جريمة النسخ في القرآن،. [14]،. آية الصيام،. ✅،.
محاور هذا الجزء،.
ــ إجماع على كذب وسرقة وتحريف وتضليل،.
ــ تحقيق مرويات الصيام كلها،.
ــ من الصحابة، منسوخة وليس منسوخة،.
ــ ماهي الأيام المعدودات؟!،.
ــ حكمٌ مهجور، بسبب إبطال الشيوخ،.
ــ هل في صيام رمضان تخيير؟!،.
ــ حالة نسخ أخرى [أحل لكم ليلة الصيام]،.
رغم أن الآية عند الموصوفين بالعلماء منسوخة،. إلا أنهم سرقوا منها جزءً لحاجتهم إليها في فتاويهم،. الجزء المسروق من الآية المنسوخة هو،. ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾،. ولم يكتفوا بهذه السرقة،. بل قاموا بتحريف ما سرقوه، فأضافوا في المسروق حرفاً لا وجود له،. فجعلوها،. [وَعَلَى الَّذِينَ لا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ]،. فتغيّر معناها بالكلية،. فصاروا يفتون الناس بهذا الكذب المركب، وبضد الحقيقة تماماً، وفتواهم سارية إلى يومنا هذا [أن الشيخ الكبير والعجوز الذين لا يستطيعون صوم رمضان، عليهم إخراج الفدية]،. وكل الناس إلى اليوم، يعملون بهذه الفتوى الظالمة التي دليلها : مسروقٌ ومحرّف، من آيةٍ [منسوخة عندهم]،.
فتصوّر حجم المنكر والباطل في هذا العمل الذي تواطأ عليه الفقهاء والمفسرون والعلماء إجماعاً دون أن يرد خبَثهم أحد،. فحَسْبُنَا اللّٰه وَنِعْمَ الْوَكِيْل،.
قال اْلله،. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة 183 - 184]،.
قالوا بأن هذه الآية قد رفع الله حكمها [فهي منسوخة عندهم]،. فلا نعمل بها افتراءً على الله،. والآية التي بعدها كانت سبب رفعها [هي الناسخة لها]،.
قال اْلله بعدها [الآية الناسخة]،. ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِي أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَاتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَ یُرِیدُ ٱللهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة 185]،.
وكل الذين تكلموا في هذه الآيات خلطوا فيها وأدخلوها ببعض،. فنتج عنه تخبطٌ كبير وسوء فهم، حتى ذهبوا للقول بالنسخ فأراحوا أنفسهم من عناء التفكير والعمل بأحكام الله،. بينما الآية ليست منسوخة ولا هي كالتي فهموها،. [ولم يثبت فيها أي حديث عن النبي ﷺ في إبطالها ❌]،. ورغم أن الآية عندهم منسوخة،. إلا أنهم سرقوا منها جزءً، وصاروا يفتون الناس بها كذباً،. بعد أن قاموا بتحريفها وتبديلها وإضافة حرفٍ ليس فيها أبداً،.
والتفاسير لم تألوا [أي لم تقصر] في إفساد الآية بعدما أقنعوا أنفسهم أنها منسوخة، فقاموا بحياكة القصص والحكاوي دون تمحيص لأسانيدها، فصارت وكأنها أحاديث صحيحة، قالوا بأن الصيام أول ما بدأ كان من بعد صلاة العتمة [العشاء] إِلى مغرب اليوم التالي،. وأن الجماع كان محرماً بالليل،. وأنه من نام بعد المغرب وقام فقد حل عليه الصيام ولو قام ليلا، وأنهم بقوا هكذا حتى نزل فرض رمضان!!،. وكل ذلك لم يصح سنده عن النّبي ﷺ في شيء، ولا عن الصحابة البتة،. ولكن التفاسير [عليها أن تضع تفسيراً بعد الآية وتذكر أسباب نزولها ولو بالكذب والبطلان]،. فقد قال ابن كثير مثلاً،. "وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ [وهو ضعيف سيء الحفظ، يهم كثيراً، فيه اضطراب خاصة عن الربيع بن أنس ❌]، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ [وهو شيعي ضعيف، مضطرب الحديث كذلك ❌]، عَمَّنْ حَدَّثَهُ [مجهول العين والحال ❌] عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ أُنْزِلَتْ،. ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،. كُتِبَ عَلَيْهِمْ إِذَا صَلَّى أَحَدُهُمُ الْعَتَمَةَ وَنَامَ حَرَّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالنِّسَاءَ إِلَى مِثْلِهَا،.
فكما ترى، على مثل هذه الأسانيد الهالكة يبنون دينا قيّماً،. وبينةً وبرهاناً،. ثم يتصدّرون للناس ليقولوا بأن الصيام كان كذا ثم أصبح كذا!!،. وأساس بنيانهم من مثل هذه الأسانيد المهترئة المليئة بالظلمات والعفن،. وبسببها قالوا لاحقاً بأن الآية ذاهبة الحكم، منسوخة،. ولْاحَوْلَ ولاْ قُوّةَ إِلاّ بِاْلله،.
ــ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺮاﺯﻱ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ ﻣﻮﻻﻫﻢ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﻜﻨﻴﺘﻪ، ﻭاﺳﻤﻪ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺎﻫﺎﻥ، ﻭﺃﺻﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﺮﻭ، ﺳﻲء اﻟﺤﻔﻆ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﻋﻦ ﻣﻐﻴﺮﺓ، ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ اﻟﺴﺘﻴﻦ. (ﺑﺦ 4).
ـ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺮاﺯﻱ، ﻟﻴﺲ ﺑﻘﻮﻱ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ. «اﻟﻌﻠﻞ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮﺟﺎﻝ» (4578).
- ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺮاﺯﻱ ﻣﻀﻄﺮﺏ اﻟﺤﺪﻳﺚ. «اﻟﻤﺠﺮﻭﺣﻮﻥ» ﻻﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ 2/118.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺮاﺯﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ. «اﻟﻤﺠﺘﺒﻰ» 3/258.
ـ ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ: ((اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ اﻟﺒﻜﺮﻱ, ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﺮاﺯﻱ، ﻭاﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻘﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻪ، ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻨﻪ، ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ اﺿﻄﺮاﺏ ﻛﺜﻴﺮ)). «اﻟﺜﻘﺎﺕ» 4/228.
ــ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ اﻟﺒﻜﺮﻱ، ﺃﻭ اﻟﺤﻨﻔﻲ، ﺑﺼﺮﻱ، ﻧﺰﻝ ﺧﺮاﺳﺎﻥ، ﺻﺪﻭﻕ ﻟﻪ ﺃﻭﻫﺎﻡ، ﻭﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ، ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ، ﺃﻭ ﻗﺒﻠﻬﺎ. (4).
ـ ﻗﺎﻝ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ: ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ ﻳﺘﺸﻴﻊ ﻓﻴﻔﺮﻁ. «ﺇﻛﻤﺎﻝ ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ» 4/329، ﻭ«ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺘﻬﺬﻳﺐ» 3/238.
ـ ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ: اﻟﺮﺑﻴﻊ ﺑﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ اﻟﺒﻜﺮﻱ، اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻘﻮﻥ ﺣﺪﻳﺜﻪ، ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻨﻪ، ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ اﺿﻄﺮاﺏ ﻛﺜﻴﺮ. «اﻟﺜﻘﺎﺕ» 4/228.
وقس على ذلك بقية الأسانيد،. فمعظمها على هذا الضرب من الفساد والتهالك، أسانيد معلقة، تروى بصيغ التمريض، مليئة بالعلل، فيها رجال ضعفاء سيئي الحفظ، ومتروكين، وفيها مجاهيل، وفيها من هو كذاب أو مضطرب، وفي الأخير ينسب لجمع من التابعين لإخافة الناس بهم [وهم أصلاً ليسوا بحجة على المسلمين]، والمتلقي لا يدري هذا كله،. وحين يسمع أسماء التابعين فيهابهم، ويظن بأن هذا هو الحق الذي أنزله الله،. ولْاحَوْلَ ولاْ قُوّةَ إِلاّ بِاْلله،.
ــ يتم ابن كثير قوله،.
"قالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَرُوِيَ [وهذه صيغة تمريض تدل على ضعف ما سيأتي به ❌] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيّان، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، نَحْوَ ذَلِكَ،.
قلت [محسن] : راجعت تفسير ابن أبي حاتم لظني بأن ابن كثيرٍ اختصرها، وأني سأجد الأسانيد ثَمّ، فوجدتها بلا سند، هي كما نقلها ابن كثير بالضبط، نسخها نسخاً، كلها هكذا مقطوعة السند، معلقةٌ منسوبة لابن عباس، وبقيتها منسوبة للتابعين (الذين لم يشهدوا شيئاً مما كان حينها)،. ولكن العلماء يذكرونهم حتى يصاب المتلقي بالهيبة من سماع هذه الاسماء، فيسلم ويسكت،. لا يدري أنه مرسلٌ باطلٌ معلقٌ، مقطوعٌ بلا سند،. ولو رجعت بنفسك للمصادر التي نقل منها ابن كثير، ستجدها كلها خالية من الاسناد،. كمثل عادة التفاسير التي تروي دائماً كل سَقط، ثم تنسبه للتابعين والصحابة،. وقد قال نبي ٱلله ﷺ،. ﴿كفى بالمرء كذباً، أن يحدث بكل ما سمع﴾،. ولكنهم رغم ذلك، يحدّثون بكل ما سمعوا ومالم يسمعوا به، ويستشفعون بالاسناد، أنه (طالما أحلت فقد برءت) وأن العهدة على الراوي، ولا راوي هنا!!،. [وسنأتي على الروايات الأخرى المخالفة لروايات ابن كثير]،.
ــــ نحن هنا، لن نترك رواية إلا بوضعها على طاولة التحقيق والفحص الحازم،. فالدين عند المسلم لا يُبنى إلا على البينة واليقين،. ولا ينبغي أن يُعبد الله بالظنون والأماني،... والتساهل في تصحيح الروايات الضعيفة يؤدي للطعن في آيات ٱلۡقُرآن لا محالة، وجعل الآيات مخالفة لبعضها، وهذا مالا يرضاه الله [وهذا ما تكلمنا عنه بالتفصيل في الأجزاء الأولى]،.
ــــ نتم ما نقله ابن كثير في الآية، (واعتمدنا في تحقيقنا هذا تفسير ابن كثير وحده، لأنه جمع ما حكاه سابقوه، ولو ذهبت تجمع ما قاله الأولون في الآية، ستجدها هي نفسها التي جمعها ابن كثير واختار منها ما يؤيد مذهب الجمهور)،. وسنتتبع الروايات كلها بأسانيدها إِنْ شٰاْءَ اللّٰه، سواء التي أتى بها ابن كثير أو التي لم يأت بها،.
تتمة تفسير ابن كثير،. "وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ [سمع المسعودي بعد اختلاطه ❌]، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ [مضطرب، مخلط، ذهب عقله، ساء حفظه، تغير فتُرك ❌]، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرّة [ثقة مرجئ]، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى [ثقة اختلط، يرسل، ولم يدرك معاذاً ❌]، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ؛ فَأَمَّا أَحْوَالُ الصَّلَاةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ يُصَلِّي سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ...... وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يصومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ عَاشُورَاءَ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ، وَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ. ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فَأَثْبَتَ اللهُ صيامَه عَلَى الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ ورخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، ((وَثَبَتَ الإطعامُ لِلْكَبِيرِ الذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ))، فَهَذَانَ حَالَانِ. قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ مَا لَمْ يَنَامُوا، فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: صِرْمَةُ، كَانَ يَعْمَلُ صَائِمًا حَتَّى أَمْسَى، فَجَاءَ إِلَى أَهْلِهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ نَامَ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ، حَتَّى أَصْبَحَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَدْ جَهِدَ جَهْدًا شَدِيدًا، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ قَدْ جَهِدْت جَهْدًا شَدِيدًا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَمِلْتُ أَمْسِ فجئتُ حِينَ جئتُ فألقيتُ نَفْسِي فَنِمْتُ فَأَصْبَحْتُ حِينَ أَصْبَحْتُ صَائِمًا. قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ بَعْدَ مَا نَامَ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [وابن خزيمة وضعفه ❌]، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ، بِهِ.
قلت [محسن] : وهذا الحديث ضعيف ساقط ❌،. بسبب ضعف المسعودي، وهو منقطع لأن ابن أبي ليلى لم يسمع معاذاً كما قال الدارقطني وابن خزيمة،. وتتبعت الطرق الأخرى للمتن فكانت عن ابن أبي ليلى، عن أصحابٍ له [لم يسمهم ❌]،. وفي بعض الطرق رواه ابن أبي ليلى مرسلاً، والمرسل منقطعٌ ضعيف ❌،.
- ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ، اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﺛﻢ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﺛﻘﺔ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، اﺧﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺳﻤﺎﻋﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ، ﻣﺎﺕ ﺑﻮﻗﻌﺔ اﻟﺠﻤﺎﺟﻢ، ﺳﻨﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ، ﻗﻴﻞ: ﺇﻧﻪ ﻏﺮﻕ. (ﻋ).
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺮﻗﺎﻧﻲ: ﻗﻴﻞ ﻟﻠﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ ﺻﺢ ﺳﻤﺎﻉ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ؟، ﻗﺎﻝ ((ﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮ، ﻷﻥ ﻣﻌﺎﺫا ﻗﺪﻳﻢ اﻟﻮﻓﺎﺓ ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﻮﻥ ﻋﻤﻮاﺱ، ﻭﻟﻪ ﻧﻴﻒ ﻭﺛﻼﺛﻮﻥ ﺳﻨﺔ)). «اﻟﻌﻠﻞ» 3/39.
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ: ﺳﻤﻌﺖ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﻳﻘﻮﻝ: اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻟﻢ ﻳﺪﺭﻙ اﺑﻦ ﺯﻳﺪ. ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﻓﻬﺬا ﺧﺒﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﺠﻮا ﺑﻪ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻓﻲ ﺗﺜﻨﻴﺔ اﻷﺫاﻥ ﻭاﻹﻗﺎﻣﺔ، ﻭﻓﻲ ﺃﺳﺎﻧﻴﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻠﻴﻂ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺘﻪ، ((ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ))، ﻭﻻ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺭﺑﻪ، ﺻﺎﺣﺐ اﻷﺫاﻥ، ((ﻓﻐﻴﺮ ﺟﺎﺋﺰ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﺨﺒﺮ ﻏﻴﺮ ﺛﺎﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺛﺎﺑﺘﺔ)) «ﺻﺤﻴﺤﻪ» (384)
- ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻟﻜﻮﻓﻲ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ، ﺻﺪﻭﻕ اﺧﺘﻠﻂ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ، ﻭﺿﺎﺑﻄﻪ: ﺃﻥ ﻣﻦ ﺳﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﺑﺒﻐﺪاﺩ ﻓﺒﻌﺪ اﻻﺧﺘﻼﻁ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺳﺘﻴﻦ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﺳﺘﻴﻦ. (ﺧﺖ 4).
اﺧﺘﻠﻂ اﺧﺘﻼﻃﺎ ﺷﺪﻳﺪا ﺣﺘﻰ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺣﺪﻳﺜﻪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ اﻷﺧﻴﺮ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻤﻴﺰ، ﻓﻼ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ.
ـ ﻗﺎﻝ اﻟﻌﻘﻴﻠﻲ: ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ، ﻛﻮﻓﻲ، ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ، ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ اﺿﻄﺮاﺏ.
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻔﻼﺱ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻘﻄﺎﻥ، ﻳﻘﻮﻝ: ﺭﺃﻳﺖ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ﺳﻨﺔ ﺭﺁﻩ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻓﻠﻢ ﺃﻛﻠﻤﻪ. «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 3/ 409.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ: ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ﺻﺪﻭﻗﺎ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ اﺧﺘﻠﻂ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ اﺧﺘﻼﻃﺎ ﺷﺪﻳﺪا ﺣﺘﻰ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﺣﺪﻳﺜﻪ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ اﻷﺧﻴﺮ، ((ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻤﻴﺰ، ﻓﺎﺳﺘﺤﻖ اﻟﺘﺮﻙ)). «اﻟﻤﺠﺮﻭﺣﻮﻥ» 2/ 12.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎﻥ: اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ، ﻫﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ((ﻭﻫﻮ ﻣﺨﺘﻠﻂ، اﺷﺘﺪ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ، ﻓﻀﻌﻒ ﺣﺪﻳﺜﻪ))، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ اﻷﻏﻠﺐ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ اﺧﺘﻼﻃﻪ ﻣﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺔ. «ﺑﻴﺎﻥ اﻟﻮﻫﻢ ﻭاﻹﻳﻬﺎﻡ» 4/ 176.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻪ ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺶ ﻣﻘﻠﻮﺑﺔ، ﻭﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻋﻮﻥ، ﻭﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺻﺤﺎﺡ، ((ﻭﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺼﻴﻦ، ﻭﻋﺎﺻﻢ، ﻓﻠﻴﺲ ﺑﺸﻲء، ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻪ اﻟﺼﺤﺎﺡ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﻭﻋﻦ ﻋﻮﻥ)). (2105).
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺣﻨﺒﻞ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻳﻘﻮﻝ: ﺳﻤﺎﻉ ﻋﺎﺻﻢ، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﻋﻠﻲ، ((ﻭﺃﺑﻲ اﻟﻨﻀﺮ، ﻭﻫﺆﻻء، ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ اﺧﺘﻠﻂ،)) ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ اﺣﺘﻤﻠﻮا اﻟﺴﻤﺎﻉ ﻣﻨﻪ ﻓﺴﻤﻌﻮا. «ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻐﺪاﺩ» 10/ 220.
- ﻭبين اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ علل هذا الحديث فقال : ﻳﺮﻭﻳﻪ ﺣﺼﻴﻦ، ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻭاﺧﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﻤﺎ؛ ﻓﺮﻭاﻩ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻃﻬﻤﺎﻥ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ، ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ، ﻭﺷﺮﻳﻚ، ﻋﻦ ﺣﺼﻴﻦ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ. ﻭﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭاﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻭﺟﺮﻳﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﻴﺪ، ﻓﺮﻭﻭﻩ ﻋﻦ ﺣﺼﻴﻦ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻣﺮﺳﻼ. ﻭﺭﻭاﻩ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻭاﺧﺘﻠﻒ ﻋﻨﻪ؛ ﻓﺮﻭاﻩ اﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ. ﻭﺗﺎﺑﻌﻪ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻧﻴﺴﺔ، ﻭﺗﺎﺑﻌﻬﻤﺎ اﻷﻋﻤﺶ ﻣﻦ ﺭﻭاﻳﺔ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ ﻋﻨﻪ، ﻭﺭﻭاﻩ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺻﺎﻋﺪ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﺰﻳﺎﺕ ﺇﻣﻼء، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻷﺳﻮﺩ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﻴﺎﺵ، ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺶ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ، ﻗﺼﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﻓﻲ اﻷﺫاﻥ، ﻓﻘﻂ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺭﻭاﻩ ﺣﺠﺎﺝ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ. ﻭﺃﺭﺳﻠﻪ ﺷﻌﺒﺔ، ﻭاﻟﺜﻮﺭﻱ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ. ﻭاﻟﻤﺮﺳﻞ ﺃﺻﺢ. «اﻟﻌﻠﻞ» (976).
فالحديث ضعيف ❌، فيه علتان بل أكثر، ولكن القوم أخذوا به، وبسببه قالوا أنها منسوخة، ثم سرقوا من الآية المنسوخة جزئية الشيخ الكبير!،. وهذا الحديث الساقط يعتبر عمدة في نسخ هذه الآية،. وقد أخرج البخاري جزءً مختصراً من الحديث، ولم يسلم من العلل،.
ــــ تتمة كلام ابن كثير،..
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ، فَلَمَّا نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلُهُ،.
قلت [محسن] : لا أدري ماذا أراد ابن كثير من إيراد حديث عاشوراء الذي في الصحيحين في هذا الموضع، أكان يشير بأن الأيام المعدودات كانت عاشوراء قبل نسخها أم ماذا؟!،. لأن الخبرين متناقضين، فعاشوراء ليست ثلاثة أيام، ولم يؤثَر عن أحدٍ من الصحابة أن صوم عاشوراء قد نُسخ أو استُبدل بشهر رمضان وألغيَ صيام عاشوراء،. فصوم عاشوراء ثابت حتى الساعة ولم يتم شطبه وإلغاؤه،. فلا أدري ماهو وجه استدلال ابن كثير بهذا الحديث الصحيح هنا تحديداً!!،. كان ينقصه أن يضع حديث صوم عرفة وصوم الايام البيض ليكمل المسرحية والتهريج ليوحي للناس بأن كل ذلك منسوخ، عموماً، حديث عاشوراء في واد، والآية في وادٍ مختلف، فيبدو أن ابن كثير يجمع كل شيءٍ (يخصه أو لا يخصه) في الآية، ليقول في النهاية : شفت كيف؟!! الآية منسوخة!،. والمتلقي المغفل الذي يغلوا في المفسرين، سوف يسلم لكل ما يقوله ابن كثير دون مراجعة،.
ــــ تتمة كلام ابن كثير،...
وقَوْلُهُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ كَمَا قَالَ مُعَاذٌ: كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ: مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَهَكَذَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سَلَمة بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطر يَفْتَدِي، حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ التِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا،.
ــــــــ قلت [محسن] : رواية سلمة بن الأكوع التي فيها [نزلت التي بعدها فنسختها]،. ضعيفة ❌،.
الرواية أخرجها الدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان بسندهم إلى،. (ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻣﻀﺮ، ﻭعبدالله ﺑﻦ ﻭﻫﺐ)، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ [ثقة يروي المناكير، تفرد بها ❌، توفي 149/148 ﮬ.]، ﻋﻦ ﺑﻜﻴﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻷﺷﺞ [توفي قبل عمرو بثلاثين سنة، توفي 120 ﮬ. ❌]، عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع [توفي 146/147 ﮬ.]، عن سلمة، قال: «لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها».
- وفي رواية: «كنا في رمضان، على عهد رسول الله ﷺ، من شاء صام، ومن شاء أفطر، فافتدى بطعام مسكين، حتى أنزلت هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}» ﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: *ﻣﺎﺕ ﺑﻜﻴﺮ ﻗﺒﻞ ﻳﺰﻳﺪ.*
- ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﻣﻮﻻﻫﻢ، اﻟﻤﺼﺮﻱ، ﺃﺑﻮ ﺃﻣﻴﺔ، ﺛﻘﺔ ﻓﻘﻴﻪ ﺣﺎﻓﻆ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻭﻣﺌﺔ. (ﻋ)#.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻷﺛﺮﻡ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﻓﻲ ﻫﺆﻻء اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺃﺛﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻻ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ، ﻭﻻ ﺃﺣﺪ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ ﻋﻨﺪﻱ، ﺛﻢ ﺭﺃﻳﺖ ﻟﻪ ﺃﺷﻴﺎء ﻣﻨﺎﻛﻴﺮ. «ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺑﻐﺪاﺩ» 14/535.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻷﺛﺮﻡ: ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ، ﻗﺎﻝ: ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻤﻼ ﺷﺪﻳﺪا ﻗﺎﻝ ﻳﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻳﻀﻄﺮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺨﻄﻰء. «ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺩﻣﺸﻖ» 45/467.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﻤﺪ ﻳﻘﻮﻝ: ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﻢ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻫﻞ ﻣﺼﺮ، ﺃﺻﺢ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺚ، ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ ﻳﻘﺎﺭﺑﻪ. «ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﻜﻤﺎﻝ» 21/(4341).
ــ فيها رجل ممن يروي المناكير،. ❌،.
ــ فيها تفردٌ [ممن لا يحتمل التفرد]،. ❌،.
ــ وفيها اتهام لرب العالمين بأنه غير قوله،. ❌،.
ــ وفيها نكارة في المتن،. وتخالف صريح القُــرآن،. ❌،.
ــ والآية أصلاً ليست لرمضان كما فهمها البعض فنسخها،. ❌،.
ــ الرواية فيها لفظة النسخ، وهو عند الناس [حذف لآية] وهو ليس من النّبي ﷺ بل موقوف على صاحب،. ❌،.
ــ لفظة النسخ تعني التثبيت وليس المسح،. ❌،.
ــ غير أن الرواية التي تليها في البخاري، كانت عن ابن عباس، يقول بضد قول سلمة، قال ابن عباس عن ذات الآية، ليست منسوخة،. ❌،.
ـــــ أضف لكل تلك العلل، أن البخاري نفسه [مخرج الرواية] قال عقب الرواية : *مات بكير قبل يزيد،.* فهل قوله هذا يعني لكم شيئاً أم هو مجرد خاطرة وعبث من البخاري؟!،.
ــــــ الحديث ضعيف سنداً ❌،. تفرد به عمرو بن الحارث، وهو ممن يروي المناكير ❌،. *وفي سنده شك بين بكير ويزيد، فيزيد مات قبل بكير بقرابة الثلاثين سنة،. وقد صرح البخاري بذلك وأوردها كعلة في السند،.* أضف لذلك أن حديث ابن عباس التالي يعارضه ويعارض رواية نسبت لابن عمر [يقول بقول سلمة]،. فقد قال ابن عباس فيها أنها ليست منسوخة!،. وكذلك هو لم يثبت السند عنه،. وأضف لكل ذلك، أن النسخ لا يكون من خبر الصحابي، إنما يلزمه خبر عن الله، أو وحي عن النّبي ﷺ عن الله،. لأن آية النسخ التي بني عليها منظومة النسخ قالت،. ﴿مَاْ نَنْسَخ مِنْ آيَةٍ﴾،. وليس ما تنسخون من آية،. فلا يُقبل من صحابي أن يقول هذه منسوخة دون أن يرفعها للنّبي ﷺ،.
فالرواية ضعيفة ❌،.
وروى البخاري في باب [وعلى الذين يطيقونه]،. قال،. ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻧﻤﻴﺮ [معلق ❌]، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻷﻋﻤﺶ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ [أبهمهم ولم يسمهم ❌] : ﻧﺰﻝ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻃﻌﻢ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻮﻡ ﻣﻤﻦ ﻳﻄﻴﻘﻪ، ﻭﺭﺧﺺ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﻨﺴﺨﺘﻬﺎ: {ﻭﺃﻥ ﺗﺼﻮﻣﻮا ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ} [اﻟﺒﻘﺮﺓ 184] ﻓﺄﻣﺮﻭا ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ. ضعيف منقطع ❌،.
1949 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻴﺎﺵ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻷﻋﻠﻰ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺮﺃ (ﻓﺪﻳﺔ ﻃﻌﺎﻡ ﻣﺴﺎﻛﻴﻦ) ﻗﺎﻝ: «ﻫﻲ ﻣﻨﺴﻮﺧﺔ» [موقوف ❌]،.
وقد تكلمنا سابقاً أن الصحابي لا يستطيع أن يلغي العمل بآية من نفسه،. عليه أن يسندها للنّبي ﷺ الحجة،. فهذا أمر الله أنزله للعباد، ولا يلغي حكم الله إلا الله [إن شاء]،. ولا يحق لأحد أن يلغي ويشطب حكماً تحت أي مسمىً كان،. حتى يستدل ويستند على ركن شديد،..
الصحابي لا يستطيع أن يلغي نافلة فعلها النّبي ﷺ كصلاة ركعتين بعد الفجر [ولا الصحابة مجتمعين يستطيعون ذلك]،. ولا يستطيعون تعطيل أمرٍ أمر به النّبي ﷺ،. فكيف يقال أنهم يستطيعون إلغاء آية من القُرآن؟!،. هذا لا يصلح،.
فالرواية عن ابن عمر [وإن صح سندها إليه]،. موقوفة عليه،. ولا عبرة فيها لأنه لم يرفعها للنّبي ﷺ،. وأضف لذلك أن البخاري أسند عن غيره من الصحابة أنها ليست منسوخة،. [وهذه ليست حجتنا لرد قول ابن عمر، ولكنها حجة على من احتج بروايات البخاري]،. فليذق مما يذيقه الناس،.
ــــــــ رواية ابن عباس في البخاري [ليست منسوخة]،.
قال البخاري 4505 حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ [هو بن راهوية، ثقة], أَخْبَرَنَا رَوْحٌ [بن عبادة، صدوق، ليس بحجة ❌], حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ [ثقة، قدري لا يحتمل التفرد ❌], حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ [ثقة], عَنْ عَطَاءٍ [ثقة كثير الارسال، ولكنه هنا صرح بالسماع], سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة آية 184 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ((لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ)) هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فلَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، [موقوف ❌]،.
الحديث لو ثبت، فهو لصالح من قال أنها ليست منسوخة، ولكن المسلم لا يكيل بمكيالين،. فلو كان المتن لصالحه سيقول الحق بأن سنده ضعيف، والسند فعلاً ضعيف ولو اشتهينا صحته،. ولا حجة في أي شيء بعد النّبي ﷺ،. قالَ اْلله،. ﴿((رُسُلًا)) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ ((حُجَّةٌ بَعْدَ الــرُّسُلِ))..﴾ [النساء 165]،.
- ﺭﻭﺡ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء ﺑﻦ ﺣﺴﺎﻥ اﻟﻘﻴﺴﻲ، ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﺛﻘﺔ ﻓﺎﺿﻞ، ﻟﻪ ﺗﺼﺎﻧﻴﻒ، ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ، ﺃﻭ ﺳﺒﻊ ﻭﻣﺌﺘﻴﻦ. (ﻋ).#.
ﻻ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻤﺎ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻴﻪ اﻟﺜﻘﺎﺕ.
قال يحيى بن معين : صدوق ثقة، صالح،.
قال الدارمي عن ابن معين : ليس به بأس،.
النسائي : ليس بالقوي،.
أبو حاتم الرازي : صالح، محله الصدق،.
- ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ، اﻟﻤﻜﻲ، ﺛﻘﺔ، ﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺩﺳﺔ. (ﻋ)#.
لا يمكن الاحتجاج بما يتفرد به.
لم يرو له مسلماً الا متابعة.
أورد البخاري هذا الحديث، ثم بين مخالفته لمن هو أوثق منه،.
وأورد البخاري في باب [أياماً معدودات] معلقاً،. قال: ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻄﺎء [معلق ❌] «ﻳﻔﻄﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺽ ﻛﻠﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ» ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺤﺴﻦ [تابعي مدلس، ولم يسنده عن أحد ❌]، ﻭﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ [تابعي ولم يسمع شيئاً عن الصحابة ولا عن أنس ❌] «ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺿﻊ ﺃﻭ اﻟﺤﺎﻣﻞ، ﺇﺫا ﺧﺎﻓﺘﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﻭﻟﺪﻫﻤﺎ ﺗﻔﻄﺮاﻥ ﺛﻢ ﺗﻘﻀﻴﺎﻥ، ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺇﺫا ﻟﻢ ﻳﻄﻖ اﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﻘﺪ ﺃﻃﻌﻢ ﺃﻧﺲ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻛﺒﺮ ﻋﺎﻣﺎ ﺃﻭ ﻋﺎﻣﻴﻦ، ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ، ﺧﺒﺰا ﻭﻟﺤﻤﺎ، ﻭﺃﻓﻄﺮ» ﻗﺮاءﺓ اﻟﻌﺎﻣﺔ {ﻳﻄﻴﻘﻮﻧﻪ} [اﻟﺒﻘﺮﺓ 184] ﻭﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ. [الرواية معلقةٌ معلولةٌ مقطوعةٌ موقوفة ❌]،.
الخلاصة في مرويات البخاري عن الصحابة،. لم يُرفع منها شيء عن النّبي ﷺ،. والقضية خطيرة، نحن نتكلم عن إبطال آياتٍ وأحكامٍ أمر الله بها،. فلا أحد يستطيع إبطالها إلا الله،. وكل الروايات الآنفة وقفت عند الصحابي، ولم ترفع حتى إلى النّبي ﷺ،. ولا حجة فيمن بعد النّبي ﷺ،.
ــــ تتمة كلام ابن كثير،..
وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ. [موقوف، لم يرفعه للذي قوله حجة ولا يُسأل عن دليل ❌]،.
وقال [معلق ❌] السُّدِّيُّ [اسماعيل بن موسى، أبي كريمة، ضعيفٌ كذّاب ❌]، عَنْ مُرَّةَ [بن شراحيل، ثقة]، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قَالَ: يَقُولُ ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ أَيْ: يَتَجَشَّمُونَهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ﴾ قَالَ: يَقُولُ: أَطْعَمَ مِسْكِينًا آخَرَ ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾،. [معلقٌ ضعيف ❌]،.
قلت : اختصر ابن كثير الرواية، وأصلها من تفسير الطبري وحده، تفرد بها الطبري المفسر [وهو ضعيف متكلم فيه بأنواع ❌]،. قال 2775- ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﺴﺪﻱ [كذاب ضعيف ❌] ﻗﺎﻝ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺷﺮﻳﻚ [هو ابن عبدالله النخعي، ليس بالقوي، كثير الخطأ، تغير حفظه ❌]، ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ، ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: "ﻭﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻮّﻗﻮﻧﻪ" ﻗﺎﻝ: ﻳﺘﺠﺸﻤﻮﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻔﻮﻧﻪ. [موضوعٌ ساقط ❌]،.
- الطبري، محمد بن جرير بن يزيد [وليس ابن رستم]، أبو جعفر الطبري،. هو في موازين علم الرجال والسند ليس بشيء،. مطعونٌ فيه،. فهو متروك، تكلم فيه العلماء وتركوا روايته،.
ــ ﻗﺎﻝ اﻟﺴﻠﻤﻲ: ﺳﺄﻟﺖ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ اﻟﻄﺒﺮﻱ، فقال ((ﺗﻜﻠﻤﻮا ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻧﻮاﻉ)). «ﺳﺆاﻻﺗﻪ» (295).
ــ قال الذهبي في [ميزان الإعتدال في نقد الرجال 7306 (6/90)] اﻻﻣﺎﻡ، ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﺼﺎﻧﻴﻒ اﻟﺒﺎﻫﺮﺓ. ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﻭثلاثمئة ﺛﻘﺔ ﺻﺎﺩﻕ ((ﻓﻴﻪ ﺗﺸﻴﻊ ﻭﻣﻮاﻻﺓ)) ﻻ ﺗﻀﺮ،.
- ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺴﺪﻱ [شيعي ضعيف كذاب]،...
ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺮﻳﻤﺔ اﻟﺴﺪﻱ، ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﺻﺪﻭﻕ ﻳﻬﻢ، ﻭﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﺘﺸﻴﻊ، ﻣﻦ اﻟﺮاﺑﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﻊ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ. (ﻣ 4).
ـ ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺧﻼﺩ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻤﻌﺘﻤﺮ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ((ﺇﻥ ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ ﻛﺬاﺑﻴﻦ: اﻟﻜﻠﺒﻲ، ﻭاﻟﺴﺪﻱ)). «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 1/270.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻔﻼﺱ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺑﻐﺪاﺩ، ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ((ﺫﻛﺮ اﻟﺴﺪﻱ، ﻳﻌﻨﻲ لعبداﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻬﺪﻱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺿﻌﻴﻒ)). «اﻟﻜﺎﻣﻞ» 2/49.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻭﺫﻛﺮ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ، ((ﻭاﻟﺴﺪﻱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺎﻧﺎ ﺿﻌﻴﻔﻴﻦ ﻣﻬﻴﻨﻴﻦ)). «اﻟﻀﻌﻔﺎء» ﻟﻠﻌﻘﻴﻠﻲ 1/271.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮاﺯﻱ: ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺴﺪﻱ، ﻳﻜﺘﺐ ﺣﺪﻳﺜﻪ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻪ. «اﻟﺠﺮﺡ ﻭاﻟﺘﻌﺪﻳﻞ» 2/185.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ: ((اﻟﺴﺪﻱ ﻛﺬاﺏ ﺷﺘﺎﻡ)). «ﺃﺣﻮاﻝ اﻟﺮﺟﺎﻝ» (20).
- ﺷﺮﻳﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، اﻟﻨﺨﻌﻲ، اﻟﻜﻮﻓﻲ، اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻮاﺳﻂ، ﺛﻢ اﻟﻜﻮﻓﺔ، ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﺻﺪﻭﻕ ﻳﺨﻄﺊ ﻛﺜﻴﺮاً، ﺗﻐﻴﺮ ﺣﻔﻈﻪ ﻣﻨﺬ ﻭﻟﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﺎﻟﻜﻮﻓﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺎﺩﻻ ﻓﺎﺿﻼ ﻋﺎﺑﺪا ﺷﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ اﻟﺒﺪﻉ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﻊ، ﺃﻭ ﺛﻤﺎﻥ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ. (ﺧﺖ ﻣ 4).
ـ ﺷﺮﻳﻚ؛ ﻫﻮ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﺮﻳﻚ اﻟﻨﺨﻌﻲ، اﻟﻘﺎﺿﻲ، ﻗﺎﻝ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻔﺮﺩ ﺑﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ. «اﻟﺴﻨﻦ» 1/345.
الرواية هذه موضوعة ❌ وفيها علل أخرى،. ورغم ذلك، تجد الكثير من الدعاة يرددونها،.
ــــ تتمة كلام ابن كثير،...
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ [بن عبادة، صدوق، لا يُحتج به ❌]، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ [ثقة]، حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ [ابن أبي رباح، ثقة مدلس، تغير حفظه ❌] سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: "وعلى الذين يُطَوَّقُونه فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، هُوَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. [ضعيفٌ موقوف ❌]،.
وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ. [موقوف ❌]،.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ [بن سليمان، صدوق، لا يُحتج به ❌]، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ [ضعيف ❌]، عَنْ عِكْرِمَةَ [مدلس ❌]، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ] نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ ثُمَّ ضَعُفَ، فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. [ضعيفٌ موقوف ❌]،.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِهْرام الْمَحْرَمِيُّ [ثقة]، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّة [ثقة]، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ [بن عبدالرحمن، ثقة]، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى [ثقة]، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ [ابن رباح، ثقة مدلس، تغير حفظه، لم يصرح بالسماع ❌]، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَنَسَخَتِ الْأُولَى، إِلَّا الْكَبِيرَ الْفَانِيَ إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَأَفْطَرَ. [ضعيفٌ موقوف ❌]،.
قلت : كل ما أورده ابن كثير [وجميع العلماء مثله] ضعيفٌ ساقطٌ موقوفٌ معلقٌ مقطوعٌ،. ولا شيء مما ذكره كان مرفوعاً للنّبي ﷺ،.
- عطاء بن أبي رباح، ﻭاﺳﻢ ﺃﺑﻲ ﺭﺑﺎﺡ ﺃﺳﻠﻢ، اﻟﻘﺮﺷﻲ، ﻣﻮﻻﻫﻢ اﻟﻤﻜﻲ، ﺛﻘﺔ ﻓﻘﻴﻪ ﻓﺎﺿﻞ، ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮ اﻹﺭﺳﺎﻝ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺃﺭﺑﻊ ﻋﺸﺮﺓ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺇﻧﻪ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﺄﺧﺮﺓ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺜﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻪ. (ﻋ).#.
- ﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻘﻄﺎﻥ: ﻣﺮﺳﻼﺕ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺳﻼﺕ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺭﺑﺎﺡ، ﻛﺎﻥ ﻋﻄﺎء ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺿﺮﺏ. «ﺗﺎﺭﻳﺦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻴﺜﻤﺔ» 3/1 /202.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﻲ: ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ: ﻣﺮﺳﻼﺕ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺮﺳﻼﺕ ﻋﻄﺎء. «ﺗﺎﺭﻳﺦ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺧﻴﺜﻤﺔ» 3/1 /213.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﻔﺴﻮﻱ: ﺣﺪﺛﻨﻲ اﻟﻔﻀﻞ، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺮﺳﻼﺕ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ ﺃﺻﺢ اﻟﻤﺮﺳﻼﺕ، ﻭﻣﺮﺳﻼﺕ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻨﺨﻌﻲ ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺳﻼﺕ ﺷﻲء ﺃﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﻣﺮﺳﻼﺕ اﻟﺤﺴﻦ ﻭﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺭﺑﺎﺡ، ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﻳﺄﺧﺬاﻥ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ.
ﻗﺎﻝ ﻳﻌﻘﻮﺏ: ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﺧﺎﻟﻒ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا. «اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺭﻳﺦ» 3/239.
- ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﺭﻭﻯ اﻷﺛﺮﻡ، ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﻋﻄﺎء، ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻟﺲ، ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ: ﻭﺭﻭاﻳﺔ ﻋﻄﺎء، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﻻ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻤﻌﺖ. «ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺘﻬﺬﻳﺐ» 7/202.
ــــــ يتم ابن كثير،....
ــ ((فَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ النَّسْخَ ثَابِتٌ)) فِي حَقِّ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ بِإِيجَابِ الصِّيَامِ عَلَيْهِ، بِقَوْلِهِ ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ وَأَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي [الْهَرِمُ] الذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ حَالٌ يَصِيرُ إِلَيْهَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنَ الْقَضَاءِ، وَلَكِنْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ [إِذَا أَفْطَرَ] أَنْ يُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، إِذَا كَانَ ذَا جِدة؟ ((فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ))، أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِطْعَامٌ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ عَنْهُ لِسِنِّهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ كَالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ اللهَ لَا يُكَلَّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، ((وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ [لا قيمة لقولهم طالما لا يوجد عليه دليل])) أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ، كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ [لم يثبت عنه شيء ❌] وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ [ليسوا بشيء ولو ثبت ❌] عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ أَيْ: يَتَجَشَّمُونَهُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ [كذب على ابن مسعود ❌]، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبُخَارِيِّ [لم يختر البخاري شيئاً ❌ إنما ذكر الأسانيد عنده فقط] فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ [تبين أنه معلق مقطوع ❌] بَعْدَ أَنْ كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ [معلقٌ مقطوع موقوف ❌]،.
وَهَذَا الذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ [الْحَمْد لِله أنه اعترف بها ✅] قَدْ أَسْنَدَهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيد اللهِ بْنُ مُعَاذ [بن معاذ، ثقة]، حَدَّثَنَا أَبِي [ثقة]، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ [بن حدير، ثقة]، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ [ثقة ثبتٌ فاضل عالم، ولكنه لم يسمع من أنس ❌] قَالَ: ضَعُفَ أَنَسُ [بْنُ مَالِكٍ] عَنِ الصَّوْمِ، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، فَدَعَا ثلاثيِن مِسْكِينًا فَأَطْعَمَهُمْ. [موقوف، ❌]،.
قلت : إسناده منقطع ❌،. فأيوب السختياني على فضله وإمامته، إلا أنه لم يسمع من أنس بن مالك،.
ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺗﻤﻴﻤﺔ، ﻛﻴﺴﺎﻥ، اﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ، ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﺛﻘﺔ ﺛﺒﺖ ﺣﺠﺔ، ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻣﻦ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ ﻭﻣﺌﺔ، ﻭﻟﻪ ﺧﻤﺲ ﻭﺳﺘﻮﻥ. (ﻋ).#.
ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ: ﺃﻧﺲ- ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ- ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ- ﺃﺑﻲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺴﻤﺎﻥ.
ـ ﻗﺎﻝ اﻟﻤﺮﻭﺫﻱ: ﺳﺄﻟﺖ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ، ﻗﻠﺖ: ﺳﻤﻊ اﺑﻦ ﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻧﺲ ﺷﻴﺌﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻗﺪ ﺭﺁﻩ، ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺴﻤﺎﻉ ﻓﻼ ﺃﻋﻠﻢ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﺃﻳﻮﺏ ﻗﺪ ﺭﺁﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ. «ﺳﺆاﻻﺗﻪ» (7)
- ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ اﻟﺮاﺯﻱ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻳﻮﺏ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺗﻤﻴﻤﺔ اﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ ﺭﺃﻯ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺜﻞ اﻷﻋﻤﺶ. «اﻟﻤﺮاﺳﻴﻞ» (39).
وعلى اعتبار صحة السند، فليس فيه ما يدل أنه فعل ذلك في رمضان، لو شئنا لاستخدمناها كحجة على من يرى عمل الصحابة حجة،. فهذا العمل لو ثبت عن أنس، فهو في غير رمضان،. وهو عمل صحيح وتطبيق سليم لآية [أياماً معدودات] كما سيتبين إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
تتمة كلام ابن كثير،...
وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ [صدوق ❌]، عَنْ عِمْرَانَ -وَهُوَ ابْنُ حُدَير- عن أيوب، به. [ضعيف منقطع ❌]،.
وَرَوَاهُ عَبْدٌ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَنَسٍ [مجاهيل ❌]، عَنْ أَنَسٍ بِمَعْنَاهُ. [ضعيف، لا يعرفون من هم هؤلاء،. ❌]،.
قلت [محسن]،. لا شيء مما ذكره ابن كثير مسند إلى النّبي الحجة ﷺ،. وما ساقه من أسانيد فهي كلها ضعيفة معلولة، سواء كانت العلة في الرجال أنفسهم أو في اتصال السند،. أما ما نقله من قول أشياخه فليسوا بشيء، ليس لهم نصيب من التشريع حتى يُسَلّم لهم،. والدين لا يكون إلا من الله ورسوله ﷺ،. ونقطة،. ولا يحق للصحابي من نفسه أن يحذف ويلغي كلام الله، دون أن ينسب قوله للنّبي ﷺ وهذا مالم يحصل في هذه الآية مطلقاً،. فكيف بمن دونهم!،.
وقد اعتمدت تفسير ابن كثير لأنه المرجع الأخير المعتَمَد، والأوثق عند القوم [لأنه جمع ما عند الأولين واختصر] وهو الأجمع للأدلة،. وبقية التفاسير لم تأت بزيادةٍ عما ذكره ابن كثير،.
ــــــــــــــــ القول الفصل في آية الصيام،...
ــــــــــ الآية ليست منسوخة،. ولا تعارض بينها وبين الآية التي تليها ليقال [يجب أن ننسخها]،. أو نحاول الجمع بينهما!،. إنما هو سوء فهم للۡقُرآن،.
قال اْلله،. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ((أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)) فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة 183 - 184]،.
ثم قال بعدها،. ﴿((شَهۡرُ رَمَضَانَ)) ٱلَّذِي أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدࣰى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَاتࣲ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡیَصُمۡهُ وَمَن كَانَ مَرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَ یُرِیدُ ٱللهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة 185]،.
ولم يصح في هذه الآيات حديثٌ عن النبي ﷺ،. يقول بأن هذه نسخت تلك،. إنما كل ما وجدناه أفهام شخصية للشيوخ، مبنية على روايات ضعيفة،. ولو وجدنا حديثاً واحداً صحيحاً لقلنا به،. بالتالي، ليس لنا الآن إلا تدبر الآيات،.
من أكبر أسباب سوء فهمهم للآيات، أنهم جعلوها كلها لرمضان،. وهذا خطأ، لأن كلمة (رمضان) لم ترد إلا في الآية الثانية [الآية 185]،. وليست في الآية [184]،. ولكنهم أدخلوها ببعض، وظنوا أن الكلام كله عن صيام رمضان،. ومن هنا بدأ الزلل والتخبيص،.
ــــ ما هي تلك الأيام التي يتكلم الله عنها في [الآية 184]؟!،.
1 ــــــ بعد أن ذكر الله أنه كتب علينا الصيام،. ذكر صيامين مختلفين،. أولهما حكمٌ مهجور، تركه الناس بسبب طمس العلماء قديما،. والصيام الآخر هو صيام رمضان،.
قال اْلله في الآية الأولى [المنسوخة لديهم]،. ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ..﴾،. فهذه اسمها أيام، إذاً هي أيام وليست بشهر، اسمها (أياماً) معدودات،. وهذا الاسم يُقال في اللسان لما هو دون سبعة أيام،.
لا يقال للشهر أيام، ولا للسنة أيام بل لا يقال للجمعة [الاسبوع] أيام،. ولو اكتمل عدد الأيام سبعة أيام، لقيل لها (أسبوع،. أو جمعة)،. كما قال النّبي ﷺ في الصحيح،. ﴿..ﺻﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ..﴾،. أي في الاسبوع،. فما دون السبعة تسمى أياماً معدودة،.
ففي آية الحج ذكر الله نفس الكلمة بالضبط،. فقال اْلله،. ﴿وَٱذۡكُرُوا۟ ٱللهَ *((فِي أَیَّامࣲ مَّعۡدُودَاتࣲ))* فَمَن تَعَجَّلَ فِي یَوۡمَیۡنِ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ وَٱعۡلَمُوا۟ أَنَّكُمۡ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [البقرة 203]،. وهذه في نفس السورة التي فيها الصيام،. بعدها بصفحة،.
وعدد أيام الحج هو ستة أيام فقط،. *[((يوم التروية [1]،. ويوم عرفة (الوقفة) [2]،. ويوم النحر (العيد) [3]،. وثلاثة أيام للتشريق [4 و 5 و 6]،. فيها منى ومزدلفة ورمي الحجرات والإفاضة))]،.* فهذه ستة أيام فقط للحج، ولم تتم السابعة،. فلم تسمى جمعة، أو اسبوعاً،.
فالأيام المعدودات تكون للأيام القليلة،. ولكن إن أتمت سبعاً، لقيل عنها (اسبوع،. أو جمعة)،. ولو أكملت 29 يوماً أو 30 يوماً،. فيقال حينها (شهر)،. ويقال سنة للــ 12 شهراً،.
الشهر الكامل لا يقال له أياماً معدودات،. فهذه الأيام التي تكلم الله عنها ليست هي شهر رمضان بتاتاً، كما فهمه أكثر من فسر الآية،.
بل هذه أيامٌ معدودة، تصومها متى شئت [من غير رمضان]،. فهي أيام عامة، لم تُخصص ولم تقيّد بوقت محدد، *((وخير ما نفعله لفهم هذه الآية، هو النظر لعمل النّبي ﷺ وصيامه الذي ثبت عنه بأسانيد صحيحة))،.* فنحمل هذه الآية على عمل النّبي ﷺ وأمره عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،. ذلك لأن هدي النّبي ﷺ أهدى من هدي غيره،. وهو أحسن من فهم كلام الله، وعمل بكلام الله الذي أنزله على قلبه، عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،.
وحين نظرنا لصيام النبي ﷺ في غير رمضان،. وجدناه يصوم ثلاثة أيام في كل شهر،. ولا يفارق هذا العمل،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ اﻟﻨﻬﺪﻱ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺃﻭﺻﺎﻧﻲ ﺧﻠﻴﻠﻲ ﺑﺜﻼﺙ، ﻻ ﺃﺩﻋﻬﻦ ﺣﺘﻰ ﺃﻣﻮﺕ: *((ﺻﻮﻡ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ))* ﻭﺻﻼﺓ اﻟﻀﺤﻰ، ﻭﻧﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺗﺮ﴾،.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﻓﻲ اﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻴﻨﺎء، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ: "ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﴿ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻧﻚ ﺗﺼﻮﻡ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺗﻘﻮﻡ اﻟﻠﻴﻞ، ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻞ، ﻓﺈﻥ ﻟﺠﺴﺪﻙ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﻭﻟﻌﻴﻨﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﺰﻭﺟﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﺻﻢ ﻭﺃﻓﻄﺮ، *((ﺻﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ، ﻓﺬﻟﻚ ﺻﻮﻡ اﻟﺪﻫﺮ))،.* ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺑﻲ ﻗﻮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺼﻢ ﺻﻮﻡ ﺩاﻭﺩ، ﺻﻢ ﻳﻮﻣﺎ، ﻭﺃﻓﻄﺮ ﻳﻮﻣﺎ﴾ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﺎﻟﺮﺧﺼﺔ.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ،. ﴿ﺃﻧﻪ ﺗﺰﻭﺝ اﻣﺮﺃﺓ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ، ﻓﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ، ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻐﻠﻪ اﻟﺼﻮﻡ ﻭاﻟﺼﻼﺓ، ﻓﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: *((ﺻﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ))،.* ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻤﺎ ﺯاﻝ ﺑﻪ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺻﻢ ﻳﻮﻣﺎ، ﻭﺃﻓﻄﺮ ﻳﻮﻣﺎ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: اﻗﺮﺇ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: اﻗﺮﺃﻩ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: اﻗﺮﺃﻩ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺒﻊ، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ: اﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺛﻼﺙ﴾.
ــ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ،. ﴿ﺃﻧﻜﺤﻨﻲ ﺃﺑﻲ اﻣﺮﺃﺓ ﺫاﺕ ﺣﺴﺐ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺘﻌﺎﻫﺪ ﻛﻨﺘﻪ، ﻓﻴﺴﺄﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﻠﻬﺎ، ﻓﺘﻘﻮﻝ: ﻧﻌﻢ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﺭﺟﻞ، ﻟﻢ ﻳﻄﺄ ﻟﻨﺎ ﻓﺮاﺷﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﺘﺶ ﻟﻨﺎ ﻛﻨﻔﺎ ﻣﺬ ﺃﺗﻴﻨﺎﻩ، ﻓﻠﻤﺎ ﻃﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ، ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: اﻟﻘﻨﻲ ﺑﻪ، ﻓﻠﻘﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﻴﻒ ﺗﺼﻮﻡ؟ ﻗﺎﻝ: ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، ﻗﺎﻝ: ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺨﺘﻢ؟ ﻗﺎﻝ: ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ، ﻗﺎﻝ: *((ﺻﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﺛﻼﺛﺔ))* ﻭاﻗﺮﺇ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺻﻢ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻗﻠﺖ: ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻓﻄﺮ ﻳﻮﻣﻴﻦ، ﻭﺻﻢ ﻳﻮﻣﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﺃﻃﻴﻖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺻﻢ ﺃﻓﻀﻞ اﻟﺼﻮﻡ، ﺻﻮﻡ ﺩاﻭﺩ، ﺻﻴﺎﻡ ﻳﻮﻡ، ﻭﺇﻓﻄﺎﺭ ﻳﻮﻡ، ﻭاﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺒﻊ ﻟﻴﺎﻝ ﻣﺮﺓ، ﻓﻠﻴﺘﻨﻲ ﻗﺒﻠﺖ ﺭﺧﺼﺔ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﺫاﻙ ﺃﻧﻲ ﻛﺒﺮﺕ ﻭﺿﻌﻔﺖ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻠﻪ اﻟﺴﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭاﻟﺬﻱ ﻳﻘﺮﺅﻩ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺃﺧﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ، ﻭﺇﺫا ﺃﺭاﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﻮﻯ، ﺃﻓﻄﺮ ﺃﻳﺎﻣﺎ ﻭﺃﺣﺼﻰ، ﻭﺻﺎﻡ ﻣﺜﻠﻬﻦ، ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺎﺭﻕ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ﴾.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﺻﻢ، ﻓﻲ "اﻟﺴﻨﺔ"، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
بهذه الأحاديث الصحيحة، نتعلم أن صيام الأيام المعدودات هي (صيام ثلاثة أيام من كل شهر)،.
فإن شئت صمت بداية الشهر ثلاثة أيام، فإن كنت فيها مريضاً أو على سفر في بداية الشهر، فتؤجلها لأيام أخر من نفس الشهر،. أياماً لا تكون فيها مريضاً أو على سفر،.
وهكذا يستقيم فهم بقية الآية بكل يسر ووُضوح، دون اللجوء للنسخ والمسح ورفع الحكم والتحريف،. وكل ما سيأتي في الآية نفسها والآية التي تليها يدعم بشدة كون هذه الآية ليست في رمضان،. وسترى بنفسك البراهين،.
2 ــــــــ قال اْلله عن صيام الأيام المعدودات،. ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾،. هذا هو الجزء المُغتصب المسروق من الآية رغم أنهم يقولون أنها منسوخة،. فتجد جميع العلماء متفقون مجمعون على هذا الباطل،. "أن كبير السن الذي لا يستطيع (صوم رمضان)،. والمريض الذي (بحد زعمهم: لا يُرجى برؤه [وهذا تعدٍ وتجاوزٍ على قدرة الله])،. الذي لا يستطيع صوم رمضان، عليهم الفدية"،. ودليلهم هو هذه (السرقة والتحريف من آية منسوخة بروايات ضعيفة)،.
أما السرقة، فلأنهم قالوا أن الآية قد رُفع حكمها [يسمونها منسوخة]،. فكان عليهم ألا يستخدموا الآية مطلقاً، ولكن رغم هذا النسخ، إلا أنهم أخذوا منها ما يشتهون، مما يوافق ويدعم فتواهم،.
وأما التحريف الذي أجمعوا عليه هو إضافة حرف [لا] في الآية،. فصارت الآية "وعلى الذين لا يطيقونه"! فكانت هذه هي الطريقة الوحيدة لديهم لترقيع الفتوى وإلباسها الدليل الشرعي، ولو كانت بالحيلة والخُبث،.
وتحريفهم لهذا الجزء المسروق من الآية "المنسوخة"،. يعارض قول الله في مواضع أخرى بشكل قبيح لا يمكن الجمع بينهم،. فقد قال اْلله في آخر آية في البقرة،. *﴿((لَا یُكَلِّفُ ٱللهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا))* ...﴾ [البقرة 286]،. فالذي لا يطيق ليس عليه شيء،. فكيف تُفتون بأن عليه فدية؟!،. هذا ما سيحصل حين يتم تحريف كلام الله،. ولكن لو أبقيتها كما هي، كما قالها الله،. فلن يكون ثمة تعارض،. فالذي يطيق، عليه الفدية، والذي لا يطيق، ليس عليه شيء،. وانتهى،.
الآية ليست [على الذين لا يطيقونه]،. إنما هي،. ﴿عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾،. بالتالي،. هي على من له طاقة، أي يستطيع الصوم،. وهذا معنى،. ﴿وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾،. والدليل من ٱلۡقُرآن،. هو قول بني إسرائيل لطالوت،. ﴿...فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُ *((قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ))* ...﴾ [البقرة 249]،. لا طاقة لنا، أي لا نستطيع،.
وقول اْلله في آخر البقرة،. *﴿..رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ..﴾* [البقرة 286]،. أي، ما لا نستطيع حمله،.
ــــــــ أما الأدلة من الأحاديث،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ؛ «ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﺠﺮ ﺣﺼﻴﺮا ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻓﻴﺼﻠﻲ، ﻭﻳﺒﺴﻄﻪ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻓﻴﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺜﻮﺑﻮﻥ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﻴﺼﻠﻮﻥ ﺑﺼﻼﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺜﺮﻭا، ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ، ((ﺧﺬﻭا ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ))، ﻓﺈﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﻮا، ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺐ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺩاﻡ، ﻭﺇﻥ ﻗﻞ» (اللفظ للبخاري) .
ـ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ (مسلم) : «ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺣﺼﻴﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺤﺠﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﻓﻴﺼﻠﻲ ﻓﻴﻪ، ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺑﺼﻼﺗﻪ، ﻭﻳﺒﺴﻄﻪ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻓﺜﺎﺑﻮا ﺫاﺕ ﻟﻴﻠﺔ، ﻓﻘﺎﻝ: ((ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ، ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ))، ﻓﺈﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﻮا، ﻭﺇﻥ ﺃﺣﺐ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺩﻭﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﻗﻞ، ﻭﻛﺎﻥ ﺁﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﺇﺫا ﻋﻤﻠﻮا ﻋﻤﻼ ﺃﺛﺒﺘﻮﻩ».
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ــ عن ﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻗﺎﻟﺖ،. ﴿ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﻋﻨﺪﻱ اﻣﺮﺃﺓ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﻦ ﻫﺬﻩ؟ ﻓﻘﻠﺖ: اﻣﺮﺃﺓ، ﻻ ﺗﻨﺎﻡ، ﺗﺼﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: *((ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ))* ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻤﻞ اﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻤﻠﻮا، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺣﺐ اﻟﺪﻳﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺎ ﺩاﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ﴾.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎﺋﻞ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ اﻟﻌﻮاﻡ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ؛ «ﺃﻥ اﻟﺤﻮﻻء ﺑﻨﺖ ﺗﻮﻳﺖ ﻣﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻗﺎﻟﺖ: ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻮﻻء، ﻭﺯﻋﻤﻮا ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻡ اﻟﻠﻴﻞ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ ﺗﻨﺎﻡ اﻟﻠﻴﻞ! ((ﺧﺬﻭا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ))، ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺴﺄﻡ اﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺄﻣﻮا»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﺭﻋﺔ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ: «ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭاﻟﻮﺻﺎﻝ [يعني في صيام يومين متتاليين]، ﻗﺎﻟﻮا: ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻮاﺻﻞ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻜﻢ ﻟﺴﺘﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻠﻲ، ﺇﻧﻲ ﺃﺑﻴﺖ ﻳﻄﻌﻤﻨﻲ ﺭﺑﻲ ﻭﻳﺴﻘﻴﻨﻲ، ((ﻓﺎﻛﻠﻔﻮا ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﻘﻮﻥ))».
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.
فالطاقة هي الاستطاعة،. والآية على الذين يطيقونه،. أي يستطيعونه،. هؤلاء عليهم الفدية إن لم يصوموا الأيام المعدودة،. وكيف عرفنا أن الفدية لمن (لم يصم)؟! عرفنا ذلك من كلمة (على) التي كانت مثل الجزاء لمن لم يفعل،. ولو كانت الآية أن تصوم وتفتدي معاً، لم يقل (على)،. إنما (لــ) أي بهذا الشكل،. (وللذين يطيقونه فدية)،. ولكنها كانت (على الذين،..) جزاءً على المطيق المقتدر، ولكنه لم يفعل، فهو بالخيرة في هذه الأيام المعدودة،. إما أن يصوم أو أن يفتدي،. وهذا التخيير لا يكون في رمضان،. لأن رمضان فرضٌ فرضه النّبي ﷺ بدليل،.
ــ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ: "ﺃﻥ ﺃﻋﺮاﺑﻴﺎ ﺟﺎء ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﺛﺎﺋﺮ اﻟﺮﺃﺱ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎﺫا ﻓﺮﺽ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻼﺓ؟ ﻗﺎﻝ: اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﺨﻤﺲ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻉ ﺷﻴﺌﺎ، ﻗﺎﻝ: *((ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎﺫا اﻓﺘﺮﺽ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺼﻴﺎﻡ، ﻗﺎﻝ: ﺻﻴﺎﻡ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻉ ﺷﻴﺌﺎ))* ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎﺫا ﻓﺮﺽ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﺰﻛﺎﺓ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﺸﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻭاﻟﺬﻱ ﺃﻛﺮﻣﻚ ((ﻻ ﺃﺗﻄﻮﻉ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﻻ ﺃﻧﺘﻘﺺ ﻣﻤﺎ ﻓﺮﺽ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺷﻴﺌﺎ))،. ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ : ﺃﻓﻠﺢ، ﻭﺃﺑﻴﻪ، ﺇﻥ ﺻﺪﻕ، ﺃﻭ ﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺃﺑﻴﻪ، ﺇﻥ ﺻﺪﻕ [وفي رواية: ﻓﺄﺩﺑﺮ اﻟﺮﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻭاﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﺯﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا، ﻭﻻ ﺃﻧﻘﺺ ﻣﻨﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﻓﻠﺢ اﻟﺮﺟﻞ ﺇﻥ ﺻﺪﻕ]﴾ أﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺠﺎﺭﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
فصيام شهر رمضان فريضة، وليس فيه تخيير بين الصوم والفدية، كله فرضٌ قائم على من شهد الشهر،. ﴿فمن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ..﴾،. أما هذه الأيام المعدودات،. ففيها تخيير بين الصوم والفدية،.
3 ــــــــ قول الله فيها،. ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾،. أي من صام هذه الأيام، وأراد أن يزيد عليهن بالفدية،. فهو خيرٌ له،. لأن كلمة (التطوع) تُستخدم لمن فعل المكتوب ثم زاد عليه، فجمع الاثنين معاً، كصلوات التطوع التي هي زيادة بعد الصلوات المكتوبة،. والنّبي ﷺ سمى النوافل تطوعاً [كما في الحديث السابق]،. قال ﷺ،. ((اﻟﺼﻠﻮاﺕ اﻟﺨﻤﺲ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻄﻮّﻉ ﺷﻴﺌﺎ))،. فالتطوع في آية الصيام، هو أن تصوم وتفتدي معاً،. وهو خيرٌ لك لأنك أتيت بالمكتوب وزدت عليه بالفدية،. رغم أنه يسعك ترك أحدهما،. والأخذ بواحد منهما،. إما الصوم أو الفدية،. ولو أردت اختيار شيءٍ واحد منهما،. فالصوم خير،.
وقد تكون الفدية هي الزيادة في إطعام مسكين،. كأن تطعم مسكينين أو ثلاثة،. فأنت هكذا زدت على المطلوب،. وكل زيادة تطوّع،.
4 ــــــــ قال الله،. ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾،. أي صيام هذه الأيام خيرٌ للمطيق من (الفطر والفدية)، وهذا الصيام ليس بفرض كرمضان ولكنه مكتوب علينا فعلينا فعله،. قال اْلله عن هذا الصيام،. ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾،. وهذا التخيير بين الصيام والفدية، يدل أن الآية ليست في رمضان أصلاً، إنما في غير رمضان،. وهي ثلاثة أيام من كل شهر،. لأن النّبي ﷺ وصى بهذه الأيام المعدودة،. أما شهر رمضان فليس فيه تخيير بين الصوم والفدية،. شرط شهر رمضان هو شهود الشهر،. ولا يزول هذا الشرط حتى تخرج من الشهر برؤية هلال شوال،.
وقد يستهجن بعض المسلمين من هذا الصيام ويراه أمرٌ جديدٌ عليهم،. والحقيقة أن هذا بسبب طمس العلماء لهذه الآية وإفسادهم لها بقولهم أنها منسوخة، فتركها الناس،. وصار هذا العمل مهجوراً لا يعرفه الناس،. حالها حال السنن الكثيرة التي هجرها النبي ﷺ،. وقد ثبتت عن النبي ﷺ،. فلا يحق للناس ردها بدعوى أنها جديدة! هي ليست جديدة، إنما هي قديمة ولكنك لم تكن تعرف عنها إلا الآن،.
وقد تبين لك الآن بالبراهين، أن الآية ليست مرفوعة الحكم، وليست منسوخة،. وإنما هي أمرٌ من الله لنا،. وعلينا السمع والطاعة لله،. وإن كانت جديدة عليك،.
5 ــــــــ قول الله،. ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ..﴾،... هذه كانت في مقدمة الآيات، قبل الدخول في التفاصيل والتفريق بين الأيام المعدودات وبين شهر رمضان،. فالمكتوب هو الصيام عموماً، ليس عن الأيام المعدودات بشكل خاص،. ولا عن رمضان بشكل خاص،. إنما عن هذا العمل نفسه [الصيام]،. نصوم لأن الله كتبه علينا،. ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،. ثم جاء تفصيل كل صوم على حدة،. فبدأ بالأيام المعدودات، ثم تكلم عن شهر رمضان،.
وكلمة كتب عليكم لا تقتضي الفريضة،. إنما يعني بأن هذا الأمر، هو من الله على الناس،. كتب عليهم أن يفعلوه، كما كتب الله علينا الوصية في قوله،. ﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَالِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [البقرة 180]،. ولم يزعم أحد، أن كتابة الوصية للوالدين والأقربون فرضٌ،.
وقد علمنا أن رمضان فرض، لما قاله النّبي ﷺ صراحةً (فرض الله،..) في الحديث السابق،. فرمضان فرض،.
ولا نسمي هذه الأيام المعدودة فرض، ولا تطوع ولا نافلة،. إنما نقول كما قال اْلله دون تبديل،. [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ،..]،. فهي مكتوبة علينا، وعلينا السمع والطاعة،.
6 ــــــــ تكرار قوله (من كان مريضاً أو على سفر)،.
كرر الله هذه الجملة في كلا الآيتين [في رمضان، وقبلها في الأيام المعدودات]،. وهذا التكرار دليلٌ أن الصيامين مختلفين، كل صيام له أحكامه،. فأحكام صيام الأيام المعدودات، لا ينبغي أن تُدخل في أحكام صيام رمضان،. وما كان خاصاً برمضان، لا ينبغي إدخاله في صيام الأيام المعدودات،. فلو ذكر الله رخصة المريض والمسافر في الأيام المعدودات فقط ولم يذكرها في آية رمضان، سيكون رمضان على كل من شهد الشهر دون استثناء،. وسيشق ذلك على المريض والمسافر،. وإن ذكر هذه الرخصة في رمضان وحدها،. ستكون الأيام المعدودات لا رخصة فيها،. ولكنه كررها في الآيتين لكونهما حكمين منفصلين، وعملين مختلفين،. [صيام الأيام المعدودة عمل، وصيام رمضان عمل]،. لكل عمل تفصيله، ولو تشابت الأسماء،.
كذلك الصلاة،. الصلاة المكتوبة ليست كصلاة العيد، وليست كصلاة الكسوف، وليست كصلاة الجنازة، وليست كالصلاة على النبي ﷺ،. رغم أنها جميعها اسمها [صلاة]،. ولكنها تختلف في أحكامها وتفاصيلها،. كذلك الصيام،. ولأجل أنهما عملين منفصلين،. ذكر الله أحكام كل صيام على حدة،. وما كان يخص صيام الأيام المعدودات، ليست لها علاقة بصيام رمضان البتة،.
7 ــــــــ كلمة ﴿منكم﴾،.
في هذه الآية ذكر الله كلمة (منكم) بعد الأيام المعدودات،. قال،. ﴿((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ)) فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..﴾،. بينما قدم ذكرها في شهر رمضان عند من شهد الشهر، فقال،. ﴿((فمن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ)) وَمَنْ كَانَ مَرِيْضَاً أوْ عَلَى سفرٍ فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ..﴾،. لماذا؟!،.
ــــ في الأيام المعدودات،. بدأ تقسيم الناس عدة أقسام،.
(1) قسمٌ يصوم [من غير تعيين هذه الأيام، قد تكون أول الشهر أو نصفه أو آخره]،.
(2) وقسمٌ مريض أو على سفر [فيؤجل صومه لأيام أخر]،.
(3) وقسم يفتدي بدلاً عن الصوم [وهو قادر على الصوم]،.
فبدأ التقسيم بعد ذكر الأيام مباشرةً،. ﴿((فَمَنْ)) كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..﴾،. لأن صيام هذه الأيام تشمل جميع الناس، باختلاف أصنافهم،. القادر والذي لا يريد الصيام، والمسافر والمريض،. فبدأ التقسيم قبلهم،.
ــــ أما في رمضان، فكلمة [منكم] جائت قبل شهود الشهر،. ففي آية رمضان [ورمضان شهرٌ، يُعرف بعلامة الهلال]،. فقسّم الله الناس لقسمين،.
(1) قسمٌ شهد الشهر برؤية الهلال،. فعليه الصوم،.
وقسم لم يشهد الهلال [غمي عليه] فلن يصوم طالما لم يشهد،. كل قوم حسب رؤيتهم للهلال،.
(2) وقسم مريض أو مسافر، سيكملون العدة بعد رمضان،. قال،. ﴿((فمن شَهِدَ مِنكُمُ)) الشَّهرَ فَليَصُمهُ ((ومن)) كَانَ مَرِيْضَاً أوْ عَلَى سفرٍ فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ..﴾،.
وبقي قسمٌ لم يُذكر في الآيتين،. الذين لا يستطيعون الصوم لكبرهم أو لعجزهم،. هؤلاء لا شيء عليهم، والدليل ما سيأتي،.
8 ــــــ ماذا على الشيخ الكبير، والعاجز والذي لا يقدر ولا يستطيع الصوم في رمضان؟!،. أو حتى في الأيام المعدودات؟!،. كذلك الحامل والمرضع؟!،. وكل الذين لا يستطيعون؟!،.
الذي لا يستطيع،. لا شيء عليه، وهذا في كل أمور الدين وليس في الصيام فحسب،. بل في كل الأعمال،.
ــ قال اْلله،. ﴿لَا یُكَلِّفُ ٱللهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا..﴾ [البقرة 286]،. فلا شيء عليه حتى يسعه ما أمره الله به،.
ــ قال اْلله كذلك،. ﴿..لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا..﴾ [الطلاق 7]،.
ــ وقال كذلك،. ﴿فَاتَّقُوا اللهَ ((مَا اسْتَطَعْتُمْ)) وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا..﴾ [التغابن 16]،.
أما الحامل والمرضع فعليهن الصوم طالما كن قادراتٍ عليه، ولا رخصة لهن بالفطر إلا إن كانت لا تستطيع فعلاً، فلا صيام عليها،. والله أعلم بحالها،. أما أن تفطر تحسّبا وخشيةً على الجنين فلا، وكذلك المرضع،. [ولا عبرة بكلام الأطباء، فالله أعلم بهن من الأطباء]،. ولم يصح فيهن حديثٌ عن النّبي ﷺ، يرخص لهن بالفطر،. فكل ما ورد ضعيف السند،. وسنذكر أهم حديثين في الباب،.
1 ــ حديث أنس بن مالك الكعبي [وليس هو أنس بن مالك الأنصاري خادم النّبي ﷺ]،. وليس له غير هذا الحديث، يرفعه للنبي ﷺ،. ﴿أن الله وضع عن المسافر والعبد شطر الصلاة، والمرضع والحامل شطر الصيام﴾،.
الحديث ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ،.. بسندهم عن ﺳﺘﺘﻬﻢ (ﻭﻛﻴﻊ، ﻭﻋﻔﺎﻥ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺼﻤﺪ، ﻭﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﺷﻴﺒﺎﻥ، ﻭﻋﺎﺻﻢ) ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﻼﻝ اﻟﺮاﺳﺒﻲ [منكر الحديث ❌]، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺳﻮاﺩﺓ [ثقة]، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ [ليس هو خادم النّبي ﷺ الذي يروي الأحاديث ❌]، ﻗﺎﻝ: «ﺃﻏﺎﺭﺕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺧﻴﻞ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﺄﺗﻴﺘﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻐﺪﻯ، ﻓﻘﺎﻝ: اﺩﻥ ﻓﻜﻞ، ﻗﻠﺖ: ﺇﻧﻲ ﺻﺎﺋﻢ، ﻗﺎﻝ: اﺟﻠﺲ ﺃﺣﺪﺛﻚ ﻋﻦ اﻟﺼﻮﻡ، ﺃﻭ اﻟﺼﻴﺎﻡ، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻭﺿﻊ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﺷﻄﺮ اﻟﺼﻼﺓ، ﻭﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﻭاﻟﺤﺎﻣﻞ ﻭاﻟﻤﺮﺿﻊ اﻟﺼﻮﻡ، ﺃﻭ اﻟﺼﻴﺎﻡ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﻗﺎﻟﻬﻤﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻛﻼﻫﻤﺎ، ﺃﻭ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ، ﻓﻴﺎ ﻟﻬﻒ ﻧﻔﺴﻲ، ﻫﻼ ﻛﻨﺖ ﻃﻌﻤﺖ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ» (اللفظ لأحمد) وهناك ألفاظ غيرها قريبة منها،. [ضعيف ❌ بسبب أبو هلال الراسبي]،.
- ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻢ، ﺃﺑﻮ ﻫﻼﻝ اﻟﺮاﺳﺒﻲ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻗﻴﻞ: ﻛﺎﻥ ﻣﻜﻔﻮﻓﺎ، ﻭﻫﻮ ﺻﺪﻭﻕ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﻦ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺩﺳﺔ، ﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺳﻨﺔ ﺳﺒﻊ ﻭﺳﺘﻴﻦ، ﻭﻗﻴﻞ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ. (ﺧﺖ 4).
ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ، ﻣﻨﻜﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ.
ذكره البخاري في الضعفاء. «الضعفاء للبخاري 121»
النسائي : ليس بالقوي، وتركه القطان. «الضعفاء والمتروكين 240»
أبو زرعة الرازي : لين، ليس بالقوي. «سؤالات البرذعي 221/358»
ابن حبان : يحدث من حفظه، فوقع مناكير في حديثه من سوء حفظه. «المجروحين 2/295»،.
الحديث ضعيف ❌،.
2 ــ وحديث آخر، ورد بأسانيد مضطربة جداً عن (أنس الكعبي نفسه، وﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ اﻟﻀﻤﺮﻱ)،. في سنده مجاهيل،. وهو خطأ، أصله عن أنس الكعبي،. أي هو نفسه الحديث الأول، ذاك السند الصحيح للرواية،. ولكن الضعفاء خلطوا وأدخلوا في إسناده ما ليس فيه،.
رواه ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ [وهو مدلس ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺃﻣﻴﺔ اﻟﻀﻤﺮﻱ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ. يرويه الأوزاعي عنه،.
ومرة ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺭﺟﻞ [مجهول ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ.
ﻭمرة ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ [أرسله ❌]، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ.
ﻭمرة ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ.
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ: ﺳﺄﻟﺖ ﺃﺑﻲ ﻋﻦ ﺣﺪﻳﺚ؛ ﺭﻭاﻩ ﺻﺪﻗﺔ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ، ﻋﻦ اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ اﻟﺠﺮﻣﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ اﻟﻀﻤﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻣﻦ ﺳﻔﺮ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﻐﺪاء، ﻗﻠﺖ: ﺇﻧﻲ ﺻﺎﺋﻢ ﻗﺎﻝ: ﺗﻌﺎﻝ ﺃﺧﺒﺮﻙ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻭﺿﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﺼﻴﺎﻡ، ﻭﻧﺼﻒ اﻟﺼﻼﺓ.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻲ: ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻜﻌﺒﻲ. «ﻋﻠﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ» (447).
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: ﻭﺫﻛﺮ ﺣﺪﻳﺚ اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ اﻟﺠﺮﻣﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﻮ ﺃﻣﻴﺔ، ﺃﻭ ﻗﺎﻝ: ﺃﺑﻮ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﻐﺪاء؟ ﻗﻠﺖ: ﺇﻧﻲ ﺻﺎﺋﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺗﻌﺎﻝ ﺃﺧﺒﺮﻙ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺎﻓﺮ، ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻭﺿﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﻧﺼﻒ اﻟﺼﻼﺓ.
ﻓﺴﻤﻌﺖ ﺃﺑﻲ ﻳﻘﻮﻝ: اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻜﻌﺒﻲ. ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﻴﺔ. ﻭاﻟﺼﺤﻴﺢ: ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻳﻮﺏ اﻟﺴﺨﺘﻴﺎﻧﻲ؛ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻗﻼﺑﺔ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﻘﺸﻴﺮﻱ. «ﻋﻠﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ» (784).
ﻗﺎﻝ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ: اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻫﻮ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻤﺎ ﻳﺨﻄﺊ ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺜﻴﺮ، ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﺑﻮ اﻟﻤﻬﻠﺐ. «ﺳﺆاﻻﺕ اﻟﻤﺮﻭﺫﻱ» (268).
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻤﺰﻱ: ﻫﻜﺬا ﻳﻘﻮﻝ اﻷﻭﺯاﻋﻲ، ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻬﻠﺐ»، ﻭﻫﻮ اﻟﻤﺤﻔﻮﻅ. «ﺗﺤﻔﺔ اﻷﺷﺮاﻑ» (10708).
فالرواية مضطربة،. وأسانيدها ضعيفة ❌،.
9 ــــــ قول الله،. ﴿ولِتُكمِلُوا العِدَّةَ﴾،.
هذه الكلمة، قالها الله في آية رمضان فقط، لأن لرمضان عدد محدد من الأيام [29 أو 30 يوماً] فعليك إكمالها كلها وليس فيها فدية طعام مسكين،. فعليك إكمال الصيام بعد رمضان [للمسافر وللمريض فقط]،. أما من أفطر متعمداً في رمضان، فلا قضاء له،. [راحت عليه للأبد]،. ولا يستطيع إكمال العدة، إنما عليه الإثم وعليه التوبة،.
أما الأيام المعدودات، فلم يقل الله فيها إكمال عدة،. لأنها لم تُحدد بوقت معين كرمضان، إنما هي أيامٌ من اختيارك أنت،. وقد تزيد عليها ما شئت تطوعاً،. ثم إنك تستطيع أن تفتدي بطعام مساكين عوضاً عن الصيام،. فلا تصوم ولا تعيد،. فهذه الأيام لا تكملة فيها للمريض والمسافر كرمضان،. لهذا لم يقل الله فيها،. ﴿ولِتُكمِلُوا العِدَّةَ﴾،. إلا لرمضان،.
10 ــــــ الفرق بين طعام مسكين،. وإطعام مسكين،.
في آية الأيام المعدودات قال اْلله،. ﴿..وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ((طَعَامُ مِسْكِينٍ))..﴾ [البقرة 184]،.
بينما في كفارة اليمين قال،. ﴿لَا یُؤَاخِذُكُمُ ٱللهُ بِٱللَّغۡوِ فِي أَیۡمَانِكُمۡ وَلَكِن یُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلۡأَیۡمَانَ *((فَكَفَّارَتُهُ إِطۡعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِینَ))* مِنۡ أَوۡسَطِ مَا تُطۡعِمُونَ أَهۡلِیكُمۡ أَوۡ كِسۡوَتُهُمۡ أَوۡ تَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ ثَلَاثَةِ أَیَّامࣲ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَیۡمَانِكُمۡ إِذَا حَلَفۡتُمۡ وَٱحۡفَظُوۤا۟ أَیۡمَانَكُمۡ كَذَلِكَ یُبَیِّنُ ٱللهُ لَكُمۡ ءَایَاتِه لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [المائدة 89]،.
ــ وفي آية الظهار قال،. ﴿وَٱلَّذِینَ یُظَاهِرُونَ مِن نِّسَاۤئهِمۡ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا۟ فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ مِّن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّا ذَلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ شَهۡرَیۡنِ مُتَتَابِعَیۡنِ مِن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّا *((فَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّینَ مِسۡكِینࣰا))* ذَلِكَ لِتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللهِ وَلِلۡكَافِرِینَ عَذَابٌ أَلِیمٌ﴾ [المجادلة 3 - 4]،.
ــ (إطعام مسكين) هي وجبة طعام للمسكين ولو كانت وجبة واحدة يأكل منها،. يكون هذا إطعامه،.
ــ أما (طعام مسكين) فهو أشمل من (إطعام)،. هذه ليست وجبة واحدة، إنما ما يطعَمُه المسكين (يومه كاملاً) كفارةً عن (يومك) الذي لم تصمه،. فبدل كل يومٍ مسكين، أما الإطعام، فهي (وجبة طعام)،.
11 ــــــ هل هذا الصيام صيام تطوع؟!،. وكيف يكون فيه فدية إن لم تصمه؟!،.
هذا الصيام مكتوب علينا [وليس بتطوع]،. قال اْلله،. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)) كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ((أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ))....﴾ [البقرة 183 - 184]،.
حكمه هكذا من الله،. ولا يشترط في العبادات أن تتشابه،. ولا يحق لنا ردها بدعوى أنها (هذي جديدة علينا!)،. نعم هي جديدة علينا لأن العلماء طمسوها ونسخوها فلم يعد أحدٌ يعمل بها، أو يعرفها حتى،. لهذا تجدها اليوم جديدة،. ولكنها من أمر الله لنا جميعاً [وقد رأيت كمية الأدلة التي تدل أنها ليست لرمضان ولم يلغها رب العالمين]،. ولم يعطّلها إلا الشيوخ والفقهاء الذين اجتمعوا على إفسادها وطمسها،.
التطوع لو تركته ليس عليك بأس،. ولكن التطوع في هذه الآية،. ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾،. هي للذي (يجمع بين الصوم والفدية معاً، أو الذي يزيد في طعام مسكين) هذه الزيادة تطوع [وليس الصيام]،. وقد بيناها في البند 3 آنفاً،.
ونقول للمصدوم والمتعجب من سماع هذا الحكم،. قال اْلله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَطِیعُوا۟ ٱللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوۡا۟ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ قَالُوا۟ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا یَسۡمَعُونَ﴾ [الأنفال 20 - 21]،.
فخيرٌ لنا أن نُسلم أنفسنا لله ونقول،. ﴿رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا بِمَاۤ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِینَ﴾ [آل عمران 53]،. وخير لنا أن لا نعترض أو نفترض افتراضات معينة على أوامر الله،. الآيات واضحة والأدلة كثيرة، ولو لم تربطها بحديث [الثلاثة أيام]،. فعليك أن تصوم أياماً معدودات من غير رمضان بشكل عام،. أو تفتدي مكانها،. ولا تصدق من قال أنها منسوخة وأن حكمها قد بَطُل أو رُفع، وقد تبين لنا بطلان أدلتهم،.
ــــــــ أما بخصوص الأحاديث التي ذكرت نسخ آية الأيام المعدودات فبعد التحقيق فيهن،. كلها ضعيفة السند ❌،. وأحسن حديث يقول بنسخ هذه الآية كان عن عبدالله بن عمر [وهو موقوف ❌]، وعن سلمة بن الأكوع،. ولم يصح سنداً كما سبق وبينّا آنفاً ❌،. وقد أورد البخاري حديثاً لابن عباس يقول بعكس كلامهما [وهو كذلك ضعيف ❌]،. قال فيه : ليست منسوخة،. وكل الأحاديث موقوفة ❌،. وليست عن النّبي ﷺ،. فلا حجة فيها،. ولا ننسى أن هذه الآية التي نناقشها،هي وحيٌ مبارك ثابت فصلٌ، وحيٌ لو تساهلنا في قبول الروايات الضعيفة، سنبطل الوحي بأيدينا،. وسنضرب ٱلۡقُرآن ببعضه، ونجعله مهلهلاً هزلاً لا فصل فيه،. لهذا وجب علينا التشدد في تمرير الروايات والحذر لأقصى حد،. ولا نقبل إلا عن النّبي ﷺ الذي جعله الله آخر الحجج علينا،.
وبهذا، نتبين أنه لا نسخ في آية الصيام وأن لها حكماً مستقلاً عن صيام رمضان، هذا الصيام قد كتبه الله علينا، وفعله النّبي ﷺ والصحابة ولكن بعض من لا يؤبه لهم من العقول الفارغة، طمسوا كلام الله،. وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين أنه يسّر لنا معرفة هذا وبصّرنا دينه القيم الذي لا يزول، ولم ولن يستطع الشيوخ أن يطفؤوا نوره بأفواهمم،.
ــــــــــــــــــــ آية أخرى في الصيام،. زعموا فيها النسخ،.
ــــ يقول الله،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة 187]،.
قال النُسّاخ بأن هذه الآية تبين شكل الصيام المنسوخ،. وأن فيها ما يدل على أن بداية الصيام كان مختلفاً عما هو الآن، وأن وقت الافطار كان (بين المغرب والعشاء فقط)،.
لو صح هذا الادعاء لورد الصيام السابق [المنسوخ] إلينا بحديث صحيح يبيّن كيف كان الصيام سابقاً، فقد تحققنا من كل الروايات،. وتبين أنه لم يثبت منها شيءٌ لنستند عليه في هذا الادعاء،. وهنا تخريج الحديث العمدة في هذه الآية،. وسبب نزولها [وهي التي أحدثت لديهم هذه الإشكالات كلها]،.
ــــ الحديث أخرجه أحمد والدارمي والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان،. بسندهم عن ﺛﻼﺛﺘﻬﻢ (ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻭﺯﻫﻴﺮ، ﻭﻳﻮﺳﻒ)،. ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ [مدلس، شيخ المدلسين، لم يصرح بالسماع ❌]، ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ:
«ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺋﻤﺎ، ﻓﺤﻀﺮ اﻹﻓﻄﺎﺭ، ﻓﻨﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﻄﺮ، ﻟﻢ ﻳﺄﻛﻞ ﻟﻴﻠﺘﻪ ﻭﻻ ﻳﻮﻣﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﻤﺴﻲ، ﻭﺇﻥ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺻﺮﻣﺔ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﺎ، ﻓﻠﻤﺎ ﺣﻀﺮ اﻹﻓﻄﺎﺭ ﺃﺗﻰ اﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﺃﻋﻨﺪﻙ ﻃﻌﺎﻡ؟ ﻗﺎﻟﺖ: ﻻ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻧﻄﻠﻖ، ﻓﺄﻃﻠﺐ ﻟﻚ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻮﻣﻪ ﻳﻌﻤﻞ، ﻓﻐﻠﺒﺘﻪ ﻋﻴﻨﺎﻩ، ﻓﺠﺎءﺗﻪ اﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺃﺗﻪ ﻗﺎﻟﺖ: ﺧﻴﺒﺔ ﻟﻚ، ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎﺭ ﻏﺸﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻨﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ: {ﺃﺣﻞ ﻟﻜﻢ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺼﻴﺎﻡ اﻟﺮﻓﺚ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﺎﺋﻜﻢ}، ﻓﻔﺮﺣﻮا ﺑﻬﺎ ﻓﺮﺣﺎ ﺷﺪﻳﺪا، ﻭﻧﺰﻟﺖ: {ﻭﻛﻠﻮا ﻭاﺷﺮﺑﻮا ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻜﻢ اﻟﺨﻴﻂ اﻷﺑﻴﺾ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﻂ اﻷﺳﻮﺩ}» (اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ 1915)
ــ ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: «ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻝ ﺻﻮﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﻘﺮﺑﻮﻥ اﻟﻨﺴﺎء ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻛﻠﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﻳﺨﻮﻧﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ، ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ: {ﻋﻠﻢ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻜﻢ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺨﺘﺎﻧﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻓﺘﺎﺏ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﻋﻔﺎ ﻋﻨﻜﻢ}» (اﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ 4508).
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: «ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫا ﺻﺎﻡ ﻓﻨﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﺄﻛﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﺻﺮﻣﺔ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ اﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺃﺗﻰ اﻣﺮﺃﺗﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻋﻨﺪﻙ ﺷﻲء، ﻗﺎﻟﺖ: ﻻ، ﻟﻌﻠﻲ ﺃﺫﻫﺐ ﻓﺄﻃﻠﺐ ﻟﻚ ("شيئا" على اختلاف المطبوعات)، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻭﻏﻠﺒﺘﻪ ﻋﻴﻨﻪ، ﻓﺠﺎءﺕ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺧﻴﺒﺔ ﻟﻚ، ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻏﺸﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻳﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻪ، ﻓﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻨﺰﻟﺖ: {ﺃﺣﻞ ﻟﻜﻢ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺼﻴﺎﻡ اﻟﺮﻓﺚ ﺇﻟﻰ ﻧﺴﺎﺋﻜﻢ} ﻗﺮﺃ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻣﻦ اﻟﻔﺠﺮ}» (اللفظ لأبي داوود).
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: «ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ؛ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻛﺎﻥ ﺇﺫا ﻧﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺸﻰ، ﻟﻢ ﻳﺤﻞ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﺏ، ﻟﻴﻠﺘﻪ، ﻭﻳﻮﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺪ، ﺣﺘﻰ ﺗﻐﺮﺏ اﻟﺸﻤﺲ، ﺣﺘﻰ ﻧﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ: {ﻭﻛﻠﻮا ﻭاﺷﺮﺑﻮا}
ﺇﻟﻰ {اﻟﺨﻴﻂ اﻷﺳﻮﺩ} ﻗﺎﻝ: ﻭﻧﺰﻟﺖ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﺃﺗﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﺻﺎﺋﻢ، ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻞ ﻣﻦ ﺷﻲء؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻣﺮﺃﺗﻪ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻲء، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺧﺮﺝ ﺃﻟﺘﻤﺲ ﻟﻚ ﻋﺸﺎء، ﻓﺨﺮﺟﺖ، ﻭﻭﺿﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻓﻨﺎﻡ، ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻧﺎﺋﻤﺎ، ﻭﺃﻳﻘﻈﺘﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻄﻌﻢ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﺑﺎﺕ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺻﺎﺋﻤﺎ، ﺣﺘﻰ اﻧﺘﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻓﻐﺸﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻨﺰﻝ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ، ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ» (اللفظ للنسائي).
- ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ، ﻭﻳﻘﺎﻝ: ﻋﻠﻲ، ﻭﻳﻘﺎﻝ: اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻌﻴﺮﺓ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ، ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﺛﻘﺔ ﻣﻜﺜﺮ ﻋﺎﺑﺪ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، اﺧﺘﻠﻂ ﺑﺄﺧﺮﺓ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻭﻣﺌﺔ، ﻭﻗﻴﻞ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ. (ﻋ) #.
ـ ﻗﻠﻨﺎ: ﺇﺳﻨﺎﺩﻩ ﺿﻌﻴﻒ؛ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ، ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﻣﻦ ﺷﻴﻮﺥ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺞ ﺑﺤﺪﻳﺜﻪ ﺇﻻ ﺇﺫا ﺻﺮﺡ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﻉ، ﻭﻟﻢ ﻳﺼﺮﺡ.
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﻗﺮﺃﺕ ﺑﺨﻂ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺤﺪاﺩ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺫﻛﺮ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ، ﻓﺬﻛﺮ ﺃﺑﺎ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ. «ﺳﺆاﻻﺕ اﻟﺴﻠﻤﻲ» (477).
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ: ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ, ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻟﺴﺎ. «اﻟﺜﻘﺎﺕ» 5/ 177.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﻘﻄﺎﻥ: ﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻲ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ: ﺇﻧﻪ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﻗﻮﻡ ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺤﺎﺭﺙ ﺑﻦ اﻟﻤﺼﻄﻠﻖ، ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻣﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻓﺄﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﻛﺘﺒﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺟﺎء ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺪﻟﻴﺴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻟﺲ ﻛﺜﻴﺮا. «ﺑﻴﺎﻥ اﻟﻮﻫﻢ ﻭاﻹﻳﻬﺎﻡ» 5/ 500.
ـ ﻭﺫﻛﺮﻩ اﻟﻌﻼﺋﻲ ﻓﻲ ﺃﺳﻤﺎء اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ، ﻭﻗﺎﻝ: ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﺗﺎﺑﻌﻲ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﺬﻟﻚ. «ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ» 1/ 108.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻌﻼﺋﻲ ﺃﻳﻀﺎ: ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﻜﻨﻴﺔ، ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻧﻪ ﻣﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻟﻴﺲ. «ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ» 1/ 245.
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺣﺠﺮ: ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﺘﺪﻟﻴﺲ، ﻭﻫﻮ ﺗﺎﺑﻌﻲ ﺛﻘﺔ، ﻭﺻﻔﻪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﺬﻟﻚ. «ﻃﺒﻘﺎﺕ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ» 1/ 42 (91).
ثم إن متن هذا الحديث الضعيف يخالف ما ورد في الحديث الصحيح،. ففي هذا الحديث أن الآية نزلت تامة، من أولها حتى،. ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾،. بينما في الحديث الصحيح كلمة،. ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾،. نزلت لاحقاً،. وفيها كذلك أن الرجل إذا نام لم يحل له أن يأكل، بينما في الحديث الصحيح،. ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻳﺄﻛﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺭﺅﻳﺘﻬﻤﺎ [يعني الخيط الأبيض الذي يربطه في رجله]،. وسيأتي ذكر الحديث الصحيح،.
فالحديث ضعيف ❌،.
ــــ يبدو أن النُسَّاخ يأتون على كل آية في القُرآن فيها لفظة،. ﴿عَلِمَ اللهُ﴾،. أو،. ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾،. ﴿الآنَ﴾،. فيقولون مباشرةً أن ثمة ناسخ ومنسوخ فيها،. وأن الله "تراجع وغير قوله الأول"!،. ولأجل هذا قالوا عن آية المزمل الأخيرة أنها ناسخة لأولها [لذات السبب]،. وسنتكلم عن هذه الآية في بابها إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
ــــ ما قاله الفقهاء في آية،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ..﴾،. أن الصيام كان مختلفاً سابقاً، هو ظن وخطأ!،. لأنه توقّعٌ لوجود حكم أولي، قبل الحكم الحالي،. وبما أن الله لم يبين أن ثمة [حكما قديماً]، ولم يبينه النّبي ﷺ،. ((ولم ترد فيه أي رواية صحيحة في سبب النزول))،. فبالتالي، ما قاله المفسرون محض خرص وتوقع من كيسهم،. وإنما قالوا بذلك لما وجدوه من روايات ضعيفة صححوها دون تبصر وتحقيق، وفرحوا أن وجدوه موافقاً لما يشتهونه من القول بالنسخ،. فاجتمعت لديهم الشبهة والشهوة، فاستعجلوا بالحكم، ولو أنهم نظروا لبقية الآيات لعرفوا أن النسخ مستحيل،. وأن الأحكام لا تُرفع ولا تُمحى،. حتى هذه الآية، ليس فيها حكم قديمٌ وتالف أو ملغي،.
ــــ كل ما في الأمر أنه خطأ من الصحابة كان في أول الأمر،. وهذا أمر بديهي في كل تشريع وأمر جديد من الله،. ولو أن السلفية استطاعوا إقناع أنفسهم أن الصحابة ليسوا معصومين، وأن الخطأ منهم وارد،. لاستطاعوا فهم هذه الآية بكل يسر، وهذا ما سنثبته هنا إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،. فالموضوع لا يعدوا كونه خطأ مبرر من الصحابة، وتم تصويبه مباشرةً،.
بين الله خطأ الصحابة لحكم الصيام بقوله،. ﴿عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾،. وكلمة (تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ)،. هي التي فسرت كل القضية،. ومعناها أن الصحابي كان يمسك عن امرأته،. يحاول ألا يجامعها في ليالي رمضان [لظنه أن الصيام هكذا]،. ولكنه يجامع أحياناً،. فلا يدري هل فعله هذا مباحٌ، أم أنه وقع في الخطأ بمجامعة امرأته!! فكانوا يخوّنون أنفسهم،. ﴿تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾،. أي أنهم كانوا يتهمون أنفسهم أنهم خانوا العهد بينهم وبين ربهم، يرون أنهم وقعوا في المحظور،.
فكلمة ﴿تَخْتَانُونَ﴾،. من الخيانة،. فهم في الحقيقة في شك، وليسوا على يقين من الأمر، إن كانوا وقعوا في الحرام أم ماذا،. لهذا كانوا "يتسائلون في أنفسهم"،. (هل هذه خيانة أم لا؟)،. فبين الله لهم أنه حلالٌ في ليلة الصيام أن يباشروا نسائهم،. قال،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾،.
ــــ ولا توجد آية من الله تنهى الصحابة عن إتيان النساء ليلة الصيام،. ولا أمر من الرَّسوْل ﷺ بذلك، حتى يُدعى بعدها أنها أزيلت وألغيت،. *((إنما هو فهمٌ خطأ من بعض الصحابة، تلاه تبيانٌ من الله،. وليس حكماً سابقاً من الله تلاه نسخٌ ورفعٌ له!!))،.*
ونرجع للمرويات، لنجد رواية تكلمت عن هذا الأمر، ولكنها للأسف لم تثبت،. ولكن للإنصاف سنعرضها ونحقق فيها كذلك،. ولو كنا أصحاب هوى لقلنا أنها صحيحة ونكتفي أن البخاري هو الذي أوردها،. ولكننا نريد الحق،. نقول ما لنا وما علينا،. ولو اشتهينا من أعماق قلوبنا أن تكون هذه الرواية صحيحة السند،. لن نقدم شهوتنا على الحق،.
قال البخاري 4508 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ [هو بن موسى، رديء الحديث، شيعي ❌]، عَنْ إِسْرَائِيلَ [مختلف فيه، ليس بحجة ❌]، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ [مدلس ولم يصرح ❌]، عَنِ الْبَرَاءِ،.. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ [ثقة]، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ [صدوق، ليس بحجة ❌]، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ [ضعيف، ولم يسمع من أبيه شيئاً ❌]، عَنْ أَبِيهِ [ثقة]، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ [مدلس لكنه صرح هنا بالسماع ✅]، قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لَا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}. [ضعيف من كلا الطريقين ❌]،.
وليته كان صحيحاً،. لنفعنا جداً، فهو يصبّ فيما قلناه تحديداً،.
- ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ اﻟﺴﺒﻴﻌﻲ، ﺻﺪﻭﻕ ﻳﻬﻢ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺛﻤﺎﻥ ﻭﺗﺴﻌﻴﻦ. (ﺧ ﻣ ﺩ ﺳ ﻗ).
ﺿﻌﻴﻒ.
ـ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻟﻴﺲ ﺑﺸﻲء. «ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ» (1489).
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻗﻲ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺇﺳﺤﺎﻕ، ﻟﻴﺲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺑﺸﻲء. «اﻟﻜﺎﻣﻞ» 1/348
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ: ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ.
وﺃﺧﺮج اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ 3/45 ﺗﻌﻠﻴﻘﺎً [ليس بمسند ❌]، ﻗﺎﻝ: ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻧﻤﻴﺮ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻷﻋﻤﺶ [مدلس ولكنه صرح بالسماع ✅]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻣﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻟﻴﻠﻰ [تابعي، لم يذكر من حدَّثه من الصحابة ❌]،. ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ [أبهمهم ❌]،. «ﻧﺰﻝ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻓﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻃﻌﻢ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ، ﺗﺮﻙ اﻟﺼﻮﻡ ﻣﻤﻦ ﻳﻄﻴﻘﻪ، ﻭﺭﺧﺺ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﻨﺴﺨﺘﻬﺎ: {ﻭﺃﻥ ﺗﺼﻮﻣﻮا ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ}، ﻓﺄﻣﺮﻭا ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ».
الحديث معلقٌ مقطوع، ولم يسم الصحابي ❌ وهذه علة تقدح في الحديث وكونه لم يسم الصحابي فهي علة، وليس في هذا اتهام للصحابة، ولكن ذكر اسم الصحابي مهم، لنعلم هل أدركه هذا التابعيُ الراوي أم لا، وهذا معلوم عند علماء الحديث الأولين ولا عبرة بمن تأخر زمناً وعلماً وابتدع قواعد جديدة ليمرر كل رواية فاسدة وضعيفة،.
ــــــــــــ فهذه الآية بالتحديد،.. وكأنها نزلت لتصحيح مفاهيم البعض لحكم وكيفية الصيام،. *((فهي نفس الآية التي فيها تصحيح لما فهمه عدي بن حاتم الطائي من الخيط الأبيض والأسود،.))* فجاء بعقالين وضعهما تحت وسادته،. والحديث صحيح السند،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ، ﻋﻦ ﻋﺪﻱ ﺑﻦ ﺣﺎﺗﻢ ﻗﺎﻝ،. ﴿ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ {حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد}، ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻋﺪﻱ ﺑﻦ ﺣﺎﺗﻢ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻲ ﺃﺟﻌﻞ ﺗﺤﺖ ﻭﺳﺎﺩﺗﻲ ﻋﻘﺎﻟﻴﻦ: ﻋﻘﺎﻻ ﺃﺑﻴﺾ ﻭﻋﻘﺎﻻ ﺃﺳﻮﺩ، ﺃﻋﺮﻑ اﻟﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺇﻥ ﻭﺳﺎﺩﺗﻚ ﻟﻌﺮﻳﺾ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺳﻮاﺩ اﻟﻠﻴﻞ ﻭﺑﻴﺎﺽ اﻟﻨﻬﺎﺭ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ،. ✅،.
وهنا يتبين لك أن الصحابة فهموا الصيام بشكل خاطئ في بداية الأمر،. ثم بين الله لهم كيفية الصيام، وما الحلال والحرام في الصيام، وإلى متى يكون،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ، ﻋﻦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻗﺎﻝ: "ﺃﻧﺰﻟﺖ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}، ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ: {مِنَ الْفَجْرِ}، *((ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺟﺎﻝ، ﺇﺫا ﺃﺭاﺩﻭا اﻟﺼﻮﻡ، ﺭﺑﻂ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺭﺟﻠﻪ اﻟﺨﻴﻂ اﻷﺑﻴﺾ ﻭاﻟﺨﻴﻂ اﻷﺳﻮﺩ، ﻭﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻳﺄﻛﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺭﺅﻳﺘﻬﻤﺎ، ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ {مِنَ الْفَجْرِ}، ﻓﻌﻠﻤﻮا ﺃﻧﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻠﻴﻞ ﻭاﻟﻨﻬﺎﺭ))"*.
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد}، ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﺧﻴﻄﺎ ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺧﻴﻄﺎ ﺃﺳﻮﺩ، ﻓﻴﺄﻛﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﺒﻴﻨﻬﻤﺎ، ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ {مِنَ الْفَجْرِ} *((ﻓﺒﻴﻦ ﺫﻟﻚ))"*
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﻟﺮﻭﻳﺎﻧﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ،. ✅،.
فالآية كلها تصحيحٌ لما تداوله الصحابة حينها،. وتصويبٌ لمفاهيمهم الخاطئة لأحكام الصيام،. فهم حين أُمروا بالصيام، باشروا في الصيام مباشرةً وهم لا يعرفون كيفيته وتفاصيله،. إنما قاموا به على ما وجدوه توارثاً من الناس،.
ــــ باختصار،. حين كتب الله الصيام (الأيام المعدودات وصيام رمضان)،. أفهام الصحابة اختلفت في كيفية هذا الصيام، فمنهم من وضع عقالين تحت وسادته بسبب هذه الآية،. ((ومنهم من خوَّن نفسه أن جامع ليلة الصيام))،. ومنهم من ربط خيطين "أسود وأبيض" في رجله وبقي يأكل حتى يراهما في الظلمة،. فبين الله لهم جميعاً [في هذه الآية] أن إتيان النساء حلالٌ ليلة الصيام، وأن موعد الامساك هو الفجر، وبيّن النّبي ﷺ أن الخيط الأبيض إنما هو بياض النهار، وأن الخيط الأسود سواد الليل،.. وبس،. لا ناسخ ولا منسوخ،.
وليس كل كلمة،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾،. في ٱلۡقُرآن تعني بالضرورة أنه كان حراماً سابقاً، بل هو بيانٌ من الله أنه حلال، لمن ظنه حراماً أو شك فيها،. وكذلك حين يقول،. ﴿حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ﴾،. لا تعني بالضرورة أنها كانت حلالاً قبل ذلك،.
فمثلاً قال اْلله،. *﴿((حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ))* أُمَّهَاتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَاتُكُمۡ وَعَمَّاتُكُمۡ وَخَالَاتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ....﴾ [النساء 23]،.
إلى أن قال،. ﴿وَٱلۡمُحۡصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَانُكُمۡ كِتَابَ ٱللهِ عَلَیۡكُمۡ *((وَأُحِلَّ لَكُم))* مَّا وَرَاۤءَ ذَلِكُمۡ أَن تَبۡتَغُوا۟ بِأَمۡوَالِكُم مُّحۡصِنِینَ غَیۡرَ مُسَافِحِینَ...﴾ [النساء 24]،.
فهل التحريم هنا كان تغييراً لحكم حلال سابقاً؟!،. لا،. إنما هو تبيان حكم، بدأت كما بدأت آية الصيام،.
كذلك قول اْلله،. ﴿یَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَاۤ أُحِلَّ لَهُمۡ *((قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَاتُ))* وَمَا عَلَّمۡتُم مِّنَ ٱلۡجَوَارِحِ مُكَلِّبِینَ ..... *((ٱلۡیَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّیِّبَاتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ حِلࣱّ لَّكُمۡ))* وَطَعَامُكُمۡ حِلࣱّ لَّهُمۡ...﴾ [المائدة 4 - 5]،.
فهل كل ذلك كان حراماً قبل نزول الآية؟،. لا،. إنما هو بيان حكمٍ من أحكام اللّٰه، لم يسبق أن بينه من قبل، فبينه الآن،. لا ناسخ فيها ولا منسوخ ولا مطموس ولا حكمٌ مرفوع، ولا افتراء ولا كذب،.
وقال الله كذلك،. *﴿((أُحِلَّ لَكُمۡ صَیۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُ))* مَتَاعࣰا لَّكُمۡ وَلِلسَّیَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ صَیۡدُ ٱلۡبَرِّ مَا دُمۡتُمۡ حُرُمࣰا وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ ٱلَّذِي إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [المائدة 96]،.
فهل كان صيد البحر وطعامه حراماً قبل نزول هذه الآية؟!،. لا، إنما هو بيان حكمٍ لم ينزله عليهم من قبل، والله يحل ويحرم بما يشاء،. فلا يجوز أن نقول عن كلمة،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾،. أنها تدل على تخفيف حكم سابق، أو نسخه أو رفع وتغييره،. هذا خرص وافتراء من فارغي الرؤوس [وقد قالوها فعلاً]،.
كذلك، ليس كل كلمة،. ﴿تَابَ عَلَيْكُمْ﴾،. تعني التراجع عن حكمٍ سابق،. فالتوبة تعني أن الله تجاوز عن السيئة أو الخطأ، كما تاب على آدم وغيره،. قال اْلله،. ﴿فَتَلَقَّىٰۤ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتࣲ ((فَتَابَ عَلَیۡهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ)) ٱلرَّحِیمُ﴾ [البقرة 37]،.
ــ وقال،. ﴿ثُمَّ ٱجۡتَبَاهُ رَبُّهُ ((فَتَابَ عَلَیۡهِ)) وَهَدَىٰ﴾ [طه 122]،.
ــ وقال،. ﴿لَقَدۡ أَخَذۡنَا مِیثَاقَ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ وَأَرۡسَلۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ رُسُلࣰا كُلَّمَا جَاۤءَهُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُهُمۡ فَرِیقࣰا كَذَّبُوا۟ وَفَرِیقࣰا یَقۡتُلُونَ وَحَسِبُوۤا۟ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ فَعَمُوا۟ وَصَمُّوا۟ *((ثُمَّ تَابَ ٱللهُ عَلَیۡهِمۡ))* ثُمَّ عَمُوا۟ وَصَمُّوا۟ كَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ وَٱللهُ بَصِیرُۢ بِمَا یَعۡمَلُونَ﴾ [المائدة 70 - 71]،.
ــ وقال،. ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ یَا قَوۡمِ إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوۤا۟ إِلَىٰ بَارِئكُمۡ فَٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ ذَلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ عِندَ بَارِئكُمۡ *((فَتَابَ عَلَیۡكُمۡ))* إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ﴾ [البقرة 54]،. فهل كل توبة تعني تراجعاً؟!،. لا،.
قد يعاقب الله المذنب بعقابٍ، ثم يتوب عليه،. ولا يصلح أن نقول بأن هذا نسخ، وأن الله غيّر قوله، فهذا من قلة التأدب مع الله،. بل أن اللّٰه يغضب ويرحم،. ويأخذ ويعطي، ويخفض ويرفع،. ويرزق ويمسك،. ويحيي ويميت،. ويُبكي ويُضحك،. ويُسعد ويُشقي، ويَهدي ويُضل،. ولا يقال أن هذه نسخت تلك،. بل هذه مغفرةٌ ورحمة،.
ــ قال اْلله،. ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِینَ عَمِلُوا۟ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةࣲ ثُمَّ تَابُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ وَأَصۡلَحُوۤا۟ *((إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورࣱ رَّحِیمٌ))﴾* [النحل 119]،.
ــ وقال،. ﴿وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوۤا۟ إِلَیۡهِ *((إِنَّ رَبِّي رَحِیمࣱ وَدُودࣱ))﴾* [هود 90]،.
ــ يقول الله،. *﴿((لَّقَد تَّابَ ٱللهُ عَلَى ٱلنَّبِي وَٱلۡمُهَاجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ))* ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ یَزِیغُ قُلُوبُ فَرِیقࣲ مِّنۡهُمۡ *((ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡ إِنَّهُ بِهِمۡ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ))﴾* [التوبة 117]،.
وتذكر هذا الكلام كله حين نتكلم عن آية المزمل وآية التيمم وآية المصابرة،. لأنهم بسبب هذه الكلمة قالوا فيها بالنسخ،. قال اْلله،. ﴿وَجَاهِدُوا۟ فِي ٱللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ *((وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِي ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲ))..﴾* [الحج 78]،.
ــ وقال،. ﴿..مَا یُرِیدُ ٱللهُ لِیَجۡعَلَ عَلَیۡكُم *((مِّنۡ حَرَجࣲ وَلَكِن یُرِیدُ لِیُطَهِّرَكُمۡ))* وَلِیُتِمَّ نِعۡمَتَهُ عَلَیۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [المائدة 6]،.
فالله حين اجتبانا، يسر علينا الدين ولم يشدد فيه، وليس كما يظنه النساخ، بأن الله تشدد في أوله، ثم نسخ وخفف الحكم!!،.
ــ التوبة من الله تكون لمن عمل السوء بجهالة،. قال اْلله،. ﴿إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللهِ *((لِلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةࣲ ثُمَّ یَتُوبُونَ مِن قَرِیبࣲ فَأُو۟لَئكَ یَتُوبُ ٱللهُ عَلَیۡهِمۡ))* وَكَانَ ٱللهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا﴾ [النساء 17]،. وكلمة،. ﴿إنما﴾،. تدل على الحصر،. فالصحابة حين عملوا السوء بجهالة في بداية الأمر، تابوا فتاب الله عليهم،. فأنزل،. ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ ((فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ))...﴾ [البقرة 187]،.
ــــ الخلاصة،. الآية ليس لها علاقة بالناسخ والمنسوخ،. الآية توضيح لكيفية الصيام،. لمن لم يعلم كيف يصوم،. ولهذا قال ٱلله في نهايتها،. ﴿..كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة 187]،.
نهاية الجزء الرابع عشر،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق