جريمة الناسخ والمنسوخ،. [10] ⚠️ الشريعة واحدة،.
محاور هذا الجزء،.
ــ هل النسخ كان بين الشرائع؟!،.
ــ إبطال قاعدة شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا،.
ــ تشابه قولهم مع قول الكفار [أساطير الأولين]،.
ــ إثبات أن الشريعة واحدة، والأعمال نفسها،.
ــ الكتاب مصدقٌ للتوراة،.
ــ النبي ﷺ مصدق للأنبياء،.
ــ معنى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً،.
ــ دين الأنبياء واحد،.
ــ ما هي اليهودية والنصرانية؟!،.
معظم من أنكر النسخ في ٱلۡقُرآن،. فسر آية النسخ [التي في البقرة] أنها النسخ بين الشرائع،. فقال بأن شريعة محمد ﷺ نسخت شريعة عيسى عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،. وشريعة عيسى كانت ناسخة لشريعة موسى وهلم جراً،. وهذا الأمر خطأ لسببين،. الأول أن كلمة النسخ لا تعني الحذف والإلغاء والتبديل كما فهموها، وقد بينا هذا فيما سبق،. والثاني هو أن شريعة الأنبياء واحدة في الحقيقة ولم تتغير، بل هي نفسها تماماً في كل تفاصيلها،.
الذين جعلوا النسخ بين الشرائع، تأثروا ببعض الشبهات،. وبالقاعدة التي بثها الأصوليون بأن "[[شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا]]"،. وسار عليها معظم الناس ظنا منهم أنها حق،. وهذه القاعدة هي التي سنتكلم عنها إِنْ شٰاْءَ اللّٰه في هذا الجزء لنثبت فسادها ببراهين الكتاب والسنة،.
الذين أنشؤوا هذه القاعدة المحدثة، انطلقوا من شبهات متفرقة دفعتهم للقول بأنه لابد أن شريعتهم مختلفة عن شريعتنا،. وبهذا منعوا الاستدلال بأي آية في القرآن تخص الأمم السابقة بدعوى أنها تخصهم ولا تخصنا، ثم وجدوا أن النّبي ﷺ يحتج ببعض تلك الآيات، فاستحدثوا قاعدة أخرى لإحداث موازنة بين النقيضين، وهي [العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب]،. ولكنهم رغم التناقض الواضح بين قواعدهم،. ألا أنهم يعملون بالقاعدتين اتباعاً لقاعدة [الإعمال أولى من الإهمال]،. ولا يحكمون بالنسخ بين القواعد، ولكن أدلة القرآن والحديث، فتوضع مباشرةً تحت مقصلة النسخ والاعدام،. متناسين قاعدة [الإعمال أولى من الإهمال]،. فشهوة النسخ أحب إليهم من أي قاعدة فقهية،.
ــ طالما أنهم يقرّون بأن كل ما ورد في الأمم السابقة هي لهم وتخصهم ولا تخصنا نحن،. فيكون السؤال الآن،. "فلماذا ذكرها الله لنا؟!"،.
1 ــ ❒ قصص الأولين،.
جل القُرآن قصص الأمم السابقة، وقصص بني إسرائيل، وكثيرٌ من قصص وأحاديث النّبي ﷺ عن بني إسرائيل!،. فإن لم تكن شريعتهم لنا شِرعة،. فلماذا يذكّرنا بهم ويقص علينا قصصهم؟!،. هل هي لأجل التسلية وتمضية الوقت مثلاً؟!،.
قال اْلله،. ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾ [آل عمران 62 ــ 63]،.
قال اْلله،. ﴿((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا)) فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ((فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [اﻷعراف 175 ــ 178]،.
ومن سورة هود،.. ﴿ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ﴾ [هود 100]،.
قالَ اْلله فيها،. ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ((وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ)) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ((وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)) وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ وَلِلهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود 118 ــ 123]،.
ثم قال بعدها مباشرةً،. ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ ((الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ)) هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ [يوسف 1 ــ 3]،.
قال في آخر سورة يوسف،. ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ ((وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ)) وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [يوسف 111]،.
فإن كانت شرعة الأولين لا تخصنا،. فما الداعي لذكرها؟!،. ذكرها الله لنا لنتعظ بها نحن،. ولنعتبر نحن بها،. لأجل هذا ذكر الله قصص الأولين، ففي سورة الحاقة،.. تكلم اللّٰه عن فرعون ومن قبله وأمثاله، والمؤتفكات، ثم عن قوم نوح،. ثم قال،. ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ/قِبَلَه وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ لِـ((ـنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ))﴾ [الحاقة 9 ــ 12]،.
فالله يقول عن قصصهم أنها لنا تذكرة،.. ثم نقول شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا!؟،.
2 ــ ❒ مشابهة أعمال الأمم ببعض،.
إن كانت شريعتهم مختلفة عن شريعتنا،. فلم يشابه الله أخطائنا بما حصل من قبل؟!،. لماذا يذكرها بسنن الله المتكررة في الأولين؟!،.
قال اْلله،. ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ ((كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ)) وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة 108]،.
ــ وقال،. ﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ لَوۡلَا یُكَلِّمُنَا ٱللهُ أَوۡ تَأۡتِینَاۤ ءَایَةࣱ ((كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡ تَشَابَهَتۡ قُلُوبُهُمۡ)) قَدۡ بَیَّنَّا ٱلۡآیَاتِ لِقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾ [البقرة 118]،.
ــ وقال،. ﴿وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ عُزَیۡرٌ ٱبۡنُ ٱللهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَى ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ ٱللهِ ذَلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَاهِهِمۡ ((یُضَاهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَبۡلُ)) قَاتَلَهُمُ ٱللهُ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ﴾ [التوبة 30]،.
3 ــ ❒ السنن،. التي تتكرر في كل الأمم،. فالتاريخ يعيد نفسه كل مرة،.
كان النّبي ﷺ يذكرنا كثيراً بمن كان قبلنا، حتى لا نقع فيما وقعوا فيه،. فإن لم يكن لنا علاقة بهم، لم يذكرنا بمن كانوا قبلنا؟!،.
قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿ﺩﻋﻮﻧﻲ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﺘﻜﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻠﻚ ((ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ)) ﺑﺴﺆاﻟﻬﻢ ﻭاﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻬﻢ، ﻓﺈﺫا ﻧﻬﻴﺘﻜﻢ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻓﺎﺟﺘﻨﺒﻮﻩ، ﻭﺇﺫا ﺃﻣﺮﺗﻜﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻓﺄﺗﻮا ﻣﻨﻪ ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ﴾،.
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،. واللفظ للبخاري (7288) ✅،.
قال ٱلله،. ﴿یُرِیدُ ٱللهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمۡ *((وَیَهۡدِیَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَیَتُوبَ عَلَیۡكُمۡ))* وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ وَٱللهُ یُرِیدُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡكُمۡ وَیُرِیدُ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِیلُوا۟ مَیۡلًا عَظِیمࣰا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَانُ ضَعِیفࣰا﴾ [النساء 26 - 28]،.
وهذه الآية هي بالتحديد مثل قول نبي ٱلله ﷺ عن الذي سيحدث في هذه الأمة بعده،. أننا سنتبع سنن الذي كانوا قبلنا في كل شيء،. وقد قال هذا تحذيراً وتنبيها لنا، حتى لا نقع فيما وقع فيه الأولون،.
ــ قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ((ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ)) ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ، ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺳﻠﻜﻮا ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺴﻠﻜﺘﻤﻮﻩ، ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﻦ؟!﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (3456) ✅،.
قال اْلله،. ﴿سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ ((مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا))﴾ [الفتح 23]،.
السنن، أمورٌ تتكرر في كل زمان، في كل أمة، كل فترة،. أمورٌ ستحصل لزاماً، وليس في يد الإنسان اختيار في تغييرها،. هي كالتي نسميها اليوم [السنن الكونية]،. وليس بيد أحد يغييرها وتبديلها وتحويلها،. أخبرنا الله عنها حتى لا نقع فيها،.
قال نبي اْلله ﷺ ﴿ﻻ ﺗﻘﻮﻡ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺧﺬ ﺃﻣﺘﻲ ((ﺑﺄﺧﺬ اﻟﻘﺮﻭﻥ ﻗﺒﻠﻬﺎ))، ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ، ﻓﻘﻴﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻛﻔﺎﺭﺱ ﻭاﻟﺮﻭﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﺃﻭﻟﺌﻚ﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ (7319) ✅،.
قال نبي ٱلله ﷺ،. ﴿ﺇﻥ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﻠﻮﺓ ﺧﻀﺮﺓ، ﻭﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻣﺴﺘﺨﻠﻔﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻴﻨﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ، ((ﻓﺎﺗﻘﻮا اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭاﺗﻘﻮا اﻟﻨﺴﺎء، ﻓﺈﻥ ﺃﻭﻝ ﻓﺘﻨﺔ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء))﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 8/89 (7048) ✅،.
4 ــ ❒ لماذا يدعونا الله للنظر في عاقبة من كان قبلنا؟!،.
كيف يكون شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا!؟،. وهؤلاء، أليسوا قبلنا؟،. قال اْلله،. ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ((كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ))﴾ [يونس 39]،.
ــ وقال،. ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا ((مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ)) قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس 102]،.
ــ قال اْلله،. ﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا ((فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ)) وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [العنكبوت 18]،.
ــ وقال،. ﴿أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ ((وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)) أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [الدخان 37]،.
ــ وقال،. ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا ((قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ)) أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [يس 31]،.
ــ وقال،. ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ((فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)) دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ [محمد 10]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿قَدۡ ((خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنࣱ فَسِیرُوا۟ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ)) هَذَا بَیَانࣱ لِّلنَّاسِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣱ لِّلۡمُتَّقِینَ﴾ [آل عمران 137 - 138]،.
كل هؤلاء قبلنا،. إن كان شرعهم ودينهم يختلف، فلم يضرب الله بهم المثل؟! ولم يعظنا بهم؟!،. كيف يجعلهم عبرة وهم على شرع مختلف عن شرعنا؟!،.
قد قال اْلله،. ﴿تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ((أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ)) فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ *((وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ))* وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل 63 ــ 64]،.
5 ــ ❒ التأسي بمن كان قبل النّبي ﷺ،.
كيف يكون شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا والله جعل إبراهيم لنا أسوة!؟،. نقلده ونقتدي به ونتبعه وهو يخالف منهجنا وشريعتنا؟!،. قال عن إبراهيم،. ﴿قَدْ كَانَتْ ((لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ))..﴾ [الممتحنة 4]،.
ــ وكررها بعد آيتين،. ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ((لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ))..﴾ [الممتحنة 6]،.
ــ وقال اللّٰه عنه،. ﴿إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَاهِیمَ لَلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱللهُ وَلِيُّ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران 68]،.
فكيف سنتأسى بإبراهيم، وشرعته تختلف عن شرعتنا؟!،.
آخر ذكر لابن مريم في القرآن،.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ((كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا)) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف 14]،. يريدنا الله أن نكون كما كانوا! أثم نقول : شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا؟!،.
قال اْلله،. ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ ((فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ))..﴾ [اﻷنعام 90]،. أمر النّبي ﷺ أن يقتدي بهدى من قبله،. فكيف ونقول شرعهم يختلف؟!،.
أتدري فيم قال اْلله،. ﴿مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا﴾؟!،. قالها فيمن أعرض عما سبق ومن أعرض عن هذا الذكر،. قال اْلله،. ﴿كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ *((مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ))* فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا﴾ [طه 99 ــ 101]،.
القول أن شرع من سبق ليس لنا!،. يعتبر من الإعراض عن هذا القُرآن المليء بأنباء ما قد سبق،. ومن الذين قبلنا،. وهذا هو تحديدا قول الكفار [أساطير الأولين]،.
6 ــ ❒ لا فرق بين (شرع من قبلنا ليس لنا) وبين (هذا أساطير الأولين)،.
الحقيقة،. أن جملة (شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا)،. ما هي إلا تطوير وتبديل لجملة أخرى في القُرآن،. وهي،. ﴿وَقَالُوا ((أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)) اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان 5]،.
ــ قال الله،. ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ((مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي ((أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ)) مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ [اﻷحقاف 17 ــ 18]،.
فالذين يبطلون شرائع الأولين بقاعدة (شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا) وبدعوى أنها نسخت، هم أنفسهم الذين قالوا (مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) لكنهم حرّفوه بعملية تجميل [MakeUp]، وزيّنوه وغيّروا ألفاظه ليكون لبقاً ومستساغاً ومَبلوعاً، وإلا فالنتيجة واحدة،. ألا وهي ((ردّ شريعة الأولين)) بدعوى أن شريعتهم ليست لنا،. ونحن نختلف عنهم،. هذه أساطير مَن قبلنا!،. عجيب،.
ــ قاعدة "شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا"،. تعطل ٱلۡقُرآن!،.
بمجرد إيمانك بهذه القاعدة الفاسدة،. فأنت تعطل شطر ٱلۡقُرآن،. ولن تستطيع أن تستدل منه بشيء،. فجل ٱلۡقُرآن عن بني إسرائيل،. ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [النمل 76]،.
وقد قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ، ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺳﻠﻜﻮا ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺴﻠﻜﺘﻤﻮﻩ، ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﻦ؟!﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،. ✅،.
فكيف سنعرف سنن من قبلنا ونتجنب الوقوع فيما حذرنا النّبي ﷺ منه، إن كانت شريعتهم تختلف عنا، ومنهجهم يختلف عنا؟!،.
فإن آمنت بهذه القاعدة، لا يحق لك أن تستدل بهذه الآيات لأنها كانت عليهم، وليست علينا،. "ولأن شرع ما قبلنا ليس شرعاً لنا!"،. ولا تقل بعدها [العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب]،.
لن تستطيع الاستدلال بــ،. ﴿إِنَّاۤ *((أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَاةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱ))* یَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِیُّونَ ٱلَّذِینَ أَسۡلَمُوا۟ *((لِلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلرَّبَّانِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَابِ ٱللهِ وَكَانُوا۟ عَلَیۡهِ شُهَدَاۤءَ))* فَلَا تَخۡشَوُا۟ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِآیَاتي ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا ((وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡكَافِرُونَ))﴾ [المائدة 44]،. لأنها لليهود وليست لنا،. فلا تستدل بها على شيءٍ، طالما زعمت أن شريعة من قبلنا ليست شرعةً لنا،..
ــ ولا تستدل بــ ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ...﴾ [التوبة 31]،.
ــ ولا بــ ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران 78]،.
ــ ولا بــ ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا...﴾ الآية [المائدة 32]،.
ــ ولا بــ ﴿..يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [آل عمران 23]،.
وهكذا،. فكلّها تصير لهم،. ويكون معظم ٱلۡقُرآن ليس لنا،. بل لهم فقط!،.
ولكن الحقيقة، أننا نجد سنن الأولين تتكرر في زماننا،.
ــ حين قال السلفية نحن الفرقة الناجية،. فقد ضاهئوا قول اليهود قبلهم،. ﴿...نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ...﴾،. وقولهم،. ﴿..لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً..﴾،. وصار علينا الرد بــ ﴿..قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة 80]،.
ــ يقول السلفية دائماً [من سبقك بهذا؟!] نقول له،. قد شابهت قول اليهود،. ﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ *((لَوۡ كَانَ خَیۡرࣰا مَّا سَبَقُونَاۤ إِلَیۡهِ، وَإِذۡ لَمۡ یَهۡتَدُوا۟ بِهِ))* فَسَیَقُولُونَ هَذَاۤ إِفۡكࣱ قَدِیمࣱ﴾ [الأحقاف 11]،.
ــ يقول السلفي (لم تأت بالمصادر والنقولات من كتب العلماء المعتبرين)،. نقول له، قد قلتَ كما قالت اليهود،. ﴿...يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا..﴾ [المائدة 41]،.
هذا ما قاله اللّٰه،. ﴿..كَذَٰلِكَ ((قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ)) قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة 118]،.
والحق في ٱلۡقُرآن،. أنه كما كان يقص على بني إسرائيل فهو كذلك لنا،. ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ *((يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ))* الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ [اﻹسراء 9]،. فكيف نقول شرع من قبلنا من المسلمين ليس شرعاً لنا؟!،. بل كل ما كان لهم فهو لنا،. فما أمرهم اللّٰه به فهو لنا أمرٌ، وما نهاهم فهو لنا نهيٌ،. فالدين واحد،. والشريعة واحدة،. والملة واحدة،. والرب واحد،.
7 ــ ❒ الإيمان بكتب الله،.
من مقتضيات الإيمان، الإيمان بالكتب السابقة،. ولكن، إن كانت تلك الكتب تخالف كتابنا، وأنها ليست لنا،. فلم نؤمن بها؟!،.
قال اْلله،. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ ((وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)) وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ ((وَكُتُبِهِ)) وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء 136]،.
قال اْلله،. ﴿وَلَا تُجَادِلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مِنۡهُمۡ *((وَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا بِٱلَّذِي أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَأُنزِلَ إِلَیۡكُمۡ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَهُكُمۡ وَاحِدࣱ وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ وَكَذَلِكَ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ فَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَاهُمُ ٱلۡكِتَابَ یُؤۡمِنُونَ بِهِ وَمِنۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ مَن یُؤۡمِنُ بِهِ وَمَا یَجۡحَدُ بِـَٔایَاتِنَاۤ إِلَّا ٱلۡكَافِرُونَ))* وَمَا كُنتَ تَتۡلُوا۟ مِن قَبۡلِهِ مِن كِتَابࣲ وَلَا تَخُطُّهُ بِیَمِینِكَ إِذࣰا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ بَلۡ هُوَ ءَایَاتُۢ بَیِّنَاتࣱ فِي صُدُورِ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ *((وَمَا یَجۡحَدُ بِآیَاتِنَاۤ إِلَّا ٱلظَّالِمُونَ))﴾* [العنكبوت 46 - 49]،.
الحقيقة، أن الذي يفرّق بين الكتب ويشك أن بينها اختلاف وتضاد، طال شكه للۡقُرآن نفسه وارتاب فيه، حتى قال أنه ينسخ بعضه بعضاً،. وهؤلاء الذين تكلم الله عنهم هنا،. قال اْلله،. ﴿وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡ، وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِيَ بَیۡنَهُمۡ، *((وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَابَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ فَلِذَلِكَ فَٱدۡعُ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ مِن كِتَابࣲ))*، وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَیۡنَكُمُ، ٱللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ، لَنَاۤ أَعۡمَالُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَالُكُمۡ، لَا حُجَّةَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُ، ٱللهُ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَا، وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الشورى 14 - 15]،.
كثيرٌ ممن انتسب للسنة زعم أنه وجب علينا الإيمان بالكتب السابقة كما أمر الله فحسب [أي دون العمل بما فيها]،. لأنها ليست شرعةً لنا، وفي نفس الوقت، يسمي الذي فرّق بين الإيمان والعمل بالمرجئ،. ويصنفه أنه من الفرق الضالة لأنه آمن وأرجأ العمل [أي تركه وأجله]،. وهذا من التطفيف في الميزان،. إذ يرمي غيره بما وقع فيه هو،. هو كذلك يؤمن بكل الكتب ولا يعمل بها،. انطلاقاً من قاعدة [شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا]،.
والاحتجاج بتحريف أهل الكتاب [يعتبر احتجاجاً بارداً]،. فنحن نقر بأن الكتب حرفت، ولكننا نشير لما في ٱلۡقُرآن الآن، مما كتبه كتبه لهم،. كان لهم سابقاً وهو لنا الآن،. نؤمن به ونعمل به، ولا نفرق بينها في الإيمان والعمل،. وٱلۡقُرآن أساساً مصدّق لتلك الكتب،. فما ذكره الله في ٱلۡقُرآن مما كان موجهاً لهم،. صار الآن لنا،. وإن لم يُوجه لنا،. مثل ذلك قول الله بعد أن تكلم عن التوراة،. ﴿وَكَتَبۡنَا عَلَیۡهِمۡ فِیهَاۤ *((أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَیۡنَ بِٱلۡعَیۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصࣱ))* فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةࣱ لَّهُ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَـئكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ﴾ [المائدة 45]،.
هذا الحكم المذكور في هذه الآية،. لم يرد في ٱلۡقُرآن مثله على المسلمين،. فهو من التوراة خالصاً،. ولكن طالما هو في التوراة، فعلينا العمل به،. وقد ذكر الله في الآيات التالية أن الكتب التي بعده تصدقه ولا تخالفه حتى نزل ٱلۡقُرآن،. قال ٱلله،. ﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَارِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ *((مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡراةِ وَءَاتَیۡنَاهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاة))* ... وَلۡیَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِیلِ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فِیهِ.... وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ بِٱلۡحَقِّ *((مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَابِ))* وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِ...﴾ [المائدة 45 - 48]،.
فالكتب تصدّق بعضها بعضاً، وما ذُكر في إحداها دون الأخرى، هو لنا جميعاً،. وإن لم نجد مثله موجهاً لنا نحن،.
ــــــــــــ دليلهم الوحيد،. لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا،.
الدليل الوحيد عند أصحاب [شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا]،. وأعظم حجة يتمسكون بها للاستدلال على اختلاف الشرائع بين الأنبياء، وأن النسخ يقع بينها، هو قول الله،. ﴿..لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..﴾ [المائدة 48]،.
وكعادة القوم، يستقطعون الآية، ويقرؤون نصفها وينبذون بقيتها،. ونحن هنا لهم بالمرصاد، ما جئنا إلا لنفضح أفعالهم هذه،. ونبين للناس أنهم كَذَبَةٌ مفتَرون،. فالآية لها تتمة وسياق،. ولكن قبل أن نقرءها في سياقها،. نثبت بعشرة أدلة تقابل استدلالهم الوحيد [الذي أساؤوا فهمه]، عشرة براهين تدل أن الشريعة واحدة والدين واحد، والأعمال متشابهة تماماً، لا فرق بينها حتى في التفاصيل،.. فنقول،..
1 ❒ أين تذهبون بقول الله،. *﴿((شَرَعَ لَكُمْ)) مِنَ الدِّينِ ((مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا)) وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ((وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى)) أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ* وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ [الشورى 13]،.
فالشرع هو نفسه،. ذات الشرع تماماً، هو نفسه ما وصاه الله نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى،. شرعه لنا كذلك،. فكيف يصير شرعهم ليس شرعاً لنا؟!،.
ـ قالَ اْلله بعدها [ولاحظ ما أعظمها]،. قال ٱلله،. ﴿وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡ، وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى لَّقُضِيَ بَیۡنَهُمۡ، *((وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَابَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ))* فَلِذَلِكَ فَٱدۡعُ وَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ ((وَقُلۡ ءَامَنتُ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ مِن كِتَابࣲ))، وَأُمِرۡتُ لِأَعۡدِلَ بَیۡنَكُمُ، ٱللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ، لَنَاۤ أَعۡمَالُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَالُكُمۡ، لَا حُجَّةَ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمُ، ٱللهُ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَا، وَإِلَیۡهِ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [الشورى 14 - 15]،.
هذه الآية وكأنها تتحدث عمن يقول بــ[ــالشاطب والمشطوب في ٱلۡقُرآن]،. لأن الله ذكر تفرق اليهود والنصارى،. ﴿وَمَا تَفَرَّقُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡ﴾،. ثم تكلم عنا نحن، أمة النّبي ﷺ،. فقال،. ﴿وَإِنَّ ٱلَّذِینَ أُورِثُوا۟ ٱلۡكِتَابَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ﴾،. لم يشك في آيات ٱلۡقُرآن سوى النُساخ المناسيخ،.
2 ❒ كيف تفهمون قول الله،. *﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ *((كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ))* وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا وَرُسُلࣰا قَدۡ قَصَصۡنَاهُمۡ عَلَیۡكَ مِن قَبۡلُ وَرُسُلࣰا لَّمۡ نَقۡصُصۡهُمۡ عَلَیۡكَ وَكَلَّمَ ٱللهُ مُوسَىٰ تَكۡلِیمࣰا رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِ وَكَانَ ٱللهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا﴾ [النساء 163 - 165]،.
الوحي ذاته، منذ أيام نوح إلى يومنا هذا،. أوحى الله للنبي ﷺ ((كما)) أوحى لنوح والنبيين وبقية الرسل، فيبدو أن الذين احتجوا بآية ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾،. لم يفهموها مطلقاً!،.
3 ❒ ماذا تقولون في قول الله عن ٱلۡقُرآن وعن الذي أنزله الله على النّبي ﷺ،. ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِٱلذِّكۡرِ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِیزࣱ لَّا یَأۡتِیهِ ٱلۡبَاطِلُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِ تَنزِیلࣱ مِّنۡ حَكِیمٍ حَمِیدࣲ *((مَّا یُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَ))* إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةࣲ وَذُو عِقَابٍ أَلِیمࣲ وَلَوۡ جَعَلۡنَاهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِیࣰّا لَّقَالُوا۟ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَایَاتُهُ ءَا۬عۡجَمِيٌ وَعَرَبِيٌ؟ قُلۡ هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هُدࣰى وَشِفَاۤءࣱ، وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ فِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣱ وَهُوَ عَلَیۡهِمۡ عَمًى أُو۟لَئكَ یُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ﴾ [فصلت 41 - 44]،.
الذي قيل للنّبي ﷺ نسخةٌ مطابقةٌ مثلما قيل للذين من قبله من الرسل،. النّبي ﷺ لم يخالفهم في شيءٍ، فالدين واحد، وشريعة الله واحدة،.
4 ❒ قال اْلله،. ﴿أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَیۡتُهُ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللهِ شَیۡـًٔا هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِیضُونَ فِیهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِیدَۢا بَیۡني وَبَیۡنَكُمۡ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ *((قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ))* وَمَاۤ أَدۡرِي مَا یُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَي وَمَاۤ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللهِ وَكَفَرۡتُم بِهِ *((وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۢ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِ فَآمَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ))* إِنَّ ٱللهَ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّالِمِینَ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡ كَانَ خَیۡرࣰا مَّا سَبَقُونَاۤ إِلَیۡهِ وَإِذۡ لَمۡ یَهۡتَدُوا۟ بِهِ فَسَیَقُولُونَ هَذَاۤ إِفۡكࣱ قَدِیمࣱ وَمِن قَبۡلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰۤ إِمَامࣰا وَرَحۡمَةࣰ ((وَهَذَا كِتَابࣱ مُّصَدِّقࣱ)) لِّسَانًا عَرَبِیࣰّا لِّیُنذِرَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [الأحقاف 8 - 12]،.
أمره الله أن يقولها،. *((مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ))*،.. أي لستُ بمستحدثٍ عن الرسل، لم آتٍ ببدعة مختلفة عما عند الرسل قبله،. إنما أنا مثلهم تماماً في كل تفاصيل الدين،. مكملٌ لهم، ثم ذكر شاهداً من بني إسرائيل شهد (على مثله)،. فهذه مماثلة تامة بين ٱلۡقُرآن وما سبق من الكتب بشهادة الشاهد الذي نقل الله شهادته،. ثم ذكر الله ٱلۡقُرآن أنه مصدق لكتاب موسى،. وبعد كل ذلك، يأتي الأصوليون ويقولون بأن شرعنا لا يُماثل شرعهم، إن هذا لشيء عجاب،. بل والله هو نفسه، مثيله، لا خلاف فيه أبداً،.
5 ❒ قال اْلله،. ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ *((أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ))* أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [المؤمنون 67 ــ 69]،.
هذه الآية فيها استنكار على المتكبرين الذين صدوا عن دعوة النّبي ﷺ، فقال الله لهم مستنكراً، أن الذي جاءكم، هو نفس الذي أتى آباءكم الأولين،. وليس بشيء جديد،. فسألهم مستنكراً، هل هو شيء جديد عليكم؟!،. أهو شيء لم تسمعوا به من قبل؟!،. جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ؟!،.
فقوله هذا، يدل أن الذي أتى آباءهم الأولون،. هو نفسه الذي جاء الآن،. لا اختلاف بينهما،. فإن لم تصدق،. فتدبر القول،. ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ؟!﴾،. والتدبر الرجوع للدبر [الخلف]،. والمقارنة مع ما أدبر ومضى،. لتدرك أن الذي أتى الآن، هو نفسه الذي كان من قبل،. فتصدق وتؤمن،.
6 ❒ أمر الله النّبي ﷺ أن يتبع ملة إبراهيم،. فكيف تكون شرعته مختلفة عن شرعتنا؟!،. قال اْلله،. ﴿إِنَّ *((إِبۡرَاهِیمَ كَانَ أُمَّةࣰ قَانِتࣰا للهِ حَنِیفࣰا))* وَلَمۡ یَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ شَاكِرࣰا لِّأَنۡعُمِهِ ٱجۡتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ وَءَاتَیۡنَاهُ فِي ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَإِنَّهُ فِي ٱلۡآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِینَ *((ثُمَّ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَاهِیمَ حَنِیفࣰا))* وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَیَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ﴾ [النحل 120 - 124]،.
كيف سيتبعه النّبي ﷺ وشرعة إبراهيم ومنهجه مختلف؟!،.
قال اْلله،. ﴿إِنَّ *((أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَاهِیمَ لَلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَذَا ٱلنَّبِيُّ))* وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱللهُ وَلِيّ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران 68]،.
فكيف سنتبعه وشريعته تختلف عن شريعتنا؟!،. إنما هي شريعةٌ واحدة،. ودين الأنبياء واحد،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻧﺎ ﺃﻭﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء ﺃﻭﻻﺩ ﻋﻼﺕ، ﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﻧﺒﻲ﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ.
قال اْلله،. ﴿وَقَالُوا۟ كُونُوا۟ هُودًا أَوۡ نَصَارَىٰ تَهۡتَدُوا۟ قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَاهِيمَ حَنِیفࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ *((قُولُوۤا۟ ءَامَنَّا بِٱللهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَىٰۤ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَاعِیلَ وَإِسۡحَاقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَمَاۤ أُوتِيَ ٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ))* لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ *((وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ فَإِنۡ ءَامَنُوا۟ بِمِثۡلِ مَاۤ ءَامَنتُم بِهِ فَقَدِ ٱهۡتَدَوا۟ وَّإِن تَوَلَّوۡا۟ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقࣲ فَسَیَكۡفِیكَهُمُ ٱللهُ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ صِبۡغَةَ ٱللهِ))* وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللهِ صِبۡغَةࣰ وَنَحۡنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ [البقرة 135 - 138]،. فالدين واحد للجميع،. صبغة الله،. ونحن له مسلمون،.
7 ❒ قال اْلله،. ﴿فبهداهم اقتده﴾،.... أي الرسل والأنبياء!،. ولكن كيف يقتدي بهم [أي يقلّدهم] وشرعته تختلف عن شرعتهم؟!،.
في سورة الأنعام،. ذكر الله ثمانية عشر نبياً،.. منهم موسى وعيسى،. وقبلهم إبراهيم ونوح، ومعهم داوود وسليمان ويوسف،. كلهم قبل النّبي ﷺ،. ثم أمر الله النّبي ﷺ، بالاقتداء بهداهم،.
قال اْلله،. ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ [1] عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ [2] وَيَعْقُوبَ [3] كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا [4] هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ [5] وَسُلَيْمَانَ [6] وأَيُّوبَ [7] وَيُوسُفَ [8] وَمُوسَى [9] وَهَارُونَ [10] وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا [11] وَيَحْيَى [12] وَعِيسَى [13] وَإِلْيَاسَ [14] كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ [15] وَالْيَسَعَ [16] وَيُونُسَ [17] وَلُوطًا [18] وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام 83 ــ 88]،.
ثــمــانيــة عشــر نبياً،. وبعد أن سماهم اللهُ للنّبي ﷺ،. قال له،. ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَــ(((ــبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ))) قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين﴾ [الأنعام 89 ــ 90]،.
ــــ لاحظ،. بعد أن ذكر الله له 18 نبياً،. أمره فَــ(((ــبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)))،.
وكلهم قبل النّبي ﷺ [في نظر النُسَاخ،. كانت لهم شرعة مختلفة ومنهج مختلف]،. فكيف يأمر الله بالاقتداء بشريعة تختلف عن شريعته؟!،. قال الله له كذلك،. ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ ((اتَّبِعْ)) مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل 123]،.
ومن ظن بأن الاقتداء هذا، إنما كان في الأصول، كالاخلاص لله، "التوحيد" فقط!! نقول هذا خطأ، بل حتى في كل تفاصيل الدين،. وانظر لعمل النّبي ﷺ،. وانظر كيف فهمها الصحابة!،.
ــ عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ (ص)، فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ فَقَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ}،... {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}؟،. *((فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ ﷺ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، فَسَجَدَهَا))* رَسُولُ اللهِ ﷺ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ 4807 ✅،.
وهذا دليل واضح من الصحيح، أن الصحابة كانوا يرون أن النّبي ﷺ يقتدي بهدي الأنبياء ويقلدهم،. وهذا يستحيل إن كانت شرائعهم مختلفة،.
8 ❒ تصديق كتاب النبي ﷺ [ٱلۡقُرآن] لكتب الأنبياء قبله،.
ٱلۡقُرآن مصدق للتوراة،. 💯\💯،.
ــ قال ٱلله،. ﴿یَابَنِي إِسۡرَاءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِي ٱلَّتِي أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِي أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِیَّايَ فَٱرۡهَبُونِ *((وَءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُمۡ))* وَلَا تَكُونُوۤا۟ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِآیَاتي ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَإِیايَ فَٱتَّقُونِ وَلَا تَلۡبِسُوا۟ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَاطِلِ وَتَكۡتُمُوا۟ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَابَ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ وَٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِ وَإِنَّهَا لَكَبِیرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَاشِعِینَ﴾ [البقرة 40 - 45]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ *((كِتَابࣱ مِّنۡ عِندِ ٱللهِ مُصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُوا۟ مِن قَبۡلُ یَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَلَمَّا جَاۤءَهُم مَّا عَرَفُوا۟ كَفَرُوا۟ بِهِ))* فَلَعۡنَةُ ٱللهِ عَلَى ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [البقرة 89]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ ءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ قَالُوا۟ نُؤۡمِنُ بِمَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا وَیَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَاۤءَهُ *((وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَهُمۡ))* قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِیَاۤءَ ٱللهِ مِن قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [البقرة 91]،.
ــ قال ٱلله عن بني إسرائيل،. ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّجِبۡرِیلَ *((فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللهِ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ))* وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [البقرة 97]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿الۤمۤ ٱللهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيّ ٱلۡقَیُّومُ *((نَزَّلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ))* وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَاةَ وَٱلۡإِنجِیلَ﴾ [آل عمران 1 - 3]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ *((ءَامِنُوا۟ بِمَا نَزَّلۡنَا مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُم))* مِّن قَبۡلِ أَن نَّطۡمِسَ وُجُوهࣰا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰۤ أَدۡبَارِهَاۤ أَوۡ نَلۡعَنَهُمۡ كَمَا لَعَنَّاۤ أَصۡحَابَ ٱلسَّبۡتِ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللهِ مَفۡعُولًا﴾ [النساء 47]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَارِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ وَءَاتَیۡنَاهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ وَلۡیَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِیلِ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فِیهِ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ *((وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَابِ وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِ))* فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ عَمَّا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّ، لِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةࣰ وَمِنۡهَاجࣰا وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةࣰ وَاحِدَةࣰ وَلَكِن لِّیَبۡلُوَكُمۡ فِي مَاۤ ءَاتَاكُمۡ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَاتِ إِلَى ٱللهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ﴾ [المائدة 46 - 48]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَٱلَّذِي أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَابِ *((هُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ))* إِنَّ ٱللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِیرُۢ بَصِیرࣱ ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَابَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَا فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَاتِ بِإِذۡنِ ٱللهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ﴾ [فاطر 31 - 32]،.
ــ قال اْلله،. ﴿أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَیۡتُهُ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللهِ شَیۡـًٔا هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِیضُونَ فِیهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِیدَۢا بَیۡني وَبَیۡنَكُمۡ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ *((قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ))* وَمَاۤ أَدۡرِي مَا یُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَي وَمَاۤ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللهِ وَكَفَرۡتُم بِهِ *((وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۢ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِ فَآمَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ))* إِنَّ ٱللهَ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّالِمِینَ وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡ كَانَ خَیۡرࣰا مَّا سَبَقُونَاۤ إِلَیۡهِ وَإِذۡ لَمۡ یَهۡتَدُوا۟ بِهِ فَسَیَقُولُونَ هَذَاۤ إِفۡكࣱ قَدِیمࣱ وَمِن قَبۡلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰۤ إِمَامࣰا وَرَحۡمَةࣰ *((وَهَذَا كِتَابࣱ مُّصَدِّقࣱ))* لِّسَانًا عَرَبِیࣰّا لِّیُنذِرَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [الأحقاف 8 - 12]،.
ــ وقال ٱلله على لسان مؤمني الجن،. ﴿قَالُوا۟ یَا قَوۡمَنَاۤ *((إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ))* یَهۡدِي إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِیقࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [الأحقاف 30]،.
والأدلة كثيرة في ٱلۡقُرآن، على أنه مصدق لما سبقه من كتاب،. فٱلۡقُرآن مصدق للتوراة تماماً،. وليس بينهما اختلاف أو تعارض،. وهذا يدل على أن الدين واحد،. والشريعة واحدة، والأوامر فيهما متشابهة تماماً، هذا هو التصديق،.
9 ❒ تصديق النبي ﷺ للرسل قبله،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَلَمَّا جَاۤءَهُمۡ *((رَسُولࣱ مِّنۡ عِندِ ٱللهِ مُصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَهُمۡ))* نَبَذَ فَرِیقࣱ مِّنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ كِتَابَ ٱللهِ وَرَاۤءَ ظُهُورِهِمۡ كَأَنَّهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة 101]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللهُ مِیثَاقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَابࣲ وَحِكۡمَةࣲ *((ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ))* لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَلِكُمۡ إِصۡرِي قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَا قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّاهِدِینَ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَلِكَ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران 81 - 82]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿فَحَقَّ عَلَیۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَاۤ إِنَّا لَذَاۤئقُونَ فَأَغۡوَیۡنَاكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَاوِینَ فَإِنَّهُمۡ یَوۡمَئذࣲ فِي ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِینَ إِنَّهُمۡ كَانُوۤا۟ إِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللهُ یَسۡتَكۡبِرُونَ وَیَقُولُونَ أَئنَّا لَتَارِكُوۤا۟ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرࣲ مَّجۡنُونِۭ بَلۡ *((جَاۤءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ))* إِنَّكُمۡ لَذَاۤئقُوا۟ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَلِیمِ﴾ [الصافات 31 - 38]،.
وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ،. تعني أنه أتى بمثل ما أتى به المرسلون قبله،. وهذا كذلك يدل على أن كل ما أتى به النّبي ﷺ،. هو نفسه الذي أتى به موسى وعيسى ويعقوب ويحيى وهارون ويوسف وداوود وسليمان ويونس،.. وكل المرسلين،. وهذا ما تدل عليه كلمة [[التصديق]]،. وهذا تفسير قوله،. ﴿مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ﴾،. الذي ذكرناه في البند الرابع،.
10 ❒ قال ٱلله،. ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ *((يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ [[أُمَّةً وَاحِدَةً]] وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ))* بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون 50 ــ 53]،.
والنّبي ﷺ قالها بنفسه عن نفسه،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻴﻨﺎء، ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻗﺎﻝ: *«((مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ" قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ))،* جِئْتُ فَخَتَمْتُ الْأَنْبِيَاءَ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 7/65 (6027) ✅،.
فكان مكملاً للأنبياء، لم يأت ليخالفهم بشرعة جديدة،. فالدين كله، بالشرعة والمنهاج، بأصوله وفروعه، كان تماماً كما كان عند الأولين،. لا فرق البتة،. كل ما في الأمر أن الشرائع بعد موت الأنبياء تُركت وطُمست وبُدلت مع الوقت، وحُرفت،.... حتى ضاعت واندثرت ومُحيت، فأرسل الله النّبي ﷺ وأنزل معه الكتاب، ليجدد الدين للناس،. ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى..﴾،.
ــــــ الصلاة،. والزكاة،.
قال اْلله،. ﴿وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَیۡتَ مَثَابَةࣰ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنࣰا *((وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبۡرَاهِـيمَ مُصَلࣰّى))* وَعَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَاعِیلَ أَن *((طَهِّرَا بَیۡتِي لِلطَّاۤئفِینَ وَٱلۡعَاكِفِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ))﴾* [البقرة 125]،.
ــ وقال الله لموسى،. ﴿إِنَّنِي أَنَا ٱللهُ لَاۤ إِلَهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي *((وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِي))* إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِیَةٌ أَكَادُ أُخۡفِیهَا لِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا تَسۡعَىٰ﴾ [طه 14 - 15]،. فكيف كان موسى يقيم الصلاة؟!،.
ــ وقال اللّٰه بعد أن ذكر إبراهيم ولوطا ويعقوب وإسحاق،. ﴿قُلۡنَا یَا نَارُ كُونِي بَرۡدࣰا وَسَلَامًا عَلَىٰۤ إِبۡرَاهِیمَ وَأَرَادُوا۟ بِهِ كَیۡدࣰا فَجَعَلۡنَاهُمُ ٱلۡأَخۡسَرِینَ وَنَجَّیۡنَاهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِي بَارَكۡنَا فِیهَا لِلۡعَالَمِینَ وَوَهَبۡنَا لَهُ إِسۡحَاقَ وَیَعۡقُوبَ نَافِلَةࣰ وَكُلࣰّا جَعَلۡنَا صَالِحِینَ وَجَعَلۡنَاهُمۡ أَئمَّةࣰ یَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَیۡرَاتِ ((وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءَ ٱلزَّكَوٰةِ)) وَكَانُوا۟ لَنَا عَابِدِینَ﴾ [الأنبياء 69 - 73]،.
أضف لذلك كله،. أن النّبي ﷺ صلى بإبراهيم وموسى وعيسى في بيت المقدس إماماً،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﺮ، ﻭﻗﺮﻳﺶ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺴﺮاﻱ، ﻓﺴﺄﻟﺘﻨﻲ ﻋﻦ ﺃﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﺑﻴﺖ اﻟﻤﻘﺪﺱ ﻟﻢ ﺃﺛﺒﺘﻬﺎ، ﻓﻜﺮﺑﺖ ﻛﺮﺑﺔ ﻣﺎ ﻛﺮﺑﺖ ﻣﺜﻠﻪ ﻗﻂ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺮﻓﻌﻪ اﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ، ﻣﺎ ﻳﺴﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺷﻲء ﺇﻻ ﺃﻧﺒﺄﺗﻬﻢ ﺑﻪ، ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء، ﻓﺈﺫا ﻣﻮﺳﻰ، ﻗﺎﺋﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﻓﺈﺫا ﺭﺟﻞ ﺿﺮﺏ ﺟﻌﺪ، ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺷﻨﻮءﺓ، ﻭﺇﺫا ﻋﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻗﺎﺋﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﺃﻗﺮﺏ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻪ ﺷﺒﻬﺎ ﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻟﺜﻘﻔﻲ، ﻭﺇﺫا ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻗﺎﺋﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﺃﺷﺒﻪ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻜﻢ، ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﷺ، ((ﻓﺤﺎﻧﺖ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﺄﻣﻤﺘﻬﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻏﺖ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ))، ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻫﺬا ﻣﺎﻟﻚ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﺴﻠّﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺎﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺒﺪﺃﻧﻲ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ» ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 1/108(349) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺯﻫﻴﺮ ﺑﻦ ﺣﺮﺏ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﺠﻴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﺜﻨﻰ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻔﻀﻞ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺑﻪ. ✅،.
فهل صلوا خلفه بشريعةٍ غير شريعة النّبي ﷺ؟!،. أم بشريعة النّبي ﷺ نفسها؟!،. لو كانت هيئة الصلاة عند الأولين تختلف عن التي عندنا، لما استطاع النّبي ﷺ الصلاة بهم إماماً،. بل كانت صلاتهم واحدة،. كلهم سواء،. ولا فرق بين شريعتنا وشريعتهم،. حتى في العبادات،.
وأضف لذلك، حديث جبريل في أوقات الصلاة [علمه أوقات الصلوات الخمسة، ولكل صلاة وقت بداية، ووقت نهاية]،. وبعد أن علم النّبي ﷺ الأوقات الخمسة كلها،. قال له،. ﴿ما بين هذين وقت، ((وهذا وقت الأنبياء قبلك))﴾،. والحديث بهذا اللفظ فيه علة [فيه عبدالرحمن بن الحارث، له أوهام]،. والصحيح من طريق آخر، قال فيه جبريل ﴿ما بين هذين وقت﴾،. ولكني استخدم الحديث الآن لأحج به من يراه صحيحاً،. وليس هو حجة علي،. إنما تكفيني الحجج الصحيحة،.
ــــــ الصيام،.
قال اْلله،. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ *((كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ))* لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة 183]،.
بالتماااام، كتب الله علينا [[كما كتب عليهم]] بالضبط،. ماذا تريد أوضح من هذا؟!،. وعلى هذا بقية الأعمال،. فكلها كما كانت،. ولكن الناس بدلوا وحرفوا وأضاعوا وتركوا، ومع تطاول الزمن اندثرت هذه الأعمال وتشوهت،. فحين بعث الله النّبي ﷺ علمه الأصل قبل أن يبدله الناس، وبين له، فرجّع الله الناس للأصل الذي نزل سابقاً،.
ــــــــ الحج،.
إبراهيم وموسى ويونس وعيسى، كانوا يحجون لمكة،. وليس للقدس،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ،. "ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻣﺮ ﺑﻮاﺩﻱ اﻷﺯﺭﻕ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻱ ﻭاﺩ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻫﺬا ﻭاﺩﻱ اﻷﺯﺭﻕ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺄﻧﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻫﻮ ﻫﺎﺑﻂ ﻣﻦ اﻟﺜﻨﻴﺔ، ﻭﻟﻪ ﺟﺆاﺭ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﻴﺔ، ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﻴﺔ ﻫﺮﺷﻰ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻱ ﺛﻨﻴﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﺛﻨﻴﺔ ﻫﺮﺷﻰ، ﻗﺎﻝ: ﻛﺄﻧﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺘﻰ، ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺔ ﺣﻤﺮاء ﺟﻌﺪﺓ، ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺒﺔ ﻣﻦ ﺻﻮﻑ، ﺧﻄﺎﻡ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﺧﻠﺒﺔ، (ﻗﺎﻝ ﻫﺸﻴﻢ: ﻳﻌﻨﻲ ﻟﻴﻔﺎ)، ﻭﻫﻮ ﻳﻠﺒﻲ".
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﺳﺮﻧﺎ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﺔ ﻭاﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﻤﺮﺭﻧﺎ ﺑﻮاﺩ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻱ ﻭاﺩ ﻫﺬا؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻭاﺩﻱ اﻷﺯﺭﻕ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺄﻧﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﷺ، ﻓﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﻟﻮﻧﻪ ﻭﺷﻌﺮﻩ ﺷﻴﺌﺎ (ﻟﻢ ﻳﺤﻔﻈﻪ ﺩاﻭﺩ)، ﻭاﺿﻌﺎ ﺇﺻﺒﻌﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﺫﻧﻴﻪ، ﻟﻪ ﺟﺆاﺭ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺘﻠﺒﻴﺔ، ﻣﺎﺭا ﺑﻬﺬا اﻟﻮاﺩﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺳﺮﻧﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﻨﻴﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻱ ﺛﻨﻴﺔ ﻫﺬﻩ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻫﺮﺷﻰ، ﺃﻭ ﻟﻔﺖ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺄﻧﻲ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻧﺲ، ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺔ ﺣﻤﺮاء، ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺒﺔ ﺻﻮﻑ، ﺧﻄﺎﻡ ﻧﺎﻗﺘﻪ ﻟﻴﻒ ﺧﻠﺒﺔ، ﻣﺎﺭا ﺑﻬﺬا اﻟﻮاﺩﻱ ﻣﻠﺒﻴﺎ".
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
ــــــ عيسى كذلك كان يطوف حول الكعبة،.
ــ ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ "ﺭﺃﻳﺖ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻭﺟﻬﻬﺎ، ﺭﺟﻼ ﺁﺩﻡ، ﺳﺒﻂ اﻟﺮﺃﺱ، ﻭاﺿﻌﺎ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻠﻴﻦ، ﻳﺴﻜﺐ ﺭﺃﺳﻪ، ﺃﻭ ﻳﻘﻄﺮ ﺭﺃﺳﻪ، ﻓﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻋﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﺃﻭ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻭﺭاءﻩ ﺭﺟﻼ ﺃﺣﻤﺮ، ﺃﻋﻮﺭ ﻋﻴﻦ اﻟﻴﻤﻨﻰ، ﺟﻌﺪ اﻟﺮﺃﺱ، ﺃﺷﺒﻪ ﻣﻦ ﺭﺃﻳﺖ ﺑﻪ اﺑﻦ ﻗﻄﻦ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻟﻮا: اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺪﺟﺎﻝ".
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، والطبراني،. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ "ﺃﺭاﻧﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﺁﺩﻡ، ﻛﺄﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺭاء ﻣﻦ ﺃﺩﻡ اﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻟﻪ ﻟﻤﺔ، ﻛﺄﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺭاء ﻣﻦ اﻟﻠﻤﻢ، ﻗﺪ ﺭﺟﻠﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﺗﻘﻄﺮ ﻣﺎء، ﻣﺘﻜﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻠﻴﻦ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﺗﻖ ﺭﺟﻠﻴﻦ، *((ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﺴﺄﻟﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻗﻴﻞ: ﻫﺬا اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ))* ﺛﻢ ﺇﺫا ﺃﻧﺎ ﺑﺮﺟﻞ، ﺟﻌﺪ، ﻗﻄﻂ، ﺃﻋﻮﺭ اﻟﻌﻴﻦ اﻟﻴﻤﻨﻰ، ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﻨﺒﺔ ﻃﺎﻓﻴﺔ، ﻓﺴﺄﻟﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻲ: ﻫﺬا اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺪﺟﺎﻝ".
(*) ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﺃﺭاﻧﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻡ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻌﺒﺔ، ﻓﺈﺫا ﺭﺟﻞ ﺁﺩﻡ، ﻛﺄﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﺩﻡ اﻟﺮﺟﺎﻝ، ﺗﻀﺮﺏ ﻟﻤﺘﻪ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﻜﺒﻴﻪ، ﺭﺟﻞ اﻟﺸﻌﺮ، ﻳﻘﻄﺮ ﺭﺃﺳﻪ ﻣﺎء، ﻭاﺿﻌﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺒﻲ ﺭﺟﻠﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻓﻘﺎﻟﻮا: اﻟﻤﺴﻴﺢ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﻭﺭاءﻩ ﺭﺟﻼ ﺟﻌﺪا ﻗﻄﻄﺎ، ﺃﻋﻮﺭ ﻋﻴﻦ اﻟﻴﻤﻨﻰ، ﻛﺄﺷﺒﻪ ﻣﻦ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﺑﻦ ﻗﻄﻦ، ﻭاﺿﻌﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻜﺒﻲ ﺭﺟﻠﻴﻦ، ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﺒﻴﺖ، ﻓﻘﻠﺖ: ﻣﻦ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻫﺬا اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﺪﺟﺎﻝ".
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
ــــــ إبراهيم كذلك طاف حول الكعبة،.. بل هو الذي رفعها،.
قال ٱلله على لسان إبراهيم،. ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَیَهۡدِینِ رَبِّ هَبۡ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِینَ فَبَشَّرۡنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِیمࣲ فَلَمَّا ((بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡي)) قَالَ یَا بُنَيّ إِنِّي أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّي أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ یَا أَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاۤءَ ٱللهُ مِنَ ٱلصَّابِرِینَ﴾ [الصافات 99 - 102]،.
ــ وقال اْلله،. ﴿((وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَیۡتَ مَثَابَةࣰ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنࣰا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبۡراهِيمَ مُصَلࣰّى)) وَعَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ إِبۡرَاهِيمَ وَإِسۡمَاعِیلَ أَن طَهِّرَا بَیۡتِيَ لِلطَّاۤئفِینَ وَٱلۡعَاكِفِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ﴾ [البقرة 125]،.
ــ ثم قال اْلله بعدها بآيات،. ﴿وَإِذۡ یَرۡفَعُ إِبۡرَاهِيمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَیۡتِ وَإِسۡمَاعِیلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ﴾ [البقرة 127]،.
ــ وقالَ اْلله،. ﴿قُلۡ صَدَقَ ٱللهُ ((فَٱتَّبِعُوا۟ مِلَّةَ إِبۡرَاهِیمَ)) حَنِیفࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ((إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَالَمِینَ فِیهِ ءَایَاتُۢ بَیِّنَاتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَاهِیمَ)) وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِنࣰا وَلِلهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللهَ غَنِيٌ عَنِ ٱلۡعَالَمِینَ﴾ [آل عمران 95 - 97]،.
ــ قال اْلله لإبراهيم،. ﴿وَأَذِّن ((فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ یَأۡتُوكَ رِجَالࣰا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرࣲ)) یَأۡتِینَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِیقࣲ لِّیَشۡهَدُوا۟ مَنَافِعَ لَهُمۡ وَیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللهِ فِي أَیَّامࣲ مَّعۡلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَامِ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡبَاۤئسَ ٱلۡفَقِیرَ ثُمَّ لۡیَقۡضُوا۟ تَفَثَهُمۡ وَلۡیُوفُوا۟ نُذُورَهُمۡ وَلۡیَطَّوَّفُوا۟ بِٱلۡبَیۡتِ ٱلۡعَتِیقِ﴾ [الحج 27 - 29]،.
وقال عن جميع الأمم،. *﴿((وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكࣰا لِّیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَامِ فَإِلَهُكُمۡ إِلَهࣱ وَاحِدࣱ))* فَلَهُ أَسۡلِمُوا۟ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِینَ﴾ [الحج 34]،.
بل كل ما في المسجد الحرام، من أثر آل إبراهيم،.
❒ رفع قواعد الكعبة كانت من إبراهيم وإسماعيل،.
❒ السعي بين الصفا والمروة بسبب أم إسماعيل،.
❒ ماء زمزم بسبب إسماعيل،.
❒ فيه مقام إبراهيم مصلى،.
❒ الدعاء الذي نقوله بين الركن والحجر هو دعاء إبراهيم،.
❒ فيه حجرات إسماعيل بن إبراهيم،.
❒ الذي أذن بالحج هو إبراهيم،.
❒ نذبح في يوم النحر بسبب كبش إبراهيم،.
ولهذا نتبع جميع ما تركه لنا آل إبراهيم،.
ــــــــ الأجيال التي جائت بعد الرسل،. هم الذين أضاعوا هذه الأعمال وبدلوها،.
في هذه الآيات،. ذكر الله الأنبياء السابقين ومعظمهم من بني إسرائيل، ثم قال بعدها أن الذين خلفوهم أضاعوا الصلاة،..
قال اْلله على لسان إبراهيم، وإبراهيم يكلم أباه،. ﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَیۡكَ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِیࣰّا وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللهِ وَأَدۡعُوا۟ رَبِّي عَسَىٰۤ أَلَّاۤ أَكُونَ بِدُعَاۤءِ رَبِّي شَقِیࣰّا فَلَمَّا ٱعۡتَزَلَهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللهِ وَهَبۡنَا لَهُ *((إِسۡحَاقَ وَیَعۡقُوبَ))* وَكُلࣰّا جَعَلۡنَا نَبِیࣰّا وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِیࣰّا وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَابِ *((مُوسَىٰۤ))* إِنَّهُ كَانَ مُخۡلَصࣰا وَكَانَ رَسُولࣰا نَّبِیࣰّا وَنَادَیۡنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَیۡمَنِ وَقَرَّبۡناهُ نَجِیࣰّا وَوَهَبۡنَا لَهُ مِن رَّحۡمَتِنَاۤ أَخَاهُ *((هَارُونَ))* نَبِیࣰّا وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَابِ *((إِسۡماعِیلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولࣰا نَّبِیࣰّا وَكَانَ یَأۡمُرُ أَهۡلَهُ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ))* وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرۡضِیࣰّا وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَابِ *((إِدۡرِیسَ))* إِنَّهُ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیࣰّا وَرَفَعۡنَاهُ مَكَانًا عَلِیًّا أُو۟لَئكَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم *((مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِن ذُرِّیَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحࣲ وَمِن ذُرِّیَّةِ إِبۡرَاهِیمَ وَإِسۡرَاءِیلَ))* وَمِمَّنۡ هَدَیۡنَا وَٱجۡتَبَیۡنَاۤ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُ ٱلرَّحۡمَنِ خَرُّوا۟ سُجَّدࣰا وَبُكِیࣰّا *((فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ))* وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلشَّهَوَاتِ فَسَوۡفَ یَلۡقَوۡنَ غَیًّا إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحࣰا فَأُو۟لَئكَ یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا یُظۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا﴾ [مريم 47 - 60]،.
فحين بعث الله النّبي ﷺ،. لم يكن الناس يعرفون الصلاة كما أمر الله بها أول الأمر،. فقد ضيعوها الذين خَلَفوا الأنبياء السابقين،. ثم حين بعث الله النّبي ﷺ،. علمه الصلاة كما كانت،.
قال ٱلله عن اليهود،. ﴿وَقَطَّعۡنَاهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَمࣰا مِّنۡهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوۡنَاهُم بِٱلۡحَسَنَاتِ وَٱلسَّیِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ ((فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفࣱ وَرِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَیَقُولُونَ سَیُغۡفَرُ لَنَا)) وَإِن یَأۡتِهِمۡ عَرَضࣱ مِّثۡلُهُ یَأۡخُذُوهُ أَلَمۡ یُؤۡخَذۡ عَلَیۡهِم مِّیثَاقُ ٱلۡكِتَابِ ((أَن لَّا یَقُولُوا۟ عَلَى ٱللهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِیهِ)) وَٱلدَّارُ ٱلۡآخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ((وَٱلَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَابِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ)) إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ﴾ [الأعراف 168 - 170]،.
فالشرائع لم تختلف فيما بينها في شيء مطلقاً، لا في الأصول ولا في الفروع،. ولكن الناس تحرف وتغير،. وهذا نراه ونلمسه اليوم في واقعنا،. فالناس اليوم غيروا أوقات الصلاة وجعلوها بالتباعد ودخلوا الشهر بالحساب الفلكي دون رؤية الهلال،. وبدلوا أموراً كثيرة لم ينزلها الله، ولكن الناس نسبوها لله وللدين،. فنحن على سنن الأولين،. والتاريخ يعيد نفسه وسنفصل في الجزء القادم عن كيفية تغييرهم للدين إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
ــــــــــــــــــ الفهم السليم لــ،. ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾،.
هذه الآية الوحيدة، التي أخرجوا منها قاعدة ((شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا!))،. [وشبهات أخرى اعتمدوا عليها سيأتي تفصيلها في الجزء القادم إِنْ شٰاْءَ اللّٰه]،. أما هذه الآية،. لم يأتوا بها من أولها بل استقطعوها،. فلننظر للسياق واللحاق لنعيها،. لأننا لو قرأناها كاملة، سنجد أنها تخالف فهمهم لتلك الجزئية،.
قال اْلله فيها،. ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ)) وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ((فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)) وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ, [[لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا]] وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة 48]،.
✺ ــ تصديق ٱلۡقُرآن للكتب السابقة،. [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ]،.
هذا الكتاب مصدقٌ لما سبق من الكتب، أي مثله تماماً،. يماثله، نسخةً طبق الأصل، منه،. فكل ما كان عندهم في كتبهم، هو موجود عندنا في كتابنا وعندنا زيادة خير، وهذه الزيادة لا تخالف ما سبق من كتب،.
وهذا التصديق قد كرره الله مرتين مع عيسى، قبل ذكر هذه الآية،. قال ٱلله،. ﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَارِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ ((مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ)) وَءَاتَیۡنَاهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ ((وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ)) وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ وَلۡیَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِیلِ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فِیهِ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ﴾ [المائدة 46 - 47]،.
وهذا التصديق المكرر، يدل بشكل قوي أن شريعة موسى وعيسى ومحمد عَلَيْهِم اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،. واحدة في الأصول وفي الفروع،. ولا تخالف بعضها البتة،.
ولو كان لكل منهم شرعةٌ تخصه ومنهاجٌ خاصٌ به،. فسيكون هذا المنهاج وهذه الشرعة مدونة في كتابهم، ومدونة في كتابنا،. فكيف تختلف الشرائع والمناهج في كتب، يقول الله أنها تصدق بعضها البعض؟!،.
فهذا يدل أن الشرائع والمناهج المختلفة، ليست ضمن هذه الكتب، إنما هي شرائع غيرهم من الكفار، ومناهج غيرهم من المشركين،. وليست في كتب الله،.
✺ ــ قال ٱلله فيها،. [وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ]،.
فالشرع الذي أنزله الله عليهم لم يختلف عن ٱلۡقُرآن في شيء،. ولكنهم أدخلوا فيه الهوى والرأي، فجعلوا لأنفسهم شرعة ومنهاجاً يخصهم،. وكل ذلك حصل بإذن اللّٰه ومشيئته،. بدليل أنه قال بعدها،. ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾،.
✺ ــ الجعل، والجعلان،. [لِكُلٍّ جَعَلْنَا]،.
جميع النُساخ والمشاهير [الفاشينيستات] من العلماء، فهموا من كلمة الجعل في آية،. ﴿..لِكُلٍّ ((جَعَلْنَا)) مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..﴾ أنه من أمر الله ورضاه،. وأنه شرع تشريعاً خاصاً لكل نبي،.
نعم هو الذي (جعل) هذا،. ولكن ليس كل ما (جعله اللّٰه) يكون شرعاً مرضياً عنده،. ويكفي للتدليل على هذا تتبع كلمات الجعل المنسوب لله، في ٱلۡقُرآن،.
ــ قالَ اْلله،. ﴿وَكَذَٰلِكَ ((جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا)) لِيَمْكُرُوا فِيهَا..﴾ [اﻷنعام 123]،.
ــ وقال،. ﴿وَكَذَٰلِكَ ((جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا)) شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ..﴾ [اﻷنعام 112]،.
ــ وقال،. ﴿وَكَذَٰلِكَ ((جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا)) مِنَ الْمُجْرِمِينَ..﴾ [الفرقان 31]،.
ــ وقال،. ﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَاقَهُمۡ لَعَنَّاهُمۡ ((وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَاسِیَةࣰ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ)) وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَاۤئنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡ إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [المائدة 13]،.
ــ وقال،. ﴿وَمِنۡهُم مَّن یَسۡتَمِعُ إِلَیۡكَ ((وَجَعَلۡنَا عَلَى قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰا)) وَإِن یَرَوۡا۟ كُلَّ ءَایَةࣲ لَّا یُؤۡمِنُوا۟ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاۤءُوكَ یُجَادِلُونَكَ یَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَذَاۤ إِلَّاۤ أَسَاطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ﴾ [الأنعام 25]،.
فإن قلت أن اللّٰه جعل لكل منا شرعةً ومنهاجاً فهو يقتضي تشريعه ورضاه!،. فقل كذلك أنه جعل أكابر المجرمين، وجعل للأنبياء أعداءً وهو راض عن ذلك، وأن هذا تشريعه!،.
ــ وقالت الملائكة،. ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَائكَةِ إِنِّي جَاعِلࣱ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰ ((قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ)) وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ((قَالَ إِنِّي أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ))﴾ [البقرة 30]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿((لِّیَجۡعَلَ مَا یُلۡقِي ٱلشَّیۡطَانُ فِتۡنَةࣰ)) لِّلَّذِینَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمۡ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِینَ لَفِي شِقَاقِ بَعِیدࣲ﴾ [الحج 53]،.
ــ وقال،. ﴿...إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّیَاطِینَ أَوۡلِیَاۤءَ لِلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ))﴾ [الأعراف 27]،.
فالله يجعل الشر ليمحص ويفتن الناس ويبتليهم،. وليس كل جعلٍ يعني تشريع ورضا وقبول من الله،. ليس هذا دينه الذي أنزله،. فكلمة ﴿جعلنا﴾،. ليست دليلاً على تشريع الله،. والسياق نفسه يبين الجعل،.
إنما هذا الجعل في آية [لكل جعلنا منكم] يعني أن كل ضلالة حصلت في الناس، فقد كانت بمشيئة الله وإذنه المسبق، ولا شيء يحصل إلا كما يشاء الله،. والكفار وباقي الأديان الوضعية، حين اتخذوا لأنفسهم منهجاً وشريعة يتبعونها، لأن الله أضلهم،. هذا هو الجعل،.
ــ قال اْلله،. ﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ ((جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡآخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰا)) وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُ وَلَّوۡا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَارِهِمۡ نُفُورࣰا﴾ [الإسراء 45 - 46]،.
فلا أحد يقول بأن الله أمر ألا يفقهوا ٱلۡقُرآن!،. ولكنه أضلهم لأنهم لم يؤمنوا بالآخرة،. فزين الله لهم أعمالهم، فرأوا طريق السوء طريقاً حسناً فأعجبهم،. هذا من جعلُ الله،. قال اْلله،. ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ((لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡآخِرَةِ زَیَّنَّا لَهُمۡ أَعۡمَالَهُمۡ)) فَهُمۡ یَعۡمَهُونَ أُو۟لَئكَ ٱلَّذِینَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡعَذَابِ وَهُمۡ فِي ٱلۡآخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِیمٍ عَلِیمٍ﴾ [النمل 4 - 6]،.
فالجعل ليس الأمر بالشيء، إنما هي إرادة الله ومشيئته، يمضيها في الناس كيف يشاء،. فمن لم يؤمن بالآخرة زين له عمله، وزاده في ضلاله فجعله يتخذ شرعة ومنهاجاً خاصاً فيه،. فلفظ الجعل لا يعني أبداً أن الله يأمر به، وأنه يرضاه ويُقره،.
وتفسير الجعل الذي كان من سورة المائدة،. هو ما ذكره الله في سورة الحج،. قال اْلله،. ﴿((لِّكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُ فَلَا یُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلۡأَمۡرِ)) وَٱدۡعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدࣰى مُّسۡتَقِیمࣲ وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَعۡمَلُونَ ٱللهُ یَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ فِیمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللهَ یَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللهِ یَسِیرࣱ وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِ سُلۡطَانࣰا وَمَا لَیۡسَ لَهُم بِهِ عِلۡمࣱ وَمَا لِلظَّالمِینَ مِن نَّصِیرࣲ﴾ [الحج 67 - 71]،.
فقول اللّٰه،. ﴿..لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..﴾ لا تعني بالضرورة أن اللّٰه راضٍ عنه،. وهذا الجعل هو مما يسميه الأصوليون، الجعل الكوني، بخلاف الجعل الشرعي،. فالجعل عندهم قسمان،. قسمٌ رِضى من الله وتشريع وإقرار، وقسمٌ إذنٌ ومشيئة، دون رضى ولا إقرار،. [وسنأتي على تفصيلها أكثر في جزء آية القبلة إِنْ شٰاْءَ اللّٰه]،.
✺ ــــــ أكمل تلاوة الآية،. قال بعدها مباشرةً ﴿..وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..﴾،. الآن اربط هذه بتلك،. لتفهمها!،. فسياق الآية لا يدل على رضاه. بل يدل على الاختلاف والفرقة،.
انظر هنا إِلىٰ نفس الجملة، قالها اللّٰه بعد ماذا؟!،. ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ ((وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)) وَلَٰكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل 92 ــ 93]،.
ليست هذه وحدها،. بل كلما يذكر الله هذه الجملة، يذكرها في معرض الفرقة والاختلاف بين الكافرين والمؤمنين،. ولم يذكرها في معرض هداية ورضى،. قال ٱلله،. ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ((فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)) وَلَٰكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [الشورى 7 ــ 8]،.
فكلما تجد في ٱلۡقُرآن هذه الجملة (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..) يكون معها الاختلاف والفرقة بين الناس،. فكل منهم له شرعته ومنهاجه،. هكذا جعل الله لكل منا شرعة ومنهاجاً،.
اقرأ هذه،. قال ٱلله،. ﴿((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ)) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ((وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ)) مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود 118 ــ 120]،.
فكلمة ((وَلَوْ شَاءَ اللهُ)) لم يذكرها اللّٰه في ٱلۡقُرآن كله في سياقٍ يدل علىٰ رضاه أبداً!،. قال اْلله،.
ــ ﴿..وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النحل 9]،.
ــ ﴿..وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ..﴾ [اﻷنعام 35]،.
ــ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..﴾ [النحل 93]،.
ــ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا..﴾ [اﻷنعام 107]،.
ــ ﴿لَوْ يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا..﴾ [الرعد 31]،.
ــ ﴿..وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [اﻷنعام 112]،.
ــ ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا..﴾ [يونس 99]،.
الآن افهمها جيداً بعد أن عرفت معنى [ولو شاء الله]،. قال ٱلله،. ﴿..لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..﴾،. أن الله جعل للكفار شرعةً ومنهاجاً، وللمسلمين شرعةً ومنهجاً، ولو شاء لجمعنا كلنا على دين واحد،.
✺ ــ قال ٱلله بعدها [ليبين أن هذا الجعل بين المسلمين والكفار، وليس بين المسلمين وأهل الكتاب]،. قال ٱلله،. ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ *((وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ إِلَیۡكَ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُصِیبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَاهِلِیَّةِ یَبۡغُونَ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللهِ حُكۡمࣰا))* لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ﴾ [المائدة 49 - 50]،.
ما هو حكم الجاهلية؟!،. هل سنقول أن حكم الجاهلية من ضمن الشراااائع التي جعلها اللّٰه لكل أمة؟! هل دين الجاهلية كذلك مما أنزل اللّٰه وأمر النّبي ﷺ بالحكم به؟!،. لا، بل كل حكم وضعه البشر دون اللّٰه؛ هو جاهلية،.
فهذه الجملة،. ﴿((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ)) يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ ((حُكْمًا)) لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾،. تدل أن الكلام لم يكن عن كتب الله المصدقة لبعضها،. إنما الكلام عن الشرائع والمناهج التي تخالف الاسلام،.
✺ ــ قال اللّٰه قبلها بآيات،. ﴿..وَمَنْ ((لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)) فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة 44]،. هذه كانت لأحبار اليهود والنصارى،. ثم قال بعدها،. ﴿..وَمَنْ ((لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ)) فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة 47]،. وهذه قالها لأهل الانجيل،.
فديننا ودينهم واحد،. وقول نبي اْلله ﷺ واضح،. ﴿...والأنبياء أخوة لعلات، أمهاتهم شتى ((ودينهم واحد))﴾ أخرجه البخاري ومسلم.
فهذه الآية لكل الناس بفرقها وأحزابها،. وليست بين المسلمين واليهود والنصارى،. ولسنا مضطرين للقول أنه طالما أن لكل طائفة كتاب مختلف فالدين مختلف، لأن الكتب التي أنزلها اللّٰه لا تكذب بعضها البعض،. بل تصدّق بعضها بعضاً،. قال اْلله في أول الآية ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ((مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ)) وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ..﴾ [المائدة 48]،.
وفي الجزء التالي إِنْ شٰاْءَ اللّٰه [11] التابع لهذا الجزء،. سنعرف لماذا ذكر الله قوله،. ﴿..لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا..﴾،. في سياق الكلام عن التوراة والانجيل ٱلۡقُرآن،. والذي بسببه توهم القوم بأن هذه الكتب تحمل مناهج وتشريعات مختلفة عن بعضها،.
قال اْلله،. ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا بَنِي إِسۡرَاءِیلَ ٱلۡكِتَابَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ وَرَزَقۡنَاهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَاتِ وَفَضَّلۡنَاهُمۡ عَلَى ٱلۡعَالَمِینَ وَءَاتَیۡنَاهُم ((بَیِّنَاتࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ)) فَمَا ٱخۡتَلَفُوۤا۟ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡ إِنَّ رَبَّكَ یَقۡضِي بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ ثُمَّ جَعَلۡنَاكَ عَلَىٰ ((شَرِیعَةࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا)) وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَ ٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [الجاثية 16 - 18]،.
ــــــــــــ شريعتنا واحدة وليست شرائع متعددة،. ومنهجنا واحد،. وليست مناهج، وكلها تحت دين واحد،. وليست عدة أديان،.
ــ قال اْلله،. ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ..﴾ [آل عمران 19]،.
ــ وقال،. ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ..﴾ [آل عمران 83]،.
ــ وقال،. ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ..﴾ [آل عمران 85]،.
ومما يدل أنها ليست للمسلمين ولا لمن سبقهم من الأمم، بل بين الإسلام والجاهلية الكافرة،. قول اللّٰه بعدها ﴿((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ)) يَبْغُونَ..﴾،. فهي بين الجاهلية (الكفر) والاسلام،. وليست بين أتباع التوراة والانجيل وٱلۡقُرآن!،.
وإن كنت مصراً على جعل الآية بين اليهود والنصارى وأمة النبي ﷺ،. فاليهود والنصارى حين نزلت الآية، كانوا فعلاً قد بدلوا دينهم [دين الاسلام ذو الشريعة الواحدة] إلى دينٍ آخر، وصاروا لا يقرون بشريعة الاسلام، فالآية تتكلم عمن خالف الاسلام دين الحق، ولا تتكلم عن طوائف الإسلام من اليهودية والنصرانية التي كانت قبلنا [وسيأتي تفصيل هذا بعد قليل]،.
ــــــ كل الأنبياء كانت دعوتهم واحدة، لم تختلف في أي شيء،.
قال اْلله،. ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللهُ مِیثَاقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَابࣲ وَحِكۡمَةࣲ *((ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ))* لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذلكُمۡ إِصۡرِي قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَا قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّاهِدِینَ فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَلِكَ فَأُو۟لئكَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ ((أَفَغَیۡرَ دِینِ ٱللهِ یَبۡغُونَ وَلَهُ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللهِ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَىٰۤ إِبۡرَاهِیمَ وَإِسۡمَاعِیلَ وَإِسۡحَاقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِي مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَامِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ)) وَهُوَ فِي ٱلۡآخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَاسِرِینَ﴾ [آل عمران 81 - 85]،.
ــــــ قال الله،. ﴿وَلَا تُجَادِلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِي أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ مِنۡهُمۡ ((وَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا بِٱلَّذِي أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَأُنزِلَ إِلَیۡكُمۡ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمۡ وَاحِدࣱ وَنَحۡنُ لَهُ مُسۡلِمُونَ وَكَذَلِكَ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَبَ)) فَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَاهُمُ ٱلۡكِتَابَ یُؤۡمِنُونَ بِهِ وَمِنۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ مَن یُؤۡمِنُ بِهِ وَمَا یَجۡحَدُ بِآیَاتِنَاۤ إِلَّا ٱلۡكَافِرُونَ﴾ [العنكبوت 46 - 47]،.
إلهنا وإلههم واحد، وكذلك الكتاب،. كتابٌ واحد،.
ــــــــــــــــــــــــــ اليهودية والنصرانية،.
هل هي أديان مختلفة عن دين الاسلام؟!،. فإن لم تكن هذه أدياناً، فما أصلها؟!،.
الذين اختلط عليهم الأمر فقالوا بتناسخ الشرائع،. قالوا هذا لأنهم ظنوا بأنها أديان متغايرة وشرائع مختلفة،. فقد أُخِذوا بالاسماء،. فظنوا أنها ثلاثة أديان، (اليهودية والنصرانية والإسلام)،. ولكن، هل اليهودية والنصرانية أديان في الحقيقة؟!،. وما أصل هذه التسمية؟!،. وهل هناك أديان سماوية غير الاسلام؟!،. وكيف نفهم مدح الله لليهود والنصارى في قوله،. ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة 62]،. ومثلها في المائدة [69]؟!،.
الجواب على هذا كله،. أن الدين عند الله دينٌ واحد، وليست ثلاثة أديان،. واسم هذا الدين هو الإسلام،. وهكذا الأمر منذ خلق الله الخلق حتى قيام الساعة،. ولم يسم ديناً آخر غير الاسلام،.
قال الله،. ﴿إِنَّ *((الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ))* وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ فَإِنْ حَاجُّوكَ *فَـ((ـقُلْ أَسْلَمْتُ))* وَجْهِيَ لِلهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ *((وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا))* فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران 19 ـ 20]،.
وقال،. ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ *((غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ))* وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران 85]،.
فالإسلام هو دين الأنبياء جميعاً، من أولهم لآخرهم،. ولم يكن لديهم دينٌ سواه،. لهذا نجد أن نوح قال،. ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ *((وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))﴾* [يونس 72]،.
ونجد عند إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وأبناؤه،. ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ *((أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ))* وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ *((فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))* أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا *((وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))﴾* [البقرة 130 ـ 133]،.
كذلك،. ﴿وَإِذۡ یَرۡفَعُ إِبۡرَاهِيمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَیۡتِ وَإِسۡماعِیلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ *((رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَیۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّیَّتِنَاۤ أُمَّةࣰ مُّسۡلِمَةࣰ لَّكَ))* وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ﴾ [البقرة 127 - 128]،.
وعند لوط،. ﴿فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِیهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فَمَا وَجَدۡنَا فِیهَا غَیۡرَ بَیۡتࣲ *((مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ))﴾* [الذاريات 35 - 36]،.
وعند يوسف،. ﴿...فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ *((تَوَفَّنِي مُسْلِمًا))* وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف 101]،.
وفي موسى وقومه،. ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ *((فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ))﴾* [يونس 84]،.
ــ حتى فرعون حين غرق، قال أنه آمن وأنه من المسلمين،. ﴿..حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَدۡرَكَهُ ٱلۡغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لَاۤ إِلَهَ إِلَّا ٱلَّذِي ءَامَنَتۡ بِهِ بَنُوۤا۟ إِسۡرَاءِیلَ *((وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ))﴾* [يونس 90]،. فكان يعرف المسلمين، لهذا لم يقل (وأنا من اليهود)،.
وسليمان،. قال في كتابه لملكة سبأ،. ﴿إِنَّهُ مِن سُلَیۡمَانَ وَإِنَّهُ بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَنِ ٱلرَّحِیمِ أَلَّا تَعۡلُوا۟ عَلَيَّ *((وَأۡتُونِي مُسۡلِمِینَ))﴾* [النمل 30 - 31]،.
ــ وقال،. ﴿قَالَ یَا أَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ أَیُّكُمۡ یَأۡتِینِي بِعَرۡشِهَا *((قَبۡلَ أَن یَأۡتُونِي مُسۡلِمِینَ))﴾* [النمل 38]،.
ــ وقال،. ﴿..وَأُوتِینَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا *((وَكُنَّا مُسۡلِمِینَ))﴾* [النمل 42]،.
ــ ولما أسلمت الملكة قالت،. ﴿..رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي *((وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَیۡمَانَ لِلهِ))* رَبِّ ٱلۡعَالَمِینَ﴾ [النمل 44]،.
وعند عيسى والحواريون،. ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ -((وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ))﴾* [آل عمران 52]،.
قال اْلله،. ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلࣰا مِّمَّن دَعَاۤ إِلَى ٱللهِ وَعَمِلَ صالِحࣰا وَقَالَ *((إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ))﴾* [فصلت 33]،. وقال،. ﴿یَاعِبَادِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡكُمُ ٱلۡیَوۡمَ وَلَاۤ أَنتُمۡ تَحۡزَنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِآیاتِنَا *((وَكَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ))﴾* [الزخرف 68 - 69]،. وهذه تشمل كل الأمم، ليست فقط أمة محمد ﷺ،.
وهذه خاصة بالذين أوتوا الكتاب،. ﴿ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَاهُمُ ٱلۡكِتَابَ مِن قَبۡلِهِ هُم بِهِ یُؤۡمِنُونَ وَإِذَا یُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَا *((إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِ مُسۡلِمِینَ))﴾* [القصص 52 - 53]،. كانوا مسلمين ولم يكونوا يهودا أو نصارى!،.
ــــ نعم أنزل الله كتباً كثيرة، كصحف إبراهيم وموسى، والزبور، والتوراة والإنجيل والقُرآن،. وعنده أم الكتاب،. ولكن الدين واحد،. كما أنه بعث أنبياء كثر،. ورسلاً مبشرين ومنذرين،. ولكن دينهم كان واحداً،. روي عن النَبِي اْلله ﷺ أنه قال،. ﴿ﺃﻧﺎ ﺃﻭﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﻴﺴﻰ اﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ، ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ، ﻭاﻷﻧﺒﻴﺎء ﺇﺧﻮﺓ ﻣﻦ ﻋﻼﺕ، *((ﺃﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﺷﺘﻰ، ﻭﺩﻳﻨﻬﻢ ﻭاﺣﺪ))﴾* أخرجه أحمد والبخاري،. ✅،.
قال الله،. ﴿وَجَاهِدُوا۟ فِي ٱللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِي ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲ مِّلَّةَ أَبِیكُمۡ إِبۡرَاهِیمَ ((هُوَ سَمّاكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ)) مِن قَبۡلُ وَفِي هَذَا لِیَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِیدًا عَلَیۡكُمۡ وَتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللهِ هُوَ مَوۡلَاكُمۡ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ﴾ [الحج 78]،.
الذي سمانا مسلمين هو الله وليس إبراهيم،. الآية فيها كلمة (هو)،. تكررت 3 مرات،.
هُوَ اجْتَبَاكُمْ،. الله اجتبانا،.
هُوَ سَمَّاكُمُ،. (؟)
هُوَ مَوْلَاكُمْ،. الله مولانا،.
اثنان منها تنسب إلى الله بوضوح،. فكيف تنسب الثالثة لغيره؟،. الاشكالية وقعت فيها بسبب ذكر اسم إبراهيم قبلها،. وهذه المشكلة تزول بوقفة يسيرة بعد إبراهيم،. لتكمل بعدها : هو سماكم المسلمين،. أي أن الله هو الذي سمانا المسلمين،. وهذا الاسم كان من قبل إبراهيم،. ولم يستحدثه إبراهيم،. قال نوح وهو قد بعث قبل إبراهيم،. ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ((وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ))﴾ [يونس 72]،.
وإن قلنا بأن التسمية ابتدأت من إبراهيم،. بالتالي، موسى مسلم وعيسى مسلم،. لأنهم أتوا بعد إبراهيم،. والآية تقول،. ﴿..هُوَ سَمّاكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ *((مِن قَبۡلُ))* وَفِي هَذَا..﴾،.
ــــــ إن كانوا مسلمين،. فما أصل تسمية اليهود والنصارى؟!،.
اليهود والنصارى طوائف من المسلمين، وليست أدياناً غير الإسلام،. قال ٱلله،. ﴿ثُمَّ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتابَ تَمَامًا عَلَى ٱلَّذِي أَحۡسَنَ وَتَفۡصِیلࣰا لِّكُلِّ شَيءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لَّعَلَّهُم بِلِقَاۤءِ رَبِّهِمۡ یُؤۡمِنُونَ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلۡنَاهُ مُبَارَكࣱ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ أَن تَقُولُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أُنزِلَ ٱلۡكِتَابُ *((عَلَى طَاۤئفَتَیۡنِ مِن قَبۡلِنَا))* وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَافِلِینَ﴾ [الأنعام 154 - 156]،. فسماها طائفتين، وليست أديان،.
وتسمت هذه الطائفتين بالــ(ــيهود والنصارى) بسبب عملٍ عملوه، عُرفوا به،. فاليهود من الهود، وهو الهجرة إلى الله بغية الهدى،. قال اْلله،. ﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَى قَوۡمَهُ سَبۡعِینَ رَجُلࣰا لِّمِیقَاتِنَا فَلَمَّاۤ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِیَّاي أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاۤءُ مِنَّاۤ إِنۡ هِي إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاۤءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَاۤءُ أَنتَ وَلِیُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡغَافِرِینَ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِي ٱلۡآخِرَةِ *((إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَ))* قَالَ عَذَابِي أُصِیبُ بِهِ مَنۡ أَشَاۤءُ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيءࣲ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِآیَاتِنَا یُؤۡمِنُونَ﴾ [الأعراف 155 - 156]،.
فقوم موسى، أي مسلموا بني إسرائيل، لما هادوا، سموا يهوداً لأجل هودهم هذا الذي عرفوا به،. فهذا الاسم ليس دينا آخر، إنما هو تسمية لعملٍ اشتُهروا به،.
أما النصارى،. فقد جاءت تسميتهم من نصرتهم لنبيهم،. ﴿فَلَمَّاۤ أَحَسَّ عِیسَى مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ *((قَالَ مَنۡ أَنصَارِي إِلَى ٱللهِ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللهِ ءَامَنَّا بِٱللهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ))﴾* [آل عمران 52]،.
وقال الله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ *((كُونُوۤا۟ أَنصَارَ ٱللهِ كَمَا قَالَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ لِلۡحَوَارِیِّـنَ مَنۡ أَنصَارِي إِلَى ٱللهِ))* قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ *((نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللهِ))* فَـَٔامَنَت طَّاۤئفَةࣱ مِّنۢ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ وَكَفَرَت طَّاۤئفَةࣱ....﴾ [الصف 14]،.
فمن نصرتهم لعيسى،. سموا نصارى،. وهم مسلمون في ذات اللحظة،. ولكنهم تُسُموا بالنصارى لنصرتهم، فليست النصرانية اسم دينٍ آخر غير دينهم،.
وهذه التسميات ليست فرقاً مبنية على ملة مختلفة، أو اتباعٍ لفهم خاص كفرق المسلمين اليوم،. إنما لعملٍ عرفوا به فتسموا به، دون أن يؤثر هذا على دينهم،. مثل ذلك أن يقال لمجموعة من أطباء المسلمين أنهم الأطباء،. وهؤلاء مهندسين، وهؤلاء إطفائيين، وهؤلاء مدربين، وهؤلاء حرس،. فهؤلاء لم يختلفوا عن باقي المسلمين في ملتهم، ولم يفترفوا بفرقة جديدة مبينة على الملة والدين والإيمان [كالسلفية والشيعة]،. إنما لعملٍ عرفوا به،. ولو كان هذا العمل لأجل الدين،. كالعلماء والمجاهدين وكتبة الوحي والولاة والمؤلفة قلوبهم والمساكين،.
والعجيب، أنه عندنا في أمتنا طائفتان عرفوا بمثل ما عرف به اليهود والنصارى [الهجرة والنصرة]،. فعندنا المهاجرين والأنصار،. فتسمية المهاجرين كتسمية اليهود (والهود الهجرة) كلاهما هاجر لله وللدين والهدى،. وتسمية الأنصار كتسمية النصارى،. كلاهما نصر نبياً،. ولم يقل أحدٌ من الناس عن المهاجرين والأنصار أن لهم ديناً آخر غير الإسلام،. إنما عرفوا بعملهم فسُموا به،.
ــــ الصابئة،.
من هم الصابئة وما معناها وكيف يمدحهم الله؟!،.
الصابئة جذرها صبأ،. ومنها الصبوة، وضدها الحكم والإحكام،. قال اْلله،. ﴿يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ *((وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا))* وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم 12 ـ 15]،. فضد الصبوة الإحكام،.
المحكم والحاكم والحكيم والمتحكم في العربية، هو العزيز القوي الممتنع،. المتماسك الذي يملك نفسه،. لا يفلت منه شيء ولا يضيّع أمره، ولا يدخل فيه شيء ليس منه،. الذي لا يتبع شهواته،. وعكس الإحاكم وضده في اللسان العربي هو (الصبوة)،. أي الفالت المتحرك، غير المستقر، كالصبي لا تعرف ما الذي سيقدم عليه،. ليس له قرار يحكمه،. لا يملك نفسه، يتبع شهوته وهواه حيث أخذه،. حركي،. لا يكون مسيطراً علىٰ نفسه ولا يستطيع التحكم بهواه، لهذا يقال عنه صبيٌّ،. فالصباوة عكس الإحكام،.
فيحيى آتاه الله الحكم فكان مُحكماً حكيماً، يحكم نفسه، مسيطراً، يملك نفسه وهو صبي صغير،. وليس الحكم هنا المُلك والأمارة، فيحيى لم يكن ملكاً وهو كبير، فضلاً أن يكون ملكاً في صباه،. فضلاً أن بني إسرائيل لم يرتضوا ملكاً على أنفسهم كطالوت (لم يؤت سعة من المال) فهل سيقبلون ملكاً صبياً؟!،.
فالحكم هنا ليس ما يتبادر للفهم أنه المُلك والسيادة والحاكمية! بل هو من الإحكام والمَنَعَة! وتفهمها مما يقابلها ويضادها في الآية نفسها،. ﴿..وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ ((صَبِيًّا))﴾،. والصبي هو المتفلت غير المستقر،. ولكن يحيى أوتي الحُكم، فلم يتبع شهوات الصبوة،. فلهذا يقال عن الصغير غير المتحكم: صبِيّ؛. قال يوسف،. ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ((وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ ((أَصْبُ إِلَيْهِنَّ)) وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ))﴾ [يوسف 33]،. قال الله عنه قبل ذلك،. ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ((ءَاتَیۡنَاهُ حُكۡمࣰا)) وَعِلۡمࣰا وَكَذَلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [يوسف 22]،.
فكان يلزم يوسف ((حكمةً)) من الله؛. حتى لا يتفلت وينساق لهواه ((ويصبو)) إليهن! ويحيى آتاه الله ((الحكمة)) من فترة ((صباه)) وصغره، ومن أجل هذا قال عنه رسُول الله ﷺ بسند فيه كلام،. ﴿ما من أَحَدٍ من وَلَدِ آدمَ إلا قد أخطأَ أو هَمَّ بخطيئةٍ ((ليس يحيَى بنَ زكريا))، وما ينبغي لأَحَدٍ أن يقولَ أنا خيرٌ من يونسَ بنِ مَتَّى﴾ أخرجه أحمد - 4/80،. الشطر الأخير من الْحديث عن يونس، صحيحٌ أخرجه في البخاري، دون الكلام عن يحيى،. فمن الحُكم الذي آتاه الله،. لم يخطئ أبداً! تخيل!،. ((وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا))،. لم يَهَم بخطيئةٍ!! يعني، حتى ما فَكَّرَ بخطيئةٍ!، وهذا من الحُكم، إحكام النفس،.
ومن تصاريفها أيضاً (الصب) كما يصب الماء [سكبها] من القارورة بعد فتحها [لم تعد محكمة]،. قال اْلله،. ﴿فَلۡیَنظُرِ ٱلۡإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبۡنَا ٱلۡمَاۤءَ صَبࣰّا﴾ [عبس 24 - 25]،. فالماء لو أفلتّه صببته،. بمجرد تحركه من مكانه لم يعد متماسكاً محكماً،.
فكلمة الصابئ تعني، الذي غير دينه،. وهي تقع على الذي كان مسلماً فصار كافراً، أو كان كافراً فصار مسلماً،. كلاهما صابئ،. من هذه الرواية تعلم أن الصابئ هو الذي غير دينه،.
ــ ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻗﺎﻝ:
«ﺑﻌﺚ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺇﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﺟﺬﻳﻤﺔ، ﻓﺪﻋﺎﻫﻢ ﺇﻟﻰ اﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺴﻨﻮا ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻟﻮا: ﺃﺳﻠﻤﻨﺎ، ﻓﺠﻌﻠﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺻﺒﺄﻧﺎ، ﻭﺟﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﻗﺘﻼ ﻭﺃﺳﺮا، ﻗﺎﻝ: ﻓﺪﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﺃﺳﻴﺮﻩ ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﺃﺻﺒﺢ ﻳﻮﻣﻨﺎ، ﺃﻣﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ ﻛﻞ ﺭﺟﻞ ﻣﻨﺎ ﺃﺳﻴﺮﻩ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ: ﻓﻘﻠﺖ: ﻭاﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﻗﺘﻞ ﺃﺳﻴﺮﻱ، ﻭﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﻴﺮﻩ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺪﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﺬﻛﺮ ﻟﻪ ﺻﻨﻴﻊ ﺧﺎﻟﺪ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻭﺭﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ: اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺑﺮﺃ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻤﺎ ﺻﻨﻊ ﺧﺎﻟﺪ» ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ «اﻟﻤﺠﺘﺒﻰ» (5449) ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ اﻟﺴﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ (ﺣ) ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ، ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ، ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ، ﺑﻪ. ✅،.
من هم الصابئة؟!،. الصابئة هم الذين غيّروا دينهم، ولم يجمدوا على دين آبائهم لمّا سمعوا الحقّ، ولم يُحكِموا أنفسهم على قرارٍ واحد جمودًا وتصلّبًا [إحكامًا له]، بل كانوا ليّنين وليسوا متكبرين؛ حين سمعوا الهُدَىٰ أسلموا لله،. هؤلاء صابئة، ويصحّ أن يقال كذلك على المسلم الذي غيّر دينه وبدّله إنّه صابئ.
فكلمة الصابئين في الآيات التالية لا تعني الكفار،. قال اْلله،. ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ((وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِـِٔینَ)) مَنۡ ءَامَنَ بِٱللهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة 62]،.
إنما هم الذين آمنوا من الكفار،. وتركوا دين آبائهم لدين لاسلام،. ولهذا زكاهم الله،. فالصابئة مسلمون،. والدين واحد عند جميع الأمم،.
ــــــ الخلاصة،. اليهودية والنصرانية ليست أدياناً ليقال بالاختلاف بينها،. إنما الدين واحد [وهو الإسلام]،. وهم كانوا مسلمين،. ولكنهم لم يحافظوا على الأمانة،. حرفوا دينهم وبدلوا فيه وزادوا ونقصوا فلم يعودوا مسلمين اليوم، (وجعلوا من هذه المسميات دينا مختلفاً عن الدين القيّم)،. وكذلك فعل كثير من المسلمين اليوم، فالذي يبدل دين الله من المسلمين اليوم فيقول بالناسخ والمنسوخ ويزيد فيه بالمذاهب والفرق، يكون قد حمل الاسم دون المسمى،. ولم يسلم نفسه لله حقاً،.
ــــ فدين الله واحد،. ليست أدياناً ولا شرائع،. ولا نسخ بينها لأنها ليست متعددة أساساً،.
نهاية الجزء العاشر،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق