جريمة النسخ في القرآن،. [20]،. آية النجوى،. ✅،.
محاور هذا الجزء،.
ــ أهمية هذه الآية بالتحديد،.
ــ دعوى الفارق الزمني بين الآيتين،.
ــ لمن كانت الصدقة بالضبط؟!،.
ــ متشابهات في نفس السورة،.
ــ غفلة الشيوخ عن الأسلوب ٱلۡقُرآني،.
ــ حال الصحابة مع آية النجوى،.
ــ الآية لم تُنسخ،.
ــ ويمكرون، ويمكر الله،. والله خير الماكرين،.
بحمد الله نبدأ ونقول،. هذه من أهم الآيات في الرد على الطاعنين في الصحابة، وأن بينهم منافقون لا يعلمهم النبي ﷺ،. فأزالها المجرمون السَّفلة،. واعطوا للملاحدة ((والمنقلبين على أعقابهم)) خناجر مسمومة على طبقٍ من ذهب، للطعن في ٱلۡقُرآن والطعن في صحابة النبي ﷺ،. والتشكيك بما بلّغوه عن النبي ﷺ،. فحَسْبُنَا اللّٰه وَنِعْمَ الْوَكِيْل،.
الآية المنسوخة عند المجرمين،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا نَاجَیۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدي نَجۡوَاكُمۡ صَدَقَةࣰ ذَلِكَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُ فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾ [المجادلة 12]،.
أما الآية الناسخة [هي التي بعدها مباشرةً]،. ﴿ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَي نَجۡوَاكُمۡ صَدَقَاتࣲ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَتَابَ ٱللهُ عَلَیۡكُمۡ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِیعُوا۟ ٱللهَ وَرَسُولَهُ وَٱللهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [المجادلة 13]،.
قال المجرمون أن الآية الأولى منسوخة بالآية الثانية،. رغم أن من شروطهم أن تكون الآية الناسخة متراخيةً في النزول، ولكن هذه الآية الناسخة متصلة بالمنسوخة، والفرق بينهما لا يتعدى الثانية الواحدة،. فلم يتحقق فيها شرط التأخر والتراخي الذي يقتضي منه العمل بالأمر الأول بُرهةً من الزمن، ثم يأتي ما ينهيها ويلغيها ويفسدها،. فلو كانت الآية الثانية ناسخة وملغية للأولى، لاقتضى أن يكون بينهما برهة من الزمن ليُعمل بالأولى، ثم يزيل الله حكمه القديم بآية جديدة،. وهذا ما لم يحصل،. ولا يمكن وصف الآية الأولى بالقديمة وهي ملتصقة بالناسخة،.
وأي ادعاء بأن الآيتين نزلتا في أوقاتٍ مختلفة، يلزمه دليلٌ وبرهان، وهذا متعذّر ومحال [وقد فصلنا في هذا بإسهاب وتفصيل أعمق في الجزء (2) في التأصيل، والجزء (19) عند آية تربص الأرملة، راجعهما للضرورة]،. هذا الزعم كله محض افتراء من مِسوَط [ومن لا يعرف مسوَط فليراجع إيمانه، أقصد فليراجع تفسير الطبري والقرطبي وليتعرف على إبن إبليس الذي يلقي الأخبار في أفواه الناس فيقولون بها ولا يعلمون بها أصلاً]،. وليس من ذلك شيءٌ عن النّبي ﷺ،. وما يُروى عن علي بن أبي طالب، كذبٌ وبهتان، ولا يصلح للاحتجاج، وسنأتي على تخريج سند الرواية وبيان بطلانها في نهاية الرد إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
وهذا [الاسلوب الوسخ في النسخ] بصراحة، يدل على تفاهة النُساخ والمشتغلين بهذه الصنعة، حيث أنهم ينسخون آية بآية تجاورها، وكلاهما في سياقٍ واحد متّصل،. لا يفصل بينهما وقت [كما ذكرنا ردنا على نسخ آية المصابرة، وآية الصيام]،. وليس عندهم ما يدل أنهما منفصلتان، أو أنهما قد نزلتا في أوقات متفاوتة، وأن النّبي ﷺ هو الذي جعلهما بجوار بعضهما متعمداً ليختبر السّلفية ولكنهم وسُبْحَانَ اللّٰه، نجحوا وكشفوا الخطة وعرفوا أنها ناسخة ومنسوخة،. دون أن يخبرهم النّبي ﷺ،.
ولا توجد أدلة على تفاوت زمن النزول، إلا رواية في التفسير،. (وهذه من الملاحظات المضحكة، أن جل الروايات التي يعتمدون عليها لتبرير المناسيخ وحياكة القصص الخرافية حولها لتثبيت دعائمها، معدومة من كتب السنن والأمهات، وبالأخص الصحيحين، ولا تجدها إلا في التفاسير التي تروي الأباطيل والمنكرات وكلها ليست عن النبي ﷺ)،. فتجد عند الطبري الشيعي مثلاً، رواية سندها فاسد، ينسبها لـقتادة بن دعامة التابعي المدلس،. يقولها من نفسه [جدعنة]، دون أن ينمّيها ويرفعها لأحد من الصحابة أو النبي ﷺ، أن الآية الأولى بقيت ساعةً من نهار،. ثم نُسخت بالآية الثانية،. [ودي أقول له: أحلف بس؟!]،.
⁕ قال ابن جرير الطبري [وهو شيعي متروك، ليس بثقة في الحديث، ضعفه الدارقطني وقال : تكلموا فيه بأنواع ❌] حدثنا ابن عبد الأعلى [ثقة]، قال: ثنا ابن ثور [هو ابن ثور الصنعاني، ثقة]، عن معمر [هو ابن راشد، ضعيف في غير الزهري ❌]، عن قتادة [مدلس مشهور، ولم يسنده لأحد ❌]،. ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: إنها منسوخة، ما كانت إلا ساعة من نهار. [منقطعٌ معلول مُّعل ❌]،.
فهذا سند هالك، معلول موقوف، يرويه شيعي،. ولا يوجد دليل البتة على الفارق الزمني بين الآيتين ليقال أنه قد عُمل بالأولى فترةً،. وفي نهاية المقال تحقيق في جميع الروايات التي أُلصقت بالآية،. وكلها هالكة تالفة منكرة،. ولم يأت بها سوى المفسرين، لم يأت بها البخاري ولا مسلم، ولا أصحاب السنن والمسانيد أبداً،.
ــــ الحق أن الله يبتلي ويفتن الناس بعد أن قالوا آمنا، فيقيم حجته عليهم إن كانوا آمنوا بكل ما أنزل الله، فجعلهما بجوار بعضهما، لينظر من سيؤمن بكل ما أنزل، ومن سيتهم القرآن بالحذف والإزالة والرفع والإلغاء والكنسليشن،. وقد سقط فيها النُساخ بالفعل فقالوا : واضحة، أن الله تراجع عن قوله،. تعالى الله عما يصفون،.
ــــــــــــــــــــ رد البهتان،.
الآية الأولى التي تأمر بالصدقة ليست منسوخة،. ولم ينسخها شيءٌ، وبقي العمل بها كما هي حتى مات النّبي ﷺ فانقطع العمل بها لموت النّبي ﷺ، لأن هذا العمل كان متعلقاً بمناجاته هو عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،. فكل من أراد مناجاة النّبي ﷺ في حياته، كان عليه أن يقدم بين يدي نجواه صدقة ¹، ثم يناجيه، وعلى هذا بقي الأمر حتى مات النّبي ﷺ،. لم تُرفع ولم تُبطل،. وبعد موت النّبي ﷺ، لا أحد يستطيع مناجاة النّبي ﷺ اليوم حتى يقدم بين يدي نجواه صدقة،. كونه مات ولحق بربه عَلَيْه اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم،.
وحتى يستقيم الفهم في كل مسألة من مسائل الدين، يجب أن يُجمع معها جميع أدلتها في الباب،. فمن باب تجميع وضم الأدلة لبعضها،. سنأتي على بقية الآيات التي تكلمت عن المناجاة، والآيات التي تكلمت عن الصدقة، حتى نستوعب الآية فهماً وفِقهاً دون تقصير،. وهكذا يُفهم الكتاب، وليس الفهم بأن تأخذ من الكتاب آية، فتُخرجها وتضعها في معمل التفسير، وتحاول تفسيرها لوحدها،.. بل عليك إرجاعها لمكانها، والنظر في سياقها، والنظر في شبيهاتها، واحتواء الدين والكتاب كله لفهمها،. لا أن تضرب الكتاب ببعضه،.
أمر اْلله بالصدقة عند مناجاة النّبي ﷺ،. وبطبيعة كل أحكام الله، التكلفة فيها على المستطيع القادر الذي يسعه الأمر [هذا المكلف]،. والله يعلم أن الناس درجات في الاستطاعة والسعة،. والذي لا يسعه فعل ما كلفه الله به، فلا شيء عليه،. قال اْلله،. *﴿((لَا یُكَلِّفُ ٱللهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَیۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡ))* رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَا رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَا رَبَّنَا *((وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ))* وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤ أَنتَ مَوۡلَانَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَافِرِینَ﴾ [البقرة 286]،.
فالصدقة كانت على من يطيقها، إن أراد مناجاة النّبي ﷺ،. أما الذي لا يجد ولا يستطيع، فلا شيء عليه،. قال اْلله في نفس آية المناجاة،. *﴿..((فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟))* فَإِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾ [المجادلة 12]،. وقال الله في النفقة خصوصاً،. *﴿((فَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ))* وَٱسۡمَعُوا۟ وَأَطِیعُوا۟ وَأَنفِقُوا۟ خَیۡرࣰا لِّأَنفُسِكُمۡ وَمَن یُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [التغابن 16]،.
فالصدقة خيار من الخيارات، عليك أن تفعلها، فإن لم تجد فتنتقل للتي بعد الصدقة،. كلٌ حسب استطاعته،.
¹ والصدقة المذكورة في آية النجوى ليست للنبي ﷺ ليتمولها لنفسه كما ظنها كل قارئ للآية أول وهلة،. إنما كان عليهم أن يتصدقوا،. وليست ليستفيد النبي ﷺ منها،. ولا ينبغي فهم الآية أن شرط مناجاة النبي ﷺ، أن تدفع له مسبقاً كتذكرة دخول!،. فالنبي ﷺ لا يسأل الناس الأجر والمال،.
ــ قال اْلله،. ﴿وَمَاۤ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوۡ حَرَصۡتَ بِمُؤۡمِنِینَ ((وَمَا تَسۡـَٔلُهُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ)) إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرࣱ لِّلۡعَالَمِینَ﴾ [يوسف 103 - 104]،.
ــ وقال،. ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا ((قُلۡ مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ)) إِلَّا مَن شَاۤءَ أَن یَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِیلࣰا﴾ [الفرقان 56 - 57]،.
ــ وقال،. ﴿قُلۡ ((مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرࣲ فَهُوَ لَكُمۡ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللهِ)) وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءࣲ شَهِیدࣱ﴾ [سبأ 47]،.
ــ وقال،. ﴿قُلۡ ((مَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرࣲ)) وَمَاۤ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُتَكَلِّفِینَ﴾ [ص 86]،.
ــ وقال اْلله،. ﴿إِنَّمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱ، وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ یُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ ((وَلَا یَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَالَكُمۡ إِن یَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَیُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُوا۟ وَیُخۡرِجۡ أَضۡغَانَكُمۡ هَـأَنتُمۡ هَـؤُلَاۤءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ فَمِنكُم مَّن یَبۡخَلُ))، وَمَن یَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا یَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِ، وَٱللهُ ٱلۡغَنِيّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَالَكُم﴾ [محمد 36 - 38]،. وهذه الآية منسوخة عند الشباب،. وسيكون الرد عليها مُفصَّلاً في الجزء [23] إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
الصدقة ليست للنبي ﷺ،. فلمن؟!،. وما المقصود فيها؟!،.
الصدقة المذكورة في آية النجوى، ليست دفع مالٍ للنبي ﷺ ليتمول منها،. إنما المقصود بها أن تتصدق بصدقتك عموماً، ثم تأتي لتناجي النبي ﷺ بعد الصدقة،. فلا مناجاة إلا للمتصدق، أو الذي عُرف بين الناس أنه يتصدق ولا يبخل بماله،. حتى الآية التي في ((سورة التوبة)) كذلك، التي فيها أن النبي ﷺ يأخذ الصدقات،. قال ٱلله،. ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَالِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡ وَٱللهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللهَ هُوَ یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِ ((وَیَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ)) وَأَنَّ ٱللهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [التوبة 103 - 105]،.
فالصدقات يأخذها النبي ﷺ منهم، ويأخذها الله،. ولكن لم تكن الصدقات ليدخرها النبي ﷺ لنفسه،. ولن يتمولها لنفسه،. إنما هي للذين ذكرهم الله في نفس السورة،. في ((سورة التوبة)) التي تكلمت عن المنافقين،. قال ٱلله،. ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلۡفُقَرَاۤءِ وَٱلۡمَسَاكِینِ وَٱلۡعَامِلِینَ عَلَیۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَارِمِینَ وَفِي سَبِیلِ ٱللهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللهِ وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ﴾ [التوبة 60]،.
وتنبه أن الصدقة استبانت أكثر بآيات ((سورة التوبة))،. تذكَّر هذا الأمر لأننا سنعود لسورة التوبة ونرى كيف كانت شارحة ومفسرة ومبينة لقضية النجوى بكل تفاصيلها،.
العبرة في آية النجوى كلها (كانت في هذه الصدقة)،. ففهمُها بالشكل الصحيح يؤدي لفهم بقية الآية بشكل مستقيم، ومن أساء فهم هذه الصدقة وظن أنها تُعطى للنبي ﷺ، فلن يفهم شيئاً وسيقول منسوخة،. لأنه لم يفهم هذه الصدقة،.
هذه الصدقة هي محور الكلام كله،. وهي المحك والأساس الذي بُني عليه الأمر كله، لأنها هي التي فرَّقت الناس وبيَّنت الصادق من المنافق للنبي ﷺ،. والنبي ﷺ بهذه الصدقة عرف المنافقين الذين لم يكن يعرفهم من قبل،. وسنتكلم عن هذه الصدقة بتفصيل أكثر وأعمق في هذا الرد إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،. ولكن قبل الكلام عن الصدقة، نشير لبعض الأمور المهمة في آية النجوى،.
ــــــــــ مقارنة النجوى بالظهار،.
في بداية السورة نفسها التي فيها آية النجوى، تجد مثل هذه الخيارات [الرُخَص] في مسألة الظّهار،. ومن قرأها لم يفهم منها أبداً أنها ناسخة ومنسوخة،. بل هي خياراتٌ على من وجد وعلى من لم يجد، قال اْلله،. ﴿وَٱلَّذِینَ یُظَاهِرُونَ مِن نِّسَاۤئهِمۡ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا قَالُوا۟ [فَتَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ] مِّن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّا ذَلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِ وَٱللهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ *((فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ))* فَـ[ـصِیَامُ شَهۡرَیۡنِ مُتَتَابِعَیۡنِ] مِن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّا *((فَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ))* فَــ[ـإِطۡعَامُ سِتِّینَ مِسۡكِینࣰا] ذَلِكَ لِتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللهِ وَلِلۡكَافِرِینَ عَذَابٌ أَلِیمٌ﴾ [المجادلة 3 - 4]،.
فمَن ظَاهر امرأته، ثم أراد أن يعود إليها،. فعليه أولاً،. ﴿تَحۡرِیرُ رَقَبَةࣲ﴾،. ولكن بحكم أن ليس لكل أحدٍ رقبة [إماء وعبيد] ليحررها،. فينتقل للخيار التالي،. الذي هو،. ﴿صِیَامُ شَهۡرَیۡنِ مُتَتَابِعَیۡنِ﴾،. فإن تعسر عليه هذا الأمر كذلك،. فــ ينتقل للخيار الثالث،. الذي هو،. ﴿فَإِطۡعَامُ سِتِّینَ مِسۡكِینࣰا﴾!،.
والغبي الأحمق، هو من ظن بأن مثل هذه الخيارات والرخص تسمى نسخاً،. هذه ليست بنسخٍ ولا إلغاء،. *((هذه الخيارات رُخصٌ))،.* هي حسب استطاعة الناس عليها، ويبقى الأصل كما هو على المستطيع القادر [فالأصل لم يُزل ولم يُرفع]، ولكن من لم يجد ولم يستطع، فعليه كذا وكذا من الكفارات دون الكفارة الأولى،. أما الأصل [الأول]، فــ((ــلم يُرفع حكمه ولم يُلغَ))،. مَثل ذلك قول الله،. ﴿وَمَن *((لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ))* طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَاتِ ٱلۡمُؤۡمِنَاتِ *((فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیمانُكُم مِّن فَتَیَاتِكُمُ))* ٱلۡمُؤۡمِنَاتِ...﴾ [النساء 25]،.
ومثل ذلك حين ينهى النّبي ﷺ الناس كلهم عن أمرٍ، ثم يرخّص فيه لـ((ـمن لا يجد))، السلفية يسمونه تراجعاً، وهو ليس بتراجع، ولا إبطال للأمر الأول ولا نسخٌ له،. إنما هي رخصةٌ لفئة لا تجد، أو لا تقدر،.
ــ ﻋﻦ ﺣﻤﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ ﴿ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻫﻠﻜﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ. ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﺃﻫﻠﻜﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻰ اﻣﺮﺃﺗﻲ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ. ﻗﺎﻝ: ((ﻫﻞ ﺗﺠﺪ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻖ ﺭﻗﺒﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ)). ﻗﺎﻝ: ((ﻓﻬﻞ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﻡ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ.)) ﻗﺎﻝ: ((ﻓﻬﻞ ﺗﺠﺪ ﻣﺎ ﺗﻄﻌﻢ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﺴﻜﻴﻨﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻻ))، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺟﻠﺲ، ﻓﺄﺗﻲ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻌﺮﻕ ﻓﻴﻪ ﺗﻤﺮ. ﻓﻘﺎﻝ: ﺗﺼﺪﻕ ﺑﻬﺬا، ﻗﺎﻝ: ﺃﻓﻘﺮ ﻣﻨﺎ؟ ﻓﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻻﺑﺘﻴﻬﺎ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﺎ. ﻓﻀﺤﻚ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺕ ﺃﻧﻴﺎﺑﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: اﺫﻫﺐ ﻓﺄﻃﻌﻤﻪ ﺃﻫﻠﻚ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ، ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ؛ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﴿ﺟﺎء ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻓﻘﺎﻝ: اﺣﺘﺮﻗﺖ. ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ : ﻟﻢ؟ ﻗﺎﻝ: ﻭﻃﺌﺖ اﻣﺮﺃﺗﻲ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻧﻬﺎﺭا. ﻗﺎﻝ: ﺗﺼﺪﻕ، ﺗﺼﺪﻕ، ﻗﺎﻝ: ((ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺷﻲء. ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺲ))، ﻓﺠﺎءﻩ ﻋﺮﻗﺎﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻡ، ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﺪﻕ ﺑﻪ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ولا أحد من النُساخ قال في هذا الحديث، أن صيام الشهرين على من وطئ زوجه في نهار رمضان، حكم منسوخ!،. أو أن إطعام ستين مسكيناً، حكمٌ منسوخ، وأن ناسخه هو أن يتصدق على أهل بيته مثلاً!!،. بل هو حكمٌ باقٍ على المستطيع القادر،. وكلٌ حسب طاقته واستطاعه،. كذلك آية النجوى،. ولا يقول بعكس ذلك إلا سكران قد أكثر من شرب الديزل والمحروقات،.
وهذا الأمر [الترخّص] تجده في عدة مسائل، جعلوها أمثلةً على الناسخ والمنسوخ،. فمثلاً في عدد ركعات الصلاة، كانت ركعتين ثم زيدت في الحضر وأقرت في السفر، فقالوا منسوخة،. وكيف تكون منسوخة ونحن نصليها إلى اليوم؟!،. بل هذه رخصة، وليست نسخاً،. فالنسخ يلغي الحكم الأول، وهذا لم يلغيه،. كذلك الأمر في النجوى،. الحكم التالي لم يلغي الحكم الأول،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻴﺎﺽ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﺹ، ﻗﺎﻝ ﴿ﻟﻤﺎ ﻧﻬﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻋﻦ اﻷﻭﻋﻴﺔ، ﻗﻴﻞ: *((ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺠﺪ ﺳﻘﺎء؟ ﻓﺮﺧﺺ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺰﻓﺖ))﴾*. ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
لا يصلح تسمية مثل هذه الخيارات والرُخص أنها نَسخ،. حيث أن النسخ *((يُبطل العمل بالحكم الأول))* أما هذه الرخص فلا تُبطل الحكم الأول حين تتوفر القدرة عليه، أو تتوفر سعة التكلفة فيه،. ومثل ذلك الصدقة عند مناجاة النّبي ﷺ،. هي على من يقدر عليها من الصحابة في عهد النبي ﷺ،. وسنوضح كيف تعامل الصحابة بآية النجوى،. ولكن قبل الدخول في تعامل الصحابة، نشير للسبب الذي جعل النُساخ وضعفاء اللسان العربي، والذين أبعدهم الله عن كتابه، يقولون بالنسخ فيها،.
ــــــــــــــ الأسلوب القرآني، وغفلةُ الشيوخ عنه،.
السبب الذي دفع السفهاء للنسخ هو قول الله،. ﴿أأَشْفَقْتُم؟﴾،. استنكاراً بعد أن أمرهم الله بالصدقة بين يدي النجوى،. ففهم النُساخ من هذه الكلمة أن الصحابة امتنعوا عن الصدقة حين أمرهم الله، وأن الصحابة رفضوا أمر الله، وأبوا الانصياع له والتسليم، ولم يقولوا سمعنا وأطعنا، بل فعلوا مثل اليهود سمعوا وعصوا ربهم، فخفف الله عنهم، وألغى الحكم الأول الذي رفضوه لأمرٍ غيره،. وهذا فهمٌ جائر قاصر، وجهلٌ في اللسان، وجهلٌ في أسلوب ٱلۡقُرآن،. فأمثال هذا الاستنكار (الذي يأتي بعد الأمر) كثيرة في ٱلۡقُرآن،. ولا أحد يقول بأن الأوامر قبلها صارت منسوخة،. خذ مثلاً،. بل أمثلة كثيرة،. لتبصر وتتعلم كيف يتكلم اللّٰه،.
1 ــ قال اْلله،. *﴿((فَكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللهِ عَلَیۡهِ))* إِن كُنتُم بِآیَاتِه مُؤۡمِنِینَ *((وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُوا۟ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللهِ عَلَیۡهِ))* وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَیۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَیۡهِ وَإِنَّ كَثِیرࣰا لَّیُضِلُّونَ بِأَهۡوَاۤئهِم بِغَیۡرِ عِلۡمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِینَ﴾ [الأنعام 118 - 119]،.
مثل هذه الآية،. أمر الله بالأكل مما ذكر اسمه عليه، ثم في الآية التي تليها مباشرةً، استنكر على من لم يأتمر بأمره،. فهل قال أحدٌ من النُساخ بأن فيها ناسخ ومنسوخ؟!،. لا،. وهي نفس الأمر في آية النجوى بالضبط،. ففي آية النجوى استنكار بعد أمر،.
2 ــ وهذا مثال آخر كذلك،. قال اْلله،. ﴿وَإِن نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَانَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُوا۟ فِي دِینِكُمۡ *((فَقَاتِلُوۤا۟ أَئمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَاۤ أَیۡمَانَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَنتَهُونَ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوۡمࣰا نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَانَهُمۡ وَهَمُّوا۟ بِإِخۡرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخۡشَوۡنَهُمۡ؟))* فَٱللهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَوۡهُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [التوبة 12 - 13]،.
ولم يزعم أحد من النُساخ أن هذا الأمر [قتال أئمة الكفر] منسوخ،. رغم أن الله استنكر على من خالف أمره بعدها مباشرةً،. وكذلك آية النجوى،. وهذا من أسلوب ٱلۡقُرآن ترغيباً لاتباع الأوامر،. وليس نسخاً للأمر الأول،. بل فيه تثبيت له،. وليس حذفاً له،.
3 ــ أمر الله بالجهاد في آيات كثيرة، منها،. ﴿ٱنفِرُوا۟ خِفَافࣰا وَثِقَالࣰا وَجَاهِدُوا۟ بِأَمۡوَالِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ ذَلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة 41]،.
فتثاقل الناس عن الجهاد،. فقال اْلله مستنكراً،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ *((مَا لَكُمۡ إِذَا قِیلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ أَرَضِیتُم بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مِنَ ٱلۡآخِرَةِ))* فَمَا مَتَاعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فِي ٱلۡآخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ﴾ [التوبة 38]،.
فهل صار الجهاد منسوخاً؟!،. لا،. إنما هذا الاستنكار من أسلوب ٱلۡقُرآن،. وهو ترغيبٌ من الله لاتباع الأمر،. وأمثال ذلك كثيرة في ٱلۡقُرآن،. ولم يقل أحد من المناسيخ أنها منسوخة،. ولكن عند آية النجوى كل المناسيخ المخانيس¹ قالوا : منسوخة،.
ــــــــــــــــــ
¹ المخانيس، جمع مُخَنَّس هو نفسه الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس [هبدة إكسبرس 😌]،.
4 ــ مثالٌ غيره،. قال اْلله،. ﴿((فَلۡیُقَاتِلۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ ٱلَّذِینَ یَشۡرُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا بِٱلۡآخِرَةِ)) وَمَن یُقَاتِلۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ فَیُقۡتَلۡ أَوۡ یَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا ((وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِیلِ ٱللهِ)) وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاۤءِ وَٱلۡوِلۡدَانِ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَذِهِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِیࣰّا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِیرًا﴾ [النساء 74 - 75]،.
كل ذلك ليس فيه نسخ ولا تغيير ولا إلغاء،. فلماذا فهمتم من آية النجوى أنه إلغاء وتغيير؟!،. أيها المخانيس؟!،.
5 ــ مثال غيره، قال اْلله،. *﴿((وَلَا یَأۡتَلِ أُو۟لُوا۟ ٱلۡفَضۡلِ مِنكُمۡ وَٱلسَّعَةِ أَن یُؤۡتُوۤا۟ أُو۟لِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡمَسَاكِینَ وَٱلۡمُهَاجِرِینَ فِي سَبِیلِ ٱللهِ وَلۡیَعۡفُوا۟ وَلۡیَصۡفَحُوۤا۟، أَلَا تُحِبُّونَ أَن یَغۡفِرَ ٱللهُ لَكُمۡ))* وَٱللهُ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾ [النور 22]،.
6 ــ ومثالٌ غيره،. أمر الله بنصرة النّبي ﷺ في مواضع كثيرة،. وفي نفس الوقت قال،. *﴿((إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللهُ))* إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ثَانِيَ ٱثۡنَیۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ یَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللهُ سَكِینَتَهُ عَلَیۡهِ وَأَیَّدَهُ بِجُنُودࣲ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفۡلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللهِ هِيَ ٱلۡعُلۡیَا وَٱللهُ عَزِیزٌ حَكِیمٌ﴾ [التوبة 40]،.
فهل يقال بأن نصرة النّبي ﷺ منسوخة لأن الله قال،. ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ﴾؟!،. لا بالتأكيد،. ولكن هذا هو أسلوب ٱلۡقُرآن،.
7 ــ وهذا مثال آخر،. قال اْلله،. *﴿((ءَامِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ))* وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَأَنفَقُوا۟ لَهُمۡ أَجۡرࣱ كَبِیرࣱ *((وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ وَٱلرَّسُولُ یَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُوا۟ بِرَبِّكُمۡ))* وَقَدۡ أَخَذَ مِیثَاقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [الحديد 7 - 8]،.
لم يزعم أحدٌ أن الإيمان بالله ورسوله ﷺ فيه نسخ،. يأمر الله بأمرٍ، ثم يعقبه باستنكار على من لا يأتمر بالأمر الأول،. ولا نسخ فيها مطلقاً،.
8 ــ وهذا مثال آخر من نفس الآية،. فيه الأمر بالانفاق،. ((وهي شبيهة جداً بآية النجوى))،. قال اْلله فيها،. *﴿((ءَامِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِ))* فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَأَنفَقُوا۟ لَهُمۡ أَجۡرࣱ كَبِیرࣱ وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ وَٱلرَّسُولُ یَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُوا۟ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِیثَاقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ هُوَ ٱلَّذِي یُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِه ءَایَاتِۭ بَیِّنَاتࣲ لِّیُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللهَ بِكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ *((وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ))* وَلِلهِ مِیرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَا یَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَاتَلَ أُو۟لئكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَاتَلُوا۟ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللهُ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَٱللهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ مَّن ذَا ٱلَّذِي یُقۡرِضُ ٱللهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ﴾ [الحديد 7 - 11]،.
ولم يزعم أحدٌ أن (الانفاق) فيه نسخ،. وهي شبيهة بالتمام مع آية النجوى التي زُعم وادعيَ فيها النسخ،.
أقول : هذا أسلوب القرآن،. الله يأمر بأمرٍ ما، ثم يستنكر على من يستغرب أمره،. وهذا لا يعني أبداً أنه غيّر قوله الأول،. ولو دققت النظر في الأمثلة السابقة،. ستجد أن الاستنكار يقع بعد الأمر،. ترغيباً وحثاً على اتباع الأمر نفسه،.
9 ــ هذا الاسلوب في الاستنكار، لم يكن في ٱلۡقُرآن فحسب،. بل هو مما استخدمه النبي ﷺ كذلك،. فمثل هذا الاستنكار [الذي في آية النجوى]،. حصل عند النبي ﷺ نفسه،. استخدم هذا الاسلوب في الانكار على من لم يتقبّل أمره،.
ــ ﻋﻦ ﻣﻄﺮﻑ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﻐﻔﻞ رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ، ﻗﺎﻝ،. ﴿أمر ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ((ﺑﻘﺘﻞ اﻟﻜﻼﺏ،. ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻬﻢ ﻭﺑﺎﻝ اﻟﻜﻼﺏ؟!))،. ﻗﺎﻝ ﻭﺭﺧﺺ ﻓﻲ ﻛﻠﺐ اﻟﺼﻴﺪ ﻭﻛﻠﺐ اﻟﻐﻨﻢ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
فقوله ﴿ما بالهم وبال الكلاب﴾،. استنكار على من رفض أمره بقتل الكلاب،. وللأسف الشديد،. هذا الحديث نسخه الخُنُوس¹،. والرد على نسخهم سيأتي إِنْ شٰاْءَ اللّٰه في فصل [النسخ في الأحاديث، الجزء 26]،. لنبين بالأدلة الواضحة، أن كلام النبي ﷺ لم يُنسخ ولم يتراجع عنه، بل نفّذ وأمضى أمره وأرسلهم لقتل الكلاب،.
الآن ارجع لآية النجوى واقرأها من جديد، ستجدها مثيلة وشبيهة بجميع هذه الآيات،. وهذا من أسلوب ٱلۡقُرآن،. ولكن المخانيس¹ غفلوا عنه،. فاتهموه بالنسخ ظلماً وجهالة،.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(¹) شرحتها أعلاه 😌 ثم وجدت لها تأييداً من المعجم الوسيط، أن المُخَنَّس هو نفسه الخنَّاس الذي يوسوس في صدور الناس [فليست هبدة 🙂]،. بل استحق النُساخ اسم المخانيس،. لأنهم شياطين اعتدوا على الكتاب، وأفسدوا دين المسلمين بهذه الشبهات التي ليست عن النبي ﷺ،. فهم خُنوسٌ مُخَنَّسون بجدارة،. ونحن هنا لصد هذا الخَنس،. 😏،.
ــــــــــــــــــــــ حال الصحابة مع النجوى،. وكيف تعاملوا مع أمر اللّٰه،.
أما عن حال الصحابة،. فالصحابة يُقسَّمون قسمان لا ثالث لهما،. قسمٌ غنيٌ يملك المال ويستطيع أن يتصدق، [وهم قلةٌ قليلةٌ لا تكاد تُذكر، تستطيع عدّهم على أصابع اليدين]،. فهم لا يتجاوزون العشرة أشخاص من جملة الصحابة،.
والقسم الآخر،. [هو الأكثر والأغلب والأعم منهم]،. كانوا فقراء لا يملكون المال،. [وعدد هذا القسم يفوق الــ 99% منهم]،. فكانوا هؤلاء الفقراء، لو أرادوا مناجاة النّبي ﷺ لا يتصدقون،.. ولا حرج عليهم في ذلك البتة،. لأن الله يكلف الذي يسعه ويملك ليتصدق،. ولا تقع التكلفة على الذي لا يسعه الأمر،. وهذه بعض الأحاديث التي تبين حال الصحابة في عهد النبي ﷺ،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ؛ «ﺃﻥ ﺳﺎﺋﻼ ﺳﺄﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﻋﻦ اﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ ﺛﻮﺏ ﻭاﺣﺪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﺃﻭﻟﻜﻠﻜﻢ ﺛﻮﺑﺎﻥ؟!».
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﺩﻳﻨﺎﺭ، ﻋﻦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺴﺎﻋﺪﻱ؛ «ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﺟﺎءﺗﻪ اﻣﺮﺃﺓ ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﻭﻫﺒﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻚ، ﻓﻘﺎﻣﺖ ﻗﻴﺎﻣﺎ ﻃﻮﻳﻼ، ﻓﻘﺎﻡ ﺭﺟﻞ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺯﻭﺟﻨﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻚ ﺑﻬﺎ ﺣﺎﺟﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: ﻫﻞ ﻋﻨﺪﻙ ﻣﻦ ﺷﻲء ﺗﺼﺪﻗﻬﺎ ﺇﻳﺎﻩ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ((ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺇﻻ ﺇﺯاﺭﻱ ﻫﺬا، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﺇﻥ ﺃﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﺇﺯاﺭﻙ ﺟﻠﺴﺖ ﻻ ﺇﺯاﺭ ﻟﻚ، ﻓﺎﻟﺘﻤﺲ ﺷﻴﺌﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺃﺟﺪ ﺷﻴﺌﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: اﻟﺘﻤﺲ ﻭﻟﻮ ﺧﺎﺗﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ، ﻓﺎﻟﺘﻤﺲ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎ))، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﻫﻞ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻲء؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ ﺳﻮﺭﺓ ﻛﺬا ﻭﺳﻮﺭﺓ ﻛﺬا، ﻟﺴﻮﺭ ﻳﺴﻤﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ: ﻗﺪ ﺯﻭﺟﺘﻜﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ».
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ، ﻗﺎﻝ: ﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻘﻤﺔ ﻭاﻷﺳﻮﺩ، ﻓﺤﺪﺙ ﺣﺪﻳﺜﺎً، ﻻ ﺃﺭاﻩ ﺣﺪﺛﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻲ، ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺪﺙ اﻟﻘﻮﻡ ﺳﻨﺎً، ﻗﺎﻝ ﴿((ﻛﻨﺎ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺷﺒﺎﺏ، ﻻ ﻧﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎً))، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻣﻦ اﺳﺘﻄﺎﻉ ﻣﻨﻜﻢ اﻟﺒﺎءﺓ، ﻓﻠﻴﺘﺰﻭﺝ، ﻓﺈﻧﻪ ﺃﻏﺾ ﻟﻠﺒﺼﺮ، ﻭﺃﺣﺼﻦ ﻟﻠﻔﺮﺝ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻪ ﻭﺟﺎء﴾.
ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
ــ ﻋﻦ ﺯﻫﺪﻡ ﺑﻦ ﻣﻀﺮﺏ ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ ﺣﺼﻴﻦ ﻳﺤﺪﺙ ﴿ﺇﻥ ﺧﻴﺮﻛﻢ ﻗﺮﻧﻲ، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ، ﺛﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻮﻧﻬﻢ، ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮاﻥ: ﻓﻼ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﻧﻪ، ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﺃﻭ ﺛﻼﺛﺔ، ﺛﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻗﻮﻡ ﻳﺸﻬﺪﻭﻥ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺸﻬﺪﻭﻥ، ﻭﻳﺨﻮﻧﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺆﺗﻤﻨﻮﻥ، ﻭﻳﻨﺬﺭﻭﻥ ﻭﻻ ﻳﻮﻓﻮﻥ، ((ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﻢ اﻟﺴﻤﻦ))﴾.
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
السمن هو ما نسميه اليوم بالسُمنة،. أو البدانة، (تخين، دب، بو كرشة)،. وهذه علامة على كثرة المال والطعام،.
ــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻳﺴﺎﺭ ﺃﺑﻲ اﻟﺤﺒﺎﺏ اﻟﻤﺪﻧﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺑﺎ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﻣﻦ ﻳﺮﺩ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺧﻴﺮا ﻳﺼﺐ ﻣﻨﻪ»
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ. ✅،.
اربط هذا الحديث بالذي سبقه لتدرك أن الصحابة [الذين هم خير الناس]،. أراد الله بهم خيراً، فأصاب منهم،. فلم ينالوا من الدنيا شيئاً،. لم يكونوا أغنياء،. بل كان معظمهم فقراء يريدون الآخرة، فزهدوا وتركوا الدنيا،. قال ٱلله بعد أن أهلك أغنى الأغنياء قارون،. ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡآخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِینَ لَا یُرِیدُونَ عُلُوࣰّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادࣰا وَٱلۡعَاقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ﴾ [القصص 83]،.
فمعظم الصحابة كانوا فقراء،. أما الذي يملك مالاً من الصحابة، فهذا كان يتصدق به في كل أحواله، سواءً أراد مناجاة النّبي ﷺ أم لم يرد المناجاة،. فأغنياء الصحابة كانوا يتصدقون في كل أحوالهم، حتى لو لم يشأ أحدٌ منهم مناجاة النّبي ﷺ،.
ــــــــ معظم الصحابة كانوا فقراء جداً،.
صحيح أن عثمان وأبوبكر والزبير كانوا أصحاب مال،. ولكن ليس هذا هو الأصل بالصحابة،. بل كان عامتهم وأكثرهم فقراء،. أما الأغنياء فتستطيع ذكرهم بأسمائهم وعدُّهم على أصابع اليدين لأنهم قلة قليلة،. أما عموم الصحابة ففقراء، لا يملكون،.
والأغنياء منهم، حين ابتلاهم اللّٰه بالأموال،. كانوا ينفقونها في سبيل الله فيزيدهم الله بأموال أكثر، ولم يكنزوها كما ظن الناس ولم يصرفوها على أنفسهم،. فلم نسمع عن قصور وحدائق عثمان وبنايات وبساتين أبي بكر، ولا أن الزبير اشترى يختاً أو سفينة،. لا أحد منهم تعزّز وتنعّم من الدنيا،. وكانوا يخشون هذه الأموال،. ويعرفون أنها فتنة لقول الله،. ﴿وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَاۤ *((أَمۡوَالُكُمۡ وَأَوۡلَادُكُمۡ فِتۡنَةࣱ))* وَأَنَّ ٱللهَ عِندَهُ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ﴾ [الأنفال 28]،. فلم يحرصوا عليها ولكن الدنيا أتتهم راغمة، ومعظمهم لم يغتنوا في عهد النّبي ﷺ نفسه، إنما "بعضهم" زاد ماله بعد موت النّبي ﷺ،. وهذه بعض أحوالهم وقصصهم، يتحدثون فيها عن أنفسهم،.
1 ــــ ﻋﻦ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ، ﻗﺎﻝ: ﻋﺪﻧﺎ ﺧﺒﺎﺑﺎ، ﻭﻗﺪ اﻛﺘﻮﻯ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻪ ﺳﺒﻌﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: "ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻧﻬﺎﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ، ﻟﺪﻋﻮﺕ ﺑﻪ". ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: *((ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﺃﻗﻮاﻡ، ﻟﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮا ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﺇﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﻘﻴﻨﺎ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﺣﺘﻰ ﻧﻠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ))* ﻣﺎ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺷﻲء ﻳﻀﻌﻪ، ﺇﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺏ، ﻭﺇﻥ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺆﺟﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﻨﻔﻘﻪ، ﺇﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﻔﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺮاﺏ".
- ﻭﻓﻰ ﺭﻭاﻳﺔ: "ﻋﻦ ﻗﻴﺲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺯﻡ، ﻗﺎﻝ: ﺩﺧﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺒﺎﺏ ﻧﻌﻮﺩﻩ، ﻭﻗﺪ اﻛﺘﻮﻯ ﺳﺒﻊ ﻛﻴﺎﺕ، ﻓﻘﺎﻝ: *((ﺇﻥ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻠﻔﻮا ﻣﻀﻮا ﻭﻟﻢ ﺗﻨﻘﺼﻬﻢ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺇﻧﺎ ﺃﺻﺒﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ ﻣﻮﺿﻌﺎ))* ﺇﻻ اﻟﺘﺮاﺏ، ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻧﻬﺎﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻟﺪﻋﻮﺕ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﺃﺗﻴﻨﺎﻩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻨﻲ ﺣﺎﺋﻄﺎ ﻟﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺆﺟﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﻨﻔﻘﻪ، ﺇﻻ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺮاﺏ" ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺤﻤﻴﺪﻱ، ﻭاﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺒﺰاﺭ، ﻭاﻟﺸﺎﺷﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
2 ــــ ﻋﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ؛ «ﺃﻧﻪ ﺃﺗﻲ ﺑﻄﻌﺎﻡ ـ ﻗﺎﻝ ﺷﻌﺒﺔ: ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﺎ ـ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ: ﻗﺘﻞ ﺣﻤﺰﺓ، ﻓﻠﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﻧﻜﻔﻨﻪ، ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ، ﻭﻗﺘﻞ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ، ﻭﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﻧﻜﻔﻨﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﻨﺎ ﻣﺎ ﺃﺻﺒﻨﺎ ـ ﻗﺎﻝ ﺷﻌﺒﺔ: ﺃﻭ ﻗﺎﻝ: ﺃﻋﻄﻴﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﻴﻨﺎ ـ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ: *((ﺇﻧﻲ ﻷﺧﺸﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻋﺠﻠﺖ ﻟﻨﺎ ﻃﻴﺒﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ))* - ﻗﺎﻝ ﺷﻌﺒﺔ: ﻭﺃﻇﻨﻪ ﻗﺎﻡ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﻛﻞ» (اللفظ لابن أبي شيبة) .
ـ ﻭﻓﻲ لفظ (البخاري) «ﺃﻥ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮﻑ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﺃﺗﻲ ﺑﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: *((ﻗﺘﻞ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ، ﻛﻔﻦ ﻓﻲ ﺑﺮﺩﺓ، ﺇﻥ ﻏﻄﻲ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﺪﺕ ﺭﺟﻼﻩ، ﻭﺇﻥ ﻏﻄﻲ ﺭﺟﻼﻩ ﺑﺪا ﺭﺃﺳﻪ ـ ﻭﺃﺭاﻩ ﻗﺎﻝ: ﻭﻗﺘﻞ ﺣﻤﺰﺓ، ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻲ، ﺛﻢ ﺑﺴﻂ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺑﺴﻂ، ﺃﻭ ﻗﺎﻝ: ﺃﻋﻄﻴﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﻴﻨﺎ، ﻭﻗﺪ ﺧﺸﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺣﺴﻨﺎﺗﻨﺎ ﻋﺠﻠﺖ ﻟﻨﺎ، ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻳﺒﻜﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻙ اﻟﻄﻌﺎﻡ))»* ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ. ✅،.
3 ــــ ﻋﻦ ﺛﺎﺑﺖ، ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ؛ "ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺃﺗﻰ ﺃﻡ ﺣﺮاﻡ، ﻓﺄﺗﻴﻨﺎﻩ ﺑﺘﻤﺮ ﻭﺳﻤﻦ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺭﺩﻭا ﻫﺬا ﻓﻲ ﻭﻋﺎﺋﻪ، ﻭﻫﺬا ﻓﻲ ﺳﻘﺎﺋﻪ، ﻓﺈﻧﻲ ﺻﺎﺋﻢ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ﺗﻄﻮﻋﺎ، ﻓﺄﻗﺎﻡ ﺃﻡ ﺣﺮاﻡ ﻭﺃﻡ ﺳﻠﻴﻢ ﺧﻠﻔﻨﺎ، ﻭﺃﻗﺎﻣﻨﻲ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ - ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺴﺐ ﺛﺎﺑﺖ - ﻗﺎﻝ: ﻓﺼﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﺗﻄﻮﻋﺎ، ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ، ﻓﻠﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﺻﻼﺗﻪ، ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻡ ﺳﻠﻴﻢ: ﺇﻥ ﻟﻲ ﺧﻮﻳﺼﺔ، ﺧﻮﻳﺪﻣﻚ ﺃﻧﺲ، اﺩﻉ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ، *((ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻙ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺧﻴﺮا ﻣﻦ ﺧﻴﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ اﻵﺧﺮﺓ، ﺇﻻ ﺩﻋﺎ ﻟﻲ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: اﻟﻠﻬﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﻭﻟﺪﻩ، ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ".
ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻨﻲ اﺑﻨﺘﻲ، ﺃﻧﻲ ﻗﺪ ﺩﻓﻨﺖ ﻣﻦ ﺻﻠﺒﻲ ﺑﻀﻌﺎ ﻭﺗﺴﻌﻴﻦ، ﻭﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻓﻲ اﻷﻧﺼﺎﺭ ﺭﺟﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻲ ﻣﺎﻻ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺲ: ﻳﺎ ﺛﺎﺑﺖ، ﻣﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺻﻔﺮاء ﻭﻻ ﺑﻴﻀﺎء، ﺇﻻ ﺧﺎﺗﻤﻲ))*. ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﻄﻴﺎﻟﺴﻲ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻓﻲ "اﻷﺩﺏ اﻟﻤﻔﺮﺩ"، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭاﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ. ✅،.
4 ــــ ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻤﻘﺒﺮﻱ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ؛ «ﺃﻥ اﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ، *((ﻭﺇﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﻟﺰﻡ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﺑﺸﺒﻊ ﺑﻄﻨﻲ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺁﻛﻞ اﻟﺨﻤﻴﺮ، ﻭﻻ ﺃﻟﺒﺲ اﻟﺤﺒﻴﺮ، ﻭﻻ ﻳﺨﺪﻣﻨﻲ ﻓﻼﻥ ﻭﻻ ﻓﻼﻧﺔ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻟﺼﻖ ﺑﻄﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺼﺒﺎء ﻣﻦ اﻟﺠﻮﻉ، ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻷﺳﺘﻘﺮﺉ اﻟﺮﺟﻞ اﻵﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻌﻲ، ﻛﻲ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺑﻲ ﻓﻴﻄﻌﻤﻨﻲ))*، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺧﻴﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻤﺴﻜﻴﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﻛﺎﻥ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺑﻨﺎ ﻓﻴﻄﻌﻤﻨﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﺨﺮﺝ ﺇﻟﻴﻨﺎ اﻟﻌﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻲء، ﻓﻨﺸﻘﻬﺎ ﻓﻨﻠﻌﻖ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ» ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ. ✅،.
5 ــــ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﻗﺎﻝ،. ﴿ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺛﻮﺑﺎﻥ ﻣﻤﺸﻘﺎﻥ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﻥ، ﻓﺘﻤﺨﻂ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺑﺦ، ﺑﺦ، ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻳﺘﻤﺨﻂ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﻥ، ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺘﻨﻲ ﻭﺇﻧﻲ ﻷﺧﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﻣﻨﺒﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺮﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ، ﻣﻐﺸﻴﺎ ﻋﻠﻲ، ﻓﻴﺠﻲء اﻟﺠﺎﺋﻲ ﻓﻴﻀﻊ ﺭﺟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻘﻲ، ﻭﻳﺮﻯ ﺃﻧﻲ ﻣﺠﻨﻮﻥ، ﻭﻣﺎ ﺑﻲ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﻥ، ﻣﺎ ﺑﻲ ﺇﻻ اﻟﺠﻮﻉ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ. ﻭاﻟﻠﻔﻆ ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ. ✅،.
6 ــــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺻﺎﻟﺢ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺟﺎء اﻟﻔﻘﺮاء ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ((ﺫﻫﺐ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﺛﻮﺭ ﻣﻦ اﻷﻣﻮاﻝ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺎﺕ اﻟﻌﻼ، ﻭاﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﻤﻘﻴﻢ، ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻠﻲ، ﻭﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻮﻡ، ﻭﻟﻬﻢ ﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺃﻣﻮاﻝ، ﻳﺤﺠﻮﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﻳﻌﺘﻤﺮﻭﻥ، ﻭﻳﺠﺎﻫﺪﻭﻥ، ﻭﻳﺘﺼﺪﻗﻮﻥ))، ﻗﺎﻝ: ﺃﻻ ﺃﺣﺪﺛﻜﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺇﻥ ﺃﺧﺬﺗﻢ ﺑﻪ ﺃﺩﺭﻛﺘﻢ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻜﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺪﺭﻛﻜﻢ ﺃﺣﺪ ﺑﻌﺪﻛﻢ، ﻭﻛﻨﺘﻢ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﺘﻢ ﺑﻴﻦ ﻇﻬﺮاﻧﻴﻪ، ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻣﺜﻠﻪ؟ ﺗﺴﺒﺤﻮﻥ ﻭﺗﺤﻤﺪﻭﻥ، ﻭﺗﻜﺒﺮﻭﻥ ﺧﻠﻒ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ.
ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﻨﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻀﻨﺎ: ﻧﺴﺒﺢ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ، ﻭﻧﺤﻤﺪ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ، ﻭﻧﻜﺒﺮ ﺃﺭﺑﻌﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ، ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺗﻘﻮﻝ: ﺳﺒﺤﺎﻥ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ، ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻦ ﻛﻠﻬﻦ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ. ✅،.
7 ــــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻷﺳﻮﺩ اﻟﺪﻳﻠﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺫﺭ،. ﴿ﺃﻥ ﻧﺎﺳﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ((ﺫﻫﺐ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﺛﻮﺭ ﺑﺎﻷﺟﻮﺭ، ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻠﻲ، ﻭﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻮﻡ، ﻭﻳﺘﺼﺪﻗﻮﻥ ﺑﻔﻀﻮﻝ ﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ))، ﻗﺎﻝ: ﺃﻭﻟﻴﺲ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻟﻜﻢ ﻣﺎ ﺗﺼﺪﻗﻮﻥ؟ ﺇﻥ ﺑﻜﻞ ﺗﺴﺒﻴﺤﺔ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻛﻞ ﺗﻜﺒﻴﺮﺓ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻛﻞ ﺗﺤﻤﻴﺪﺓ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻛﻞ ﺗﻬﻠﻴﻠﺔ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻧﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻨﻜﺮ ﺻﺪﻗﺔ، ﻭﻓﻲ ﺑﻀﻊ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺻﺪﻗﺔ، ﻗﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻳﺄﺗﻲ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﺷﻬﻮﺗﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺟﺮ؟ ﻗﺎﻝ: ﺃﺭﺃﻳﺘﻢ ﻟﻮ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺮاﻡ ﺃﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺯﺭ؟ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺇﺫا ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻼﻝ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺟﺮ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ "اﻷﺩﺏ اﻟﻤﻔﺮﺩ"، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ. ✅،.
فتبين من هذه الأحاديث الصحيحة، أن معظم الصحابة كانوا فقراء في عهد النبي ﷺ، وهذه هي السمة العامة للصحابة،. فالآية (آية النجوى) وكأنها لم تُلزم الصحابة بأي أمر جديد عليهم، وذلك لسببين،.
ــ (الأول)،. أن الأغنياء منهم يقدمون الصدقات في كل أحوالهم، ويسعون لبذلها، ولم يكونوا مُمسكين بُخلاء قابضي أيديهم، فلم يختلف معهم الوضع حين نزلت الآية،. فهم في المناجاة أو في غير المناجاة سواء، يتصدقون دائماً فالآية لم تقصدهم،.
ــ (والثاني)،. أن الفقراء منهم [وهم الأكثر والأعم والأغلب]، لو أراد أحدهم أن يناجي النّبي ﷺ وهو لا يملك مالاً يتصدق به، فليس عليه شيءٌ،. ويستطيع مناجاة النّبي ﷺ من غير صدقة، بشاهد الآية نفسها، قبل الاستشهاد بالآية التي تليها [التي يسمونها الناسخة]،. ففي الآية الأولى [المنسوخة نفسها]،. قال اْلله،. ﴿..فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ﴾،.
فالصحابة قسمان،. وكلا القسمين من الصحابة كان يحب التصدق والنفقة وبذل المال بل النفس في سبيل الله [الغني منهم والفقير]،. فآية النجوى لم تغير من حالهم شيئاً،. وكأنها لم تكن لهم في المقام الأول،. فهم يتصدقون في كل أحوالهم،. بنجوى أو بغير نجوى،. فالآية وكأنها ليست لهم،. ولكنها تشمل جميع الناس حينها ليستخلص الله المخلص من المرتاب، وليميز الله الخبيث من الطيب، كما قال اْلله،. ﴿لِیَمِیزَ ٱلله ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِ وَیَجۡعَلَ ٱلۡخَبِیثَ بَعۡضَهُ عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَیَرۡكُمَهُ جَمِیعࣰا فَیَجۡعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُو۟لَئكَ هُمُ ٱلۡخَاسِرُونَ﴾ [الأنفال 37]،.
ولكن كيف سيميّز الله الخبيث من الطيب؟!،. اقرأ قول الله ولاحظ سياق الآية، يذكر الله قوماً يمتنعون عن عمل ما، فيستبين للناس أمرهم، وبه يُعرفون أنهم خُبث،. ﴿مَّا كَانَ ٱللهُ *((لِیَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَىٰ مَاۤ أَنتُمۡ عَلَیۡهِ حَتَّىٰ یَمِیزَ ٱلۡخَبِیثَ مِنَ ٱلطَّیِّبِ))* وَمَا كَانَ ٱللهُ لِیُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ وَلَكِنَّ ٱللهَ یَجۡتَبي مِن رُّسُلِهِ مَن یَشَاۤءُ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِیمࣱ *((وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ یَبۡخَلُونَ بِمَاۤ ءَاتَاهُمُ ٱللهُ مِن فَضۡلِهِ هُوَ خَیۡرࣰا لَّهُم بَلۡ هُوَ شَرࣱّ لَّهُمۡ سَیُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا۟ بِهِ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ))* وَلِلهِ مِیرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱللهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [آل عمران 179 - 180]،.
الآية تكلمت بشكل واضح عن تمييز الخبيث من الطيب، بعدها ذكر قوماً بخلوا بما آتاهم الله من الفضل،. وامتنعوا عن الصدقة،. فظهر أمرهم الذي كانوا يخفونه،. فهُم المعنيّون والمقصودون في آية النجوى والصدقة،. لأن الصدقة تفضح الذي لم يؤمن، ((ولكنه تظاهر بأنه مؤمن))،.
ــــــــــــ فــــمن المعنيُّ بآية النجوى؟!،.
قال اْلله في سورة التوبة، بعد أن تكلم عن المنافقين [وتذكر هذا الأمر لأننا سنعود إليه ونركز عليه]،. ذكر الله المنافقين ثم استثنى الصحابة منهم، ثم رجع وتكلم عن المنافقين،. قال اْلله،. ﴿سَیَحۡلِفُونَ بِٱللهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡ لِتُعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡ فَأَعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡ *((إِنَّهُمۡ رِجۡسࣱ))* وَمَأۡوَاهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ یَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡا۟ عَنۡهُمۡ فَإِن تَرۡضَوۡا۟ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللهَ لَا یَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَاسِقِینَ *((ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرࣰا وَنِفَاقࣰا))* وَأَجۡدَرُ أَلَّا یَعۡلَمُوا۟ حُدُودَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن یَتَّخِذُ مَا یُنفِقُ مَغۡرَمࣰا وَیَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَاۤئرَ عَلَیۡهِمۡ دَاۤئرَةُ ٱلسَّوۡءِ وَٱللهُ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ *((وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن یُؤۡمِنُ بِٱللهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ وَیَتَّخِذُ مَا یُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلَاۤ إِنَّهَا قُرۡبَةࣱ لَّهُمۡ))* سَیُدۡخِلُهُمُ ٱللهُ فِي رَحۡمَتِهِ إِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [التوبة 95 - 99]،.
بعد أن تكلم عن جملة المنافقين، استثنى بعض الأعراب من جملة المنافقين، وكانت علامة صدقهم أنهم "ينفقون" ليتقربوا إلى الله ويصلوا النّبي ﷺ [كمناجاة الرَّسوْل ﷺ]،. قال اْلله أنها قربةٌ لهم،. والمناجاة قربة، لا يفعلها عدو،. بل تكون المناجاة من المقرّبين،.
ثم بعد ذلك استثنى الله الصحابة كلهم، فقال،. ﴿وَٱلسَّابِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَاجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَانࣲ رَّضِيَ ٱللهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّاتࣲ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَارُ خَالِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰا ذَلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [التوبة 100]،.
حين قال الله،. (السابقون الأولون)،. فهو لم يتكلم عن كل الصحابة، إنما فقط المهاجرين والأنصار منهم، وبقي من الصحابة ناس كثر، لم تشملهم هذه الجملة [السابقون الأولون]،. منهم أهل الصفة الفقراء، وبقي الذين أسلموا بعد الفتح، ومنهم الوفود التي جائت للمدينة وأسلمت [كل هؤلاء صحابة ولكنهم ليسوا من المهاجرين والأنصار]،. فقال الله بعدها،. ﴿والذين اتبعوهم بإحسان﴾،. أي الذين اتبعوا المهاجرين والأنصار،. وبهذا ضم جميع الصحابة، ورضي عنهم جميعاً ورضوا عنه،. فيكون استثنى جميع الصحابة من المنافقين،. ولم يبقى الآن إلا المنافقون،.
ثم تكلم عن المنافقين مباشرةً،. بعد أن كان السياق يتحدث عنهم في الأساس قبل أن يستثني المؤمنين،.. ((وستقرأ الآن كلاماً يفسر آية المناجاة)) أثناء الكلام عن المنافقين،.
قال ٱلله،. ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَافِقُونَ *((وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ مَرَدُوا۟ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ))* سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَیۡنِ ثُمَّ یُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِیمࣲ وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُوا۟ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُوا۟ عَمَلࣰا صَالِحࣰا وَءَاخَرَ سَیِّئًا عَسَى ٱللهُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡهِمۡ إِنَّ ٱللهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ *((خُذۡ مِنۡ أَمۡوَالِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا))* وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡ وَٱللهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللهَ هُوَ یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِ وَیَأۡخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [التوبة 101 - 105]،.
لاحظ، أن الله حين يتكلم عن المنافقين، يأمر النّبي ﷺ بأخذ الصدقة منهم ولا يخص المنافقين بالذكر [وفي ذلك حكمة بالغة]،. ولكن الملاحَظ، أن هناك ثمة رابط بين المنافقين والصدقة،. وستتضح العلاقة أكثر وأكثر إِنْ شٰاْءَ اللّٰه،.
في الآيات السابقة، قال ٱلله للنبي ﷺ أنه لا يعلم بعض المنافقين حوله،. ولكنه جعل له علامة واضحة، وآية بينة ليميزهم، وبها يعرفهم،. وهي ((الصدقة))،. فالمنافق يكتم كفره،. ويتظاهر بين الناس أنه مسلم،. ولن تعرف ما بداخله، إلا عبر آياتٍ تدل على نفاقه،. حتى أن النبي ﷺ قال مرة عن المنافق،. ﴿آية المنافق ثلاث،..﴾،. وذلك لأن المنافق يكتم نفاقه،. وستعرف نفاقه عبر علامات تُعرّفك عليه،. ومن أظهر علامات المنافق التي تفضحه وتبين نفاقه،. ((أنّه لا يتصدّق))،.
ــــــ ما العلاقة بين النفاق والصدقة [أو الإنفاق]؟،.
العلاقة قوية،. فالمنافق لا يتصدق ولا ينفق ماله،. وقد ذكر الله هذا الأمر عن المنافقين مرارا في ٱلۡقُرآن،. خاصةً في سورتي المنافقون والتوبة،. الأولى كانت باسمهم،. والأخرى كانت الفاضحة،. التي فضحتهم،. وسنعرف الآن أهم سماتهم،.
1 ــــ في سورة المنافقون، قال الله عنهم،. ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ ((لَا تُنْفِقُوا)) عَلَىٰ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّىٰ يَنْفَضُّوا وَلِلهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ ((الْمُنَافِقِينَ)) لَا يَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون 7]،. فالمنافق لا ينفق، بل ينهى عن النفقة،.
2 ــــ قال اْلله فيهم،. ﴿ٱلۡمُنَافِقُونَ وَٱلۡمُنَافِقَاتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضࣲ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ ((وَیَقۡبِضُونَ أَیۡدِیَهُمۡ)) نَسُوا۟ ٱللهَ فَنَسِیَهُمۡ إِنَّ ٱلۡمُنَافِقِینَ هُمُ ٱلۡفَاسِقُونَ﴾ [التوبة 67]،. المنافق يقبض يديه،. لا يتصدق، بخيلٌ لا ينفق،.
3 ــــ لاحظ العلاقة بين البخل والنفاق، وانظر كيف يربط الله النفاق بالبخل،. قال اْلله،. ﴿وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ ((لَنَصَّدَّقَنَّ)) وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ((فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ)) وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ ((نِفَاقًا)) فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة 75 ــ 77]،.
4 ــــ المنافق كذاب، يكذب بالله واليوم الآخر، يكذب بالدين،. قد يُجهد نفسه "كذباً" ليُظهر للناس إيمانه فيصلي ليراه الناس،. وقد يمسك عن الطعام "كذباً" في الفترة التي يراه الناس، ليتظاهر بالصيام، وقد يرافقك للجهاد "كذباً" ولكن لن يقاتل في النهاية، بل سيخذلك،. ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ..﴾ [التوبة 47]،. فقد يفعل كل هذا مُراءاةً للناس "وكذباً"، ولكن الشيء الوحيد الذي يستثقله المنافق ولن يفعله أبداً، *((هو الصدقة))،.*
ــ والصدقة صِدق، واسمها يدل على التصديق، بل هي أكبر براهين الصدق، ولأجل هذا سميَت (صدقة)،. فهي التي تثبت صدق إيمانك أو تفضحك وتعريك وتكشفك،. وهذه (الصدقة) لا يستطيع فعلها المنافق لأنه ليس بصادق، إنما هو كافر يكتم كفره بداخله ويتظاهر بخلاف ما فيه،. فكانت الصدقة علامةً لفضحه وتبيانه وكشف أمره للنّبي ﷺ وللمؤمنين،.
5 ــــ سورة التوبة [التي سماها الصحابة "الفاضحة"]،. نزلت في الأساس لتفضح المنافقين،. قال اْلله فيها،. ﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تُتۡرَكُوا۟ *((وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللهُ ٱلَّذِینَ جَاهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَلَمۡ یَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِ ٱللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَلِیجَةࣰ؟)) وَٱللهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [التوبة 16]،.
وقد أخرج البخاري بسنده عن ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ ﻻﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﺳﻮﺭﺓ اﻟﺘﻮﺑﺔ، ﻗﺎﻝ،. ﴿اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻫﻲ الفاضحة، ﻣﺎ ﺯاﻟﺖ ﺗﻨﺰﻝ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ، ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻮا ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺒﻘﻲ ﺃﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ ﺫﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ﴾،.
قال اْلله فيها،. ﴿یَحۡذَرُ ٱلۡمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَیۡهِمۡ سُورَةࣱ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمۡ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوۤا۟ *((إِنَّ ٱللهَ مُخۡرِجࣱ مَّا تَحۡذَرُونَ))﴾* [التوبة 64]،.
فسموها الصحابة سورة الفاضحة،. لأنها فضحتهم،. ولكن، هل ذكر الله فيها أسماء المنافقين؟ لا،. هل حدد أشكالهم فيها؟!،. لا، ولكنه ذكر أعمالهم وأقوالهم،. فهذه كانت علامات كافية لمعرفة المنافق من المؤمن، أعمالهم هي التي تفضحهم،.
6 ــــ كانت جل آيات سورة التوبة تتكلم عن الصدقة،. لأنها العلامة الكبرى لصدق إيمان المؤمن وفضح المنافق،. قال اْلله فيها،. ﴿ٱنفِرُوا۟ خِفَافࣰا وَثِقَالࣰا *((وَجَاهِدُوا۟ بِأَمۡوَالِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ))* ذَلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة 41]،.
7 ــــ وقال،. ﴿لَا یَسۡتَـٔۡذِنُكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ *((أَن یُجَاهِدُوا۟ بِأَمۡوَالِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ))* وَٱللهُ عَلِیمُۢ بِٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [التوبة 44]،.
8 ــــ وقال،. ﴿وَمِنۡهُم مَّن *((یَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ))* فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ﴾ [التوبة 58]،.
9 ــــ وقال،. ﴿ٱلَّذِینَ *((یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ))* وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَیَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ﴾ [التوبة 79]،.
10 ــــ المنافقون كانوا أصحاب مال، ولكنهم كانوا يبخلون بها،. قال اْلله في سورة التوبة،. ﴿وَلَا *((تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَالُهُمۡ))* وَأَوۡلَادُهُمۡ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَافِرُونَ *((وَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةٌ أَنۡ ءَامِنُوا۟ بِٱللهِ وَجَاهِدُوا۟ مَعَ رَسُولِهِ ٱسۡتَـٔۡذَنَكَ أُو۟لُوا۟ ٱلطَّوۡلِ مِنۡهُمۡ))* وَقَالُوا۟ ذَرۡنَا نَكُن مَّعَ ٱلۡقَاعِدِینَ﴾ [التوبة 85 - 86]،.
11 ــــ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻭاﺋﻞ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻗﺎﻝ،. ﴿ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻗﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻛﻨﺎ ﻧﺤﺎﻣﻞ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﺼﺪﻕ ﺃﺑﻮ ﻋﻘﻴﻞ ﺑﻨﺼﻒ ﺻﺎﻉ، ﻗﺎﻝ: ﻭﺟﺎء ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺸﻲء ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ، *((ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻮﻥ: ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺻﺪﻗﺔ ﻫﺬا، ﻭﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا اﻵﺧﺮ ﺇﻻ ﺭﻳﺎء))* ﻓﻨﺰﻟﺖ {ٱلَّذِینَ یَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِینَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ وَٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ}﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ. ✅،.
13 ــــ وقال الله فيها،. ﴿فَرِحَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ بِمَقۡعَدِهِمۡ خِلَافَ رَسُولِ ٱللهِ *((وَكَرِهُوۤا۟ أَن یُجَاهِدُوا۟ بِأَمۡوَالِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِیلِ ٱللهِ))* وَقَالُوا۟ لَا تَنفِرُوا۟ فِي ٱلۡحَرِّ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرࣰّا لَّوۡ كَانُوا۟ یَفۡقَهُونَ﴾ [التوبة 81]،.
14 ــــ فرغم غناهم،. كان المنافقون لا يتصدقون،. قال اْلله في سورة التوبة،. ﴿قُلۡ أَنفِقُوا۟ طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا لَّن یُتَقَبَّلَ مِنكُمۡ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا فَاسِقِینَ وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَاتُهُمۡ إِلَّاۤ أَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا یَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا یُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَارِهُونَ ((فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَالُهُمۡ)) وَلَاۤ أَوۡلَادُهُمۡ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللهُ لِیُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَافِرُونَ﴾ [التوبة 53 - 55]،.
15 ــــ وقال فيهم،. ﴿((وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَالُهُمۡ)) وَأَوۡلَادُهُمۡ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَافِرُونَ وَإِذَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةٌ أَنۡ ءَامِنُوا۟ بِٱللهِ وَجَاهِدُوا۟ مَعَ رَسُولِهِ ((ٱسۡتَـٔۡذَنَكَ أُو۟لُوا۟ ٱلطَّوۡلِ مِنۡهُمۡ)) وَقَالُوا۟ ذَرۡنَا نَكُن مَّعَ ٱلۡقَاعِدِینَ﴾ [التوبة 85 - 86]،.
16 ــــ وقال عنهم،. ﴿إِنَّمَا ٱلسَّبِیلُ عَلَى ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ *((وَهُمۡ أَغۡنِیَاۤءُ))* رَضُوا۟ بِأَن یَكُونُوا۟ مَعَ ٱلۡخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة 93]،.
17 ــــ في سورتهم، سورة (المنافقون) ذكر الله أمراً عظيماً، يتمنى المنافق أنه لو رجع للدنيا أن يفعل هذا الأمر،. قال اْلله،. ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ((فَأَصَّدَّقَ)) وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون 10]،.
وقال اْلله بعد آية النجوى،. ﴿ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَي نَجۡوَاكُمۡ صَدَقَاتࣲ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَتَابَ ٱللهُ عَلَیۡكُمۡ *((فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِیعُوا۟ ٱللهَ وَرَسُولَهُ))* وَٱللهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ [المجادلة 13]،. هذا أساساً هو عمل المؤمنين من قبل أن تنزل آية النجوى،.
فالآية لم تُصِب ولم تستهدف الصحابة المؤمنين،. إنما استهدفت قوماً كانوا يملكون المال ويستطيعون الصدقة ولكنهم يكرهون التصدق والنفقة،. ((الذين هم المنافقون،. هذا الحكم نزل ليفضح المنافقين ويبيّنهم للنّبي ﷺ))،.
18 ــ الرياء،. وسورة الماعون،.
في سورة الماعون،. قال اْلله،. ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ [سورة الماعون]،.
ظن معظم الناس أن الكلام فيها عن المسلمين الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها وهذا التفسير باطل وليس عليه برهان،. أما التفسير الصحيح،. أن هذه السورة تتكلم عن غير المسلمين بدليل قول الله من أولها ((الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ))،. والذي (يكذب بالدين) لزاماً لن يصلي لأن الصلاة جزء من الدين، فهو أصلاً لا يصلي،. فإن صلى هذا المكذب بالدين، فقد صلى رياءً وتظاهرا للناس أنه مسلم، ليخدعهم،. والله ذكر الرياء فيها فقال،. ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ ((يُرَاءُونَ))...﴾،. وهذه الكلمة لم تتكرر في ٱلۡقُرآن كله إلا في سورة النساء،. والكلام كان عن المنافقين تحديداً،. قال ٱلله،. ﴿إِنَّ ((الْمُنَافِقِينَ)) يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ ((يُرَاءُونَ)) النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء 142]،.
فسورة الماعون كلها كانت تتكلم عن المنافقين،. والذي نريده منها هو امتناع المنافقين عن الإنفاق والصدقة،. قال ٱلله فيها،. ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾،. وقال في آخرها،. ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾،. والماعون الإعانة،. فهذه أعظم خصال المنافق،. أنه لا يتصدق ولا ينفق،.
19 ــــ سورة المدثر،. قال ٱلله فيها قولا قريباً من الذي قاله في سورة الماعون،. ومنه عرفنا أن المقصود به هم المنافقون كذلك،. وليس المسلمين، كما فهمه كثير من الناس،. لأن الكلام عن الذين يكذبون بيوم الدين،. فهؤلاء لم يكونوا مؤمنين، إنما هم المنافقون وانظر لبقية خصالهم لتعرفهم،. قال ٱلله،. ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ ((نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا ((نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ)) حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر 42 ــ 48]،.
20 ــــ أكتفي بهذا القدر من البراهين، على أن أعظم خصلة تفضح المنافق هي امتناعه عن الإنفاق،. وأنه لا يتصدق،. والآن نريد الرجوع لآية النجوى، لنرى هل يتوافق كلامنا الذي قلناه مع سياق الآيات أم لا؟!،.
ــــــــــــــ الآن نعود لآية النجوى لننظر في سياقها،.
فالسياق سيوضح كثيراً مما نقول،. فالقرآن يفسر بعضه بعضاً، السورة نفسها وسياق الآيات يبينان المعنى أكثر وأكثر،. وبه سنعلم إن كان فهمنا للآية صواباً أم أننا ابتعدنا وأبعدنا بقولنا أن الآية أصابت واستهدفت المنافقين!!،.
ــــ قبل آية النجوى،.
تكلم الله في الآيات التي قبل آية النجوى عن المناجاة ونهى عنها، وحذر منها بشكل ملفت،. فقد ذكر النجوى عدة مرات، لتفهم أن هذا العمل ليس من دأب الصحابة مع نبيهم إنما كان من عمل المفسدين الذين يريدون إحزان المؤمنين،. قال اْلله،. ﴿أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا في ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ *((مَا یَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ))* ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَاۤ أَدۡنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلَاۤ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَیۡنَ مَا كَانُوا۟ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَامَةِ إِنَّ ٱللهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِیمٌ *((أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ نُهُوا۟ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ یَعُودُونَ لِمَا نُهُوا۟ عَنۡهُ وَیَتَنَاجَوۡنَ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَانِ وَمَعۡصِیَتِ ٱلرَّسُولِ))* وَإِذَا جَاۤءُوكَ حَیَّوۡكَ بِمَا لَمۡ یُحَیِّكَ بِهِ ٱللهُ *((وَیَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا یُعَذِّبُنَا ٱللهُ بِمَا نَقُولُ))* حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ یَصۡلَوۡنَهَا فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ *((یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا تَنَاجَیۡتُمۡ فَلَا تَتَنَاجَوۡا۟ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَانِ وَمَعۡصِیَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوۡا۟ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰ))* وَٱتَّقُوا۟ ٱللهَ ٱلَّذِي إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ *((إِنَّمَا ٱلنَّجۡوَىٰ مِنَ ٱلشَّیۡطَانِ لِیَحۡزُنَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَیۡسَ بِضَاۤرِّهِمۡ شَیۡـًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللهِ))* وَعَلَى ٱللهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [المجادلة 7 - 10]،.
فالنجوى شرٌ في أصلها، وهي ليست من عمل الصحابة المؤمنين، بل الصحابة لم يكونوا يعصون الرَّسوْل ﷺ،. هذه النجوى من الشيطان، وهذا يدعم أن الآية ليست موجهة للصحابة إنما للمنافقين، هم الذين يقولون ((فِي أَنفُسِهِمۡ)) لَوۡلَا یُعَذِّبُنَا ٱللهُ بِمَا نَقُولُ,.. فقال الله،. حَسۡبُهُمۡ جَهَنَّمُ یَصۡلَوۡنَهَا فَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ،. وهذه ليست للصحابة بلا شك،. قال الله في سورة التوبة عن المنافقين،. ﴿فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقࣰا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ یَلۡقَوۡنَهُ بِمَاۤ أَخۡلَفُوا۟ ٱللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا۟ یَكۡذِبُونَ ((أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللهَ یَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَاهُمۡ)) وَأَنَّ ٱللهَ عَلَّامُ ٱلۡغُیُوبِ﴾ [التوبة 77 - 78]،.
ــــــــ بعد آية النجوى،.
بعد أن تكلم الله عن مناجاة النّبي ﷺ، وأمرهم بالصدقة واستثنى الذين لا يملكون، عرّج على المنافقين مباشرةً،. فقال بعد الآية 13 [الناسخة عند الشباب]،. ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ تَوَلَّوۡا۟ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللهُ عَلَیۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُمۡ *((وَیَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ))* أَعَدَّ ٱللهُ لَهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدًا إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ *((ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَانَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللهِ فَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ لَّن تُغۡنِيَ عَنۡهُمۡ أَمۡوَالُهُمۡ وَلَاۤ أَوۡلَادُهُم))* مِّنَ ٱللهِ شَیۡـًٔا أُو۟لَئكَ أَصۡحَابُ ٱلنَّارِ هُمۡ فِیهَا خَالِدُونَ *((یَوۡمَ یَبۡعَثُهُمُ ٱللهُ جَمِیعࣰا فَیَحۡلِفُونَ لَهُ كَمَا یَحۡلِفُونَ لَكُمۡ))* وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ عَلَىٰ شَيءٍ أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡكَاذِبُونَ﴾ [المجادلة 14 - 18]،.
أول دليل أن الكلام هنا عن المنافقين،. قول الله،. *﴿((ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَانَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللهِ))* فَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِين﴾ [المجادلة 16]،.
ــ وقال في سورة المنافقون،. *﴿((ٱتَّخَذُوۤا۟ أَیۡمَانَهُمۡ جُنَّةࣰ فَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللهِ))* إِنَّهُمۡ سَاۤءَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [المنافقون 2]،.
وهذه الآيات [من سورة المجادلة]، تشبه آيات سورة التوبة الآنفة، وهي كذلك تكلمت عن المنافقين،. قال اْلله،. ﴿سَیَحۡلِفُونَ بِٱللهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡ لِتُعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡ فَأَعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡ إِنَّهُمۡ رِجۡسࣱ وَمَأۡوَاهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ یَحۡلِفُونَ لَكُمۡ لِتَرۡضَوۡا۟ عَنۡهُمۡ فَإِن تَرۡضَوۡا۟ عَنۡهُمۡ فَإِنَّ ٱللهَ لَا یَرۡضَىٰ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَاسِقِینَ﴾ [التوبة 95 - 96]،.
فالكلام كله كان لفضح المنافقين وإظهارهم للنّبي ﷺ،. لأن الله قال له في آيات التوبة،. ﴿وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِینَةِ مَرَدُوا۟ عَلَى ٱلنِّفَاقِ *((لَا تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ))* سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَیۡنِ ثُمَّ یُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِیمࣲ﴾ [التوبة 101]،.
ــــــــــ فكيف كان سيعلم النّبي ﷺ عن المنافق الذي يريد مناجاة النّبي ﷺ والتشويش على المؤمنين؟!،.
ــــ الجواب : كان ذلك عبر الصدقة،.
قال اْلله للنّبي ﷺ،. في سورة التوبة،. ﴿عَفَا ٱللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ *((حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَاذِبِینَ))﴾* [التوبة 43]،.
فالصدقة لن يفعلها المنافق أبداً،. فبآية [النجوى والصدقة]،. كان النّبي ﷺ يعلم الكاذبين من الصادقين،. سيعرف المؤمن من المنافق،.
وفعلاً، عرفهم النبي ﷺ فيما بعد،. وأخبر حذيفة بن اليمان بأسمائهم، وبعد أن عرفهم،. أمره الله ألا يصلي على من مات منهم أبداً،. قال ٱلله،. ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدࣰا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِ إِنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ فَاسِقُونَ وَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَالُهُمۡ وَأَوۡلَادُهُمۡ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللهُ أَن یُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلدُّنۡیَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَافِرُونَ﴾ [التوبة 84 - 85]،.
ولن يستطيع النبي ﷺ تنفيذ هذا الأمر لو كان لا يعلم المؤمنين من المنافقين،. بالتالي، قد عرفهم [بالصدقة والنجوى]،.
قال ٱلله في سورة محمد،. ﴿أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِینَ [[فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن یُخۡرِجَ ٱللهُ أَضۡغَانَهُمۡ]] وَلَوۡ نَشَاۤءُ لَأَرَیۡنَاكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِیمَاهُمۡ ((وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِ)) وَٱللهُ یَعۡلَمُ أَعۡمَالَكُمۡ﴾ [محمد 29 - 30]،.
كيف سيخرج الله أضغانهم؟!،. ومنه سيعرف النبي ﷺ المنافقين مباشرةً في لحن القول؟!،. قال ٱلله في نفس السورة،. وانتبه للسياق، وانظر عن ماذا يتكلم،. قال ٱلله،. ﴿إِنَّمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ یُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ ((وَلَا یَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَالَكُمۡ إِن یَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَیُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُوا۟ [[وَیُخۡرِجۡ أَضۡغَانَكُمۡ]] هَـٰۤأَنتُمۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللهِ فَمِنكُم مَّن یَبۡخَلُ وَمَن یَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا یَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِ)) وَٱللهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَالَكُم﴾ [محمد 36 - 38]،.
فالنبي ﷺ عرف المنافقين كلهم،. ذلك عبر الصدقة،. التي كانت في آية النجوى التي نسخوها شيوخ المسلمين،. ففتحوا الباب للملحدين والمنقلبين للطعن في عدالة الصحابة نقلة الحديث،.
ــــــــــــــ بين سورة المجادلة،. وسورة التوبة،.
لاحظنا فيما سبق قوة الترابط والشبه بين سورتي التوبة والمجادلة،. وكأنهما يفسران بعضهما،. وهناك كذلك أمر آخر يزيد هذا الترابط والتشابه،. فقد ذكر اْلله في هذه السورة [المجادلة] كلمة لم تتكرر في ٱلۡقُرآن كله إلا في سورتين،. المجادلة، والتوبة [التي فضحت المنافقين]،. الكلمة هي المحاداة،. ذكرها الله في ٱلۡقُرآن كله ثلاث مرات،. مرتين في المجادلة، ومرة في التوبة،. وبها فرّق الله بين الناس فجعلهم حزبين، حزب الله [وهم الصحابة]،. وحزب الشيطان [وهم المنافقون]،.
قال اْلله،. ﴿یَوۡمَ یَبۡعَثُهُمُ ٱللهُ جَمِیعࣰا فَیَحۡلِفُونَ لَهُ كَمَا یَحۡلِفُونَ لَكُمۡ وَیَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ عَلَىٰ شَيءٍ أَلَاۤ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡكَاذِبُونَ ٱسۡتَحۡوَذَ عَلَیۡهِمُ ٱلشَّیۡطَانُ فَأَنسَاهُمۡ ذِكۡرَ ٱللهِ أُو۟لَئكَ *((حِزۡبُ ٱلشَّیۡطَانِ أَلَاۤ إِنَّ حِزۡبَ ٱلشَّیۡطَانِ هُمُ ٱلۡخَاسِرُونَ إِنَّ ٱلَّذِینَ یُحَاۤدُّونَ ٱللهَ وَرَسُولَهُ))* أُو۟لَئكَ فِي ٱلۡأَذَلِّینَ كَتَبَ ٱللهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِي إِنَّ ٱللهَ قَوِيٌ عَزِیزࣱ﴾ [المجادلة 18 - 21]،.
وقال في آخر آية في المجادلة(¹)،. ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمࣰا یُؤۡمِنُونَ بِٱللهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ *((یُوَاۤدُّونَ مَنۡ حَاۤدَّ ٱللهَ وَرَسُولَهُ))* وَلَوۡ كَانُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَاۤءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَانَهُمۡ أَوۡ عَشِیرَتَهُمۡ أُو۟لَئكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِیمَانَ وَأَیَّدَهُم بِرُوحࣲ مِّنۡهُ وَیُدۡخِلُهُمۡ جَنَّاتࣲ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا *((رَضِيَ ٱللهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُ أُو۟لَئكَ حِزۡبُ ٱللهِ أَلَاۤ إِنَّ حِزۡبَ ٱللهِ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ))﴾* [المجادلة 22]،.
وفي سورة التوبة قال [ولاحظ تشابه السياق]،. قال اْلله،. ﴿((یَحۡلِفُونَ بِٱللهِ لَكُمۡ لِیُرۡضُوكُمۡ وَٱللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن یُرۡضُوهُ)) إِن كَانُوا۟ مُؤۡمِنِینَ أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّهُ مَن *((یُحَادِدِ ٱللهَ وَرَسُولَهُ))* فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدࣰا فِیهَا ذَلِكَ ٱلۡخِزۡيُ ٱلۡعَظِیمُ *((یَحۡذَرُ ٱلۡمُنَافِقُونَ))* أَن تُنَزَّلَ عَلَیۡهِمۡ سُورَةࣱ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمۡ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوۤا۟ إِنَّ ٱللهَ مُخۡرِجࣱ مَّا تَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة 62 - 64]،.
ولم ترد هذه الكلمة [المحاداة] في ٱلۡقُرآن إلا في هاتين السورتين،. وسورة التوبة إنما كانت فاضحةً للمنافقين،. فسورة المجادلة كذلك فضحتهم،. ((وذلك عبر آية النجوى))،.
(¹) هذه الآية الأخيرة من المجادلة، لها أخت تشبهها،. اختها كانت في ((سورة التوبة))،. قال اْلله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوۤا۟ ءَابَاۤءَكُمۡ وَإِخۡوَانَكُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّوا۟ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِیمَانِ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُو۟لَئكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ قُلۡ إِن كَانَ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ وَإِخۡوَانكُمۡ وَأَزۡواجُكُمۡ وَعَشِیرَتُكُمۡ وَأَمۡوَالٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَارَةࣱ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرۡضَوۡنَهَاۤ أَحَبَّ إِلَیۡكُم مِّنَ ٱللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادࣲ فِي سَبِیلِهِ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ یَأۡتِيَ ٱللهُ بِأَمۡرِهِ وَٱللهُ لَا یَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَاسِقِینَ﴾ [التوبة 23 - 24]،.
وهذا يدل على التشابه الكبير بين هاتين السورتين،. فكلاهما فيه فضحٌ للمنافقين،. ولأجل هؤلاء كانت آية النجوى،.
ــــــ شبهة،. لماذا كان الخطاب في آية النجوى للذين آمنوا وهي موجهةٌ للمنافقين؟!،.
المنافقون آمنوا ثم كفروا، قال اْلله،. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمۡ ((ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟)) فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا یَفۡقَهُونَ وَإِذَا رَأَیۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡ وَإِن یَقُولُوا۟ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡ كَأَنَّهُمۡ خُشُبࣱ مُّسَنَّدَةࣱ یَحۡسَبُونَ كُلَّ صَیۡحَةٍ عَلَیۡهِمۡ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡ قَاتَلَهُمُ ٱللهُ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ﴾ [المنافقون 3 - 4]،.
والله فضحهم في سورة التوبة وبيّن أنهم لا إيمان لهم،. قال اْلله،. ﴿وَإِن نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَانَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُوا۟ فِي دِینِكُمۡ فَقَاتِلُوۤا۟ أَئمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَاۤ أَیۡمَانَ/إِيمَانَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَنتَهُونَ﴾ [التوبة 12]،.
وكان الخطاب في آية النجوى للذين آمنوا،. ((لأن المنافق في ظاهره مسلم مثل بقية المسلمين، فهو يكتم كفره ويظهر الايمان، والناس لا تعلم ذلك، ولا يعلمه إلا الله))،. لأجل هذا يكون التعامل مع المنافق والمؤمن سواء ((ثم يتبين الكاذب من الصادق عبر الإنفاق والصدقة))،. قال اْلله،. ﴿هُمُ ٱلَّذِینَ یَقُولُونَ ((لَا تُنفِقُوا۟ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللهِ حَتَّىٰ یَنفَضُّوا۟)) وَلِلهِ خَزَاۤئنُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَكِنَّ ٱلۡمُنَافِقِینَ لَا یَفۡقَهُونَ﴾ [المنافقون 7]،.
الخطاب شمل الجميع، كما قال اْلله في سورة النساء وهو كذلك يعني به المؤمنين والمنافقين،. واقرأ السياق،. قال اْلله،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ((ءَامِنُوا۟ بِٱللهِ وَرَسُولِهِ وَٱلۡكِتَابِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلۡكِتَابِ ٱلَّذِي أَنزَلَ مِن قَبۡلُ)) وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱللهِ وَمَلَائكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡآخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَالَۢا بَعِیدًا ((إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟ ثُمَّ ءَامَنُوا۟ ثُمَّ كَفَرُوا۟ ثُمَّ ٱزۡدَادُوا۟ كُفۡرࣰا لَّمۡ یَكُنِ ٱللهُ لِیَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِیَهۡدِیَهُمۡ سَبِیلَۢا بَشِّرِ ٱلۡمُنَافِقِینَ)) بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا﴾ [النساء 136 - 138]،.
ولو قال قائل بأن الله يخاطب الذين آمنوا حصراً بقوله (يا أيها الذين آمنوا)،. فنقول نعم، الخطاب للمؤمنين أصلاً،. وهو يشمل كل من ادعى الايمان،. ويدخل في ذلك المنافقون، فهم يدعون الإيمان،.
فمن الجهل القول بأن آية المناجاة قد أزيل حكمها وذهب نورها وطمس عِلمها،. وأنها نُسخت،. بل هي آية محكمة،. نزلت لفضح المنافقين وتعريتهم بين يدي النّبي ﷺ،. وبقيت على حالها هكذا حتى مات النبي ﷺ،. لم تُنسخ، ولا بطيخ،. ومنها يتجلى لك مكر الله في المنافقين،. وكما قال ٱلله عن نفسه،. ﴿وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللهُ ((وَٱللهُ خَیۡرُ ٱلۡمَاكِرِینَ))﴾ [آل عمران 54]،.
ويتبين تزيينه وإضلاله للشيوخ الذين نسخوا الآية،. قال ٱلله،. ﴿وَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ جَعَلۡنَا بَیۡنَكَ وَبَیۡنَ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡآخِرَةِ حِجَابࣰا مَّسۡتُورࣰا ((وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰا)) وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُ وَلَّوۡا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَارِهِمۡ نُفُورࣰا﴾ [الإسراء 45 - 46]،.
ــ وقال،. ﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَاهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِیࣰّا لَّقَالُوا۟ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَایَاتُهُ ءَا۬عۡجَميٌ وَعَرَبِيٌ قُلۡ هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ هُدࣰى وَشِفَاۤءࣱ ((وَٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ فِي ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣱ وَهُوَ عَلَیۡهِمۡ عَمًى)) أُو۟لئكَ یُنَادَوۡنَ مِن مَّكَانِۭ بَعِیدࣲ﴾ [فصلت 44]،.
ــــــــــــ رواية "علي بن أبي طالب" الشهيرة في النجوى ❌،.
ما يشاع عن علي رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ أنه الوحيد الذي عمل عملاً لم ولن يعمل أحداً مثله لأن الآية قد نسخت، هو محض سفاهة وكذب على علي رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ،.
هذه الاسطورة،. رواها القاسم بن سلام،. في كتابه الناسخ والمنسوخ الذي تبين أن الكتاب كله افتراء وكذب في الجزء [9]،. وأن راوي الكتاب مجهول العين والحال،. وأن إسناده مظلم،. مذكورٌ في الكتاب برقم 472 - ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻲ [هو علي بن عبدالعزيز بن المرزبان سابور، يبيع الحديث، ليس بحجة ❌] ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ [هو القاسم بن سلام، ثقة مؤمون] ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺣﺠﺎﺝ [هو المصيصي، مدلس ولم يصرح بالسماع ❌]، ﻋﻦ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ [هو عبدالملك، مدلس، وحش التدليس، لم يلق أحداً من الصحابة، ولم يسند حديثه هذا لأي أحد ❌]، ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻗﺎﻝ: ﻧﻬﻮا ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺼﺪﻗﻮا، ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺎﺟﻪ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ ﻓﻘﺪﻡ ﺩﻳﻨﺎﺭا ﺗﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﺛﻢ ﺃﻧﺰﻟﺖ اﻟﺮﺧﺼﺔ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﺃﺷﻔﻘﺘﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻣﻮا ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻧﺠﻮاﻛﻢ ﺻﺪﻗﺎﺕ ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﺷﻖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺼﺪﻗﺔ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻮﺿﻌﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﺃﻣﺮﻭا ﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺑﻐﻴﺮ ﺻﺪﻗﺔ ﺣﻴﻦ ﺷﻖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ. [منقطع، معلول ❌]،.
- علي بن عبدالعزيز بن المرزبان،.
قال خليل بن أيبك الصفدي : لم يكن بحجة.
قال ابن أبي حاتم الرازي : صدوق [أي لا يحتج به]،.
مقتَه أحمد بن شعيب النسائي لأنه كان يأخُذ على الحديث،.
- سبقت ترجمته بالتفصيل في الجزء [9 - تحقيق كتب الجريمة ووقودها - محور كتاب القاسم بن سلام]،.
473 - ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻲ [بن عبدالعزيز بن المرزبان سابور، يبيع الحديث، صدوق، ليس بحجة ❌] ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ [هو القاسم بن سلام]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ [ثقة]، ﻋﻦ ﻟﻴﺚ [ثقة]، ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ [مجاهدٌ ثقة، ولكنه لم يسمع من علي، مرسل ❌]، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ، ﺇﻥ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻵﻳﺔ ﻣﺎ ﻋﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻗﺒﻠﻲ ﻭﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﺑﻌﺪﻱ، ﻛﺎﻥ ﻟﻲ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻓﺼﺮﻓﺘﻪ ﻓﻜﻨﺖ ﺇﺫا ﻧﺎﺟﻴﺖ ﺭﺳﻮﻝ الله ﷺ ﺗﺼﺪﻗﺖ ﺑﺪﺭﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻧﻔﺪ ﺛﻢ ﻧﺴﺨﺖ. [مقطوعٌ مرسل ❌]،.
- ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﺮ، ﺃﺑﻮ اﻟﺤﺠﺎﺝ، اﻟﻤﺨﺰﻭﻣﻲ، ﻣﻮﻻﻫﻢ، اﻟﻤﻜﻲ، ﺛﻘﺔ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺇﺣﺪﻯ، ﺃﻭ اﺛﻨﺘﻴﻦ، ﺃﻭ ﺛﻼﺙ، ﺃﻭ ﺃﺭﺑﻊ، ﻭﻣﺌﺔ، ﻭﻟﻪ ﺛﻼﺙ ﻭﺛﻤﺎﻧﻮﻥ. (ﻋ).#.
- ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ: ﻗﻴﻞ ﻟﻴﺤﻴﻰ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺳﻤﻊ: ((ﻳﺮﻭﻯ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﺑﺸﻲء)). (371).
ـ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ: ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ: ((ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻋﻦ ﻋﻠﻲ، ﻣﺮﺳﻞ)). «اﻟﻤﺮاﺳﻴﻞ» (763).
ـ ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ: ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻲ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ: ((ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﻋﻠﻴﺎ ﻻ ﻳَﺬﻛﺮ ﺭﺅﻳﺔ، ﻭﻻ ﺳﻤﺎﻉ)). «اﻟﻤﺮاﺳﻴﻞ» (764).
ـ ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﻘﻄﺎﻥ: ((ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻨﺨﻌﻲ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ))، ﻗﺎﻝ ﻭﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻭﻥ اﻥ ﻣﺠﺎﻫﺪا ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺟﺎﺑﺮ. «ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺘﺤﺼﻴﻞ» 1/273.
471 - ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻲ [هو نفسه البيّاع المسترزق بالحديث ❌] ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ [القاسم، ثقة] ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ [ضعيف ❌]، ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ [ضعيف ❌]، ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﻠﺤﺔ [منكر الحديث، لم يسمع من ابن عباس ❌]، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا ﺇﺫا ﻧﺎﺟﻴﺘﻢ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﻘﺪﻣﻮا ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻧﺠﻮاﻛﻢ ﺻﺪﻗﺔ ﻗﺎﻝ: ﺇﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮﻭا اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺷﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺄﺭاﺩ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻦ ﻧﺒﻴﻪ ﷺ ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻟﻬﻢ ﺿﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻜﻔﻮا ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻓﺄﻧﺰﻝ اﻟﻠﻪ.... [ضعيف، منقطع ❌]،.
ــــ ومن تفسير الطبري الشيعي [جامع البيان]،.
⁕ حدثني محمد بن عمرو [أبوبكر الباهلي]، قال: ثنا أبو عاصم [هو الضحاك بن مخلد، يخطئ كثيراً ❌]، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن [هو البصري، صدوق، لا يُحتج به ❌]، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح [يدلس عن مجاهد ❌]، عن مجاهد [ثقة، لم يسمع علياً ❌]، في قوله: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: نهوا عن مناجاة النبيّ ﷺ حتى يتصدقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قدم دينارًا فتصدق به، ثم أنزلت الرخصة في ذلك.
- أبو عاصم، اﻟﻀﺤﺎﻙ ﺑﻦ ﻣﺨﻠﺪ ﺑﻦ اﻟﻀﺤﺎﻙ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ اﻟﺸﻴﺒﺎﻧﻲ، ﺃﺑﻮ ﻋﺎﺻﻢ اﻟﻨﺒﻴﻞ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﺛﻘﺔ ﺛﺒﺖ، ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮﺓ، ﺃﻭ ﺑﻌﺪﻫﺎ. (ﻋ)#.
يخطئ كثيراً
- ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﺤﺮﺯ: ﺳﺄﻟﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻭﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻣﻦ ﻫﻢ؟ ﻗﺎﻝ: اﻟﻤﺸﻬﻮﺭﻭﻥ: ﻭﻛﻴﻊ، ﻭﻳﺤﻴﻰ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭاﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ، ﻫﺆﻻء اﻟﺜﻘﺎﺕ.
ﻗﻴﻞ ﻟﻪ: ﻓﺄﺑﻮ ﻋﺎﺻﻢ، ﻭﻋﺒﺪ اﻟﺮﺯاﻕ، ﻭﻗﺒﻴﺼﺔ، ﻭﺃﺑﻮ ﺣﺬﻳﻔﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﻫﺆﻻء ﺿﻌﻔﺎء. 1/(504).
- ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺒﺮ: ﺃﺑﻮ ﻋﺎﺻﻢ اﻟﻨﺒﻴﻞ، ﻟﻪ ﺧﻄﺄ ﻛﺜﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﻭاﻟﺜﻮﺭﻱ. "اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ" 17/248.
⁕ حدثنا محمد بن عبيد بن محمد المحاربي [صدوق، ليس بحجة ❌]، قال: ثنا المطلب بن زياد [ليس بحجة ❌]، عن ليث [ثقة]، عن مجاهد [ثقة لم يسمع علياً ❌]، قال، قال عليّ رضي الله عنه: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: فُرِضت، ثم نُسخت.
- اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ﺯﻳﺎﺩ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﻫﻴﺮ اﻟﺜﻘﻔﻲ ﻣﻮﻻﻫﻢ، اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﺻﺪﻭﻕ ﺭﺑﻤﺎ ﻭﻫﻢ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ. (ﺑﺦ ﺳ ﻗ).
ﻟﻴﺲ ﺑﺤﺠﺔ.
⁕ حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي [ثقة]، قال: ثنا أبو أَسامة، عن شبل بن عباد، عن ابن أَبي نجيح [لم يسمع التفسير من مجاهد، يدلس عنه ❌]، عن مجاهد [ثقة لم يسمع علياً ❌]، في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: نهوا عن مناجاة النبيّ ﷺ حتى يتصدّقوا، فلم يناجه إلا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قدّم دينارًا صدقة تصدق به، ثم أنزلت الرخصة.
- ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻧﺠﻴﺢ، ﻳﺴﺎﺭ، اﻟﻤﻜﻲ، ﺃﺑﻮ ﻳﺴﺎﺭ، اﻟﺜﻘﻔﻲ، ﻣﻮﻻﻫﻢ، ﺛﻘﺔ، ﺭﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺩﻟﺲ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺩﺳﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ، ﺃﻭ ﺑﻌﺪﻫﺎ. (ﻋ).
ثقة ﻣﺪﻟﺲ
ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ.
ﻣﺪﻟﺲ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻻ ﻏﻴﺮ.
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺪﻭﺭﻱ: ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ، ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ: ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻣﻨﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺇﻻ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﺰﺓ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻴﺤﻴﻰ: ﻓﺎﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻧﺠﻴﺢ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻫﻜﺬا ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺤﻴﻰ: ﺷﺒﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﻜﺬا، ﺃﻱ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻌﻪ. (426).
ـ ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺠﻨﻴﺪ: ﻗﻠﺖ ﻟﻴﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ: ﺇﻥ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻘﻄﺎﻥ ﻳﺰﻋﻢ، ﺃﻥ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻧﺠﻴﺢ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺑﺰﺓ. (315 ﻭ316).
⁕ حدثنا أبو كُرَيب [محمد بن العلاء، ثقة]، قال: ثنا ابن إدريس [عبدالله، ثقة]، قال: سمعت ليثًا، عن مجاهد [ثقة لم يسمع علياً ❌]، قال، قال عليّ رضي الله عنه: آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم، فكنت إذا جئت إلى النبي ﷺ تصدقت بدرهم، فنسخت، فلم يعمل بها أحد قبلي ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [موقوف ❌]،.
⁕ حدثنا بشر [ابن معاذ العقدي، صدوق ❌]، قال: ثنا يزيد [ابن زريع، ثقة]، قال: ثنا سعيد [ابن أبي عروبة، مدلس، لم يسمع من قتادة ❌]، عن قتادة [تابعي مدلس، أرسله ❌] ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: سأل الناس رسول الله ﷺ حتى أحفوه بالمسألة، فوعظهم الله بهذه الآية، وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبيّ الله ﷺ، فلا يستطيع أن يقضيها، حتى يقدّم بين يديه صدقة، فاشتدّ ذلك عليهم، فأنزل الله الرخصة بعد ذلك ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
- ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﻣﻬﺮاﻥ، اﻟﻴﺸﻜﺮﻱ، ﻣﻮﻻﻫﻢ، ﺃﺑﻮ اﻟﻨﻀﺮ، اﻟﺒﺼﺮﻱ، ﺛﻘﺔ ﺣﺎﻓﻆ، ﻟﻪ ﺗﺼﺎﻧﻴﻒ، ﻛﺜﻴﺮ اﻟﺘﺪﻟﻴﺲ، ﻭاﺧﺘﻠﻂ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺛﺒﺖ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺩﺳﺔ، ﻣﺎﺕ ﺳﻨﺔ ﺳﺖ، ﻭﻗﻴﻞ: ﺳﺒﻊ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ. (ﻋ).#.
ـ ﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﺳﻤﺎﻋﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺶ، ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻟﺲ، ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻋﻨﻪ. «ﻋﻠﻞ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ اﻟﻜﺒﻴﺮ» (646).
- ﻗﺎﻝ اﻟﺒﺰاﺭ: ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺘﻴﺎﺡ، ﻭﻳﺮﻭﻥ ﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻌﻪ ﻣﻦ اﺑﻦ ﺷﻮﺫﺏ، ﺃﻭ ﺑﻠﻐﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﺤﺪﺙ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﺘﻴﺎﺡ، ﻭﻛﺎﻥ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﻗﺪ ﺣﺪﺙ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻳﺮﺳﻞ ﻋﻨﻬﻢ، ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺣﺪﺛﻨﺎ، ﻭﻻ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ، ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺑﻦ اﻟﻤﻌﺘﻤﺮ، ﻭﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﺑﻬﺪﻟﺔ، ﻭﻏﻴﺮﻫﻤﺎ، ﻣﻤﻦ ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻝ: ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻭﺳﻤﻌﺖ ﻛﺎﻥ ﻣﺄﻣﻮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ. «ﻣﺴﻨﺪﻩ» (48).
- ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ (1/240) ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺻﺎﻟﺢ ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﻗﺎﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻳﻘﻮﻝ: ((ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺮﻭﺑﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ ❌)).
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور [محمد بن ثور الصنعاني، ثقة]، عن معمر [ضعيف في غير الزهري ❌]، عن قتادة [مدلس ولم يسنده لأحد ❌]، ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ قال: إنها منسوخة، ما كانت إلا ساعة من نهار. [منقطع ❌ سبق تخريجه في بداية المقال]،.
⁕ حدثني محمد بن سعد [ضعيف ❌]، قال: ثني أبي [ضعيف ❌]، قال: ثني عمي [ضعيف ❌]، قال: ثني أبي [ضعيف ❌]، عن أبيه [ضعيف ❌]، عن ابن عباس، قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ ... إلى ﴿فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قال: كان المسلمون يقدّمون بين يدي النجوى صدقة، فلما نزلت الزكاة نُسخ هذا. [هذه السلسلة معروفة بالضعف، سلسلة العوني، كلهم ضعفاء من عائلة واحدة ❌]،.
⁕ حدثني عليّ [بن داوود، ليس بحجة ❌]، قال: ثنا أبو صالح [هو عبدالله بن صالح، ضعيف ❌]، قال: ثني معاوية [هو ابن صالح، ضعيف ❌]، عن عليّ [هو ابن أبي طلحة، منكر الحديث، ولم يدرك ابن عباس ❌]، عن ابن عباس، قوله: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ ، وذاك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله ﷺ، حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه؛ فلما قال ذلك صبر كثير من الناس، وكفوا عن المسألة، فأنزل الله بعد هذا ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، فوسع الله عليهم، ولم يضيق. [ضعيف منقطع ❌]،.
⁕ حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران [العطار، ليس بثقة، روايته عن سفيان الثوري مضطربة ❌]، عن سفيان [الثوري]، عن عثمان بن أبى المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد [ثقة، يرسل كثيراً، عنعنه ❌]، عن عليّ بن علقمة الأنماريّ [ليس بثقة ❌]، عن عليّ، قال، قال النبيّ ﷺ: "مَا تَرَى؟ دِينَارٌ" قَالَ: لا يطيقون، قال: "نصف دينار؟ " قال: لا يطيقون قال: ما ترى؟ قال: شعيرة، فقال له النبيّ ﷺ: "إنَّكَ لَزَهِيدٌ"، قال عليّ رضي الله عنه: فبي خفف الله عن هذه الأمة، وقوله: ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾، فنزلت: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ﴾ [ضعيف ❌]،.
- ﻣﻬﺮاﻥ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺮ اﻟﻌﻄﺎﺭ، ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﺮاﺯﻱ، ﺻﺪﻭﻕ ﻟﻪ ﺃﻭﻫﺎﻡ، ﺳﻲء اﻟﺤﻔﻆ، ﻣﻦ اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ. (ﻣﺪ ﻗ).
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ: ﺛﻘﺔ، ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺤﺪﻳﺚ.
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ: ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮﻱ.
ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻣﻌﻴﻦ: ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻨﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻩ ﻏﻠﻂ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺳﻔﻴﺎﻥ اﻟﺜﻮﺭﻱ.
ﻭﻗﺎﻝ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ: ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ اﺿﻄﺮاﺏ.
- ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﻠﻘﻤﺔ اﻷﻧﻤﺎﺭﻱ، اﻟﻜﻮﻓﻲ، ﻣﻘﺒﻮﻝ، ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ. (ﺗ ﺳ).
ﻟﻴﺲ ﺑﺜﻘﺔ.
وأحاديث أخرى كثيرة في هذا الباب وكلها بأسانيد هالكة، مثل التي رواها القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ [هذا إن صحت نسبة الكتاب إليه أصلاً، فالكتاب كله قائم على سند واحد مليء بالضعفاء والمجاهيل ❌، وكذلك كتاب الناسخ والمنسوخ لقتادة، وقد بينا ذلك بالتفصيل في قسم (تحقيق كتب الجريمة ووقودها)]،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بڪيبـورد، محسن الغيثـي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق