جريمة النسخ في الأحاديث ❌ [27] العدوى،.
محاور هذا الجزء،.
ــ أحاديث العدوى VS لا يوردن ممرض على مصح،.
ــ أحاديث العدوى VS الطاعون،.
ــ أحاديث العدوى VS أحاديث الجذام،.
ــ لا عدوى بذاتها! إنما العدوى بإذن الله،.
ــــــــــــــــــ أحاديث العدوى،.
انقسم الشيوخ في تقبل هذه الحقيقة الكريهة (الثابتة بقول النبي ﷺ) على قسمين،. القسم الأول قال: هذا يناقض أحاديث أخرى [فهي منسوخة بتلك الأحاديث]،. والقسم الآخر قام بمحاولة توفيق فاشلة، فحرف الحديث الواضح الصحيح فقال : إنما يقصد النبي ﷺ لا عدوى بذاتها، إنما العدوى بإذن اللّٰه، وهو يرد على أهل الجاهلية ظنونهم [صرفوها عن ظاهرها]،.
ونحن إِنْ شٰاْءَ اللّٰه، سنرد هنا على الفريقين الذين كرهوا الحق وتفننوا في رده، النُساخ والمخرّفون، أعني المحرّفون،.
ــــــــــــــ الرد على القائلين بالنسخ،.
ــــــ ذِكر الأحاديث الصحيحة في نفي العدوى،.
ــ عن الزهري، قال: حدثني السائب بن يزيد، ابن أخت نمر، أن النبي ﷺ قال "لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة" أخرجه أحمد، ومسلم، والفسوي، وابن أبي عاصم في السنة، والطبراني. ✅،.
ــ عن قتادة، أنه سمع أنسا قال: إن رسول الله ﷺ قال "لا عدوى، ولا طيرة، قال: ويعجبني الفأل، فقلت: ما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة" خرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، والترمذي، وأبو يعلى، والبيهقي. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻨﺎﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻨﺎﻥ اﻟﺪﺅﻟﻲ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ: "ﻻ ﻋﺪﻭﻯ، ﻓﻘﺎﻡ ﺃﻋﺮاﺑﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺭﺃﻳﺖ اﻹﺑﻞ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎﻝ ﺃﻣﺜﺎﻝ اﻟﻈﺒﺎء ﻓﻴﺄﺗﻴﻪ اﻟﺒﻌﻴﺮ اﻷﺟﺮﺏ ﻓﺘﺠﺮﺏ، ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ : ﻓﻤﻦ ﺃﻋﺪﻯ اﻷﻭﻝ" ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻗﺎﻝ: اﺷﺘﺮﻯ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻨﻮاﺱ ﺇﺑﻼ ﻫﻴﻤﺎ، ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﻧﻮاﺱ، ﻗﺎﻝ ﻟﺸﺮﻳﻜﻪ: ﻣﻤﻦ ﺑﻌﺘﻬﺎ، ﻓﻮﺻﻒ ﻟﻪ ﺻﻔﺔ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻳﺤﻚ، ﺫﻟﻚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻓﺄﺗﻰ ﻧﻮاﺱ ﺇﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﺷﺮﻳﻜﻲ ﺑﺎﻋﻚ ﺇﺑﻼ ﻫﻴﻤﺎ، ﻭﺇﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻓﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺧﺬﻫﺎ ﺇﺫا، ﻓﻠﻤﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﻷﺧﺬﻫﺎ، ﻗﺎﻝ: ﺩﻋﻬﺎ، ﺭﺿﻴﻨﺎ ﺑﻘﻀﺎء ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ "ﻻ ﻋﺪﻭﻯ".
ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ: ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ: ﻭﻛﺎﻥ ﻧﻮاﺱ ﻳﺠﺎﻟﺲ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻀﺤﻜﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻳﻮﻣﺎ: ﻭﺩﺩﺕ ﺃﻥ ﻟﻲ ﺃﺑﺎ ﻗﺒﻴﺲ ﺫﻫﺒﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ: ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﻮﺕ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻀﺤﻚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ" ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
ـــــــ نفى النّبي ﷺ العدوى،. ونقل هذا عدة صحابة ودونها المحدثون بأسانيد صحيحة عن السائب بن يزيد، وأنس بن مالك، وأبو هريرة وعبدالله بن عمر،. قال النّبي ﷺ ﴿لا عدوى﴾،. نفياً لوجودها، لا نهياً عنها،. حتى أن أحد الأعراب قال له،. فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها فقال النبي ﷺ "فمن أعدى الأول؟"،. فقوله لا عدوى، نفيٌ لوجود العدوى،. ولكن الشياطين لا ترضى، إلا أن تطعن، وتحرف قول النّبي ﷺ،. فمرة قالوا : هو يقصد لا تكن سبباً في العدوى، ومرة قالوا : يقصد أنه لا عدوى إلا بإذن اللّٰه،.. ومرة قالوا : يقصد خذوا بالأسباب، ومرة قالوا : يخاطب أهل الجاهلية، ولا أرى أهل الجاهلية إلا هؤلاء الذين حرفوا الكلم عن مواضعه،. وكرهوا ما جاء به النّبي ﷺ،. بل رفعوا كلام الطبيب والخبير والواقع والعقل فوق قوله،. كانت محاولات فاشلة لرد حديث الرَّسوْل ﷺ،. ولو سألتهم لأعطوك عذرهم لمخالفة النّبي ﷺ،. عذرهم باب عريض يدخله الأغبياء والمعاتيه،. اسمه باب "التناقض"،. قالوا بأنه ثمة تناقضا وتعارضا بين الأحاديث،. وللتوفيق بين المتعارضات لجؤوا لتلك الأعذار الغبية التي تتفق جميعها على أن النّبي ﷺ لم يَصدُقهم حين قال ﴿لا عدوى﴾،. ولم يكن أميناً ولا بليغاً في إبلاغه الدين،. فدعونا ننظر في دعاويهم وننقض تناقضات عقولهم العفنة التي تربت على (قال شيخي، وشيخي أفهم مني، أنا غبي لا أفهم، فهم الشيخ أحسن)،.
ــ شبهات التناقض،.
1 ــ لا يوردن ممرض على مصح،.
2 ــ الطاعون، قالوا هذا مرضٌ معدٍ،.
3 ــ الجذام،. قالوا هو مرضٌ معدٍ،.
1 ــــــــــــ حديث لا يوردن ممرض على مصح،.
هل بينهما تناقض؟! لا،.
نعم قال النبي ﷺ ﴿لا يورد ممرض على مصح﴾،. ولكن، هل قال لماذا؟! لا،. هل ذكر السبب والعلة؟!،. لا،. لم يقل أنه بسبب العدوى،. فلماذا نقول نحن أنه بسبب العدوى؟،.
الحق،.. أننا لا نعلم يقيناً ما العلة أو السبب من نهيه هذا،. ولم نكلَّف بمعرفة أسباب النهي أصلاً،. بل علينا السمع والطاعة ولو لم نعرف السبب في النهي أو التحريم،.
كثير من النواهي لا نعلم سببها،. وليس علينا البحث وراء العلل حتى نتبع أو لا نتبع،. فقد قال اْلله،. ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنࣲ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللهُ وَرَسُولُهُ أَمۡرًا أَن یَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِیَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡ وَمَن یَعۡصِ ٱللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَالࣰا مُّبِینࣰا﴾ [الأحزاب 36]،.
ــ وقال،. ﴿وَرَبُّكَ یَخۡلُقُ مَا یَشَاۤءُ وَیَخۡتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِیَرَةُ سُبۡحَانَ ٱللهِ وَتَعَالَى عَمَّا یُشۡرِكُونَ﴾ [القصص 68]،.
فالمؤمن عليه الإيمان والاتباع،. ولو لم يفهم العلة والسبب،. كما يتبع في بقية دينه دون أن يعرف السبب،. فمثلاً :
لماذا أمر الله الملائكة بالسجود لخلقٍ من طين؟!،.
لماذا نهى الله آدم عن الشجرة؟!،.
لماذا نصلي ركعتين الفجر و3 المغرب؟!،.
لماذا نأكل باليمنى؟ ونأكل مما يلينا؟!،.
لماذا ننتعل ابتداءً باليمنى، ونخلعها ابتداءً باليسرى؟!،.
لماذا نستنجي باليسرى فقط؟!،.
لماذا نتوضأ للنوم وننام على الشق الأيمن؟!،.
لماذا نخرج زكاة الفطر طعاما فقط؟!،.
لماذا نطوف حول الكعبة ونقبل الحجر الأسود؟!،.
لماذا نرمي 7 حجرات وليست 9؟ لماذا الطواف السعي 7؟!،.
ولماذا تُرمي باليد وليست بالنشاب؟!،.
ولماذا يجب أن تكون سبعاً متفرقات ليست دفعة واحدة؟!،.
لماذا نحج أصلاً؟! ولماذا هي مرة واحدة في العمر؟!،.
لماذا نعبد أساساً؟ ولماذا ولماذا ولماذا؟!،.
كل هذه الأشياء يفعلها المؤمن دون أن يعلم السبب، إنما فقط لأن الله أمر فنأتمر، ولأن النّبي ﷺ أمر فنأتمر دون (ليش)،. نقول سمعنا وأطعنا، من دون لماذا،. قال اْلله،. ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذَا دُعُوا۟ إِلَى ٱللهِ وَرَسُولِه لِیَحۡكُمَ بَیۡنَهُمۡ ((أَن یَقُولُوا۟ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَا)) وَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ وَمَن یُطِعِ ٱللهَ وَرَسُولَهُ وَیَخۡشَ ٱللهَ وَیَتَّقۡهِ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡفَاۤئزُونَ﴾ [النور 51 - 52]،.
كذلك علينا أن نفعل بحديث لا يوردن ممرض على مصح،. سمعنا وأطعنا،. طالما لم يذكر النّبي ﷺ العلة،. فلا نربطها نحن بشيء،.
البحث وراء الأسباب شغل إبليس،. علمنا الله هذا من بداية الخلق، حين أمر الله الملائكة بالسجود لخلق من طين،. لم يبيّن العلة من ذلك،. ولم يخبرهم السبب،. فلا توجد علة شرعية معلومة،. ومهما عصرت على عقلك القاصر، فلن تخرج بعلة منطقية،. فليس أمامك إلا أن تسلم لأمر الله تسليماً،. الشخص الوحيد الذي فكر بالعلة وقدَّر، فقتل كيف قدَّر،. هو إبليس،. حسَبَها بعقله فقال بالتأكيد أمرني بالسجود لأنه خير مني،. بالتأكيد أمرني بالسجود لأنه أحسن مني،.
ــ ﴿قَالَ ((أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ)) خَلَقۡتَنِي مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُ مِن طِینࣲ﴾ [ص 76]،.
ــ ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَ؟ قَالَ ((أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ)) خَلَقۡتَنِي مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُ مِن طِینࣲ﴾ [الأعراف 12]،.
وصدق (رأيه) هذا رغم أن الله لم يبيّن العلة،. ولكنه ظن أنه ظفر بها وعرف السبب والعلة من السجود،. فماذا كانت النتيجة؟! أبى واستكبر،. ترك أمر الله وتمسك برأيه بسبب (العلة)،. فقال الله،. ﴿قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِیمࣱ وَإِنَّ عَلَیۡكَ لَعۡنَتِي إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلدِّینِ﴾ [ص 77 - 78]،.
وبعد تلك الحادثة، نهى الله آدم عن الشجرة،. ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ((وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ)) فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة 35]،. هل ذكر له العلة والسبب من هذا النهي؟،. لا،.
نهى اللّٰه عن الشجرة، دون أن يذكر علةً للنهي،. فجاء إبليس بنفسه من جديد،. بنفس النهج الأولي،. واستطاع إغواء آدم وزوجه بتسليط الضوء على العلة،. بإظهار السبب من النهي،. ﴿فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّیۡطَانُ لِیُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَاتِهِمَا وَقَالَ ((مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَیۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَالِدِینَ)) وَقَاسَمَهُمَاۤ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِینَ﴾ [الأعراف 20 - 21]،.
لم يستطع إبليس أن يغويهما إلا بـذكر (العلة من النهي)،. إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين،. ففهم آدم الآن العلة، وظن بأنه لو أكل منها سيكون ملكاً أو يكون خالداً، ولم يُكثر عليه إبليس حتى اقتنع آدم بكلامه،. *((فالعلة بدت واضحة الآن))*،. فالبحث وراء العلل (والمقاصد) هو عمل الشياطين، ومن تبع منهجهم من الشُّراح المجتهدين [لأجل القياس]،.
ففي حديث،. ﴿لا يوردن ممرض على مصح﴾،. قالوا بأن *سبب النهي هو العدوى*،. وأن النّبي ﷺ يأمر بالتباعد الاجتماعي، والعزل الصحي والحجر، ويأخذ بالأسباب،... الخ،.
نقول:- ومن كلفكم من الأساس بإظهار السبب والعلة من نهي النّبي ﷺ؟! من شيخكم في هذا العمل؟! من سبقكم بهذه؟! أظن أننا أصبحنا نعرف الآن من الذي سبقهم، ومن هو شيخهم فيها،. إنه إبليس نفسه،. بفكره وقرنه،.
ــــــــ ما معنى (ممرض) وما معنى (مصح)؟،.
لاحظ أن النّبي ﷺ، لم يقل مريض، بل قال ممرض،. وقال مصح، ولم يقل صحيح،. فما الفرق بينهما؟!،.
الممرض ليس المريض،. الله يسمي غير المعافى مريضاً وليس ممرضاً،. قال اْلله،. ﴿أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَاتࣲ ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا)) أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَ..﴾ [البقرة 184]،.
ــ وقال،. ﴿لَّیۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجࣱ ((وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِیضِ حَرَجࣱ)) وَمَن یُطِعِ ٱللهَ وَرَسُولَهُ یُدۡخِلۡهُ جَنَّاتࣲ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَارُ وَمَن یَتَوَلَّ یُعَذِّبۡهُ عَذَابًا أَلِیمࣰا﴾ [الفتح 17]،.
ــ وفي الحديث،. ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺃﺳﻤﺎء اﻟﺮﺣﺒﻲ، ﻋﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻗﺎﻝ ﴿((ﻣﻦ ﻋﺎﺩ ﻣﺮﻳﻀﺎ)) ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﻓﻲ ﺧﺮﻓﺔ اﻟﺠﻨﺔ، ﻓﻘﻴﻞ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﺎ ﺧﺮﻓﺔ اﻟﺠﻨﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﺟﻨﺎﻫﺎ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ اﻷﺩﺏ اﻟﻤﻔﺮﺩ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ،.
لو كان النّبي ﷺ يقصد بالممرض أي الإنسان المريض،. فيقال حينها أن الكلام عام مطلق، يشمل كل المرضى، سواء كان مرضاً معدياً أو غير معدٍ،. ولكن بهذا الفهم، سنوقع أنفسنا في عدة تناقضات،. أهمها فعل النّبي ﷺ نفسه حين مرض، فقد كان الصحابة يدخلون عليه، ولم ينهاهم عن الدخول عليه،. فـعن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ قال،. ﴿ﺃﺗﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻮﻋﻚ ﻭﻋﻜﺎً ﺷﺪﻳﺪاً، ﻭﻗﻠﺖ ﺇﻧﻚ ﻟﺘﻮﻋﻚ ﻭﻋﻜﺎ ﺷﺪﻳﺪا، ﻗﻠﺖ ﺇﻥ ﺫاﻙ ﺑﺄﻥ ﻟﻚ ﺃﺟﺮﻳﻦ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺟﻞ، ﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻢ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﺃﺫﻯ، ﺇﻻ ﺣﺎﺕ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ، ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺎﺕ ﻭﺭﻕ اﻟﺸﺠﺮ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،. ✅،.
ــ وفي حديث ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. قال ﴿مرضت بمكة، ﻋﺎﻡ اﻟﻔﺘﺢ، مرضاً ﺃﺷﻔﻴﺖ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﺕ، *((ﻓﺄﺗﺎﻧﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻌﻮﺩﻧﻲ))*، ﻓﻘﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﻟﻲ ﻣﺎﻻ ﻛﺜﻴﺮا، ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺮﺛﻨﻲ ﺇﻻ اﺑﻨﺘﻲ، ﺃﻓﺄﺗﺼﺪﻕ ﺑﺜﻠﺜﻲ ﻣﺎﻟﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ، ﻗﻠﺖ: ﻓﺎﻟﺸﻄﺮ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ، ﻗﻠﺖ: ﻓﺎﻟﺜﻠﺚ؟ ﻗﺎﻝ: اﻟﺜﻠﺚ، ﻭاﻟﺜﻠﺚ ﻛﺜﻴﺮ...﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
فكيف ينهى النّبي ﷺ عن شيءٍ ثم يأتيه؟ والصحابة لا يطيعونه في نهيه؟ أضف على ذلك أمرُ الله بعيادة المريض،. وهو ينافي هذا الفهم المغالط للحديث،. فقد قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿....يقول الله،. *((ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻣﺮﺿﺖُ ﻓﻠﻢ ﺗَﻌُﺪْﻧﻲ،* ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﻛﻴﻒ ﺃﻋُﻮﺩُﻙَ، ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏُّ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: *ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻧﺎ ﻣﺮﺽَ؟، ﻓﻠﻮ ﻛﻨﺖ ﻋُﺪْﺗَﻪُ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ! ﺃﻭ ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﻋﻨﺪﻩ))﴾* أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن حبان،. ✅،.
فالمريض ليس الممرض، الممرض شيءٌ آخر،. الممرض الإبل المريضة،. والإبل الصحيحة يقال لها: مصح،. وكلمة الورود تعني الدخول،. والعرب كانت وما زالت تستخدم كلمة الورود للإبل والغنم فيما يخص الماء،. ففي الحديث الطويل نأخذ منه الشاهد،. ﴿...ﺇﻧﻤﺎ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻭﻣﺜﻠﻬﻢ ﻛﻤﺜﻞ ﺭﺟﻞ اﺷﺘﺮﻯ *((ﺇﺑﻼ ﻭﻏﻨﻤﺎ ﻓﺪﻋﺎﻫﺎ ﺛﻢ ﺗﺨﻴﺮ ﺳﻘﻴﻬﺎ فأوردها ﺣﻮﺿﺎ))* ﻓﺸﺮﻋﺖ ﻓﻴﻪ ﻓﺸﺮﺑﺖ ﺻﻔﻮﺓ اﻟﻤﺎء ﻭﺗﺮﻛﺖ ﻛﺪﺭﻩ ﻓﺼﻔﻮﺓ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻟﻜﻢ ﻭﻛﺪﺭﻩ ﻋﻠﻴﻬﻢ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ✅،.
فالممرض الإبل المريضة، والورود دخول لمكان سقيا الماء،. فنهى النّبي ﷺ أن يورَد الإبل المريضة على الإبل الصحيحة أثناء شربها الماء،. فنقول سمعا وطاعة،. ولو لم نعلم السبب،.
لفتة،. ادعى البعض أن كلمة ممرض، هي على وزن مُفعل، فهي توحي بأن هذا الاسم يكون على المريض الذي مرضه معدٍ،. والذي مرضه ينتقل لغيره هو ممرض،. نقول هنا،. بالتالي، كلمة مصح كذلك نفس المعنى، فنريدك أن تقول الآن، بأن الصحيح ينقل صحته لغيره،. وهو بذلك يستطيع علاج وشفاء المرضى!،.
ــــــــ النهي ليس بسبب العدوى إطلاقاً،.
لماذا نحن متيقنون أن النهي لم يكن بسبب العدوى؟،.
أولاً،. لأنه لو كان السبب هو العدوى، لنهى المصح كذلك أن يورد إبله على الممرض،. ولكن النهي كان للممرض فقط،. ولم ينهى المصح أن يورد إبله على الممرض،. فلا بأس شرعاً أو يورد المصح على الممرض،. وكلام النّبي ﷺ واضحٌ، نهى طرفاً واحداً فقط، الممرض وحده،. ولم ينهى المصح،. فلو كان السبب هو العدوى، لنهى كل طرف من الاختلاط بالآخر، المُمرض والمُصح،. ولكنه لم يفعل،. وبهذه وحدها، تستبين أن السبب من النهي ليس العدوى،. ولكنه لسبب آخر غير العدوى،.
ثانياً،. لأنه قال قبل ذلك بكل وضوح،. ﴿لا عدوى﴾،. فبالتالي، فنقول يقيناً : بأن السبب ليس العدوى،. ولا يمكن أن يتناقض النّبي ﷺ في قوله،. قوله وحيٌ من عند الله،. والوحي لا اختلاف فيه،. قال اْلله،. ﴿..وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء 82]،.
لك أن تتفكر وتتوقع أي سبب آخر، افتح المجال لمخيلتك وأطلق العنان لتصوراتك، فكل سبب ستذكره الآن سيكون محتملاً واقعاً، وقد يكون هو الصحيح،. إلا شيءٌ واحد : العدوى،.
المؤمن لا يهتم بالعلة والسبب [فهذا شغل القَيَاسين، لحاجتهم للقياس]،. ولكن لو أردت التفكر فيها فلك ذلك، ولكن لا تلزم به غيرك،. كونه رأي وظن،. وهذه بعض الأسباب المحتملة، سأضعها لك،. وَضع في ذهنك أنها قد تصيب وقد تخطئ،. لأنها ظن وتوقّع، ليست مبنيةً على برهانٍ ويقين،.. قالوا : قد يكون سبب النهي هو :
1 ــ حتى لا يفتتن المصح (صاحب الإبل السليمة) ويخاف على إبله من الأبل المريضة،.
2 ــ كون الناس حديثي عهدٍ بالإسلام، ولم يبلغهم حتى الآن أنه لا عدوى،. فيخافون على إبلهم من العدوى التي يظنون أنها حقٌ،.
3 ــ ربما لأن بعضهم لا يصدق ولا يؤمن بكلام النّبي ﷺ، أنه لا عدوى، فحتى لا يضعه النّبي ﷺ في موضع ريبة واختبار وخوف فيفزع قلبه،. ويضيع إيمانه بذلك،. فهي رحمة من النّبي ﷺ بالناس ضعيفي الإيمان من أمته،.
4 ــ قد يقصد النّبي ﷺ جميع الناس، حتى الكافر، وليس أمته فقط، فالكافر لزاماً لا يصدق النّبي ﷺ،. فلن يصدق أنه لا عدوى،. فأمر النّبي ﷺ كان للمسلم،. حتى لا يختلف ويتنازع مع جاره الكافر فيكيل كل منهم للآخر ويحقد عليه ويؤذيه،. فلأجل ذلك حفظ النّبي ﷺ الحقوق بين الناس جميعاً بهذا الحديث،.
وهناك أسباب كثيرة، قد يكون أحدها صحيحاً، وقد تكون كلها خطأ،. وقد لا نعلم ما العلة وما السبب،. ولكن المهم أن السبب ليس العدوى،.
وبهذا نقول الخلاصة،.. إن حديث،. ﴿لا يوردن ممرض على مصح﴾،. لا يناقض حديث،. ﴿لا عدوى﴾،. فلا نسخ،.
2 ــــــــــــ أحاديث الطاعون،.
هل بينها وبين حديث (لا عدوى) تناقضا؟!،. هل أمر النّبي ﷺ بالتباعد الاجتماعي؟! هل حث النّبي ﷺ على الحجر الصحي كما يزعم الشيوخ؟! وما حقيقة رواية عمرو بن العاص : تفرقوا في الجبال؟!،.
لننظر في أحاديث الطاعون،. ثم نحكم بناءً على ما سيقوله النّبي ﷺ،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻳﺴﺄﻝ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ: ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺳﺎﻣﺔ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ *﴿((اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﺭﺟﺰ))*، ﺃﺭﺳﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ((ﻓﺈﺫا ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺑﻪ ﺑﺄﺭﺽ، ﻓﻼ ﺗﺪﺧﻠﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﺫا ﻭﻗﻊ ﺑﺄﺭﺽ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ، ﻓﻼ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ))﴾.
ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ: ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﻨﻀﺮ: "ﻻ ﻳﺨﺮﺟﻜﻢ ﺇﻻ ﻓﺮاﺭ ﻣﻨﻪ".
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﻗﺎﻝ: ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺪ، ﻳﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺳﺎﻣﺔ: ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ *((ﻫﻮ ﻋﺬاﺏ، ﺃﻭ ﺭﺟﺰ))* ﺃﺭﺳﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎﺱ ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﻓﻬﻮ ﻳﺠﻲء ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ((ﻓﺈﺫا ﻭﻗﻊ ﺑﺄﺭﺽ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ، ﻓﻼ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﺫا ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﺪﺧﻠﻮﻫﺎ))﴾
ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ: ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻟﻘﻮﻡ ﻋﺬاﺏ، ﺃﻭ ﺭﺟﺰ، ﻭﻟﻘﻮﻡ ﺷﻬﺎﺩﺓ، ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ: ﻓﺄﻋﺠﺒﻨﻲ ﻗﻮﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﻫﺬا.
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﻳﺤﺪﺙ ﺳﻌﺪا؛ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ *((ﺫﻛﺮ اﻟﻮﺟﻊ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺭﺟﺰ، ﺃﻭ ﻋﺬاﺏ))*، ﻋﺬﺏ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻢ، ﺛﻢ ﺑﻘﻲ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﻴﺔ، ﻓﻴﺬﻫﺐ اﻟﻤﺮﺓ، ﻭﻳﺄﺗﻲ اﻷﺧﺮﻯ، *((ﻓﻤﻦ ﺳﻤﻊ ﺑﻪ ﺑﺄﺭﺽ، ﻓﻼ ﻳﻘﺪﻣﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺑﺄﺭﺽ ﻭﻗﻊ ﺑﻬﺎ، ﻓﻼ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ))﴾*
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﻋﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ، ﻋﻦ ﺃﺳﺎﻣﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ *((ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﺭﺟﺰ))* ﺳﻠﻂ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮاﺋﻴﻞ، *((ﻓﺈﺫا ﻛﺎﻥ ﺑﺄﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﺑﺄﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﺪﺧﻠﻮﻫﺎ))﴾* ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺎﻡ ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﺳﺮﻍ ﺑﻠﻐﻪ ﺃﻥ اﻟﻮﺑﺎء ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﺑﺎﻟﺸﺎﻡ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ *﴿ﺇﺫا ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺑﻪ ﺑﺄﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﺫا ﻭﻗﻊ ﺑﺄﺭﺽ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ﴾* ﻓﺮﺟﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺳﺮﻍ" ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
ــــ فالطاعون سماه النّبي ﷺ عذابٌ، وسماه رجزٌ، وسماه وجعٌ، ولم يسمّه عدوى ولا مرضٌ معدٍ،. ولكن الناس ظنوا من أنفسهم أنه مرض معدٍ لأن النّبي ﷺ نهى عن دخول المكان الذي فيه الطاعون،.. ولكن،..
الطاعون عذاب، والعذاب قد يكون على أي شكل يريده الله،. مرض أو خسف أو غرق أو ريح أو هدم أو زلزال وغيره،. وكل ذلك يحصل ضمن حدودٍ معينة، لقومٍ معيّنين،. ولم يُنزل الله قط عذاباً عمّ جميع البسيطة، سوى ما حصل لقوم نوحٍ "وهذا إنما هو أحد قولين"،. فمن المتدبّرين من قال أنه خاصٌ بقوم نوح في جزء من الأرض،. وليس لكل الأرض، وعنده حجته،. وليس هنا موضع بسطه ومناقشته،.
ــــ لماذا نهى النّبي ﷺ عن دخول الأرض التي فيها الطاعون؟!،.
فالطاعون كما في الحديث، عذابٌ أنزله الله على طائفةٍ من بني إسرائيل، فبقي منه بقية،. فهو يجيء أحياناً، ويذهب أحياناً، فإن نزل، فهو ينزل ضمن حدودٍ معينةٍ من أرضٍ ما،. فإن دخلتها فسوف تُعذب معهم،. ذلك أن هذه الأرض فيها عذابٌ الآن،. فالأمر كالإعصار والمطر المهلك، ينزل ضمن بقعة محددة من الأرض،. وليس على كل الأرض،. وقد سماه النّبي ﷺ رجزٌ،. والرجز ينزل من السماء بنص القُــرآن في قوم لوط،. قال اْلله،. ﴿إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰۤ أَهۡلِ ((هَذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ رِجۡزࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ)) بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ﴾ [العنكبوت 34]،. بالتالي، لو دخلت قرية لوط في لحظة نزول العذاب، سوف تعذب معهم،. ولهذا، أخرج الله لوطاً وأهله من القرية،. (حيث سينزل فيها العذاب)،. قال اْلله،. ﴿فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعࣲ مِّنَ ٱلَّیۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَارَهُمۡ وَلَا یَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدࣱ وَٱمۡضُوا۟ حَیۡثُ تُؤۡمَرُونَ﴾ [الحجر 65]،.
هذا العذاب ينزل ضمن حدود معينة،. لا ينتشر في الأرض، فهو ليس مرضٌ معدٍ،. انظر لهذا الحديث الذي يشبه موضوع عذاب الطاعون،. والنهي عن الدخول على القرية المعذبة،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ *﴿(ﻻ ﺗﺪﺧﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻮﻡ اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺬﺑﻮا)*، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﺑﺎﻛﻴﻦ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﺑﺎﻛﻴﻦ، ﻓﻼ ﺗﺪﺧﻠﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ، *((ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺒﻜﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻬﻢ))﴾* ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
فكون النّبي ﷺ نهى عن دخول الأرض التي فيها الطاعون،. لا يلزم من ذلك أنه مرضٌ معدٍ،. إنما هو عذاب ورجز، وقد يحل بالداخل فيه، فنهاه النّبي ﷺ عن ذلك،.
ــ ﻋﻦ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ "ﺇﺫا ﺃﺭاﺩ اﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻡ ﻋﺬاﺑﺎ، ﺃﺻﺎﺏ اﻟﻌﺬاﺏ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ، ﺛﻢ ﺑﻌﺜﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ" ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﺇﺫا ﺃﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻡ ﻋﺬاﺑﺎ، ﺃﺻﺎﺏ اﻟﻌﺬاﺏ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ، ﺛﻢ ﺑﻌﺜﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ" ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.
تخيل أرضاً فيها نزاع وقتال وتراشق بين فئتين، هل امتناعك عن دخول تلك الأرض، يدل أن ثمة عدوى فيها؟!،. أم هو بسبب خوفك من الاصابة برصاصة طائشة؟! تخيّل أرض مكة ساعة رمي الطير الأبابيل بالحجارة التي من سجيل،. فقلت لك حينها لا تدخل مكة،. لأن فيها عذاب نازل من السماء،. هل ستقول بأني نهيتك عنها بسبب مرضٍ معدٍ؟!،. تخيل أرضاً فيها زلازل أو براكين أو سيول أو عواصف وأعاصير، فمن باب النصيحة والحرص والأمانة سأقول لك لا تدخل،. لأن فيها عذاب،. قد يصيبك منها شيء،. هذا كله لا يدل بأي شكل أن الأرض تلك فيها عدوى،. إنما هو عذاب،. والطاعون عذاب، وليس بعدوى،.
ــــــ إذاً، لماذا نهى عن الخروج من الأرض التي فيها طاعون؟،.
النهي في حديث الطاعون كان مقيداً بعلة معينة،. وليس النهي على إطلاقه، أما الدخول في أرض الطاعون فكان على الإطلاق لم يحدد سبباً معيناً ولم يستثني،.. فقد قال عن الدخول،. ﴿ﻭﺇﺫا ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﺪﺧﻠﻮها﴾،. فهي عامة مطلقة،. ولا يحق لأحد تقييدها إلا بدليل وذلك متعسر،.
أما الخروج، فهو مقيدٌ بعلة، مخصصٌ لحالة، مقرونٌ بسبب،. قال نبي اْلله ﷺ عن الخروج من أرض الطاعون،. ﴿فلا تخرجوا منها، ((فراراً منه))﴾،. وهذا تكرر في أكثر الأحاديث، فحدد النّبي ﷺ السبب الذي فيه النهي،. ألا وهو [الفرار]،. وهذا يعني،. أنك لو خرجت لأي سبب آخر غير الفرار، فالنهي ليس عليك،. فمثلاً لو خرجت لحاجتك، للرعي مثلاً، أو للتجارة، أو للزيارة، أو لأي سبب سوى الفرار منه فلا يشملك النهي،. ولا حرج عليك أن تخرج،. الممنوع هو الخروج بسبب الفرار فقط،.
وفي هذا ردٌ لمن استخدم حديث الطاعون من المعاصرين في الدعاية أن النّبي ﷺ طبق الحجر الصحي،. وعزل التجمعات حتى لا تنتشر العدوى، لو كان كذلك، فلماذا لم يمنع الخروج مطلقاً، لمَ أذن للبعض بالخروج من أرض "العدوى" بزعمهم؟!،.
ــــ لو أصاب الطاعونُ المسلمَ ومات، فهي له شهادة،. ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ،. ﴿اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻟﻜﻞ ﻣﺴﻠﻢ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ. ✅،.
ــ وﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ؛ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ قال،. ﴿اﻟﺸﻬﺪاء ﺧﻤﺲ: اﻟﻤﻄﻌﻮﻥ، ﻭاﻟﻤﺒﻄﻮﻥ، ﻭاﻟﻐﺮﻕ، ﻭﺻﺎﺣﺐ اﻟﻬﺪﻡ، ﻭاﻟﺸﻬﻴﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ. ✅،.
ــ لماذا حدد النّبي ﷺ السبب الذي لأجله منعك من الخروج منها فذكر (الفرار) فقط،.
لا ندري ما العلة من ذلك، فهو لم يذكر العلة والسبب،. وليس لأحد أن يقرر العلة ويجزم بها،. وفي نفس الوقت نجزم يقيناً أن العدوى ليست هي السبب،. ذلك أن النّبي ﷺ نفاها مسبقاً،. فهذا الاحتمال الوحيد الذي لن يكون ضمن علل النهي،. قد تكون العلة أي شيء آخر،. كل احتمال تظنه، قد يكون صوابا،. إلا احتمالٌ واحد،. العدوى،.
أنا أظن،. ((وظني لا يغني من الحق شيئاً))،. أن العلة : ليُحسن المؤمن الظن بالله وليتوكل عليه،. أنه لن يعذبه،. ولا يوجد عدوى، فعليه أن يثق بقول النّبي ﷺ،. ويصدقه،. لا يخاف ولا يحزن،. ولا يفر،.
ولو فر الإنسان من الطاعون،. فهو يستجير بفراره هذا، يظن أن الفرار سينفعه،. بينما قال اْلله،. ﴿قُل ((لَّن یَنفَعَكُمُ ٱلۡفِرَارُ إِن فَرَرۡتُم مِّنَ ٱلۡمَوۡتِ أَوِ ٱلۡقَتۡلِ)) وَإِذࣰا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِیلࣰا قُلۡ مَن ذَا ٱلَّذِي یَعۡصِمُكُم مِّنَ ٱللهِ إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ سُوۤءًا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ رَحۡمَةࣰ وَلَا یَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللهِ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرࣰا﴾ [الأحزاب 16 - 17]،.
ــ وقال،. ﴿قُلۡ إِنَّ ((ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِیكُمۡ)) ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الجمعة 8]،.
الآن ارجع للحديث،. وانظر كيف جعل النّبي ﷺ أيّ خروج غير ((الفرار))، خروجٌ جائز ولا شيء فيه،. إنما الفرار وحده الممنوع، وكأنه يقول لك،. لا ينفعك الفرار،. ولكن لو خرجت لأي سبب غيره فلا حرج،. فلا تفر،.
وفي الآيات ردٌ لمن تعلق قلبه بالأسباب، فقام يأخذ ببعض الأسباب ظاناً أنها ستنجيه من السوء،.
كل هذا مجرد ظن،. أما الأصل، فهو حين يأمر النّبي ﷺ وينهى، أن نقول سمعنا وأطعنا،. دون البحث وراء العلل،. فليس من شغل المؤمن الاتباع بشرط معرفة العلة،. هذه شغلة الشياطين كما بينّا في سابقا في (أحاديث العدوى VS لا يوردن ممرض)،.
فالنبي ﷺ لم يعمل بالحجر الصحي، ولم يحجر المدينة المطعونة كما ظن الشيوخ وصاحوا بها! ولو كان الطاعون معدٍ، لجعل النهي عن الخروج مطلقاً دون تقييد بالفرار، فمن الجائز أن يخرج رجل يرعى غنمه خارج القرية، أو يخرج منها التاجر المسافر فيعدي غيره لو كانت معدية،. ولكن الطاعون عذاب خاص، ليس بمرض معدٍ،.
ــــ رواية أبي عبيدة لعمر : أتفر من قدر الله؟!،.
عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،. اتّبع النّبي ﷺ حرفياً وهو لم يكن يعلم عن حديث النّبي ﷺ في الطاعون،. كان خارجاً للشام، فلقيه قادة الجيوش في الطريق، وأخبروه أن الطاعون قد نزل بالشام،. فاستشار المهاجرين فاختلفوا، ثم استشار الأنصار فاختلفوا،. فاستشار مهاجرة الفتح فأشاروا عليه بالرجوع، فقرر الرجوع، فاستفزه أبو عبيدة بن الجراح رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ [وهو أحد قادة جيوش الشام]،. قال يا عمر، أفراراً من قدر الله!؟ فقال له عمر : لو قالها غيرك يا أبا عبيدة؟! [يعني : ما توقعت أنها تطلع منك! هذه الجملة غير المتزنة يا أباعبيدة، ولكن عمر سايره وتماشى معه ووضح له، فطالما هو سمى الدخول في أرض الطاعون قدر الله، قال له بمثله، أي حتى رجوعنا للمدينة يُعتبر من قدر الله]،. فقال : نعم، نفر من قدر الله، إلى قدر الله،. ثم ضرب له مثلاً جميلاً، ليبين لأبي عبيدة أنه مخطئ، وأن كل شيءٍ بقدر الله،. وأن هذا ليس بفرار،.
هذا كله وهو لا يعلم أن النّبي ﷺ نهى أصلاً من الدخول في أرض الطاعون،. ولكنه بعمله هذا قد وافق الحق الذي بلغ عن النّبي ﷺ دون شعور منه وهذا من توفيق الله له،. وبينما هم كذلك، جاءهم عبدالرحمن بن عوف رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ، فأخبرهم بأنه لديه علم من رسُول اللّٰه ﷺ بهذا الأمر،. فأخبرهم عن نهي الرَّسـوْل ﷺ ﴿إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه..﴾،. فعرف عمر أنه قد أصاب السنة وأصاب الحق،. رَضِي الله عَنهم جميعاً،.
أما النهي عن الفرار، فهو لمن كان فيها،. وليس لمن كان خارجها كعمر، قال نبي اْلله ﷺ،. ﴿وإذا وقع بأرض وأنتم فيها، فلا تخرجوا فراراً منه﴾،. وعمر لم يكن فيها،. فما فعله لا يعتبر فراراً،.
وهذه هي الرواية كما هي بالتمام في الصحيحين وغيرهما،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﺧﺮﺝ ﺇﻟﻰ اﻟﺸﺄﻡ، ﺣﺘﻰ ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﺑﺴﺮﻍ ﻟﻘﻴﻪ ﺃﻣﺮاء اﻷﺟﻨﺎﺩ، ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻭﻩ ﺃﻥ اﻟﻮﺑﺎء ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﺑﺄﺭﺽ اﻟﺸﺄﻡ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : اﺩﻉ ﻟﻲ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻷﻭﻟﻴﻦ، ﻓﺪﻋﺎﻫﻢ ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭﻫﻢ ﻭﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺃﻥ اﻟﻮﺑﺎء ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﺑﺎﻟﺸﺄﻡ ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﻮا، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻗﺪ ﺧﺮﺟﺖ ﻷﻣﺮ، ﻭﻻ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺗﺮﺟﻊ ﻋﻨﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻌﻚ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﻻ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎء، ﻓﻘﺎﻝ اﺭﺗﻔﻌﻮا ﻋﻨﻲ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﺩﻋﻮا ﻟﻲ اﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﺪﻋﻮﺗﻬﻢ ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭﻫﻢ، ﻓﺴﻠﻜﻮا ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ، ﻭاﺧﺘﻠﻔﻮا ﻛﺎﺧﺘﻼﻓﻬﻢ، ﻓﻘﺎﻝ اﺭﺗﻔﻌﻮا ﻋﻨﻲ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﺩﻉ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﻴﺨﺔ ﻗﺮﻳﺶ ﻣﻦ ﻣﻬﺎﺟﺮﺓ اﻟﻔﺘﺢ، ﻓﺪﻋﻮﺗﻬﻢ، ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺟﻼﻥ، ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺗﺮﺟﻊ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻻ ﺗﻘﺪﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎء، ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻋﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻧﻲ ﻣﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ، ﻓﺄﺻﺒﺤﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ : ﺃﻓﺮاﺭا ﻣﻦ ﻗﺪﺭ اﻟﻠﻪ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﻟﻮ ﻏﻴﺮﻙ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪﺓ! ﻧﻌﻢ ﻧﻔﺮ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ اﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﺪﺭ اﻟﻠﻪ،. ﺃﺭﺃﻳﺖ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺇبلاً ﻫﺒﻄﺖ ﻭاﺩﻳﺎً ﻟﻪ ﻋﺪﻭﺗﺎﻥ، ﺇﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺧﺼﺒﺔ، ﻭاﻷﺧﺮﻯ ﺟﺪﺑﺔ، ﺃﻟﻴﺲ ﺇﻥ ﺭﻋﻴﺖ اﻟﺨﺼﺒﺔ ﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ اﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻥ ﺭﻋﻴﺖ اﻟﺠﺪﺑﺔ ﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ ﻓﺠﺎء ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺘﻐﻴﺒﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺣﺎﺟﺘﻪ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻋﻨﺪﻱ ﻓﻲ ﻫﺬا ﻋﻠﻤﺎً، ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ ﴿ﺇﺫا ﺳﻤﻌﺘﻢ ﺑﻪ ﺑﺄﺭﺽ ﻓﻼ ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﺫا ﻭﻗﻊ ﺑﺄﺭﺽ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻼ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﻓﺮاﺭا ﻣﻨﻪ﴾
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
ــــ هل مرض كورونا هو الطاعون؟!،.
الطاعون ليس كورونا، وكورونا ليس بطاعون،. لأن الطاعون لا يدخل المدينة المنورة،. بينما قيل عن كورونا أنه دخل المدينة،. بالتالي يقيناً هو ليس بطاعون، ولا وجه للقياس،.
ــ ﻋﻦ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﴿ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻘﺎﺏ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻼﺋﻜﺔ، *ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ* ﻭﻻ اﻟﺪﺟﺎﻝ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،. وﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﴿اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ اﻟﺪﺟﺎﻝ، ﻓﻴﺠﺪ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻳﺤﺮﺳﻮﻧﻬﺎ، ﻓﻼ ﻳﻘﺮﺑﻬﺎ اﻟﺪﺟﺎﻝ، *ﻭﻻ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ*، ﺇﻥ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ. ✅،.
ــــ هل صح عن عمرو بن العاص أنه أمر بالتباعد الاجتماعي؟!،.
ليت الذي كتب واستشهد برواية عمرو، أتى بها كاملة، مع رد شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه، ولكنه استقطعها وأخذ منها ما يدعم قوله هو فقط ودلس وأخفى بقية الرواية،.
طبعاً، معظم الذين يستدلون بكلام عمرو بن العاص، يستقطعون منه ما يشتهونه، يأخذون ما يؤيد قولهم فقط ويتركون تتمة الرواية،. ولكن لو أتمّوه لتبين تدليسهم وكذبهم،. فحسبنا الله عليهم،. اليوم أغلب الناس لا تعلم أن عمرو أخطأ فيها،. والذي خطّأه صحابي آخر، أكبر من عمرو بن العاص،.
حديث عمرو بن العاص في طاعون عمواس، الذي فيه تفرقوا في الجبال،.
الحديث في مسند أحمد، وهو معلول،. 17754 قال حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ [صدوق يخطئ ❌]، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ [ثقة]، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ [صدوق ❌]، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شُفْعَةَ [صدوق ❌]، قَالَ : وَقَعَ الطَّاعُونُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ((إِنَّهُ رِجْسٌ فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ)). فَبَلَغَ ذَلِكَ شُرَحْبِيلَ ابْنَ حَسَنَةَ [صحابي]، فَقَالَ ((لَقَدْ صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ -وَعَمْرٌو أَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ- إِنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ، وَرَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَمَوْتُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، فَاجْتَمِعُوا لَهُ وَلَا تَفَرَّقُوا عَنْهُ)). فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَ : ((صَدَقَ)).
الطريق الآخر في مسند أحمد كذلك معلول،. 1697 قال ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻲ، ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ [كذاب ❌]، ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺃﺑﺎﻥ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ [وثقه قوم]، ﻋﻦ ﺷﻬﺮ ﺑﻦ ﺣﻮﺷﺐ اﻷﺷﻌﺮﻱ [ضعيف ❌]، ﻋﻦ ﺭاﺑﻪ، -ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﺑﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﺷﻬﺪ ﻃﺎﻋﻮﻥ ﻋﻤﻮاﺱ- [مجهول ❌] ﻗﺎﻝ: ﻟﻤﺎ اﺷﺘﻌﻞ اﻟﻮﺟﻊ، ﻗﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺠﺮاﺡ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺱ ﺧﻄﻴﺒﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ: ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻊ ﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑﻜﻢ، ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻧﺒﻴﻜﻢ، ﻭﻣﻮﺕ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ﻭﺇﻥ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﻳﺴﺄﻝ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺴﻢ ﻟﻪ ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻪ". ﻗﺎﻝ: ﻓﻄﻌﻦ ﻓﻤﺎﺕ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ، ﻭاﺳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ، ﻓﻘﺎﻡ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻘﺎﻝ: «ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻊ ﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑﻜﻢ، ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻧﺒﻴﻜﻢ، ﻭﻣﻮﺕ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ، ﻭﺇﻥ ﻣﻌﺎﺫا ﻳﺴﺄﻝ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺴﻢ ﻵﻝ ﻣﻌﺎﺫ ﻣﻨﻪ ﺣﻈﻪ» ﻗﺎﻝ: ﻓﻄﻌﻦ اﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺫ، ﻓﻤﺎﺕ، ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﻓﺪﻋﺎ ﺭﺑﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻓﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺭاﺣﺘﻪ، ﻓﻠﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﻇﻬﺮ ﻛﻔﻪ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ «ﻣﺎ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻟﻲ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻚ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ». ﻓﻠﻤﺎ ﻣﺎﺕ اﺳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﺹ، ﻓﻘﺎﻡ ﻓﻴﻨﺎ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﻓﻘﺎﻝ: «ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻊ ﺇﺫا ﻭﻗﻊ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﺸﺘﻌﻞ اﺷﺘﻌﺎﻝ اﻟﻨﺎﺭ، ﻓﺘﺠﺒﻠﻮا ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺎﻝ» ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﻭاﺛﻠﺔ اﻟﻬﺬﻟﻲ: «ﻛﺬﺑﺖ ﻭاﻟﻠﻪ، ﻟﻘﺪ ﺻﺤﺒﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﺃﻧﺖ ﺷﺮ ﻣﻦ ﺣﻤﺎﺭﻱ ﻫﺬا». ﻗﺎﻝ: «ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ»، «ﻭاﻳﻢ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻧﻘﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ»، ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﻭﺧﺮﺝ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻔﺮﻗﻮا ﻋﻨﻪ ﻭﺩﻓﻌﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ. ﻗﺎﻝ: ﻓﺒﻠﻎ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﻣﻦ ﺭﺃﻱ ﻋﻤﺮﻭ ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺮﻫﻪ،.
ــــــ حديث إذا وقع الطاعون فمكث في بيته!،.
الحديث أصلاً في البخاري، فيه لفظة بلده، وليس بيته، ولكن وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، اختاروا مسند أحمد، لأن فيه لفظة بيته،. فهي التي تخدم الحجر الصحي أكثر،. وكلا الحديثين معلول،.
الحديث الأول ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ «اﻟﻜﺒﺮﻯ»،. بسندهم ﻋﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻔﺮاﺕ [ليس بالقوي ❌]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ [ضعيف يروي مناكير ❌]، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ [لم يسمع من عائشة ❌]، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺯﻭﺝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺧﺒﺮﺗﻪ؛ "ﺃﻧﻬﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻫﺎ ﻧﺒﻲ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﺬاﺑﺎ ﻳﺒﻌﺜﻪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء، ﻓﺠﻌﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﻭﻗﻊ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻩ ﻓﻴﻤﻜﺚ ﻓﻲ ((ﺑﻠﺪﻩ)) ﺻﺎﺑﺮا ﻣﺤﺘﺴﺒﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮ ﺷﻬﻴﺪ"،.
الحديث جاء فيها لفظة (بلده)، وهذا يوافق حديث الطاعون الذي فيه ﴿فلا يخرج منها فرارا منه﴾، ولكن عند أحمد، ورد بنفس السند، وجاء بلفظ (بيته)،. بدلا من (بلده)،. وهو ضعيف كذلك،.
مسند أحمد 26139،. ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺼﻤﺪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺩاﻭﺩ ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻔﺮاﺕ [ليس بالقوي ❌]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ [ضعيف يروي مناكير ❌]، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ [لم يسمع من عائشة ❌]، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ: ﺳﺄﻟﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ؟ ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ «ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﺬاﺑﺎ ﻳﺒﻌﺜﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء، ﻓﺠﻌﻠﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺭﺟﻞ ﻳﻘﻊ اﻟﻄﺎﻋﻮﻥ، فيمكث ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺻﺎﺑﺮا ﻣﺤﺘﺴﺒﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﺜﻞ ﺃﺟﺮ اﻟﺸﻬﻴﺪ»،.
رجال الحديث،.
- ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻔﺮاﺕ اﻷﺷﺠﻌﻲ ﻣﻮﻻﻫﻢ، اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﺻﺪﻭﻕ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ. (ﺩ ﺗ ﻗ).
ﻭﺛﻘﻪ اﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ: ﺷﻴﺦٌ، ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻪ، ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﺘﻴﻦ.
- ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ ﺑﻦ اﻟﺤﺼﻴﺐ اﻷﺳﻠﻤﻲ، ﺃﺑﻮ ﺳﻬﻞ اﻟﻤﺮﻭﺯﻱ ﻗﺎﺿﻴﻬﺎ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﻣﺌﺔ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺑﻞ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮﺓ، ﻭﻟﻪ ﻣﺌﺔ ﺳﻨﺔ. (ﻋ)#.
- ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺒﻐﻮﻱ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺠﻮﺯﺟﺎﻧﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻳﻌﻨﻲ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ: ﺳﻤﻊ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺃﺩﺭﻱ، ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ ﻋﻨﻪ، ﻭﺿﻌﻒ ﺣﺪﻳﺜﻪ. «ﺗﻬﺬﻳﺐ اﻟﺘﻬﺬﻳﺐ» 5/138.
- ﻭﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﺤﺮﺑﻲ: ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻬﻤﺎ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻣﻨﻜﺮﺓ، ﻭﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺃﺻﺢ ﺣﺪﻳﺜﺎ. ﻫﺪﻱ اﻟﺴﺎﺭﻱ" 1/413.
- ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﻧﺰﻳﻞ ﻣﺮﻭ ﻭﻗﺎﺿﻴﻬﺎ، ﺛﻘﺔ ﻓﺼﻴﺢ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺮﺳﻞ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻣﺎﺕ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺌﺔ، ﻭﻗﻴﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ. (ﻋ)#.
ــ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻗﺎﻝ: ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ، ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ. (4026).
ــ ﻭﻗﺎﻝ اﻵﺟﺮﻱ: ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ ﺩاﻭﺩ: ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﻌﻤﺮ ﺳﻤﻊ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ. «ﺳﺆاﻻﺗﻪ» (716)،.
الخلاصة،. الطاعون عذاب ورجز، ليس مرضاً معدياً، والنّبي ﷺ لم يأمر بالتباعد الاجتماعي، ولا الحجر الصحي، وكفى كذبا،.
3 ــــــــــــ أحاديث الجذام،.
هل أحاديث الجذام تناقض أحاديث لا عدوى؟!،. لا،.
أحاديث الجذام ضعيفة،. لم يرد حديثاً واحداً صحيحاً يتكلم فيه النّبي ﷺ عن الجذام وينفّر منه،. والوحي لا يناقض بعضه بعضا،. قال اْلله،. ﴿..وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء 82]،. وقال،. ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت 42]،. سنذكر هنا أهم حديثين في الجذام،. الأول رواه البخاري، والآخر رواه مسلم،. ثم نتكلم عن السند والمتن المنكر،.
أ ــ،. حديث (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، حديث ضعيف،.
أخرجه البخاري تعليقاً [❌] قال : 7/ 164 (5707) ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻔﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻠﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻴﺎﻥ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻴﻨﺎء، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ «ﻻ ﻋﺪﻭﻯ، ﻭﻻ ﻃﻴﺮﺓ، ﻭﻻ ﻫﺎﻣﺔ، ﻭﻻ ﺻﻔﺮ، ﻭﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺬﻭﻡ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﺪ»
الحديث غير متصل، أي غير مسند،. هو منقطع السند، وانقطاعه من عند المحدث، وهذا يسمى حديثاً معلقاً،. والبخاري اشترط الحديث المسند في كتابه، فقد سمى كتابه (الجامع المسند الصحيح المختصر...)،. ورغم شرط الاسناد هذا، إلا أن البخاري ذكر 159 حديثاً غير مسندٍ في كتابه،. مما خالف شرط الصحة عنده،. فهو بنفسه لا يرى الحديث صحيحاً، وإن كان الحديث عنده صحيحاً لأسنده كما أسند بقية الأحاديث،.
وعلماء الحديث كلهم، على دراية بهذه الأحاديث المعلقة المنقطعة في صحيح البخاري،. لكن العوام من الناس لا يدرون أن في البخاري أحاديث منقطعة وضعيفة،. ومن باب استدراك العلماء على هذه الأحاديث الضعيفة في البخاري، وترقيع هذا الخلل في الكتاب، ألفوا فيها كتباً لتصحيح هذه الأحاديث المنقطعة،. مثل (تغليق التعليق) لابن حجر العسقلاني،. بل ذكر حكمه عليها وضعف بعضها بعد توصيل السند ورفع التعليق عنها،. فأمثال هذه الكتب، إنما هي محاولةً منهم لترقيع هذا الأمر المعيب في الصحيح،. ولكن الحديث الذي استدركوا سنده سوف يُنسب إلى من أسنده، وليس للبخاري،. فالبخاري وهو أعلم بأحاديثه وأسانيده، وبعد اختيار أحسنها وأصحها، روى هذه الأحاديث معلقة،. ومن أمانته في النقل لم يغش الناس بعده، ولم يقل لما لم يسمعه : حدثنا أو سمعت وأخبرنا وأنبأنا، فهذه الألفاظ تدل على السماع،. ولكنه يبدأ فيقول : وعن الحسن، أو وقال ابن عباس، أو وعن عائشة، أو وعن ابن عمر،.... ذلك أنه لم يسمعه منه مباشرةً،. فأول من يشهد بأن الحديث منقطع السند، هو البخاري نفسه رحمه الله،.
ب ــــ،. حديث ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﻓﺪ ﺛﻘﻴﻒ ﺭﺟﻞ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﺇﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﺎﻳﻌﻨﺎﻙ، ﻓﺎﺭﺟﻊ!
الحديث أتى من طريقين كلاهما ضعيف، فيهما هشيم وشريك،.
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ وأحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي، بسندهم عن (ﻫﺸﻴﻢ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ [ضعيف مدلس ❌]، ﻭﺷﺮﻳﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ [ضعيف ❌]) ﻋﻦ ﻳﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﺸﺮﻳﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻗﺎﻝ:
«ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﻓﺪ ﺛﻘﻴﻒ ﺭﺟﻞ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﺇﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﺎﻳﻌﻨﺎﻙ، ﻓﺎﺭﺟﻊ» (اﻟﻠﻔﻆ ﻻﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ).
- ﻭﻓﻲ ﺭﻭاﻳﺔ: «ﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺭﺟﻞ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻣﻦ ﺛﻘﻴﻒ، ﻟﻴﺒﺎﻳﻌﻪ، ﻓﺄﺗﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﺬﻛﺮﺕ ﺫﻟﻚ ﻟﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: اﺋﺘﻪ ﻓﺄﺧﺒﺮﻩ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ ﺑﺎﻳﻌﺘﻪ، ﻓﻠﻴﺮﺟﻊ» (اﻟﻠﻔﻆ ﻷﺣﻤﺪ 19697).
1 ــ الطريق الأول هشيم،. وهشيم هذا ضعيف ومدلس،.
ــ الإمام أحمد يقول أن هشيم لم يسمع مباشرة من عمرو بن الشريد، إنما بينهما رجل،. اسمه يعلى بن عطاء،. (ويعلى هذا ضعيف)،.
ــ ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ: ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﻳﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء: ﺗﻌﺎﻝ ﺣﺘﻰ ﺃﻣﻠﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻛﻢ ﻧﺨﺘﻠﻒ. ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﺖ ﺣﺘﻰ ﻗﺮﻉ ﺭﺃﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺲ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺣﺠﺎﺝ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻋﻦ ﺷﻌﺒﺔ: ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﻳﻌﻠﻰ ﺑﻦ ﻋﻄﺎء: ﺃﻛﺘﺒﻚ؟ ﻗﻠﺖ: ﻻ. ﻗﺎﻝ: ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻓﻌﻞ ﻫﺬا ﺑﻜﻞ ﺃﺣﺪ، ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺮﺽ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ. ﻗﺎﻝ ﺷﻌﺒﺔ: ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﺣﺪﻳﺜﻴﻦ ﻣﺎ ﺃﺣﻔﻈﻬﻤﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺴﻦ ﻗﺮاءﺗﻬﻤﺎ.
ــ ﻗﺎﻝ اﻟﺴﻠﻤﻲ: ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ ﻗﺮﺃﺕ ﺑﺨﻂ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺤﺪاﺩ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻗﺎﻝ ﺫﻛﺮ اﻟﻤﺪﻟﺴﻴﻦ،.. ﻭﻫﺸﻴﻢ. (442).
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ: ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ: ﻛﻢ ﺳﻤﻊ ﻫﺸﻴﻢ ﻣﻦ ﺟﺎﺑﺮ اﻟﺠﻌﻔﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﻳﺜﻴﻦ ﻗﻠﺖ: ﻓﺎﻟﺒﺎﻗﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺪﻟﺴﺔ. «اﻟﻌﻠﻞ» (363).
شعبة : قال أبو عبيدة الحداد : قدم علينا هشيم البصرة، فذكرناه الشعبة ، فقلنا : قدم صديقك هشيم، نكتب عنه؟ فقال : إن حدثكم عن ابن عباس وابن عمر فصدقوه، فأتينا هشيما فحدثنا برقائق مغيرة، فأتينا شعبة، فأخبرناه، فأعرض بوجهه، وقال : أكثر أبو معاوية.
یحیی بن معین : سماعه من الزهري وهو صغير.
وقال أبو داود عنه : ما أدراه ما يخرج من رأسه.
وقال ابن معين : لم يلق أبا إسحاق السبيعي، وإنما كان يروي عن أبي إسحاق اليمامي، وهو عبد الله بن ميسرة، وكنيته أبو عبد الجليل ، فكناه هشيم كنية أخرى، ولم يسمع هشيم من القاسم بن أيوب، ولم يسمع من بیان بن بشر.
وقال ابن الجنيد : سئل يحيى بن معين وأنا أسمع، عن زهير السلولي، فقال : شیخ بصري، ليس بشيء . قلت ليحيى : من يحدث عنه؟ فقال يحيي : سمعت معتمر بن سليمان يروي عن زهير شيخ من بني سلول، عن يونس، عن الحسن، قال : "يجزي من الصرم السلام" . وليس يحدث بهذا عن يونس ثقة، وليس هذا الشيخ ثقة.
قال يحيى : وكان هشيم يدلسه عن يونس، عن الحسن، ثم قال يحيى : كان هشيم يأخذ الحديث من السحاب.
وقال ابن محرز عنه : ما سمع هشيم من شعبة حرفا قط، وإنسان عنده، قال : فقال له شعبة : لم لا تسلني والناس عندي، فسکت.
وقال الدوري عنه : دلس هشيم، عن زاذان أبي منصور، ولم يسمع
وقال المروذي عنه : كان يدلس تدليسا وحشا، وربما جاء بالحرف الذي لم يسمعه فيذكره في حديث آخر إذا انقطع الكلام يوصله.
وقال الميموني : سمعته يقول : لم يصح لهشيم، عن الزهري إلا أربعة أحاديث
النسائي : ذكره في المدلسین.
الدارقطني : قال الحاكم : سئل عن تدليس ابن جريج؟ فقال : يتجنب تدليسه فانه وحش التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما.
ابن حبان : ذكره في طبقة أتباع التابعين من كتابه الثقات، وقال : وكان مدلسا.
العجلي : ثقة، وكان يدلس، وكان يعد من الحفاظ.
الذهبي : قال في الكاشف : حافظ بغداد ... إمام ثقة مدلس
وقال في الرواة الثقات : ثقة لكنه يدلس، وحديثه في الصحاح لكن ما خرجوا له عن الزهري شيئا لأنه ضعيف فيه.
وقال في (من تكلم فيه وهو موثق) : حافظ ثقة مدلس، وهو في الزهري ليس بحجة.
ابن حجر العسقلاني : قال في تقريب التهذيب : ثقة ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي.
ابن سعد : كان ثقة، كثير الحديث ثبتا، يدلس كثيراً، فما قال في حديثه أخبرنا فهو حجة، وما لم يقل فيه أخبرنا فليس بشيء.
ابن المبارك : من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ وقال مرة : قلت لهشيم : لم تدلس وأنت كثير الحديث؟ فقال : كبيراك قد دلسا : الأعمش، وسفيان.
قال ابن محرز : حدثني جعفر بن محمد قال : حدثنا زحموية قال : سمعت علي بن عاصم يقول : هشيم هذا الكذاب، يزعم أنه سمع من مغيرة، والله ما سمع قليلاً ولا كثيراً.
2 ــ الطريق الآخر فيه شريك،. وهو كذلك ضعيف،.
ﺷﺮﻳﻚ؛ ﻫﻮ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﺮﻳﻚ اﻟﻨﺨﻌﻲ، اﻟﻘﺎﺿﻲ، ﻗﺎﻝ اﻟﺪاﺭﻗﻄﻨﻲ: ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻔﺮﺩ ﺑﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ. «اﻟﺴﻨﻦ» 1/345.
ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﺷﺮﻳﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻧﻤﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ. «اﻟﻀﻌﻔﺎء».
أضف إلى ذلك أنه روى حديثا يناقض أحاديث صحاح،.
وهذا الحديث يخالف الصحيح، بل يخالف نفسه،. كان منهم رجل مجذوم، فقال له ارجع، خشية العدوى، فما بال الذين معه؟! سيكون فيهم العدوى كذلك، فكيف يخشى النّبي ﷺ أن يعديه، وفي نفس الوقت لن يعدي الذين معه؟!،. أليس من الأحرى أن يفروا منه فرارهم من الأسد إن كان مرضه مُعدياً؟،. إن كان معدياً فسوف يعدي كل الوفد الذين معه،. وسيقول النّبي ﷺ لهم كلهم ارجعوا، ليس هو فقط!،.
المهم،. شريك وهشيم ضعفاء، أتيا بما لم يأت به الثقات الأثبات،. فالحديث ضعيف،. ومخالف للصحيح،.
فهذا الحديث والذي قبله ضعيف، بل ويخالف أحاديث أخرى صحيحة، كأحاديث عيادة المريض، وكذلك آيات البر بالوالدين، فهل ستفر من أبيك لو كان مريضاً بالجذام؟! سيفر الطبيب من المجذوم!؟،.
الحديث ضعيف بسبب سنده، ليس بسبب التناقض، ولو كان السند صحيحاً،. لما حل لنا تضعيفه لمجرد التناقض الظاهر، فغالباً يكون التناقض بسبب سوء أفهامنا نحن للمتون،. وليس من الحديث نفسه،. والأصل قبل محاولة التوفيق بين المتناقضات، هو النظر والتحقيق في صحة الأسانيد وتدقيقها، ولا يرعبونك، أنه قد أخرجه جمعٌ من علماء الحديث،. بل حقّق وتبيّن بنفسك ولا تكن إمعة،. لا تكتفِ بما قاله الشيخ وتسلم له تسليماً!،.
ــــــ النكارة في متون أحاديث الجذام،.
ليس من الدين أبداً، أن ينهى النّبي ﷺ الأم عن ابنها المريض الذي يتقطع قلبها عليه هلعاً وخوفاً على حياته، ففينهاها النّبي ﷺ من الدخول عليه، ويقول لها : فرّي منه! هذا ظلمٌ لها وظلمٌ له كذلك ((ويأس من رحمة الله، ونقص توكلٍ عليه))،. وسيبقى الابن في معزل "العزل الصحي" وحيداً خائفاً ليس معه أحد،. فإن كان الابن في أول مرضه الذي قد يتعافى منه بالعلاج،. سيمرض الآن وتسوء حالته ويموت من الهم والغم والكدر والضيق والوحشة والاكتئاب، ذلك بسبب أن الناس هجروه ونفروا منه ونبذوه،.
لك أن تضع نفسك في موقف المجذوم هذا،. وقد أصبت بالمرض، وجعل الناس يفرٍون منك فراراً، أصحابك فروا منك، إخوانك فروا منك، بنوا عمومتك فروا، حتى والداك قد فرَّا منك، لم تجد أحداً يرافقك في مرضك، ولا أحداً يساعدك في قضاء جوائجك، امرأتك قد فرت، الكل يخاف أن يقترب منك، اخبرني عن حالتك النفسية الآن؟! وعلى من ستلقي اللوم في هذه الحال؟! أليس على النّبي ﷺ؟! بلا شك، وستكرهه لأنه هو السبب، هو الذي وضعك في وضع محرج كهذا، فقد حكم عليك بالبؤس، وقطع عنك الأمل، وألبسك ثياب اليأس، وحكم عليك بالموت وحيداً منبوذاً،. بلا سلام ولا وداع ولا وصية،. لا أحد معك،. حاشا النّبي ﷺ من كل ذلك،.
لو نهى النّبي ﷺ من الاقتراب من المريض بالجذام،. فمن سيداوي المريض؟!،. من سيعالجه؟!،. لا تقل الطبيب،. فالطبيب كذلك سيتبع أمر النّبي ﷺ وسيفر منه،. وسيخشى على حياته منه، سيتجنبه ويخترع بالحيل للتنائي عنه، فالمريض الآن كالأسد الفتاك،. سيتهرب الطبيب منه ويتركه للموت،. فهل هذا هو قصد النّبي ﷺ؟! أنه إذا مرضت بالجذام، تُركت حتى الموت؟!،. سيكون قد حكم عليك بالموت لأنك مرضت!،. أليس هذا إجحاف في حق النّبي ﷺ؟ وإجحاف في حق الدين كله؟،. دين الاسلام دين الترابط والتعاون والخير ووحدة الصف والاجتماع والتآخي،،. ثم أين التوكل على الله؟ وأين الإيمان بالله بأنك إذا مرضت فهو يشفيك؟! هكذا تصير إذا مرضت، فأنت ميت لا محالة!،. هذا ظلم،. وقد قال نبيّ ٱلله ﷺ،. ﴿ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮاﺩﻫﻢ ﻭﺗﺮاﺣﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﺴﺪ، ﺇﺫا اﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ، ﺗﺪاﻋﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ ﻭاﻟﺤﻤﻰ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ 8/20(6679) ✅،.
فكيف يقول فروا من المجذوم؟!،.
ــــ العصاة والمذنبون من أمة النّبي ﷺ، لم يعاملهم النّبي ﷺ بهذه المعاملة القاسية المنفرة وهم أصحاب خطايا وكبائر وفواحش ومنكرات،. وقد اقترفوا هذه الجرائم بأيديهم وباختيارهم، فلم يقسو النّبي ﷺ عليهم أبداً،. فما بالك بالمريض الذي لم يمرّض نفسه بنفسه؟ مرضه ليس باختياره! وليس له يد في ما حصل له! أثمّ يعامل بمثل هذه القسوة؟! أتعلم أن الكافر المعاهد وهو كافر بالله ورسوله،. لا نفر منه فرارنا من الأسد، أنفر من المسلم لأنه مريض؟!،.
ــــ الأمر الآخر، هذا الكلام ينافي عيادة المريض الذي أمرنا النّبي ﷺ به،. فلو كانت الأمراض المعدية حقيقة،. لما عاد أحد المريض،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻭاﺋﻞ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻷﺷﻌﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ *﴿ﻓﻜﻮا اﻟﻌﺎﻧﻲ (ﻳﻌﻨﻲ اﻷﺳﻴﺮ)، ﻭﺃﻃﻌﻤﻮا اﻟﺠﺎﺋﻊ، ((ﻭﻋﻮﺩﻭا اﻟﻤﺮﻳﺾ))﴾* ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺳﻮﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻘﺮﻥ، ﻋﻦ اﻟﺒﺮاء ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ، ﻗﺎﻝ *﴿ﺃﻣﺮﻧﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺴﺒﻊ، ﻭﻧﻬﺎﻧﺎ ﻋﻦ ﺳﺒﻊ: ((ﺃﻣﺮﻧﺎ بعيادة اﻟﻤﺮﻳﺾ))... الحديث﴾*
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، وغيرهم. ✅،.
ــ عن أبي هريرة قال، قال رسُول اللّٰه ﷺ ﴿ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ: اﺳﺘﻄﻌﻤﺘﻚ ﻓﻠﻢ ﺗُﻄﻌِﻤﻨﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﻭﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﻌﻤﺘﻨﻲ ﻭﻟﻢ ﺃﻃْﻌِﻤﻚَ، ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻧﺎ اﺳﺘﻄﻌﻤﻚ ﻓﻠﻢ ﺗﻄﻌﻤﻪ؟ ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧﻚ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺃﻃﻌﻤﺘﻪ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ؟ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، اﺳﺘﺴﻘﻴﺘﻚ ﻓﻠﻢ ﺗُﺴﻘِﻨﻲ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﻭﻛﻴﻒ ﺃﺳﻘﻴْﻚَ ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻧﺎ اﺳﺘﺴﻘﺎﻙ ﻓﻠﻢ ﺗَﺴْﻘِﻪ، ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧﻚ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺳﻘﻴﺘﻪ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ؟ *((ﻳﺎ اﺑﻦ ﺁﺩﻡ، ﻣﺮﺿﺖُ ﻓﻠﻢ ﺗَﻌُﺪْﻧﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﻛﻴﻒ ﺃﻋُﻮﺩُﻙَ، ﻭﺃﻧﺖ ﺭﺏُّ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻼﻧﺎ ﻣﺮﺽ، ﻓﻠﻮ ﻛﻨﺖ ﻋُﺪْﺗَﻪُ ﻟﻮﺟﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻱ؟ ﺃﻭ ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﻋﻨﺪﻩ))﴾* أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وابن حبان. ✅،.
فكيف يُوَفَّق بين الحديث الصحيح عن عيادة المريض؟! وحديث الفرار من المجذوم، الحق أنه لا توفيق بينهما، حديث الفرار من المجذوم حديثٌ ضعيف السند، والمتن منكر،.
ــــ حديث فر من المجذوم وحديث ارجع فقد بايعناك،. يخالفان الآية التالية بشكل صريح،. ولا يمكن الجمع بينهما بأي شكل،. قال اْلله،. ﴿لَّیۡسَ عَلَى ٱلۡأَعۡمَىٰ حَرَجࣱ وَلَا عَلَى ٱلۡأَعۡرَجِ حَرَجࣱ *((وَلَا عَلَى ٱلۡمَرِیضِ حَرَجࣱ وَلَا عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ أَن تَأۡكُلُوا۟ مِنۢ بُیُوتِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ ءَابَاۤئكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ أُمَّهاتِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ إِخۡوَانِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ أَخَوَاتِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ أَعۡمَامِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ عَمَّاتِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ أَخۡوَالِكُمۡ أَوۡ بُیُوتِ خالَاتِكُمۡ أَوۡ مَا مَلَكۡتُم مَّفَاتِحَهُ أَوۡ صَدِیقِكُمۡ لَیۡسَ عَلَیۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَأۡكُلُوا۟ جَمِیعًا أَوۡ أَشۡتَاتࣰا))* فَإِذَا دَخَلۡتُم بُیُوتࣰا فَسَلِّمُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ تَحِیَّةࣰ مِّنۡ عِندِ ٱللهِ مُبَارَكَةࣰ طَیِّبَةࣰ كَذَلِكَ یُبَیِّنُ ٱللهُ لَكُمُ ٱلۡآیَاتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [النور 61]،.
يقول الله ليس على المريض حرج أن يأكل معنا،. ثم يُنسب للنّبي ﷺ فروا منه؟ ارجع فقد بايعناك؟! تناقض واضح،. اختلاف وتعارض بسبب تصحيح الضعيف،.
ــــ الأمر الأخير،. قد ثبت علمياً (عند الذين يؤمنون بالأمراض المعدية)،. أن مرض الجذام ليس شديد العدوى، بل عدواه ضعيفة جداً "عند بعض أهل العلم بالطب المعاصر"،.
وهذا يعني بأن التشبيه المفرط فيه ((فر منه كما تفر من الاسد))،. تشبيه فيه مبالغة كبيرة جداً، ولا تتوافق مع ضعف عدوى الجذام،. فالذي تفهمه من أمر الفرار من الأسد، هو البعد التام منه، والهروب هلعاً وخوفاً لشدة فتكه وخطورته كخطورة الأسد،. هذا ما يوحيه الحديث،. ولكن بالنظر علمياً في الجذام، الجذام ليس بتلك الخطورة وعدواه عند أهل الطب عدوى نادرة وصعبة وضعيفة لا تستحق كل هذا الوصف المريع المخيف المفزع لتجنب المجذوم! بل يمكن حتى علاجه بالمضادات الحيوية بكل سهولة، فلم كل هذا التضخيم للجذام وإعطائه ما لا يستحقه؟! والله لو عرف الملاحدة هذا الأمر لاستغلوه لضرب كل الأحاديث والتشكيك فيها ولكنهم غفلوا عنه "حتى الآن"،. والْحَمْد لِله أنه حديث ضعيف، لم يثبت سنده عن النّبي ﷺ،.
ــــ الناس الذين يظنون أننا ضعفنا الحديث بالهوى،. ولا يحبون التحقيق في الأسانيد،. نقول لهم،.
أخرج ابن حبان في صحيحه، وأبوداود، وابن أبي شيبة،. 24536 ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻋﻦ ﻣﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﻓﻀﺎﻟﺔ، ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺷﻬﻴﺪ، ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ المنكدر، ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﴿ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﺃﺧﺬ ﺑﻴﺪ ﻣﺠﺬﻭﻡ ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﻌﺔ ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﻞ ﺑﺴﻢ اﻟﻠﻪ، ﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻭﺗﻮﻛﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ﴾،.
وقال في 24537 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ، ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺟﻌﺪﺓ، ﻗﺎﻝ: ﴿ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺃﺳﻮﺩ ﺑﻪ ﺟﺪﺭﻱ ﻗﺪ ﺗﻘﺸﺮ، ﻻ ﻳﺠﻠﺲ ﺟﻨﺐ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺃﻗﺎﻣﻪ، ﻓﺄﺧﺬﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻓﺄﺟﻠﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺒﻪ﴾،.
هل ستقولون الآن بأن الجدري ليس بمرض معدٍ؟! أم ستضعفون الأحاديث بهواكم كما اتهمتمونا؟!،.
ــــــــــ مخالفة السلفيين، للسلف الصالح،.
عدا عن تحريفهم للحديث الصحيح،. ﴿لا عدوى﴾،. وتصحيحهم للحديث الضعيف ﴿فر من المجذوم..﴾،. ﴿ارجع فقد بايعناك﴾،. ونسخ هذه بتلك،. تجاوزوا ذلك بمخالفة الصحابة وعلماء السلف الصالح،. وتجاهلهم بالمرة لشعارهم الأوحد في الدين، (الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة)،. فوضعوا أفهامهم هم فيها، أفهام الخلف الطالح، فحرفوا الحديث،. فقد ورد عن الصحابة روايات تخالف ما ذهبوا إليه،. فلا هم أخذوا الدين بفهم الصحابة ولا بفهم سلفهم،. ثم يلزمون الناس بفهم السلف،. تفضلوا، هذا فهم السلف،.
روى الطبري في تهذيب الاثار، مسند الامام علي 82، قال حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ جَدَّتِهِ فُطَيْمَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلْتُهَا: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ فِي الْمَجْذُومِينَ: *"فِرُّوا مِنْهُمْ كَفِرَارِكُمْ مِنَ الْأَسَدِ"* فَقَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: *((كَلَّا))* وَلَكِنَّهُ قَالَ: "لَا عَدْوَى، فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ" وَقَدْ كَانَ مَوْلًى لِي يَأْكُلُ فِي صِحَافِي، وَيَشْرَبُ فِي أَقْدَاحِي، وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِي، أَصَابَهُ ذَلِكَ الدَّاءُ، فَلَوْ أَقَامَ مَعِي عَايَشْتُهُ مَا عَاشَ، وَلَكِنَّهُ سَأَلَنِي أَنْ أُجَهِّزَهُ إِلَى الْغَزْوِ، فَجَهَّزْتُهُ، وَغَزَا،.
قال شيخ البخاري وإمام المحدثين (أبوبكر ابن أبي شيبة)،. في مصنفه المشهور بمصنف ابن أبي شيبة،. 24541 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﻋﻦ ﺟﺪﺗﻪ ﺃﻡ اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻗﺎﻟﺖ ﴿ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﻣﻮﻟﻰ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﺮاﺷﻲ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﻓﻲ ﺻﺤﺎﻓﻲ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺵ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ﴾،. وفي رواية حين أخبروها عن حديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد"، ردت فقالت (ما قال رسول الله، ما قال رسُول اللّٰه)،.
كذلك أخرج في مصنفه،. 24538 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﻴﺮ، ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ، ﻗﺎﻝ ﴿ﻟﺰﻕ ﺑﺎﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ: ﺗﻠﺰﻕ ﺑﻤﺠﺬﻭﻡ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﺎﻣﻀﻲ، ﻓﻠﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ مني ومنك﴾،.
وقال في 24535 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻭﻛﻴﻊ، ﻋﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪاﻟﺮحمن ﺑﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻓﺪ ﻣﻦ ﺛﻘﻴﻒ، ﻓﺄﺗﻰ ﺑﻄﻌﺎﻡ ﻓﺪﻧﺎ اﻟﻘﻮﻡ، ﻭﺗﻨﺤﻰ ﺭﺟﻞ ﺑﻪ ﻫﺬا اﻟﺪاء، ﻳﻌﻨﻲ: اﻟﺠﺬاﻡ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﴿اﺩﻧﻪ﴾، ﻓﺪﻧﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﴿ﻛﻞ، ﻓﺄﻛﻞ، ﻭﺟﻌﻞ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﺪﻩ﴾،.
لحظة لحظة،. أليس هذا المجذوم من وفد ثقيف،. هو نفسه المجذوم من وفد ثقيف في ذاك الحديث؟! شيءٌ غريب،.
وقال في 24534 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﻠﻴﺔ، ﻋﻦ ﺧﺎﻟﺪ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﻌﺸﺮ، ﻋﻦ ﺭﺟﻞ، ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﴿ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻊ ﻣﺠﺬﻭﻡ، ﻓﺠﻌﻞ ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻩ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﺪ اﻟﻤﺠﺬﻭﻡ﴾،.
وقال في 24533 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ، ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﺷﻬﻴﺪ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺑﺮﻳﺪﺓ، ﺃﻥ ﺳﻠﻤﺎﻥ الفارسي ﴿ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻛﺴﺒﻪ، ﻓﻴﺪﻋﻮ المجذومين ﻓﻴﺄﻛﻞ ﻣﻌﻬﻢ﴾،.
فيا أيها السلفية،. أنتم الآن في وضع مخزٍ لا تُحسدون عليه،. فإما أن تردوا جميع ما ورد عن فهم السلف الصالح لتثبتوا أفهامكم أنتم،. ولن تكونوا بذلك سلفيين،. وإما إن تقولوا بأن الجذام ليس بمرض معدٍ،. بالتالي ليس لكم بأن تحتجوا بحديث (فر من المجذوم) بأنه يناقض حديث ﴿لا عدوى﴾،. فلا ينبغي أن يكون التناقض بين صحيح وضعيف،. ولا تناقض بين حديث صحيح وفهم الصحابة،.
ــــ قول النّبي ﷺ حق فصل،. قال لا عدوى، فلا عدوى،. نصدق ذلك، ولا نصدق ظنوننا ولا الأطباء ولا تجاربهم الوهمية وظنونهم،. فالنبي ﷺ يخبر عن رب يوحي إليه، وهذا الحديث صحيح السند، ليس معلقاً ولا مقطوعاً،. لا عدوى ولا نسخ ولا تناقض،.
ــــــــــــــــ الرد على المحرفين [لا عدوى بذاتها]،.
لا عدوى بذاتها،. إنما بإذن الله،.
الجملة الأولى كلام النّبي ﷺ،. الجملة الثانية كلام الناس،. استدراكاً على النّبي ﷺ،. [تضبيطاً وتعديلاً للنقص]،. أو قل كما قال اْلله : يحرفون للكلم عن مواضعه،.
قال الله،. ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران 78]،.
ــ وقالَ،. ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللهِ *((ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ))* وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة 75]،.
وقال،. ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ ((مِيثَاقَ)) بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا...﴾ [المائدة 12]،..
ــ وبعد أن أخذ منهم الميثاق، قال،. ﴿فَبِمَا ((نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ)) لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ((يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)) وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ..﴾ [المائدة 13]،.
وقال،. ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ *((يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ))* لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ [البقرة 78 ــ 79]،.
وقد يظن ظانٌ بأن هذه الآيات إنما تخص بني إسرائيل حصراً، نقول نعم،. وهي لنا تحذيرٌ وتنبيهٌ ألا نتبعهم،. فنحن تبعٌ لهم،. قال ٱلله،. ﴿یُرِیدُ ٱللهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمۡ *((وَیَهۡدِیَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَیَتُوبَ عَلَیۡكُمۡ))* وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ وَٱللهُ یُرِیدُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡكُمۡ وَیُرِیدُ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِیلُوا۟ مَیۡلًا عَظِیمࣰا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَانُ ضَعِیفࣰا﴾ [النساء 26 - 28]،.
وقد تنبأ النّبي ﷺ بأننا سنتبعهم ونفعل ما فعلوا،. وقد صدقَ رسُول اللّٰه ﷺ، هذا الذي يحصل اليوم تماماً،. فكما أن أحبارهم ورهبانهم حرفوا الكلم عن مواضعه،. فقد فعل علماؤنا مثلهم اليوم،. ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ، ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ،. ﴿ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﻨﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺷﺒﺮا ﺑﺸﺒﺮ، ﻭﺫﺭاﻋﺎ ﺑﺬﺭاﻉ، ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺳﻠﻜﻮا ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺴﻠﻜﺘﻤﻮﻩ، ﻗﻠﻨﺎ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، اﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭاﻟﻨﺼﺎﺭﻯ؟ ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﻦ؟!﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ،.
وجدنا أن قسماً من شرّاح حديث ﴿لا عدوى﴾،. يقولون بأن النّبي ﷺ يقصد بأن الأمراض لا تعدي بذاتها، إنما تعدي بإذن اللّٰه،. فقالوا (لا عدوى إلا بإذن الله)،. وعليك الأخذ بالأسباب،. وقالوا (لا عدوى بذاتها)،. وكل ذلك تحريف للكلم عن مواضعه،. [بداعي أن النّبي ﷺ أثبت العدوى في أحاديث أخرى وهذا كذب، وقد رددنا على افتراءهم هذا في ثلاثة مقالات]،. أما دعواهم أنها تعدي بإذن الله، فإليك الرد،.
ــــ أولاً،. لو أراد أن يقولها النّبي ﷺ لقالها،. فهي يسيرة وسهلة،. ولكنه لم يقلها، فالحديث اكتمل هكذا نفياً للعدوى عن بكرة أبيها،. وحين قال للرجل الذي سأله عن البعير الأجرب : من أعدى الأول؟! كان إصراراً من النّبي ﷺ أن قوله شامل، لا نقص فيه، كان إحقاقاً لكلمته الأولى أن "لا عدوى"،. إنما الذي كتب المرض على الأول، هو الذي كتبه على البقية، ولو لم يختلط بهم،. فاللّه لا يحتاج للأسباب ليمضي أقداره،.
ــــ ثانياً،. ينبغي على كل من قال ذلك، أن يكون منصفاً مع نفسه، فيضع كلمة "بإذن اللّٰه" في بقية الحديث كذلك،.. فيقول لا طيرة إلا بإذن الله، وهو يعلم بأن الطيرة شركٌ، وعليه أن يأخذ بالأسباب كلما تطير،. فمثلاً إذا رمى الطير ورآه اتجه يساراً وهو نذير شؤم وشرٍ،. فليعلم أنه لن يقع الشر إلا بإذن الله،. وليأخذ بالأسباب ويتحصن ويتقوى، ليأخذ معه سلاحه وزاده ويصطحب معه من يعينه أخذاً بالأسباب كما يفعل مع العدوى أخذاً بالأسباب،. ولا يقول هذا عاقل،. ولكن الذي قال لا عدوى إلا بإذن الله فقد افترى على رسُول اللّٰه ﷺ،.
ــــ ثالثاً،. لو كان قصد النّبي ﷺ لا عدوى بذاتها، أو لا عدوى إلا بإذن اللّٰه،.. فما الداعي من ذكر (لا عدوى) أساساً؟! فمن المعلوم أن كل شيءٍ بإذن اللّٰه،.. حتى المرض يكون بإذن اللّٰه،.. فيصح أن يقال،. (لا مرض بذاته،. أو لا مرض إلا بإذن الله)،. (ولا موت بذاته، ولا موت إلا بإذن الله)،. (ولا عذاب بذاته، أو لا عذاب إلا بإذن الله)، (ولا سيئة إلا بإذن الله، لا شيء يكون إلا بإذن اللّٰه)،. فيكون بذلك لا داعي للقول (لا عدوى إلا بإذن اللّٰه)،. لأنه معلوم بالضرورة أن كل شيء يكون بإذن اللّٰه،. فكأن النّبي ﷺ قال شيئاً لا وزن له، ولا قيمة له،. حين تضيف لكلام النّبي ﷺ شيئاً من رأسك، تأتي بالعجائب،.
النّبي ﷺ ينفي وجود هذا الشيء، فلا تقل بل هو موجود بإذن الله، إن كان عندك سلطان من الله أن تتحدث وتتكلم عن الله وتأتي بإذنه فتفضل، ولكنك لا تملك هذا،. فلا تتقوّل على الله من كيسك،. فلو قال النّبي ﷺ (لا موت)،. هنا يحق لك أن تضيف (بإذن الله) ودليلك قول اْلله،. ﴿وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللهِ كِتَابࣰا مُّؤَجَّلࣰا..﴾ [آل عمران 145]،.
ولكن حين ينفي النّبي ﷺ أمرا ولا تملك (إذن الله) فكيف تضيفه لكلام النّبي ﷺ؟! لو نفى النّبي ﷺ وجود أكوان موازية وقال لا أكوان موازية، هل ستقول نعم نعم، هي ليست موجودة، إلا بإذن اللّٰه؟!،.
أن تنسب شيئاً لإذن الله، عليك أن تأتي بكلام الله،. وليس من كيسك أنت، ترمي على الله ما تشاء،. وتتكلم عنه بغير علم،. هذا حرام،. قال اْلله،. ﴿قُلْ إِنَّمَا ((حَرَّمَ رَبِّيَ)) الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ((وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ))﴾ [اﻷعراف 33]،.
لا توجد عدوى نهائياً، ولا يصح أن نفسح المجال لوجودها أحياناً ونستثني، أو نفتح لها باباً صغيراً عبر (إذن الله)،. العدوى وهم، مثله مثل المخلوقات الفضائية،. لا يصلح أن نقول مثلاً : لا توجد مخلوقات فضائية إلا بإذن اللّٰه،.
لا يصلح أن نستثني شيئاً لا حقيقة له لإذن الله وقدرته، إلا إذا علمنا يقيناً أن هذا الشيء قد يخلقه أحياناً وقد يتواجد،. يعني،. يجوز لك أن تقول لا توجد طير أبابيل الآن، إلا إذا أراد الله،. لأن هذا المخلوق قد كان مرة، ((والله أخبرنا عنها))، ولكنها الآن ليست موجودة بالمرة،. ولكنه يوجد احتمال أن يخلقها الله كما خلقها من قبل، أو يطلقها من جديد إذا أذن الله،. كذلك للبراق [الدابة التي ركبها النّبي ﷺ للإسراء]،. يجوز أن تقول لا وجود للبراق الآن، لأنها فعلاً ليست موجودة ضمن المخلوقات التي نعرفها،. ولكن، ألم توجد مرّةً في التاريخ من قبل؟ بلىٰ،. بالتالي يوجد احتمال لرجوعها [إذا أراد الله]،. كذلك الصافنات الجياد [خيول سليمان] يجوز القول فيها : لا توجد صافنات إلا بإذن اللّٰه،.. ويجوز كذلك أن تستثني مخلوقاً سيكون لاحقاً، إن أخبرك الله عنها،. [مثل دابة الأرض، فقد أخبرنا أنها ستخرج]،.
ولكن لا يجوز أن نخترع مخلوقاً من مخيلاتنا ثم ننسبه لله، والله لم يخلقه من قبل،. فمثلاً الغرنوق أو العنقاء [وهي خرافة من أساطير الأولين وهي عبارة عن طائر عنقه طويل وعلى رأسه ريشتان تصلان لآخره]،. لا يجوز أن نقول لا يوجد عنقاء إلا بإذن اللّٰه،.. لأن العنقاء من اختراع أذهاننا نحن، فكيف ننسب كل خرافة انشأناها نحن الى الله!؟ كذلك كل مخلوق خرافة وأسطورة لا وجود لها،. كالغول وغارفين، والتنين الناري، وكابا، وإله النار، وإله الحب، وإله الحرب وأبوهول، والديناصور، والكراكن، كل هذه من أساطير الناس، لا يجوز لنا أن ننسبها لإذن اللّٰه،. وكأن الله قد يأذن بكل ما نخترعه في أذهاننا،. فما بالك لو نفاه الله نفسه،. كنفيه لوجود الآلهة الأخرى معه؟! قال اْلله،. ﴿..أَئنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰ؟ قُل لَّاۤ أَشۡهَدُ، قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهࣱ وَاحِدࣱ، وَإِنَّنِي بَرِيءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام 19]،. فهل يصح بعدها أن نقول لا آلهة مع اللّٰه إلا بإذن الله؟! كلا ورب السماء،. تعالى الله عما نقول ونفتري،.
كذلك حين ينفي الله العدوى على لسان نبيه ﷺ، بقوله [لا عدوى]،. لا يصح ولا يجوز ولا ينبغي لنا أن نستثني وجودها،. ونفتري على الله أنه قد يأذن بها،.
ــــ رابعاً،. هل تعلم أنك حين تضيف كلمة (إلا بإذن الله) على حديث لا عدوى،. سيكون نقيضه يساويه في المعنى كذلك؟ أي،. يصبح ساعتها لا فرق بين قول (لا عدوى إلا بإذن الله)،. وقول (يوجد عدوى بإذن الله)،. فللمرة الثانية،. جعلت النّبي ﷺ يقول كلاماً فارغاً، لا داعي منه،. سواء قاله أو لم يقله، كلاهما سواء!،. فيكون النّبي ﷺ "بلسان حال المشايخ" لم يضف شيئاً جديداً بقوله لا عدوى،. ولو سكت لكان أحسن!،. نعوذ بالله من الضَّلال والتبديل بعد النّبي ﷺ،. قالَ نَبِيّ اْللّٰه ﷺ،. ﴿سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي﴾ أخرجه البخاري ومسلم،.
ــــ خامساً،. لا عدوى، هذه الــ لا،. لا نافية تَنفي وتُفني وجودها،. انظر إلى مثيلاتها في الوحي،.
فمثلاً (لَاْ إِلَهَ إِلاَّ اْلله)،. اللا هنا لا نافية، لأن الله لم يقل لا تؤلهوا إلا الله،. فلو كانت لا ناهية لأتى بعدها فعل مضارع، وأمثاله في ٱلۡقُرآن كثيرة،. لا تقولوا، لا تقعدوا، لا يغتب، لا تجسسوا، لا تقربوا، لا تأكلوا، لا تفسدوا، لا تعثوا، لا تموتن، لا تتبعوا، لا تباشروهن،.... كلها أفعال مضارعة، ولن تكون اسم مصدر،. فحين قال النّبي ﷺ قال لا عدوى (عدوى : اسم مصدر) ولو أراد النهي عن العدوى، لقال : لا تعدوا (فعل مضارع)،. أو (لا يعدي بعضكم بعضاً!) من تلك الأفعال المضارعة،. ولكنه قال لا عدوى،.
ومما يثبت أنها لا نافية، ليست لا ناهية،. أن الأعرابي فهم أن النّبي ﷺ ينفي العدوى، فذكر له قصة قديمة محاولة منه (لإثبات) ما نفاه النّبي ﷺ،.. (النفي عكس الاثبات) والنّبي ﷺ سايره في فهمه ذلك، ورد عليه بــ فمن أجرب الأول؟! ولكن لو فهم الأعرابي أنها لا ناهية،. تنهاه عن إعداء غيره، لرد الأعرابي بــ سمعنا وأطعنا، ولن يذكر له قصة بعيرٍ أجرب "قد عصى النّبي ﷺ"!،.
هذا الحديث [لا عدوى] يلزمه إيمان وتصديق، ولا يُقابَل بالطاعة، فلا أمر فيه ولا نهيٌ،. السمع والطاعة للأوامر والنواهي، ولكن النبوءات والغيب يلزمها تصديق وإيمان، لهذا حين اشترى عبدالله بن عمر إبلا، ثم قيل له بأن البائع لم يعرفك فأعطاك إبلاً هيماً فأرجعها، قال لا، (رضينا بقضاء رسُول اللّٰه ﷺ لا عدوى)،. هذا تصديق لأن الحديث نبوءة وخبر،. ليس هو بأمرٍ ولا نهي،.
الآن،... انظر إلى الــ لا النافية في ٱلۡقُرآن والسنة،. وضع بعدها (بإذن اللّٰه) أو كلمة (بذاته)،. التي وضعتَها من كيسك بهتاناً وعدواناً على حديث النّبي ﷺ المكتمل (لا عدوى)،. وانظر هل سيستقيم ذلك؟!،.
قال اْلله،. ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ((لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ)) إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [غافر 17]،. فتصير عندك : لا ظلم اليوم بذاته، أو : لا ظلم إلا بإذن اللّٰه، يعني إذا أذن الله سيكون هناك ظلم،.. هل يجوز هذا؟! نعوذ بالله،.
قال اْلله،. ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ((فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ)) يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ﴾ [المؤمنون 101]،. فهل يصلح أن تقول : فلا أنساب بينهم إلا بإذن الله؟! أو : لا أنساب بذاتها؟! كمن يستثني الواسطات لبعض الناس! أم هي نافية لكل ما فيها، وشاملة للجميع؟،.
قال الله،. ﴿لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ((لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ)) اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [الشورى 15]،. فهل يستقيم أن نقول : لا حجة بيننا وبينكم إلا بإذن الله؟!
قال الله،. ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ ((لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ)) وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا﴾ [الفرقان 25]،. فهل يصلح أن نقول لا بشرى يومئذ للمجرمين إلا بإذن اللّٰه،.. أو نقول لا بشرى بذاتها؟،.. سُبْحَانَكَ،. هَذا بُهتَانٌ عَظِيْم،.
قال نَبي اْلله ﷺ،. ﴿لا نبي بعدي﴾،. ضع بعدها، إلا بإذن اللّٰه،.. إن كنت تظن بأن الله سيبعث نبياً جديداً للأمة بعد خاتم النبيين،.
ــــ سادساً،. الذين رمموا للنّبي ﷺ حديثه، وظنوا به النقصَ فأتموه له بقولهم أنها هكذا : لا عدوى إلا بإذن اللّٰه،.. أو لا عدوى بذاتها،. إنما فعلوا ذلك لظنهم أن النّبي ﷺ أثبت العدوى في أحاديث أُخَر، ويشهد الله أنهم كَذَبَةٌ،. فالنبي ﷺ لم يُثبت العدوى البتة في أي حديثٍ آخر،. إنما تكلم عن الطاعون لم يطرِ العدوى البتة، وتكلم عن الجذام في أحاديث لم تثبت عنه، ولو أصروا على صحتها، فقولنا فيه هو قولنا في الطاعون،. أي أنه لم يطرِ العدوى فيها قطعاً،. فعن أي تناقض تتحدث؟! وكذلك حديث لا يوردن ممرض على مصح، لم يقل النّبي ﷺ أن العلة في نهيه هو العدوى، هذا من ظن الناس وخرصهم،. ثم ألصقوه بالنبي ﷺ وزعموا عليه أنه يثبت العدوى، وهذا كذب، وقد تكلمنا فيها بالتفصيل أعلاه،.
تكلم النّبي ﷺ عن الطاعون أنه عذاب، ونهى الدخول منطقة العذاب،. أو الخروج فراراً منها،. أما حديث الجذام فهو يناقض آيات في القُــرآن، ويناقض أحاديث عيادة المريض وبر الوالدين وصلة الرحم وغيرها الكثير لأن الحديث معلّقٌ ضعيف، ولو فرضنا صحته، ففيه أمرٌ يلزمه السمع والطاعة،. وليس فيه كلمة عدوى، ولكنه الظن والخرص،. فتبين لك هنا أنه لا تناقض بين الأحاديث،. فلا داعي للتوفيق بينها بالترقيعة الغبيّة (بإذن اللّٰه،.. أو بذاتها)،.
ــــ سابعاً،. بعضهم يسوغ لنفسه التحريف، بقوله أن أهل الجاهلية كانوا يظنون بأن العدوى تنتقل *((بغير إذن الله، ومن غير مشيئة الله))،.* ويكرر هذه النقطة حتى يصل بعدها للذي يريده من ترقيع وتحريف لحديث النّبي ﷺ لا عدوى،. فيقول : النّبي ﷺ يصحح لهم اعتقادهم،. 😒 ويخبرنا أنه لا عدوى إلا بإذن اللّٰه،.
نقول : هذا افتراء،. فأهل الجاهلية كانوا يعلمون بأن كل شيء بإذن الله، ولا يخرج من ملكه شيء، بشهادة الله فيهم،. قال اْلله،. ﴿قُلۡ *((مَنۢ بیَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءࣲ وَهُوَ یُجِیرُ وَلَا یُجَارُ عَلَیۡهِ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ سَیَقُولُونَ لِلهِ))* قُلۡ فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ﴾ [المؤمنون 88 - 89]،.
فلا داعي لرمي التهم على الجاهلية كونكم لم تفهموا الدين،. الجاهليون على كفرهم وشركهم، إلا أنهم كانوا يعلمون أنه لا شيء يجير على الله، وأنه بيده ملكوت كل شيء، ويدخل في [كل شيء] العدوى وغيره، فلو كانوا يؤمنون بالعدوى، فهم كذلك كانوا يؤمنون أنها بإذن الله وليست بذاتها كما قال الشيوخ العميان على أهل الجاهلية،. حتى اختلط علينا من هم أهل الجاهلية الحقيقيون!،. هل هم أهل قريش الذين شهد الله أنهم لا يقولون هذا،. أم هم الشيوخ الذين كذبوا نبيهم فهم له منكرون؟!،.
ــ هم الشيوخ أنفسهم، اليوم واقعون في نفس التهمة التي رموا الجاهليون بالضبط،. فهم يقرون بالعدوى، ويرون أنها تنتقل بحق، بتصديقهم أقوال الأطباء الخونة،. ويعارضون بها قول النّبي ﷺ،. ويؤمنون بأن العدوى موجودة،. لا فرق بين المحرفين وبين أهل الجاهلية،. كلاهما يؤمن بالعدوى،. بل المعاصر فاق الجاهلي بوضع الكمامة والتعقيم وفرط التنظيف واللقاحات،. التي لم يفعلها الجاهليون،.
ــــ ثامناً،. إن كنت تقر بأن العدوى ليست بذاتها، وأنها لن تصيبك إلا بإذن اللّٰه،.. فلماذا نأخذ بالأسباب ونحمي أنفسنا باللقاحات، لماذا لا نصلي متراصين كما صلى النّبي ﷺ ونقول لن يصيبنا شيء إلا بإذن اللّٰه،..؟! لماذا التباعد والتفرقة؟! فلنفعل كل ما كنا نفعل، لن يصيبنا شيء إلا بإذن اللّٰه،.. أم أن إذن الله لا يكون إلا في العدوى؟! إن كان الحديث كما يقال، أنه بإذن الله، فما الواجب عمله تجاه هذا الْحديث؟! يعني كيف نعمل به؟! هل نتوكل على الله ونمارس حياتنا بشكل طبيعي، أم علينا أن نأخذ بالأسباب لنحمي أنفسنا من الله وإذنه؟! كل ما سبق لن يمنع شيئاً من إذن الله،. فلا داعي لإضافة إذن الله لها،.
هذا الكلام [لا عدوى إلا بإذن اللّٰه،..] هذا كلام 99% من المفتين ومن فقهاء المسلمين،. وهذا سوء فهم منهم وتقصير في الجمع بين الأحاديث،. هذا ليس بكلام النّبي ﷺ،. ولكنهم أقحموه فيه إقحاماً،. وهذا تحريف قبيح وتعدٍ وظلم وتكذيب،. لم يعطوا الأحاديث حقها من النظر والتدبر والتعمق كما ينبغي، ليعلموا أنه لا تعارض بينها البتة، ولو فعلوا، لن يضطروا لإضافة شيء للحديث،. كما علمنا نحن، وأثبتنا أن كلام النّبي ﷺ حق [لا عدوى]،. بلا زيادة [إلا بإذن الله]،. ولكن المفتين [نقلاً عن السابقين]،. لمّا حرفوا وزادوا من كيسهم بوقاحة، فلم يتبعوا حديث ﴿لا عدوى﴾، ولم يتبعوا حتى حديثهم (لا عدوى إلا بإذن الله)،. ورأينا نتيجة هذا اليوم،. وهذه بعض تبعات إهمالهم لحديث النّبي ﷺ [لا عدوى]،. وأهمالهم لحديث الشيطان [لا عدوى بذاتها، لا عدوى إلا بإذن الله]،.
1 ــ اغلاق المساجد ومنع لمس المصاحف،.
2 ــ صلاة الشطرنج [التباعد] والتفريج بين المصلين،.
3 ــ قطع الأرحام وزيارات الأقارب،.
4 ــ التضييق في الحج والعمرة،.
5 ــ التضييق على الأعمال، خاصة لمن كان عمله لقوت يومه،.
6 ــ تجويع الناس وتفقيرهم وإضعافهم،.
7 ــ تخويف الناس من عدوٍ لا يُرى [الفايروس]،.
8 ــ إلغاء مجالس القرآن، وتسريع الخطب واختصار الصلوات،.
9 ــ إفساد النسل [بدعوى تخفيض عدد السكان]،.
10 ــ إمراض الناس بالمعقمات والكمامات والأدوية الكيماوية،.
11 ــ إلزامهم بالفحوصات [وإن كانوا بلا أعراض]،.
12 ــ إخضاع الناس للسيطرة، والتحكم بتحركاتهم [إذلال]،.
13 ــ تحريم المصافحة والعناق وحتى الجماع للمخالط [قاله المطلق]،.
14 ــ منع تلبية الدعوات والولائم،.
15 ــ منع عيادة المريض،.
16 ــ إرهاب الناس بالمخالفات،.
17 ــ منع وتقييد الحريات، وتكميم الأفواه،.
18 ــ استجداء رحمة الكفار علينا وانتظارهم لحمايتنا باللقاح،.
19 ــ تعليق الناس بمسببات وهمية بدل تعليقهم بالله،.
20 ــ إجبار الخلق على اللقاحات التجريبية القاتلة، وقد رأينا آثارها المميتة، والسكتات القلبية الغربية المنتشرة بقوة بخلاف السنوات السابقة، وشاهدنا اختلاف عدد المواليد عن السنوات السابقة، والضعف الجسماني في الملقحين، والموت المفاجئ للشباب الرياضيين وغيرهم بسبب هذا السم الذي إن لم تأخذه فسوف تُفصل من عملك وتمنع من السفر!!،.
وغيرها الكثير مما فاتنا،. فهل هذا ما أراده النبي ﷺ حين قال لا عدوى؟! أم أن هذا ما يريده الشيطان بقوله لا عدوى بذاتها؟!،.
الحياة اختلفت عن السابق،. الدنيا انقلبت رأساً على عقب،. بالله عليكم،. هل هذا مما يرضاه الله؟! بل هذا كله نتج عن تكذيب الله، ((وتكذيب رسوله ﷺ))،. ولو صدَّق المسلمون نبيهم في حديث ﴿لا عدوى﴾ فقط، لرأيت اليوم هجرات كبيرة من أمريكا وأوروبا إلى بلاد المسلمين، بسبب التضييق عليهم وتكميم أفواههم بدعوى العدوى،. وأن المسلمين حياتهم طبيعية، لا يؤمنون بخرافة العدوى،.
ومن أراد الاستزادة في هذا الباب، ومعرفة خدعة الفايروسات، وخرافة الطب الحديث، فعليه بكتاب ((خرافة العدوى))،. للدكتور توماس كووان، وسالي موريل،.
The Contagion myth
Why Viruses (including "Coronavirus") Are Not the Cause of Disease
Thomas S. Cowan & Sally Fallon Morell
الكتاب فيه تجارب حقيقية وكثيرة جداً، تثبت أن المرض لا ينتقل من شخص إلى شخص، وكذلك فيه تكذيب لخدعة الإيدز والكلام عن جهاز [PCR] الذي ليس له علاقة بالفايروسات باعتراف مخترعه،. وغير ذلك الكثير من الحقائق التي لا يعرفها أغلب الناس،.
الخلاصة،. صدق رسُول اللّٰه ﷺ،. ﴿لا عدوى﴾،. أي لا يوجد عدوى بتاتاً، هذه "لا" نافية للجنس، تنفي وجود العدوى، تنفيه نفياً، وتُفنيه فناءً، فالعدوى ليست حقيقة،. ولو قال بها كل الكموج،. #لا_عدوى،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق