بطلان سند ومتن حديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء).
ﺃﺧﺮﺟﻪ (ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ واﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ) بسندٍ مداره علىٰ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ [مدلس كذّاب]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺛﻮﺭ ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ [ثقة قدري]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺪاﻥ [ثقة]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ اﻟﺴﻠﻤﻲ [مجهول، لا تقوم به حجة]، ﻭﺣﺠﺮ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ [مجهول]، ﻗﺎﻻ: ﺃﺗﻴﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻤﻦ ﻧﺰﻝ ﻓﻴﻪ: {ﻭﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫا ﻣﺎ ﺃﺗﻮﻙ ﻟﺘﺤﻤﻠﻬﻢ ﻗﻠﺖ ﻻ ﺃﺟﺪ ﻣﺎ ﺃﺣﻤﻠﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ} ﻓﺴﻠﻤﻨﺎ، ﻭﻗﻠﻨﺎ: ﺃﺗﻴﻨﺎﻙ ﺯاﺋﺮﻳﻦ ﻭﻋﺎﺋﺪﻳﻦ ﻭﻣﻘﺘﺒﺴﻴﻦ، ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺮﺑﺎﺽ: «ﺻﻠﻰ ﺑﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ، اﻟﺼﺒﺢ ﺫاﺕ ﻳﻮﻡ، ﺛﻢ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻓﻮﻋﻈﻨﺎ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ، ﺫﺭﻓﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﻴﻮﻥ، ﻭﻭﺟﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻛﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻣﻮﺩﻉ، ﻓﻤﺎﺫا ﺗﻌﻬﺪ ﺇﻟﻴﻨﺎ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻭﺻﻴﻜﻢ ﺑﺘﻘﻮﻯ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﻄﺎﻋﺔ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪا ﺣﺒﺸﻴﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻳﻌﺶ ﻣﻨﻜﻢ ﺑﻌﺪﻱ، ﻓﺴﻴﺮﻯ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﻛﺜﻴﺮا، ﻓﻌﻠﻴﻜﻢ ﺑﺴﻨﺘﻲ، ﻭﺳﻨﺔ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ اﻟﻤﻬﺪﻳﻴﻦ، ﺗﻤﺴﻜﻮا ﺑﻬﺎ، ﻭﻋﻀﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮاﺟﺬ، ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﻣﺤﺪﺛﺎﺕ اﻷﻣﻮﺭ، ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﺑﺪﻋﺔ ﺿﻼﻟﺔ»
ــــــ طريق آخر للحديث،. ﺃﺧﺮﺟﻪ (ﺃﺣﻤﺪ ﻭاﻟﺪاﺭﻣﻲ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ واﻟﺘﺮﻣﺬﻱ) بسندٍ عن (ﺿﻤﺮﺓ ﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ، ﻭﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺪاﻥ) ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ اﻟﺴﻠﻤﻲ [مجهول، لا تقوم به حجة]، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ: «ﺻﻠﻰ ﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ اﻟﻔﺠﺮ، ﺛﻢ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻓﻮﻋﻈﻨﺎ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ،...﴾
ــــــ طريق آخر،. ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ ﺑﻦ ﺫﻛﻮاﻥ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ [مدلّس كذّاب]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء، ﻳﻌﻨﻲ اﺑﻦ ﺯﺑﺮ [ثقة]، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻄﺎﻉ [لم يلق العرباض]، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﺑﻦ ﺳﺎﺭﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻗﺎﻡ ﻓﻴﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﺫاﺕ ﻳﻮﻡ، ﻓﻮﻋﻈﻨﺎ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ،...﴾
ذكر ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام" (2|35) هذا الحديث ثم قال عن راويه عبد الرحمن: الرجل مجهولُ الحالٍ، والحديث من أجله لا يصح.
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ اﻟﺪﻣﺸﻘﻲ: ﻗﻠﺖ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻳﻌﻨﻲ ﺩﺣﻴﻤﺎ، ﺗﻌﺠﺒﺎ ﻟﻘﺮﺏ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ اﻟﻤﻄﺎﻉ، ﻭﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻌﻼء ﺑﻦ ﺯﺑﺮ، ﺃﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﺮﺑﺎﺽ!، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻜﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻬﺬا.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ: ﻭاﻟﻌﺮﺑﺎﺽ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﻤﻮﺕ، ﺭﻭﻯ ﻋﻨﻪ اﻷﻛﺎﺑﺮ: ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ اﻟﺴﻠﻤﻲ، ﻭﺟﺒﻴﺮ ﺑﻦ ﻧﻔﻴﺮ، ﻭﻫﺬﻩ اﻟﻄﺒﻘﺔ. «ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ» 1/ 605.
قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1|259): «وقد ذكر البخاري في تاريخه (8|306): أن يحيى بن أبي المطاع سمع من العرباض اعتماداً على هذه الرواية. إلا أن حفاظ أهل الشام أنكروا ذلك، وقالوا: يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض ولم يلقَه، وهذه الرواية غلَط. وممن ذكَر ذلك أبو زرعة الدمشقي وحكاه عن دُحيم. وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم. والبخاري رحمه الله يقع له في تاريخه أوهام في أخبار أهل الشام».
أقول: ذكر السماع في تاريخ البخاري لا يعني إثباته، فالبخاري يقول سمع فلان من فلان ويقصد أنه جاء في رواية ذكر السماع، وهذا لا يعني أن البخاري يصحح تلك الرواية أو يضعفها.
فالبخاري لم يثبت السماع أصلاً، وعلماء الشام ينكرونها بشدة، وينكرون اللقاء كذلك، وهم أعلم بشيوخهم. قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1|605): «فقلت لعبد الرحمن بن إبراهيم (دحيم) تعجباً لقرب يحيى بن أبي المطاع وما يُحدّث عنه عبد الله بن أبي العلاء بن زبر أنه سمع من العرباض بن سارية؟ فقال: أنا من أنكر الناس لهذا». ثم ذكر دليلاً على استحالة إدراك يحيى للعرباض ثم ذكر أن هذا «أكبر دليل على قرب عهد يحيى بن أبي المطاع، وبُعد ما يحدِّث به عبد الله بن العلاء بن زبر عنه: من لقيه العرباض. والعرباض قديم الموت، روى عنه الأكابر (أي قدماء التابعين، وهذا ليس توثيقاً) عبد الرحمن بن عمرو السلمي وجُبير بن نُفير (ت75هـ) وهذه الطبقة».
مع العلم أن دحيم ((هو الوحيد الذي وثق يحيى وعرفه، وهو الذي نص على عدم إدراكه للعرباض))، ووافقه أبو زرعة. وهذه الرواية نقلها عن أبي زرعة عدد من الحفاظ مثل ابن عساكر والمزي والذهبي وابن حجر، مُقِرّين بها دون اعتراض.
ــــــــــ النكارة في متن الحديث،.
ــ في المتن نكارة واضحة،. فمعلومٌ من الدين أن الدين اكتمل بهذه الآية وانقطع الوحي بعد ذلك،. ﴿..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا..﴾ [المائدة 3]،.
ــ لو كان أخطأ حين حرم على نفسه فعاتبه الله وقال،. ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ..﴾،. فمن يصوب للخليفة الراشد لو أخطأ،. والوحي انقطع؟!
ــ ليس لأحد أن يشرع ما لم يكن عليه النبي ﷺ أو يخالفه، أو يأت برأي من عنده ليس عليه بينة،. ﴿أَمْ لَهُمْ ((شُرَكَاءُ شَرَعُوا)) لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..﴾ [الشورى 21]،.
ــ إن كان الله قال عن النّبي ﷺ،. ﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَیۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِیلِ لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡیَمِینِ ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِینَ فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَـٰجِزِینَ﴾ [الحاقة 44 - 47]،. فماذا عن الخليفة الراشد؟! هذه الآيات قيلت بعد،. ﴿تَنزِیلࣱ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الحاقة 43]،. فهل قول الخليفة تنزيل؟! لا،.
ــ أمرنا الله بصريح القول أن نتبع المنزل حصراً، قالَ اْللّٰه،. ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [اﻷعراف 3]،.
ــ ثم الصحابة رَضِي اللّه عَنهم خالفوا الشيخان في مواضع ومسائل،. فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قاله الخليفة وفعله "حجة عليهم"،. كيف ذلك وقد قال الله،. ﴿((رُسُلًا)) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ ((حُجَّةٌ بَعْدَ الــرُّسُلِ))..﴾ [النساء 165]،.
ــ لم يحدد النبي ﷺ من هم الخلفاء الراشدين! من غير المعقول أن يترك رسول الله ﷺ تشريع الدين لغيره،. ولو فرضنا جدلاً أنه فعل، لوضع معايير واضحة لنعلم من هم الخلفاء الراشدين الذين قصدهم،. ولو تأملنا أقوال العلماء في خلافة الحسن رَضِيَ اْللّهُ عَنْهُ لعلمنا أن العلماء اختلفوا فعلاً في شخصية الخلفاء الراشدين،. فمنهم من قال هو منهم ومنهم من نفى ذلك،. وهذا يشير بوضوح إلى اضطراب مصادر الدين،. أيأمرنا الرسول ﷺ باتباع سنة غيره دون أن يحددهم لنا؟ وهو حديث يعتبره البعض من أصول أصول الدين،.
ــ من غير المعقول أن يترك نبي الله ﷺ تشريع السنة لغيره،. ولو فرضنا أنه فعل،. فلن يستقيم للمسلمين دين،. فالخلفاء أنفسهم خالف بعضهم بعضاً في كثير من المسائل، فبأي سنةٍ نأخذ؟! وما معيار الترجيح أو المفاضلة بينهم؟! فإن أخذنا (بسنة) أحدهم فقد تركنا (سنة) الخليفة الآخر! وسنبقى هكذا مختلفون حتّىٰ يرث اللّٰه الأرض ومن عليها!
ــ اللّٰه أمرنا لحسم الخلاف والنزاع أن نرده للّٰه ورَسُولهُ ﷺ،. ﴿..فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ((اللَّهِ وَالرَّسُولِ))..﴾ ذلك حتّىٰ ينتهي النزاع،. فلو رددناها لسنة الخلفاء وهم مختلفون، سيبقى النزاع لزاماً! لأنهم مختلفون،.
ثم عدم وجود حديث مهمّ كهذا في الصحيحين لمدعاةٌ للتأمّل،. خاصةً أنه حديث مهم جداً جداً، يتكلم عن مصدر وأساس التشريع!! كما قال أحد علماء الحديث ابن عبد البر في التمهيد (10|278) «ولم يخرج البخاري ولا مسلم بن الحجاج منها حديثاً واحداً. وحسبك بذلك ضعفاً لها».
والبخاري يعلم هذا الحديث،. وقد تكلم عن سنده في كتابه التاريخ الكبير،. ثم وجدناه تجاهله ولم يكتبه في (الصحيح)! فماذا تفهم؟
بعض أجزاء الحديث (كالكلام عن البدعة وأنه تركنا علىٰ بينة جلية من أمرنا) أتى من وجوه أخرى بنفس المعاني، إلا قضية اتباع سنة الخلفاء الراشدين فهي منكرة مردودة،. وإضافة الخلفاء الراشدين إلى تشريع الله أمر مخالف للقرآن والسنة.
ــ تجد تعارضاً كبيراً كثيراً بين أقوال الصحابة،. هل يمكن أن تجد مثل هذا في وحي اللّٰه الذي،. ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾،.؟! ﴿..وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء 82]
ــ من هم الخلفاء الراشدون؟ هل يدخل فيهم الحسن والحسين أبناء علي؟ وهل يدخل فيهم عمر بن عبد العزيز المسمى عند العلماء اتفاقاً بالخليفة الخامس؟ وهل نتبع سنة عمر بن عبدالعزيز وهو تابعي، ونقدمه على سنن خيرة الصحابة العلماء من غير الخلفاء؟! كأبي هريرة وابن عمر وابن مسعود وعائشة؟!
ــ تنظر في آثار الصحابة، فتعلم أن ليس أحداً منهم كان يعرف بالحديث،. فلذلك لم يستعمله أحدٌ من الخلفاء الراشدين لما اختلف مع غيره من الصحابة، فما قال عليٌ مثلاً لِمَن رفض القتال معه؛ (عليك أن تتبعني لأني من الخلفاء الراشدين!) ولا قال أبو بكر لعمر حين راجعه في قتال مانعي الزكاة (أنا خليفة الرَّسـوْل ﷺ، فعليك بسنتي)! حتى في الخلافات الفقهية، لم يتعرض أحدٌ منهم لهذا الحديث، مع أنه يُفترض أن يكون الحديث معروفاً، لأن رسول الله ﷺ قد قاله في آخر حياته والصحابة مجتمعون لصلاة الفجر!،.
ــ صغار الصحابة كابن عباس (مات النّبي ﷺ وعمره 10 سنين) عارض وخالف عمر في 100 مسألة،. هل كان يجهل هذا الحديث أم أنه لم يكن موجوداً أصلاً؟! وخالف ابن عمر أبيه في مسائل كثيرة،. وخالف ابن عباس معاوية،. وخالف عمر أبوبكر،. وخالف عثمان بعضهم، وخالف ابن مسعود عثماناً،. فأين كان هذا الحديث؟!،. اعلم أن الصحابة رَضِي اللّه عَنهُم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل كثيرة، فدل أنهم لم يحملوا الحديث علىٰ أن ما قالوه أو فعلوه حُجَّة عليهم،. بل كان الصحابة يُخالِفون عمرَ وعثمان وعلياً في كثيرٍ من أقوالهم وأفعالهم،. وهذا عمران بن حصين،. وابن عمر رَضِيَ اللّٰه عَنْهُ ومعهما آخرين،. يخالفون أبا بكر وعمر -رَضِي اللّه عَنهُما- في قضية (متعة الحج) ويفتون بعكس ما جاء عنهما! وهما (خليفتان) وليس واحداً،. فأين كان ذلك الحديث؟!
ثم عمرَ نفسه الخليفة الراشد،. لو كان يعلم بهذا الحديث،.لماذا سمى ما رآه من تجميع صلاة القيام في رمضان (نعمَ البدعة هي)، لمَ لم يقل ((إنها سنة))؟،. أليسَ هو أحد الخلفاء الراشدين!؟ ألم يقل النّبي ﷺ سنتي (((وسنة الخلفاء))) الراشدين!؟
ولمَ لم يستدل بها عمر هنا؟!
ــ فما رواه العرباض، ولم يروه عنه إلا رجل مستور الحال في مرض موته، وهو ليس من أصحابه،. فلو كان الحديث صحيحاً، فلماذا لم يعمل به الصحابة؟ وكم من أمر خالف فيه بعض الصحابة ما ورد عن الخلفاء الراشدين،. وكلمة ابن عباس مشهورة: توشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر؟!
ــ الحديث فيه،. ﴿فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، (عضوا عليها) بالنواجذ﴾ عليها تعود علىٰ سنة النّبي ﷺ؟،. أم علىٰ سنة الخلفاء؟؟ لا تقل كليهما لأنه لو كان كذلك لقال (عضوا عليهما)،.
كلمة ((سـنة)) الخلفاء، لو صح الحديث فعلىٰ السـنة هذه أن تكون من الدين،. وليست إحداثاً فيه، كما حصل في الحديث التالي،.
عن جرير بن عبد الله، قال "خطبنا رسول الله ﷺ، فحثنا على الصدقة، فأبطؤوا، حتى رئي في وجهه الغضب، ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرة فأعطاها، فتتابع الناس، حتى رئي في وجهه السرور، فقال رسول الله ﷺ ((من سن سنة حسنة))، كان له أجرها، ومثل أجر من عمل بها، من غير أن ينتقص من أجورهم شيئا، ومن سن سنة سيئة، كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها، من غير أن ينتقص من أوزارهم شيئا" أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، ومسلم، وابن خزيمة، والطبراني.
فالرسول ﷺ قال (سنة) للصدقة،. والصدقة من الدين، ليست إحداثاً،.
اعترض البعض على التضعيف وقالوا أنه خلاف إجماع المتقدمين،. وهذه مغالطة،. فالحديث لم يصححه من أئمة المتقدمين إلا الترمذي وتساهله مشهور، و «إنكارُه مكابرةٌ، لشهرته عند العلماء» كما قال الألباني نفسه. وقد نقل الذهبي في ميزان الاعتدال (5|493) (وهو من أهل الاستقراء التام كما ينعته الحفاظ) عن جمع من علماء الصنعة: عدم الاعتماد على تصحيح الترمذي،. واعترض البعض على ابن القطان في تجهيله لعبد الرحمن وقالوا قد روى عنه جماعة،. والجواب أن هذا لا يثبت أكثر من العدالة، أما الحفظ فلا يثبت إلا بسبر حديثه،. وهو متعذر لأنه ليس له ((إلا حديث واحد، فيه ألفاظ تفرد بها)) وهو ما شهد به علماء الحديث، قال البزار في مسنده: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي ﷺ بهذا اللفظ إلا عن العرباض بن سارية». فرجل مستور لا يتحمل، تحمل التفرد بحديث من أصول الدين!،.
رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.
بكيبورد، محسن الغيثي،.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق