الجمعة، 17 فبراير 2023

جريمة الناسخ والمنسوخ،. [11] ⚠️ شبهات اختلاف التشريع

جريمة الناسخ والمنسوخ،. [11] ⚠️ شبهات اختلاف التشريع،.

ــــــــــــــــــــــــ شبهات عززت لفكرة اختلاف التشريعات،. وأيدت فكرة "شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا"،.

هذه الشبهات التي استخدمها السلفيون، كانت هي المعززة لفكرة النسخ بين الشرائع،. ومن أجلها قال القرآنيون، أن النسخ الذي في القُــرآن إنما هو لشريعة النّبي ﷺ، أنها نسخت ما قبلها من الشرائع [تأثراً بشبهات السلفية]،. وسنضع هنا جميع الأدلة التي استخدموها،. ونثبت أنها كلها خطأ وسوء فهم،.

1 ــ سجود الملائكة لآدم،.
2 ــ تزاوج أبناء آدم من أخواتهم،.
3 ــ سجود يعقوب وأبناءه عند يوسف،.
4 ــ الجمع بين الاختين عند يعقوب،..
5 ــ اغتسال بني إسرائيل عراة عند موسى،.
6 ــ استرقاق السارق عند يوسف،.
7 ــ تماثيل سليمان،.
8 ــ عقوبة [اقتلوا أنفسكم] للعصاة عند موسى،.
9 ــ الغنائم كانت حراماً،. ثم أُحِلت للنّبي ﷺ،.
10 ــ تحريم الشحوم والعمل يوم السبت على اليهود،.
11 ــ أن عيسى جاء ليحل لهم ما حرّم عليهم،.
12 ــ وجاء النّبي ﷺ ليضع عنا الأصُر والأغلال،.

هذه الشبهات كانت من أقوى أدلة النُساخ، على ثبوت النسخ يقيناً، فقالوا : إن لم يكن النسخ جائزاً في الشريعة الواحدة،. فهو بين الشرائع حق واقعٌ بلا ريب،. هكذا قالوا،. وهذه كانت أدلتهم، فلننظر في كل واحدة منها على حدة،. لنرى هل أصابوا في الاستدلال أم لا،.

1ــــ شبهة،.. سجود الملائكة،.

أمر الله للملائكة بالسجود لآدم،. أمراً خاصاً موجهاً للملائكة فحسب، وليس تشريعاً للناس وليس هذا للبشر، وليس هذا دين يدان لله به في الأرض،. ففي كل الآيات التي فيها أمر الله فيها بالسجود (((كان يوجه القول فيها للملائكة)))،. وهذا تخصيصٌ واضح بيّن، ولا ينبغي جعله للناس كافة!،.

ذكر الله أمر السجود سبع مرات في ٱلۡقُرآن كله،. كلها فيها أمر مباشر ((للملائكة)) خاصة،. ولاحظ بنفسك كيف يخصص ذكر الملائكة في كل مرة،.

ــ (1) قال اْلله،. ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا *((لِلۡمَلَائكَةِ ٱسۡجُدُوا۟))* لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [البقرة 34]،.
ــ (2) وقال،. ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَاكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَاكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا *((لِلۡمَلَائكَةِ ٱسۡجُدُوا۟))* لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ لَمۡ یَكُن مِّنَ ٱلسَّاجِدِینَ﴾ [الأعراف 11]،.
ــ (3) وقال،. ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ *((لِلۡمَلَائكَةِ إِنّي خَالِقُۢ بَشَرࣰا مِّن صَلۡصَالࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ ۝ فَإِذَا سَوَّیۡتُهُ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا۟ لَهُ سَاجِدِینَ))* ۝ فَسَجَدَ ٱلۡمَلَائكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ﴾ [الحجر 28 - 30]،.
ــ (4) وقال،. ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا *((لِلۡمَلَائكَةِ ٱسۡجُدُوا۟))* لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِینࣰا﴾ [الإسراء 61]،.
ــ (5) وقال،. ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا *((لِلۡمَلَائكَةِ ٱسۡجُدُوا۟))* لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّیَّتَهُ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُوني وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢ بِئۡسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلࣰا﴾ [الكهف 50]،.
ــ (6) وقال،. ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا *((لِلۡمَلائكَةِ ٱسۡجُدُوا۟))* لِآدَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ﴾ [طه 116]،.
ــ (7) وقال،. ﴿إِذۡ قَالَ رَبُّكَ *((لِلۡمَلَائكَةِ))* إِنِّي خَالِقُۢ بَشَرࣰا مِّن طِینࣲ ۝ فَإِذَا سَوَّیۡتُهُ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا۟ لَهُ سَاجِدِینَ﴾ [ص 71 - 72]،.

فهذا أمر خاصٌ بهم فقط،. جميع الآيات التي فيها أمر بالسجود،. كان فيها ذكر الملائكة بالتخصيص والتعيين،. ليُعلم أن الأمر خاصٌ بالملائكة فقط، وليس تشريعاً للناس، حتى يقال بعد ذلك أنه أُلغيَ ورُفع،.

فإن كنت تريد إثبات التغيير والتبديل في كلام الله،. فأتِ بأن الله قال للملائكة (لا تسجدوا)،.. هنا يحق لك القول أنه اختلاف وتعارض،. ولكن السجود هنا كان خاصاً للملائكة وليس لنا،. وليس للإنس ولا للجن¹،. فلا يصح القول فيه أنه منسوخ،..

¹ رغم أن إبليس من الجن،. ولكن الأمر لإبليس بالسجود كان أمرا مخصصاً له بالتعيين، أمراً غير الأمر الذي كان موجهاً للملائكة،. فإبليس من الجن وليس من الملائكة، ولا يشمله ذاك الأمر الذي كان للملائكة،. والدليل أن الله أمره على وجه التحديد، قول الله،. ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ *((إِذۡ أَمَرۡتُكَ))* قَالَ أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُ مِن طِینࣲ﴾ [الأعراف 12]،.

فالأمر بالسجود، كان مخصوصاً موجها لفئة معينة،. الملائكة، وإبليس،. فإن كنت ستقول بالنسخ، فأتِ بأمر من الله يخالف قوله الأول ولن تجد،. فليس لك أن تقول ثمة اختلاف أو نسخ،. لأن النسخ لا يكون إلا عند التعارض، وليس ثمة تعارض في أمر السجود،.

و‏إن كتب الله السجود وأحله لمن قبلنا، فسيكون لنا كذلك بالضبط، إلا إن كان الذي كتبه لقوم خاصةً دون قوم،. وهذا اسمه تخصيص، قد يخص الله قوما بأمر، أو يخصهم بعذاب، فهذه التي فيها توجيه خاص لقوم معينين، فهي للقوم بذاتهم، وليست للناس كافة،. مثل ذلك ما كتبه الله على النّبي ﷺ بشكل خاص،. (قيام الليل ومواصلة الصيام)،. فهي له وحده وليست للناس كافة،. فالأوامر منها الخاص، ومنها العام،. ولا نخلط هذه بتلك، ولا نسمي التخصيص نسخٌ،. كما لا يسمى الاستثناء والتقييد نسخ،.

2 ــــ شبهة،. كان الزواج من المحارم مشروعاً عند أبناء آدم ثم نُسخ،.

هذه الشبهة تجعل الناس جميع اليوم أبناء نكاح المحارم من حيث أن أصلهم يرجع لأب تزوج أخته، فمن قَبِل بهذه الشبهة، فليرضَ بهذه التسمية على نفسه ابتداءً،.

قال أبو الفرج بن الجوزي [597 ﮬ.]،. "ﻭاﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﺯ اﻟﻨﺴﺦ ﺷﺮﻋﺎ؛ *((ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺁﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻭﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻩ، ﺟﻮاﺯ ﻧﻜﺎﺡ اﻷﺧﻮاﺕ ﻭﺫﻭاﺕ اﻟﻤﺤﺎﺭﻡ))* ﻭاﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ اﻟﺴﺒﺖ، ﺛﻢ ﻧﺴﺦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻣﻮﺳﻰ. ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺤﻮﻡ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺒﺎﺣﺔ ﺛﻢ ﺣﺮﻣﺖ ﻓﻲ ﺩﻳﻦ ﻣﻮﺳﻰ، ﻓﺈﻥ اﺩﻋﻮا ﺃﻥ ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺴﺦ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻟﻔﻮا ﻓﻲ اﻟﻠﻔﻆ ﺩﻭﻥ اﻟﻤﻌﻨﻰ" [نواسخ ٱلۡقُرآن 14]،.

الحق،.. أستغرب جداً من رجل عالم من علماء الحديث كابن الجوزي، وهو صاحب كتاب [العلل المتناهية في الأحاديث الواهية] وكتب أخرى جليلة في علم الإسناد وتحقيق المرويات،. ثم يقول بكل برود [ثبت أن من دين آدم كذا وكذا]،. دون أي سند للرواية، ودون أي تحقيق ومراجعة لرجالها وتتبع مصادرها،. ثم يدون الرواية على عواهنها ويمررها وكأنها حق ثابت معلومٌ من الدين بالضرورة!!،.

وببحث يسير في كتب الناسخ والمنسوخ، نجد أن ابن الجوزي، إنما قلد فيها شخصاً سبقه بها،. نقلها منه كما هي، بكل أمانة وذمة، دون أن يضيف فيها أو يعدلها،. نسخها نسخاً بالحرف الواحد، من ابن حزم المتوفى سنة 320 ﮬ. أو 344 ﮬ. [وهو أبو عبدالله، محمد بن حزم، وليس أبو محمد، علي بن حزم الظاهري المشهور] قال ابن حزمٍ المزيّف،. "ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻊ اﻟﻨﺴﺦ ﺷﺮﻋﺎ ﻷﻧﻪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺁﺩﻡ، ﻓﻲ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻻﺩﻩ، ﺟﻮاﺯ ﻧﻜﺎﺡ اﻷﺧﻮاﺕ ﻭﺫﻭاﺕ اﻟﻤﺤﺎﺭﻡ، ﻭاﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ اﻟﺴﺒﺖ ﺛﻢ ﻧﺴﺦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻡ" [معرفة الناسخ والمنسوخ صــ 8]،.

وهكذا هم أصحاب كتب الناسخ والمنسوخ، كل من ألف كتاباً في هذا العلم، ينقل أقوال من سبقه بالحرف الواحد،. ثم تكثر هذه الكتب ويتكرّر محتواها، فتصير علماً مستقلاً له شأنه،. وأصل هذا العلم "فِشِنج" كما سنرى،.

منبع هذه الشبهة [النكراء] التي يُكثر منها النُساخ في كتبهم، هي كتب التفسير الجائرة المفسدة، التي تنقل الكذب والقذارة والخزعبلات والتضليل في جل تفاسيرها،. ولكنها تبرء نفسها بنسبة التفسير لابن عباس تارة وللإسرائيليات تارة، أما النُساخ في الزاوية الأخرى، فلا يعنيهم التحقيق في هذه الأخبار، فكل شيء "مكتوب" يُعتبر عندهم ديناً قيّماً طالما هو "مكتوب" في الكتب، ولو كان روثاً!،. فتُلبس لباس العبرة والقداسة بسبب أنها كتبٌ قد سطّرها العلماء الذين أفنوا أعمارهم في [لعب الكيرم]،. ومن هذه الأخبار: نكاح الأخوات وذوات المحارم،. الذي هو في الحقيقة ((زنا محارم، وفاحشة قذرة))،. وإن أبوا واستشنعوا هذه التسمية،. هذه هي الحقيقة التي وضعوها ثم اضطروا للقول بالنسخ فيها،. وأن اللّٰه أباح وأمر بها، ثم ألغاها حين كثُر الناس!!،.

وقال أحد ”المرقّعين“ عن علة إباحة نكاح الأخوات [يوتيوبر]،. كانت هذه الحالة "اضطراراً" لقلة عدد البشر حينها (حاشا لله)،. وهذا الأخ [اليوتيوبر] تجرّأ وقالها، وأخرج ما في صدور النُساخ،. وهذا هو أساساً شعور هؤلاء الموصوفين بالعلماء وإن لم يقولوها صراحةً،. [يظنون بأن الله كان مضطراً لهذا الفعل، حاشا لله وتعالى عما يصفونه به الخبثاء]،.

وقال أحد ”الإعجازيين“ المشاهير [يصف نفسه بأنه من علماء الإعجاز العلمي في ٱلۡقُرآن]،. قال أن علة تحريم نكاح المحارم هو الأمراض الوراثية، وأولاد آدم كانوا في أول الخلق، كان أبوهم نقياً صافياً، لا يحمل في جيناته ما قد يسبب المشاكل من زواج أبناءه،. وهذا القول من المضحكات العلمية،. هذا هو الإزعاج العلمي،. كلهم يدافعون لأجل روايةٍ لا يعرفون أصلها،. يدافعون عنها على عمى، وكأن الأمر آية في ٱلۡقُرآن أو حديث صحيح، وليس كذلك،.

ــ ومن مقتضيات قولهم هذا (بأن الله أمر بها بادئ الأمر، قبل أن يحرّمه)،. حين أمر به أول الأمر ثم حرّمها وسماها فاحشة،. يقتضي من قولهم أن الله أمر بالفاحشة في بادئ الأمر،. ثم حرمها،. كيف وقد قال الله،. ﴿وَإِذَا فَعَلُوا۟ فَاحِشَةࣰ قَالُوا۟ وَجَدۡنَا عَلَیۡهَاۤ ءَابَاۤءَنَا *((وَٱللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلۡ إِنَّ ٱللهَ لَا یَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَاۤءِ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ))* ۝ قُلۡ أَمَرَ رَبِّي بِٱلۡقِسۡطِ وَأَقِیمُوا۟ وُجُوهَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ وَٱدۡعُوهُ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ كَمَا بَدَأَكُمۡ تَعُودُونَ ۝ فَرِیقًا هَدَىٰ *((وَفَرِیقًا حَقَّ عَلَیۡهِمُ ٱلضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلشَّیَاطِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱللهِ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ))﴾* [الأعراف 28 - 30]،.

وما أعظمها من فرية، أن يقال بأن الله أباح الفاحشة فيهم،. ثم حرمها ونسخها،. كل ذلك بلا برهان ولا دليل،. إلا نصرةً للمذهب والطريقة، ولتمرير علم الأشياخ وما وجدوا عليه الآباء!!،.

لا يوجد حديثٌ واحدٌ صحيحٌ عن النّبي ﷺ،. يقول بأن ابن آدم قد نكح أخته وأنجب منها،. حتى نقول بأنه كان أمراً من الله ثم نسخه!!،.

روى الطبري المفسر [ضعيف، شيعي، تكلموا فيه بأنواع ❌] 11714 - ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ ﻗﺎﻝ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ [محمد] اﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ [متهم بالكذب ❌]، ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ اﻷﻭﻝ [مجاهيل، مبهمين، يروون الإسرائيليات ❌]: ﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﺃﻣﺮ اﺑﻨﻪ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺢ ﺃﺧﺘﻪ توءﻣﻪ ﻫﺎﺑﻴﻞ، ﻭﺃﻣﺮ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻜﺢ ﺃﺧﺘﻪ توءﻣﻪ ﻗﺎﺑﻴﻞ، ﻓﺴﻠﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﺭﺿﻲ، ﻭﺃﺑﻰ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻛﺮﻩ ﺗﻜﺮﻣﺎ ﻋﻦ ﺃﺧﺖ ﻫﺎﺑﻴﻞ، ﻭﺭﻏﺐ ﺑﺄﺧﺘﻪ ﻋﻦ ﻫﺎﺑﻴﻞ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻧﺤﻦ ﻭﻻﺩﺓ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻭﻻﺩﺓ اﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺣﻖ ﺑﺄﺧﺘﻲ! ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ اﻷﻭﻝ [سُبْحَانَ اللّٰه، هكذا يسند الطبري تفسره!! ❌] ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺧﺖ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻀﻦ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺃﺭاﺩﻫﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ...." [جامع البيان 10/205]،.

ــــ رجال هذه الرواية الساقطة [وهي أصل القصة]،.

- الطبري، محمد بن جرير بن يزيد [وليس ابن رستم]، أبو جعفر،.
ــ ﻗﺎﻝ اﻟﺴﻠﻤﻲ: ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﻄﺒﺮﻱ، فقال ﺗﻜﻠﻤﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻧﻮاﻉ. «ﺳﺆاﻻﺗﻪ» (295).
ــ قال الذهبي : ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ،..... ﺛﻘﺔ ﺻﺎﺩﻕ ﻓﻴﻪ ﺗﺸﻴّﻊ ﻭﻣﻮاﻻﺓ ﻻ ﺗﻀﺮ. «ميزان الإعتدال في نقد الرجال 7306 6/90».

- ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ، ﻳﺪﻟﺲ، ﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ ﻭاﻟﻘﺪﺭ (ﺧﺖ ﻣ 4) #.
ـ ﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻫﻴﺐ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺮﻭﺓ، ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻛﺬاﺏ. «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 5/ 192.
ـ وﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺰﻋﻔﺮاﻧﻲ: ﺳﻤﻌﺖ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ، ﻭﺫﻛﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺩﺟﺎﻝ ﻣﻦ اﻟﺪﺟﺎﺟﻠﺔ. «اﻟﻜﺎﻣﻞ» 7/ 255.
ـ ﻗﺎﻝ ﺣﻨﺒﻞ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻳﻘﻮﻝ: اﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻟﻴﺲ ﺑﺤﺠﺔ. «ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻐﺪاﺩ» 1/ 230.

الرواية موضوعة ❌،.

ثم بعدها أسند الطبري [الشيعي الضعيف، تكلموا فيه بأنواع ❌] فقال،. 11715 - ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻗﺎﻝ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ ﻗﺎﻝ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺳﺒﺎﻁ [بن نصر، ضعيف، يقلب الأحاديث ❌]، ﻋﻦ اﻟﺴﺪﻱ [إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة، كذاب ❌] ﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻭﻋﻦ ﻣﺮﺓ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻭﻋﻦ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻮﻟﺪ ﻵﺩﻡ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﺇﻻ ﻭﻟﺪ ﻣﻌﻪ ﺟﺎﺭﻳﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺰﻭﺝ ﻏﻼﻡ ﻫﺬا اﻟﺒﻄﻦ، ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﻄﻦ اﻵﺧﺮ، ﻭﻳﺰﻭﺝ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻫﺬا اﻟﺒﻄﻦ، ﻏﻼﻡ ﻫﺬا اﻟﺒﻄﻦ اﻵﺧﺮ...." [جامع البيان 10/206]،.

ــــ رجال الرواية الساقطة [وهي أصل القصة]،.

- ﺃﺳﺒﺎﻁ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ، ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺨﻄﺄ ﻳﻐﺮﺏ،. (ﺧﺖ ﻣ 4).
- ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻧﻌﻴﻢ، ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺩﻛﻴﻦ، ﻳﻀﻌﻒ ﺃﺳﺒﺎﻁ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻪ ﻋﺎﻣﺘﻪ ﺳﻘﻂ ﻣﻘﻠﻮﺑﺔ اﻷﺳﺎﻧﻴﺪ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺮﺏ ﺑﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ: ﻗﻠﺖ ﻷﺣﻤﺪ: ﺃﺳﺒﺎﻁ ﺑﻦ ﻧﺼﺮ اﻟﻜﻮﻓﻲ، اﻟﺬﻱ ﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦ اﻟﺴﺪﻱ ﻛﻴﻒ ﺣﺪﻳﺜﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺿﻌﻔﻪ. «اﻟﺠﺮﺡ ﻭاﻟﺘﻌﺪﻳﻞ» 2/ 332.
- ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ: ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻲء. «ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺘﻬﺬﻳﺐ» 1/ 212.
- ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ. «ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ» 2/ 359.
- أبو نعيم الأصبهاني : كان يقلب الحديث.
- قال أبو حاتم : كان أسباط يقلب الحديث.
- أبو نعيم الفضل بن دكين : أحاديثه عامته سقط مقلوب الأسانيد، ومرة: لم يكن به بأس غير أنه كان أهوج
- أحمد بن شعيب النسائي : ليس بالقوي
- ابن حجر العسقلاني : صدوق كثير الخطأ يغرب.
ابن أبي حاتم : هالك.

- ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺮﻳﻤﺔ اﻟﺴﺪﻱ، ﻳﻬﻢ، ﻭﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ، ﻣﻦ اﻟﺮاﺑﻌﺔ،. (ﻣ 4).
ـ ﻗﺎﻝ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺨﻀﺮ ﺑﻦ ﺩاﻭﺩ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ: اﻟﺴﺪﻱ ﻛﻴﻒ ﻫﻮ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻙ ﺃﻥ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﻤﻘﺎﺭﺏ، ﻭﺇﻧﻪ ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ اﻟﺬﻱ ﻳﺠﻲء ﺑﻪ ﺃﺳﺒﺎﻁ ﻋﻨﻪ ﻓﺠﻌﻞ ﻳﺴﺘﻌﻈﻤﻪ، ﻗﻠﺖ: ﺫاﻙ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ اﻟﺴﺪﻱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﺃﻳﻦ؟ ((ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﺃﺳﺎﻧﻴﺪ ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﻣﺎ ﺫاﻙ)).. «اﻟﻀﻌﻔﺎء» 1/ 272.
ـ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺧﻼﺩ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻤﻌﺘﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﻛﺬاﺑﻴﻦ: اﻟﻜﻠﺒﻲ، ﻭاﻟﺴﺪﻱ. «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 1/270.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﺫﻛﺮ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ، ﻭاﻟﺴﺪﻱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺎﻧﺎ ﺿﻌﻴﻔﻴﻦ ﻣﻬﻴﻨﻴﻦ. «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 1/271.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ: اﻟﺴﺪﻱ ﻛﺬاﺏ ﺷﺘﺎﻡ. «ﺃﺣﻮاﻝ اﻟﺮﺟﺎﻝ» (20).

الرواية موضوعة ❌،.

وهكذا، يعتمد النُساخ على هذه المصادر الهالكة والأسانيد التالفة والقصص الكاذبة، ليثبتوا دعائم النسخ في الدين،. ثم يُدوَّن في كتبهم كما فعل ابن الجوزي حين قال،. (ثبت من دين آدم جواز نكاح الأخوات) اللّٰه أكبَر،. أمن هذه الأسانيد تقول : ثبت؟!،. سندٌ فيه كذاب عن مجاهيل (أهل العلم بالكتاب) يروون الإسرائيليات،. والآخر من أسوء الأسانيد في الدنيا، فيه أسباط الضعيف عن السدي الكذاب!،. ثم يقال (ثبت؟!)،. فحَسْبُنَا اللّٰه وَنِعْمَ الْوَكِيْل،.

لا يحل الكلام عن الله الأول بغير علم، ولا بهذه الأسانيد التالفة،. ولا يجوز الكلام عن غيب إلا بعلم ثابت من الله وحده،. قال اْلله للنّبي ﷺ بعد أن كلمه عن مريم،. ﴿ذَلِكَ مِنۡ *((أَنۢبَاۤءِ ٱلۡغَیۡبِ نُوحِیهِ إِلَیۡكَ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ))* إِذۡ یُلۡقُونَ أَقۡلَامَهُمۡ أَیُّهُمۡ یَكۡفُلُ مَرۡیَمَ *((وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ))* إِذۡ یَخۡتَصِمُونَ﴾ [آل عمران 44]،.

فلا يجوز الخوض في كيفية تكاثر البشر حينها بغير وحيٍ ولا حجةٍ من الله ولا برهان، لأننا لم نكن لديهم حينها، ولم نشهد ماذا حصل لنحكم بيقين كيف حصل، إنما نقول : الله أعلم بالذي جرى،. فهو من الغيب، والله لم يخبرنا بتفصيل الأمر،. ولو شاء لأخبرنا ولكنه لم يخبرنا بتفصيله،. قال الله عن يوسف،. ﴿ذَلِكَ *((مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡغَیۡبِ نُوحِیهِ إِلَیۡكَ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ))* إِذۡ أَجۡمَعُوۤا۟ أَمۡرَهُمۡ وَهُمۡ یَمۡكُرُونَ﴾ [يوسف 102]،.

والحق في هذه المسألة، أن خلقُ آدم لم يكن كخلق بقية الرجال [فهو من غير أب ولا أم]،.. وخلقُ زوجه من ضلعه، كذلك ليس كخلق بقية النساء،. فكل شيء حصل بداية الخلق ليس مثل بقية الخلق،. فلماذا ماثلنا وشابهما وقِسنا خلق أبناء آدم (وهم في أول الخلق) على خلق بقية البشر؟!،. واشترطنا التشبيه والمماثلة؟!،.

ألا يمكن أن يكون خلق الأبناء والبنات كذلك مختلفاً عن خلق بقية البشر؟!،. لك أن تتصور ما تشاء دون أن تجزم بشيء،. [طالما لا تملك وحياً يقطع به]،. ولكن تفكر فيما لديك من براهين،.. فلعلك تصل لشيء بالتدبر،. دون أن تقطع به جازماً، أو تلزم به غيرك،. ودون افتراء وفلسفة وطعن في الله أنه غيّر كلامه وتراجع عنه!،.

ــــ كيف انتشرت ذرية آدم؟،. هل كان الأخ يتزوج أخته؟!،.

الحق أن الله خلق [امرأة آدم] منه كما في الآية،. ﴿یَا أَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم ((مِّن نَّفۡسࣲ وَاحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا))..﴾ [النساء 1]،. وصاحب هذا السؤال،. لا يسمي حواء [إن ثبتت تسميتها] بأنها ابنة آدم، رغم أنها خُلقت منه،. وهذا بشاهد القُرآن،.

وفي الحديث الصحيح أنها خلقت من ضلعٍ،. قال نبي ٱلله ﷺ،. ﴿اﺳﺘﻮﺻﻮا ((ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء ﺧﻴﺮا، ﻓﺈﻧﻬﻦ ﺧﻠﻘﻦ ﻣﻦ ﺿﻠﻊ))،..﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺭاﻫﻮﻳﻪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.

وسكن إليها، كما قال ٱلله،. ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَاحِدَةࣲ ((وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِیَسۡكُنَ إِلَیۡهَا))،..﴾ [الأعراف 189]،.

وكونها (أي هذه المرأة) خُلقت من آدم، ((لم تُعتبر هذه المرأة ابنةً لآدم))،. حيث أن آدم لم يحمل بها كما تحمل النساء بالبنين، ولم يلدها كما تلد النساء،. فهذه المرأة [التي خُلقت منه] وليست ابنته،. ولهذا سكن إليها،.

ــ ضع في ذهنك أن ما حصل بداية الخلق كان آية من آيات الله التي تقصر عقولنا عن استيعابه،. وليس فيه شيءٌ يشبه ما يحصل عند بقية الناس اليوم وما اعتادوا عليه،. فآدم خُلق من غير أب ولا أم وطوله ستون ذراعاً،. وزوجه خلقت من غير أب ولا أم،. إنما خلقت من آدم، ((وآدم ليس أبوها))،. رغم أنها خُلقت منه،. وخرجت من ضلعه،. [فلا تقس أول الخلق على المعهود، لتلزم أول الخلق بما تعلم وبما اعتدت عليه الآن]،. فكل ما حصل حينها كان آية من آيات الله،.

ــ الآن،. نزعم زعماً بلا جزم ولا قطع [فالعلم الحق عند الله وحده]،. بأن ذرية البشر انتشرت من آدم نفسه، وإليه يرجع أصل الإنسان كله،. خلق الله من ضلعِ آدم زوجَه،. وخلق من ضلعه كذلك إناثاً أخريات غيرها،. وهن جميعاً بلا شك ((لسن بناته، كما أن "حواء" ليست إبنته))،. فهن كذلك لسن بناته،. إنما خُلقن من ضلعه،. كما خلقت الأولى منه وتزوجها آدم،. وحديث النّبي ﷺ عن النساء كان شاملاً كل النساء،. ﴿ﻓﺈﻧﻬﻦ ﺧﻠﻘﻦ ﻣﻦ ﺿﻠﻊ﴾،. ولم يقل،. (فإن أمّهن خلقت من ضلع)،.

وحين أراد الله أن يبث الذرية من آدم وزوجه،. [رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰ]،. كانت امرأته تلد (الذكور فقط)،. ويخلق الله من ضلع آدم (الإناث) كما كانت "حواء"،. فالأولاد [الذكور] يُسمَون أولاد آدم، لأنهم أتوا إثر نكاحه من زوجه،. فالذكور كلهم أبناء آدم [لأنهم من صلبه، بعد أن تغشّى زوجَه]،. ولكن النساء كنّ من ضلع آدم، ولا يقال أنهن بناته [كما أن حواء ليست بنته]،.

فكان كل رجل من (أبناء آدم)، يتزوج البنت التي (خُلقت من ضلع آدم)،. وهكذا انتشرت الذرية وصرنا كلنا أبناء آدم،. والرجل يُنسب لأبيه لا لأمه،. فنحن كلنا أبناء آدم عبر آبائنا وصولاً لآدم،. والذي يثبت هذا القول،. معنى كلمة (زوج) في القُرآن،. وبالجمع بين الآيات وأحاديث النّبي ﷺ،.

فالنساء خلقن من ضلع آدم [النفس الواحدة]،. والرجال خرجوا من حواء،. وحين ترجع للۡقُرآن،. ستجد قول ٱلله في أول آية في سورة النساء،. ﴿یَا أَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَاحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا *((وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰ))* وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ ٱلَّذِي تَسَاۤءَلُونَ بِهِ وَٱلۡأَرۡحَامَ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلَیۡكُمۡ رَقِیبࣰا﴾ [النساء 1]،.

النفس الواحدة هي : آدم،.
خلق من النفس الواحدة زوجها، مثيلها : حواء،.

ثم قال،. ﴿..وَبَثَّ ((مِنۡهُمَا)) رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰ..﴾،. وليس (منها)،. فالرجال والنساء، خرجوا (منهما)، وليس منها فقط،. الرجال من حواء، والنساء من آدم،. وهن لسن بأخوات هؤلاء الرجال [كما أن حواء ليست أخت آدم]،. فيحل لهم نكاحهن، كما حلّ لآدم نكاح امرأةٍ خرجت منه،.

هذا القول [وإن كنت لا أقطع به جزماً]،. إلا أنه أحسن ألف مرة من أن يقال بأن أبناء آدم نكحوا أخواتهم [ثم يتورطون بعدها بأمرين]،. جعلوا البشر كلهم أبناء زنا المحارم،. واتهموا الله بأنه أمر بفاحشة ثم نسخ وبدل شرعه!!،. وإن كنت لم تَتقبل هذا التدبر،. فلا حرج عليك، ولكن ارجع لأصل المسألة واليقين فيها وقل: العلم عند الله، والله أعلم كيف تكاثرت البشرية، فهذا غيب،. ولا تقل على الله بغير علم ولا برهان ولا دليل،.

فلا نسخ في قضية أبناء آدم،. ولم يكن ثمة نكاح للمحارم،. وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ،.

3 ــــ شبهة السجود عند يعقوب،.

قبل أن نتكلم عن الذي كان في شرعهم، وهل كان تشريعاً أم لا،. نقول أين هو النهي في شرعنا عن السجود لغير الله؟!،. لا يوجد حديثٌ ثابت السند، فيه النهي عن السجود لغير الله،. وما بلغنا عن النّبي ﷺ أنه قال لمعاذٍ (لا تفعل،. ولو كنت آمرا أحداً أن يسجد لأحدٍ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)،. كلها لم تصح أسانيدها ❌،.

فحديث أنس بن مالك المرفوع، ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ «اﻟﻜﺒﺮﻯ»،. في سنده ﺧﻠﻒ ﺑﻦ ﺧﻠﻴﻔﺔ [صدوق أختلط فخرف ❌]،.

وحديث أبي بريدة المرفوع، رواه ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺪاﺭﻣﻲ،. فيه ﺣﺒﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ [ضعيف ليس بثقة لا يحتج به ❌]، ﻋﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ [ابني بريدة عبدالله وسليمان لم يسمعا من أبيهما بريدة ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ مرفوعاً،. والقصة عن أعرابي وليس عن معاذ،.

وحديث عائشة المرفوع، ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ،. بسندهم عن ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺔ، ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺟﺪﻋﺎﻥ [ضعيف ليس بحجة ❌]، ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ [لم يسمع من عائشة ❌]، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ مرفوعاً،..

وحديث أبي هريرة المرفوع، ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ،. في سندهم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺑﻦ ﻭﻗﺎﺹ [صدوق له أوهام ضعيف ❌]،.

وحديث معاذ، ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ،. في سندهم اﻷﻋﻤﺶ [مدلس لم يصرح بالسماع ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻇﺒﻴﺎﻥ ﺣﺼﻴﻦ ﺑﻦ ﺟﻨﺪﺏ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ [ثقة، لم يسمع معاذاً ❌]، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ مرفوعاً،.

وآخر عن معاذ، ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺶ [مدلس لم يصرح بالسماع ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻇﺒﻴﺎﻥ ﺣﺼﻴﻦ ﺑﻦ ﺟﻨﺪﺏ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ [لم يسمع من معاذ ❌]، ﻗﺎﻝ: «ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﻣﻌﺎﺫ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ، الحديث،...

وآخر ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ،. بسندهم ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ اﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ، ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ بن عوف اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ [مضطرب ❌]، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻭﻓﻰ، أن معاذ بن جبل،..

وآخر ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃحمد ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ الدستوائي، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ [ضعيف ❌]، ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻜﻮﻓﺔ، ﺃﺣﺪ ﺑﻨﻲ ﻣﺮﺓ ﺑﻦ ﻫﻤﺎﻡ [مجهول ❌]، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ، مرفوعاً،.

وآخر ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ [هو ضعيف سيء الحفظ ❌] ﻋﻦ معمر بن راشد [ضعيف في غير الزهري ❌]، ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ، ﻋﻦ ﻋﻮﻑ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﺃﻭ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ [ضعيف مضطرب ❌]، ﺃﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻡ اﻟﺸﺎﻡ،.. الحديث،.

فلم يثبت حديثٌ صحيحٌ عن سجود معاذ للنّبي ﷺ،. ولا يوجد حديث ينهى عن السجود لغير الله،.

ثم نقول،. من أين عرفتم أن هذا السجود [الذي فعله يعقوب] كان شريعةً من الله؟!،. أو كان بأمر من الله؟!،. إيتونا بالبرهان من الله، إيتونا بكتب الله فاتلوها إن كنتم صادقين!،.

ألم تعلموا أن الناس تفعل أشياء من نفسها؟!،. وأن نِسبَتها لله يعتبر حراماً؟!،. قال ٱلله،. ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ((وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ))﴾ [اﻷعراف 33]،.

قالَ اْلله عن إسرائيل أنه حرم على نفسه بعض الطعام،. ﴿كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلࣰّا لِّبَنِي إِسۡرَاءِیلَ *((إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسۡرَاءِیلُ عَلَىٰ نَفۡسِهِ مِن قَبۡلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوۡرَاةُ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِٱلتَّوۡرَاةِ فَٱتۡلُوهَاۤ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ ۝ فَمَنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللهِ ٱلۡكَذِبَ))* مِنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ﴾ [آل عمران 93 - 94]،.

نعم، رؤيا الأنبياء حقٌ ووحي،. ولكن رؤيا يوسف كانت قبل النبوة وليس فيها أمرٌ ولا تشريع،. قال ٱلله،. ﴿إِذۡ قَالَ یُوسُفُ لِأَبِیهِ یَا أَبَتِ إِنِّي رَأَیۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبࣰا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَیۡتُهُمۡ لِي سَاجِدِینَ ۝ قَالَ یا بُني لَا تَقۡصُصۡ رُءۡیَاكَ عَلَىٰۤ إِخۡوَتِكَ فَیَكِیدُوا۟ لَكَ كَیۡدًا إِنَّ ٱلشَّیۡطَانَ لِلۡإِنسَانِ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يوسف 4 - 5]،.

ثم قال يعقوب،. ﴿وَكَذَلِكَ *((یَجۡتَبِیكَ رَبُّكَ وَیُعَلِّمُكَ مِن تَأۡوِیلِ ٱلۡأَحَادِیثِ وَیُتِمُّ نِعۡمَتَهُ عَلَیۡكَ وَعَلَىٰۤ ءَالِ یَعۡقُوبَ))* كَمَاۤ أَتَمَّهَا عَلَىٰۤ أَبَوَیۡكَ مِن قَبۡلُ إِبۡرَاهِیمَ وَإِسۡحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ﴾ [يوسف 6]،.

فالرؤيا كانت قبل الاجتباء [النبوة]،. وهذه الرؤيا تعتبر من الأخبار،. وليست تشريعاً، فليس فيها أمر ولا نهي،. ليست كالتي كانت عند إبراهيم،. فقال له ابنه،. ﴿افعل ما تُؤمر﴾،. أما هذه فليس فيها أمر،. ثم لما تحققت الرؤيا،. قال ٱلله،. ﴿وَرَفَعَ أَبَوَیۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّوا۟ لَهُ سُجَّدࣰا وَقَالَ یَا أَبَتِ *((هَذَا تَأۡوِیلُ رُءۡیَاي مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقࣰّا))* وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِي إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ،....﴾ [يوسف 100]،.

هذه الرؤيا نبوءة من الله ليوسف وليعلم يعقوب، أن هذا الأمر سيحصل في حياة يوسف لزاماً، وليس تشريعاً من الله،. ومثل هذا قول النّبي ﷺ،. ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ، ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ ﴿ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ، ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺳﻠﻜﻮا ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺴﻠﻜﺘﻤﻮﻩ، ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﻦ؟!﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،.

فالنبي ﷺ يخبر أننا سنتبع سنن اليهود والنصارى، ولا يأمر به،. ولا يشرع ذلك،. إنما هو خبر ونبوءة،.

وأمثلة هذه الأخبار كثيرة في ٱلۡقُرآن،. وأوضحها التي يقول الله فيها أن الناس لن تؤمن به، وأن أكثر الناس سيشركون به،. وهذا كله خبرٌ عن أمرٍ سيحصل،. وليس تشريعاً،.

فالسجود الذي حصل ليوسف، لم يكن من أمر الله حتى تأتوا بالبرهان، ولن تجدوه،. فلا تفتروا على الله كذباً فتجعلوا هذا السجود أمراً من الله،. قال اللّٰه،. ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ((لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلهِ)) الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت 37]،. فلا نسجد للشمس ولا للقمر،. ومن ادعى أن الله أمر بهذا السجود، ثم نهى عن السجود [نسخ أمره]،. فهو المطالب بالدليل الأول والثاني [الناسخ والمنسوخ]،. ولن يجد لذلك سبيلاً،. سوى وساوس كانت في صدره،.

ومن عجائب السلفية،. أنهم قسموا السجود قسمين للخروج من المأزق فقالوا هذا سجود تحية [كذلك قالوا عن سجود الملائكة]، أنه سجود تحية وليس سجود عبادة،. ليشرعنوا بهذا التقسيم السجود لغير الله،. رغم أنهم يعتبرون السجود لغير الله شركاً، وإن كان الساجد لا يقصد العبادة،.

4 ــــ الجمع بين الاختين عند يعقوب [راحيل ولئيا]،..

هذه الشبهة من أسخف ما قد يُطرح هنا للدراسة والتحقيق،. لأن القصة مصدرها ليس ٱلۡقُرآن، ولا الحديث الصحيح،. إنما هي أوهامٌ وخيالات التصقت في ذهن السلفية والنُساخ قبلهم،. تم أخذها من ترهات التفاسير والتاريخ وقصص الأنبياء، التي تجمع كل كذب وافتراء،. ثم بكل صفاقة وبرودة دم، تبرء نفسها بوضع الإسناد، لترفع الملامة عن نفسها أنه قد أحالوك!!،. بعد أن أضللتم أقواماً وأهلكتم أتباعكم السلفية بشبهاتكم وافتراءاتكم الكثيرة تقولون [احنا ملناش دعوة، أهو السند أهو، روح وفتش انت بئة، مجبناش حاجة من كيسنا]،. ومنها هذه القصة المفتراة على نبي الله يعقوب،.

الحق،. لا يوجد برهان على أن يعقوب جمع بين اختين،. ولا نعلم من هن نساؤه على وجه اليقين، ولم نكن لديهم حينها لنقول أنه (تزوج لئية وأحب راحيل أكثر منها)،. هذا فيلمٌ هنديّ،. هذه أشبه بقصص ساندريلا والأقزام،. واستخدام مثل هذه القصص لدعم الناسخ والمنسوخ يعتبر ((دناءة وحقارة ورُخص، وسوء أدب مع أنبياء الله))،. وحَسْبُنَا اللّٰه وَنِعْمَ الْوَكِيْل،.

وهناك الكثير من مثل هذه الشبهات الدنيئة الرخيصة، تعمّدت تجاهلها لسُخفها وسُخف عقل القائل بها،. مثل قولهم : إن الصوم عند الأولين كان الإمساك عن الكلام،. وأن عقوبة العاق كان الاعدام،. وغيرها الكثير من الترهات التي لا تستحق الرد،. كونها ترهات وافتراءات واسرائيليات لا أصل لها،.

5 ــــ شبهة التعرية أثناء الاغتسال،.

كذلك هذه،. ومن قال بأن تعريهم كان أمراً من الله، فعليه البينة ولن يجد!،. والظاهر أن الناس متأثرة جداً بالخرافات والأكاذيب التي بثّتها التفاسير دون برهان عن النّبي ﷺ،. أما الحق، فلم يثبت عن أهل الكتاب أنهم كانوا يغتسلون عراةً بأمرٍ أو تشريعٍ من الله،. وقصة غسل بني إسرائيل عراة زمن موسى لم تثبت أساساً،. ففي سندها ﻗﺘﺎﺩﺓ ﺑﻦ ﺩﻋﺎﻣﺔ [مدلس ولم يصرح بالسماع ❌]، ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮﻱ [مدلس، ولم يصرح بالسماع، ولم يلق أبو هريرة ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ به،.

ومن طريق آخر،. ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﺑﻦ ﻫﻤﺎﻡ [سيء الحفظ ❌]، ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ ﺑﻦ ﺭاﺷﺪ [ضعيف في غير الزهري ❌]، ﻋﻦ ﻫﻤﺎﻡ ﺑﻦ ﻣﻨﺒﻪ [ثقة، اشتهر برواية الإسرائيليات ❌] به،.

كذلك حديث أيوب أنه كان يغتسل عرياناً فأمطر عليه جراداً من ذهب، لم يثبت سنده كذلك، ففي أحسن طريق له،. تجد ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ ﺑﻦ ﻫﻤﺎﻡ [سيء الحفظ ❌]، ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ ﺑﻦ ﺭاﺷﺪ [ضعيف في غير الزهري ❌]، ﻋﻦ ﻫﻤﺎﻡ ﺑﻦ ﻣﻨﺒﻪ [ثقة، اشتهر برواية الاسرائيليات ❌] به،.

أما الصحيح فَديننا واحد،. وقد كان مما كان من كلام الأنبياء قبلنا،. إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت،. وهذا كلام النّبي ﷺ،. ــ فعن ﺭﺑﻌﻲ ﺑﻦ ﺣﺮاﺵ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ،. ﴿ﺇﻥ ﻣﻤﺎ ﺃﺩﺭﻙ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ اﻟﻨﺒﻮﺓ اﻷﻭﻟﻰ: ﺇﺫا ﻟﻢ تستحي، ﻓﺎﺻﻨﻊ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ✅،.

وهذا بالضبط ما ورد في ديننا،. ــ فعن ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻗﺎﻝ،. ﴿اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻀﻊ ﻭﺳﺒﻌﻮﻥ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭاﻟﺤﻴﺎء ﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎﻥ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.

وقد نهانا النّبي ﷺ أن نمشي عراةً،.. ــ فعن ﺃﺑﻲ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﺣﻨﻴﻒ، ﻋﻦ اﻟﻤﺴﻮﺭ ﺑﻦ ﻣﺨﺮﻣﺔ، ﻗﺎﻝ ﴿ﺃﻗﺒﻠﺖ ﺑﺤﺠﺮ ﺃﺣﻤﻠﻪ ﺛﻘﻴﻞ، ﻭﻋﻠﻲ ﺇﺯاﺭ ﺧﻔﻴﻒ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺎﻧﺤﻞ ﺇﺯاﺭﻱ ﻭﻣﻌﻲ اﻟﺤﺠﺮ ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺃﺿﻌﻪ، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻌﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: اﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺛﻮﺑﻚ ﻓﺨﺬﻩ ((ﻭﻻ ﺗﻤﺸﻮا ﻋﺮاﺓ))﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ✅،. وأحاديث غيرها تبين الأمر،.

فلا ناسخ ولا منسوخ في قضية الاغتسال،.

6 ــــــ شبهة استرقاق السارق،.

هذه كانت في دين الملك، وليس في دين الله ولا كان يوسف يدين بهذا، ولكنه كان عند الملك، على خزائن أرضه،. قال ٱلله،. ﴿فَبَدَأَ بِأَوۡعِیَتِهِمۡ قَبۡلَ وِعَاۤءِ أَخِیهِ ثُمَّ ٱسۡتَخۡرَجَهَا مِن وِعَاۤءِ أَخِیهِ *((كَذَلِكَ كِدۡنَا لِیُوسُفَ مَا كَانَ لِیَأۡخُذَ أَخَاهُ فِي دِینِ ٱلۡمَلِكِ))* إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ نَرۡفَعُ دَرَجَاتࣲ مَّن نَّشَاۤءُ وَفَوۡقَ كُلِّ ذِي عِلۡمٍ عَلِیمࣱ﴾ [يوسف 76]،.

وقد بيّن الله أنه،. ﴿فِي دِینِ ٱلۡمَلِكِ﴾،. ورغم ذلك طالت ألسن الشيوخ وقالوا : دين الله، وقد نسخه!! فلْاحَوْلَ ولاْ قُوّةَ إِلاّ بِاْلله،.

7 ــــــ تماثيل سليمان،.

قال ٱلله،. ﴿وَلِسُلَیۡمَانَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡرࣱ وَرَوَاحُهَا شَهۡرࣱ وَأَسَلۡنَا لَهُ عَیۡنَ ٱلۡقِطۡرِ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ ۝ *((یَعۡمَلُونَ لَهُ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَارِیبَ وَتَمَاثِیلَ))* وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَاتٍ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُودَ شُكۡرࣰا وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ﴾ [سبأ 12 - 13]،.

وفي الحديث، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﺃﻥ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺃﺧﺒﺮﻩ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ: «اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ اﻟﺼﻮﺭ [أي التماثيل]، ﻳﻌﺬﺑﻮﻥ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﺃﺣﻴﻮا ﻣﺎ ﺧﻠﻘﺘﻢ» ـ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ : «ﺇﻥ اﻟﻤﺼﻮﺭﻳﻦ ﻳﻌﺬﺑﻮﻥ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﺃﺣﻴﻮا ﻣﺎ ﺧﻠﻘﺘﻢ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.

فهل كانت هذه خاصة بشريعة سليمان؟!،. لا،.

التماثيل مشتقة من المماثلة، ولهذا سميت التصاوير والمنحوتات والنُصب المشكّلة على أشكال البشر بالتماثيل، لأنها تُماثل الخلق الحقيقي في شكله،. وهي ليست حقيقية،. فهذه أصل التسمية،.

التماثيل في آية سليمان ليست النُصب، ولم يكن سليمان يصنعها ليباهي بها عند الناس كما زعمت التفاسير، ولم يكن سليمان ذا تصاوير أو نحوتات ضخمة، يضعها على مشارف قصره ليري الناس ملكه العظيم [كما قالت التفاسير]، ولم يكن صاحب دنيا ومفاخرة، إنما كان محارباً ذا بأس شديد، يعمل ويصنع للحرب، والحرب خُدعة،. وسليمان مقاتلٌ كأبيه، والمحارب يمثّل ليخدع عدوه، فالحرب خدعة [كما أن التماثيل تستخدم للخداع]، والتماثيل كانت تُصنع له لإيهام العدو وتخويفه وكسر شوكته وإحباط همته،. كأن يصنع أشياءً لتبدو لعدوه أن عدده كبير فيهاب وينهزم، وأن يصنع ما يماثل السلاح لغرض الخدعة والمكيدة،. أو يصنع ما يمثل للعدو أن سليمان محيطٌ به،. وكل ذلك تمثيل وتماثيل،.

ــ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ اﻟﻤﻜﻲ، ﺳﻤﻊ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ «اﻟﺤﺮﺏ ﺧﺪﻋﺔ» ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.

ـ اﻟﺤﺮﺏ ﺧﺪﻋﺔ؛ ﺃﻱ ﺃﻥ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﺏ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺨﺎﺩﻋﺔ ﻭاﻹﺧﻔﺎء ﻭاﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﻭاﻟﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭاﻟﺘﻌﺮﻳﺾ، هذا كله تمثيل ومماثلة،. وهكذا كان سليمان، فهو محارب مقاتل مجاهد،.

ولو صنع أحد قُوّاد المسلمين تماثيل لأجل إخافة العدو، فهو داخل في حديث [الحرب خدعة]،. وليس في ذلك بأس ولا حرج،. فهذا الأمر ليس مما شُرِع قديماً وانتهى، هو باق في شريعتنا وشريعتهم،. ولا نسخ فيها،.

8 ــــــ شبهة،. كان العقاب في بني إسرائيل قتل النفس ثم نسخه الله،.

دليلهم قول اْلله،. ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ یا قَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِئكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ ذَلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئكُمۡ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ﴾ [البقرة 54]،.

ليس في الأمر ناسخٌ ولا منسوخ،. مبدئياً وقبل النظر في شبيهات الآية الشارحة لها والمفسرة لها،.. هذه الآية، ليس فيها أمر الله، بل هو من قول موسى لقومه،. قالها موسى،. [فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِئكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ ذَلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئكُمۡ] ثم قالَ اْلله أنه عفى وتاب عليهم [فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ]،. فالآية نفسها تدل أن الله تاب عليهم،. وإنما قال لهم موسى هذا لأنهم زعموا أنهم يحبون الآخرة على الدنيا كما سيأتي،.

فالحق فيها، أن الله عفى عنهم دون أن يأمرهم بقتل أنفسهم،. فقد قالَ اْلله قبلها،. ﴿وَإِذۡ وَاعَدۡنَا مُوسَىٰۤ أَرۡبَعِینَ لَیۡلَةࣰ *((ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِ وَأَنتُمۡ ظَالِمُونَ ۝ ثُمَّ عَفَوۡنَا عَنكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ))* لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة 51 - 52]،. فالله عفى عنهم،. ولم يأمرهم بقتل أنفسهم،.

وقال مثله في موضع آخر،. قال ٱلله،. ﴿یَسۡـَٔلُكَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَیۡهِمۡ كِتَابࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَقَدۡ سَأَلُوا۟ مُوسَىٰۤ أَكۡبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوۤا۟ أَرِنَا ٱللهَ جَهۡرَةࣰ فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ بِظُلۡمِهِمۡ *((ثُمَّ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَاتُ فَعَفَوۡنَا عَن ذَلِكَ))* وَءَاتَیۡنَا مُوسَىٰ سُلۡطَانࣰا مُّبِینࣰا﴾ [النساء 153]،. فالله عفى عنهم لعلهم يشكرون، ولم يأمرهم بقتل أنفسهم،.

ثانياً،. بالنظر في تفصيل هذا القتل،. نجد أن الله قال لموسى أن يأمرهم بأن "يتمنوا الموت" كإثبات منهم أنهم تابوا من اتخاذ العجل، وأرادوا الدار الآخرة، ولكنهم لم يطيعوا نبيهم،.

قال اْلله،. ﴿وَلَقَدۡ جَاۤءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَیِّنَاتِ *((ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِ وَأَنتُمۡ ظَالِمُونَ))* ۝ وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَاقَكُمۡ وَرَفَعۡنَا فَوۡقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُوا۟ مَاۤ ءَاتَیۡنَاكُم بِقُوَّةࣲ وَٱسۡمَعُوا۟ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا *((وَأُشۡرِبُوا۟ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡ))* قُلۡ بِئۡسَمَا یَأۡمُرُكُم بِهِ إِیمَانُكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ۝ *((قُلۡ إِن كَانَتۡ لَكُمُ ٱلدَّارُ ٱلۡآخِرَةُ عِندَ ٱللهِ خَالِصَةࣰ مِّن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُا۟ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ))* ۝ وَلَن یَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَٱللهُ عَلِیمُۢ بِٱلظَّالِمِینَ ۝ وَلَتَجِدَنَّهُمۡ أَحۡرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَیَوٰةࣲ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ یَوَدُّ أَحَدُهُمۡ لَوۡ یُعَمَّرُ أَلۡفَ سَنَةࣲ وَمَا هُوَ بِمُزَحۡزِحِهِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ أَن یُعَمَّرَ وَٱللهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ﴾ [البقرة 92 - 96]،.

فالله لم يأمرهم بأن يقتلوا أنفسهم [حتى يقال أنه نسخه فيما بعد]،.

قال الله في سورة النساء،. *﴿((وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُوا۟ مِن دِیَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِیلࣱ مِّنۡهُمۡ))* وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا﴾ [النساء 66]،.

في هذه الآية يقول الله،. أنه (لو) أمرهم فلن يفعلوا،. وكلمة (لو) تدل أن الله لم يأمر به من الأساس،.

وهي مثل قوله،. *﴿((وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَاۤ إِلَیۡهِمُ ٱلۡمَلائكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَیۡهِمۡ كُلَّ شَيءࣲ قُبُلࣰا مَّا كَانُوا۟ لِیُؤۡمِنُوۤا۟))* إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ وَلَكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ یَجۡهَلُونَ﴾ [الأنعام 111]،. فالله لم يفعل هذا، لم ينزل للبشر ملائكة،. كذلك لم يأمر بني إسرائيل بأن يقتلوا أنفسهم،. إنما أمرهم بأن يتمنوا الموت [كإثبات أنهم تركوا العجل (وحب العاجلة)]،.

فليس فيها ناسخ ولا منسوخ،. إنما قول موسى لهم،. ﴿فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِئكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ﴾،. هي من موسى لهم، لأنه الله قال لموسى،. ﴿فَتَمَنَّوُا۟ ٱلۡمَوۡتَ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ﴾،. ولم يفعلوا شيئاً من هذا،. والله عفى عنهم بعدها،. ﴿ثُمَّ عَفَوۡنَا عَنكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾،. فلا نسخ فيها،.

9 ــــ شبهة أن الغنائم كانت حراماً،. ثم نُسخت وأُحِلت،.

هذا ليس بنسخ ولا شطب ولا تبديل،. هذا الأمر تفضّل من الله للنّبي ﷺ لأنه يحبه كثيراً، ففضّله على الأنبياء أن أحلّ له الغنائم له خاصةً،. وحين ذكر النّبي ﷺ هذا الأمر، ذكره مع الأشياء التي جعلها الله خاصةً بالنبي ﷺ،. وكلها كانت لأجله هو فقط عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،. ولم تكن لأحدٍ غيره،.

ــ ﻋﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺻﻬﻴﺐ اﻟﻔﻘﻴﺮ، ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ،. «ﺃﻋﻄﻴﺖ ﺧﻤﺴﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻬﻦ ﺃﺣﺪ ﻗﺒﻠﻲ، ﺑﻌﺜﺖ ﺇﻟﻰ اﻷﺣﻤﺮ ﻭاﻷﺳﻮﺩ، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﺑﻌﺜﺖ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﺎﻣﺔ، *((ﻭﺃﺣﻠﺖ ﻟﻲ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ، ﻭﻟﻢ ﺗﺤﻞ ﻷﺣﺪ ﻗﺒﻠﻲ))* ﻭﻧﺼﺮﺕ ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺷﻬﺮ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻟﻲ اﻷﺭﺽ ﻃﻬﻮﺭا ﻭﻣﺴﺠﺪا، ﻓﺄﻳﻤﺎ ﺭﺟﻞ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻠﻴﺼﻞ ﺣﻴﺚ ﺃﺩﺭﻛﺘﻪ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.

فهذه الأمور من الأشياء التي تفضل الله بها على النّبي ﷺ دون الأنبياء،. فمن قال بأن هذا نسخ، لزمه القول بأن بعثة النّبي ﷺ للناس كافة كذلك نسخٌ لما كان عند الأنبياء!!،.

إنما هذا تفضيل ومفاضلة بين الرسل،. والله يفضّل بين الأنبياء، أي يعطي أحدهم أشياء خاصة، لا يعطيها لغيره،.

فقد كلم موسى، ولم يكلم إبراهيم قبله،. وليس هذا بناسخ ولا منسوخ،.
وأعطى سليمان مُلكا لم ينبغي لأحدٍ بعده، ومكنه من الإنس والجن والريح والمنسأة،. ولأبيه داوود الجبال والطير،. وليس في ذلك نسخ،.
وجعل إبراهيم لنا أباً وأمرنا باتباع ملته هو،. ولم يجعل هذا في نوحٍ ولا إسرائيل، وليس ذلك بنسخ،.
ومد في عمر نوح وعمران، ولم يمد في عمر يحيى وهارون،. وليس هذا بنسخ،.
وأذن لقوم يونس أن يؤمنوا كلهم ولم يأذن لقوم شعيب ولا صالح ولا هود، وليس هذا بنسخ،.
وكان عيسى يُحيي الموتى ويخلق ويبرئ ولم تكن لموسى، وليس في هذا نسخ،.

فلا تُسمى هذه الآيات الخاصة بالأنبياء نسخاً،. (وإن وُجدت عند نبي دون الأنبياء)،. إنما هو كما قال ٱلله،. فضلٌ،..

ــ قال ٱلله،. ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ *((فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲۘ))* مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللهُ وَرَفَعَ بَعۡضَهُمۡ دَرَجَاتࣲ وَءَاتَیۡنَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱلۡبَیِّنَاتِ وَأَیَّدۡنَاهُ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ...﴾ [البقرة 253]،.
ــ وقال،. ﴿وَرَبُّكَ أَعۡلَمُ بِمَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ *((وَلَقَدۡ فَضَّلۡنَا بَعۡضَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ عَلَىٰ بَعۡضࣲ))* وَءَاتَیۡنَا دَاوودَ زَبُورࣰا﴾ [الإسراء 55]،.

ومما فضل اللّٰه به النّبي ﷺ،. ولم يعط مثله أحداً من الخلق قبله،. أن سماه محمداً، وأعطاه مفاتيح خزائن الأرض،.

ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﻭﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ: *«((ﺑُﻌﺜﺖ ﺑﺠﻮاﻣﻊ اﻟﻜﻠﻢ، ﻭﻧُﺼﺮﺕ ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ، ﻭﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ ﺃُﺗِﻴﺖ ﺑﻤﻔﺎﺗﻴﺢ ﺧﺰاﺋﻦ اﻷﺭﺽ ﻓﻮﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ))»* ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ: ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﻨﺘﺜﻠﻮﻧﻬﺎ. ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، والبخاري ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ،. ✅،.

فمن الحُمق والضياع، القول بالنسخ في أشياء هي من المفاضلة والتفضيل،.

ولعل القائل بالنسخ في هذه، فاته أن يتنطع ويقول بأن تخصيص الله لأمة النّبي ﷺ بالقرآن يعتبر نسخ!!،. لأنه اختصنا بهذا دون بقية الأمم،. فقد قال ٱلله،. ﴿مَّا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَابِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِینَ *((أَن یُنَزَّلَ عَلَیۡكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ وَٱللهُ یَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِه مَن یَشَاۤءُ وَٱللهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ))* ۝ مَا نَنسَخْ/نُنْسِخ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا/نُنْسِئْها *((نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا))* أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة 105 ــ 106]،.

والله جعلنا خير أمة [أي خيرٌ ممن سبقنا]،. فهل هذا نسخٌ كذلك؟!،. اللهم ارحمنا من هذه الأفكار،.

10 ــــ شبهة أن الله حرم على اليهود بعض الشحوم،. ثم نسخها وأحلها لنا،.

واستدلوا بقول الله،. ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ..﴾ [اﻷنعام 146]،.

وقالوا، بأن الله نسخها حين بعث عيسى،. واستدلوا بقول الله على لسان ابن مريم،. ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ *((وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ))* وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران 50]،.

يبدو في ظاهرها تعارضاً بين ما ذكرناه (كثيراً) من فساد قاعدة [شرع من قبلنا ليس شرعا لنا]،. وبين هذه الآيات الثلاثة،. وأن عيسى فعلاً جاء فأحل لهم ما قد حُرّم عليهم،. ولكن،... الأصل علىٰ المؤمن أن يقول أنه لابد أن هناك سوء فهم،. وهو كذلك،.

هذه القضية، حصل فيها خلط كبير،. إذ أن تحليل عيسى *((لم يكن لما حرمه الله))*،. وكذلك حين جاء النّبي ﷺ ووضع عنا الأغلال، *((لم تكن هذه الأغلال من الله ابتداءً))*،.

الحقيقة أن هذا التحريم كان عقوبة لليهود خاصةً، وليست العقوبة عامةً على الأمم ولا على النصارى، فهي ليست من التشريع العام الذي يقال فيه شرع ما قبلنا ليس شرعا لنا بسبب تحريم شيء محدد [بعض الشحوم]،. إنما كان عليهم أن يقولوا شرع موسى ليس شرعا لعيسى فقط إن صح قولهم، ولكنه كله باطل،.

هذا التحريم كان عقوبة على اليهود بسبب ظلم منهم،. ولو قرأتها في سياقها،. لوجدت أنها عقوبة مؤقتة نزلت عليهم بسبب أعمالهم،. ولم تكن تشريعاً من اللّٰه!!،. وهذه العقوبات لم تكن لكل أهل الكتاب،. إنما لفئة منهم، الذين عصوا وخالفوا فقط [الذين هادوا]،. ولم تكن للنصارى،.

قال اْلله،. ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ۝ *((فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ))* وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا ۝ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء 159 ــ 161]،.

فالله لم يحرمه عليهم تشريعاً وديناً، إنما بظلم منهم، أي أنه حرمه جزاءً وعقوبةً لهم، لأن ((الذين هادوا)) ظلموا وصدوا وأكلوا الربا وأموال الناس،.. فحرم عليهم،. جزاءً بما بغوا واقترفوا،.

ـــ قال اْلله مفصلاً ومفسراً لهذا التحريم،. ﴿وَعَلَى ((ٱلَّذِینَ هَادُوا۟)) حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِي ظُفُرࣲ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَیۡهِمۡ شُحُومَهُمَاۤ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَاۤ أَوِ ٱلۡحَوَایَاۤ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ بِعَظۡمࣲ *((ذَلِكَ جَزَیۡنَاهُم بِبَغۡیِهِمۡ))* وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [الأنعام 146]،.

قال،. ﴿ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ﴾،. فهذه العقوبات، يُحدثها الله دائماً لمن عصاه وتكبر [تبقى برهةً ثم تُرفع]،.

وهذه طبيعة كل عقاب وجزاء ينزله الله، يكون العقاب بسبب ما يفعله الناس، ولا يسمى العقاب والعذاب والبلاء تشريعاً من الله،. قال اْلله،. ﴿وَمَاۤ أَصَابَكُم مِّن مُّصِیبَةࣲ *((فَبِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِیكُمۡ))* وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ﴾ [الشورى 30]،.
ــ وقال،. ﴿فَكَیۡفَ إِذَاۤ أَصَابَتۡهُم مُّصِیبَةُ *((بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ))* ثُمَّ جَاۤءُوكَ یَحۡلِفُونَ بِٱللهِ إِنۡ أَرَدۡنَاۤ إِلَّاۤ إِحۡسَانࣰا وَتَوۡفِیقًا﴾ [النساء 62]،.
ــ وقال،. ﴿وَلَوۡلَاۤ أَن تُصِیبَهُم مُّصِیبَةُۢ *((بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ))* فَیَقُولُوا۟ رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [القصص 47]،.
ــ وقال،. ﴿ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ *((بِمَا كَسَبَتۡ أَیۡدِي ٱلنَّاسِ لِیُذِیقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُوا۟))* لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ﴾ [الروم 41]،.

والتحريم مصيبة من المصائب،. وعقوبة من العقوبات التي أنزلها الله على الذين هادوا بما ظلموا [وليس على بني إسرائيل كلهم، ولا على أهل الكتاب جميعاً]،. فيبقى العقاب فيهم عهداً ومدةً، ولا يسمى هذا تشريعاً ولا يُعتبر رفعه نسخاً [إلغاءً]،.

ومن هذه العقوبات في بني إسرائيل،. قال اْلله،. ﴿فَبِمَا *((نَقۡضِهِم مِّیثَاقَهُمۡ لَعَنَّاهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَاسِیَةࣰ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِ))* وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَاۤئنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡ إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [المائدة 13]،.

عذب الله أصحاب الفيل بالطير الأبابيل،. حتى زالوا، فانتهت فترة العذاب، ولم تبقى ليومنا هذا [ولم يقل أحدٌ بأنها نسخت إذ رُفعت]،.

وأنزل الله الطاعون عذاباً مؤقتاً لبني إسرائيل،. فهو ينزل مؤقتاً،. ثم يُرفع [ولم يقل أحدٌ بأنها نسخت]،.

وعذب الله أهل القرى حين كفروا وصدوا عن الذكر، عاقبهم بظلمهم حتى أهلكهم، ثم انتهى العقاب بهلاكهم،. قال اْلله،. ﴿أَوَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ كَانُوۤا۟ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰ وَأَثَارُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَاۤ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَاتِ *((فَمَا كَانَ ٱللهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ ۝ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِینَ أَسَاءوا۟ ٱلسُّوۤأَىٰۤ))* أَن كَذَّبُوا۟ بِآیَاتِ ٱللهِ وَكَانُوا۟ بِهَا یَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ [الروم 9 - 10]،.

ولا يبقى العقاب للأبد،. إنما ينزل لفترة، يقضي الله به أمره،. فإن انتهت مدة العقاب، لا نقول بأن اللّٰه غيّر قوله! وبدّل شرعه! ونسخ كلامه!!،. إنما كان عقاباً وجزاءً جَرّاء ما فعلوا، وبقى العقاب برهةً ثم رُفع،.. ولا يقال حينها بأنها نُسخت إذ رُفعت،. فتسمية إنهاء العقاب بالنسخ من الحمق،.

فالعقوبة تكون متعلقة بحياة المعاقَبين، فإن هم ذهبوا ذهبَ العقاب ورُفع،. فلا طائل لوجود العذاب وقد أهلِكوا وفَنوا،. وقد ينهي الله العقاب في حياتهم عند توبتهم فيعفوا عنهم كما حصل لمن اتخذوا العجل كما تبين سابقاً،. وقد يرفع الله العقاب بالتوبة كما سمعنا في قصة كعب بن مالك رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ، وهو من الثلاثة الذين خُلفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فتاب الله عليهم، ولا يقول أحدٌ بأن نهاية العقاب نسخٌ للعذاب،. فهذا من السفه والاعتداء،.

وهذه العقوبات التي خصت الأقوام قبلنا، هي التي يسميها الله الأصر،. قال ٱلله،. ﴿لَا یُكَلِّفُ ٱللهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَیۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَا *((رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَا))..﴾* [البقرة 286]،.

والنّبي ﷺ كذلك دعى لنا ألا ينزل الله علينا عقوبة تعمنا،. فاستجاب الله له،. ولا يقال بأن هذا نسخ،. بل هي دعوة،.

ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﺳﻤﺎء اﻟﺮﺣﺒﻲ، ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ:
«ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺯﻭﻯ ﻟﻲ اﻷﺭﺽ، ﻓﺮﺃﻳﺖ ﻣﺸﺎﺭﻗﻬﺎ ﻭﻣﻐﺎﺭﺑﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﺃﻣﺘﻲ ﺳﻴﺒﻠﻎ ﻣﻠﻜﻬﺎ ﻣﺎ ﺯﻭﻱ ﻟﻲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻴﺖ اﻟﻜﻨﺰﻳﻦ اﻷﺣﻤﺮ ﻭاﻷﺑﻴﺾ، ﻭﺇﻧﻲ ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺑﻲ ﻷﻣﺘﻲ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻬﻠﻜﻬﺎ ﺑﺴﻨﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ، ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻓﻴﺴﺘﺒﻴﺢ ﺑﻴﻀﺘﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﺭﺑﻲ ﻗﺎﻝ: *((ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﺇﻧﻲ ﺇﺫا ﻗﻀﻴﺖ ﻗﻀﺎء ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﺩ، ﻭﺇﻧﻲ ﺃﻋﻄﻴﺘﻚ ﻷﻣﺘﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻫﻠﻜﻬﻢ ﺑﺴﻨﺔ ﺑﻌﺎﻣﺔ، ﻭﻻ ﺃﺳﻠﻂ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺪﻭا ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻳﺴﺘﺒﻴﺢ ﺑﻴﻀﺘﻬﻢ، ﻭﻟﻮ اﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺄﻗﻄﺎﺭﻫﺎ، ﺃﻭ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻄﺎﺭﻫﺎ))* ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻬﻠﻚ ﺑﻌﻀﺎ، ﻭﻳﺴﺒﻲ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 8/171(7361) ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺘﻜﻲ ﻭﻗﺘﻴﺒﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺣﻤﺎﺩ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻘﺘﻴﺒﺔ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﻤﺎﺩ، ﻋﻦ ﺃﻳﻮﺏ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﺳﻤﺎء، ﺑﻪ. ✅،.

ومثل هذا التفاضل بين الأمم،. لا يسمى نسخاً، إنما هو فضل للنّبي ﷺ،. كما بينا في رد شبهة الغنائم، البند [9]،.

ــــ هل تاب اليهود بعد العقاب؟!،.

قال اْلله،. ﴿وَعَلَى ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ *((حَرَّمۡنَا مَا قَصَصۡنَا عَلَیۡكَ مِن قَبۡلُ وَمَا ظَلَمۡنَاهُمۡ وَلَكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ ۝ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ عَمِلُوا۟ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةࣲ ثُمَّ تَابُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ وَأَصۡلَحُوۤا۟))* إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾ [النحل 118 - 119]،.

فالله عفى عنهم وتاب عليهم، ورفع عنهم التحريم بتوبتهم،. قبل ظهور النصارى،. أما كلام عيسى أنه سيحل لهم ما حرم عليهم،. فليس لهذا التحريم،. وسيتبين لأي شيءٍ كان،.

ــــــــ أما بخصوص تحريم العمل يوم السبت على اليهود،. ففي الحقيقة، نقّبت عن دليلٍ على هذا التحريم ولم أجده في ٱلۡقُرآن ولا في الصحاح،. فإن كان مصدرها الاسرائيليات التي في كتب التفسير،. فليست بشيء، ولا تعد دليلاً يستحق الرد،.

أما من احتج بعمل اليهود اليوم، من (تحريم العمل يوم السبت على أنفسهم)،. فهذا التحريم مما وضعه أحبارهم عليهم،. وليس من الله [فلا يقال فيه أنه منسوخ عندنا، طالما لم تكن من الله أساساً]،. كما سيتبين ذلك في البند التالي إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.

11 ــ عيسى أحل لهم ما حُرم عليهم،..

أما الآية التي كانت على لسان ابن مريم،. ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ *((وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ))* وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [آل عمران 50]،.

فليست لنسخ ما حرمه الله على بني إسرائيل جزاءً، إنما لأمر آخر،.. وتفصيله كما يأتي،.

ــــــــــــــــــــ الدين يُسر،. والتشديد [والتحريم] من الشيوخ،.

الإسلام دين يسر،. الشريعة سمحاء،. عمل قليل يقابله أجر عظيم،. هذه الشعارات التي رفعها كل علماء ومفكري الإسلام في كل العصور، وخاصة العصر الحديث، وهو حق معلومٌ شرعاً،. لم يكن استجابة لضغط الواقع، أو تناغما مع روح العصر كما يتصور بعض الناس،. فالشريعة الإسلامية مبناها على اليسر لا على العسر، وتعاليمها للناس مبنية على التيسير لا على التعسير،. فالله يريد بنا اليسر، لا يريد العسر،.

قالَ في الصيام،. *﴿..یُرِیدُ ٱللهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ..﴾* [البقرة 185]،.

وقال في الطهور والتيمم،. *﴿...((مَا یُرِیدُ ٱللهُ لِیَجۡعَلَ عَلَیۡكُم مِّنۡ حَرَجࣲ))* وَلَكِن یُرِیدُ لِیُطَهِّرَكُمۡ وَلِیُتِمَّ نِعۡمَتَهُ عَلَیۡكُمۡ...﴾ [المائدة 6]،.

وقال بشكل عام،. *﴿((یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡ))* وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَانُ ضَعِیفࣰا﴾ [النساء 28]،.

وقال عن الدين عموماً،. ﴿وَجَاهِدُوا۟ فِي ٱللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ *((وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِي ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲ))* مِّلَّةَ أَبِیكُمۡ إِبۡرَاهِیمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَـٰذَا..﴾ [الحج 78]،.

وقال عن إنزال ٱلۡقُرآن،. ﴿طه ۝ *((مَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰۤ ۝ إِلَّا تَذۡكِرَةࣰ))* لِّمَن یَخۡشَىٰ﴾ [طه 1 - 3]،.

وحين نقول بأن الدين يسر، فنحن لا نخصه في دين النبي محمد ﷺ فحسب،. بل في دين جميع الأنبياء قبله،. لأن دين الاسلام ليس مستحدثاً كما ظن بعض الناس، إنما هو نفسه الدين الذي كان عند نوح وإبراهيم وموسى وعيسى،. قالَ اْلله،. ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى...﴾ [الشورى 13]،.

وقال كذلك،. ﴿مَّا یُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدۡ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبۡلِكَ..﴾ [فصلت 43]،.
وقال كذلك،. ﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ..﴾ [الأحقاف 9]،.
قالَ اْلله عن إبراهيم،. ﴿ثُمَّ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَاهِیمَ حَنِیفࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [النحل 123]،.

وللتفصيل أكثر، راجع الباب العاشر [الشريعة واحدة]،.

ــــــ الاسلام دين واحد لجميع الرسل والأمم،. وكل الأنبياء كانت دعوتهم واحدة، لم تختلف في أي شيء،. واليسر الذي في ديننا ليس بجديد، بل كان كذلك على الذين قبلنا، فديننا ودينهم واحد،. وإلهنا وإلههم واحد،. بل أن التيسير كان أكثر على أمة النّبي ﷺ مع مضاعفة الأجر،. بالمقارنة مع الأمم السابقة،.

ــ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﴿ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻭﻣﺜﻞ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ [وفي رواية : مثلكم ومثل أهل الكتابين]، ﻛﺮﺟﻞ اﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﻤﺎﻻ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ اﻟﺼﺒﺢ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺮاﻁ ﻗﻴﺮاﻁ؟! ﺃﻻ ﻓﻌﻤﻠﺖ اﻟﻴﻬﻮﺩ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﺼﺮ، ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺮاﻁ ﻗﻴﺮاﻁ؟ ﺃﻻ ﻓﻌﻤﻠﺖ اﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﻏﺮﻭﺏ اﻟﺸﻤﺲ، ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺮاﻃﻴﻦ ﻗﻴﺮاﻃﻴﻦ؟ ﺃﻻ ﻓﺄﻧﺘﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﺘﻢ، ﻓﻐﻀﺐ اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ، ﻗﺎﻟﻮا: ﻧﺤﻦ ﻛﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻋﻤﻼ، ﻭﺃﻗﻞ ﻋﻄﺎء، ﻗﺎﻝ: ﻫﻞ ﻇﻠﻤﺘﻜﻢ ﻣﻦ ﺣﻘﻜﻢ ﺷﻴﺌﺎ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻀﻠﻲ ﺃﻭﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺷﺎء﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.

ــ وقال ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ،. *﴿((ﻳﺴّﺮﻭا ﻭﻻ ﺗﻌﺴّﺮﻭا))،.* ﻭﺳﻜّﻨﻮا ﻭﻻ ﺗﻨﻔّﺮﻭا﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ. ✅،.

ــ ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻟﻬﺬﻟﻲ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ: ﴿ﻗﺎﻡ ﺃﻋﺮاﺑﻲ ﻓﺒﺎﻝ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﻪ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﺩﻋﻮﻩ، ﻭﻫﺮﻳﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺑﻮﻟﻪ ﺳﺠﻼ ﻣﻦ ﻣﺎء، ﺃﻭ ﺫﻧﻮﺑﺎ ﻣﻦ ﻣﺎء، *((ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺑﻌﺜﺘﻢ ميسرين، ﻭﻟﻢ ﺗﺒﻌﺜﻮا ﻣﻌﺴﺮﻳﻦ))﴾*
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ. ✅،.

وقد كان مما بعث اللّٰه به النّبي ﷺ،. أن يضع أغلالاً وأصُراً كانت على الناس،. قالَ اْلله،. ﴿ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِي ٱلۡأُمِّي ٱلَّذِي یَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَاةِ وَٱلۡإِنجِیلِ یَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَاهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّباتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَائثَ *((وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَالَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡ))* فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف 157]،.

فالنبي ﷺ حين جاء، وضع عنا الأصر والأغلال التي كانت،. فيكون السؤال الآن، من أين جائت هذه الأصر والأغلال التي وضعها النّبي ﷺ عنا حين بُعث؟!،. هل كانت من دين عيسى بن مريم كما يدعي البعض؟!،. (وبه انطلقوا فقالوا بأن شريعة النّبي ﷺ نسخت ما قبلها؟!،. وشريعة عيسى نسخت شريعة موسى؟!)،.

الجواب،. لا،. لأنه بالنظر في بعثة عيسى بن مريم،. نجده هو كذلك حين بعثه الله في بني إسرائيل، فعل كما فعل النّبي ﷺ بالتمام،. قالَ اْلله على لسانه،. ﴿وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَي مِنَ ٱلتَّوۡرَاة ((وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ))..﴾ [آل عمران 50]،. فهل سنقول كذلك أن الذي حُرم عليهم وأحله عيسى بن مريم،. كذلك كان بسبب موسى وهكذا دواليك؟!،. هل نقول بأن كل نبي يلغي دين النبي الأسبق؟!،.

لا،. بل هذه (المحرمات والتشديدات في الدين) التي أحلها النّبي عيسى ﷺ وأرجعهم للأصل،. هذه كانت من أحبار اليهود،. هم الذي حرفوا وابتدعوا في دينهم وأضافوا،.

ــــــــــــــــ تحريف أحبار اليهود،.

الأحبار بعد موسى غيروا وبدلوا وحرفوا الكثير من دين موسى،. وقد فضحهم الله في القُرآن في عدة مواضع، وذكر أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه،. قال اْلله عنهم،. ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا *((يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ))* وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران 78]،.
ــ قال اْلله عنهم،. ﴿أَفَتَطۡمَعُونَ أَن یُؤۡمِنُوا۟ لَكُمۡ *((وَقَدۡ كَانَ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ یَسۡمَعُونَ كَلَامَ ٱللهِ ثُمَّ یُحَرِّفُونَهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ))﴾* [البقرة 75]،.
ــ ثم قال بعدها بآيات،. ﴿أَوَلَا یَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللهَ یَعۡلَمُ مَا یُسِرُّونَ وَمَا یُعۡلِنُونَ ۝ وَمِنۡهُمۡ أُمِّیُّونَ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَابَ إِلَّاۤ أَمَانِيّ *((وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ ۝ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَابَ بِأَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ یَقُولُونَ هَذَا مِنۡ عِندِ ٱللهِ))* لِیَشۡتَرُوا۟ بِهِ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا فَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا یَكۡسِبُونَ﴾ [البقرة 77 - 79]،.

فالأحبار كتبوا كتباً وعلوماً نسبوها للدين،. كلها زيادات،. بدع ومحدثات وأصول وقواعد وتفريعات وتفريخ وتشريع أدخلوها في الدين،. كله تحريف وتبديل،.

والدين نفسه كتموه،. قال اْلله،. *﴿((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ))* أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ۝ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة 160]،.
ــ وقال،. *﴿((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا))* أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة 174]،.
ــ قال ٱلله،. ﴿یَا بَنِي إِسۡرَاءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِي أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِي أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِیَّايَ فَٱرۡهَبُونِ ۝ وَءَامِنُوا۟ بِمَاۤ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقࣰا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوۤا۟ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَاتي ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَإِیَّايَ فَٱتَّقُونِ ۝ *((وَلَا تَلۡبِسُوا۟ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَاطِلِ وَتَكۡتُمُوا۟ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ))﴾* [البقرة 40 - 42]،.
ــ وقال،. ﴿یَـا أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَاطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [آل عمران 71]،.
ــ قال اْلله،. ﴿قُلۡ یَا أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِآیَاتِ ٱللهِ وَٱللهُ شَهِیدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ ۝ قُلۡ یَا أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا وَأَنتُمۡ شُهَدَاۤءُ وَمَا ٱللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ﴾ [آل عمران 98 - 99]،.
ــ وقال،. ﴿وَإِذۡ أَخَذَ ٱللهُ مِیثَاقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاۤءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡا۟ بِهِ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا فَبِئۡسَ مَا یَشۡتَرُونَ﴾ [آل عمران 187]،.
ــ قال اْلله عنهم،. ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ نَصِیبࣰا مِّنَ ٱلۡكِتَابِ *((یَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَالَةَ وَیُرِیدُونَ أَن تَضِلُّوا۟ ٱلسَّبِیلَ))* ۝ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِأَعۡدَاۤئكُمۡ وَكَفَىٰ بِٱللهِ وَلِیࣰّا وَكَفَىٰ بِٱللهِ نَصِیرࣰا ۝ *((مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ))* وَیَقُولُونَ سَمِعۡنَا وَعَصَیۡنَا وَٱسۡمَعۡ غَیۡرَ مُسۡمَعࣲ وَرَاعِنَا لَیَّۢا بِأَلۡسِنَتِهِمۡ وَطَعۡنࣰا فِي ٱلدِّینِ،....﴾ [النساء 44 - 46]،.
ــ قالَ اْلله،. ﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَاقَهُمۡ لَعَنَّاهُمۡ *((وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَاسِیَةࣰ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِ))* وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَاۤئنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡ إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [المائدة 13]،.
ــ وقال،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَارِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡواهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ *((وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّاعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِ))* یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟،.....﴾،.
ثم قال بعدها بآيتين،. ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَاةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱ یَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِیُّونَ ٱلَّذِینَ أَسۡلَمُوا۟ لِلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلرَّبَّانِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَابِ ٱللهِ وَكَانُوا۟ عَلَیۡهِ شُهَدَاۤءَ فَلَا تَخۡشَوُا۟ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِآیَاتي ثَمَنࣰا قَلِیلࣰا وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡكَافِرُونَ﴾ [المائدة 41 - 44]،.

فاليهود حرفوا كثيراً في الدين،. وبدلوا كلام الله، ووضعوا ديناً مختلفاً عن الدين الحق حتى تشوه الاسلام عندهم، فضاعت الصلاة وضاع الصيام وتغيرت القبلة وابتدعوا أموراً كثيرة،. فأرسل الله لهم عيسى ليردهم إلى الأصل الذي كان عند موسى قبل تحريفهم وتبديلهم،..

أرسله بـ[[ـالإنجيل]]،. والإنجيل من [نَجَلَ] ومنه المنجل [وهي أداة تشبه السكين المعقوف المثبت على عصاة، يستخدمها الزرّاع لقطع الزائد من النبات]،. فجاء عيسى بالانجيل ليقطع ويحذف ما زادوه على وحي الله،. ويرد لهم دينهم على أصله، كما كان في التوراة دون ((الزيادات))،. جاء عيسى لينخل ويصفي لهم بدعهم، وشروحات وافتراءات الأحبار،. كان رقيبا عسيساً عليهم كالشرطي والحارس ألا يدخل فيه ما ليس منه،.. فحذف جميع هذه الزيادات والبدع التي استحدثوها على أنفسهم فحرموا حلال الله،. لهذا قال عيسى،. ﴿...وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ..﴾ [آل عمران 50]،.

ولو قرأت الآية من أولها دون اجتزاء واستقطاع كما يفعل رجال الدين،. لعلمت أن عيسى لم يحرم شيئاً من دين موسى مطلقاً،. قال ٱلله في نفس الآية على لسان عيسى،. *﴿((وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَي مِنَ ٱلتَّوۡرَاة))* وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ..﴾ [آل عمران 50]،.

فكيف يكون مصدقاً لما بين يديه من التوراة، وهو سوف يحل لهم ما حرمته التوراة؟!،. هذا لا يستقيم أبداً، إنما كان التحريم من الأحبار، وجاء عيسى ليحل هذه المحرمات،. ويردهم لكتابهم الأول كما كانوا عليه بالضبط،.

قال الله في موضع آخر عن عيسى [ولاحظ التكرار لكلمة التصديق]،. قال ٱلله،. ﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَارِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ *((مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ وَءَاتَیۡنَاهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَاةِ))* وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ ۝ وَلۡیَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِیلِ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فِیهِ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ ۝ *((وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَابِ))* وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ..﴾ [المائدة 46 - 48]،.

فعيسى كان مصدقاً لما عند موسى،. وقد وُلد تحت نخلة، إشارةً أنه ((سينخل)) ويصفي لهم دينهم الذي ورثوه من الآباء [والنخلة تحافظ على نفسها، كذلك ((النخالة)) تحافظ على الشعير، ((والمنخل)) يحافظ على الصفاء]،. وكان شهيداً ورقيباً عليهم، كالشرطي والحارس ألا يُدخَل في الدين ما ليس منه وهذه دلالة اسمه [من العس، الرقيب الليلي]،.. وكان معه الإنجيل،. لينجل هذه الزيادات والبدع التي استحدثوها على أنفسهم فحرموا حلال الله،.

والملاحظ عند أهل الكتاب، أنهم يقولون بأن كتاب عيسى ليس إلا عهد جديد من كتاب موسى [العهد القديم]،. فهما عندهم عهد واحد [كتاب واحد]، قديم وجديد،. وهكذا يقول بعض علماء المسلمين، أن دعوة عيسى كانت تتمة وتثبيت لدعوة موسى،. وأن عيسى لم يأت بشرع جديد،. إنما جاء ليثبت شرع موسى،. وهذا ما نقوله،.

ثم،... بعد أن رُفع عيسى،. عاد الناس لدأبهم المعهود وسنتهم في التبديل، وهذه سنن الله في الناس،. التبديل والتحريف والابتداع والزيادة،. فاستحدثوا وابتدعوا الرهبانية التي لم تكن عند أحبار اليهود،. قال اْلله عن النصارى،. ﴿ثُمَّ قَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّیۡنَا بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ وَءَاتَیۡنَاهُ ٱلۡإِنجِیلَ وَجَعَلۡنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ رَأۡفَةࣰ وَرَحۡمَةࣰ *((وَرَهۡبَانِیَّةً ٱبۡتَدَعُوهَا مَا كَتَبۡنَاهَا عَلَیۡهِمۡ))* إِلَّا ٱبۡتِغَاۤءَ رِضۡوانِ ٱللهِ فَمَا رَعَوۡهَا حَقَّ رِعَایَتِهَا فَآتَیۡنَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنۡهُمۡ أَجۡرَهُمۡ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد 27]،.

وأكثر ما اشتهرت به النصارى، هو قولهم أن عيسى ولد الله [تعالى الله]،. وهذه الكلمة الخبيثة كانت بسبب اتباعهم آبائهم [الرهبان]،. فتوارثوها حتى بلغت ما بلغت،. وحُرفت فوق تحريف سابق،. ففي السابق قالوا بأن الله ثالث ثلاثة،. قال اْلله،. ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةࣲۘ..﴾ [المائدة 73]،. والثلاثة كانوا عندهم هم،. [الله وعيسى ومريم]،. قال اْلله،. ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللهُ یَا عِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ *((ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَیۡنِ مِن دُونِ ٱللهِ))* قَالَ سُبۡحَانَكَ مَا یَكُونُ لِي أَنۡ أَقُولَ مَا لَیۡسَ لِي بِحَقٍّ..﴾ [المائدة 116]،.

وهذا بعد أن رُفع عيسى وليس في حياته،. وهو تحريف وزيادة وكذب في دينهم بلا شك،. أما اليوم،. فنجدهم حرفوا هذا المحرَّف لتحريفٍ آخر، مطوّر أكثر،. قالوا بأن الثلاثة هم [الله وعيسى وروح القدس]،. تعالى اللّٰه عما يقولون،.

الشاهد، أن الناس دائما تحرّف الدين بعد تنزيله،. كتب الله على النصارى ابتغاء رضوانه، فابتدعوا الرهبانية،.

وحين ذكر اللّٰه القسيسين والرهبان وامتدح الذين آمنوا منهم، بعدها مباشرةً قال لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا،. قال ٱلله،. ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ وَلَتَجِدَنَّ أَقۡرَبَهُم مَّوَدَّةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ إِنَّا نَصَارَىٰ *((ذَلِكَ بِأَنَّ مِنۡهُمۡ قِسِّیسِینَ وَرُهۡبَانࣰا وَأَنَّهُمۡ لَا یَسۡتَكۡبِرُونَ ۝ وَإِذَا سَمِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰۤ أَعۡیُنَهُمۡ تَفِیضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ مِمَّا عَرَفُوا۟ مِنَ ٱلۡحَقِّ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِینَ ۝ وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللهِ وَمَا جَاۤءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن یُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّالِحِینَ ۝ فَأَثَابَهُمُ ٱللهُ بِمَا قَالُوا۟ جَنَّاتࣲ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَارُ خالِدِینَ فِیهَا وَذَلِكَ جَزَاۤءُ ٱلۡمُحۡسِنِینَ ۝ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِآیَاتِنَاۤ أُو۟لَئكَ أَصۡحَابُ ٱلۡجَحِیمِ ۝ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَاتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟))* إِنَّ ٱللهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ﴾ [المائدة 82 - 87]،.

ذكر الله هنا ﴿لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَاتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللهُ لَكُمۡ﴾،. لأن القسيسين والرهبان حرموا أشياء كثيرة قبل بعثة النّبي ﷺ،.

12 ــــ النّبي ﷺ وضع عنا الأصر والأغلال،..

ــ نتم ما سبق،.. ولتستبين سنة الله في عباده،.

بعد أن رفع عيسى،. وبعد تبديل أهل الكتاب لدينهم، أرسل الله النّبي ﷺ،. قال لأهل الكتاب من اليهود والنصارى،. ﴿یَا أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا *((یُبَیِّنُ لَكُمۡ كَثِیرࣰا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَابِ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲ))* قَدۡ جَاۤءَكُم مِّنَ ٱللهِ نُورࣱ وَكِتَابࣱ مُّبِینࣱ ۝ یَهۡدِي بِهِ ٱللهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلَامِ وَیُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَىٰ صِرَاطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [المائدة 15 - 16]،.

وهذه الآية التي تكلمت عن النّبي ﷺ أنه يضع عنهم إصرهم،. ﴿..وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَاتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَائثَ وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَالَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡ..﴾ [الأعراف 157]،. كانت في سياق الكلام عن اليهود تحديداً [الذين هم أهل التحريف والتبديل]،. واقرأ ما قبلها وما بعدها لتدرك هذا،.

قال ٱلله،. ﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُ سَبۡعِینَ رَجُلࣰا لِّمِیقَاتِنَا فَلَمَّاۤ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِياي أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَاۤءُ مِنَّاۤ إِنۡ هِي إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاۤءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَاۤءُ أَنتَ وَلِیُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡغَافِرِینَ ۝ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِي ٱلۡآخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَ قَالَ عَذَابِي أُصِیبُ بِهِ مَنۡ أَشَاۤءُ وَرَحۡمَتِي وَسِعَتۡ كُلَّ شَيءࣲ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِآیَاتِنَا یُؤۡمِنُونَ ۝ *((ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيّ ٱلۡأُمِّيّ ٱلَّذِي یَجِدُونَهُ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَاةِ وَٱلۡإِنجِیلِ یَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَاهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَاتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَائثَ وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَالَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡ))* فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ۝ قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللهِ إِلَیۡكُمۡ جَمِیعًا ٱلَّذِي لَهُ مُلۡكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَاۤ إِلَهَ إِلَّا هُوَ یُحۡيي وَیُمِیتُ فَآمِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِي ٱلۡأُمِّي ٱلَّذِي یُؤۡمِنُ بِٱللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ۝ وَمِن قَوۡمِ مُوسَىٰۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِ یَعۡدِلُونَ﴾ [الأعراف 155 - 159]،.

لماذا جائت في وسط الكلام عن اليهود؟!،. لأنهم أكثر الناس تحريفاً لكتاب ربهم،. وقد ذكرنا الآيات الكثيرة فيهم آنفاً،.

فالناس تزيد في الدين وتختلف وتتحزب بعد إدخال الآراء في الدين، فيبعث الله الرُسل ليردوهم عن الزيادات،.

وهكذا الناس اليوم،. تنظر حولك فتجد الناس قد استحدثت قواعد وإلزامات كثيرة لم ينزل الله بها من سلطان، ولم يأذن بها، فهي ليست من الدين، ولكنهم أدخلوها في الدين،. فشددوا على الناس، كلها من باب الرأي وبذريعة الحرص على الدين، وفي الحقيقة هي زيادة وتبديل، فمرةً يُدخِلونها من باب سد الذرائع ومرة من باب القياس، ومن باب التغوّط آسف أقصد التحوّط،. وكل ذلك رأي وهوى نفس، وذوائق شخصية،. ومرة من باب الاستصحاب، وفقه الواقع، وفقه النوازل وفقه الموازنات، وما سيؤول إليه الحال من بعد،. [فقه المآلات]،. whata fikh،.

وبهذه القواعد يبدلون الذي أنزله الله دون شعور، ولا تستطيع ردهم للحق مهما فعلت، فيتمسكون بدين الآباء، ويرفعونه على دين الله الحق،. قال اْلله،. ﴿وَإِذَا قِیلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ قَالُوا۟ ((بَلۡ نَتَّبِعُ مَاۤ أَلۡفَیۡنَا عَلَیۡهِ ءَابَاۤءَنَاۤ)) أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَاۤؤُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَهۡتَدُونَ﴾ [البقرة 170]،.
ــ وقال،. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا ((حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)) أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة 104]،.

فالنبي ﷺ كذلك كان مثل عيسى،. مصدقاً لما بين يديه،. بل شهدت الجن أن كتاب النّبي ﷺ [ٱلۡقُرآن] مصدق لكتاب موسى،. نقل ٱلله كلامهم فقال،. ﴿قَالُوا۟ یَا قَوۡمَنَاۤ *((إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ))* یَهۡدِي إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِیقࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [الأحقاف 30]،.

فشهدت الجن للۡقُرآن،. ولم يشهد له علماء الإنس،. فسُبْحَانَ اللّٰه،.

ــــــ تبديل الناس للدين،. يتجه نحو التشديد أكثر من التخفيف،.

في كلا الآيتين عن عيسى وعن النّبي ﷺ،. تجد التحليل ولا تجد التحريم، فعيسى قال،. ﴿لأحل لكم﴾،. ولم يقل (لأحرم عليكم)،. أما النّبي ﷺ فقال،. ﴿لأضع عنكم إصركم والأغلال التي كانت عليكم﴾،. ولم يقل (لأحرم عليكم بعض الذي أحل لكم)،.

ــــ لماذا؟!،.

عادةً، تكون نتيجة تدخّل الأحبار في الدين هو التشديد، بتحريم الحلال والمباح والمسكوت عنه والمتروك،. وقليلاً ما تجدهم يحلون حراماً حرمه الله، ((بل دائماً يحرمون الحلال))،. وهذا من التشدد والتنطع،. تارةً تحت اسم الذرائع، وتارةً المصالح، وتارةً لأجل أقل الضررين! والنتيجة : *تحريم ما أحل الله*،.

❒ وفي صحيح مسلم (بسندٍ فيه مقال)،. روي عن رسُول اللّٰه ﷺ [بسند فيه كلام] أنه قال فيما يروي عن ربه أنه قال،. ﴿..ﻭﺇﻧﻲ ﺧﻠﻘﺖ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﺣﻨﻔﺎء ﻛﻠﻬﻢ، ﻭﺇﻧﻬﻢ ﺃﺗﺘﻬﻢ اﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ، ﻓﺎﺟﺘﺎﻟﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺩﻳﻨﻬﻢ، *((ﻭﺣﺮﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﺃﺣﻠﻠﺖ ﻟﻬﻢ))*....﴾،. وفي القُــرآن،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُوا۟ مِمَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ حَلالࣰا طَیِّبࣰا وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَاتِ ٱلشَّیۡطَانِ إِنَّهُ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینٌ ۝ إِنَّمَا یَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوۤءِ وَٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَأَن تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة 168 - 169]،.

كلوا مما في الأرض حلالاً، فالأصل الحلال، ومن تتبع خطوات الشيطان، سيجعله الشيطان يحرم هذا الحلال،.

❒ ولو تتبعت كلمات الله فيمن يشرع من العلماء في الدين،. تجد الله ((يقدّم تحريمهم على التحليل))،. لأن العلماء حين يُفتون، يتشددون في الأحكام فيحرمون ما أحل الله،. أكثر مما يحللون حرام الله،. وكله تحت باب (سد الذرائع، درء المفاسد أولى من جلب المصالح، والمصالح المرسلة، وفقه المآلات، وفقه النوازل)،. فيحرمون ما لم يحرمه الله [وكله تبديل وتحريف]،. قال اْلله،. ﴿قُلۡ أَرَءَیۡتُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللهُ لَكُم مِّن رِّزۡقࣲ *((فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامࣰا وَحَلَالࣰا))* قُلۡ ءَاۤللهُ أَذِنَ لَكُمۡ أَمۡ عَلَى ٱللهِ تَفۡتَرُونَ ۝ وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللهِ ٱلۡكَذِبَ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ إِنَّ ٱللهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَشۡكُرُونَ﴾ [يونس 59 - 60]،.

❒ لاحظ كيف قدّم الله ذكر الحرام على الحلال، وهو يتكلم عن الافتراء الذي يفعله الشيوخ،.. قال كذلك،. *﴿((قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِینَةَ ٱللهِ ٱلَّتِي أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِ وَٱلطَّیِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِ))* قُلۡ هِيَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فِي ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا خَالِصَةࣰ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡآیَاتِ لِقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ ۝ *((قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ))* وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُوا۟ بِٱللهِ مَا لَمۡ یُنَزِّلۡ بِهِ سُلۡطَانࣰا *((وَأَن تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ))﴾* [الأعراف 32 - 33]،.

تلاحظ كذلك أنه تكلم عن التحريم [أصر وأغلال وتشديد]،. مصدره الشيوخ،.

❒ وقال كذلك،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ((لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّباتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللهُ لَكُمۡ)) وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ إِنَّ ٱللهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ ۝ وَكُلُوا۟ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللهُ حَلَالࣰا طَیِّبࣰا وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ ٱلَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤۡمِنُونَ﴾ [المائدة 87 - 88]،.

❒ حتى في هذه قدّم التحريم وسماه اعتداءً،. وفي كل مرة، يقدّم الله التحريم على التحليل،. ما عدا في هذه الآية [وهو لسبب وحكمة]، قال اْلله،. ﴿فَكُلُوا۟ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللهُ حَلَالࣰا طَیِّبࣰا وَٱشۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللهِ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ ۝ *((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللهِ بِهِ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَیۡرَ بَاغࣲ وَلَا عَادࣲ فَإِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ۝ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَذَا حَلَالࣱ وَهَذَا حَرَامࣱ لِّتَفۡتَرُوا۟ عَلَى ٱللهِ ٱلۡكَذِبَ))* إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ ۝ مَتَاعࣱ قَلِیلࣱ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ﴾ [النحل 114 - 117]،.

هذه هي المرة الوحيدة التي يقدم الله فيها تحليل العلماء على تحريمهم،. وذلك لأن السياق كان عما حرّمه الله بنفسه،. فحتى لا يتدخل أحد برأيه فيحلّل ما حرمه الله، فقدم تحليل الشيوخ على تحريمهم،.

وهكذا،... عاد بنا ذاك الزمان، فزاد الناس أموراً ابتدعوها في دينهم تشديداً،. أغلالاً وأُصُراً،. لم يكتبها الله عليهم،. كانت فيما مضى من وضع الأحبار والرهبان،.. أما اليوم فهي ممن تبعهم (علماؤنا) شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى دخلوا كلهم في نفس الجحر *المضبّب*،. ففعلوا فعلهم بالضبط، تحقيقاً لنبوءة النّبي ﷺ،. ﴿ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ، ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ،...﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،..

ــــــــــــ الخلاصة،.. السياق التاريخي للأحداث كالتالي،.

ــ أرسل الله موسى بالتوراة فيها هُدَىٰ نور،.
ــ ثم مات موسى، فزاد الأحبار في الدين تشديداً،. فتشوّه وتغير،.
ــ ثم أرسل الله عيسى وآتاه الإنجيل ليردهم للأصل،.
ــ ثم رُفع عيسى، فزاد الرهبان في الدين تشديداً، فتغيّر وتشوّه،.
ــ ثم أرسل الله النّبي ﷺ بالقرآن ليردهم للأصل،.
ــ ثم مات النّبي ﷺ، فزاد الفقهاء من كيسهم تشديداً وتحريماً،. وابتدعوا التفاسير والاختلافات المذهبية والفقهية والناسخ والمنسوخ وغيرها،. حتى تغيّر الدِين وتشوّه،.

فحين جاء عيسى،. جاء ليحل لهم ما تشدد فيه الأحبار،. كذلك حين جاء النّبي ﷺ، وضع عنا الأصر والأغلال التي وضعها الرهبان تشديداً،. فالتحريم والتشديد لم يكونا من عند الله،. إنما كانا من عند الناس،. فدين اللّٰه سهل يسير،. لا أغلال فيه ولا أُصُر،. وليس فيه ناسخ ولا منسوخ،.

نهاية الجزء الحادي عشر،.

رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.

بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.

ليست هناك تعليقات: