الاثنين، 3 يونيو 2019

التأويل

ما معنى التأويل؟!

وهل التأويل هو التفسير؟!

التأويل في اللسان من أول، وأول الشيء مبدؤه وأصله،. أن تؤول شيئاً، أي ترده لأصله، على حقيقته،.

1 ــ نحن مؤمورون بطاعة اللّٰه والرسول وأولي الأمر،. ولكن في النزاع، يحذف ولي الأمر ويرد فقط إلى الأصل الأول وهذا يسمى تأويل،. قالَ اْللّٰه،. ﴿..فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ((اللَّهِ وَالرَّسُولِ)) إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ((وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا))﴾ [النساء 59]،. التأويل رد الأمور لأولها، أصلها، على حقيقتها،. ذلك أنك لو جئت ترد الأمر لغير الوحي المنزل على النّبي ﷺ،. بالتأكيد ستجد زيادات لم يقلها الله ولا النّبي ﷺ،. وستجد اختلافاً كثيراً فيها،. ولن يفُضَّ النزاع بذلك،. بل عليك أن ترده لشيء لا اختلاف فيه، فيَفُض النزاع به،. ولن تجد شيئاً لا اختلاف فيه ولا تناقض إلا الوحي المحكم،. قال الله،. ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت 42]،. وقال ﴿..وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء 82]،. فحتى لا نختلف، نرد الأمر لأصله وأوله الذي لا اختلاف فيه،.

2 ــ في قصة يوسف،. حين تحققت رؤياه في الكواكب والشمس والقمر،. قال لأبيه هذا تأويل رؤياي،. ﴿وَرَفَعَ أَبَوَیۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّوا۟ لَهُ سُجَّدࣰا وَقَالَ یَـٰۤأَبَتِ ((هَـٰذَا تَأۡوِیلُ رُءۡیَـٰیَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقࣰّا)) وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِي إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَاۤءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ..﴾ [يوسف 100]،. الآن، أنزل الله رؤياه على الواقع،. قال يوسف : هذا "تأويل" رؤياي،. ﴿قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقࣰّا﴾،. فإحقاق الرؤى،. وإنزالها على الواقع، تأويل،.

3 ــ من التأويل رد الأمور لأصلها هو القسط والعدل في البيوع وفي إيفاء المكاييل وزناً بوزنٍ مثله،. دون زيادة أو نقصان،. بل على حقيقتها،. قالَ اْللّٰه،. ﴿وَأَوۡفُوا۟ ٱلۡكَیۡلَ إِذَا كِلۡتُمۡ وَزِنُوا۟ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِیمِ ذَ ٰ⁠لِكَ خَیۡرࣱ ((وَأَحۡسَنُ تَأۡوِیلࣰا)) ۝ وَلَا تَقۡفُ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِ عِلۡمٌ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولࣰا﴾ [اﻹسراء 35 - 36]،. وتجد في الآية التي تلي كلمة التأويل، النهي عن الخوض فيما ليس لك به علم،. لماذا؟! لأن جهلك بحقيقة الأمور مدعاة لتكذيبها والاستعجال بالحكم عليها،.

4 ــ قالَ اْللّٰه عن أحداث وعد الله بها، لم تقع بعد، لكنها (سوف) تقع يوم القيامة،. ﴿..قَالُوۤا۟ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ ۝ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ دِینَهُمۡ لَهۡوࣰا وَلَعِبࣰا وَغَرَّتۡهُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا فَٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ ((كَمَا نَسُوا۟ لِقَاۤءَ یَوۡمِهِمۡ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ)) ۝ وَلَقَدۡ جِئۡنَـٰهُم بِكِتَـٰبࣲ فَصَّلۡنَـٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ هُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [اﻷعراف 50 - 52]،. ثم قال بعدها،. بعد أن ذكر الكفار الجاحدين بلقاء ذلك اليوم،. ﴿هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّا ((تَأۡوِیلَهُ؟ یَوۡمَ یَأۡتِی تَأۡوِیلُهُ)) یَقُولُ ٱلَّذِینَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاۤءَ فَیَشۡفَعُوا۟ لَنَاۤ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَیۡرَ ٱلَّذِی كُنَّا نَعۡمَلُ قَدۡ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ﴾ [اﻷعراف 53]،. أظن أن معنى كلمات (التأويل) هنا واضحة لدرجة أنها غنية عن الشرح والبيان،.

5 ــ قالَ اْللّٰه،. ﴿بَلۡ كَذَّبُوا۟ ((بِمَا لَمۡ یُحِیطُوا۟ بِعِلۡمِهِ وَلَمَّا یَأۡتِهِمۡ تَأۡوِیلُهُ)) كَذَ ٰ⁠لِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [يونس 39]،. ما الذي كذب به المكذبون هنا؟! قالَ اْللّٰه قبلها،. ﴿وَمَا یَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ ((إِلَّا ظَنًّا إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا یُغۡنِی مِنَ ٱلۡحَقِّ شَیۡـًٔا)) إِنَّ ٱللَّهَ عَلِیمُ بِمَا یَفۡعَلُونَ﴾ [يونس 36]،. ظن الكفار أن لن يبعثوا،. كذبوا به ولم يأتهم تأويله بعد، لم يقع بعد،. ولكن لو وقع وبعثوا سيعلمون حينها أنه حق،. فيؤمنوا به،. وسورة يونس تكلمت كثيراً عن لقاء الله والبعث،. وأن الناس يكفرون بلقاء الله،. ففي بدايتها وعد الله،. ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا..﴾ [يونس 4]،. ثم تكرر الكلام عن الذين لا يرجون لقاء الله، يكذبون وعده،. قالَ اْللّٰه،. ﴿إِنَّ الَّذِينَ ((لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا))..﴾ [يونس 7]،. وقال،. ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ ((لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا)) فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [يونس 11]،. وقال،. ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ ((لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا)) ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا..﴾ [يونس 15]،. وقال،.  ﴿..قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا ((بِلِقَاءِ اللَّهِ)) وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [يونس 45]،. فقد امتلئت هذه السورة بالكلام عن وعد الله، ولقاء الله،. ولكن الناس تكذب ذلك لأنه كلام،. لم يروا الوعد يتحقق بعد،. ولكن إذا تحقق وعد الله وتم الأمر،. ﴿...وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ..﴾ [يونس 30] هنالك سيؤمنوا،. ولكن لا ينفع الآن إيمانٌ ولا دعاء،.. ﴿..قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [يونس 45]،. هذا اللقاء تأويل لوعد الله من قبل،. لهذا قال الله فيها،. ﴿بَلۡ كَذَّبُوا۟ ((بِمَا لَمۡ یُحِیطُوا۟ بِعِلۡمِهِ وَلَمَّا یَأۡتِهِمۡ تَأۡوِیلُهُ))..﴾ [يونس 39]،.

العجيب في سورة يونس، أن فرعون كذلك وُعد بالغرق ولكنه كذب ذلك،. وحين تأول الوعد قال آمنت،. ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ((حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ)) أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس 90]

بل حتى قوم يونس أنفسهم،. كذبوا بالحق،. ولكن حين تأول ما قيل لهم ورأوه بأعينهم آمنوا،. ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ((حَتَّىٰ يَرَوُا)) الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ۝ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا ((إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا)) كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ۝ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس 96 ـ 99]

في سورة يونس وردت كلمة، تكررت مرتين لم تتكرر في القُرآن كله! الكلـمة هي ((آلْآنَ))؟ بمد الهمزة والألف،. هذه تستخدم حين يتأول الأمر ويقع ويكون يقيناً حقاً، ثم بعدها يؤمن الناس بما قد كفروا به من قبل،. ولكن الوقت قد قضي وانتهى،.

إحداها كانت لفرعون،. ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ۝ ((آلْآنَ)) وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس 90 ـ 91]،. والاخرى عامة للناس،. ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ۝ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ((آلْآنَ)) وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ۝ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ [يونس 50 ـ 52]

في سورة يونس التي تكلمت عن التأويل،. نجد الكثير من الشواهد عليها،. ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ ((فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا)) الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس 88]

ثم نهاية سورة يونس يتكلم اْللّٰه عن تأويل وعوده،. ﴿وَإِمَّا ((نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ)) ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ﴾ [يونس 46]،.

6 ــ في قصة موسى والخضر،. قال الخضر لموسى،. ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِیعَ مَعِیَ صَبۡرࣰا ۝ وَكَیۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ ((مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِ خُبۡرࣰا))﴾ [الكهف 67 - 68]،. الخضر أوضح السبب لموسى لماذا لا يستطيع صبراً، ذلك أنه لا يحيط خبراً بحقائق الأمور وأصولها،. ولكن الخضر نفسه يعلم بعلم الله حقائقها الغير ظاهرة للعيان،. وحين بيَّن لموسى حقائقها قال له،. ﴿..وَمَا فَعَلۡتُهُ عَنۡ أَمۡرِی ((ذَ ٰ⁠لِكَ تَأۡوِیلُ مَا لَمۡ تَسۡطِع عَّلَیۡهِ صَبۡرࣰا))﴾ [الكهف 82]،. سماه هنا (تأويلاً) لأنه أخبره الآن كل الأسباب، كشف له حقائق ما فعل،. عرفه أصولها وأولِّها،. أنّ فِعله كان بسبب كذا وكذا،. ولو كان موسى يحيط خبراً بالحقائق من البداية لصبر،. ولكن،. ﴿وَكَیۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِ خُبۡرࣰا﴾؟

7 ــ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ ﴿كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، ((يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ))﴾ أخرجه أَحمد، والبخاري، ومسلم، وأَبو داوُد، وابن ماجة، والنسائي، وابن خُزيمة.

هذه الكلمة (يتأول القُــرآن)،. ليس من ضمن الدعاء، هذا من قول عائشة أُمّ المُؤْمنِين، أن النّبي ﷺ كان يتأول القُــرآن،. ذلك أن الله قال له،. ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ﴾ [الحجر 98]،. وقال،. ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر 3]،. فكان الرَّسـوْل ﷺ يفعل ذلك في سجوده وركوعه بعد أن كان كلاماً ووحياً من الله إليه، هذا هو التأويل،.

8 ــ التأويل إنزال الكلام على الواقع، جَعَلِه حقاً (تحقيق)،. أو كما يقال حالياً : تطبيق،.

أما التفسير فهو كشف معنىً مخفي في الكلام،. بيان القصد فيه،. معرفة المراد من الحديث، توضيحه، إجلاؤه وتبيانه،. وهذا يختلف كليا عن معنى التأويل،. فالتأويل جعل الكلام حقاً على الواقع بعد أن كان كلاماً وإنذاراً، وقوع التهديدات والوعود كما ذكرت، أو تحقيق الرؤيا على أرض الواقع كما رُؤيت قي المنام،.

الآن وبعد أن اتضح لنا بالبينات معنى التأويل، نأتي للآية العظيمة التي فهمها أكثر فقهاء وخطباء المسلمين عوجاً، ونصصح مفهومهم لها بعدما تبين لنا المعنى الصحيح لكلمة (التأويل)،. وأنه ليس بمعنى التفسير بتاتاً،. رغم أن استخدامه بهذا المعنى شائع جداً في كتب المفسرين ودارسي الشريعة تلقيناً،.

قالَ اْللّٰه،. ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ((وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ?) وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران 7]،.

نرجئ تصحيح المفاهيم لهذه الآية لمقال منفصل حتى لا نطيل هنا،. فالآية قد فُهمت خطأً في عدة مواضع،. ووجب تصحيح المفاهيم فيها،. فلا فهمهم للتأويل هنا صحيحٌ، ولا الآيات المحكمات، ولا المتشابهات، ولا حتى فهموا "الراسخون في العلم"،..

رَبَنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا،.. ﴿ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾،.

بكيبورد، محسن الغيثي،.

ليست هناك تعليقات: