الأحد، 4 أغسطس 2019

الذبيح هو إسماعيل،.

الدليل أن إسماعيل ﷺ هو الذبيح!

رزق الله إبراهيم غلامين على الكبر،. قالَ اْللّٰه على لسان إبراهيم،. ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾،.

أحدهما كان عليماً،. قالَ اْللّٰه،. ﴿قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾،.

والآخر كان حليماً،. قالَ اْللّٰه،. ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾،.

ــ العليم منهما،. بشرته به الملائكة وهم ذاهبون لقوم لوط، وفي آية أخرى ذكر الله اسمه تصريحاً،. قالَ اْللّٰه،.. ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَـ((ـبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ)) وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾،.

فعلمنا هنا أن العليم هو إسحاق،.

أما الحليم،. ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ۝ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾،.

فيكون الآخر (الحليم) هو إسماعيل ومن سياق الآية يتبين أنه هو الذبيح،.

ــــــ حليم يعني عاقل،.. ومنها أولو الأحلام،. أي أولوا العقول الفذة،.

﴿فَذَكِّرۡ فَمَاۤ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنࣲ وَلَا مَجۡنُونٍ ۝ أَمۡ یَقُولُونَ شَاعِرࣱ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَیۡبَ ٱلۡمَنُونِ ۝ قُلۡ تَرَبَّصُوا۟ فَإِنِّی مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِینَ ۝  أَمۡ ((تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَـٰمُهُم)) بِهَـٰذَاۤ أَمۡ هُمۡ قَوۡمࣱ طَاغُونَ ۝ أَمۡ یَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا یُؤۡمِنُونَ ۝ فَلۡیَأۡتُوا۟ بِحَدِیثࣲ مِّثۡلِهِ إِن كَانُوا۟ صَـٰدِقِینَ﴾ [الطور 29 - 34]،. أحلامهم، أي عقلاؤهم،. ويقابله في المعنى : السفيه،.

وإبراهيم كان حليما،. قالَ اْللّٰه،. ﴿إِنَّ ((إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَحَلِیمٌ)) أَوَّ ٰ⁠هࣱ مُّنِیبࣱ﴾ [هود 75]،. وقال،. ﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُ ((إِنَّ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَأَوَّ ٰ⁠هٌ حَلِیمࣱ))﴾ [التوبة 114]،. والذي يرغب عن ملة إبراهيم الحليم،. يكون سفيها،. قالَ اْللّٰه،. ﴿وَمَن یَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ إِلَّا مَن ((سَفِهَ نَفۡسَهُ)) وَلَقَدِ ٱصۡطَفَیۡنَـٰهُ فِی ٱلدُّنۡیَا وَإِنَّهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [البقرة 130]،.

قالَ نَبِيّ اْللّٰه ﷺ،. ﴿ﺳﻴﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﻗﻮﻡ ﺃﺣﺪاﺙ اﻷﺳﻨﺎﻥ ((ﺳﻔﻬﺎء اﻷﺣﻼﻡ)) ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻗﻮﻝ اﻟﺒﺮﻳﺔ ﻳﻘﺮﺅﻭﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﻳﺠﺎﻭﺯ ﺣﻨﺎﺟﺮﻫﻢ..﴾ ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ.

وفي الحديث الضعيف عن عبدالله بن مسعود يرفعه،. ﴿استووا ولا تختلفوا؛ فتختلفَ قلوبُكمْ، ولِيَلِيَنِي منكمْ ((أولو الأحلامِ)) والنُّهَى، ثمَّ الذينَ يلونَهمْ، ثمَّ الذينَ يلونَهمْ﴾ السيوطي في الجامع الصغير - 1013.

ومن هذه الآية تعرف أن من معاني الحليم هو الرشيد،. فقد ذكرا مع بعض،. ﴿قَالُوا۟ یَا شُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰ⁠لِنَا مَا نَشَاء ((إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ))﴾ [هود 87]

والحليم اسم من أسماء الله،. وأكثر ما ذكرت في القُــرآن، ذكرت مع الغفور،. ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَسۡـَٔلُوا۟ عَنۡ أَشۡیَاۤءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡـَٔلُوا۟ عَنۡهَا حِینَ یُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَا ((وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمࣱ))﴾ [المائدة 101]،.

الآن نرجع للذبيح الحليم،. نفهم مما سبق أن الذبيح كان حليماً،. أي عاقلاً ذكياً!

آتيك بقصةٍ عن إسماعيل وعن أبيه، تبين لك كيف كان عاقلاً ذكياً ويفهم حتى الرمز والتلميح،.. قصة جميلة يرويها النّبي ﷺ،.

ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ:
"ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ، ﺧﺮﺝ ﺑﺈﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭﺃﻡ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺷﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎء، ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺃﻡ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺗﺸﺮﺏ ﻣﻦ اﻟﺸﻨﺔ، ﻓﻴﺪﺭ ﻟﺒﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺒﻴﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻗﺪﻡ ﻣﻜﺔ، ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺩﻭﺣﺔ، ﺛﻢ ﺭﺟﻊ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻪ، ﻓﺎﺗﺒﻌﺘﻪ ﺃﻡ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺣﺘﻰ ﻟﻤﺎ ﺑﻠﻐﻮا ﻛﺪاء، ﻧﺎﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﻭﺭاﺋﻪ: ﻳﺎ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺗﺘﺮﻛﻨﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻟﺖ: ﺭﺿﻴﺖ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺮﺟﻌﺖ، ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﺸﺮﺏ ﻣﻦ اﻟﺸﻨﺔ، ﻭﻳﺪﺭ ﻟﺒﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺒﻴﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻟﻤﺎ ﻓﻨﻲ اﻟﻤﺎء، ﻗﺎﻟﺖ: ﻟﻮ ﺫﻫﺒﺖ ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻟﻌﻠﻲ ﺃﺣﺲ ﺃﺣﺪا، ﻗﺎﻝ: ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻓﺼﻌﺪﺕ اﻟﺼﻔﺎ، ﻓﻨﻈﺮﺕ، ﻭﻧﻈﺮﺕ ﻫﻞ ﺗﺤﺲ ﺃﺣﺪا، ﻓﻠﻢ ﺗﺤﺲ ﺃﺣﺪا، ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻮاﺩﻱ ﺳﻌﺖ، ﻭﺃﺗﺖ اﻟﻤﺮﻭﺓ، ﻓﻔﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺃﺷﻮاﻃﺎ، ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ: ﻟﻮ ﺫﻫﺒﺖ ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ، ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺼﺒﻲ، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻓﻨﻈﺮﺕ، ﻓﺈﺫا ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ، ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﺸﻎ ﻟﻠﻤﻮﺕ، ﻓﻠﻢ ﺗﻘﺮﻫﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﻟﻮ ﺫﻫﺒﺖ ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻟﻌﻠﻲ ﺃﺣﺲ ﺃﺣﺪا، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻓﺼﻌﺪﺕ اﻟﺼﻔﺎ، ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻭﻧﻈﺮﺕ، ﻓﻠﻢ ﺗﺤﺲ ﺃﺣﺪا، ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻤﺖ ﺳﺒﻌﺎ، ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ: ﻟﻮ ﺫﻫﺒﺖ ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ، ﻓﺈﺫا ﻫﻲ ﺑﺼﻮﺕ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺃﻏﺚ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻙ ﺧﻴﺮ، ﻓﺈﺫا ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﻘﺒﻪ ﻫﻜﺬا، ﻭﻏﻤﺰ ﻋﻘﺒﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﺭﺽ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺎﻧﺒﺜﻖ اﻟﻤﺎء، ﻓﺪﻫﺸﺖ ﺃﻡ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﺤﻔﺰ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﷺ "ﻟﻮ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻛﺎﻥ اﻟﻤﺎء ﻇﺎﻫﺮا".
ﻗﺎﻝ: ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗﺸﺮﺏ ﻣﻦ اﻟﻤﺎء، ﻭﻳﺪﺭ ﻟﺒﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺒﻴﻬﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻤﺮ ﻧﺎﺱ ﻣﻦ ﺟﺮﻫﻢ ﺑﺒﻄﻦ اﻟﻮاﺩﻱ، ﻓﺈﺫا ﻫﻢ ﺑﻄﻴﺮ، ﻛﺄﻧﻬﻢ ﺃﻧﻜﺮﻭا ﺫاﻙ، ﻭﻗﺎﻟﻮا: ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﻄﻴﺮ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎء، ﻓﺒﻌﺜﻮا ﺭﺳﻮﻟﻬﻢ، ﻓﻨﻈﺮ، ﻓﺈﺫا ﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺎء، ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ ﻓﺄﺧﺒﺮﻫﻢ، ﻓﺄﺗﻮا ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺎﻟﻮا، ﻳﺎ ﺃﻡ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺃﺗﺄﺫﻧﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻌﻚ، ﺃﻭ ﻧﺴﻜﻦ ﻣﻌﻚ؟ ﻓﺒﻠﻎ اﺑﻨﻬﺎ، ﻓﻨﻜﺢ ﻓﻴﻬﻢ اﻣﺮﺃﺓ، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﺑﺪا ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻷﻫﻠﻪ: ﺇﻧﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺮﻛﺘﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺠﺎء ﻓﺴﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻳﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻣﺮﺃﺗﻪ: ﺫﻫﺐ ﻳﺼﻴﺪ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻮﻟﻲ ﻟﻪ، ﺇﺫا ﺟﺎء: ((ﻏﻴﺮ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﺎﺑﻚ، ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﺃﺧﺒﺮﺗﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺖ ﺫاﻙ، ﻓﺎﺫﻫﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻚ))، ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﺑﺪا ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻷﻫﻠﻪ ﺇﻧﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺮﻛﺘﻲ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺠﺎء، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻳﻦ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻣﺮﺃﺗﻪ: ﺫﻫﺐ ﻳﺼﻴﺪ، ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺃﻻ ﺗﻨﺰﻝ ﻓﺘﻄﻌﻢ ﻭﺗﺸﺮﺏ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﻃﻌﺎﻣﻜﻢ، ﻭﻣﺎ ﺷﺮاﺑﻜﻢ؟ ﻗﺎﻟﺖ: ﻃﻌﺎﻣﻨﺎ اﻟﻠﺤﻢ، ﻭﺷﺮاﺑﻨﺎ اﻟﻤﺎء، ﻗﺎﻝ: اﻟﻠﻬﻢ ﺑﺎﺭﻙ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻃﻌﺎﻣﻬﻢ ﻭﺷﺮاﺑﻬﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﷺ "ﺑﺮﻛﺔ ﺑﺪﻋﻮﺓ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ".
ﻗﺎﻝ: ﺛﻢ ﺇﻧﻪ ﺑﺪا ﻹﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻷﻫﻠﻪ: ﺇﻧﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺗﺮﻛﺘﻲ، ﻓﺠﺎء ﻓﻮاﻓﻖ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻦ ﻭﺭاء ﺯﻣﺰﻡ، ﻳﺼﻠﺢ ﻧﺒﻼ ﻟﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺇﻥ ﺭﺑﻚ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺑﻨﻲ ﻟﻪ ﺑﻴﺘﺎ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻃﻊ ﺭﺑﻚ، ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﻨﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺇﺫا ﺃﻓﻌﻞ، ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻣﺎ، ﻓﺠﻌﻞ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻳﺒﻨﻲ، ﻭﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻳﻨﺎﻭﻟﻪ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻭﻳﻘﻮﻻﻥ: {ﺭﺑﻨﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ اﻟﺴﻤﻴﻊ اﻟﻌﻠﻴﻢ}، ﻗﺎﻝ: ﺣﺘﻰ اﺭﺗﻔﻊ اﻟﺒﻨﺎء، ﻭﺿﻌﻒ اﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻓﻘﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺠﺮ اﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻓﺠﻌﻞ ﻳﻨﺎﻭﻟﻪ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻭﻳﻘﻮﻻﻥ: {ﺭﺑﻨﺎ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﺎ ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ اﻟﺴﻤﻴﻊ اﻟﻌﻠﻴﻢ}"
ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭاﻟﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ، ﻭاﻟﺒﻴﻬﻘﻲ.

ــ هذه القصة تعلم أن إسماعيل هو الذي كان معه في مكة، وليس إسحاق،. ومكة فيها الحج والذبح،. فهذه أول إشارة أن إسماعيل هو الذبيح،. الآن انظر هذه القصة في القُــرآن تجد فيها إشارات مثيرة وتشابها بينها وبين الحديث،.

قال إبراهيم،،. ﴿وَقَالَ إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّی سَیَهۡدِینِ ۝ رَبِّ هَبۡ لِی مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝ ((فَبَشَّرۡنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِیمࣲ)) ۝ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡیَ قَالَ یَـٰبُنَیَّ إِنِّیۤ أَرَىٰ فِی ٱلۡمَنَامِ أَنِّي أَذۡبَحُكَ)) فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ ۝ فَلَمَّاۤ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُ لِلۡجَبِینِ ۝ وَنَـٰدَیۡنَـٰهُ أَن یَـٰۤإِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ ۝ قَدۡ صَدَّقۡتَ ٱلرُّءۡیَاۤ إِنَّا كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ ۝ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡبَلَـٰۤؤُا۟ ٱلۡمُبِینُ ۝ وَفَدَیۡنَـٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِیمࣲ ۝ وَتَرَكۡنَا عَلَیۡهِ فِی ٱلۡـَٔاخِرِینَ ۝ سَلَـٰمٌ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ ۝ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُحۡسِنِینَ ۝ إِنَّهُ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ۝ وَبَشَّرۡنَـٰهُ بِإِسۡحَـٰقَ نَبِیࣰّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝ وَبَـٰرَكۡنَا عَلَیۡهِ وَعَلَىٰۤ إِسۡحَـٰقَ وَمِن ذُرِّیَّتِهِمَا مُحۡسِنࣱ وَظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِ مُبِینࣱ﴾ [الصافات 99 - 113]،.

﴿وَإِذِ ٱبۡتَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ رَبُّهُ بِكَلِمَـٰتࣲ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامࣰا قَالَ وَمِن ذُرِّیَّتِي قَالَ لَا یَنَالُ عَهۡدِی ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝ وَإِذۡ جَعَلۡنَا ٱلۡبَیۡتَ مَثَابَةࣰ لِّلنَّاسِ وَأَمۡنࣰا وَٱتَّخِذُوا۟ مِن مَّقَامِ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ مُصَلࣰّى ((وَعَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ)) أَن طَهِّرَا بَیۡتِیَ لِلطَّاۤئفِینَ وَٱلۡعَـٰكِفِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ ۝ وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَـٰذَا بَلَدًا ءَامِنࣰا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِیلࣰا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ ۝ وَإِذۡ یَرۡفَعُ ((إِبۡرَ ٰ⁠هِـۧمُ)) ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَیۡتِ ((وَإِسۡمَـٰعِیلُ)) ((رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ)) ۝ رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَیۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّیَّتِنَاۤ أُمَّةࣰ مُّسۡلِمَةࣰ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ ۝ رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِیهِمۡ رَسُولࣰا مِّنۡهُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتِكَ وَیُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُزَكِّیهِمۡ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ [البقرة 124 - 129]،.

بربط الحديث بالآيات، تجد عدة إشارات،.

ــ أول إشارة،. واضحة مفهومة،. أن إبراهيم وإسماعيل كانا في مكة،. حيث زمزم والمسعى،. وأنهما بنيا بيت الله معاً،. والذبح كان في مكة،. والحج الذي فيه الفداء والتضحية في مكة،. وهذا العيد يسمى بيوم النحر،. نحر الذبيحة،. في مكة،. الذي كان معه، هو إسماعيل،. وليس إسحاق،.

ثم أتى النّبي ﷺ في مكة،. وهو من ولد إسماعيل، وليس من ولد إسحاق،. ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﻤﺎﺭ ﺷﺪاﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﻭاﺛﻠﺔ ﺑﻦ اﻷﺳﻘﻊ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ "ﺇﻥ اﻟﻠﻪ اﺻﻄﻔﻰ ﺑﻨﻲ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻭاﺻﻄﻔﻰ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﻗﺮﻳﺸﺎ ﻭاﺻﻄﻔﻰ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﻭاﺻﻄﻔﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ" ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ، ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ.

بينما إسحاق، لا يُعلم أنه كان بمكة،. بل كان في بيت المقدس، وولده يعقوب ثم يوسف ثم ذريتهم من بني إسرائيل، لم يكونوا في مكة،. بل في الأرض المباركة المقدسة،.

ففي الحديث السابق أن إبراهيم ترك إسماعيل وأمه بمكة،. وفي القُــرآن قال إبراهيم،. ﴿رَّبَّنَاۤ إِنِّي أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّیَّتِي ((بِوَادٍ غَیۡرِ ذِی زَرۡعٍ عِندَ بَیۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ)) رَبَّنَا لِیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِیۤ إِلَیۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡكُرُونَ﴾ [إبراهيم 37]،. فمكة لا زرع فيها، بعكس البيت المقدس، تلك أرضها مباركة، كلها زرع وطعام،.

ــ ثاني إشارة،. أن ولده هذا الذبيح، قال لأبيه في القُــرآن،. ﴿یَـٰۤأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾،. ألا يشبه هذا القول قول إسماعيل في الحديث،. حين قال إبراهيم،. ﴿ﻳﺎ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﺇﻥ ﺭﺑﻚ ﺃﻣﺮﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺑﻨﻲ ﻟﻪ ﺑﻴﺘﺎ، ﻗﺎﻝ ((ﺃﻃﻊ ﺭﺑﻚ))﴾،.؟! هو نفس الشخص،. هكذا يرد بصرامة وحزم،. يسمع ويطيع مباشرة،.

ــ ثالث إشارة،. إسمه،.
إسم ابنه (إسماعيل)،. من السمع والطاعة والاستجابة المباشرة للأمر،. وهذا ما وجدناه في الحديث الذي صرح باسمه،. حين قال لأبيه أطع ربك،. وقال افعل ما تؤمر،. ستجدني إِنْ شٰاْءَ اللّٰه من الصابرين،. هذا يستجيب ويسمع، اسمه إسماعيل،.

ــ رابع إشارة،. أنه البشرى بإسحاق جائته بعد قصته مع الذبيح،. وليس قبل هذه القصة،. وراجع سياق القصة في آيات سورة الصافات،.

ــ خامس إشارة،. أن البشرى كانت مفصلة في آية أخرى بإسحاق ومن بعد إسحاق يعقوب،. ﴿وَٱمۡرَأَتُهُ قَاۤئمَةࣱ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَـٰهَا ((بِإِسۡحَـٰقَ وَمِن وَرَاۤءِ إِسۡحَـٰقَ یَعۡقُوبَ))﴾ [هود 71]،. فليس من المنطق أن يأمره بذبح ولده الذي سيخلف بعده يعقوب وسيكون نبياً!،. فسيشعر إبراهيم أنه لن يتم هذا الذبح، لأن الله بشره مسبقاً بيعقوب،. فلو ذبح لانقطعت هذه البشارة ولم تتم،. وسيستغرب منها إبراهيم! كيف أذبحه وقد بشرتني بمن سيأتي بعده؟!

فبالتالي،. الذبيح ليس إسحاق، بل إسماعيل،.

ــ بربط كل تلك الإشارات تعلم أن الذبيح هو إسماعيل،. وليس إسحاق،.

سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ،.

بكيبورد، محسن الغيثي،.

ليست هناك تعليقات: