الاثنين، 18 فبراير 2019

الأراضي السبعة،.

ــــ أين الأرضين السبعة؟!،...

قالَ اْللّٰه،. ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ((وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)) يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ..﴾ [الطلاق : 12]

هل هناك أراضي أخرى تشبه أرضنا؟! هل هي كواكب أخرى كما يتهيأ للبعض؟ هل هذه الأراضي تحتنا؟! أتعتبر طبقات الأرض هي الأراضي السبع؟! ما صحة الروايات المنسوبة للصحابة عن هذا الأمر؟!

أولا وقبل الخوض في تفاصيل الآية، علينا أن نعلم معنى كل كلمة على حدة،. ومتى تقال،. فمثلاً كلمة الأرض هل تقابلها السماء أم الماء؟ هل الأرض هو البر أو اليابسة؟!

الأرض: هو اسم جامع لأمرين : البر والبحر،. الأرض عبارة عن بر وبحر مجتمعَين،. وهكذا في القُــرآن،.

قالَ اْللّٰه عن الأرض وما يقابلها،. ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ((الْأَرْضِ)) وَلَا فِي ((السَّمَاءِ))﴾ [آل عمران 5] ولم يجعل الماء أو البحر هو ما يقابل الأرض،. فمن الخطأ أن تقول عن الأرض اليابسة،. فالأرض منها البحار والأنهار وهذه ليست من اليابسة،.

أما في تفصيل (الأرض) قالَ اْللّٰه،. ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا ((فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)) وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا..﴾ [اﻷنعام 59]

وقال ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ((ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))..﴾ [اﻷنعام 63]
وقال ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ ((فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))..﴾ [يونس 22]
وقال ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ ((فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))..﴾ [اﻹسراء 70]
وقال ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ ((فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))..﴾ [الروم 41]

فالأرض :- برٌ وبحر،. ويقابل اسم الأرض اسم السماء كما في كثيرٍ من الآيات،. مثل ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ ((السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)) وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ...﴾ [اﻷنعام : 1]
ــ ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ ((مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)) لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ..﴾ [التغابن : 1]
ــ ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي ((السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم : 18]

ــ استخدامات اللسان العربي لكلمة الأرض،...

الأرض برٌ وبحرٌ،. ﴿قُلْ سِيرُوا ((فِي الْأَرْضِ))..﴾،. ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ ((فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))..﴾،. فالبر (اليابسة) جزء من الأرض،. وينتهي البر بمجرد وصولك للشاطئ أو الساحل،. هنا يبدأ بالماء، هذه لا تمشي عليها، ولا تزرع فيها، ولا تبني عليها، ولا يمكنك خرقها، أما كونك تقوم على التربة التي تحت الماء (أرضية البحر) فلكَ أن تسميها أرض، أما البحر نفسه فلا يسمى أرضاً، إنما الأرض هي التي تمشي فيها أو عليها ﴿وَلَا ((تَمْشِ فِي الْأَرْضِ)) مَرَحًا إِنَّكَ ((لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ)) وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ [اﻹسراء 37]،. فالأرض ما تمشي عليها،. أو تخرقها،.

فالتي تحت الماء اسمها أرض، لأن كل ما تمشي عليه هو أرض، وليس بالضرورة أن كل الأراض تتشابه في سماتها، فالتشابه في الاسم لا يعني بالضرورة أن يحمل كل معانيه ومسمياته! بل قد يشترك معه في سمة واحدة، لهذا يجمعهم اسمٌ واحدٌ رغم الاختلاف في بقية السمات،. مثال ذلك،. اللّه يسمي نفسه العزيز، والتي كان يوسفُ في بيتها، هي امرأة العزيز، تشابهت الاسماء بين العزيز والعزيز، ولسيا سواء البتة! ولكن جمعتهم سمة التعزز والمنعة، فكلٌ عزيز، ولله المثل الأعلى، عزته سمت فوق كل شيء،. الشاهد، ليس بالضرورة كل ما سمعت كلمة أرض، تظن أنها يجب أن تكون تماماً كأرضك التي تمشي عليها وتخرقها وتبني عليها وتزرعها وتضرب فيها.

مثال ذلك : أنت مأمور بالسجود علىٰ الأرض،. والسجود وضع أعلاك (جبهتك) على الأرض تذلّلاً لمن سجدت،. عن البراءُ بن عازب،. ﴿أنهم كانوا يصلون مع رسولِ اللهِ ﷺ فإذا ركعَ ركعوا, وإذا رفع رأسَه من الركوعِ فقال: "سَمِعَ اللهُ لمن حمدَه" لم نزل قيامًا حتى نراه قد ((وضعَ وجهَه في الأرض))، ثم نتبِعُه﴾ صحيح مسلم - 474.

الشاهد، يجب أن يكون وجهكَ علىٰ الأرض،. لكن، هل نقول لمن يصلي ويسجد في شقته بالطابق الخامس مثلاً أن سجوده باطل لأنه لم يسجد علىٰ الأرض؟ رغم أن شقته فوق، وليست على الأرض؟ لا.

بل أرضية الشقّة هي بالنسبة له أرض،. وسقف البيت بالنسبة له سقفٌ،. لكنها أرضٌ لمن يقومُ ويقفُ عليها فوقه! ولا يشترط أن تكون كل كلمة أرض، تماماً كالأرض التي نمشي ونسير عليها،. فأرضنا هذه نضرب فيها ﴿وَإِذَا ((ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ)) فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا...﴾ [النساء 101]،. ولكن لا أحد يضرب في أرض شقته أو بيته! وكلاهما أرض ولا نسافر في أرض البناية! مع أنها أرض نسجد عليها وصلاتنا فيها صحيحة،. والتي تقوم عليها في الجنة كذلك تسمى أرض، قالَ اْللّٰه،. ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ ((وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ)) حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [الزمر : 74]،. وروي عن النّبي ﷺ أنه قال ﴿أرضُ الجنةِ خُبزَةٌ بيضاءُ﴾ صحيح الجامع - 899.

الأرض في الآية أرض الجنة التي [ورثتها] ﴿وَتِلْكَ ((الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا)) بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف : 72]
ــ ﴿وَاجْعَلْنِي مِنْ ((وَرَثَةِ جَنَّةِ)) النَّعِيمِ﴾ [الشعراء : 85]
ــ ﴿أُولَٰئِكَ هُمُ ((الْوَارِثُونَ ۝ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ)) هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون : 10 ـ 11]

حيث لا يمكنك أن ترث (أرض الدنيا) وتأخذها معك للجنة!!، فالتي في الجنة تسمى أرض، ولو لم تشبه أرضنا في النعوت والسمات،.. فمعلوم كيف هي أرض الجنة، والفرق بينها وبين أرض الدنيا،. روي عن النَبِيّ اْللّٰه ﷺ أنه قال فيها ﴿..ﻣﻼﻃﻬﺎ اﻟﻤﺴﻚ اﻷﺫﻓﺮ، ﻭﺣﺼﺒﺎﺅﻫﺎ اﻟﻠﺆﻟﺆ ﻭاﻟﻴﺎﻗﻮﺕ، ﻭﺗﺮﺑﺘﻬﺎ اﻟﺰﻋﻔﺮاﻥ..﴾ والحديث لم يثبت سنداً،.

كذلك السماوات السبع،. لكل سماءٍ أرض،. والأنبياء الذين عليها (كعيسى وموسى وإبراهيم وغيرهم عَلَيْهِم اْلصَّلَاْة وَاْلسَّلَاْم) هم لا يطيرون فيها، وليسوا معلقين في هوائها،. والملائكة كذلك يصلون ويسجدون عليها، ورُوي عن النّبي ﷺ أنه قال ﴿أطَّتِ السماءُ ويحقُّ لها أن تَئِطَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، ما فيها موضعُ شبرٍ إلا ((وفيه جبهةُ ملَكٍ ساجدٍ)) يُسبِّحُ اللهَ بحمدِه﴾ صحيح الجامع - 1020.

ومن حديث الإسراء، قالَ نَبِيّ اْللّٰه ﷺ،. ﴿...ﺛﻢ ﻋﺮﺝ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﺢ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻓﻘﻴﻞ: ﻭﻣﻦ ﺃﻧﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻗﻴﻞ: ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺤﻤﺪ، ﻓﻘﻴﻞ: ﻭﻗﺪ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ، ﻓﺈﺫا ﺃﻧﺎ ﺑﺂﺩﻡ، ﻓﺮﺣﺐ، ﻭﺩﻋﺎ ﻟﻲ ﺑﺨﻴﺮ، ﺛﻢ ﻋﺮﺝ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﺢ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻓﻘﻴﻞ: ﻭﻣﻦ ﺃﻧﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﺟﺒﺮﻳﻞ،........... ﺛﻢ ﻋﺮﺝ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻓﺎﺳﺘﻔﺘﺢ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻓﻘﻴﻞ: ﻣﻦ ﺃﻧﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻗﻴﻞ: ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻚ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺤﻤﺪ، ﻗﻴﻞ: ﻭﻗﺪ ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻗﺪ ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ، ﻓﺈﺫا ﺃﻧﺎ ﺑﺈﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻭﺇﺫا ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻤﻌﻤﻮﺭ، ﻭﺇﺫا ﻫﻮ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺳﺒﻌﻮﻥ ﺃﻟﻒ ﻣﻠﻚ، ﻻ ﻳﻌﻮﺩﻭﻥ ﺇﻟﻴﻪ، ﺛﻢ ﺫﻫﺐ ﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺳﺪﺭﺓ اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻋﺒﺪ ﺑﻦ ﺣﻤﻴﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ، ﻭﺃﺑﻮ ﻋﻮاﻧﺔ، ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ، ﻓﻲ "اﻟﺪﻻﺋﻞ".

فيبدو أن السماء ليست عبارة عن فضاء وغازات أو سحب وهالات، كما كنا نتصورها، بل هي محكمة الاغلاق والحراسة، لا تستطيع نفاذها إلا من أماكن معينة كالأبواب،. وبإذن الله،. ثم في كل سماءٍ نبي أو نبيَّين، لا نتصور أنهم يطيرون في هوائها وفضائها، بل فيها شجر وسدر، وبيت معمور،. وشباب وشيوخ وصبيان وأنهار كما قال النّبي ﷺ في رؤياه عن إبراهيم ﷺ حين أتاه الملكان،. ﴿....ﻓﻘﺎﻻ: اﻧﻄﻠﻖ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖ، ﻓﺈﺫا ﺭﻭﺿﺔ ﺧﻀﺮاء، ﻓﺈﺫا ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺠﺮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺇﺫا ﺷﻴﺦ ﻓﻲ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﺻﺒﻴﺎﻥ، ﻭﺇﺫا ﺭﺟﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻧﺎﺭ، ﻓﻬﻮ ﻳﺤﺸﺸﻬﺎ ﻭﻳﻮﻗﺪﻫﺎ، ﻓﺼﻌﺪا ﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮﺓ، ﻓﺄﺩﺧﻼﻧﻲ ﺩاﺭا ﻟﻢ ﺃﺭ ﺩاﺭا ﻗﻂ ﺃﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺈﺫا ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺟﺎﻝ ﺷﻴﻮﺥ ﻭﺷﺒﺎﺏ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻧﺴﺎء ﻭﺻﺒﻴﺎﻥ، ﻓﺄﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺼﻌﺪا ﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺮﺓ، ﻓﺄﺩﺧﻼﻧﻲ ﺩاﺭا ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ، ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻴﻮﺥ ﻭﺷﺒﺎﺏ،....﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺷﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ، ﻭاﻟﺮﻭﻳﺎﻧﻲ، ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭاﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ، ﻭاﻟﻤﺴﺘﺪﺭﻙ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ.

وقد بدأ النبي ﷺ هذا الحديث بقوله ﴿..ﺭﺃﻳﺖ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺭﺟﻠﻴﻦ ﺃﺗﻴﺎﻧﻲ، ﻓﺄﺧﺬا ﺑﻴﺪﻱ، ﻓﺄﺧﺮﺟﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﻓﻀﺎء، ﺃﻭ ﺃﺭﺽ ﻣﺴﺘﻮﻳﺔ...﴾ الحديث،.

في النهاية، الله أعلم بحقيقة السماء،. ولكن، لا تبعد أن تكون صلبة جامدة، خاصة إذا علمنا أن لها أبواب خاصة فيها،. والأبواب لا يكون من حولها فراغ وفضاء،. وإلا لما كان لها قيمة ولا حاجة،. فالباب وجد لمنعك من الدخول إلا من خلاله،. فكيف تتصور ما بجانب الباب؟! ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا ((تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)) وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾ [اﻷعراف 40]،. ﴿فَفَتَحْنَا ((أَبْوَابَ السَّمَاءِ)) بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ [القمر 11]،.

ولو كانت السماء عبارة عن فراغ أو غازات، لماذا يمسكها الله؟ أين المشكلة لو وقعت الغازات والبخار على الأرض،. ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ((وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ)) أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحج 65]

فالسماء صلبة، وهي بالنسبة للذين تحتها سقف،. أما إذا قمت ومشيت عليها، فأنت على أرضها،. وكما قلنا سابقاً، ليس بالضرورة أن تكون نفس أرض الدنيا ولا أن تشبهها في سِماتها،. ولكن اسمها أرض! وطالما هن سبع سماوات، فتلك سبع أراضي، لكل سماء أرضها،.

فكل ما تقف عليه اسمه أرض،. وهذا واللّه أعلم هو المقصود بالأرضين السبع التي يتنزل الأمر بينهن!،. قالَ اْللّٰه،. ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ((وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)) يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ ((بَيْنَهُنَّ))..﴾ [الطلاق : 12] وفي الآية ما يدل على صحة ما قلته،.

قال فيها،. ﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ ((بَيْنَهُنَّ))..﴾،. إذا كان (الأمر) ينزل من الله، وينتهي عند الرسل الذين على الأرض، فالأمر ينزل ((بين)) الأرضين السبعة حتى ينتهي عند أرضنا، الأرض الدنيا!

ولاحظ أن اللّـه ذَكَرَ السماوات السبع ثم قال عن الأرض ((مِثْلَهُنَّ))،.. أي مثل السماوات، والتمثيل يكون في الشكل والسعة،. فلكل سماءٍ أرض،. فمجموع الأراضي سبعة غير أرضنا الدنيا،.

ثم انك تجد في الآية كلمة ﴿يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ﴾، والنزول معلومٌ، يكون من الأعلى للأسفل، اقرأ هذا الحديث!

روي عن عبدالله بن عباس،. ﴿أخبرني رجلٌ من أصحابِ النبيِّ ﷺ من الأنصارِ؛ أنهم بينما هم جلوسٌ ليلةً مع رسولِ اللهِ ﷺ رُمِيَ بنجمٍ فاستنار. فقال لهم رسولُ اللهِ ﷺ "ماذا كنتُم تقولون في الجاهليةِ، إذا رُمِيَ بمثلِ هذا؟ "قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. كنا نقول وُلِدَ الليلةَ رجلٌ عظيمٌ. ومات رجلٌ عظيمٌ. فقال رسولُ اللهِ ﷺ "فإنها لا يُرمَى بها لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه. ولكنَّ ربَّنا، تبارك وتعالى اسمُه، ((إذا قضى أمرًا سبَّح حمَلَةُ العرشِ. ثم سبَّح أهلُ السماءِ الذين يلونهم. حتى يبلغَ التَّسبيحُ أهلَ هذه السماءِ الدنيا. ثم قال الذين يلون حملةَ العرشِ لحملةِ العرشِ: ماذا قال ربُّكم؟ فيخبِرونهم ماذا قال. قال فيستخبر بعضُ أهلِ السماواتِ بعضًا. حتى يبلغ الخبرُ هذه السماءَ الدُّنيا)). فتخطَّفَ الجنُّ السمعَ فيقذفون إلى أوليائِهم. ويرمون به. فما جاءوا به على وجهِه فهو حقٌّ. ولكنهم يقرِفون فيه ويزيدون﴾ صحيح مسلم - 2229.

فسماؤنا التي فوقنا مباشرةً، هي السماء الدنيا،. وهذه الأرض التي نحن عليها هي الدنيا، بدليل قول اللّه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ ((إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ قال عنها الأرض، ثم قال عنها الحياة الدنيا،.. فالدنيا هي هذه الأرض،.. وعكس الدنيا هو العليا العالية،.. ﴿وَلَوْ شِئْنَا ((لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ)) وَاتَّبَعَ هَوَاهُ..﴾

وآخر مكان في الخلق هو أرضنا، واسمها الحياة ((الدنيا))،. وآخر سماء هي السماء ((الدنيا))،. ﴿إِنَّا زَيَّنَّا ((السَّمَاءَ الدُّنْيَا)) بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ [الصافات 6]،. ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا ((السَّمَاءَ الدُّنْيَا)) بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ [الملك 5]

أرضنا اسمها (الدنيا) ذلك لانها الأدنى، أما بقية الأراض لم تسمى بالدنيا كأرضنا هذه، فلن تكون بنفس دنو أرضنا،. الأراض الباقية هي سطح كل سماء فوقنا، كل سماء لها أرض،. فهي سبع سماوات وسبع أراض،.

اللّٰه يسمي الدنيا والآخرة، وهذه فيها علمٌ عجيب،.. حيث أنها ليستا أضداداً فالآخرة ضدها الأولى،.. وضد الدنيا العليا،.. وتقابل العليا السفلى أو الدنيا،.. فأرضنا، هي السفلى!،. وهي الدنيا، أي أدنى شيء! وضدها العليا، وهي الآخرة،. فالآخرة فوق،.

أما ماذا يوجد تحتنا؟،. فالعلم الحديث لم يستطع التوصل لقيعان المحيطات ولا نعلم ماذا يوجد تحت،. ولا أين تنتهي،. وما يدرينا هل هناك أصلاً قيعان صلدة ويابسة أم لا؟!! بل اكتشفوا حديثاً كما في هذا الرابط
Underwater Lake:  https://www.youtube.com/shared?ci=tGMASVylCe0
أن هناك بحيرات ماء عذب تحت المحيطات،. لم يستطيعوا النزول إليها،. بل كانت الغواصات تطفوا فوقها كما السفن تطفوا فوق البحار! وكلما حاولوا النزول أكثر يجدون كالحاجز يردعهم ويردهم للاعلى، وهذا ذكرني بآية :

﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ((يَغْشَاهُ)) مَوْجٌ مِنْ ((فَوْقِه))ِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور : 40]،. الغشاء يكون تغطية ووقع من فوق،. كما يغشى الرجل امرأته أي يقع عليها،. والآية التي تتحدث عن البرزخ ﴿...وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ...﴾ [النمل : 61]

﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان : 53]

ليس بالضرورة أن يكون البرزخ الحاجز يحجز مائين بجوار بعضيهما،. بل قد يكونان فوق بعض، كالبحيرات المنيعة التي اكتشفوها تحت المحيطات!

﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا!

بكيبورد، محسن الغيثي،.

ليست هناك تعليقات: