا بأن الأولى تعني غير المتزوجة، والأخرى تعني المتزوجة!!]،. ولو سألتهم لماذا؟!،. سيقولون ها؟!،. مفيش لمازا، هي هيك، المخرج عاوز كده، وإحنا عاوزينها كده!!،.
قلت: هذا جورٌ،. فلو كانت نفس الكلمة ولكن في سورة مختلفة، لحُقّ لنا بأن نقول أنهما نفس المعنى ابتداءً،. [حتى نجد صارفاً بالدليل]،. فكيف وهي من ذات السورة، بل من ذات الآية نفسها؟!،. بلا شك، كلا الكلمتين تحملان ذات المعنى،.
لفظة المحصنة [التي في نهاية الآية]،. هي نفسها المحصنة [التي في بداية الآية]،. وحتى نحدد معناها،. يكفي أن نعلم أن هذه المحصنة ليست المتزوجة (لأنها إن كانت المحصنة هي المتزوجة، فكيف يرخّص الله بنكاحها؟!)،.
بالتالي،. كلمة (المحصنة)،. هي التي يمكنك نكاحها [في بداية الآية وفي نهايتها]،. المحصنة هي الحرة العفيفة التي (لم تُنَكح بعد، وتستطيع نكاحها)،.
هذه البنت المحصنة، لو أتت بفاحشة، فعقابها هو 100 جلدة، كما أمر اللّٰه [في سورة النور، لأنها ليست متزوجة]،. ولكن الفتيات [أي الجواري والإماء]،. إن أتين بفاحشة بعد نكاحهن،. فعقابهن هو نصف عقاب هذه المحصنة [التي كانت في بداية الآية]،. أي أن عقابها نصف الــ 100 جلدة،. وهي 50 جلدة فقط،. وهكذا، يتنصّف العذاب،.
ــــــــــــــ إشكالية زمان نزول سورة النور،.
وردت رواية عن عبدالله بن أبي أوفى رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. استشكلت على الناس، وصارت دليلاً خصباً لمن أراد أن يرد حكم الرجم،. فنفصل فيها،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻭﻓﻰ:
«ﻫﻞ ﺭﺟﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ»
ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺃﻧﺰﻟﺖ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻨﻮﺭ، ﺃﻡ ﻗﺒﻠﻬﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ ﺃﺩﺭﻱ.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 5/123(4463) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺠﺤﺪﺭﻱ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ (ﺣ) ﻭﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻣﺴﻬﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ، ﺑﻪ. ✅،.
ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻫﺬا اﻟﺴﺆاﻝ ﺃﻥ اﻟﺮﺟﻢ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﻗﺒﻞ ﻧﺰﻭﻝ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻨﻮﺭ، ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻰ ﻧﺴﺨﻪ ﻷﻥ اﻟﻮاﺭﺩ ﻓﻲ السورة ﺃﻥ ﺣﺪ اﻟﺰاﻧﻲ هو اﻟﺠﻠﺪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺟﻢ ﻭﻗﻊ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺦ اﻟﺠﻠﺪ، ﻭﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﻡ ﺑﻞ ﻳﺆﺧﺮ، ﻓﺎﻟﺮﺟﻢ ﺧﺼﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺜﻴﺐ اﻟﺰاﻧﻲ، ﻭاﻟﺠﻠﺪ ﺧﺎﺹ ﺑﺎﻟﺒﻜﺮ اﻟﺰاﻧﻲ، ﻓﻼ ﻗﺒﻞ ﻭﻻ ﺑﻌﺪ ﻭﻻ ﻧﺴﺦ. ولا يهمنا معرفة وقتها أبداً!،. لماذا؟!،.
لأن هذا العمل [معرفة المتقدم من المتأخر] يخص النُساخ فقط، فهم يستخدمونه في وجود التعارض،. ولكن إن تبين أنه لا يوجد تعارض بين حكم الرجم والجلد،. فلا حاجة لمعرفة المتقدم والمتأخر ولا حاجة أساساً للشطب والإلغاء،.
إنما رجم الثيب تخصيصٌ لعام،. وليس فيه إلغاءٌ لحكم الجلد، ليُقال بأن هذه نسخت تلك،. ولو رجم النّبي ﷺ بعد نزول سورة النور،. فهو تخصيصٌ لحد الزنا [الجلد] المذكور في ٱلۡقُرآن،. فالرجم تخصيص للثيب،. وهو في الثيب فقط دون البكر، وهكذا بلغنا عن النّبي ﷺ،. بلا ناسخ ولا منسوخ،. والعمل على آية الجلد باقِ لم يُرفع ليُقال بأنها منسوخة،.
ــــــ أما لو رجم النّبي ﷺ قبل نزول سورة النور،.
فهذا لأن اللّٰه أوحى إليه [رجم المحصن] دون القُرآن، ومثلها كمثل الأحاديث الثابتة عنه،. وأوحى إليه [جلد البكر] قرآنا،. وهذه الأحاديث الصحيحة، تبين حكم الرجم للزاني الثيب،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻟﻬﺬﻟﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻭﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ، ﺃﻧﻬﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮاﻩ؛
«ﺃﻥ ﺭﺟﻠﻴﻦ اﺧﺘﺼﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: اﻗﺾ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﻭﻗﺎﻝ اﻵﺧﺮ، ﻭﻫﻮ ﺃﻓﻘﻬﻬﻤﺎ: ﺃﺟﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻗﺾ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺫﻥ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺗﻜﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺗﻜﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ اﺑﻨﻲ ﻛﺎﻥ ﻋﺴﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا، (ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﻭاﻟﻌﺴﻴﻒ: اﻷﺟﻴﺮ)، ﻓﺰﻧﻰ ﺑﺎﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻭﻧﻲ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ اﺑﻨﻲ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﺎﻓﺘﺪﻳﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﻤﺌﺔ ﺷﺎﺓ، ﻭﺑﺠﺎﺭﻳﺔ ﻟﻲ، ﺛﻢ ﺇﻧﻲ ﺳﺄﻟﺖ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻭﻧﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﺑﻨﻲ ﺟﻠﺪ ﻣﺌﺔ، ﻭﺗﻐﺮﻳﺐ ﻋﺎﻡ، ﻭﺇﻧﻤﺎ اﻟﺮﺟﻢ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﺃﻣﺎ ﻭاﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪﻩ، ﻷﻗﻀﻴﻦ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ، ﺃﻣﺎ ﻏﻨﻤﻚ ﻭﺟﺎﺭﻳﺘﻚ، ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻚ، ﻭﺟﻠﺪ اﺑﻨﻪ ﻣﺌﺔ، ﻭﻏﺮﺑﻪ ﻋﺎﻣﺎ، ﻭﺃﻣﺮ ﺃﻧﻴﺴﺎ اﻷﺳﻠﻤﻲ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ اﻣﺮﺃﺓ اﻵﺧﺮ، ﻓﺈﻥ اﻋﺘﺮﻓﺖ، ﻓﺎﺭﺟﻤﻬﺎ، ﻓﺎﻋﺘﺮﻓﺖ، ﻓﺮﺟﻤﻬﺎ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (6842 ﻭ6843) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺎﻟﻚ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ؛
«ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﺃﺗﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﺤﺪﺛﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺯﻧﻰ، ﻓﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﺷﻬﺎﺩاﺕ، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﺮﺟﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﺣﺼﻦ» اللفظ للبخاري (1) .
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ النسائي (2) : «ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﺃﺗﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻨﺎﺩاﻩ، ﻓﺤﺪﺛﻪ ﺃﻧﻪ ﺯﻧﻰ، ﻓﺄﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﺘﻨﺤﻰ ﺑﺸﻘﻪ اﻟﺬﻱ ﺃﻋﺮﺽ ﻗﺒﻠﻪ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﺯﻧﻰ، ﻓﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮاﺕ، ﻓﺪﻋﺎﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻞ ﺑﻚ ﺟﻨﻮﻥ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻬﻞ ﺃﺣﺼﻨﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﺃﻥ ﻳﺮﺟﻢ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﻰ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺫﻟﻘﺘﻪ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺟﻤﺰ ﺣﺘﻰ ﺃﺩﺭﻙ ﺑﺎﻟﺤﺮﺓ، ﻓﻘﺘﻞ ﺑﻬﺎ ﺭﺟﻤﺎ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.
(1) اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (6814) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻘﺎﺗﻞ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻳﻮﻧﺲ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺑﻪ.
(2) اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ «اﻟﻜﺒﺮﻯ» (7336) ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺴﺮﺡ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻭﻫﺐ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻳﻮﻧﺲ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:
«ﺃﺗﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﻨﺎﺩاﻩ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻲ ﺯﻧﻴﺖ، ﻓﺄﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ، ﻓﺘﻨﺤﻰ ﺗﻠﻘﺎء ﻭﺟﻬﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻲ ﺯﻧﻴﺖ، ﻓﺄﻋﺮﺽ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺛﻨﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮاﺕ، ﻓﻠﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺭﺑﻊ ﻣﺮاﺕ، ﺩﻋﺎﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺑﻚ ﺟﻨﻮﻥ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻬﻞ ﺃﺣﺼﻨﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: اﺫﻫﺒﻮا ﺑﻪ ﻓﺎﺭﺟﻤﻮﻩ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻷﺣﻤﺪ (9980) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﺠﺎﺝ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻟﻴﺚ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻋﻘﻴﻞ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎﺏ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻬﻠﺐ؛ ﻋﻦ ﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ ﺣﺼﻴﻦ؛
«ﺃﻥ اﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﺟﻬﻴﻨﺔ ﺃﺗﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻭﻫﻲ ﺣﺒﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﺰﻧﺎ، ﻓﺄﻣﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﻟﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻓﺈﺫا ﻭﺿﻌﺖ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻓﺄﺗﻨﻲ ﺑﻬﺎ، ﻓﻔﻌﻞ، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﺸﻜﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﺮﺟﻤﺖ، ﺛﻢ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﻤﺮ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻗﺪ ﺯﻧﺖ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻘﺪ ﺗﺎﺑﺖ ﺗﻮﺑﺔ ﻟﻮ ﻗﺴﻤﺖ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻟﻮﺳﻌﺘﻬﻢ، ﻭﻫﻞ ﻭﺟﺪﺕ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﻪ؟»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﻄﻴﺎﻟﺴﻲ (888) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻫﺸﺎﻡ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻗﻼﺑﺔ ﺣﺪﺛﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻬﻠﺐ، ﺑﻪ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻣﺴﺮﻭﻕ ﺑﻦ اﻷﺟﺪﻉ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ:
«ﻻ ﻳﺤﻞ ﺩﻡ اﻣﺮﺉ ﻣﺴﻠﻢ، ﺇﻻ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺛﻼﺙ: اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، ﻭاﻟﺜﻴﺐ اﻟﺰاﻧﻲ، ﻭاﻟﺘﺎﺭﻙ ﺩﻳﻨﻪ، اﻟﻤﻔﺎﺭﻕ، ﺃﻭ اﻟﻔﺎﺭﻕ، اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻷﺣﻤﺪ (4515) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺷﻌﺒﺔ، ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ ﻳﺤﺪﺙ، ﻋﻦ ﻣﺴﺮﻭﻕ، ﺑﻪ. ✅،.
فعلى افتراض أنه رجم قبل نزول السورة، فيكون النّبي ﷺ قد رجم ابتداءً بأمر من الله [وحياً ليس في القُــرآن، كالأحاديث الصحيحة السابقة]،. ولما نزلت سورة النور بعد ذلك، وبين الله فيها حد الزنا عموماً دون تخصيص الثيب، ((ولم يغير، ولم يعارض الرجم أساساً))،. فبقي النّبي ﷺ على ذلك حتى بعد نزول سورة النور،. فيكون قد رجم النّبي ﷺ قبلها وبعدها،. ويكون الرجم تشريعٌ حقٌ من عند الله، وليس باجتهاد من النّبي ﷺ، وليس فيها تبعيةٌ للتوراة، ولو لم يجعلها اللّٰه في القرآن،. إنما أوحاها للنّبي ﷺ ففعلها النّبي ﷺ،.
وإن قيل بأن النّبي ﷺ كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر بشيء [قبل سورة النور]،. فصحيحٌ كذلك، ولا إشكال في ذلك،. وهذا الحديث مما يدل عليه،.
ــ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ؛
«ﺃﻥ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﺟﺎﺅﻭا ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﺬﻛﺮﻭا ﻟﻪ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﻭاﻣﺮﺃﺓ ﺯﻧﻴﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻣﺎ ﺗﺠﺪﻭﻥ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺭاﺓ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ اﻟﺮﺟﻢ؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻧﻔﻀﺤﻬﻢ ﻭﻳﺠﻠﺪﻭﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ: ﻛﺬﺑﺘﻢ، ﺇﻥ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﺄﺗﻮا ﺑﺎﻟﺘﻮﺭاﺓ ﻓﻨﺸﺮﻭﻫﺎ، ﻓﻮﺿﻊ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﻘﺮﺃ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻼﻡ: اﺭﻓﻊ ﻳﺪﻙ، ﻓﺮﻓﻊ ﻳﺪﻩ، ﻓﺈﺫا ﻓﻴﻬﺎ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﺻﺪﻕ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻓﻴﻬﺎ ﺁﻳﺔ اﻟﺮﺟﻢ، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﺮﺟﻤﺎ». ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ: ﻓﺮﺃﻳﺖ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺠﻨﺄ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻳﻘﻴﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3635) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﺑﻪ. ✅،.
فهو [النّبي ﷺ] قد وجد هذا الحكم عند أهل الكتاب فحكم به،. واستمر عليه حتى نزلت سورة النور،. فلم يغير الله من الحكم شيئاً، إنما تكلم فيها عن حد الزنا عموماً، وأبقى الله عمل النّبي ﷺ [الرجم] كما هو، ولم يصوّب له كما صوّب له الأعمال التي كان قد أخذها من أهل الكتاب (وكانت مخالفة لما شرعه الله)،. فطالما لم يصوب له ويوجهه للعمل الصحيح،. فهي مما رضيه له وهي شرعٌ ودين، وإن كانت من التوراة، فهي ليست مما تحرف من التوراة،. ثم ثبتها له بوحيه،. ولو كان رجم النّبي ﷺ اجتهاد منه، والله لم يرضاه،. [لصوّب الله له كما صوّب له في مواضع كثيرة من الكتاب، كالتوجه لبيت المقدس وتحريم العسل والعبوس والإذن للمنافقين وغيرها]،. ولكن طالما لم نجد أي تصويبٍ من الله للنّبي ﷺ،. فبهذا نعلم أن فعل النّبي ﷺ حجة على الأمة، قد فعله بوحيٍ من الله، ولا يُشترط أن يكون في القُــرآن،. مثله مثل باقي التشريعات والتفاصيل،. كالأذان ومواقيت الصلاة وعدد الركعات وتفاصيلها والعيدين والحج وغسل الميت، وكل حديث صحيح ليس في ٱلۡقُرآن،. وكله بوحي من الله،.
فلا نقول بالناسخ والمنسوخ في كلا الحالتين،. لأن الرجم لم يلغ حد الزنا [الجلد]،. وسيأتي تفصيل ذلك بشكل أوسع أثناء الكلام عن آية القبلة وآية الفاحشة إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
ــــــ وما عدا ذلك من المرويات، فــضعيفة السند كلها وليست بحجة،. وسنذكر كل رواية وردت فيها لفظة "النسخ" ونحقق فيها بموازين أهل العلم الأوائل تشديداً وتزمتاً كيلا نعرض ٱلۡقُرآن للشك،. وسنركز على أشهر الأحاديث التي تُروى في النسخ،. [كحديث عمر الذي فيه متن آية الرجم، "الشيخ والشيخة إذا زنيا"،. وفيه أن سورة الأحزاب كانت كالبقرة، وحديث عائشة عن الرضعات المنسوخات التي أكلتها الداجن]،. وغيرها من الأحاديث،. والتفصيل في الجزء التالي إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
نهاية الجزء السابع،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بڪيبــورد، محسن الغــيثي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق