الجمعة، 17 فبراير 2023

جريمة النسخ في القرآن،. [22]،. آية السيف

جريمة النسخ في القرآن،. [22]،. آية السيف،. ✅،.

محاور هذا الجزء،.
ــ تناقضات النُساخ،.
ــ لا توجد آية محددة منسوخة،.
ــ كلمة سيف لم ترد في ٱلۡقُرآن،.
ــ عدد الآيات المنسوخة بآية واحدة،.
ــ أنصاف آيات!!،.
ــ مناسيخ عجييبة جداً جداً،.
ــ الفهم الصحيح لآية السيف المظلومة،.
ــ آية كف القتال،.

الآية العجيبة،. [الناسخة المنسوخة]،.

أولاً،. أي آية هي؟!،.

قد يبدو هذا السؤال غريباً، ولكنه ليس كذلك،. لأن النساخ أنفسهم لا يعلمون أيّ آية هي آية السيف الناسخة!،. فهم تناقلوا لفظة،. (آية السيف) شيخاً عن شيخ عن شيخٍ عن كتاب شيخٍ عن شارح كتاب شيخ،.. دون وعيٍ ولا إدراك ولا معرفة ولا سؤالٍ عن تفاصيل الآية المنسوخة،. وكأنهم سكارى،.

بقيت آية السيف الناسخة مجهولة حتى جاء ابن كثير وأنقذهم منها،. فوضع اصبعه على آية كان الكل ينسخ بها ولم تكن محددة ولم تكن معلومة قبل ذلك بمئات السنين،.

والمصيبة العظمى أن ابن كثير حين عيّنها وحددها من بين آلاف الآيات القرآنية،.. وضَع اصبعه على آيةٍ هي منسوخة عند الأولين 🙂🤦🏻‍♂،. ولْاحَوْلَ ولاْ قُوّةَ إِلاّ بِاْلله،.

هو قال أن (آية السيف، الناسخة)،. هي الآية الخامسة من سورة التوبة،. التي قال اْلله فيها،. ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة 5]،.

ولكن يبدو أن ابن كثير لا يعلم بأن هذه الآية الناسخة، هي منسوخة أصلاً!!،. فقد نسختها آخر آية من سورة الكافرون،. ﴿قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡكَافِرُونَ ۝ لَاۤ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ۝ وَلَاۤ أَنتُمۡ عَابِدُونَ مَاۤ أَعۡبُدُ ۝ وَلَاۤ أَنَا۠ عَابِدࣱ مَّا عَبَدتُّمۡ ۝ وَلَاۤ أَنتُمۡ عَابِدُونَ مَاۤ أَعۡبُدُ ۝ ((لَكُمۡ دِینُكُمۡ وَلِيَ دِینِ))﴾ [الكافرون 1 - 6]،.

ثم آية الكافرون هذه،. كذلك نسخوها بآية السيف 😂😂😂

قال جلال الدين السيوطي [911 إﮬ.]،. "ﻭﻗﺎﻝ ﺷﻴﺬﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻫﺎﻥ: ﻳﺠﻮﺯ ﻧﺴﺦ اﻟﻨﺎﺳﺦ، ﻓﻴﺼﻴﺮ [الناسخ] ﻣﻨﺴﻮﺧﺎ، ﻛﻘﻮﻟﻪ: {ﻟﻜﻢ ﺩﻳﻨﻜﻢ ﻭﻟﻲ ﺩﻳﻦ} ﻧﺴﺨﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻓﺎﻗﺘﻠﻮا اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ} ﺛﻢ ﻧﺴﺦ ﻫﺬﻩ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻄﻮا اﻟﺠﺰﻳﺔ}. ﻛﺬا ﻗﺎﻝ، ﻭﻓﻴﻪ ﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻴﻦ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﺖ اﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭاﻵﺧﺮ ﺃﻥ ﻗﻮﻟﻪ: {ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻄﻮا اﻟﺠﺰﻳﺔ} ﻣﺨﺼﺺ للآية ﻻ ﻧﺎﺳﺦ. ﻧﻌﻢ ﻳﻤﺜﻞ ﻟﻪ ﺑﺄﺧﺮ ﺳﻮﺭﺓ اﻟﻤﺰﻣﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻧﺎﺳﺦ ﻷﻭﻟﻬﺎ ﻣﻨﺴﻮﺥ ﺑﻔﺮﺽ اﻟﺼﻠﻮاﺕ ﻭﻗﻮﻟﻪ: {اﻧﻔﺮﻭا ﺧﻔﺎﻓﺎ ﻭﺛﻘﺎﻻ} ﻧﺎﺳﺦٌ ﻵﻳﺎﺕ اﻟﻜﻒ، ﻣﻨﺴﻮﺥٌ ﺑﺂﻳﺎﺕ اﻟﻌﺬﺭ!! ﻭﻗﺎﻝ: ﻣﻦ عجيبه ﺃﻳﻀﺎ، ﺁﻳﺔٌ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻣﻨﺴﻮﺥٌ ﻭﺁﺧﺮﻫﺎ ﻧﺎﺳﺦٌ، ﻭﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ، ﻻ ﻳﻀﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﺿﻞ ﺇﺫا اﻫﺘﺪﻳﺘﻢ} ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭاﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻓﻬﺬا ﻧﺎﺳﺦ ﻟﻘﻮﻟﻪ: {ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ}" إﮬ. [الإتقان في علوم ٱلۡقُرآن 3/80]،.

هذا نسخ أم غسيل أموال؟!،. آية ناسخة [آية السيف]، ثم تصير منسوخة [بآية الكافرون]، ثم تصير [آية الكافرون] منسوخة بنفس الآية المنسوخة [آية السيف نسخت آية الكافرون]! وتكون آخر آية السيف كذلك تنسخ أولها،.. دوامة عجيبة من الهراء والعبث في آيات ٱلۡقُرآن،.

وبحكم أن آية السيف نفسها منسوخة مرفوعةٌ فهي ملغيّة،. فلا تصلح للاحتجاج، إنما تصلح للأجور والحسنات، فقط،. يُستأنس بها ولا يُعمل بها،. وإن قيل هي ناسخة،. فيصير عندنا أكثر من مائة آية معطلة، ولكنها موجودة للأجور والحسنات فقط!!،.

ثم جاء الأصوليون بعد "ابن قليل"،. فقالوا تأصيلاً وتقعيداً لآية السيف،. أن آية السيف ليست آيةً مخصصةً بعينها، إنما هي على أربعة أنواع من القتال، وكلها تحمل اسم (آية السيف)،. وهي كالتالي،..
ــ سيفٌ على المشركين ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا،..﴾،.
ــ سيفٌ على الفئة الباغية ﴿..فَقَاتِلُوا۟ ٱلَّتِي تَبۡغِي،..﴾،.
ــ سيفٌ على أهل الكتاب ﴿قَاتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ،..﴾،.
ــ سيفٌ على الكفار والمنافقين ﴿..جَاهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَافِقِینَ،..﴾،.

وبالرغم أن الآية الأخيرة ليس فيها لفظة القتال،. إلا أنهم أدخلوها في آية السيف،. بل لا يوجد في ٱلۡقُرآن كله كلمة [سيف]،. ولا أي من تصاريفها هذه الكلمة،.

ــــ الآيات التي نسختها آية السيف [مجموعها من 124 إلى 132 آية على اختلاف بين النُساخ، ولكن أقلها 124 آية!]،. وسنذكر منها بعض الآيات تجنباً للإطالة،. وسنذكر الآيات التي نسخوها كلها، والآيات التي نسخوا أنصافها، والآيات التي نسخوا أرباعها، ((سأضع الأقواس حيث المنسوخ منها فقط))،. ليُعلم أن بقية الآية ليست منسوخة [هي هكذا عند النساخ، فلا تعجَب!!]،.

ــ ﴿..((فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ))..﴾ [البقرة 109]،. وهذه الآية سنعود إليها ونفصل فيها جزءًا في آخر المقال إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
ــ ﴿وَیَقُولُونَ طَاعَةࣱ فَإِذَا بَرَزُوا۟ مِنۡ عِندِكَ بَیَّتَ طَاۤئفَةࣱ مِّنۡهُمۡ غَیۡرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللهُ یَكۡتُبُ مَا یُبَیِّتُونَ ((فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ)) وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ وَكَفَىٰ بِٱللهِ وَكِیلًا﴾ [النساء 81]،.
ــ ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوۡمُكَ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ ((قُل لَّسۡتُ عَلَیۡكُم بِوَكِیلࣲ)) ۝ لِّكُلِّ نَبَإࣲ مُّسۡتَقَرࣱّ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ ۝ وَإِذَا رَأَیۡتَ ٱلَّذِینَ یَخُوضُونَ فِي ءَایَاتِنَا ((فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِي حَدِیثٍ غَیۡرِهِ)) وَإِمَّا یُنسِیَنَّكَ ٱلشَّیۡطَانُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ ٱلذِّكۡرَىٰ مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّالِمِینَ﴾ [الأنعام 66 - 68]،.
ــ ﴿قَدۡ جَاۤءَكُم بَصَاۤئرُ مِن رَّبِّكُمۡ فَمَنۡ أَبۡصَرَ فَلِنَفۡسِهِ وَمَنۡ عَمِيَ فَعَلَیۡهَا ((وَمَاۤ أَنَا۠ عَلَیۡكُم بِحَفِیظࣲ))﴾ [الأنعام 104]،.
ــ ﴿وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللهُ مَاۤ أَشۡرَكُوا۟ ((وَمَا جَعَلۡنَاكَ عَلَیۡهِمۡ حَفِیظࣰا وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلࣲ)) ۝ ((وَلَا تَسُبُّوا۟ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللهِ)) فَیَسُبُّوا۟ ٱللهَ عَدۡوَۢا بِغَیۡرِ عِلۡمࣲ كَذَلِكَ زَیَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرۡجِعُهُمۡ فَیُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام 107 - 108]،.
ــ ﴿((خُذِ ٱلۡعَفۡوَ)) وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ ((وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَاهِلِینَ))﴾ [الأعراف 199]،.
ــ ﴿وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَآتِیَةࣱ ((فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِیلَ))﴾ [الحجر 85]،.
ــ ﴿فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ ((وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِینَ))﴾ [الحجر 94]،.
ــ ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل ((لِّي عَمَلِي وَلَكُمۡ عَمَلُكُمۡ)) أَنتُم بَرِیۤـُٔونَ مِمَّاۤ أَعۡمَلُ وَأَنَا۠ بَرِيءࣱ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ﴾ [يونس 41]،.
ــ ﴿وَلَوۡ شَاۤءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ كُلُّهُمۡ جَمِیعًا ((أَفَأَنتَ تُكۡرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ یَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ))﴾ [يونس 99]،.
ــ ﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ ((وَٱصۡبِرۡ حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللهُ)) وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَاكِمِینَ﴾ [يونس 109]،.
ــ ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّاۤ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّیَاطِینَ عَلَى ٱلۡكَافِرِینَ تَؤُزُّهُمۡ أَزࣰّا ۝ فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَیۡهِمۡ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدࣰّا﴾ [مريم 83 - 84]،.
ــ ﴿قُلۡ ((یَاقَوۡمِ ٱعۡمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنّي عَامِلࣱ)) فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ ۝ مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَیَحِلُّ عَلَیۡهِ عَذَابࣱ مُّقِیمٌ ۝ إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ لِلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَلِنَفۡسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَا ((وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلٍ))﴾ [الزمر 39 - 41]،.
ــ ﴿وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِ أَوۡلِیَاۤءَ ((ٱللهُ حَفِیظٌ عَلَیۡهِمۡ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلࣲ))﴾ [الشورى 6]،.
ــ ﴿((فَأَعۡرِضۡ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكۡرِنَا)) وَلَمۡ یُرِدۡ إِلَّا ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا﴾ [النجم 29]،.
ــ ﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَقُولُونَ ((وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِجَبَّارࣲ)) فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن یَخَافُ وَعِیدِ﴾ [ق 45]،.
ــ ﴿((فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَامࣱ)) فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ﴾ [الزخرف 89]،.
ــ ﴿قُل لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ((یَغۡفِرُوا۟ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللهِ))..﴾ [الجاثية 14]،.
ــ ﴿((فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ)) وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ ٱلۡحُوتِ إِذۡ نَادَىٰ وَهُوَ مَكۡظُومࣱ﴾ [القلم 48]،.
ــ ﴿((فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ)) إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ﴾ [السجدة 30]،.
ــ ﴿((فَٱصۡبِرۡ صَبۡرࣰا جَمِیلًا))﴾ [المعارج 5]،.
ــ ﴿وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ ((وَٱهۡجُرۡهُمۡ هَجۡرࣰا جَمِیلࣰا ۝ وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِینَ أُو۟لِي ٱلنَّعۡمَةِ)) وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِیلًا﴾ [المزمل 10 - 11]،.
ــ ﴿یُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَیَخَافُونَ یَوۡمࣰا كَانَ شَرُّهُ مُسۡتَطِیرࣰا ۝ وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا ((وَأَسِیرًا))﴾ [الإنسان 7 - 8]،.
ــ ﴿((فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ)) وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورࣰا﴾ [الإنسان 24]،.
ــ ﴿إِنَّ هَذِهِ تَذۡكِرَةࣱ ((فَمَن شَاۤءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِیلࣰا)) ۝ وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا﴾ [الإنسان 29 - 30]،.
ــ ﴿كَلَّاۤ إِنَّهُ تَذۡكِرَةࣱ ۝ ((فَمَن شَاۤءَ ذَكَرَهُ)) ۝ وَمَا یَذۡكُرُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللهُ هُوَ أَهۡلُ ٱلتَّقۡوَىٰ وَأَهۡلُ ٱلۡمَغۡفِرَةِ﴾ [المدثر 54 - 56]،.
ــ ﴿وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ ۝ ((فَذَكِّرۡ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُذَكِّرࣱ ۝ لَّستَ عَلَیۡهِم بِمُصَیۡطِرٍ))﴾ [الغاشية 20 - 22]،.
ــ ﴿((أَلَیۡسَ ٱللهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَاكِمِینَ))﴾ [التين 8]،.

كل ذلك وزيادة [مجموع الآيات المنسوخة 124 آية، بل أكثر]، كلها محذوفة، مشطوبةٌ أنصافها وأرباعها بآية واحدة، هكذا زعم المجرمون،.

قال السيوطي [911 ﮬ.]،. "وقال ابن العربي: كل ما في ٱلۡقُرآن من الصفح عن الكفار والتولي والاعراض والكف عنهم منسوخ بآية السيف وهي،. ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ..﴾ الآية، نسخت مئة وأربعاً وعشرين آية، ﺛﻢ ﻧﺴﺦ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﺃﻭﻟﻬﺎ". [الاتقان في علوم ٱلۡقُرآن 3/78]،.

ومن أعجب الآيات التي نسخوها،. قول الله،. ﴿أَلَیۡسَ ٱللهُ بِأَحۡكَمِ ٱلۡحَاكِمِینَ﴾ [التين 8]،. فقالوا هي منسوخة بآية السيف، ولكن الآية حقيقة وخبر، وليست من الأحكام،. والآية تتكلم عن الله وما يثبته الله عن نفسه، وليس فيها شيءٌ عن العفو فلماذا هي منسوخة؟!،. والحقيقة قرأت قولهم مرارا وكررت القراءة،. لعلي أفهم أين النسخ بالتحديد، ولماذا نسخوها بآية السيف،. ولكني لم أفهم شيئاً،. وهذا رد ابن العربي على من نسخها،. قال القاضي محمد بن العربي: "قال بعضهم في هذا إضمار، تقديره: فلم تنكرون مع هذه الحجج الجزاء؟ وهذا المعنى لا يصح نسخه"،.

الحقيقة، جَهِدت كثيراً لأفهم كيف فهموها ليحكموا عليها بالنسخ،. ولكن محاولاتي كلها بائت بالفشل،. فيبدو أن الإنسان عليه أن ينزل لمستوى فكريٍ مهين جداً ليفهم كيف يفكرون،. وعليه أن يتسم بكثيرٍ من الغباء والحقارة والدناءة والخُبث ليحاول أن يفهم كيف يفكر هؤلاء العلماء النُساخ الجهابذة،. فيستطيع فهمهم،. وإلا، فالإنسان السّوي لن يستطيع فهم هؤلاء الحقراء الأغبياء مهما فعل،.

ــــ ومن الآيات العجيبة جداً جداً جداً،.. آية نُسخت بآية السيف،. عَفواً، ليست آية، إنما كلمةٌ في آية،. وهي كلمة (أسيراً)،.. قال ٱلله،. ﴿یُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَیَخَافُونَ یَوۡمࣰا كَانَ شَرُّهُ مُسۡتَطِیرࣰا ۝ وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا ((وَأَسِیرًا))﴾ [الإنسان 7 - 8]،.

وبقيت منسوخة لمدةٍ عند ناسخها الحقير الضَّال المفسد، الذي نسخ الآية أول مرة،. ثم ذَكَّرته ابنته بأن العلماء أجمعوا على خلاف هذا،. فتراجع الشيخ العالم المفسر الجليل عن نسخ الآية، وجعلها محكمة بسبب ابنته التي يسَّر الله حضورها تلك الجلسة، وسماعها لهذا النَتَن، فردَّته للجادة مباشرةً بعد سُكره ولعانته وخبثه، وذلك أثناء قراءة الناس لكتابه عليه،.

أما الضَال المفسد الحقير، فهو المفسّر الأعمى بصراً والأعمه بصيرةً "هبة الله بن سلامة، المقري الضرير" [410 ﮬ.]،. قال في قول الله،. ﴿وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا ((وَأَسِیرًا))﴾ فقوله وأسيرا من هذه الجملة منسوخٌ، المراد به أسير المشركين".

وإليك قصة البنت التي ردته للصواب بعد سكره،. بعد أن نسخها وطمسها بآية السيف،.

ــ قال القاضي محمد بن العربي،. "أخبرنا الطرطوشي قراءة عليه، أخبرنا عبد الوهاب التميمي، قال: لما قرأنا كتاب الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة، الضرير المفسر وانتهينا بالقراءة إلى هذه الآية، فلما سمعت قوله هذا ابنته، قالت له: ((يا أبت، أخطأت في هذا المكان. قال لها: وكيف يا بنية؟ فقالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يُطعم ولا يُقتل جوعا)). قال التميمي: وصَدَقَت. إﮬ. [الموسوعة القرآنية 2/408]،.

قال الزركشي [794 ﮬ.]،. "ﻭﻣﻦ ﻇﺮﻳﻒ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻫﺒﺔ اﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻳﻄﻌﻤﻮﻥ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻪ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ ﻭﻳﺘﻴﻤﺎ ﻭﺃﺳﻴﺮا} ﻣﻨﺴﻮﺥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺠﻤﻠﺔ {ﻭﺃﺳﻴﺮا} ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺳﻴﺮ اﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻓﻘﺮﺉ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﺑﻨﺘﻪ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻗﺎﻟﺖ: ﺃﺧﻄﺄﺕ ﻳﺎ ﺃﺑﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ! ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ: ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺔ! ﻗﺎﻟﺖ: ﺃﺟﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻷﺳﻴﺮ ﻳُﻄﻌﻢ ﻭﻻ ﻳُﻘﺘﻞ ﺟﻮﻋﺎ. [البرهان في علوم ٱلۡقُرآن 2/29]،.

كذلك نقله السيوطي، قال،. "ﻓﻘﺮﺉ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﺑﻨﺘﻪ ﺗﺴﻤﻊ ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﻳﺎ ﺃﺑﺖ ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻴﻒ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﺟﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻷﺳﻴﺮ ﻳﻄﻌﻢ ﻭﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﺟﻮﻋﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﺻﺪﻗﺖ" [الإتقان في علوم ٱلۡقُرآن 3/79]،.

والعجيب أنه، رغم أن ابنته ردّته للصواب، وعرّفته خطؤه،. ولكن الكتاب بلغنا وفيه قوله أن الآية منسوخة!!،. قال أبو القاسم هبة الله بن سلامة المقري [410 ﮬ.] في كتابه عن سورة الإنسان،. "ﻭﻫﻲ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺇﻻ ﺁﻳﺘﻴﻦ ﻭﺑﻌﺾ ﺁﻳﺔ، ﻭﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {ﻭﻳﻄﻌﻤﻮﻥ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﻪ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ ﻭﻳﺘﻴﻤﺎ} ﻫﺬا ﻣﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺃﻫﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ {ﻭﺃﺳﻴﺮا} ﻫﺬا ﻣﻨﺴﻮﺥ ﺑﺂﻳﺔ اﻟﺴﻴﻒ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻫﻞ اﻟﻘﺒﻠﻪ ﻭﻫﻢ اﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ" [الناسخ والمنسوخ للمقري 191]،.

وهذا كله ينم عن العبث الكبير في نسخ آيات ٱلۡقُرآن،. وأن العلماء هم الذين ينسخون وليس الله الذي ينسخ، إنما ينسخ العلماء بأهوائهم الفاسدة،. بناءً على أفهامٍ فهموها، بمعزلٍ تام عن أي برهان قاطعٍ من الله ورَسُوله ﷺ،. واقرأ كلام ابن العربي بنفسك لتدرك هذا الخبَث،.

ــ قال القاضي محمد بن العربي "في هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدهما أن الأسير هو المسجون، قاله مجاهد، الثاني أن الأسير هو العبد، قاله عكرمة، الثالث أن الأسير هو المشرك، قاله الحسن وسعيد بن جبير، ((قال جماعة غير هبة الله أنه منسوخ في الأسير المشرك)) فإنه قتل، فلا يبقى محلٌ للإطعام، وقد قال الطبري أنه عام في كل أسير كان مسلما أو مشركا، وتسمية العبد أو المسجون أسيرا بعيدٌ، وإنما الأسير في عرف اللغة هو الكافر الذي يتخير فيه الإمام ويأسره القتال: الغارة، وإطعامه إلى أن يُقتل فرض، وكذلك إسقاؤه، وقد قال النبي في اليهود وقد شكوا العطش: (لا تجمعوا عليهم حز السيف وحز العطش فسقوا وقتلوا، ولا يعذب بغير القتل إلا الله)، وإنما قال الطبري إن الآية عامة ليُنهي الخلاف ويقطع الجدال وينهي الكلام وإلا فالتحقيق ما ذكرناه" إﮬ. [الموسوعة القرآنية 2/408]،.

أين كلام الله أنه نسخ؟ أين كلام النبي ﷺ أنها منسوخة؟!،. وأين كلام الصحابة [تنزلاً]؟!،. كل المذكورين من التابعين،. وهم مختلفون متشاكسون،. فلا نقول إلا،. حَسْبُنَا اللّٰه وَنِعْمَ الْوَكِيْل،.

ــــــــــــــــ الفهم الفاسد لآية السيف [الآية الناسخة]،.

مبدئياً نقول،. أن هذا النسخ عمل الشيوخ وليس من الله،. بل ليس حتى من النبي ﷺ، ولا من الصحابة،. وإلا،.. فإن كانت هذه الآية منسوخة،. ﴿((خُذِ ٱلۡعَفۡوَ)) وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ ((وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَاهِلِینَ))﴾ [الأعراف 199]،. فكيف يُستدل بها في عهد عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ؟!،. وإليك القصة،.

ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺪﻡ ﻋﻴﻴﻨﺔ ﺑﻦ ﺣﺼﻦ ﺑﻦ ﺣﺬﻳﻔﺔ، ﻓﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ اﻟﺤﺮ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﻧﻴﻬﻢ ﻋﻤﺮ، ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻘﺮاء ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﻋﻤﺮ ﻭﻣﺸﺎﻭﺭﺗﻪ، ﻛﻬﻮﻻ ﻛﺎﻧﻮا ﺃﻭ ﺷﺒﺎﻧﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻴﻴﻨﺔ ﻻﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ: ﻳﺎ اﺑﻦ ﺃﺧﻲ، ﻟﻚ ﻭﺟﻪ ﻋﻨﺪ ﻫﺬا اﻷﻣﻴﺮ، ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻥ ﻟﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺳﺄﺳﺘﺄﺫﻥ ﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ، ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻥ اﻟﺤﺮ ﻟﻌﻴﻴﻨﺔ، ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﻋﻤﺮ، ﻓﻠﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻝ: ﻫﻲ ﻳﺎ اﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻓﻮاﻟﻠﻪ، ﻣﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨﺎ اﻟﺠﺰﻝ، ﻭﻻ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ، ﻓﻐﻀﺐ ﻋﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻫﻢ ﺑﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﻟﺤﺮ: ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ؛ «ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﷺ {ﺧﺬ اﻟﻌﻔﻮ ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﻭﺃﻋﺮﺽ ﻋﻦ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ}» ﻭﺇﻥ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺟﺎﻭﺯﻫﺎ ﻋﻤﺮ ﺣﻴﻦ ﺗﻼﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻭﻗﺎﻓﺎ ﻋﻨﺪ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ (4642 ﻭ7286)، ﻗﺎﻝ (4642): ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ اﻟﻴﻤﺎﻥ، ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﺷﻌﻴﺐ، ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻰ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺘﺒﺔ، ﺃﻥ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ، ﺑﻪ. ✅،.

فالآية ليست منسوخة ولم يعرف الصحابة عن آية السيف الناسخة شيئاً، ولكنه سوء فهم وسفاهة من الشيوخ والعلماء،. وهو سوء فهم لجميع الآيات، الناسخات والمنسوخات، فلا هم فهموا الناسخة، ولا هم فهموا المنسوخات،. وبدلاً أن نبين إحكام الآيات [المنسوخة] جميعها،. سنبين سوء الفهم في الآية [الناسخة] وحدها (آية السيف)،. ليستبين بعدها بإذن اللّٰه، أن جميع الشيوخ أغبياء، لم يفهموا آية السيف، وبغبائهم نسخوا مائة وأربعة وعشرون آية،. ولو فهموا آية السيف على وجهها، وعرفوها بحق،. ما نسخوا بها شيئاً،.

ــــــــ آية السيف [البريئة من البهتان والنسخ]،.

قال اْلله،. ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ *((فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ))* فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة 5]،.

الآية لها سياق يحدّد معناها،. ولكن القوم استقطعوها من سياقها وفهموها بمعزلٍ تام عن السياق،. فاختلط عندهم الفهم، وظنوا بأن الأشهر الحرم المذكورة فيها، هي نفسها الأشهر الحرام الثابتة التي تعود كل سنة،. [رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم]،. وهذا خطأ،. وإن تشابه الاسم،.

ذلك أن الأشهر الحرم التي في بداية سورة التوبة (آية السيف)، هي أربعة أشهر (حين نزول سورة التوبة) أعطاها الله مهلة للمشركين ليسيحوا في الأرض بأمان [لا قتال فيه]،.
ــ قال اْلله في أولها،. ﴿بَرَاۤءَةࣱ مِّنَ ٱللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى *((ٱلَّذِینَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ۝ فَسِیحُوا۟ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ))* وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِي ٱللهِ وَأَنَّ ٱللهَ مُخۡزِي ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [التوبة 1 - 2]،.

فقد كان بين المسلمين والمشركين عهدٌ واتفاق،. فتبرأ الله من هذه المعاهدة ونقضها،. ونبذ إليهم عهدهم،. ((ولكن لم يفاجئهم بنقض العهد، كيلا تكون غدرة وخيانة للمعاهدة))، بل آذنهم وأعلمهم بها، وأسمعهم أنه بريء من هذه المعاهدة، وأمهلهم فأعطاهم مهلةً مدتها ((أربعة أشهر)) يتمتعون فيها [أي لن يكون فيها قتال] إلى حين انسلاخ هذه الأشهر الأربعة،. فكانت [الأربعة أشهر] بمثابة الفرصة ليراجعوا أنفسهم فيها ويتوبوا،.
ــ قال اْلله،. *﴿((وَأَذَانࣱ مِّنَ ٱللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ))* یَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللهَ بَرِيءࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَرَسُولُهُ *((فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ))* وَإِن تَوَلَّیۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِي ٱللهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ﴾ [التوبة 3]،.

واستثنى من المشركين الذين لم ينقصوا شيئاً من العهد ولم يظاهروا الناس على المسلمين،.
ــ قال الله بعدها،. ﴿إِلَّا ٱلَّذِینَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ثُمَّ لَمۡ یَنقُصُوكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَمۡ یُظَاهِرُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَحَدࣰا فَأَتِمُّوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ عَهۡدَهُمۡ إِلَىٰ مُدَّتِهِمۡ إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [التوبة 4]،.

فالبراءة كانت موجهة لفئة من المشركين،. هم تحديداً الذين [أنقصوا من العهد وخانوا ابتداءً، وظاهروا وجمعوا وألّبوا الناس على المسلمين]،.. فهؤلاء رد الله عليهم عهدهم، لأنهم استغلوه استغلالاً سيئا ونقّصوا وخانوا،. *((فأعطاهم مهلة أربعة أشهر يسيحون في الأرض، لا قتال فيه، ليتوبوا))* فإن لم يتوبوا، وبقوا على كفرهم وعنادهم وإصرارهم في قتال المسلمين،. قال اْلله بعدها،. ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ *((الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ))* فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ،...﴾ [التوبة 5]،.

هذه الأشهر الحرم [المُهلة]، هي تلك الأربعة أشهر التي أنظرهم الله فيها،. ((وليست هي الأشهر الحرام التي تُعاد كل سنة))،. هذه المهلة [الأربعة أشهر] بدأت بعد شهر الله الحرام [ذو الحجة]،. لأن الله آذنهم [أي أعلمهم] في يوم الحج الكبير، بأنه بريء من هذه المعاهدة،. قال ٱلله،. *﴿((وَأَذَانࣱ مِّنَ ٱللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ یَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ))* أَنَّ ٱللهَ بَرِيءࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَرَسُولُهُ،...﴾ [التوبة 3]،.

ومعلومٌ أن الأشهر الحرم [التي تُعاد كل سنة]،. هي ((رجب، ثم بعدها ذوالقعدة، ثم ذو الحجة، ثم محرم))،..

أما يوم الحج الأكبر [الذي هو العيد الكبير] فهو في [10 ذو الحجة]،. فالله آذنهم [أعلمهم] في هذا اليوم [10 ذي الحجة]، وأمهلهم مدة أربعة أشهر ابتداءً من هذا اليوم، ليسيحوا في الأرض بأمان،. (من بعد ذو الحجة)،. فكانت الأشهر الأربعة هي من يوم 10 محرم [يوم الحج الأكبر] إلى 10 ربيع الآخرة (وهذه مجموعها أربعة أشهر)،. وتفصيلها [10 محرم، 10 صفر، 10 ربيع الأولى، 10 ربيع الآخرة]، وهذه الأشهر مختلفة تماماً عن الأشهر الحرم التي تعاد كل سنة [رجب، ذو القعدة، ذو الحجة، محرم]،. وقد سماها الله بأشهرٍ حُرُم كذلك، لأنها فترة أمانٍ للمشركين، يسيحون فيها دون قتال، ليراجعوا أنفسهم ويتوبوا،. فلا قتال في هذه الأشهر،. بالتالي هي أشهرٌ حُرم [لما فيها من إمساكٍ عن القتال]،.

ولكن بسبب تشابه الاسمين [الأشهر الحرم]،. اختلط الأمر لديهم، فجعلوا الأمرين واحداً،. وهي ليست كذلك،. ولذات السبب، قال كثيرٌ من (المنقلبين على أعقابهم) أن الأشهر الحرم [التي تُعاد كل سنة] أنها ينبغي أن تكون متتالية متلاحقة، وهي ليست كما هي في الحديث، منفصلة عن بعضها،. [ففي الحديث، شهر رجب مضر المحرم، منفصلٌ عن ذي القعدة، بينهما شعبان ورمضان وشوال]،. وهذا بسبب ترك النظر في سياق الآية، فاختلط لديهم الفهم،. كما اختلط عند النُساخ،.

والحديث صحيح [حديث خطبة الوداع]،. الذي قال فيه النبي ﷺ أن الأشهر الحرم هي رجب،. ثم ذو القعدة، ذو الحجة، محرم،. وهي تعاد كل سنة،. وهذه ليست الأشهر الحرم التي في بداية سورة براءة،. ولو تشابهت الاسماء،. فالسياق في بداية سورة براءة، هو الذي أخبرنا أن الأشهر الحرم هذه، تبدأ من محرم،. فهي ليست الأشهر التي تعاد كل سنة،.

فآية السيف [إن صحت تسميتها هكذا]،. فهي تتحدث عن حالة خاصة، وليست حالة عامة،. فكيف صارت ناسخة لــ 124 آية من ٱلۡقُرآن؟!،. آية السيف هذه، تتكلم عن فئة من المشركين، خانوا وظاهروا واعتدوا، فأمر الله بقتالهم،. وليست آية عامة لكل الأزمان والعصور،. بل نهانا الله (في غير الاعتداء)، أن نبادر نحن ونعتدي عليهم ونقتل،.

وقتال هؤلاء المشركين، كان بسبب اعتدائهم،. فهم الذين ابتدأوا واعتدوا وخانوا وظاهروا،. وهذا الحكم كان خاصاً بتلك الحادثة، وليست عامة لكل الأزمان، وإن حصل وتكرر مثلها، يحق لولي الأمر أن ينقض ويتبرأ من معاهدته مع المشركين ويعلنها أي وقت، مدة يحددها كما يشاء،. سواء أربعة أشهر أو أقل أو أكثر ليمهلهم ليتوبوا ثم يقاتلهم،. وهذه المهلة [مهما كانت] ستكون بمثابة المدة المحرمة، لن يكون فيها قتال حتى تنقضي،. ولا نبدء بالقتال حتى يعتدوا علينا،. أو يخونوا العهد الذي بيننا،.

ــــــــــــــــ لا يوجد في الدين قتالٌ يبدأ من المسلمين،.

ولا توجد آية واحدة في ٱلۡقُرآن [ولا في الأحاديث الصحيحة] تأمرنا بالاعتداء على المشركين ابتداءً،. بل كل آيات القتال إنما تكون لمن اعتدى علينا،. فنرد عليهم بمثل ما اعتدوا علينا،.
ــ قال ٱلله،. ﴿وَقَاتِلُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ ((ٱلَّذِینَ یُقَاتِلُونَكُمۡ)) وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟ إِنَّ ٱللهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ﴾ [البقرة 190]،.
ــ وقال،. ﴿..فَمَنِ ((ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ)) فَٱعۡتَدُوا۟ عَلَیۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ،..﴾ [البقرة 194]،.
ــ وقال،. ﴿..وَقَاتِلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ كَاۤفَّةࣰ ((كَمَا یُقَاتِلُونَكُمۡ كَاۤفَّةࣰ)) وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [التوبة 36]،.
ــ وقال،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُحَرِّمُوا۟ طَیِّبَاتِ مَاۤ أَحَلَّ ٱللهُ لَكُمۡ ((وَلَا تَعۡتَدُوۤا۟)) إِنَّ ٱللهَ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ﴾ [المائدة 87]،.

وغيرها الكثير من الآيات التي تأمر ألا نبدؤهم بقتال،. ولكن إذا بدؤونا هم بالقتال، هنا علينا ردهم وقتالهم،. ولكن نحن لا نبدء بالقتال أبداً،.

وضع في ذهنك أن القتال لن يتوقف أبداً، ذلك لأن الكفار لن يتوقفوا عن الاعتداء،. فقد قال ٱلله،. ﴿..وَلَا یَزَالُونَ یُقَاتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ یَرُدُّوكُمۡ عَن دِینِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَاعُوا۟،...﴾ [البقرة 217]،. فالقتال بيننا سجال دائم، ليس لأننا نريد القاتل، ولكننا نرد وندفع الاعتداء،..

ــــ فلا نقاتل أحداً ونُكرِهه على الدين،. قال ٱلله،. ﴿..أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس 99]،.

فنحن لا نكره الكافر على الدخول في الإسلام،. بل لو تظاهر الرجل أنه دخل الاسلام، وهو كاتمٌ كفره متخفياً، فهو عند الله منافق ولكننا لا نعلم ذلك، فنعامله معاملة المسلم،. فلا فائدة مرجوة من الاكراه والإجبار،. ولن يصلح إسلامُ أحدٍ أسلم جبراً وكراهية،. كمن يسلم تحت تهديد السلاح،. فهذا المكره سوف يتظاهر بالاسلام تعوذاً، ليفك نفسه من الخطر، وسيكون عالة على المسلمين، مبغضٌ لهم،. مثله مثل المنافق،.

ثم إن ديننا يكفل حق المعاهد ويأمنه ويحميه وهو كافر، لا نقاتله ونكرهه في دخول الاسلام، فالإيمان والهداية ليست بيدنا أصلاً وليست بيد الناس،. إنما هي بيد الله وحده،. ﴿لَّیۡسَ عَلَیۡكَ هُدَاهُمۡ وَلَكِنَّ ٱللهَ یَهۡدِي مَن یَشَاۤءُ..﴾ [البقرة 272]،.

أما نحن، فليس علينا إلا إبلاغ الناس بهذا الدين، وليس علينا هُداهم وإكراههم على الدين،. فنحن لا نكره أحداً علىٰ الإسلام مطلقاً،. فإن قيل لماذا نقاتلهم إذاً؟! ولماذا الجهاد ولماذا كل تلك الغزوات؟!،.

نقول،. نقاتلهم لأنهم اعتدوا علينا،. ومنعونا حقنا في ((الإبلاغ))، لا نقاتلهم ليدخلوا الإسلام عُنوة،. كل الذي علينا هو أن نعرض عليهم فقط،. قال اْلله،. ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ؛ ((فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ))﴾ [النور 54]،.

بمعنى،. حتى وإن تولوا وصدوا ورفضوا الدين، لا نقاتلهم أبداً، إنما نكتفي بالبلاغ،. قال اْلله،. ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا ((فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ))﴾ [النحل 82]،.
ــ وقال،. ﴿..وَإِنْ تَوَلَّوْا ((فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ)) وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران 20]،.

ذلك لأنه،. ﴿..وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾،. إنما علينا البلاغ، ولسنا بوكلاء على الناس،. ولكن هل سيتركوننا نبلغ؟!،.

لن يتركونا!،.. بل سيصدّوننا ويسلبون حقنا في البلاغ وحق الناس في الاختيار،. قال اْلله،. ﴿اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ [التوبة 9 ــ 10]،.

حين ذهبنا نبلغ الناس دين الله،. منعنا الكفار من ((البلاغ)) وقاتلونا! فقاتلناهم على هذا الاعتداء والمنع، ولم نقاتلهم لنجبرهم لدخول الدين،. فالله قال،. ﴿..أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس 99]،.
ــ وقال،. ﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَقُولُونَ *((وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِجَبَّارࣲ))* فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن یَخَافُ وَعِیدِ﴾ [ق 45]،.
ــ وقال،. ﴿فَذَكِّرْ ((إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر ۝ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ))﴾* [الغاشية 21 ــ 22]،.
ــ وقال،. ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَابَ لِلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ *((فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَلِنَفۡسِهِ))* وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَا *((وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلٍ))﴾* [الزمر 41]،.
ــ وقال،. ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا *((فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ))..﴾* [الشورى 48]،.
ــ وقال،. ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النحل 82]،.
ــ وقال،. ﴿..وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران 20]،.
ــ وقال،. ﴿وَكَذَّبُوا۟ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَكُلُّ أَمۡرࣲ مُّسۡتَقِرࣱّ ۝ *((وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَاۤءِ مَا فِیهِ مُزۡدَجَرٌ ۝ حِكۡمَةُۢ بَالِغَةࣱ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ ۝ فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡۘ))* یَوۡمَ یَدۡعُ ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيءࣲ نُّكُرٍ﴾ [القمر 3 - 6]،.

ــــ فكل ما علينا هو البلاغ،. ولا أكثر من البلاغ [الذي هو ذاته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]،. ثم الذي يعتدي علينا، نعتدي عليه بمثل ما اعتدى علينا،. وكل الآيات المنسوخة بآية السيف، إنما هي أوامر بالإعراض والكف عمن لم يقاتل ولم يعتدي،. ولكن المجرمون جعلوها تناقض آية السيف بفهمهم القاصر،.

ــــــ لاحظ السياق في سورة التوبة [بعد آية السيف]! لتفهم أنه حرفياً لا إكراه على الكافر، ولا على المعاهد المؤتمن، إنما نعرض عليه كلام الله فقط، وهذا هو البلاغ،. قال الله،. ﴿كَیۡفَ یَكُونُ لِلۡمُشۡرِكِینَ عَهۡدٌ عِندَ ٱللهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا ٱلَّذِینَ عَاهَدتُّمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ((فَمَا ٱسۡتَقَامُوا۟ لَكُمۡ فَٱسۡتَقِیمُوا۟ لَهُمۡ)) إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [التوبة 7]،.

وكل آيات القتال في ٱلۡقُرآن،. إنما هي لرد العدوان الذي حصل من الكفار ابتداءً، وليس بدئهم بالقتال،.

قال اْلله [وهذا من سياق آية السيف]،. قال،. ﴿((وَإِن نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَانَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُوا۟ فِي دِینِكُمۡ فَقَاتِلُوۤا۟ أَئمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ)) إِنَّهُمۡ لَاۤ أَیۡمَانَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَنتَهُونَ ۝ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوۡمࣰا نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَانَهُمۡ وَهَمُّوا۟ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡ فَٱللهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ۝ ((قَاتِلُوهُمۡ یُعَذِّبۡهُمُ ٱللهُ بِأَیۡدِیكُمۡ وَیُخۡزِهِمۡ وَیَنصُرۡكُمۡ عَلَیۡهِمۡ)) وَیَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمࣲ مُّؤۡمِنِینَ ۝ وَیُذۡهِبۡ غَیۡظَ قُلُوبِهِمۡ وَیَتُوبُ ٱللهُ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ ۝ أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُوا۟ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللهُ ٱلَّذِینَ جَاهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَلَمۡ یَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِ ٱللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَلِیجَةࣰ وَٱللهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [التوبة 12 - 16]،.

وكل الآيات التي فيها أمر بالقتال، تُجمع مع ما سبق لتُفهم أن القتال لا يكون منا ابتداءً،. ولا ينبغي فهمها بمعزل،. فمثلاً قول الله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ *((قَاتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ یَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡیَجِدُوا۟ فِیكُمۡ غِلۡظَةࣰ))* وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [التوبة 123]،.
ــ وقوله،. ﴿قُل لِّلۡمُخَلَّفِینَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُو۟لِي بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ *((تُقَاتِلُونَهُمۡ أَوۡ یُسۡلِمُونَ))* فَإِن تُطِیعُوا۟ یُؤۡتِكُمُ ٱللهُ أَجۡرًا حَسَنࣰا وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ كَمَا تَوَلَّیۡتُم مِّن قَبۡلُ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا﴾ [الفتح 16]،.
ــ وقول الرّسول ﷺ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» أخرجه البخاري ومسلم ✅،.

كل هذه الآيات والأحاديث التي تأمر بالقتال، إنما هي عن قتال من قاتلنا ابتداءً، ولا ينبغي فهمها أن الله يأمرنا بالاعتداء على أحد وإكراهه على الدخول في الدين، فالله لا يحب المعتدين،. إنما هذه الآيات تُربط وتُحكم بتلك الآيات،. وهكذا ينبغي أن نفعل، لا نخرج آية من ٱلۡقُرآن ونفهمها بمعزل عن بقية الآيات،. إنما علينا جمع الآيات والأحاديث في الباب الواحد لتكتمل الصورة،.

ــــــــــ المعاهَد في ٱلۡقُرآن له ذمة،. ولكن لو خان واعتدى؟!،..

قال اْلله،. ﴿لَّا یَنۡهَاكُمُ ٱللهُ عَنِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُقَاتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّینِ وَلَمۡ یُخۡرِجُوكُم مِّن دِیَارِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ ۝ إِنَّمَا یَنۡهَاكُمُ ٱللهُ عَنِ ((ٱلَّذِینَ قَاتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَارِكُمۡ وَظَاهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ)) أَن تَوَلَّوۡهُمۡ، وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ﴾ [الممتحنة 8 - 9]،.

ــــ وحين خان المنافقون،.

قال اْلله،. ﴿فَمَا لَكُمۡ فِي ٱلۡمُنَافِقِینَ فِئَتَیۡنِ وَٱللهُ أَرۡكَسَهُم بِمَا كَسَبُوۤا۟ أَتُرِیدُونَ أَن تَهۡدُوا۟ مَنۡ أَضَلَّ ٱللهُ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِیلࣰا ۝ وَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟ فَتَكُونُونَ سَوَاۤءࣰ فَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنۡهُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ *((فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنۡهُمۡ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرًا ۝ إِلَّا ٱلَّذِینَ یَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَاقٌ أَوۡ جَاۤءُوكُمۡ حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ أَن یُقَاتِلُوكُمۡ أَوۡ یُقَاتِلُوا۟ قَوۡمَهُمۡ))* وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللهُ لَسَلَّطَهُمۡ عَلَیۡكُمۡ فَلَقَاتَلُوكُمۡ *((فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ یُقَاتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡا۟ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللهُ لَكُمۡ عَلَیۡهِمۡ سَبِیلࣰا))* ۝ سَتَجِدُونَ ءَاخَرِینَ یُرِیدُونَ أَن یَأۡمَنُوكُمۡ وَیَأۡمَنُوا۟ قَوۡمَهُمۡ كُلَّ مَا رُدُّوۤا۟ إِلَى ٱلۡفِتۡنَةِ أُرۡكِسُوا۟ فِیهَا *((فَإِن لَّمۡ یَعۡتَزِلُوكُمۡ وَیُلۡقُوۤا۟ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَمَ وَیَكُفُّوۤا۟ أَیۡدِیَهُمۡ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ))* وَأُو۟لَئكُمۡ جَعَلۡنَا لَكُمۡ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَانࣰا مُّبِینࣰا﴾ [النساء 88 - 91]،.

ومن سورة الأنفال [لاحظ أن القتال عند الخيانة]،. ﴿((قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن یَعُودُوا۟ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِینَ ۝ وَقَاتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةࣱ وَیَكُونَ ٱلدِّینُ كُلُّهُ لِلهِ)) فَإِنِ ٱنتَهَوۡا۟ فَإِنَّ ٱللهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ﴾ [الأنفال 38 - 39]،.

وقال اْلله فيها،. ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن یَكُونَ لَهُ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللهُ یُرِیدُ ٱلۡآخِرَةَ وَٱللهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ۝ لَّوۡلَا كِتَابࣱ مِّنَ ٱللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِیمَاۤ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ ۝ فَكُلُوا۟ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَالࣰا طَیِّبࣰا وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ إِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ۝ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَیۡدِیكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰۤ إِن یَعۡلَمِ ٱللهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَیۡرࣰا یُؤۡتِكُمۡ خَیۡرࣰا مِّمَّاۤ أُخِذَ مِنكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡ وَٱللهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ۝ *((وَإِن یُرِیدُوا۟ خِیَانَتَكَ فَقَدۡ خَانُوا۟ ٱللهَ مِن قَبۡلُ فَأَمۡكَنَ مِنۡهُمۡ وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمٌ ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَاهَدُوا۟ بِأَمۡوالِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوۤا۟ أُو۟لَئكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یُهَاجِرُوا۟ مَا لَكُم مِّن وَلَایَتِهِم مِّن شَيءٍ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَاقࣱ))* وَٱللهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ﴾ [الأنفال 67 - 72]،.

وغيرها الكثير من الآيات،. التي تبين أنه ليس في ديننا اعتداء على من لم يعتدي علينا، ولم يفعل شيئاً،. إنما نبلغ عن ربنا، والذي سيمنعنا هذا الحق ويعتدي علينا، نقاتله ردا على اعتدائه، وليس في ديننا إكراه في الدخول فيه، إنما نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وهذا هو البلاغ المبين عن الله ورسوله ﷺ،. ولم يطالب الله النبي ﷺ أكثر من البلاغ المبين،. ولم يأمره بالقتال إلا إذا قوتل،.

فلا نسخ في آية السيف ولا إبطال لــ 124 آية،. ولكنه سوء فهم لآية السيف، ليس إلا،.

ــــــــــــــــــــــــ فصلٌ،. نسخ ((الكف عن القتال في مكة،. بالاذن بالقتال في المدينة))،.

استشهدوا على ذلك بقول اْلله،. ﴿فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَاقَهُمۡ لَعَنَّاهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَاسِیَةࣰ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا۟ حَظࣰّا مِّمَّا ذُكِّرُوا۟ بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَاۤئنَةࣲ مِّنۡهُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡ *((فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱصۡفَحۡ))* إِنَّ ٱللهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [المائدة 13]،.

ولكن هذه الآية في أهل الكتاب ياهووو!!،. وليست في المشركين،. فالآية التي قبلها فيها،. ﴿وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللهُ *((مِیثَاقَ بَنِي إِسۡرَاءِیلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَي عَشَرَ نَقِیبࣰا وَقَالَ ٱللهُ إِنِّي مَعَكُمۡ لَئنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَیۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّاتࣲ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَارُ))* فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیل﴾ [المائدة 12]،.

مجدداً، الآية ليست في المشركين،. بل في أهل الكتاب،. وهذه الآية لها أخت تشبهها،.

قال اْلله،. ﴿وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَابِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَانِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّ *((فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ))* إِنَّ ٱللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [البقرة 109]،.

هذه لم تُنسخ بآيات القتال أو الجزية، إنما كان العفو والصفح والامساك عن القتال أمرٌ من الله ((معلقاً لمدة))، حتى يأذن الله بالقتال،. والذي جعلها مؤقتةً بهذا الشكل هو الله، وحين أتى أمر الله بالقتال والجزية،. وهذا ليس فيه تغيير ولا تضاد ولا تعارض، لأن الأمر الأول لم يكن مطلقاً عاماً، بل كان مقيداً بــ ((حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ))،.

وهذا الأمر يشبه قول ٱلله،. ﴿..وَكُلُوا وَاشْرَبُوا *((حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ))* الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ...﴾ [البقرة 187]،.

فالأكل والشرب مسموح حتى كذا،.... فهي لمدة معينة، علقت بــحتى، فيكون الحكم بلغ أجله، هذا حكمٌ معلق،. ولا يقول غبي بأن الصوم منسوخ بالفطر،.. فضلاً أن يقوله عاقل،.

ــ كذلك في قول ٱلله،. *﴿((وَلَا تَنكِحُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكَاتِ حَتَّىٰ یُؤۡمِنَّ))*، وَلَأَمَةࣱ مُّؤۡمِنَةٌ خَیۡرࣱ مِّن مُّشۡرِكَةࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ، *((وَلَا تُنكِحُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَتَّىٰ یُؤۡمِنُوا۟))* وَلَعَبۡدࣱ مُّؤۡمِنٌ خَیۡرࣱ مِّن مُّشۡرِكࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡ،.....﴾ [البقرة 221]،.

هذا النهي معلقّ حتى يؤمنَّ، وليس نهياً أبديا، فإن آمنت المشركة، جاز نكاحها، ولا يقال عما سبق من حكمٍ بأنه منسوخ،. فلو قالها شخص فهو غبي،. بكل وضوح،.

ــ قال ٱلله،. ﴿وَأَتِمُّوا۟ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلهِ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡي وَلَا تَحۡلِقُوا۟ رُءُوسَكُمۡ *((حَتَّىٰ))* یَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡیُ مَحِلَّهُ،..﴾ [البقرة 196]،.

فلا يحل الحاج حتى يبلغ محل الهدي فيصير الذبح حلالاً،. فهل يقال بعدها بأن حجه منسوخ؟!،. هذه سفاهة،.

ــ ومثلها في قول الله،. ﴿وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ ((وَٱصۡبِرۡ حَتَّىٰ یَحۡكُمَ ٱللهُ)) وَهُوَ خَیۡرُ ٱلۡحَاكِمِینَ﴾ [يونس 109]،.

فعلّق الله الصبر لحين يحكم الله بأمرٍ غيره،. فالأمر بالصبر كان مؤقتاً من أصله، من أساسه هو معلّق،. فلأجل ذلك لا يقال أنه نسخٌ ولا يُعتبر تعارضاً،. ولكن يحق لك القول بالتعارض لو كان الأمر مطلقاً ليس معلقاً،.

ــ وكقول الله،. ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّاجِدِینَ ۝ *((وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ یَأۡتِیَكَ ٱلۡیَقِینُ))﴾* [الحجر 98 - 99]،.

فعلّق التسبيح والسجود والعبادة،. إلى حين يأتي اليقين،. ولا يقول عاقل، بأن اليقين إذا أتى، فقد نُسخت العبادة!!،.

أما قوله ﴿حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ ((بِأَمۡرِهِ))﴾،. ما هو أمره؟!،. هذا هو أمره،. قال ٱلله،. ﴿قَاتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ وَلَا بِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ وَلَا یُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا یَدِینُونَ دِینَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَابَ حَتَّىٰ یُعۡطُوا۟ ٱلۡجِزۡیَةَ عَن یَدࣲ وَهُمۡ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة 29]،.

ومجدداً،. الآية تخص الذين أوتوا الكتاب،. ولا تتكلم عن المشركين،. وهذا هو أمر الله الذي علقه في سورة البقرة،. ﴿..فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ...﴾ [البقرة 109]،.

ــــــــــ هذا القسم خاص بالسلفية،.

قال ابن الجوزي عند آية،. ﴿وَدَّ كَثِیرࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَابِ لَوۡ یَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِیمَانِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدࣰا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّ فَٱعۡفُوا۟ وَٱصۡفَحُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ إِنَّ ٱللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [البقرة 109]،.

قال ابن الجوزي،. "ﻭاﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻜﻼﻡ ﺩﻭﻥ اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ ﻓﻴﻪ، ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻤﻨﺴﻮﺧﺔ، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻏﺎﻳﺔ، ﻭﺑﻴّﻦ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﴿حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ﴾ [اﻟﺒﻘﺮﺓ 109] ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ، ﻭﻣﺎ [كان] ﻫﺬا ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻧﺎﺳﺨﺎ للآخر، ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ اﻷﻭﻝ ﻗﺪ اﻧﻘﻀﺖ ﻣﺪﺗﻪ ﺑﻐﺎﻳﺘﻪ، ﻭاﻵﺧﺮ ﻣﺤﺘﺎﺟﺎً ﺇﻟﻰ ﺣﻜﻢ ﺁﺧﺮ، ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ قلته ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﻭﻫﻮ اﻟﺼﺤﻴﺢ" [نواسخ ٱلۡقُرآن 40]،.

فلا نسخ في الموضوع،. وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ،.

رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.

بڪيبــورد، محسن الغــيثي،.


ليست هناك تعليقات: