الجمعة، 17 فبراير 2023

جريمة الناسخ والمنسوخ،. [5] ⚠️ وإذا بدلنا آية مكان آية

جريمة الناسخ والمنسوخ،. [5] ⚠️ وإذا بدلنا آية مكان آية،.

محاور هذا الجزء،.
ــ هل ٱلۡقُرآن يضل الناس؟!،.
ــ عمن تتكلم الآية؟!،.
ــ نزلت السورة بمكة أم بالمدينة؟!،.
ــ ما الذي نسخ بمكة؟!،.
ــ معاجزة الكفار للأنبياء وطلبهم الآيات،.
ــ التفسير بالمتشابه،.
ــ الفرق بين بدّلنا وغيّرنا،.
ــ تدبر في سورة النحل،.

هنا آياتٌ أخرى، استدلوا بها لاثبات النسخ،.

في الجزء الأول والثاني ذكرنا تأصيل المسألة وهدمنا تعريفهم لها، وأثبتنا أنه لا ينبغي القول أساساً أن في ٱلۡقُرآن آياتٌ طُمست وذهب نورها ورفع الله حكمها،. وفي الجزء الثالث والرابع،. تكلمنا عن معنى النسخ على حقيقته، ومررنا على جميع مشتقات كلمة (نسخ) في ٱلۡقُرآن،. وأثبتنا بحمد الله أن كلمة النسخ لا تعني الإزالة، بل تعني التثبيت (تثبيت الشيء كما هو، بلا زيادة ولا نقصان)، وفي هذا الجزء سنبين إِنْ شٰاْءَ اللّٰه فساد استدلال النُساخ بالآيات الأخرى التي وجدوا فيها تعزيزاً لقولهم بالنسخ،.

هن آيتان، فتَن اللّٰه بهما النُساخ، وأعمى أبصارهم عن معانيهما الحقيقية لظلمهم المسبق، وسوء سريرتهم مع ٱلۡقُرآن أول الأمر، ولظنهم أن فيه تناقضاً واختلافاً يلزمه الحذف [النسخ]، فزادهم الله ضلالاً كما وعد،. ﴿یُثَبِّتُ ٱللهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ((بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا)) وَفِي ٱلۡآخِرَةِ ((وَیُضِلُّ ٱللهُ ٱلظَّالِمِینَ)) وَیَفۡعَلُ ٱللهُ مَا یَشَاۤءُ﴾ [إبراهيم 27]،. وقد أضلهم الله بٱلۡقُرآن نفسه،.

نعم،. فالله يضل بهذا ٱلۡقُرآن أقواماً، كما أنه يهدي به آخرين،. يقول ٱلله،. ﴿إِنَّ ٱللهَ لَا یَسۡتَحۡي أَن یَضۡرِبَ مَثَلࣰا مَّا بَعُوضَةࣰ فَمَا فَوۡقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَیَقُولُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللهُ بِهَذَا مَثَلࣰاۘ *((یُضِلُّ بِهِ كَثِیرࣰا وَیَهۡدِي بِهِ كَثِیرࣰا)) وَمَا یُضِلُّ بِهِ إِلَّا ٱلۡفَاسِقِینَ﴾ [البقرة 26]،.

ــ وقال كذلك،. ﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِیَذَّكَّرُوا۟ *((وَمَا یَزِیدُهُمۡ إِلَّا نُفُورࣰا))﴾* [الإسراء 41]،.
ــ ثم فصل النفور فقال،. ﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡآخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا ۝ *((وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰا))* وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُ وَلَّوۡا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَارِهِمۡ نُفُورࣰا﴾ [الإسراء 45 - 46]،.

وقال،. ﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَاهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِیࣰّا لَّقَالُوا۟ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَایَاتُهُ ءَا۬عۡجَميٌ وَعَرَبِيٌ *((قُلۡ هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هُدࣰى وَشِفَاۤءࣱ وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ فِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣱ وَهُوَ عَلَیۡهِمۡ عَمًى))* أُو۟لئكَ یُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ﴾ [فصلت 44]،.

فلا تظن أنك ستُهدى بمجرد دخولك للۡقُرآن،. إنما انظر (لماذا دخلت ٱلۡقُرآن؟!)،. هل دخلته حاملاً معك التهمة فيه؟ أن فيه آيات متناقضات، فدخلت تبحث عنها لتحذفها؟!،. كما يفعل الملحد والشيخ السلفي،. [[فأنى يهديهم الله؟!]]،. هؤلاء سيزيدهم ضلالاً فوق ضلالهم،.
ــ أم دخلت ٱلۡقُرآن خاشعاً خاضعاً مؤمنا به، تقول آمنا به كلٌ من عند ربنا؟!،. فإن كنت ممن يبحث عن التناقضات،. فأبشر بالسوء والضلال،. وحالك لن يختلف عن حال اليهود في الآيات التالية،. سيزيدك الله طغياناً وجحوداً، ويجعلك ترى فيه آيات متناقضة وستحلف أنها متناقضة، وستدعم يمينك بقول العلماء النُساخ، الذين تيقنوا من تناقضات ٱلۡقُرآن، فكتبوا كتبا باسم [الناسخ والمنسوخ]،. ليثبتوا هذه التناقضات وليقولوا أنها محذوفة الحكم،.

ــــ قال ٱلله،. ﴿قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللهِ *((مَن لَّعَنَهُ ٱللهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ))* وَعَبَدَ ٱلطَّغُوتَ أُو۟لَئكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ ۝ وَإِذَا جَاۤءُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا۟ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُوا۟ بِهِ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡتُمُونَ ۝ وَتَرَىٰ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ یُسَارِعُونَ فِي ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَانِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ ۝ لَوۡلَا یَنۡهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ ۝ *((وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ یَدُ ٱللهِ مَغۡلُولَةٌ غُلَّتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ))* بَلۡ یَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ یُنفِقُ كَیۡفَ یَشَاۤءُ *((وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَانࣰا وَكُفۡرࣰا وَأَلۡقَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَاوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَامَةِ))* كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللهُ وَیَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادࣰا وَٱللهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ﴾ [المائدة 60 - 64]،.

الآية فيها،. ﴿وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ﴾،. فأي تقَوّلٍ على الله [من مثل القول بالنسخ] سيُفضي بك لأنْ يلعنك الله،. ونتيجة هذا اللعن هو الضلال المستمر،. ﴿وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَانࣰا وَكُفۡرࣰا﴾،.

قال ٱلله بعدها مفسراً لتلك،. ﴿یَا أَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُ وَٱللهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ *((إِنَّ ٱللهَ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَافِرِینَ))* ۝ قُلۡ یَا أَهۡلَ ٱلۡكِتَابِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيءٍ حَتَّىٰ تُقِیمُوا۟ ٱلتَّوۡراةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ *((وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَانࣰا وَكُفۡرࣰا))* فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [المائدة 67 - 68]،.

فنقول للنُساخ كما قال ٱلله لليهود والنصارى،. لستم على شيء حتى تقيموا ٱلۡقُرآن ولا تطعنوا فيه،. اتبعوا ٱلۡقُرآن مؤمنين به كله دون تفريط وتفريق بين آياته،. فسيزيدكم الله هُدَىٰ وإيمانا، وستبصرون وتعرفون الحق الذي يرضاه،. وإلا،. سيزيدكم ربنا طغياناً وكفراً بما أنزل،. قال ٱلله،. ﴿وَإِذَا مَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ فَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ أَیُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَذِهِ إِیمَانࣰا فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَزَادَتۡهُمۡ إِیمَانࣰا وَهُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ ۝ *((وَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ كَافِرُونَ))﴾* [التوبة 124 - 125]،.

وفي الآيات التي ذكرناها في الجزء السابق، ((التي فسرت آية الحج [52]))،. قبلها بقليل، قال ٱلله،. ﴿وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللهِ جَهۡدَ أَیۡمَانِهِمۡ لَئن جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ لَّیُؤۡمِنُنَّ بِهَا قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡآیَاتُ عِندَ ٱللهِ وَمَا یُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَاۤ إِذَا جَاۤءَتۡ لَا یُؤۡمِنُونَ ۝ *((وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَارَهُمۡ كَمَا لَمۡ یُؤۡمِنُوا۟ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡیَانِهِمۡ یَعۡمَهُونَ))* ۝ وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَاۤ إِلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَائكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَیۡهِمۡ كُلَّ شَيءࣲ قُبُلࣰا مَّا كَانُوا۟ لِیُؤۡمِنُوۤا۟ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ وَلَكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ یَجۡهَلُونَ ۝ وَكَذَلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍ عَدُوࣰّا شَیَاطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورࣰا وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرۡهُمۡ وَمَا یَفۡتَرُونَ ۝ *((وَلِتَصۡغَىٰۤ إِلَیۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡآخِرَةِ وَلِیَرۡضَوۡهُ وَلِیَقۡتَرِفُوا۟ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ))﴾* [الأنعام 109 - 113]،.

فاحذر دخول ٱلۡقُرآن، وانت تحمل بين جنباتك قناعة التناقض والاختلاف في ٱلۡقُرآن،. وأن الحل للخروج من اختلافه الذي أقررته عليه، هو الحذف والمسح والشطب،. فهذا عمل النُساخ الذين حاولوا بشتى الطرق إثبات الماسح والممسوح،. فذهبوا للۡقُرآن ليدعموا افتراءهم الذي زعموه،. ولينصروا مذهب آبائهم الذين ذهبوا إلى القول بالنسخ والحذف في ٱلۡقُرآن،. وبأن فيه آيات ذاهبة النور، ومرفوعة الحكم والعمل، استدلوا جوراً وظلماً بآيتين على غير معانيها،.
ــ الآية الأولى هي،. ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ،...﴾،.
ــ والآية الثانية هي،. ﴿یَمۡحُوا۟ ٱللهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُ،..﴾،.

وهكذا، يري الله عباده المؤمنين، كيف يضل الظالمين المجرمين بٱلۡقُرآن نفسه،. وسنرد على استدلالهم الجائر بالتفصيل إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،. ونعطي الآيات حقها من التدبر،. ونفرد لكل آيةٍ جزءً،.

ــــــــــــــــــــــــــــ الآية الأولى،.

قال اْلله،. ﴿((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)) وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل 101]،.

كذلك ظن النُساخ بأن هذه الآية دليل على مسح بعض آيات ٱلۡقُرآن،. واستبدالها بآيات أخرى،. وهذا بحد ذاته افتراء على الله،. سنقرأ الآية في سياقها ليتبين أن (الآية) البديلة هنا هي "ٱلۡقُرآن" كله، والوحي الذي أنزله الله على نبيه،. وليس بعض أجزائه،.

قال اْلله،. ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ۝ قُلۡ ((نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ)) بِٱلۡحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ ۝ وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُ بَشَرࣱ لِّسَانُ ٱلَّذِي یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِيٌ ((وَهَذَا لِسَانٌ)) عَرَبِيٌ مُّبِینٌ ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ ((لَا یُؤۡمِنُونَ بِآیَاتِ)) ٱللهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ ۝ إِنَّمَا یَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِآیَاتِ ٱللهِ وَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡكَاذِبُونَ﴾ [النحل 101 - 105]،.

سياق الآيات كلها، تدل أن الكلام عن الذي نزله روح القدس، والذي يقوله النّبي ﷺ، ألا وهو ٱلۡقُرآن ((كله)) وليس ((بعضه))،. وليس لأحد أن يصرف السياق من ٱلۡقُرآن ككل (لبعض آيات ٱلۡقُرآن) إلا بشاهد وقرينة صارفة واضحة،. وليس عند القوم إلا شبهة واحدة، هي كلمة "آية" الأولى في قول الله،. ﴿آية مكان آية﴾،. فلأجل أنها جائت لفظة "الآية" مفردة، قالوا بأن الله،. (يقصد بعض آيات ٱلۡقُرآن)،. وسنرى بالتحقيق هل صدقت دعواهم هذه أم أنهم متوهمون؟!،.

ــــــــــــ عمن تتكلم الآية؟!،.

لو كان الخطاب في آية التبديل موجهاً للمؤمنين [الذين يفترض أن يوجه لهم ليعرفوا أن الآيات تُنسخ وتبدل]،. لتبين هذا من السياق، ولكن السياق يبين أن الآية كانت رداً على الكفار والمكذبين، وهم الذين يتهمون النبي ﷺ بأنه مفترٍ، حين سمع الكفار هذا القُرآن (البديل) فاتهموه بالافتراء على الله، قالوا إنما أنت مفتر،. ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ﴾،.

قال اْلله في مواضع أخرى عن هؤلاء الذين يتهمون النّبي ﷺ بالافتراء،. [ولاحظ أن الكلام عن القُرآن كله وليس بعضه]،. قال،. ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَضَاۤئقُۢ بِه صَدۡرُكَ أَن یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱ وَٱللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ وَكِیلٌ ۝ ((أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِعَشۡرِ سُوَرࣲ مِّثۡلِهِ مُفۡتَرَیَاتࣲ)) وَٱدۡعُوا۟ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللهِ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ ۝ فَإِلَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَاۤ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللهِ وَأَن لَّاۤ إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [هود 12 - 14]،.

هذا قول الكفار عن القُرآن، هذه عادتهم،. يتهمون الأنبياء بالافتراء [يعني أنهم يكذبون على الله ويقولون على الله مالم يقله]،. فالكلام أصلاً عن الكتاب الذي يتلوه الأنبياء وليس عن بعض آيات الكتاب،. قال اْلله،. ﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُنَا بَیِّنَاتࣲ قَالُوا۟ مَا هَذَاۤ إِلَّا رَجُلࣱ یُرِیدُ أَن یَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُكُمۡ ((وَقَالُوا۟ مَا هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكࣱ مُّفۡتَرࣰى وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ)) إِنۡ هَذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ ۝ وَمَاۤ ءَاتَیۡنَاهُم مِّن كُتُبࣲ یَدۡرُسُونَهَا وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَیۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِیرࣲ ۝ وَكَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُوا۟ مِعۡشَارَ مَاۤ ءَاتَیۡنَاهُمۡ فَكَذَّبُوا۟ رُسُلِي فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ﴾ [سبأ 43 - 45]،.

فالتكذيب تكذيب الكفار، وتكذيبهم لم يكن لبعض الآيات، إنما للۡقُرآن جملةً،. وفي كل مرة يتلو فيها النّبي ﷺ عليهم ٱلۡقُرآن يقولون هو افتراء،. فهذه عادتهم،. قال اْلله،. ﴿((وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَاتُنَا بَیِّنَاتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ هَذَا سِحۡرࣱ مُّبِینٌ ۝ أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ)) قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَیۡتُهُ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللهِ شَیۡـًٔا هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِیضُونَ فِیهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِیدَۢا بَیۡنِي وَبَیۡنَكُمۡ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ ۝ قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَاۤ أَدۡرِي مَا یُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡ ((إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَيّ)) وَمَاۤ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ ۝ قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كَانَ ((مِنۡ عِندِ ٱللهِ)) وَكَفَرۡتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۢ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِ فَآمَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ إِنَّ ٱللهَ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّالِمِینَ﴾ [الأحقاف 7 - 10]،.

فقولهم في الأولى ﴿إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ﴾،. هو قول الكفار اتهاماً للنّبي ﷺ على القُرآن والوحي كله بعمومه، وليس على بعض آياتٍ منه،.

ــ أما المؤمن فلا يمكن أن يتهم النّبي ﷺ بالافتراء،. والذي يفتري على الله لا يمكن أن يكون نبياً،. قال اْلله،. ﴿إِنَّمَا یَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِآیَاتِ ٱللهِ وَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡكَاذِبُونَ﴾ [النحل 105]،. ولا يمكن لمؤمنٍ بأن يقول على النّبي ﷺ أنه مفترٍ،. إنما الذي يقول ذلك عنه هو الكافر،.

قال اْلله عن القُرآن كله،. *﴿((وَمَا كَانَ هَذَا ٱلۡقُرۡءَانُ أَن یُفۡتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللهِ))* وَلَكِن تَصۡدِیقَ ٱلَّذِي بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَتَفۡصِیلَ ٱلۡكِتَابِ لَا رَیۡبَ فِیهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَالَمِینَ ۝ *((أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِسُورَةࣲ مِّثۡلِهِ))* وَٱدۡعُوا۟ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللهِ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ﴾ [يونس 37 - 38]،.

تيقنّا الآن من سياق هذه الآية،. ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ﴾،. ومن متشابهاتها، أن الكفار يتهمون النّبي ﷺ بالافتراء،.

ولكن النُساخ قالوا بأن الآية عن (الناسخ والمنسوخ) وأنها تتكلم عن حذف بعض آيات ٱلۡقُرآن، وأن الله يبدل بعض آيات ٱلۡقُرآن بآيات أخرى،. فنقول لهم،. حين نسخ الله بعض الآيات، فقال الكفار (إنما أنت مفتر) تحسراً وحسرةً وغضباً من الكفار بعد أن بدل الله الآية بالآية،. فهل تضايقوا من ذهاب الآية الأولى قبل التبديل [المنسوخة الذاهبة]؟!،. أم الآية الجديدة [الناسخة]؟!،.

إن قلتم بأنهم يقصدون الآيات المنسوخة الذاهبة [أنها هي الفرية]، فهذا إقرار منكم أنهم يؤمنون بالآية الناسخة الجديدة،. ولكنهم لم يؤمنوا لا بالناسخة ولا بالمنسوخة الذاهبة، فالذي يتهم النّبي ﷺ بالافتراء لا يتبع ٱلۡقُرآن كله،. سواء بُدلت بعض آياته أو لم تُبدَل،.

وإن قلتم بأن الكفار يقصدون الآيات الناسخة الجديدة [أنها هي الفرية]،. فهذا إقرار منكم أن الكفار متمسكون بالآية المنسوخة الذاهبة، وأنهم تضايقوا حين عرفوا أنها بُدّلَت ومُحيَت،. وهذا لا يستقيم، لأن الكافر لا يؤمن بشيء من كلام الله المنزل،. لا الباقي ولا حتى الذاهب منه [هذا إن كان فيه ما ذهب أصلاً!]،.

وإن قلت أنهم لا يؤمنون بالأولى الذاهبة (المنسوخة)،. ولا بالتالية الباقية (الناسخة)،. وإنما هم مجادلون ويريدون الطعن بالنبي ﷺ وأنهم كفار بدليل قولهم عن النّبي ﷺ إنما أنت مفترٍ!،. لأنه لا يمكن للمؤمن أن يقول لنبيه أنت مفترٍ!،. بالتالي،. الكلام ليس عن بعض آياتٍ مبدلةٍ مزالةٍ مرفوعة من القُرآن، إنما عن ٱلۡقُرآن كله،.

ثم إن كان الكافر يتهم النّبي ﷺ فما الداعي لأن يذكر الله أنه سيبدل بعض آيات القُرآن في معرض كلامه عن الكفار واتهامهم؟!،.

فنُخلص معكم بأن الآية لا تتكلم عن المؤمنين، إنما عن الكفار،. بالتالي، الكلام عن ٱلۡقُرآن كله، وليس بعض آياته،.

ويفترض ويستلزم ويقتضي مِن فهم مَن استدل بهذه الآية (على الناسخ والمنسوخ في ٱلۡقُرآن)،. أن يقول بأن المشركين عرفوا حينها الآية الناسخة والآية المنسوخة فقالوا للنّبي ﷺ أنت مفترٍ! فنسألهم أين هو قولهم في الناسخ والمنسوخ؟!،. ولماذا اختلف علماؤكم في عدد الآيات المنسوخة؟!،. [سواءً بالمعنى القديم عند السلف (الاستثناء والتخصيص) أو حتى بالمعنى الجديد عند الأصوليون (الإزالة والرفع)]،. إن كانت واضحة معلومة منذ ذلك الزمان فأين هي الآيات المنسوخة؟!،. لا يوجد لديكم أي سند صحيح عن النّبي ﷺ أنه قال هذه ناسخة وتلك منسوخة!،.

فلتأخذوا بقول الكفار والمشركين الذين [يُفترض أنهم] عرفوا الآيات المنسوخة،.

أقول،. إن الذين يقولون أن ٱلۡقُرآن فيه حاذفٌ ومحذوف، شاطبٌ ومشطوب [ناسخٌ ومنسوخ]، وأن فيه آيات تعطلت وبقيت هكذا بلا نورٍ ولا هدى ولا أي فائدة سوى حسنات التلاوة، في الحقيقة هم الذين يفترون على الله الكذب،. ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ﴾ [يونس 69]،.

ــــ قال المفسرون بأن النّبي ﷺ حين كان يبلغ الصحابة أن الأحكام القديمة قد نُسخت بأحكام جديدة،. عايره المشركون بقولهم،. ﴿إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ..﴾،. فنزلت هذه الآية!،. اللّٰه أكبَر،..

لحظة لحظة يا مفسرين،.. ما هي الأحكام التي نزلت في مكة؟!،. هذه الآية ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ..﴾،. هي من سورة [النحل]،. وسورة النحل [عندكم] هي سورة مكية،. فأي حكمٍ هذا الذي نزل في مكة ثم نُسخ؟!،. وأول واقعة نسخٍ حصلت عندكم هي واقعة تغيير القبلة التي هي بعد البعثة،..
ألم تقولوا بأن أول قضية نسخٍ وقعَت (على الاطلاق) هي قضية القبلة؟!،. بلىٰ،.. طيب!! آية القبلة نزلت في المدينة وليست في مكة!،. والقبلة صُوّبت للنّبي ﷺ وهو بين أظهر المهاجرين والأنصار، وليس بين المشركين، حتى يقال بهذا التفسير الكاذب،.

والفترة المكية ليس فيها أعمال إلا الصلاة [وهي بعد رحلة العروج، أي في السـنة التاسعة، آخر الفترة المكية]، والصلاة لم تُنسخ البتة، أما آيات السور المكية، فكلها حول الاخلاص لله [لم ينسخ منها شيء]،. وقصص الأنبياء وهلاك القرون الأولى [ولم يُنسخ منها شيء (وهذه أخبار)]، ونبذ الشرك [ولم يُنسخ منها شيء]،. ولا يوجد أي عمل وحكم منسوخ في فترة مكة، بل كلها في المدينة،.

ــــ الآية التي يتكلم الله عنها، أنه يبدل آية مكان آية،. هي الآيات التي طلبها المشركون تعجيزاً للنّبي ﷺ ليتبعوه،. والآية التي أذهبها اللّٰه وبدلها هي الآيات التي كان يرسلها مع الأنبياء سابقاً، والآية البديلة الآن هي [القُرآن]،. وهذا الذي قاله في سياق الآيات،. واقرأ السياق إن شئت،. ﴿فَإِذَا قَرَأۡتَ ((ٱلۡقُرۡءَانَ)) فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللهِ مِنَ ٱلشَّیۡطَانِ ٱلرَّجِیمِ ۝ إِنَّهُ لَیۡسَ لَهُ سُلۡطَانٌ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ ۝ إِنَّمَا سُلۡطَانُهُ عَلَى ٱلَّذِینَ یَتَوَلَّوۡنَهُ وَٱلَّذِینَ هُم بِهِ مُشۡرِكُونَ ۝ ((وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ)) وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ۝ قُلۡ ((نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ)) بِٱلۡحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ ۝ وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ یَقُولُونَ إِنَّمَا یُعَلِّمُهُ بَشَرࣱ لِّسَانُ ٱلَّذِي یُلۡحِدُونَ إِلَیۡهِ أَعۡجَمِيٌ ((وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌ مُّبِینٌ)) ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِآیَاتِ ٱللهِ لَا یَهۡدِیهِمُ ٱللهُ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ ۝ إِنَّمَا یَفۡتَرِي ٱلۡكَذِبَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِآیَاتِ ٱللهِ وَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡكَاذِبُونَ﴾ [النحل 98 - 105]،.

والأدلة على أن هذه الآية عن القُرآن كله، كثيرة مستفيضة،. منها قول الله كذلك في سياقها أنه نزله روح القدس ليكون هدى وبشرى للمؤمنين،. قالها في سورة النحل الآية 102 بعد كلامه عن التبديل،. قال،. ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ۝ قُلۡ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلۡقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّ لِیُثَبِّتَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ *((وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ))﴾* [النحل 101 ــ 102]،.

وقبلها بآيات، في نفس السورة قال كذلك،. ﴿وَیَوۡمَ نَبۡعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةࣲ شَهِیدًا عَلَیۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِیدًا عَلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِ *((وَنَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ))* تِبۡیَانࣰا لِّكُلِّ شَيءࣲ *((وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ))﴾* [النحل 89]،. فالكلام كان عن الكتاب كله وليس بعضه،.

وكذلك قال قبل هذه الآية في نفس السورة،. ﴿وَمَاۤ *((أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ))* إِلَّا لِتُبَیِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِ *((وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ))﴾* [النحل 64]،. كذلك الكلام عن الكتاب كله، وليس بعضه،.

وقال اْلله عن ٱلۡقُرآن "كله" في مواضع غير سورة النحل،. ﴿طسۤ تِلۡكَ *((ءَایَاتُ ٱلۡقُرۡءَانِ وَكِتَابࣲ مُّبِینٍ ۝ هُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ))﴾* [النمل 1 - 2]،.
فهل كان يتكلم عن بعض آيات القُرآن أم كل القُرآن؟!،. قال اْلله كذلك في النمل،. ﴿إِنَّ *((هَذَا ٱلۡقُرۡءَانَ))* یَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ أَكۡثَرَ ٱلَّذِي هُمۡ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ ۝ *((وَإِنَّهُ لَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ))﴾* [النمل 76 - 77]،. والكلام عن ٱلۡقُرآن، وليس عن بعض آيات القُرآن،.

قال اْلله كذلك عن ٱلۡقُرآن "كله"،. ﴿وَلَقَدۡ جِئۡنَاهُم بِكِتَابࣲ فَصَّلۡنَاهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ *((هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ))﴾* [الأعراف 52]،.

قال اْلله كذلك عن ٱلۡقُرآن كله،. ﴿وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِآیَةࣲ قَالُوا۟ لَوۡلَا ٱجۡتَبَیۡتَهَا قُلۡ *((إِنَّمَاۤ أَتَّبِعُ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَاۤئرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ ۝ وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ))* فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف 203 - 204]،. الكلام عن ٱلۡقُرآن كله أنه آية،. وليس عن آية منه،. والسياق دالٌ أنه ٱلۡقُرآن كله،.

وقال اللّٰه كذلك عن ٱلۡقُرآن كله،. ﴿لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِي ٱلۡأَلۡبَابِ *((مَا كَانَ حَدِیثࣰا یُفۡتَرَىٰ وَلَكِن تَصۡدِیقَ ٱلَّذِي بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَتَفۡصِیلَ كُلِّ شَيءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ))﴾* [يوسف 111]،.
وقال،. ﴿قُلۡ مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّجِبۡرِیلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلۡبِكَ بِإِذۡنِ ٱللهِ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ *((وَهُدࣰى وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ ۝ مَن كَانَ عَدُوࣰّا لِّلهِ وَمَلَائكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبۡرِیلَ وَمِیكالَ فَإِنَّ ٱللهَ عَدُوࣱّ لِّلۡكَافِرِینَ ۝ وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ءَایَاتِۭ بَیِّنَاتࣲ))* وَمَا یَكۡفُرُ بِهَاۤ إِلَّا ٱلۡفَاسِقُونَ﴾ [البقرة 97 - 99]،.
وقال،. ﴿الۤمۤ ۝ *((تِلۡكَ ءَایَاتُ ٱلۡكِتَابِ ٱلۡحَكِیمِ ۝ هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّلۡمُحۡسِنِینَ))﴾* [لقمان 1 - 3]،. وهناك غيرها الكثير،.

فكيف يزعمون بأن آية النحل تتكلم عن بعض آيات ٱلۡقُرآن؟!،.

ــــــــــــــــــــــــــ القول الفصل في هذه الآية،.

الله سبحانه وتعالى، بدل بالقُرآن الآيات السابقة التي اعتاد الناس عليها،. [التي يسمونها الناس بالمعجزات، وهي التي كان يطلبها المشركون من الأنبياء دائما]،. وهذه سنة متكررة مع كل نبي يرسله الله رب العالمين،.

ــــــــــ مطالبات الكفار بالآيات،.

ــ قال الله سبحانه،. ﴿وَیَقُولُونَ *((لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِ))* فَقُلۡ إِنَّمَا ٱلۡغَیۡبُ لِلهِ فَٱنتَظِرُوۤا۟ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُنتَظِرِینَ﴾ [يونس 20]،.
ــ وقال،. ﴿مَاۤ أَنتَ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُنَا ((فَأۡتِ بِآیَةٍ)) إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِینَ﴾ [الشعراء 154]،.
ــ قال،. ﴿وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ *((لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِ))* قُلۡ إِنَّ ٱللهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِي إِلَیۡهِ مَنۡ أَنَاب﴾ [الرعد 27]،.
ــ وقال،. ﴿وَقَالُوا۟ *((لَوۡلَا یَأۡتِینَا بِآیَةࣲ مِّن رَّبِّهِ))* أَوَلَمۡ تَأۡتِهِم بَیِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ﴾ [طه 133]،.
ــ وقال،. ﴿بَلۡ قَالُوۤا۟ أَضۡغَاثُ أَحۡلَامِۭ بَلِ ٱفۡتَرَاهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرࣱ *((فَلۡیَأۡتِنَا بِآیَةࣲ كَمَاۤ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ))﴾* [الأنبياء 5]،.
ــ وقال ٱلله في بدايات سورة الأنعام،. ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ مَلَكࣱ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكࣰا لَّقُضِي ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا یُنظَرُونَ﴾ [الأنعام 8]،.

وغيرها من الآيات الكثيرة جداً، الدالة على مطالبات الكفار بالآيات التي اعتادوا رؤيتها على يد الأنبياء،. وقال نبي اْلله ﷺ،. ﴿مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ *((إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ، وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ))*، فَأَرْجُو أَن أَكُون أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.

فالنبي ﷺ ليس له آية سوى ٱلۡقُرآن،. والله امتنع عن إرسال الآيات كما كان يرسل من قبل،. قال ٱلله،. ﴿وَمَا *((مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلآیاتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَ))* وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ فَظَلَمُوا۟ بِهَا وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡآیَاتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا﴾ [الإسراء 59]،.

فالله استبدل الآية بٱلۡقُرآن [بدل ٱلۡقُرآن مكان المعجزات]،. ومن شبيهات هذه الآية، نفهم أن ٱلۡقُرآن هي الآية البديلة للآيات التي يطالب بها الكفار،.

ولاحظ في الآيات التالية المتشابهة التي تفسر آية،. ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ﴾،. أن الله يذكر ٱلۡقُرآن مقابل طلب الكفار وسؤالهم عن الآيات (المعجزات)،.

ــــــــــــــــــــــــــــ المتشابهات [التي تفسر آية التبديل]،.

الآية المتشابهة 1 :

ــ قال ٱلله،. ﴿وَكَذَلِكَ ((أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ فَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَاهُمُ ٱلۡكِتَابَ یُؤۡمِنُونَ بِهِ)) وَمِنۡ هَؤُلَاۤءِ مَن یُؤۡمِنُ بِهِ وَمَا یَجۡحَدُ بِآیَاتِنَاۤ إِلَّا ٱلۡكَافِرُونَ ۝ وَمَا كُنتَ تَتۡلُوا۟ مِن قَبۡلِهِ مِن كِتَابࣲ وَلَا تَخُطُّهُ بِیَمِینِكَ إِذࣰا لَّٱرۡتَابَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ ۝ بَلۡ هُوَ ((ءَایَاتُۢ بَیِّنَاتࣱ فِي صُدُورِ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ)) وَمَا یَجۡحَدُ بِآیَاتِنَاۤ إِلَّا ٱلظَّالِمُونَ ۝ وَقَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَاتࣱ مِّن رَّبِّهِ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡآیَاتُ عِندَ ٱللهِ وَإِنَّمَاۤ أَنَا۠ نَذِیرࣱ مُّبِینٌ ۝ *((أَوَلَمۡ یَكۡفِهِمۡ أَنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ یُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ))* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحۡمَةࣰ وَذِكۡرَىٰ لِقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [العنكبوت 47 - 51]،.

الآية المتشابهة 2 :

ــ قال ٱلله للنّبي ﷺ،. ﴿وَإِذَا *((لَمۡ تَأۡتِهِم بِآیَةࣲ قَالُوا۟ لَوۡلَا ٱجۡتَبَیۡتَهَا قُلۡ إِنَّمَاۤ أَتَّبِعُ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ مِن رَّبّي هَـٰذَا بَصَاۤئرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ ۝ وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ))* فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف 203 - 204]،.

الآية المتشابهة 3 :

ــ قال ٱلله،. ﴿وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ *((لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِ))* قُلۡ إِنَّ ٱللهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِي إِلَیۡهِ مَنۡ أَنَابَ ۝ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمئنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللهِ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللهِ تَطۡمَئنُّ ٱلۡقُلُوبُ ۝ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابࣲ ۝ *((كَذَلِكَ أَرۡسَلۡنَاكَ فِي أُمَّةࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهَاۤ أُمَمࣱ لِّتَتۡلُوَا۟ عَلَیۡهِمُ ٱلَّذِي أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ وَهُمۡ یَكۡفُرُونَ بِٱلرَّحۡمَنِ قُلۡ هُوَ رَبِّي لَاۤ إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ مَتَابِ ۝ وَلَوۡ أَنَّ قُرۡءَانࣰا سُیِّرَتۡ بِهِ ٱلۡجِبَالُ أَوۡ قُطِّعَتۡ بِهِ ٱلۡأَرۡضُ أَوۡ كُلِّمَ بِهِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بَل للهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِیعًا أَفَلَمۡ یَا۟یۡـَٔسِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن لَّوۡ یَشَاۤءُ ٱللهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا))* وَلَا یَزَالُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ تُصِیبُهُم بِمَا صَنَعُوا۟ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِیبࣰا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ وَعۡدُ ٱللهِ إِنَّ ٱللهَ لَا یُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ ۝ وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَمۡلَیۡتُ لِلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡ فَكَیۡفَ كَانَ عِقَابِ﴾ [الرعد 27 - 32]،.
ثم بعدها قال اْلله،. ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلۡنَاهُ حُكۡمًا عَرَبِیࣰّا وَلَئنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللهِ مِن وَلِيٍٍ وَلَا وَاقࣲ ۝ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلࣰا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡواجࣰا وَذُرِّیَّةࣰ ((وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن یَأۡتِيَ بِآیَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللهِ)) لِكُلِّ أَجَلࣲ كِتَابࣱ ۝ یَمۡحُوا۟ ٱللهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلۡكِتَابِ﴾ [الرعد 37 - 39]،.

الآية المتشابه رقم 4 :

ــ قال ٱلله،. ﴿فَلَعَلَّكَ ((تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ)) وَضَاۤئقُۢ بِهِ صَدۡرُكَ أَن *((یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُ مَلَكٌ))* إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱ وَٱللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ وَكِیلٌ ۝ *[[أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَاهُ]]* قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِعَشۡرِ سُوَرࣲ مِّثۡلِهِ مُفۡتَرَیَاتࣲ وَٱدۡعُوا۟ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللهِ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ﴾ [هود 12 - 13]،.

الآية المتشابه رقم 5 :

ــ قال ٱلله،. ﴿بَلۡ قَالُوۤا۟ *((أَضۡغَاثُ أَحۡلَامِۭ بَلِ ٱفۡتَرَاهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرࣱ فَلۡیَأۡتِنَا بِآیَةࣲ كَمَاۤ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ))* ۝ مَاۤ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَاهَاۤ أَفَهُمۡ یُؤۡمِنُونَ ۝ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ۝ وَمَا جَعَلۡنَاهُمۡ جَسَدࣰا لَّا یَأۡكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَمَا كَانُوا۟ خَالِدِینَ ۝ ثُمَّ صَدَقۡنَاهُمُ ٱلۡوَعۡدَ فَأَنجَیۡنَاهُمۡ وَمَن نَّشَاۤءُ وَأَهۡلَكۡنَا ٱلۡمُسۡرِفِینَ ۝ *((لَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ كِتَابࣰا فِیهِ ذِكۡرُكُمۡ))* أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [الأنبياء 5 - 10]،.

الآية المتشابه رقم 6 :

ــ قال ٱلله،. ﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ *((إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَیۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَ فَقَدۡ جَاۤءُو ظُلۡمࣰا وَزُورࣰا ۝ وَقَالُوۤا۟ أَسَاطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِي تُمۡلَىٰ عَلَیۡهِ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلࣰا ۝ قُلۡ أَنزَلَهُ))* ٱلَّذِي یَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا ۝ وَقَالُوا۟ مَالِ هَذَا ٱلرَّسُولِ یَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشِي فِي ٱلۡأَسۡوَاقِ *((لَوۡلَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَلَكࣱ فَیَكُونَ مَعَهُ نَذِیرًا ۝ أَوۡ یُلۡقَىٰۤ إِلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُ جَنَّةࣱ یَأۡكُلُ مِنۡهَا))* وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلࣰا مَّسۡحُورًا﴾ [الفرقان 4 - 8]،.

الآية المتشابه رقم 7 :

ــ قال ٱلله،. ﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّي وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا ۝ *((وَلَئن شِئۡنَا لَنَذۡهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَیۡنَا وَكِیلًا ۝ إِلَّا رَحۡمَةࣰ مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضۡلَهُ كَانَ عَلَیۡكَ كَبِیرࣰا ۝ قُل لَّئنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰۤ أَن یَأۡتُوا۟ بِمِثۡلِ هَذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا یَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضࣲ ظَهِیرࣰا ۝ وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا ٱلۡقُرۡءَانِ))* مِن كُلِّ مَثَلࣲ فَأَبَىٰۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورࣰا ۝ وَقَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ یَنۢبُوعًا ۝ أَوۡ تَكُونَ لَكَ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَعِنَبࣲ فَتُفَجِّرَ ٱلۡأَنۡهَارَ خِلَالَهَا تَفۡجِیرًا ۝ أَوۡ تُسۡقِطَ ٱلسَّمَاۤءَ كَمَا زَعَمۡتَ عَلَیۡنَا كِسَفًا أَوۡ تَأۡتِيَ بِٱللهِ وَٱلۡمَلَائكَةِ قَبِیلًا ۝ أَوۡ یَكُونَ لَكَ بَیۡتࣱ مِّن زُخۡرُفٍ أَوۡ تَرۡقَىٰ فِي ٱلسَّمَاۤءِ وَلَن نُّؤۡمِنَ لِرُقِیِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَیۡنَا كِتَابࣰا نَّقۡرَؤُهُ قُلۡ سُبۡحَانَ رَبِّي هَلۡ كُنتُ إِلَّا بَشَرࣰا رَّسُولࣰا ۝ ((وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن یُؤۡمِنُوۤا۟ إِذۡ جَاۤءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰۤ)) إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ أَبَعَثَ ٱللهُ بَشَرࣰا رَّسُولࣰا﴾ [الإسراء 85 - 94]،.
ــ قال ٱلله في نفس السورة،. *﴿((وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلآیَاتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَ وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ فَظَلَمُوا۟ بِهَا وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡآیاتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا))﴾* [الإسراء 59]،.

ــ قال ٱلله في سورة النحل ذاتها التي فيها آية التبديل،. قال سبحانه،. ﴿هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَائكَةُ ((أَوۡ یَأۡتِيَ أَمۡرُ رَبِّكَ)) كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللهُ وَلَكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ﴾ [النحل 33]،. ما الذي فعله الذين من قبلهم؟!،.

قال اْلله فيها،. *﴿((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))* ۝ بِٱلۡبَیِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل 43 - 44]،. وهذه الآية لها شبيهة [اختها] من سورة الأنبياء،. قال اْلله،. ﴿بَلۡ قَالُوۤا۟ أَضۡغَاثُ أَحۡلَامِۭ بَلِ ٱفۡتَرَاهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرࣱ *((فَلۡیَأۡتِنَا بِآیَةࣲ كَمَاۤ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ))* ۝ مَاۤ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَاهَاۤ أَفَهُمۡ یُؤۡمِنُونَ ۝ *((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))﴾* [الأنبياء 5 - 7]،.

فلم يعط الله الناس شهواتهم وما يطلبون من آيات كما أرسل مع الأولين،. بل قال بأنه أنزل آية واستبدلها بجميع الآيات التي اعتادوا عليها،. قال اْلله،. ﴿((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)) وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل 101]،.

ــــــــــــــــــــــــــ ما معنى التبديل؟!،. وما الفرق بينها وبين التغيير؟!،.

إن كان قول النُساخ حقٌ،. لكانت الآية هكذا،. (وإذا غيرنا آية مكان آية)،.. وليس،. ﴿وإذا بدلنا آية مكان آية﴾،.. لماذا؟!،.

لأن التبديل يعني إزالة الشيء من أصله ووضع جديد مكانه،. وليس إبقاء أصله وإزالة حكمه!،. ولو بقيت الآية كما هي ولكن تبدل حكمها فقط،. فينبغي أن يقال حينها "غيرنا" وليس "بدلنا"،.

ــــــ فالبدل يكون في ذهاب الأول، والإتيان بغيره مكانه،.

ــ قال اْلله،. ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ وَمَن ((يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ)) فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ﴾ [البقرة 108]،.
حين تغير إيمانه للكفر،. سمي تبديلاً وليس تغييراً،. حيث ذهب الإيمان وحل مكانه الكفر،.

ــ قال اْلله على لسان الخضر،. ﴿وَأَمَّا ٱلۡغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤۡمِنَیۡنِ فَخَشِینَاۤ أَن یُرۡهِقَهُمَا طُغۡیَانࣰا وَكُفۡرࣰا ۝ فَأَرَدۡنَاۤ ((أَن یُبۡدِلَهُمَا رَبُّهُمَا)) خَیۡرࣰا مِّنۡهُ زَكَوٰةࣰ وَأَقۡرَبَ رُحۡمࣰا﴾ [الكهف 80 - 81]،.
الغلام قد قتل ولم يبقى، وسيكون مكانه شخص آخر،. فالتبديل أن تزيله تماماً وتأتي بغيره يحل مكانه،.

ــ قال اْلله،،. ﴿إِلَّا مَن ظَلَمَ ثُمَّ ((بَدَّلَ حُسۡنَۢا بَعۡدَ سُوۤءࣲ))..﴾ [النمل 11]،.
ــ وقال،. ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلࣰا صَالِحࣰا فَأُو۟لَئكَ ((یُبَدِّلُ ٱللهُ سَیِّآتِهِمۡ حَسَنَاتࣲ)) وَكَانَ ٱللهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا﴾ [الفرقان 70]،.
ذهبت السيئات ولم تبقى، وجاءت مكانها الحسنات،.
كما قال،. ﴿ثُمَّ ((بَدَّلۡنَا مَكَانَ ٱلسَّیِّئَةِ ٱلۡحَسَنَةَ)) حَتَّىٰ عَفَوا۟..﴾ [الأعراف 95]،.

والأمثلة على كلمة "البدل" كثيرة، فكلما تقرأ كلمة تبديل في القُــرآن، تعرف أن الأول قد ذهب تماماً، وحل محله البديل الجديد غير الأول الذاهب،.
ــ مثل قوله،. ﴿فَبَدَّلَ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ قَوۡلًا غَیۡرَ ٱلَّذِي قِیلَ لَهُمۡ..﴾ [البقرة 59]،.
ــ وقوله على لسان موسى،. ﴿...قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَیۡرٌ...﴾ [البقرة 61]،.
ــ وفي الوصية قال،. ﴿فَمَنۢ بَدَّلَهُ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَاۤ إِثۡمُهُ عَلَى ٱلَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُ..﴾ [البقرة 181]،.
ــ وقال،. ﴿وَءَاتُوا۟ ٱلۡیَتَامَىٰۤ أَمۡوَالَهُمۡ وَلَا تَتَبَدَّلُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ بِٱلطَّیِّبِ..﴾ [النساء 2]،.
ــ وقال،. ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِآیَاتِنَا سَوۡفَ نُصۡلِیهِمۡ نَارࣰا كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَاهُمۡ جُلُودًا غَیۡرَهَا..﴾ [النساء 56]،.
ــ وقال،. ﴿وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقࣰا وَعَدۡلا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه..﴾ [الأنعام 115]،.

ــــــــ أما التغيير،. فهو أن تغيّر في شكلها وسماتها وخصالها وحالها،. مع إبقاء الأصل كما هو،. كما قال اْلله،. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللهَ لَمۡ یَكُ *((مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ))* وَأَنَّ ٱللهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ﴾ [الأنفال 53]،.

فالله قد يغير النعمة ولكن لا يزيلها من أصلها،. النعمة نفسها باقية،. ولكنها أقل، أو أسوء، ولا بركة فيها،. قال الله،. ﴿لَه مُعَقِّبَاتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِ یَحۡفَظُونَهُ مِنۡ أَمۡرِ ٱللهِ *((إِنَّ ٱللهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ))* وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ [الرعد 11]،.

التغيير كان في النفس من الفساد إلى الصلاح، كله تغيير بالأنفس، أما الأنفس ذاتها فلم تذهب، إنما بقيت كما هي،. إنما حصل التبديل في حالها ووضعها،. ولكن حين أذهب الله الأنفس [وهي الأصل] ذكر التبديل وليس التغيير،. في قوله،. ﴿إِلَّا تَنفِرُوا۟ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا ((وَیَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ))..﴾ [التوبة 39]،.
ــ وقال،. ﴿...وَٱللهُ ٱلۡغَنِيّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ ((وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ)) ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَالَكُم﴾ [محمد 38]،.

قال اْلله،. ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ۝ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ۝ لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ۝ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ *((وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ))* وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ۝ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء 116 ــ 120]،.

ــــ الشيطان قال أنه ((سيغيّر)) خلق الله، لأنه لا يستطع أن يبدل،. لأن اْلله قال،. ﴿..لَا تَبۡدِیلَ لِخَلۡقِ ٱللهِ..﴾ [الروم 30]،. فالذي خلقه الله لا يستطيع أحدٌ أن يُذهبه ويأت بغيره إلا الله،. إنما توعد الشيطان بتغييره، كتغيير شكل السماء والأرض في أذهان الناس فحسب [ولا يستطيع تبديل السماء والأرض]،. وتغيير الجنس من الذكر للأنثى [فلا يستطيع تبديل الرجل وجعله امرأة حقيقية]،. ولكن يغيره وليبدو كالمرأة ظاهراً وليس حقيقةً،.

فلو افترضنا وجود آيتين، إحداها ترفع حكم الأخرى، ولكن لا تحذفها من المصحف [كما يدندنون : رفع حكمها وبقي رسمها]، فذلك تغييرٌ، وليس بتبديل، فوجب أن تكون الآية،. (وإذا غيرنا آية مكان آية)،. ولكن الله قال ﴿وإذا بدلنا آية مكان آية﴾،. فعرفنا من كلمة [بدلنا] أن الآية الذاهبة، قد زالت تماماً ولم يبق منها شيء،. وهذا بخلاف قولهم في الآيات المنسوخة في ٱلۡقُرآن، الآيات بقيت مكانها كما هي، وإن قلتم بأن حكمها قد رُفع،. نقول إنما متن الآية باقٍ لم يتبدل ولم يحذف، فهذا ليس بالتبديل الذي تريدونه،.

ــــــ آية التبديل ختمت بــ،. ﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَاۤ ءَایَةࣰ مَّكَانَ ءَایَةࣲ وَٱللهُ أَعۡلَمُ بِمَا یُنَزِّلُ قَالُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُفۡتَرِۭ *((بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ))﴾* [النحل 101]،.

وهذه آية أخرى شبيهة بها، ختمت بمثلها،. تُبين أن الآية التي يتكلم الله عنها هي آياته بيد الأنبياء [المعجزات]،. قال اْلله،. ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِ قُلۡ إِنَّ ٱللهَ قَادِرٌ عَلَىٰۤ أَن یُنَزِّلَ ءَایَةࣰ *((وَلَكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ))﴾* [الأنعام 37]،.

فالله استبدل الآيات السابقة [المعجزات] بهذا ٱلۡقُرآن،. وليس للناس غيره ولو طلبوا الآيات الحسية،.

في سورة الأعراف قال في فرعون،. ﴿قَالَ *((إِن كُنتَ جِئۡتَ بِآیَةࣲ فَأۡتِ بِهَاۤ))* إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِینَ﴾ [الأعراف 106]،. ثم،. ﴿وَقَالُوا۟ *((مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِ مِنۡ ءَایَةࣲ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا))* فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِینَ﴾ [الأعراف 132]،.

فالأقوام السابقون اعتادوا أن يروا آيات على يد أنبياءهم،. أما النّبي ﷺ،. فليس له آية سوى الذي قالها الله في نفس السورة،. ففي هذه السورة قال ٱلله للنّبي ﷺ،. ﴿وَإِذَا *((لَمۡ تَأۡتِهِم بِآیَةࣲ قَالُوا۟ لَوۡلَا ٱجۡتَبَیۡتَهَا قُلۡ إِنَّمَاۤ أَتَّبِعُ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ مِن رَّبّي هَـٰذَا بَصَاۤئرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ ۝ وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ))* فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف 203 - 204]،.

فالآية البديلة لآيات الأنبياء، هي ٱلۡقُرآن،. هذا الوحي فقط،.

قال اْلله،. ﴿قُلۡ *((إِنَّمَاۤ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡي))* وَلَا یَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَاۤءَ إِذَا مَا یُنذَرُونَ﴾ [الأنبياء 45]،. هذه من سورة الأنبياء، قال اْلله قبلها بآيات،. ﴿بَلۡ قَالُوۤا۟ أَضۡغَاثُ أَحۡلَامِۭ بَلِ ٱفۡتَرَاهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرࣱ *((فَلۡیَأۡتِنَا بِآیَةࣲ كَمَاۤ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ))* ۝ مَاۤ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَاهَاۤ أَفَهُمۡ یُؤۡمِنُونَ ۝ *((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))﴾* [الأنبياء 5 - 7]،.

فالمشركون طلبوا الآيات للتصديق،. ولكن الله لم يعطهم غير هذا الوحي، وهي آية النّبي ﷺ،. استبدلها بالآيات السابقة،. حتى أن هذه الآية السابقة "من سورة الأنبياء"،. تكرر مثلها بالضبط في سورة النحل ذاتها [وهي تتشابه مع سورة الأنبياء] التي فيها آية التبديل،. قال اْلله فيها،. *﴿((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))* ۝ بِٱلۡبَیِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل 43 - 44]،.

هذه السورة، من أولها، الخطاب فيها رداً على من كفر وأشرك بالله، وفي آخر السورة تكلم الله عن اليهود في آيتين،. ﴿وعلى الذين هادوا،...﴾ وأيضاً،. ﴿إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه...﴾،. فالزعم أن سورة النحل مكية، زعمٌ يفتقر للبرهان،. وكلمة (الآية) المذكورة فيها، هي الآيات التي يسألها الكفار كنزول الملائكة أو تكون لهم جنة يأكلون منها، أو تفجير الأرض ينابيع أو ينزل عليه من السماء كتاب كالتوراة والانجيل وبقية الكتب، هذه كلها آيات الله التي كان يسألها المشركون،. ما يسميه الناس اليوم بالمعجزات،.

في أولها قال اْلله،. ﴿أَتَىٰۤ أَمۡرُ ٱللهِ فَلَا تَسۡتَعۡجِلُوهُ سُبۡحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ ۝ یُنَزِّلُ ٱلۡمَلَائكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِ أَنۡ أَنذِرُوۤا۟ أَنَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ﴾ [النحل 1 - 2]،.

هذه الآية فسرتها آية في سورة الأنبياء [الشبيهة جداً بسورة النحل]،. قال اْلله في سورة الأنبياء،. ﴿خُلِقَ ٱلۡإِنسَانُ مِنۡ عَجَلࣲ *((سَأُو۟رِیكُمۡ ءَایاتي فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ))* ۝ وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَاذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَادِقِینَ ۝ لَوۡ یَعۡلَمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ حِینَ لَا یَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمۡ وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ ۝ بَلۡ تَأۡتِیهِم بَغۡتَةࣰ فَتَبۡهَتُهُمۡ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمۡ یُنظَرُونَ﴾ [الأنبياء 37 - 40]،.
ــ وهذه السورة، بدايتها شبيهة ببداية سورة النحل،. قال ٱلله في أولها،. ﴿ٱقۡتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِي غَفۡلَةࣲ مُّعۡرِضُونَ﴾ [الأنبياء 1]،.

ــــــــــــ ملاحظة : المقال إلى هنا، يكفي رداً (على من استدل بآية التبديل ليدعم قضية النسخ)، والباقي زيادة علم لمن أحب أن يستزيد ويتعمق أكثر لفهم آية التبديل،. وفيها أدلة أخرى غير التي ذكرناها،.

ــــــــ تدبر سورة النحل [التي فيها آية التبديل]،.

لننظر هل الآيات فيها تعني آيات ٱلۡقُرآن أم آيات الخلق التي استبدلت لاحقاً بالقرآن؟!،.

قال اْلله بعد تلك المقدمة،. *﴿((خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ))* بِالْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ *((خَلَقَ الْإِنْسَانَ))* مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النحل 3 ــ 4]،. يخبر اللّٰه أنه خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان، ورغم هذا، هو ينكر كل ذلك،. هو خصيم مبين،.

الآية التي تليها لم يقل (خلق الأنعام) على نفس سياق من قبلها! بل قال،. ﴿((وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا)) لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل 5]،. فقدَّم ذِكرَ الأنعام على الخلق،. خلاف الأولى والثانية! لماذا؟!،. وهل للأنعام والنعم أهمية ليقدّم ذكرها؟!،. وهل هي آية ليعلم الإنسان أن الله ربه؟!،. نعم،.

سورة النحل امتلأت بالكلام عن الأنعام والنعم التي أعطانا الله ومَنّ بها علينا، لتدلنا عليه [هذه كلها آيات تدل على الله]،. واقرأ كم مرة قال في هذه السورة (لكم)،. لتدرك حجم نعمه وعطاياه علينا،. لنكمل قرائتها لنرى [النعم] التي سخرها [لنا]،. وكلها آيات حسية نجدها يوماً بعد يوم،. تدلنا على الله الخالق الرزاق،. الذي أنعم علينا بالنعم والأنعام،.

✺ قال اْلله،. ﴿((وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ)) فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ۝ ((وَلَكُمْ)) فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ۝ ((وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ)) إِلَىٰ بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ۝ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ ((لِتَرْكَبُوهَا)) وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل 5 ـ 8]،.
وهنا ذكر اللّٰه النعمة بعد الاخلاص لله،.
✺ قال ٱلله،. ﴿وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ۝ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ ۝ ((وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)) ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل 51 ــ 53]،. ذلك لأن النعم هذه كلها تدلنا على خالق واحد، جعلها الله لنا لعلنا نسلم،.
✺ وقال فيها،. ﴿وَإِنَّ ((لَكُمْ)) فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ/نَّسْقِيكُمْ/تَسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ﴾ [النحل 66]،.
✺ وقال اللّٰه في هذه السورة،. ﴿..((أَفَبِنِعْمَةِ)) اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ [النحل 71]،.
✺ وقال كذلك فيها،. ﴿..أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ ((وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ))﴾ [النحل 72]،.
✺ وقال فيها،. ﴿وَاللهُ ((جَعَلَ لَكُمْ)) مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ((وَجَعَلَ لَكُمْ)) مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ﴾ [النحل 80]،.
✺ وقال فيها،.. ﴿وَاللهُ ((جَعَلَ لَكُمْ)) مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ((وَجَعَلَ لَكُمْ)) سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ((كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ۝ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ۝ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا)) وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل 81 ــ 83]،.
✺ وقال فيها،.. ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ((فَكَفَرَتْ بِـأَنْعُمِ اللهِ)) فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ۝ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ۝ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا ((وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ))﴾ [النحل 112 ــ 114]،.
✺ وقال فيها،. ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلهِ حَنِيفًا ((وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ)) اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل 122 ــ 121]،.

كل هذه المنافع من الأنعام والنعم، جائت في هذه السورة، لبن، لحوم، بيوت، متاع، أثاث، دفء، حمولة وشحن، ركوب، وزينة، كلها آياتٍ لنا لنعرف ربنا، فنشكره ونسلم له،. فالسورة امتلأت بالآيات الحسية التي يطالب بها الكفار،. السورة ترينا عظيم نعم الله علينا،. فكيف نطالب بالآيات [المعجزات] بعد هذه الآيات كلها؟!،.

وكل هذه النعم في سورة ((النحل)) المليئة بالنعم التي تعرّفنا ربنا!! ولماذا هي في سورة النحل تحديداً؟!،. وما معنى اسم السورة "النحل"، نَحَلَ!،.

نَحَلَه : أي أعطاه عطاءً،. أنعم عليه،. أهداه وأجزله ووهبه،. دون أن يستردها منه،. ولهذا سميت (النحلة) بالنحلة،. لأنها تعطي العسل شراباً طُعمةً وشفاءً، هبة وعطية دون مقابل، ولا تسترد العسل من أحد،.

ــ ﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺇﻥ ﺃﺑﺎﻩ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: ((ﺇﻧﻲ ﻧﺤﻠﺖ)) اﺑﻨﻲ ﻫﺬا ﻏﻼﻣﺎً ﻛﺎﻥ ﻟﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﺃﻛﻞ ﻭﻟﺪﻙ ((ﻧﺤﻠﺘﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا؟)) ﻓﻘﺎﻝ: ﻻ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻓﺎﺭﺟﻌﻪ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ،.

استخدم كلمة (نحلت) لأنه إذا أعطاه من التركة، سيموت ولن يستردها منه،.

هذه السورة [النحل] فيها عطايا الله لنا، ليقول أنا الذي أعطيتكم كل هذه النعم التي بين أيديكم، عطيةً وهبةً خالصةً لكم دون مطالبة باستردادها،. أثم تنكرونها وتكفرون بي؟!،.

ــ قال اْلله فيها،. ﴿...كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ۝ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ۝ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا)) وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل 81 ــ 83]،.
ــ في هذه السورة قال اللّٰه،. ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ۝ وَإِنْ تَعُدُّوا ((نِعْمَةَ)) اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل 17 ــ 18]،.

والأنعام نِحلَةٌ من الله لنا، هدية غالية عظيمة، وقد سماها ((أنعام)) لأنها تأذن لنا بأن نعرف ربنا،. هي تدلنا على ربنا، عبر النعم التي أنعمها علينا بها،. الأنعام من النَعمة والنِعمة والنِعم، ويُروى عن الصحابة أنهم كانوا يسمون هذه السورة : سورة النِعَم!،. من كثير الهدايا والعطايا والنِعم التي فيها،. وفعلاً، قد امتلئت بالكلام عن الأنعام والنِعم التي نحلَها الله لعباده،.

والأنعام آية من أعظم وأبصر آيات الله،. ذكرها الله بالتخصيص وهو يتكلم عن الآيات [المعجزات] عموماً،. قال اْلله،. ﴿وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلآیاتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَ ((وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ)) فَظَلَمُوا۟ بِهَا وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡآیَاتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا﴾ [الإسراء 59]،.

فالأنعام آية مبصرة،. وهي تدل على الله الواحد،. قال اْلله،. ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكࣰا لِّیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَامِ فَإِلَهُكُمۡ إِلَهࣱ وَاحِدࣱ فَلَهُ أَسۡلِمُوا۟ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِینَ﴾ [الحج 34]،.

قال اْلله،. ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلࣰا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَیۡكَ *((وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن یَأۡتِيَ بِآیَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللهِ))* فَإِذَا جَاۤءَ أَمۡرُ ٱللهِ قُضِيَ بِٱلۡحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ ۝ *((ٱللهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَامَ لِتَرۡكَبُوا۟ مِنۡهَا وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ ۝ وَلَكُمۡ فِیهَا مَنَافِعُ وَلِتَبۡلُغُوا۟ عَلَیۡهَا حَاجَةࣰ فِي صُدُورِكُمۡ وَعَلَیۡهَا وَعَلَى ٱلۡفُلۡكِ تُحۡمَلُونَ ۝ وَیُرِیكُمۡ ءَایَاتِهِ))* فَأَيّ ءَایَاتِ ٱللهِ تُنكِرُونَ﴾ [غافر 78 - 81]،.

ذكر كل ذلك للكافر المنكر الذي يطالب بالآيات ((وهي حوله في كل مكان))،. ثم ذكر الله للناس بعض الآيات التي يجدونها كل يوم حولهم، من مثل الآيات الحسية التي يسألونها ويطالبون بها،. قال اْلله فيها،. ﴿وَٱللهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَحۡیَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤ *((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآیَةࣰ))* لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ ۝ [[وَإِنَّ لَكُمۡ فِي ٱلۡأَنۡعَامِ لَعِبۡرَةࣰ]] نُّسۡقِیكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِنۢ بَیۡنِ فَرۡثࣲ وَدَمࣲ لَّبَنًا خَالِصࣰا سَاۤئغࣰا لِّلشَّارِبِینَ ۝ وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِیلِ وَٱلۡأَعۡنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنۡهُ سَكَرࣰا وَرِزۡقًا حَسَنًا *((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآیَةࣰ))* لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ ۝ وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُیُوتࣰا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا یَعۡرِشُونَ ۝ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلࣰا یَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَانُهُ فِیهِ شِفَاۤءࣱ لِّلنَّاسِ *((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآیَةࣰ))* لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل 65 - 69]،.

أبعد كل هذا تسأل وتطالب بــ "آية" لتصدق وتؤمن بربك؟!،.

في نفس السورة كذلك،. ﴿هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَائكَةُ ((أَوۡ یَأۡتِيَ أَمۡرُ رَبِّكَ)) كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللهُ وَلَكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ﴾ [النحل 33]،. ما الذي فعله الذين من قبلهم؟!،.

قال اْلله فيها،. *﴿((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))* ۝ بِٱلۡبَیِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل 43 - 44]،. حتى هذه الآية لها شبيهة من سورة الأنبياء،.

قال اْلله،. ﴿بَلۡ قَالُوۤا۟ أَضۡغَاثُ أَحۡلَامِۭ بَلِ ٱفۡتَرَاهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرࣱ *((فَلۡیَأۡتِنَا بِآیَةࣲ كَمَاۤ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ))* ۝ مَاۤ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَاهَاۤ أَفَهُمۡ یُؤۡمِنُونَ ۝ *((وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِي إِلَیۡهِمۡ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ))﴾* [الأنبياء 5 - 7]،. ثم قال،. ﴿لَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكُمۡ *((كِتَابࣰا فِیهِ ذِكۡرُكُمۡ))* أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [الأنبياء 10]،.

ولا تظن بأن الكفار سيؤمنوا لو أعطاهم الله الآيات التي سألوها،. الكفار لن يؤمنوا ولو أرسل الله الآيات،. ولو أعطاهم ما يريدون،.

يقول الله عنهم،. ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡلَا یَأۡتِینَا بِآیَةࣲ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمۡ تَأۡتِهِم بَیِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ ۝ وَلَوۡ أَنَّاۤ أَهۡلَكۡنَاهُم بِعَذَابࣲ مِّن قَبۡلِه لَقَالُوا۟ ((رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَاتِكَ)) مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ﴾ [طه 133 ــ 134]،.

قالوا لولا أرسلت إلينا رسولاً!،. والله فعلاً قد أرسل الرسل، ولم يؤمنوا ولم يتبعوا الآيات، وفي نفس السورة قال اْلله ليبين كذبهم،. ﴿قَالَ ((كَذلِكَ أَتَتۡكَ ءَایَاتُنَا)) فَنَسِیتَهَا وَكَذَلِكَ ٱلۡیَوۡمَ تُنسَىٰ ۝ وَكَذَلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ ((وَلَمۡ یُؤۡمِنۢ بِآیَاتِ رَبِّهِ)) وَلَعَذَابُ ٱلۡآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰۤ ۝ أَفَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ ((كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمۡ)) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآیَاتࣲ لِّأُو۟لِي ٱلنُّهَىٰ﴾ [طه 126 - 128]،.

فالكفار يزعمون أنه لو جائتهم الآيات سيؤمنون، والله بيّن أنهم يكذبون في زعمهم هذا، فحتى لو جائتهم الآيات، لن يؤمنوا بها،.

قال الله تكذيباً لادعائهم هذا، "أنه لو بعث الله لهم رسولا سيؤمنوا"، فقال اْلله،. ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّاغُوتَ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَیۡهِ ٱلضَّلالَةُ فَسِیرُوا۟ فِي ٱلۡأَرۡضِ ((فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ))﴾ [النحل 36]،. فهؤلاء مكذبين كذابين، وهذا تكذيبٌ لهم،. وهنا تعلم أن كلام الكافر في أصله كذب وتعجيز، ولا ينبغي حمل قولهم على محمل الصدق والجد،.

قال الله كذلك عنهم،. ﴿وَلَوۡلَاۤ أَن تُصِیبَهُم مُّصِیبَةُ بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ فَیَقُولُوا۟ ((رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَاتِكَ)) وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ۝ فَلَمَّا جَاۤءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُوتِي مِثۡلَ مَاۤ أُوتِي مُوسَىٰۤ ((أَوَلَمۡ یَكۡفُرُوا۟ بِمَاۤ أُوتِي مُوسَىٰ مِن قَبۡلُ قَالُوا۟ سِحۡرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوۤا۟ إِنَّا بِكُلࣲّ كَافِرُونَ))﴾ [القصص 47 - 48]،. بالتالي،. الكفار حين قالوا "لن نؤمن لك حتى تأتينا بآية"،. هم كاذبون،. وعلى هذا ينبغي حمل كلامهم،.

فلأجل هذا،. لم يعطي الله الناس شهواتهم وما يطلبون من آيات [حسية] كما أرسل مع الأولين،. لأنه يعلم أنهم لن يؤمنوا،. قالَ اْلله،. ﴿وَلَئنۡ أَتَیۡتَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ بِكُلِّ ءَایَةࣲ مَّا تَبِعُوا۟ قِبۡلَتَكَ وَمَاۤ أَنتَ بِتَابِعࣲ قِبۡلَتَهُمۡ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعࣲ قِبۡلَةَ بَعۡضࣲ..﴾ [البقرة 145]،. بل قال بأنه أنزل آية واحدة واستبدلها بجميع الآيات التي كانوا يطالبون بها،. فقال،. ﴿((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ)) وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل 101]،.

فالآية الوحيدة التي أرسلت مع النّبي ﷺ هي هذا ٱلۡقُرآن،. ولا توجد غيرها آيات،. قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، *((وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ، وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ))*، فَأَرْجُو أَن أَكُون أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.

وقال اْلله في سورة الأنبياء،. ﴿قُلۡ *((إِنَّمَاۤ أُنذِرُكُم بِٱلۡوَحۡي))* وَلَا یَسۡمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَاۤءَ إِذَا مَا یُنذَرُونَ ۝ وَلَئن مَّسَّتۡهُمۡ نَفۡحَةࣱ مِّنۡ عَذَابِ رَبِّكَ لَیَقُولُنَّ یَا وَیۡلَنَاۤ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِینَ ۝ وَنَضَعُ ٱلۡمَوَازِینَ ٱلۡقِسۡطَ لِیَوۡمِ ٱلۡقِیَامَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسࣱ شَیۡـࣰٔا وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِینَ ۝ وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلۡفُرۡقَانَ وَضِیَاۤءࣰ وَذِكۡرࣰا لِّلۡمُتَّقِینَ ۝ ٱلَّذِینَ یَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَیۡبِ وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشۡفِقُونَ ۝ *((وَهَذَا ذِكۡرࣱ مُّبَارَكٌ أَنزَلۡنَاهُ))* أَفَأَنتُمۡ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ [الأنبياء 45 - 50]،.

الآية الأخيرة في الأنبياء،. تحيلنا لشبيهتها في سورة الأنعام لتبين لنا كلام الله زيادةً،. قال اْلله في الأنعام،. ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلۡنَاهُ مُبَارَكࣱ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ۝ أَن تَقُولُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أُنزِلَ ٱلۡكِتَابُ عَلَىٰ طَائفَتَیۡنِ مِن قَبۡلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَافِلِینَ ۝ ((أَوۡ تَقُولُوا۟ لَوۡ أَنَّاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا ٱلۡكِتَابُ لَكُنَّاۤ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمۡ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ)) [أي هذا ٱلۡقُرآن] فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَّبَ *((بِآیاتِ ٱللهِ))* وَصَدَفَ عَنۡهَا سَنَجۡزِي ٱلَّذِینَ یَصۡدِفُونَ *((عَنۡ ءَایَاتِنَا))* سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡدِفُونَ ۝ هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَائكَةُ أَوۡ یَأۡتِيَ رَبُّكَ أَوۡ یَأۡتِي بَعۡضُ ءَایَاتِ رَبِّكَ یَوۡمَ یَأۡتِي بَعۡضُ ءَایَاتِ رَبِّكَ لَا یَنفَعُ نَفۡسًا إِیمَانُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِي إِیمَانِهَا خَیۡرࣰا قُلِ ٱنتَظِرُوۤا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ﴾ [الأنعام 155 - 158]،.

فاستدلالهم بهذه الآية [آية التبديل]، أنها على بعض آيات ٱلۡقُرآن استدلال باطل ظالم،. آية النحل تتكلم عن ٱلۡقُرآن كله كآية،. استبدل الله بها آياته الأخرى،. ولا يتكلم عن بعض آيات ٱلۡقُرآن، وقد تبين ذلك بالبراهين، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ،.

2 ــــــــــــــــــــــــ الآية الثانية،.

الآية الثانية [من 3 أدلة] التي استدل بها المبطلون لآيات الله،. على إبطال العمل ببعض آيات الله،. من سورة الرعد،. في قول الله،. ﴿یَمۡحُوا۟ ٱللهُ مَا یَشَاۤءُ وَیُثۡبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلۡكِتَابِ﴾ [الرعد 39]،. وهذا ما سنتكلم عنه إِنْ شٰاْءَ اللّٰه في الجزء القادم،.

نهاية الجزء الخامس،.

رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.

بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.

ليست هناك تعليقات: